الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الثاني
فاتحة الجزء الثاني
…
بسم الله الرحمن الرحيم
حمداً لك اللهم مكان كل نعمة لك علينا، وعلى جميع عبادك الماضين والباقين، عدد ما أحاط به علمك من جميع الأشياء، ومكان كل واحدة منها عددها أضعافاً مضاعفة أبداً سرمداً إلى يوم القيامة. حمداً لا منتهى لحده، ولا حساب لعده، ولا مبلغ لغايته، لنتوسل به إلى طاعتك وعفوك، ونتسبب به إلى رضوانك، ونتخذه ذريعة إلى مغفرتك، وطريقاً إلى جنتك، وخفيراً من نقمتك، وأمناً من غضبك، وظهيراً على طاعتك، وحاجزاً عن معصيتك، وعوناً على تأدية حقك.
اللهم وأوصل صلة صلواتك ونوامي بركاتك إلى من أرسلته رحمة للعالمين، ونقمة على الزائغين، حتى ظهر أمرك، وعلت كلمتك، ولو كره المشركون.
اللهم وأوصل مثل ذلك إلى آله الكرام والأصحاب، والجند والأحزاب، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد؛ فلما منَّ الله تعالى بفضله وتوفيقه إلى إكمال النصف الأول من كتاب (غاية الأماني) بادرنا- بعد الاستعانة به سبحانه- إلى الشروع في النصف الثاني، وهو الكلام على الباب الخامس فما بعده إلى آخر الأبواب التي ذكرها الخصم في كتابه، ولم يراقب فيها موقفه يوم الحساب، وقد سلكنا في هذا المقام نحو ما سلكناه أولاً من الإنصاف، ولم نخرج- وله سبحانه الحمد- عن سواء السبيل حسبما عودنا عليه من الإلطاف، ومنه سبحانه الهداية.
قال النبهاني في الباب الخامس من كتابه، وهو الباب الذي عقده في الكلام
على كتابة (إغاثة اللهفان) لابن القيم، و (الصارم المنكي في الرد على السبكي) و (جلاء العينين في المحاكمة بين الأحمدين) وعقد للكلام على كل من هذه الثلاثة فصلاً، وقدم الكلام على (إغاثة اللهفان) ونقل عبارته التي ذكرها في الزيارة المبتدعة، وما يفعله القبوريون من الأعمال الشركية التي ما أنزل الله بها من سلطان، وبعد ختام عبارته نقل عبارة القسطلاني المتعلقة بالإغراء على الزيارة المبتدعة ليستدل بها على غلوه، وبعد أدت نقلها- قال: "هذا ما أردت نقله هنا من كلام هذا الإمام، قال: وذكر رحمه الله أحاديث وفوائد نفيسة تتعلق بزيارته صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به، وفضل المدينة المنورة، فليراجعها من شاءها.
ثم قال: فانظر رحمك الله إلى هذا النور، وهذا الهدى، وهذا الحق الظاهر المشرق الجلي؛ تعلم شدة الظلام المستولي على أولئك المبتدعين، وأنت إذا قابلتَ بين كلام القسطلاني وكلام ابن القيم يظهر لك كمال الفرق بين الباطل والحق" إلخ.
أقول في جوابه: إن حاصل انتقاده هذا على كتاب (إغاثة اللهفان) أن ما فيه من الكلام على الزيارة المبتدعة والمنع منها مخالف لما نقله عن القسطلاني، وكفى بذلك دليلاً على الفساد، وأنت تعلم مما قدمناه أن مدار الاستدلال إنما هو على الكتاب والسنة لا بأقوال الغلاة، وقد استوفينا الكلام على أقسام الزيارة فيما نقلناه سابقاً عن أئمة أهل العلم والدين، وأن النبهاني- لامتلاء قلبه من ظلمات البدع والأهواء- لم يزل يكرر ما يهواه، كما هو شأن من أحب شيئاً فإنه يلهج بذكره، وعليه قول القائل:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما
…
تمثل لي ليلى بكل طريق
ولما استولت على قلبه محبة الإشراك بالله تعالى والغلو بالصالحين تراه يسرح في أودية الضلال، وكلما رأى ما يوافق هواه بادر إلى نقله، أو رأى ما يوافق الحق ويقتضيه الدين المبين بادر إلى شتم قائله وتضليله بل وتكفيره، وعلى ذلك بنى بنياته، وأقام برهانه، وألف كتابه، وفصل خطابه، وكلما وجهت إليه لوماً