الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقسامه:
واللف والنشر كما يفهم من التعريف السابق قسمان:
الأول: ذكر المتعدد على التفصيل وهو ضربان:
1 -
أحدهما: أن يكون النشر على ترتيب اللف بأن يكون الأول من المتعدد في النشر للأول من المتعدد في اللف، والثاني للثاني، وهكذا إلى الآخر. وهذا الضرب هو الأكثر في اللف والنشر والأشهر.
ومن شواهد هذا الضرب بين اثنين قوله تعالى: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ فالسكون راجع إلى الليل والابتغاء من فضل الله راجع إلى النهار على الترتيب.
ومن شواهده شعرا قول الشاعر:
ألست أنت الذي من ورد نعمته
…
وورد راحته أجني وأغترف؟
ومنها أيضا مع زيادة التورية قول شاعر آخر:
سألته عن قومه فانثنى
…
يعجب من إسراف دمعي السخي
وأبصر المسك وبدر الدجى
…
فقال ذا خالي وهذا أخي
ومن شواهده بين ثلاثة وثلاثة قول ابن حيوس:
ومقرطق يغني النديم بوجهه
…
عن كأسه الملأى وعن إبريقه (1)
فعل المدام ولونها ومذاقها
…
من مقلتيه ووجنتيه وريقه
ومنها قول ابن الرومي:
آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم
…
في الحادثات إذا دجون نجوم
(1) المقرطق: لابس القرطق، أي القباء بفتح القاف وهو نوع من الثياب.
فيها معالم للهدى ومصابح
…
تجلو الدجى والأخريات رجوم (1)
ومثله قول حميدة الأندلسية:
ولما أبي الواشون إلا فراقنا
…
وما لهمو عندي وعندك من ثار
غزوناهمو من ناظريك وأدمعي
…
وأنفاسنا بالسيف والسيل والنار
ومن شواهد ذكر المتعدد على التفصيل والترتيب بين أربعة وأربعة قول الشاب الظريف شمس الدين بن العفيف:
رأى جسدي والدمع والقلب والحشا
…
فأضنى وأفنى واستمال وتيما
ومن شواهده أيضا قول الشاعر:
ثغر وخد ونهد واحمرار يد
…
كالطلع والورد والرمان والبلح
وقد افتن الشعراء في هذا النوع من اللف والنشر المفصل المرتب حتى بلغوا فيه إلى الجمع بين عشرة وعشرة كقول بعضهم:
شعر جبين محيا معطف كفل
…
صدغ فم وجنات ناظر ثغر
ليل صباح هلال بانة ونقا
…
آس أقاح شقيق نرجس درّ
وحسن هذا النوع من البديع يتمثل في أن يكون اللف والنشر في بيت واحد خاليا من الحشو والتعقيد جامعا بين سهولة اللفظ والمعاني المخترعة. ولكن المبالغة والإسراف في كثرة المتعدد منه كما في بعض الأمثلة السابقة تخرج به عن دائرة البديع وتجرده من نعوت الحسن وترده إلى نوع من العبث يدعو إلى العجب منه بدل الإعجاب به.
2 -
والضرب الثاني من اللف والنشر المفصل: هو ما يجيء على غير
(1) الرجوم: مفرده الرجم بسكون الجيم وهو القتل، والاخريات رجوم: أي والاخريات منايا.
ترتيب اللف. ومن هذا الضرب ما يكون معكوس الترتيب، كقول ابن حيوس:
كيف أسلو وأنت حقف وغصن
…
وغزال لحظا وقدا وردفا (1)
فاللحظ للغزال، والقد للغصن، والردف للحقف.
وكقول الفرزدق:
لقد خنت قوما لو لجأت إليهمو
…
طريد دم أو حاملا ثقل مغرم
لألفيت فيهم معطيا ومطاعنا
…
وراءك شزرا بالوشيج المقوّم (2)
ومنه ما يكون مختلطا مشوشا، ولهذا يسمى اللف والنشر المشوش، نحو:«هو ليل وورد ومسك خدا وأنفاسا وشعرا» .
…
والقسم الثاني من اللف والنشر ما يكون ذكر المتعدد فيه على الإجمال، نحو قوله تعالى: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى. فإن الضمير في قالُوا لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، فذكر الفريقان على وجه الإجمال بالضمير العائد إليهما، ثم ذكر ما لكل منهما، أي: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى.
فلف بين القولين إجمالا ثقة بقدرة السامع على أن يرد إلى كل فريق قوله، وأمنا من الالتباس، وذلك لعلمه بالتعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما لصاحبه بدعوى أن داخل الجنة هو لا صاحبه. وهذا
(1) الحقف بكسر الحاء: الرمل العظيم المستدير يشبه به الكفل في العظم والاستدارة.
(2)
الوشيج: شجر الرماح، وقيل: هي عامة الرماح واحدتها وشيجة، وقيل: هو من القنا أصلبه.