الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم من اللف والنشر لا يقتضي ترتيبا أو عدم ترتيب.
…
ومن بديع اللف والنشر وغريبه أن يذكر متعددان أو أكثر ثم يذكر في نشر واحد ما يكون لكل من أفراد كل من المتعددين، كقول القائل:
«الغنى والفقر والعلم والجهل بها تحيا الشعوب وبها تموت» .
«فالغنى والفقر» لف أول، و «العلم والجهل» لفّ ثان، وقوله:«بها تحيا الشعوب وبها تموت» نشر ذكر فيه ما لكل
واحد من اللفين، لأن قوله:«بها تحيا الشعوب» نشر راجع للغنى من اللف الأول وللعلم من اللف الثاني. وقوله: «وبها تموت» نشر راجع للفقر في اللف الأول، وللجهل في اللف الثاني.
ولعنا بعد كل ما تقدم ندرك معنى تسمية هذا النوع من البديع المعنوي «باللف والنشر» . فوجه تسمية المعنى المتعدد الأول على وجه التفصيل أو الإجمال باللف أنه انطوى فيه حكمه، لأنه اشتمل عليه من غير تصريح به، ثم لما صرح به في الثاني كان كأنه نشر لما كان مطويا، فلذلك سمي نشرا.
مراعاة النظير
ويسميه أصحاب البديع التناسب والائتلاف والتوفيق والمؤاخاة أيضا. وهو في الاصطلاح: أن يجمع الناظم أو الناشر أمرا وما يناسبه لا بالتضاد لتخرج المطابقة، سواء كانت المناسبة لفظا لمعنى أو لفظا للفظ أو معنى لمعنى، إذ المقصود جمع شيء إلى ما يناسبه من نوعه أو ما يلائمه من أي وجه من الوجوه.
ومن أمثلة ذلك قول البحتري في وصف الإبل الانضاء التي أنحلها السير:
كالقسيّ المعطفات بل الأس
…
هم مبرية بل الأوتار
فإنه لما شبه الإبل بالقسي وأراد أن يكرر التشبيه كان يمكنه أن يشبهها مثلا بالعراجين أو نون الخط لأن المعنى واحد في الانحناء والرقة، ولكنه قصد المناسبة بين الأسهم والأوتار لما تقدم ذكر القسي.
ومن شواهد مراعاة النظير التي يجمع فيها بين الأمر وما يناسبه لا على وجه التضاد قول الشاعر في وصف فرس:
من جلّنار ناضر خده
…
وأذنه من ورق الآس (1)
فالمناسبة هنا بين الجلنار والآس والنضارة.
ومنها أيضا قول ابن رشيق في مدح الأمير تميم:
أصح وأقوى ما سمعناه في الندى
…
من الخبر المأثور منذ قديم
أحاديث ترويها السيول عن الحيا
…
عن البحر عن كف الأمير تميم
فإن الشاعر قد ناسب هنا بين الصحة والقوة والسماع والخبر المأثور والرواية، ثم بين السيل والحيا والبحر وكف تميم، مع ما في البيت الثاني من صحة الترتيب في العنعنة، إذ جعل الرواية لصاغر عن كابر كما يقع في سند الأحاديث، فإن السيول أصلها المطر والمطر أصله البحر، ولهذا جعل كف الممدوح أصلا للبحر مبالغة.
ومنها كذلك قول الشاعر:
(1) الجلنار: زهر الرمان.