الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ بِمَنْطُوقِهِ فِي الْمُؤَبَّرَةِ وَهُوَ لَا يَقُولُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ فَأَلْحَقَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ بِالْمُؤَبَّرَةِ وَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ يُخَالِفُ الْمُشْتَرِيَ فِي حُكْمِ التَّبَعِيَّةِ فِي الْبَيْعِ كَمَا أَنَّ الْجَنِينَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْبَيْعِ وَلَا يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ الْمُنْفَصِلُ. انْتَهَى.
وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَبَعْدَهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَوْلُهُ بَاطِلٌ مُنَابِذٌ لِصَرِيحِ السُّنَّةِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ؛ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ رَدُّوا هَذِهِ السُّنَّةَ بِتَأْوِيلٍ وَرَدَّهَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى جَهْلًا بِهَا.
{الرَّابِعَةُ} هَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ عِنْدَ إطْلَاقِ بَيْعِ النَّخْلِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلثَّمَرَةِ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَإِنْ شَرَطَهَا الْمُشْتَرِي بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْت النَّخْلَةَ بِثَمَرَتِهَا كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ نَصُّ الْحَدِيثِ، وَإِنْ شَرَطَهَا الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ فِيمَا إذَا كَانَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ، وَكَانَتْ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ شَرْطُهَا لِلْبَائِعِ.
{الْخَامِسَةُ} : اُسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) بِدُونِ ضَمِيرٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ بَلْ بَعْضَهَا كَأَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَهَا أَوْ رُبُعَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ لَهُ شَرْطُ بَعْضِهَا بَلْ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ جَمِيعَهَا أَوْ يَسْكُتَ عَنْهُ.
[فَائِدَة بَاعَ نَخْلًا عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ]
1
{السَّادِسَةُ} اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا بَاعَ نَخْلًا عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ الْجَمِيعُ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَخْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي نَخَلَاتٍ بِشَرْطَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ فَلَوْ أَفْرَدَ كُلًّا مِنْ الْمُؤَبَّرِ وَغَيْرِهِ بِصَفْقَةٍ (فَالْأَصَحُّ) أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمًا. وَ (الثَّانِي) أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْبَائِعِ اكْتِفَاءً بِوَقْتِ التَّأْبِيرِ (ثَانِيهِمَا) اتِّحَادُ الْبُسْتَانِ فَلَوْ كَانَ فِي بَسَاتِينَ أُفْرِدَ كُلُّ بُسْتَانٍ بِحُكْمٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ النَّوْعِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ: إنَّهُ إذَا أَبَّرَ الْبَعْضَ كَانَ الْكُلُّ لِلْبَائِعِ لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ أَنَّ مَا أُبِّرَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ لِلْمُشْتَرِي.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إنْ أُبِّرَ الْأَكْثَرُ غَلَبَ حُكْمُهُ عَلَى الْبَاقِي فَيَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ أُبِّرَ الْأَقَلُّ غَلَبَ حُكْمُهُ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ أُبِّرَ النِّصْفُ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْمُشْتَرِي كَذَا نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
التَّمْهِيدِ لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إذَا أُبِّرَ النِّصْفُ فَمَا دُونَهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُهُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ لَوْ تَأَبَّرَ شَطْرُ الثِّمَارِ حُكِمَ بِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ فِيهِ دُونَ الشَّطْرِ الَّذِي لَمْ يُؤَبَّرْ، وَإِنْ تَأَبَّرَ أَكْثَرُهَا حُكِمَ بِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ فِي الْكُلِّ وَرُوِيَ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ تَبَعٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ. انْتَهَى.
فَمَنْ جَعَلَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ تَبَعًا لِلْمُؤَبَّرِ قَالَ: إنَّهُ إذَا أُبِّرَ بَعْضُ ثَمَرَةِ النَّخْلِ الْمَبِيعَةِ صَدَقَ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ وَمَنْ قَالَ لَا يَتْبَعُ قَالَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ غَيْرُ مُؤَبَّرٍ فَمَنْ سَمَّاهُ مُؤَبَّرًا فَلَيْسَ حَقِيقَةً بَلْ هُوَ مَجَازٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ نَفْيِهِ وَمَنْ جَعَلَ الْحُكْمَ لِلْأَكْثَرِ غَلَّبَ. {السَّابِعَةُ} لَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ النَّخْلَةُ بَلْ تَأَبَّرَتْ هِيَ وَتَشَقَّقَتْ بِنَفْسِهَا وَظَهَرَتْ الْكِيزَانُ مِنْهَا كَانَ كَمَا لَوْ أُبِّرَتْ فَيَكُونُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلْبَائِعِ صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِيهِ. انْتَهَى.
وَذِكْرُ التَّأْبِيرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهَا تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُشْتَرِي. فَقَالَ: وَلَوْ ظَهَرَتْ ثَمَرَةٌ بِغَيْرِ إبَارٍ لَمْ يَحِلَّ اشْتِرَاطُهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى. وَمَا أَدْرِي لِمَ أَعْمَلَ قَوْلَهُ قَدْ أُبِّرَتْ فِي إخْرَاجِ الظَّاهِرَةِ مِنْ غَيْرِ تَأْبِيرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الِاشْتِرَاطِ، وَلَمْ يُعْمِلْهُ بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِهَا لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ قَدْ أُبِّرَتْ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ بَلْ تَأَبَّرَتْ بِنَفْسِهَا أَنَّهَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي.
{الثَّامِنَةُ} ادَّعَى ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمُؤَبَّرِ اشْتِرَاطُ الثَّمَرَةِ إلَّا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَلَاثَ نَخَلَاتٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ نَخْلَةً أَوْ نَخْلَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ اشْتِرَاطُ ثَمَرَتِهَا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ نَخْلٍ ثَلَاثٌ فَصَاعِدًا وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ مُقْتَضَى جُمُودِهِ عَلَى الظَّاهِرِ أَنْ لَا يَجْعَلَ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ نَخْلَةً أَوْ نَخْلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا جَعَلَهَا لَهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ نَخْلًا فَعَدَلَ عَنْ هَذَا وَجَعَلَ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ لَهُ مُطْلَقًا قَلَّ الْمَبِيعُ أَوْ كَثُرَ وَلَمْ يَجْعَلْ التَّقْيِيدَ بِالنَّخْلِ إلَّا فِي اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ خَاصَّةً، وَمَا أَدْرَى لِمَ جَعَلَ هَذَا قَيْدًا فِي الْوَصْفِ وَالِاسْتِثْنَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ قَيْدًا فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ هَذَا مُقْتَضَى الْجُمُودِ. وَأَمَّا مُقْتَضَى الْفِقْهِ وَفَهْمِ الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ النَّادِرَ فِي حُكْمِ الْمُفْرَدِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيَدْخُلُ بِالشَّرْطِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَالْمَعْنَى إذَا فُهِمَ لَمْ يَجُزْ الْجُمُودُ عَلَى الْأَلْفَاظِ إلَّا عِنْدَ مَنْ لَا تَحْقِيقَ لَهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ