الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِي الْجُرْجَانِيَّاتِ وَحَكَى خِلَافًا أَيْضًا فِي أَنَّهُ هَلْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ وُجُودِ الضَّامِنِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ مَعَ وُجُودِ الضَّامِنِ. انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُهُ لِيُحَرِّضَ النَّاسَ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فِي حَيَاتِهِمْ وَالتَّوَصُّلِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ لِئَلَّا تَفُوتَهُمْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ صَارَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ وَيَقْضِي دَيْنَ مَنْ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَارَ يُوَفِّي دَيْنَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً]
1
(السَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَارَ يُوَفِّي دَيْنَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً وَهَلْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ يَفْعَلُهُ تَكَرُّمًا وَتَفَضُّلًا فِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأَشْهَرُ عِنْدَهُمْ وُجُوبُهُ وَعَدُّوهُ مِنْ الْخَصَائِصِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ قَضَاءُ دَيْنِ الْمُعْسِرِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ أَمْ لَا وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَقْضِيهِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ أَوْ مِنْ خَالِصِ مَالِ نَفْسِهِ وَلَعَلَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.
[فَائِدَة قِيَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْعِيَالِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ]
(الثَّامِنَةُ) فِيهِ قِيَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْعِيَالِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ، وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْصِيَ جَمِيعَ مَا فِي الْبُلْدَانِ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَهُمْ مَنْ قَدْ احْتَلَمَ أَوْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الرِّجَالِ وَيُحْصِي الذُّرِّيَّةَ وَهِيَ مَنْ دُونَ الْمُحْتَلِمِ وَدُونَ الْبَالِغِ وَالنِّسَاءُ صَغِيرَتُهُنَّ وَكَبِيرَتُهُنَّ وَيَعْرِفُ قَدْرَ نَفَقَاتِهِمْ وَمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ مُؤْنَاتِهِمْ بِقَدْرِ مَعَاشِ مِثْلِهِمْ فِي بُلْدَانِهِمْ ثُمَّ يُعْطِي الْمُقَاتِلَةَ فِي كُلِّ عَامٍ عَطَاءَهُمْ وَالْعَطَاءُ الْوَاجِبُ مِنْ الْفَيْءِ لَا يَكُونُ إلَّا لِبَالِغٍ يُطِيقُ مِثْلُهُ الْجِهَادَ ثُمَّ يُعْطِي الذُّرِّيَّةَ وَالنِّسَاءَ مَا يَكْفِيهِمْ لِسَنَتِهِمْ فِي كِسْوَتِهِمْ وَنَفَقَتِهِمْ. قَالَ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ لَقِينَاهُ فِي أَنْ لَيْسَ لِلْمَمَالِيكِ فِي الْعَطَاءِ حَقٌّ، وَلَا لِلْأَعْرَابِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّدَقَةِ. قَالَ: وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ بَعْدَمَا وَصَفْت وَضَعَهُ الْإِمَامُ فِي إصْلَاحِ الْحُصُونِ وَالِازْدِيَادِ فِي الْكُرَاعِ وَكُلِّ مَا قَوِيَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فَإِنْ اسْتَغْنَى الْمُسْلِمُونَ، وَكَمُلَتْ كُلُّ مَصْلَحَةٍ لَهُمْ فَرَّقَ مَا يَبْقَى مِنْهُ بَيْنَهُمْ كُلَّهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ. قَالَ: وَيُعْطِي مِنْ الْفَيْءِ رِزْقَ الْحُكَّامِ وَوُلَاةِ الْأَحْدَاثِ وَالصَّلَاةِ بِأَهْلِ الْفَيْءِ وَكُلَّ مَنْ قَامَ بِأَمْرِ الْفَيْءِ مِنْ وَالٍ وَكَاتِبٍ وَجُنْدِيٍّ مِمَّنْ لَا غِنَى لِأَهْلِ الْفَيْءِ عَنْهُ رِزْقَ مِثْلِهِ. انْتَهَى.
[فَائِدَة الْعَصَبَةُ]
1
(التَّاسِعَةُ)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
قَوْلُهُ «وَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ مَالًا» مَا زَائِدَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَذِكْرُ الْمَالِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَإِنَّ الْحُقُوقَ تُوَرَّثُ كَالْأَمْوَالِ وَقَوْلُهُ فَلْيُوَرَّثْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَقَوْلُهُ عَصَبَتُهُ مَرْفُوعٌ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْفَاعِلِ وَيَحْتَمِلُ نَصْبَهُ وَيَكُونُ النَّائِبُ عَنْ الْفَاعِلِ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ فَلْيُوَرِّثْ هُوَ عَصَبَتَهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ. وَقَوْلُهُ مَنْ كَانَ أَيْ الْعَصَبَةُ هَذَا عَلَى الْأَوَّلِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مَنْ كَانُوا، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ يَكُونُ الْمُرَادُ مَنْ كَانَ الْمَيِّتَ وَالْعَصَبَةُ الْأَقَارِبُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَذَا عَرَفَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَمِنْهُمْ الْجَوْهَرِيُّ وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَإِنَّمَا سُمُّوا عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمْ عَصَبُوا بِهِ أَيْ أَحَاطُوا بِهِ فَالْأَبُ طَرَفٌ وَالِابْنُ طَرَفٌ وَالْعَمُّ جَانِبٌ وَالْأَخُ جَانِبٌ. وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: لِأَنَّهُمْ يَعْصِبُونَهُ وَيَعْتَصِبُ بِهِمْ أَيْ يُحِيطُونَ بِهِ وَيَشْتَدُّ بِهِمْ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: الْعَصَبَةُ الَّذِينَ يَرِثُونَ الرَّجُلَ عَنْ كَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِ وَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ فَأَمَّا فِي الْفَرَائِضِ فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ فَهُوَ عَصَبَةٌ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ الْفَرْضِ أَخَذَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ: عَصَبَةُ الْمَوَارِيثِ هُمْ الْكَلَالَةُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ عَدَا الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ الْأَدْنِيَاءِ، وَتَكُونُ أَيْضًا فِي الْمَوَارِيثِ كُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ فَرْضٌ مُسَمًّى وَكَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَصَبَةَ مُفْرَدٌ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ جَمْعَهُ الْعَصَبَاتُ وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ الْعَصَبَةَ جَمَاعَةٌ لَيْسَ لَهَا وَاحِدٌ وَعَرَّفَ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ الْعَصَبَةَ بِأَنَّهُ مَنْ وَرِثَ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا فَرْضَ لَهُ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنَّ مَنْ وَرَّثَهُمْ لَا يُسَمِّيهِمْ عَصَبَةً.
وَأُورِدَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ أَمْرَانِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ لَنَا مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَهُوَ ذُو فَرْضٍ كَابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ أَوْ زَوْجٍ.
(الثَّانِي) أَنَّ لَنَا مَنْ فِي إرْثِهِ خِلَافٌ وَهُوَ عِنْدَ مَنْ وَرَّثَهُ عَصَبَةٌ كَالْقَاتِلِ وَالتَّوْأَمَيْنِ الْمَنْفِيَّيْنِ بِاللِّعَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَنْ وَرَّثَ لِمُجْمَعٍ عَلَى التَّوْرِيثِ بِمِثْلِهِ بِلَا تَقْدِيرٍ ثُمَّ قَسَّمَ أَصْحَابُنَا الْعَصَبَةَ إلَى عَصَبَةٍ بِنَفْسِهِ وَعَصَبَةٍ بِغَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ قِسْمًا ثَالِثًا وَهُوَ عَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ وَعَرَّفَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَالرَّافِعِيُّ الْعَصَبَةَ بِنَفْسِهِ بِأَنَّهُ كُلُّ ذَكَرٍ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَوْ بِتَوَسُّطِ مَحْضِ الذُّكُورِ، وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الزَّوْجَ فَإِنَّهُ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَصَبَةً وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْمَوْلَاةُ الْمُعْتِقَةُ مَعَ أَنَّهَا عَصَبَةٌ وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ