الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنه لا يضاف إلا إلى الله تعالى، وإن جاز رواية القدسي بالمعنى، واللذان إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم نوعان: الكتب الثلاثة، والصحف، قيل: لأن الصحف لم تنزل بنظم يدرس ويتلى، وإنما أوحى إليهم معانيه، وقيل: لأنها حكم ومواعظ لا أحكام وشرائع بخلاف التوراة والإنجيل، والزبور، فإنها على الأول تدرس وتتلى، وعلى الثاني أحكام وشرائع، ولكن يعكر على الأول ما قيل: إن التلاوة والدرس خاصان بالقرآن، ويجاب بأن الخاص بالقرآن التلاوة والدرس ليترتب عليهما الثواب، وفرق آخر وهو أن الكلام النفسي الأزلي إن عبر عنه بالعربية فقرآن، وبالسريانية فإنجيل، وبالعبرانية فتوراة، والله تعالى أعلم.
مطلب في القول بقدم القرآن
(سئل) عن القول بقدم القرآن وحدوثه، فإنا نرى كلاما لأهل الأصول وأهل الكلام، وإذا تأملناه وجدناه مشكلا، فإذا نظرنا لقراءتنا وتلاوتنا ومصاحفنا وكتابتنا وجدنا ذلك حادثا، وإذا نظرنا لنزول القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم وجدناه أيضا حادثا وإذا نظرنا للمعنى القائم بالذات فذاك، وإن لم نره ولا نحسه وجدناه قديما؛ لأنه من صفات الذات خلافا للمعتزلة، فما معنى إفراد مسألة القرآن بالذكر بين السلف في قائل بالقدم، وقائل بالحدوث؟ وإذا نظرنا لمدلولات القرآن وجدنا منها القديم والحادث، فكل ما دل على ذاته تعالى وصفاته فهو قديم، وما دل على ذات الخلق وصفاتهم فحادث، فالسماوات والأرض وفرعون وهامان والجبال حادثات، وإن كانت مدلولات ألفاظ القرآن، فأوضحوا لنا جوابا شافيا كافيا؟
(أجاب) اعلم وفقني الله وإياك وجعلني وإياك ممن نظر إلى الحق بنور اليقين لا ممن اتبع الباطل والتزيين - أن القرآن له أربع وجودات: وجود في الخارج ووجود في الذهن ووجود في العبارة ووجود في الكتابة، فهي تدل على العبارة وهي على ما في الذهن وهو على ما في الخارج، فإذا أطلقنا القرآن على الكتابة وقلنا: إنها كلام الله كما قالت عائشة رضي الله عنها: ما بين الدفتين كلام الله، فهو من حيث دلالة الكتابة على الألفاظ الدالة على المعاني الدالة على المعنى الخارجي القائم بذاته تعالى، وإذا أطلقناه على الألفاظ وقلنا: ما أحسن هذا القرآن بمعنى هذه الألفاظ الدالة على المعاني الدالة على المعنى الخارجي، وإذا أطلقناه على المعاني وقلنا: إنها كلام الله فمن حيث دلالتها على المعنى الخارجي فإطلاق القرآن على الكتابة وعلى الألفاظ وعلى المعاني وعلى المعنى الخارجي إطلاق حقيقي لا مجازي كما صرح به في جمع الجوامع، وقال السعد: اعلم أن القرآن يطلق على المعنى القائم بذاته تعالى بمعنى أنه صفة من صفات ذاته تعالى، وهو إطلاق حقيقي، ويطلق على الألفاظ بمعنى أنها من تأليفه تعالى لا من تأليف الخلق، وهو أيضا حقيقي، والأول محل نظر أهل الكلام،