الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ النَّجْشِ» .
ــ
[طرح التثريب]
[حَدِيث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ النَّجْشِ]
الْحَدِيثُ الثَّانِي) وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ النَّجْشِ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدَ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَكَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَزَادَ فِيهِ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ (وَأَنْ تُتَلَقَّى السِّلَعُ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الْأَسْوَاقَ) وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْقُوبَ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَاضِي الْمَدَائِنِ قَالَ أَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ التَّخْيِيرِ» قَالَ وَالتَّخْيِيرُ أَنْ يَمْدَحَ الرَّجُلُ سِلْعَتَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا قَالَ التَّخْيِيرُ وَفَسَّرَهُ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ النَّجْشُ. انْتَهَى.
(الثَّانِيَةُ)(النَّجْشُ) بِفَتْحِ النُّونِ، وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ؛ فَسَّرَهُ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ لَا لِرَغْبَةٍ فِيهَا بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ وَيَغُرَّهُ لِيَزِيدَ وَيَشْتَرِيَهَا وَكَذَا فَسَّرَهُ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ كَمَا رَأَيْته فِي الْهِدَايَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُحَرَّرِ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ هُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ وَلَا يُرِيدَ الشِّرَاءَ لِيُرَغِّبَ غَيْرَهُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ أَنْ يَزِيدَ لِيَغُرَّ وَكَذَا قَالَ صَاحِب الْمُحَرَّرِ إنَّ النَّجْشَ مُزَايَدَةُ مِنْ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ تَغْرِيرًا لَهُ وَقَيَّدَ التِّرْمِذِيُّ ذَلِكَ فِي جَامِعِهِ بِأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْوَى وَكَذَا قَيَّدَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فَوْقَ ثَمَنِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنَّهُ لَوْ زَادَ فِيهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى قِيمَتِهَا فَهُوَ مَا جَوَّزَ بِذَلِكَ وَكَذَا ذَكَرَ هَذَا التَّقْيِيدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا وَنَقَلَهُ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي كُتُبِهِمْ، وَلِذَلِكَ نَقَلْت عِبَارَتَهُمْ أَوَّلًا.
(الثَّالِثَةُ) أَصْلُ النَّجْشِ فِي اللُّغَةِ الِاسْتِثَارَةُ وَمِنْهُ نَجَشْتُ الصَّيْدَ أَنَجْشُهُ بِالضَّمِّ نَجْشًا إذَا اسْتَثَرْتَهُ سُمِّيَ النَّاجِشُ فِي السِّلْعَةِ نَاجِشًا لِأَنَّهُ يُثِيرُ الرَّغْبَةَ فِيهَا وَيَرْفَعُ ثَمَنَهَا وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَصْلُ النَّجْشِ الْخَتْلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَهُوَ الْخَدْعُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّائِدِ نَاجِشٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتِلُ الصَّيْدَ وَيَحْتَالُ لَهُ وَكُلُّ مَنْ اسْتَثَارَ شَيْئًا فَهُوَ نَاجِشٌ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّجْشُ الْمَدْحُ وَالْإِطْرَاءُ وَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ «لَا يَمْدَحُ أَحَدُكُمْ السِّلْعَةَ وَيَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا بِلَا رَغْبَةٍ» .
(الرَّابِعَةُ) النَّجْشُ حَرَامٌ؛ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ؛ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ وَهَذَا إجْمَاعٌ كَمَا حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (وَالْإِثْمُ مُخْتَصٌّ بِالنَّاجِشِ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ فَإِنْ وَاطَأَهُ عَلَى ذَلِكَ أَثِمَا جَمِيعًا لَكِنْ هَلْ يَبْطُلُ مَعَ ذَلِكَ الْبَيْعُ أَوْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ خَاصَّةً أَوْ لَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْ الْحُكْمَيْنِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ:
(أَحَدُهَا) : أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ النَّاجِشُ أَوْ كَانَ غَيْرُهُ لَكِنْ بِمُوَاطَأَتِهِ.
(الثَّانِي) أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ أَوْ بِعِلْمِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَالُوا فَإِنْ فَاتَتْ الْعَيْنُ فَلَهُ الْقِيمَةُ مَا لَمْ تَزِدْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ أَوْ عِلْمِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ كَابْنِهِ وَعَبْدِهِ وَنَحْوِهِمَا وَثُبُوتُ الْخِيَارِ إذَا كَانَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ؛ وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ حَيْثُ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ؛ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ لَكِنْ شَرْطُهُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُغْبَنَ بِهِ عَادَةً نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِ فَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالثُّلُثِ وَبَعْضُهُمْ بِالسُّدُسِ؛ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ.
(الثَّالِثُ) : أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالِاخْتِلَافُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ.
(الْخَامِسَةُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ مَعْصِيَةَ النَّاجِشِ وَشَرَطَ فِي مَعْصِيَةِ مَنْ بَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِ. قَالَ الشَّارِحُونَ: السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ النَّجْشَ خَدِيعَةٌ وَتَحْرِيمُ الْخَدِيعَةِ وَاضِحٌ لِكُلِّ أَحَدٍ؛ مَعْلُومٌ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا الْخَبَرَ بِخُصُوصِهِ. وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ الْأَخِ إنَّمَا عُلِمَ تَحْرِيمُهُ مِنْ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ فَلَا يَعْرِفُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْخَبَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ إضْرَارٌ أَيْضًا وَتَحْرِيمُ الْإِضْرَارِ مَعْلُومٌ