المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ذكر ما وقع للشيخ ابن تيمية بعد عوده لدمشق المحروسة) - غاية الأماني في الرد على النبهاني - جـ ٢

[محمود شكري الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌فاتحة الجزء الثاني

- ‌[الكلام على كتاب "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" لابن القيم]

- ‌ترجمة هذا الفاضل

- ‌ترجمة هذا الفاضل

- ‌ترجمة هذا الأديب الأريب

- ‌ذكر من ألّف في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌[ثناء القاضي نور الدين محمود بن أحمد العيني على شيخ الإسلام]

- ‌[ثناء الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي على شيخ الإسلام]

- ‌(فصل في ثناء الأئمة على ابن تيمية)

- ‌(فصل في تصانيف ابن تيمية وسعة حفظه وقوة ملكته رحمة الله عليه)

- ‌(فصل في بعض مآثره الحميدة على سبيل التلخيص وإلا فبسطها يستدعي طولاً)

- ‌(فصل في تمسك ابن تيمية بالكتاب والسنة)

- ‌(فصل في محنة ابن تيمية رحمه الله تعالى وتمسكه بطريق السلف)

- ‌(ذكر خروجه لمصر)

- ‌(ذكر ما وقع للشيخ ابن تيمية بعد عوده لدمشق المحروسة)

- ‌(ذكر حبس الشيخ بقلعة دمشق إلى أن مات فيها)

- ‌(وهذا صورة السؤال وجواب الشيخ عنه)

- ‌(ذكر انتصار علماء بغداد للشيخ)

- ‌(جواب آخر لعلماء الشافعية)

- ‌(جواب آخر لبعض علماء الشام المالكية)

- ‌(كتاب آخر لعلماء بغداد)

- ‌(فصل في ذكر وفاة الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى)

- ‌(فصل فيما رثي به الشيخ من القصائد بعد موته وذلك كثير لا ينحصر)

- ‌(خاتمة نصيحة وموعظة)

- ‌(سؤال آخر وجواب الشيخ أيضاً عنه متعلق بهذا الباب)

- ‌(ما يعارض به ما أورده النبهاني مما فيه استغاثة والتجاء بغير الله تعالى)

- ‌(ذكر بعض آيات تدل على المقصود وما فسرت به)

- ‌(الكلام على سوء خاتمته)

الفصل: ‌(ذكر ما وقع للشيخ ابن تيمية بعد عوده لدمشق المحروسة)

يوم من ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وسبعمائة ومعه أخواه وجماعة من أصحابه، وخرج خلق كثير لتلقيه وسروا سروراً عظيماً بمقدمه وسلامته، وكان مجموع غيبته عن دمشق سبع سنين وسبع جمع.

ص: 242

(ذكر ما وقع للشيخ ابن تيمية بعد عوده لدمشق المحروسة)

قال الحافظ ابن عبد الهادي بن قادمة: ثم إن الشيخ رحمه الله بعد وصوله من مصر إلى دمشق واستقراره بها لم يزل ملازماً للاشتغال ونشر العلم وتصنيف الكتب وإفتاء الناس بالكلام والكتابة المطولة ونفع الخلق والإحسان إليهم والاجتهاد في الأحكام الشرعية، ففي بعض الأحكام يفتي بما أدى إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها قد يفتي بخلافهم أو بخلاف المشهور بما قام الدليل عليه عنده.

ومن اختياراته التي خالفهم فيها أو خالف المشهور من أقوالهم؟ القول بقصر الصلاة في كل ما يسمى سفراً طويلاً كان أو قصيراً كما هو مذهب الظاهرية، وقول بعض الصحابة.

والقول بأن البكر لا تستبرأ وإن كانت كبيرة كما هو قول ابن عمر واختاره البخاري صاحب الصحيح.

والقول بأن سجود التلاوة لا يشترط له وضوء كما هو مذهب ابن عمر واختاره البخاري أيضاً.

والقول بأن من أكل في شهر رمضان معتقدا الليل فبان نهاراً لا قضاء عليه كما هو في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإليه ذهب بعض التابعين وبعض الفقهاء بعدهم.

والقول بأن من أفطر في رمضان عمداً أو ترك الصلاة بلا عذر لا قضاء عليه، وقال به بعض الظاهرية، وحكي عن ابن بنت الشافعي، وفي البخاري عن أبي هريرة "من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صيام الدهر وإن

ص: 242

صامه " 1. وبه قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وقال سعيد بن المسيب والشعبي وابن جبير وإبراهيم وقتادة وحماد. يقضي يوماً مكانه.

والقول بأن المتمتع يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة كما في حق القارن والمفرد، وهو قول ابن عباس رضي الله تعالى عنه ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل رواها عنه ابنه عبد الله، وكثير من أصحاب الإمام أحمد رضي الله عنه لا يعرفونها.

والقول بجواز المسابقة بلا محلل وإن خرج المتسابقان.

والقول باستبراء المختلعة بحيضة وكذلك الموطوءة بشبهة والمطلقة آخر ثلاث تطليقات.

والقول بإباحة وطء الوثنيات بملك اليمين.

والقول بجواز عقد الرداء في الإحرام ولا فدية في ذلك، وجواز طواف الحائض ولا شيء عليها إذا لم يمكنها أن تطوف طاهراً.

والقول بجواز بيع الأصل بفرعه، كالزيتون بالزيت، والسمسم بالشيرج.

والقول بجواز بيع ما يتخذ من الفضة للتحلي وغيره بالفضة متفاضلاً وجعل الزائد من الثمن في مقابلة الصنعة.

والقول بأن المائع لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إلا أن يتغير قليلاً كان أو كثيراً.

والقول بجواز التيمم في مواضع معروفة والجمع بين الصلاتين في أماكن مشهورة وغير ذلك من الأحكام المعروفة من أقواله.

1 علقه البخاري في "صحيحه"(4/ 194- فتح) بقوله: "ويُذكر عن أبي هريرة رفعه.. ". ووصله: أحمد (2/ 376، 458، 470) وأبو داود (2396) والترمذي (723) وابن ماجه (1672) وغيرهم. وضعفه الألباني في "تمام المنة"(ص 396) .

ص: 243

وكان يميل آخراً لتوريث المسلم من الكافر الذمي وله في ذلك مصنف وبحث طويل.

ومن أقواله المشهورة التي جرى بسبب الافتاء بها محن وقلاقل قوله بالتكفير في الحلف بالطلاق، وأن الطلاق الثلاث لا يقع إلا واحدة، وله في ذلك مصنفات ومؤلفات كثيرة، منها قاعدة كبيرة سماها "تحقيق الفرقان بين التطليق والأيمان "، نحو أربعين كراسة، وقاعدة سماها "الفرق المبين بين الطلاق واليمين " بقدر النصف من ذلك، وقاعدة في أن جميع أيمان المسلمين مكفرة مجلد لطيف، وقاعدة في تقرير أن الحلف بالطلاق من الأيمان حقيقة، وقواعد وأجوبة غير ذلك لا تنضبط ولا تنحصر، وله جواب اعتراض ورد عليه من الديار المصرية، وهو جواب طويل في ثلاث مجلدات بقطع نصف البلدي.

ثم اجتماع بالشيخ يوم الخميس نصف ربيع الآخر سنة ثماني عشرة وسبعمائة القاضي شمس الدين بن مسلم الحنبلي وأشار عليه بترك الإفتاء في مسألة الحلف بالطلاق فقبل إشارته وعرف نصيحته وأجاب إلى ذلك.

فلما كان يوم السبت أول جمادى الأولى من هذه السنة ورد البريد إلى دمشق ومعه كتاب السلطان بالمنع من الفتوى في مسألة الحلف بالطلاق التي رآها الشيخ تقي الدين، والأمر بعقد مجلس في ذلك، فعقد يوم الاثنين ثالث الشهر المذكور بدار السعادة، وانفصل الأمر على ما أمر به السلطان، ونودي بذلك في البلد بعد الثلاثاء رابع الشهر المذكور، ثم إن الشيخ عاد إلى الإفتاء بذلك وقال: لا يسعني كتمان الحلم.

فلما كان يوم الثلاثاء تاسع عشر رمضان من سنة تسع عشرة جمع القضاة والفقهاء عند نائب السلطنة بدار السعادة وقرىء عليهم كتاب السلطان، وفيه فصل يتعلق بالشيخ بسبب الفتوى في هذه المسألة، وأحضر وعوتب على فتياه بعد المنع، وأكد عليه في المنع من ذلك.

فلما كان بعد ذلك بمدة ثاني عشري رجب سنة عشرين عقد مجلس بدار

ص: 244