الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمع مع التفريق والتقسيم
وهو الجمع بين شيئين أو أشياء في حكم واحد، ثم التفريق بينها في ذلك الحكم، ثم التقسيم بين الشيئين أو الأشياء المفرقة بأن يضاف إلى كل ما يلائمه ويناسبه.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (1).
أما الجمع ففي قوله: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فإن قوله نَفْسٌ متعدد معنى، أي جمع الأنفس بقوله: لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ، ثم فرق بينهم بأن بعضهم شقي وبعضهم سعيد، ثم قسم بأن أضاف إلى الأشقياء ما لهم من عذاب النار، وإلى السعداء ما لهم من نعيم الجنة.
ومن الجمع مع التفريق والتقسيم شعرا قول ابن شرف القيرواني:
لمختلفي الحاجات جمع ببابه
…
فهذا له فن وهذا له فنّ
فللخامل العليا وللمعدم الغنى
…
وللمذنب العتبى وللخائف الأمن (2)
فمختلفي الحاجات جمع بينهم في حكم واحد هو الاجتماع أمام
(1) يوم يأتي: أي يوم يأتي أمر ربك، والزفير: إخراج النفس بشدة، والشهيق رد النفس بشدة، وعطاء غير مجذوذ: أي عطاء غير مقطوع.
(2)
الفنّ هنا: الحال، والخامل: ساقط النباهة الذي لاحظ له، مأخوذ من خمل المنزل خمولا إذا عفا ودرس، وللمذنب العتبى: أي الرضا عنه والتجاوز عن ذنبه.
بابه، ثم فرّق بينهم في ذلك الحكم من جهة أن كلا منهم له حال خاصة تخالف حال غيره، ثم عاد فقسّم بأن أضاف إلى كل واحد منهم ما يناسب حاله، فللخامل العليا، وللمعدم الغنى، وللمذنب العتبى، وللخائف الأمن.