الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما سواه فرع عليه، والمضاف إليه مجرور وما سواه فرع عليه، انح لهم هذا النحو يا أبا الأسود، فلهذا سمي هذا العلم نحوا، والله تعالى أعلم.
مطلب وضع من وما للعاقل وغيره
(سئل) في أصل وضع (من وما) في الاستعمال في العاقل وغيره؟.
(أجاب) الذي نص عليه النحاة أن أصل وضع (من) للعاقل مثل {من يعمل سوءا يجز به} {ومن يقل منهم إني إله من دونه} {ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} إلى غير ذلك، ووضع (ما) لغير العاقل، مثل {لله ما في السماوات وما في الأرض} وقوله تعالى:{إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} فإن وردت (من) لغير العاقل مثل: {ومنهم من يمشي على أربع} وقول الشاعر:
أسرب القطا هل من يعير جناحه
و (ما) للعاقل مثل: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} وجب تأويلهما، والله أعلم.
مطلب كل نوع خاصة لجنبه ولا ينعكس
(سئل) ما معنى قول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في شرح ايساغوجى: وكل خاصة نوع خاصة لجنسه ولا ينعكس؟.
(أجاب) نقول: لا يخفى أن النوع مندرج تحت الجنس؛ لأن الجنس جزؤه، أي نوع والنوع فرع الجنس، فكل خاصة للنوع كالضحك للإنسان خاصة لجنسه وهو الحيوان، بمعنى أنها ثابتة له في الجملة لا تخرج عنه إلى غيره، وليس كل خاصة لجنس خاصة لكل أنواعه، مثلا الضحك خاصة الإنسان، وهو أيضا خاصة للحيوان الذي هو جنس، ولا يصح أن تكون هذه الخاصة في الجملة للجنس ثابتة لكل أنواعه، كالفرس والشاة؛ لأن الأنواع إنما تتميز بخواصها، فخاصة نوع لا تثبت لغيره من سائر الأنواع، والله أعلم.
مطلب ما وقع في عبارة الحنفية وشرط كون الذابح مسلما أو كتابيا الخ وما يرد عليه
(سئل) عما وقع في عبارة بعض فقهاء الحنفية من قوله في كتاب الذبائح: وشرط كون الذابح مسلما أو كتابيا ولو حربيا أو امرأة أو مجنونا أو صبيا يعقل ويضبط، أو أقلف أو أخرس، لا من لا كتاب له كالوثني والمجوسي، وكتب عليه القهستاني قوله:(لا من) حال من (مسلما) فإنه اسم غير محصل لا كجزئه، فإن (لا) مخصوصة به، كما ذكره الرضي، فليس من التسامح في شيء كما ظن، به وكتب عليه أبو المكارم:(لا) في هذا المحل إما عطف على (مسلما) وفيه تسامح كما لا يخفى أو ابتداء جملة بتقدير الفعل أن يكون الذابح لا من لا كتاب له، بينوا لنا الجواب عن العبارتين وما وجه التسامح؟.
(أجاب) اعلم أن التركيب وأشباهه، أعني قوله: لا من لا كتاب له، يقع كثيرا للمصنفين، كقولهم: هذا ماء طاهر لا طهور، وهذا بالغ لا رشيد، وهو مشكل من جهة أنه يجب فيه وفي مثله تكرارها؛ لأنها داخلة على الخبر، فقد صرح في المغني بأن (لا) هذه يجب تكرارها إذا وليها مفرد خبر أو صفة أو حال، وكذلك يجب تكرارها إذا وليها فعل ماض لفظا وتقديرا، أو جملة صدرت باسم معرفة أو وليها نكرة لا تصلح للعمل فيها، فهذه ست صور يجب تكرار (لا) فيها، مثال الخبر: زيد
لا شاعر ولا كاتب، وكما هنا لأن من لا كتاب له خبر عن الكون وإن كان منفيا، ومثال الحال: جاء زيد لا ضاحكا ولا باكيا، ومثال الصفة:{أنها بقرة لا فارض ولا بكر} {وظل من يحموم لا بارد ولا كريم} {وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة} {من شجرة مباركة لا شرقية ولا غربية} ومثال الاسم المعرفة: {لا لشمس ينبغي لها أن تدرك الليل ولا الليل سابق النهار} ومثال النكرة التي لم تعمل (لا) فيها نحو {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} ومثال الفعل الماضي {فلا صدق ولا صلى} وفي الحديث:» فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى {وقول الهزلي: كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل. هذه وما أشبهها يجب التكرار فيها، ومثل هذه العبارة - أعني (لا) من (لا كتاب له) - تقع كثيرا للعلماء، ثم يرد عليهم الاعتراض بأنه يجب تكرارها ولم تكرر، فهذا هو المشار إليه بالتسامح، فمن الناس من يتأولها ويمشي على طريق المناطقة ويجعل حرف السلب جزءا من الاسم بعده ويصير الحكم فيها بالعدم، وحمله على ذلك فرارا من عدم تكرارها، وفيه نظر من وجهين؛ أحدهما أن الأمور اللغوية التي يمكن أن تحمل على محمل لغوي صحيح لا تخرج عن قواعد المناطقة. الثاني: قوله: حال من (مسلما) إن أراد أن لفظ من حال من (مسلما) ففيه نظر من وجهين؛ أحدهما أن (من) اسم جامد ولا يقبل تأويلا، والحال إما مشتقة أو مؤولة بالمشتق. الثاني: أنه يصير المعنى أن المسلم له حالان، حال كونه يصح ذبحه وحال كونه لا يصح، وهذا باطل. وإن أراد أن الجملة حال من مسلم، ورد عليه أن يصير المعنى أن المسلم له حالان: حال له كتاب وحال لا كتاب له، وهو فاسد وباطل؛ لأن المسلم له كتاب إجماعا، فالصواب أن الجملة حال من الذابح، والمعنى أن الذابح حال كونه لا كتاب له لا تصح ذبيحته، لا يقال أن الذابح وقع مضافا إليه، ولا تجيء الحال من المضاف إليه، قلنا: بل تجيء في ثلاث صور؛ إحداهم أن يكون المضاف يصح عمله في المضاف إليه، نحو {إليه مرجعكم جميعا} فـ (مرجع) مصدر عامل في الكاف، كما أن الكون هنا عامل لأنه مصدر. والثانية أن يكون المضاف مثل جزء ماله أضيف، نحو {أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} لأن الملة ليست جزءا لكنها كجزء إبراهيم للزومها له ولزومه لها. الثالثة: أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه، نحو قوله تعالى {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا} فلو حذف (لحم) وقيل: أيحب أحدكم أن يأكل أخاه ميتا؛ لصح الكلام، وهذا هو الفرق بين الجزء وما هو مثل الجزء، فدفع القهستاني التسامح من عدم تكرار (لا) بجعله (لا) جزءا من جزء القضية، وأنها ليست (لا) التي يجب تكرارها، لكنه وقع في المحذورين المذكورين، وقول أبي المكارم في دفعه: إما عطف الخ، لا يصح أما العطف فإن (لا) هنا ليست عاطفة كما يعلم ذلك
الواقف على كلام النحاة، ولا سيما مغني اللبيب، فإنه جعل (لا) هذه مغايرة للعاطفة والنافية للجنس والوحدة والجوابية، وشرط النحاة للعاطفة شروطا، منها: أن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر، فلا يجوز: جاءني زيد لا رجل، وعكسه؛ أي: جاءني رجل لا زيد، وكأنه أشار بالتسامح إلى ذلك، وقوله: أو ابتدأ جملته بتقدير الفعل أن يكون الذابح من لا كتاب له، ظن بذلك دفع التسامح، ولا يندفع به لأنه وإن كان مضارعا وهو لا يجب فيه التكرار، كقوله تعالى {لا يحب الله الجهر} مع أنه لا يندفع؛ لأن ما قدره مفرد لأن (يكون) في تأويل المفرد لدخول (أن) الصدرية، وما فر منه وقع فيه لأنه يؤول إلى ما يجب فيه التكرار ويلزمه حذف (يكون) مع اسمها وهو قليل، وإذا علمت ذلك وما فيه من التسامح والنظر علمت أن الصواب ما ذهب إليه بعضهم من أن (لا) هنا بمعنى (غير) صفة لما قبلها، ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها بصورة الحرف، وقول السعد:(لا) هذه يحتمل أنها حرف الخ، لا يرد عليهم لأنه احتمال بعيد جدا ولا ينافي ذلك ما نقل عن المغني لأن محله ودلت عليه مثلهم فيما إذا أريد الإخبار أو الوصف أو الحال لنفي متقابلين، فيجب تكرار (لا) حينئذ لأن عدمه يوجب أن القصد نفي المجموع، كما صرح به السعد في نحو:(لا ذلول) أنها اسم بمعنى (غير) لكونها بصورة الحرف، ظهر إعرابها فيما بعدها، ويحتمل أن تكون حرفا كما تجعل إلا بمعنى غير، كما في قوله تعالى {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} مع أنه لا قائل باسميتها؛ أي الاسم، قال في قول الكشاف: لا الثانية من يده لتأكيد الأولى الثانية حرف لتأكيد النفي والتأكيد لا ينافي الزيادة، على أنه يفيد التصريح بعموم النفي وبدونها يحتمل اللفظ على نفي الاجتماع، ولهذا تسمى (لا) المذكورة للنفي. انتهى. ولم ينظر السعد إلى اعتراض أبي حيان على الزمخشري بقوله ما ملخصه: زعمه التأكيد مع الزيادة ليس بشيء لأن (لا ذلول) صفة منفية بلا، فيجب تكرار (لا) فيه لما دخلت عليه، وتقديره يؤول إلى أن التقدير: لا ذلول مثيرة ولا ساقية، وهو ممتنع كجاءني رجل لا كريم؛ لأن الحق ما ألزم به الزمخشري لا يلزمه؛ إذ الزيادة لأجل تأكيد النفي لئلا يوهم ما مر لا ينافي وجوب التكرير، ولا يوجب أن تقدير الآية ما ذكره، ولا أنه مثل جاءني رجل لا كريم، فتأمله ليظهر لك أن الزيادة والتأكيد هنا غيرهما في نحو {ما منعك أن لا تسجد} بدليل حذفها في} ما منعك أن تسجد {ومن ثم قال ابن جني:(لا) هنا مؤكدة قائمة مقام إعادة الجملة، وفى المغني في نحو: ما جاءني لا زيد ولا عمرو، يسمونها زائدة وليست بزائدة البتة إذ مع حذفها يحتمل نفي مجيء كل منهما على كل حال ونفي اجتماعها في وقت فإذا جيء بها صار نصا في المعنى الأول بخلاف} وما يستوي