الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
حَاضِرٌ لِبَادٍ» وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنْ يُجِيزَ بَيْعَ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي بِغَيْرِ أَجْرٍ وَيَمْنَعُهُ إذَا كَانَ بِأَجْرٍ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا فَكَأَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ لِغَيْرِ السِّمْسَارِ إذَا كَانَ مِنْ طَرِيقِ النُّصْحِ. قَالَ: وَلَمْ يُرَاعِ الْفُقَهَاءُ فِي السِّمْسَارِ أَجْرًا وَلَا غَيْرَهُ وَالنَّاسُ فِي هَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ فَمَنْ كَرِهَ بَيْعَ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي كَرِهَهُ بِأَجْرٍ وَبِغَيْرِ أَجْرٍ وَمَنْ أَجَازَهُ أَجَازَهُ بِأَجْرٍ وَبِغَيْرِ أَجْرٍ. انْتَهَى.
(الثَّلَاثُونَ) حَمَلَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْعَ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي عَلَى صُورَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ الْحَضَرِيُّ شَيْئًا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَهْلُ الْحَاضِرَةِ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ لِطَلَبِ زِيَادَةِ السِّعْرِ فَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَهَذَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ فِي قَحْطٍ وَعَوَزٍ وَهُوَ يَبِيعُ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ طَمَعًا فِي الثَّمَنِ الْغَالِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِمْ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِانْعِدَامِ الضَّرَرِ انْتَهَى.
وَيَرُدُّ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه لَمَّا سُئِلَ عَنْ تَفْسِيرِهِ لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ «عَنْ سَالِمٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدِمَ بِجَلُوبَةٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَكِنْ اذْهَبْ إلَى السُّوقِ فَانْظُرْ مَنْ يُبَايِعُك فَشَاوِرْنِي حَتَّى آمُرَك، وَأَنْهَاك» .
[فَائِدَة تَحْرِيمُ التَّصْرِيَةِ]
1
(الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ) قَوْلُهُ (وَلَا تُصَرُّوا) هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ؛ وَنَصْبِ (الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ) مِنْ التَّصْرِيَةِ، وَهِيَ الْجَمْعُ يُقَالُ صَرَّى يُصَرِّي تَصْرِيَةً فَهِيَ مُصَرَّاةٌ كَغَشَاهَا يُغَشِّيهَا تَغْشِيَةً فَهِيَ مُغَشَّاةٌ وَزَكَّاهَا يُزَكِّيهَا تَزْكِيَةً فَهِيَ مُزَكَّاةٌ وَيُقَالُ أَيْضًا صَرَى بِالتَّخْفِيفِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَرَوَيْنَاهُ مِنْ غَيْرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِهِمْ لَا تَصُرُّوا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ مِنْ الصَّرِّ وَعَنْ بَعْضِهِمْ لَا تُصَرُّ الْإِبِل بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ تَصْرِ بِغَيْرِ وَاوٍ بَعْدَ الرَّاءِ وَبِرَفْعِ الْإِبِلِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ الصَّرُّ أَيْضًا وَهُوَ رَبْطُ أَخْلَافِهَا. وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ وَمَعْنَاهُ لَا يَجْمَعُ اللَّبَنَ فِي ضَرْعِهَا عِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِهَا حَتَّى يَعْظُمَ ضَرْعُهَا فَيَظُنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّ كَثْرَةَ لَبَنِهَا عَادَةٌ لَهَا مُسْتَمِرَّةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ صَرَيْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْته وَصَرَّى الْمَاءَ فِي ظَهْرِهِ أَيْ حَبَسَهُ فَلَمْ يَتَزَوَّجْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ فِي تَفْسِيرِ الْمُصَرَّاةِ وَفِي اشْتِقَاقِهَا فَقَالَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الشَّافِعِيُّ: التَّصْرِيَةُ أَنْ تُرْبَطَ أَخْلَافُ النَّاقَةِ أَوْ الشَّاةِ وَيُتْرَكُ حَلْبُهَا الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ حَتَّى يَجْتَمِعَ لَبَنُهَا فَيَزِيدَ مُشْتَرِيهَا فِي ثَمَنِهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ عَادَةٌ لَهَا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ مِنْ صَرَّى اللَّبَنَ فِي ضَرْعِهَا أَيْ حَقَنَهُ فِيهِ، وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ الرَّبْطِ لَكَانَتْ مَصْرُورَةً أَوْ مُصَرَّرَةً قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ حَسَنٌ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ صَحِيحٌ. قَالَ وَالْعَرَبُ تَصُرُّ الضُّرُوعَ الْمَحْلُوبَاتِ وَاسْتَدَلَّ لِصِحَّةِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِقَوْلِ الْعَرَبِ الْعَبْدُ لَا يُحْسِنُ الْكَرَّ إنَّمَا يُحْسِنُ الْحَلْبَ وَالصَّرَّ، وَبِقَوْلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ:
فَقُلْت لِقَوْمِي هَذِهِ صَدَقَاتُكُمْ
…
مُصَرَّرَةٌ أَخْلَافُهَا لَمْ تُجَرَّدْ
قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَصْلَ الْمُصَرَّاةِ مُصَرَّرَةٌ أُبْدِلَتْ إحْدَى الرَّائَيْنِ أَلِفًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10] أَيْ دَسَّسَتْهَا كَرِهُوا اجْتِمَاعَ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (مُحَفَّلَةٌ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَهُوَ بِمَعْنَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ حَفَلَ فِي ضَرْعِهَا أَيْ جُمِعَ.
(الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ) فِيهِ تَحْرِيمُ التَّصْرِيَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِلْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّهُمَا عَلَّلَاهُ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْبَيْعِ، وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ بِتَحْرِيمِ التَّصْرِيَةِ مُطْلَقًا لِلْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَعَلَّلَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْحَيَوَانِ لَكِنْ رَوَى الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ وَمَالِكٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تَصُرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ لِلْبَيْعِ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ التَّحْرِيمِ بِحَالَةِ الْبَيْعِ فَلَوْ حَفَلَهَا وَجَمَعَ لَبَنَهَا لِوَلَدِهَا أَوْ لِضَيْفٍ يَقْدُمُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ، وَيُجَابُ عَنْ التَّأَذِّي بِأَنَّهُ يَسِيرٌ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرٌ مُسْتَمِرٌّ فَيُغْتَفَرُ؛ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ كَمَا يُغْتَفَرُ تَأَذِّي الدَّابَّةِ فِي الرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ حَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ وَمَحْظُورٌ.
(الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ دُونَ غَيْرِهِمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فِيمَا كَانَتْ الْعَرَبُ تُصَرِّيهِ وَتَبِيعُهُ تَدْلِيسًا وَغِشًّا فَإِنَّ الْبَقَرَ قَلِيلٌ بِبِلَادِهِمْ وَغَيْرُ الْأَنْعَامِ لَا يُقْصَدُ لَبَنُهَا غَالِبًا فَلَمْ يَكُونُوا يَصُرُّونَ غَيْرَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ