الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحسنات البديعية اللفظية
الجناس
الجناس من فنون البديع اللفظية. ومن أوائل من فطنوا إليه عبد الله بن المعتز، فقد عده في كتابه ثاني أبواب البديع الخمسة الكبرى عنده وعرفه ومثل للحسن والمعيب منه بأمثلة شتى.
وهو يعرفه بقوله: «التجنيس أن تجيء الكلمة تجانس أخرى في بيت شعر وكلام، ومجانستها لها أن تشبهها في تأليف حروفها» .
فمفهوم الجناس عند ابن المعتز مقصور كما نرى على تشابه الكلمات في تأليف حروفها، من غير إفصاح عما إذا كان هذا التشابه يمتد إلى معاني الكلمات المتشابهة الحروف أم لا.
ولكن لعل فيما ذكره من تعريف الخليل بن أحمد للجنس ما يوضح هذا الأمر. قال الخليل: «الجنس لكل ضرب من الناس والطير والعروض والنحو، فمنه ما تكون الكلمة تجانس أخرى في تأليف حروفها ومعناها ويشتق منها مثل قول الشاعر:
يوم خلجت على الخليج نفوسهم ..» (1).
(1) كتاب البديع ص 25.
أو يكون تجانسها في تأليف الحروف دون المعنى مثل قوله تعالى:
«وأسلمت مع سليمان لرب العالمين» (1).
فإن صح الاستنباط من هذا التعريف كان مفهوم الجناس عند الخليل بالأصالة وابن المعتز بالتبعية مفهوما عاما يشمل الكلمات المتجانسة الحروف سواء تجانست معنى أم اختلفت.
والواقع أن الجناس من أكثر فنون البديع التي تصرف فيها العلماء من أرباب هذه الصناعة، فقد ألفوا فيه كتبا شتى، وجعلوه أبوابا متعددة واختلفوا في ذلك، وأدخلوا بعض تلك الأبواب في بعض. ومن هؤلاء ابن المعتز السابق الذكر، وقدامة بن جعفر الكاتب، والقاضي الجرجاني، والحاتمي وغيرهم.
…
ومن العلماء من يسمي هذا الفن من البديع اللفظي تجنيسا، ومن يسميه مجانسا، ومن يسميه جناسا، أسماء مختلفة والمسمى واحد. وسبب هذه التسمية راجع إلى أن حروف ألفاظه يكون تركيبها من جنس واحد.
وحقيقة الجناس عند ابن الأثير أن يكون اللفظ واحدا والمعنى مختلفا، وذلك يعني أنه هو اللفظ المشترك، وما عداه فليس من التجنيس الحقيقي في شيء.
وعلى هذا فالجناس هو: تشابه اللفظين في النطق واختلافهما في المعنى. وهذان اللفظان المتشابهان نطقا المختلفان معنى يسميان «ركني الجناس» . ولا يشترط في الجناس تشابه جميع الحروف، بل يكفي في التشابه ما نعرف به المجانسة.
(1) خلجت نفوسهم: طعنتها بالرمح.