الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)
عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ»
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «لَا يُبَاعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الْكَلَأُ» وَلِابْنِ حِبَّانَ «لَا تَمْنَعُوا الْمَاءَ وَلَا تَمْنَعُوا الْكَلَأَ فَيَنْزِلُ الْمَالُ وَتَجُوعُ الْعِيَالُ» وَلِابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ» وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ وَثَمَنُهُ حَرَامٌ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ يَعْنِي الْمَاءَ الْجَارِيَ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ الْمَاءُ وَالْمِلْحُ وَالنَّارُ» ، وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ..
ــ
[طرح التثريب]
هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّهُ كَانَ يَكِلُ سِيَاسَةَ دَوَابِّهِ إلَى غَيْرِهِ وَيَتَعَاطَى أَمْرَ قُوتِهِ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ غَيْرُ مُتَبَادَرٍ إلَى الْفَهْمِ وَاَلَّذِي فَهِمَهُ السَّلَفُ مِنْهُ مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ بِعَمَلِ الْيَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]
[لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ]
(بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيق الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا يُبَاعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الْكَلَأُ» (الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ لَا يُمْنَعُ رُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ وَبِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ وَقَدْ رَوَيْنَاهُ بِالْوَجْهَيْنِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَالْجَزْمُ رِوَايَةُ الْحَافِظِ أَبِي ذَرٍّ عَبْدِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَرَوِيِّ وَالرَّفْعُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ خَبَرُ اللَّفْظِ نَهْيٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا تَمْنَعُوا بِلَفْظِ النَّهْيِ الصَّرِيحِ.
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ النَّهْيُ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى مَاءِ الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ فِي الْمِلْكِ أَوْ فِي الْمَوَاتِ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ أَوْ الِارْتِفَاقِ خَاصَّةً فَالْأُولَى وَهِيَ الَّتِي فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ يُمْلَكُ مَاؤُهَا عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَفِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ الْمَحْفُورَةُ فِي مَوَاتٍ بِقَصْدِ الِارْتِفَاقِ لَا يَمْلِكُ الْحَافِرُ مَاءَهَا وَلَكِنْ يَكُونُ أَوْلَى بِهِ إلَى أَنْ يَرْتَحِلَ فَإِذَا ارْتَحَلَ صَارَ كَغَيْرِهِ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي كِلَا الْحَالَتَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ وَالْمُرَادُ بِحَاجَتِهِ نَفْسُهُ وَعِيَالُهُ وَمَاشِيَتُهُ وَزَرْعُهُ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَفِي الْمَزَارِعِ احْتِمَالٌ عَلَى بُعْدٍ أَمَّا الْبِئْرُ الْمَحْفُورَةُ لِلْمَارَّةِ فَمَاؤُهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَالْحَافِرُ كَأَحَدِهِمْ وَيَجُوزُ الِاسْتِقَاءُ مِنْهَا لِلشُّرْبِ وَسَقْيِ الزَّرْعِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْهُمَا فَالشُّرْبُ أَوْلَى وَكَذَا الْمَحْفُورَةُ بِلَا قَصْدٍ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا. وَأَمَّا الْمُحْرَزُ فِي إنَاءٍ فَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَضْلِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِغَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَيُمْلَكُ بِالْإِحْرَازِ وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَمْلِكُهُ بَلْ هُوَ أَخَصُّ بِهِ وَغَلَّطُوهُ فِي ذَلِكَ هَذَا كَلَامُ أَصْحَابِنَا، وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ فِي الْأَصْلِ وَالْمُدْرَكِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ تَفَاصِيلُهُمْ.
وَحَكَى الْمَالِكِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ فِي الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ فِي الْمَوَاتِ وَقَالُوا فِي الْمَحْفُورَةِ فِي الْمِلْكِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ فَضْلِهَا وَقَالُوا فِي الْمَحْفُورَةِ فِي الْمَوَاتِ لَا تُبَاعُ وَصَاحِبُهَا وَوَرَثَتُهُ بَعْدَهُ أَحَقُّ بِكِفَايَتِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا حَظَّ فِيهَا لِلزَّوْجَيْنِ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ لَوْ بَيَّنَ حَافِرُهَا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ مِلْكٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُ وَلَا نَصَّ فِيهِ.
(الرَّابِعَةُ) مَعْنَى قَوْلِهِ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ أَنْ يَكُونَ حَوْلَ الْبِئْرِ كَلَأٌ لَيْسَ عِنْدَهُ مَاءٌ غَيْرُ هَذَا وَلَا يُمْكِنُ أَصْحَابُ الْمَوَاشِي رَعْيَهُ إلَّا إذَا مُكِّنُوا مِنْ سَقْيِ بَهَائِمِهِمْ مِنْ هَذَا الْبِئْرِ لِئَلَّا تَتَضَرَّرَ بَهَائِمُهُمْ بِالْعَطَشِ بَعْدَ الرَّعْيِ فَيَكُونَ بِمَنْعِهِ لَهُمْ مِنْ الْمَاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مَانِعًا لَهُمْ مِنْ رَعْيِ بَهَائِمِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْكَلَأِ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ صَرِيحًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إلَى هَذَا ذَهَبَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالنَّهْيُ فِي هَذَا عِنْدَهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: لَيْسَ النَّهْيُ فِيهِ عَلَى التَّحْرِيمِ لَكِنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ فَإِنْ شَحَّ رَجُلٌ عَلَى مَالِهِ لَمْ يُنْتَزَعْ مِنْ يَدِهِ وَالْمَاءُ فِي هَذَا كَغَيْرِهِ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ. قَالَ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى دَلِيلٍ يَجُوزُ مَعَهُ تَرْكُ الظَّاهِرِ وَأَصْلُ النَّهْيِ لِلتَّحْرِيمِ.
(الْخَامِسَةُ) ظَاهِرُهُ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْقِيمَةِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ تَجِبُ لَهُ الْقِيمَةُ مَعَ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ يَجِبُ مَعَ أَخْذِ الْبَدَلِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ وَيَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الْقِيمَةِ الْمَنْعُ فِي حَالَةِ امْتِنَاعِ أَصْحَابِ الْمَوَاشِي مِنْ بَذْلِ قِيمَةِ الْمَاءِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ مِنْ عَدَمِ الْمَنْعِ مُطْلَقًا، وَلَوْ جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ لَجَازَ بَيْعُهُ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «لَا يُبَاعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الْكَلَأُ» وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ.
(السَّادِسَةُ) لِوُجُوبِ ذَلِكَ شُرُوطٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ:
(أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَاءُ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَنْعُ الْفَضْلِ لَا مَنْعُ الْأَصْلِ، وَلِذَلِكَ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوِيَ.
(الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الْبَذْلُ لِلْمَاشِيَةِ وَسَائِرِ الْبَهَائِمِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ لِزَرْعِ غَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَقَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ لِلزَّرْعِ أَيْضًا إذَا خَشِيَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ وَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِصَاحِبِ الْمَاءِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا أَمْ لَا وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِلْأَوَّلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ سَقْيِ الزَّرْعِ بِهِ مَنْعُ الْكَلَأِ وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْحَدِيثَ، إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي مَنْعِ الْبَهَائِمِ وَيَدُلُّ لِمَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ» وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَنْعِ فَضْلِ الْكَلَأِ لَكِنَّهُ عِنْدَ غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَقَدْ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَمَّنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ وَاحِدٌ قَالَ