المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌نشأة البديع وتطوره

- ‌أوليات البديع:

- ‌ابن المعتز:

- ‌قدامة بن جعفر:

- ‌أبو هلال العسكري:

- ‌ابن رشيق القيرواني:

- ‌عبد القاهر الجرجاني:

- ‌الزمخشري:

- ‌أسامة بن منقذ

- ‌وفي القرن السابع الهجري نلتقي بسبعة علماء أولى كل واحد منهم البديع وفنونه فيما كتب عناية خاصة

- ‌1 - الرازي:

- ‌2 - السكاكي:

- ‌3 - ضياء الدين بن الأثير: 588 - 637 ه

- ‌فمن ذلك قول بعضهم:

- ‌4 - التيفاشي المغربي:

- ‌5 - زكي الدين بن أبي الأصبع المصري:

- ‌6 - علي بن عثمان الأربلي:

- ‌7 - ابن مالك:

- ‌وفيما يلي نبذة عن كل عالم من أولئك العلماء توضح الجهد الذي بذله والمساهمة التي أسهم بها في دراسة علم البديع

- ‌1 - يحيى بن حمزة:

- ‌2 - التنوخي:

- ‌3 - ابن قيم الجوزية

- ‌4 - صفي الدين الحلي

- ‌5 - ابن جابر الأندلسي

- ‌6 - عز الدين الموصلي

- ‌[المتبارين فى منحاه]

- ‌1 - ابن حجة الحموي

- ‌2 - وللسيوطي

- ‌3 - عائشة الباعونية:

- ‌وفي العصر الحديث نلتقي أيضا بآخرين من أصحاب البديعيات، ومن أشهر هؤلاء:

- ‌1 - البيروتي

- ‌2 - الساعاتي:

- ‌فنون علم البديع

- ‌ المطابقة

- ‌المحسنات البديعية المعنوية

- ‌أنواع المطابقة:

- ‌ظهور التضاد وخفاؤه:

- ‌بلاغة المطابقة:

- ‌المقابلة

- ‌الفرق بين المطابقة والمقابلة:

- ‌أنواع المقابلة:

- ‌المبالغة

- ‌الإغراق

- ‌الغلو

- ‌الإيغال

- ‌التتميم

- ‌أقسام التتميم:

- ‌التورية

- ‌أنواع التورية:

- ‌التقسيم

- ‌عيوب التقسيم:

- ‌الالتفات

- ‌أقسام الالتفات

- ‌الجمع

- ‌التفريق

- ‌الجمع مع التقسيم

- ‌الجمع مع التفريق

- ‌الجمع مع التفريق والتقسيم

- ‌تأكيد المدح بما يشبه الذم

- ‌تأكيد الذم بما يشبه المدح

- ‌المذهب الكلامي

- ‌اللف والنشر

- ‌أقسامه:

- ‌مراعاة النظير

- ‌تشابه الأطراف:

- ‌إيهام التناسب:

- ‌أسلوب الحكيم

- ‌التجريد

- ‌المحسنات البديعية اللفظية

- ‌الجناس

- ‌أقسام الجناس

- ‌أقسام الجناس التام:

- ‌السجع

- ‌أقسام السجع

- ‌أحسن السجع:

- ‌السجع من حيث الطول والقصر:

- ‌بناء الأسجاع:

- ‌رد العجز على الصدر

- ‌أما رد العجز على الصدر في الشعر فيرد على الصور التالية:

- ‌أ- في اللفظين المكررين:

- ‌ب- في اللفظين المتجانسين:

- ‌ج- في اللفظين الملحقين بالمتجانسين للاشتقاق:

- ‌د- في اللفظين الملحقين بالمتجانسين لشبه الاشتقاق:

- ‌لزوم ما لا يلزم

- ‌الموازنة

- ‌التشريع

الفصل: ‌1 - الرازي:

وكتاب ذيل يتيمة الدهر للثعالبي، وكتاب تاريخ أيامه، وكتاب في أخبار أهله، وكتاب البديع في نقد الشعر.

وفي بني منقذ جماعة من الشعراء كان أسامة أشعرهم واشهرهم، ومن شعره:

قالوا نهته الأربعون عن الصبا

وأخو المشيب يجور ثمت يهتدي

كم جار في ليل الشباب فدلّه

صبح المشيب على الطريق الأقصد

وإذا عددت سنيّ ثم نقصتها

ز من الهموم فتلك ساعة مولدي

ومن شعره في الشيخوخة:

لا تحسدنّ على البقاء معمّرا

فالموت أيسر ما يئول إليه

وإذا دعوت بطول عمر لامرئ

فاعلم بأنك قد دعوت عليه (1)

وقد ذكرنا من مصنفات أسامة بن منقذ «كتاب البديع في نقد الشعر» (2). وهو يشتمل على خمسة وتسعين بابا ذكر فيه كثيرا من المحسنات البديعية.

‌وفي القرن السابع الهجري نلتقي بسبعة علماء أولى كل واحد منهم البديع وفنونه فيما كتب عناية خاصة

.

وفيما يلي نبذة عن كل واحد من هؤلاء العلماء على حسب ظهورهم في عصرهم:

‌1 - الرازي:

هو فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفى سنة 606 للهجرة، له

(1) انظر ترجمة أسامة بن منقذ في معجم الأدباء لياقوت ج: 5 ص: 188.

(2)

حقق هذا الكتاب الدكتور أحمد أحمد بدوي وحامد عبد المجيد.

ص: 35

مصنفات كثيرة في تفسير القرآن الكريم، والفقه، وعلم الكلام، والطب، والكيمياء، وكان يجيد العربية، ويميل إلى مذهب الأشاعرة.

وهو يمتاز في تأليفه بدقة التفكير وقوة المنطق والقدرة على تشعيب المسائل وحصر أقسامها حصرا يحيط بها إحاطة تامة. وبهذه الطريقة اتجه في التأليف إلى البلاغة باعتبارها مدار الإعجاز في القرآن، فألّف فيها كتابه «نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز» .

فالكتاب كما يفهم من عنوانه يتجه نحو الاختصار والإجمال، وقد أعلن في مقدمته أنه يهدف من وراء تأليفه إلى تنظيم ما صنّفه عبد القاهر في كتابيه «دلائل الإعجاز» و «أسرار البلاغة» ، وذلك لما لاحظه فيهما من إهمال رعاية ترتيب الأصول والأبواب، ومن الإطناب في الكلام.

وعلى هذا فالكتاب محاولة من جانب الرازي قصد بها تنظيم وتبويب كل ما كتبه عبد القاهر في صورة تنضبط فيها القواعد البلاغية وتنحصر فيها فروعها وأقسامها حصرا تاما.

وبالإضافة إلى ذلك سرد الرازي في كتابه طائفة من فنون البديع، وهذه قد استمدها من كتاب «حدائق السحر في دقائق الشعر» للوطواط الذي سبقت الإشارة إليه. والرازي ينقل عنه الأمثلة العربية مع الفنون البديعية التي تمثلها، وكذلك مصطلحاتها الخاصة.

ومما نقله عن الوطواط تجنيس الخط نحو قوله تعالى: وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً، كما نقل عنه ما سماه «المصحّف» ، وهو كلمات إن تغير نقطها كانت قدحا وهجاء بعد أن كانت مدحا وثناء.

كذلك عرض لما سماه ابن المعتز باسم «الاعنات» ، وهو لزوم ما لا يلزم في قوافي الشعر وطرده في السجع.

ص: 36

وصور ما يحدث من حسن بسبب ائتلاف كلمتين، وعقد لذلك أربعة فصول، تحدث في أولها عن التجنيس موضحا أقسامه، وقد نقلها عن الوطواط، ونقل عنه في الفصل الثاني حديثه عن الاشتقاق وقد فصله عن الجناس مع أنه ضرب منه مثل:«فأقم وجهك للدين القيّم» ، وقصر الفصل الثالث على «رد العجز على الصدر» واحتذى فيه وفي تقسيماته صنيع الوطواط، حتى في ضرب الأمثلة. أما الفصل الرابع فخص به ما سماه الوطواط، «بالمقلوب» ، وهو ما يقرأ طردا وعكسا، مثل:

لبق أقبل فيه هيف

كل ما أملك إن غنّى هبه

فهذا البيت كل كلمة منه بانضمامها إلى أختها تجانسها في القلب.

ومثل:

ليل أضاء هلاله

أنى يضيء بكوكب

فكل كلمة من هذا البيت، ما عدا (أضاء ويضيء) تقرأ مستوية ومقلوبة. وانتقل الرازي إلى ما يحدث من حسن بسبب ائتلاف الكلمات، وردّ إلى هذا الجانب السجع، وجعل منه ما سماه الوطواط بالمزدوج، وهو ضرب من التعقيد في السجعتين، إذ يجمع داخل كل سجعة بين كلمتين متشابهتي الوزن والروي مثل «من جد وكد في البداية عز وبز في النهاية» .

وإلى هذا الجانب ردّ أيضا ما سماه الوطواط باسم الترصيع، وهو عنده أن تتقابل السجعتان أو يتقابل شطرا البيت تقابلا تاما بحيث يكون لكل كلمة في سجعة أو شطر قرينتها المتفقة معها في الوزن والروي بالسجعة الثانية أو الشطر الثاني مثل قوله تعالى: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ، ومثل قول ابن النبيه:

فحريق جمرة سيفه للمعتدي

ورحيق خمرة سيبه للمعتفي

فهذا البيت وقع الترصيع في جميع ألفاظه، فإن المقابلة فيه حاصلة

ص: 37

بين حريق ورحيق، وبين جمرة وخمرة، وبين سيفه وسيبه، وبين المعتدي والمعتفي.

وفي القسم الذي عقده في كتابه للنظم نراه في الفصل الثالث منه يبيّن أقسام النظم، ويستهل حديثه عن ذلك

بقول عبد القاهر: «إن الكلام إن لم يتعلق بعضه ببعض لم يحتج إلى فكر وروية كاستهلالات الجاحظ في كتبه، ومثل هذا الكلام لا تظهر فيه قوة الطبع وجودة القريحة، إنما يظهر ذلك في الكلام الذي تتعلق فيه الجمل بعضها ببعض، وتلتحم التحاما شديدا» وعند الرازي أن ذلك يجري على وجوه شتى، عد منها ثلاثة وعشرين وجها استمد معظمها هي وأمثلتها من كتاب الوطواط «حدائق السحر في دقائق الشعر» .

ومن هذه الوجوه المطابقة والمقابلة والمزاوجة بين معنيين في الشرط والجزاء معا كقول البحتري:

إذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى

أصاخت إلى الواشي فلج بها الهجر (1)

كذلك يذكر من هذه الوجوه البديعية الاعتراض، والالتفات، والاقتباس، والتلميح. فالاعتراض هو عبارة عن جملة تعترض بين الكلامين وتفيد زيادة في معنى غرض المتكلم، ومن معجزه في القرآن:

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا- وَلَنْ تَفْعَلُوا- فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ.

والالتفات، كما فسره قدامة، هو أن يكون المتكلم آخذا في معنى فيعترضه إما شك فيه، أو ظن أن رادّا يرده عليه أو سائلا يسأل عن سببه

(1) زواج بين نهى الناهي وإصاختها إلى وشى الواشي الواقعين في الشرط والجزاء فرتب عليهما لجاج شيء.

ص: 38

فيلتفت إليه بعد فراغه منه، فإما أن يجلي الشك، أو يؤكده، أو يذكر سببه. وعرفه ابن المعتز بأنه انصراف المتكلم عن الاخبار إلى المخاطبة، كقوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.

والاقتباس هو أن يضمن المتكلم كلامه كلمة من آية، أو آية من كتاب الله خاصة، وهو على نوعين: نوع لا يخرج به المقتبس عن معناه، كقول الحريري:«فلم يكن إلا كلمح البصر أو هو أقرب حتى أنشد فأغرب» فإن الحريري كنى به عن شدة القرب، وكذلك هو في الآية الكريمة.

ونوع يخرج به المقتبس عن معناه كقول ابن الرومي:

لئن أخطأت في مدحيك

ما أخطأت في منعي

لقد أنزلت حاجاتي

بواد غير ذي زرع ..

فالشاعر كنى به عن الرجل الذي لا يرجى نفعه والمراد به في الآية أرض مكة.

والتلميح هو أن يشير ناظم هذا النوع في بيت أو قرينة سجع إلى قصة معلومة، أو نكتة مشهورة، أو بيت شعر حفظ لتواتره، أو إلى مثل سائر يجريه في كلامه على جهة التمثيل. وأحسن التلميح وأبلغه ما حصل به زيادة في المعنى

المقصود، وسماه قوم التلميح بتقديم الميم، كأن الناظم أتى في بيته بنكتة زادته ملاحة، كقول ابن المعتز:

أترى الجيرة الذين تداعوا

عند سير الحبيب وقت الزوال؟

علموا أنني مقيم وقلبي

راحل فيهم أمام الجمال

مثل صاع (1) العزيز في أرحل القوم

ولا يعلمون ما في الرحال

(1) الصاع: مكيال مقداره ثمانية أرطال على رأي، وخمسة أرطال وثلثا رطل على رأي آخر.

ص: 39

هذا التلميح فيه إشارة إلى قصة يوسف عليه السلام حين جعل الصاع في رحل أخيه، وإخوته لم يشعروا بذلك.

كذلك ذكر الرازي غير ما مرّ من الوجوه البديعية: إرسال المثلين، أي الجمع بينهما في بيت شعر، واللف والنشر، والتعديد، والموجّه، أو التوجيه وهو أن يمدح الشاعر ممدوحه بصفة حميدة ثم يقرن بها صفة من جنسها تفيد معنى ثانيا، أو بعبارة أخرى أن يحتمل الكلام وجهين من المعنى احتمالا مطلقا من غير تقييد بمدح أو غيره. وذلك كقول الشاعر في الحسن بن سهل عند ما زوج ابنته بوران الخليفة:

بارك الله في الحسن

ولبوران في الختن (1)

يا إمام الهدى ظفر

ت ولكن ببنت من؟

ويلي ذلك من ألوان البديع التي ذكرها الرازي:

تجاهل العارف، والسؤال والجواب في بيت واحد، والإغراق في الصفة أو المبالغة، والجمع، والتفريق، والتقسيم، منفردة ومجتمعة، واستشهد لهذا الوجه بأبيات للوطواط ساقها في كلامه، ثم التعجب، وذكر فيه ما تمثل به الوطواط من قول بعض الشعراء:

أيا شمعا يضيء بلا انطفاء

ويا بدرا يلوح بلا محاق

فأنت البدر، ما معنى انتقاصي؟

وأنت الشمع، ما سبب احتراقي؟

وأخيرا يذكر حسن التعليل مع نفس المثال الذي تمثل به الوطواط.

وإجمالا ذكر الرازي في مقدمة كتابه «نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز» أنه يحاول فيه اختصار كتابي عبد القاهر «دلائل الإعجاز» و «أسرار

(1) الختن: كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ، وقيل: أب المرأة.

ص: 40