الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ
ــ
[طرح التثريب]
وَقَدْ يَكُونُ أَمْرُهُ اخْتِيَارًا غَيْرَ حَتْمٍ قَالَ فَقَدْ رَجَّحَ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ فَقَالَ: إنَّهُ أَوْلَى بِمَعْنَى الْحَدِيثِ، وَمَعْنَى الِاحْتِمَالِ [الْأَوَّلِ] أَنَّ إجْلَاسَهُ مَعَهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَلَكِنَّهُ أَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَيَجِبُ أَنْ يُطْعِمَهُ مِنْهُ إذْ لَوْ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا مَعًا غَيْرُ وَاجِبَيْنِ لَاتَّحَدَ مَعَ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي؛ قَالَ فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ الْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ انْتَهَى كَلَامُهُ.
(الرَّابِعَةُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى طَبَّاخِ الطَّعَامِ حَامِلُهُ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا الْإِجْلَاسِ مَعَهُ وَالْمُنَاوَلَةِ مِنْهُ عِنْدَ الْقِلَّةِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ، وَهُوَ تَعَلُّقُ نَفْسِهِ بِهِ وَشَمُّهُ رَائِحَتَهُ وَإِرَاحَةُ صَاحِبِ الطَّعَامِ مِنْ حَمْلِهِ كَمَا أَنَّ فِي الْأَوَّلِ إرَاحَتُهُ مِنْ طَبْخِهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الثَّانِي أَقَلَّ عَمَلًا مِنْ الْأَوَّلِ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِاسْتِحْبَابِهِ فِي مُطْلَقِ الْخَادِمِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَبْوِيبُ التِّرْمِذِيِّ عَلَيْهِ (الْأَكْلُ مَعَ الْمَمْلُوكِ) .
(الْخَامِسَةُ)(الصَّانِعُ) الَّذِي صَنَعَ الطَّعَامَ وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِلَّا تَدْعُوهُ لِلْأَكْلِ مَعَكُمْ إمَّا لِلْقِلَّةِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِمَّا لِسَبَبٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ (فَأَلْقِمُوهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَكَسْرِ الْقَافِ (وَالْأُكَلَةُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ اللُّقْمَةُ كَمَا فَسَّرَهُ رَاوِي الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ (مَشْفُوهًا) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ أَيْ قَلِيلًا وَأَصْلُهُ الْمَاءُ الَّذِي كَثُرَتْ عَلَيْهِ الشِّفَاهُ حَتَّى قَلَّ فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ (قَلِيلًا) تَفْسِيرٌ لَهُ وَقِيلَ أَرَادَ فَإِنْ كَانَ مَكْثُورًا عَلَيْهِ أَيْ كَثُرَتْ أَكْلَتُهُ، وَجَوَّزَ وَالِدِي رحمه الله فِي قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ (فَإِنْ أَبَى) أَنَّ الْمُرَادَ فَإِنْ أَبَى الْخَادِمُ حَيَاءً مِنْهُ أَوْ تَأَدُّبًا قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ السَّيِّدُ بِدَلِيلِ غَيْرِهَا مِنْ الرِّوَايَاتِ.
[فَائِدَة يَتَنَاوَلَ الْأَطْعِمَةَ النَّفِيسَةَ وَيُطْعِمَ رَقِيقَهُ مِمَّا دُونَ ذَلِكَ]
1
(السَّادِسَةُ) : فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إطْعَامُ الْمَمْلُوكِ مِنْ جِنْسٍ مَأْكُولِهِ فَلَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْأَطْعِمَةَ النَّفِيسَةَ وَيُطْعِمَ رَقِيقَهُ مِمَّا دُونَ ذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِذَلِكَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ مُوَاسَاتَهُ قَالُوا وَالْوَاجِبُ أَنْ يُطْعِمَ رَقِيقَهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ الْمَمَالِيكُ فِي الْبَلَدِ، وَكَذَا الْأُدُمُ الْغَالِبُ وَالْكِسْوَةُ الْغَالِبَةُ.
(السَّابِعَةُ) اسْتَدَلَّ ابْنُ حَزْمٍ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِإِكْثَارِ الْمَرَقِ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ كَذَلِكَ.