الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقطع المعلوم وخرابها وخراب أوقافها، فتأمل أيها الواقف في الديار المقدسة كيف ترى النصارى أحكمت معابدها وكنائسها وديوراتها، وهم على باطل ليس لهم إمام إلا الشيطان، وليس لهم في بلاد الإسلام حاكم ولا قاض ولا وال ولا وزير ولا سلطان، ونحن أهل الإيمان والإسلام ومنا الوزراء العظام والحكام الكرام والموالي الأعلام، وترى مساجدنا كما ترى، ومدارسنا كما هي مشاهدة، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار وتذكرة لأولي الاعتبار وآيات للسائلين وحجة للمؤمنين وإنذارا للغافلين وتنبيها للفاعلين وزجرا للجاحدين يا أولي الأبصار قبل حلول ما يحصل بالديار، والله هو اللطيف الستار، والله تعالى أعلم.
مطلب في رجل وقف وقفا على الذكور من أولاده الخ
(سئل) في رجل وقف وقفا على الذكور من أولاده وشرط للإناث السكنى إذا كن خاليات عن الأزواج، فواحدة من بنات الواقف خالية من الزوج ولها أخت مزوجة وزوجة أبيها الذي هو الواقف، فهل لبنت الواقف الخالية من الزوج أن تعير أختها وزوجة أبيها ما تستحقه من السكنى في الدار الموقوفة؟.
(أجاب) نعم، لبنت الواقف الخالية من الزوج أن تعير ما تستحقه من السكن لأختها المزوجة ولزوجة أبيها؛ لملكها المنفعة، ولا سيما لمثل ما ذكر من الأخت المذكورة وزوجة الواقف؛ لأنا نعلم أن الواقف لو اطلع على ذلك لأجازه ورضي به. قال في العباب: وكونه (أي المعير) مالك منفعة المعار وإن لم يملك عينه، كالمستأجر والموصى له بالمنفعة أبدا أو مدة مقدرة. انتهى. أي ومثل ذلك الموقوف عليه، وعبارة المنهاج وشرحه لابن حجر: فيعير مستأجر إجارة صحيحة كما يعلم مما يأتي، وموصى له بالمنفعة مدة حياته، على تناقض فيه، وموقوفا عليه، على ما مر إن لم يشرط الواقف استيفاءه بنفسه بلا إذن الناظر، إن كان غيره. انتهى، والله تعالى أعلم.
مطلب عن رجل تلقى كرما عن آبائه، وآباؤه الخ
(سئل) عن رجل تلقى كرما عن آبائه، وآباؤه عن أجداده، وتصرف فيه وباعه من آخر والآخر من آخر أيضا، وتكررت الباعة له ووضع اليد عليه من المذكورين مدة تنوف على مائة سنة من غير منازع ولا معارض، والآن برز رجل يدعي أن بيده كتابا فيه عقارات موقوفة وأن الكرم من جملة العقارات الموقوفة، والحال أنه لم يعهد أن الواقف ولا ذريته تصرفوا في الكرم المذكور، ولا سبق لهم ذكر تصرف، والمدعي ومن قبله من آبائه وأجداده مشاهدون لتصرف واضعي اليد المدة المذكورة وهم يتصرفون فيه بطريق الملك والحيازة، ويدفعون ما على أرضه من الخراج لجهة المتكلم على وقفها والمدعي يدعي وقف الكرم، ويكلف واضع اليد إلى سبب وضع يده والبرهان على ذلك، فهل يجاب لذلك وهل يكلف الناس إلى إثبات ما بأيديهم؟ وهل قال به أحد من العلماء؟ وهل مدعي الوقف يكلف إلى بينة عادلة
تشهدان الكرم بعينه وقف فلان وقفه وهو يملكه، وهل إذا أبرز مدعي الوقف شرط واقف وادعى أنه شرط صحيح، وهذا الكرم ذكر فيه يثبت بمجرد ذكره، وكل ذلك بحكم حكام وتمسكات شرعية وتداول اليد وتصرف تام، وهل يجوز فتح باب بين المسلمين فيه خصومات ومنازعات تؤول إلى الضرر والإفساد والتزوير، أم كيف الحال؟.
(أجاب) اعلم يا من يريد جمع كلمة الإسلام ودفع القيل والقال بين الأنام أن وضع اليد من أقوى الحجج الشرعية، وعليه يعول علماء البرية، ولو طلب من الناس إثبات ما بأيديهم من الملك إلى البيان لأدى ذلك إلى عجز كثير من الناس، بل أكثرهم عن إثبات ملك ما بيده، فلو رأينا مع رجل كيس ذهب أو جواهر أخرجها من البحر، فأي شاهد نزل عليه بعد محمد صلى الله عليه وسلم وحي من السماء، أو كان مع من هي بيده في قعر بحر الظلمات حتى يشاهده تملكها، فكل من يده على شيء موضوعة دالة له على الملك حاكمة به له، فلا يطلب من المدعى عليه بينة، فطلبها منه مخالف لقول الصادق المصدوق، والتصرف أيضا ودفع الحكر على الأرض من أقوى الأدلة، عدم معارضة المدعى ومن قبله من المستحقين دليل حق اليقين على عدم صحة دعواه، والبيع المتعدد المذكور وحكم الموالي به المشهور هو الدليل على قولنا المنصور، وتعاقب الأيام والشهور والأزمان والدهور مع عدم المعارضة من أقوى الظهور لمن أذعن بالحق المشكور، وبه علم أن تكليف الناس إلى إثبات ما بأيديهم لم يقل به أحد من علماء الأمة أيدهم الغفور، ولا ريب في الدين القويم أن مدعي الوقف يحتاج إلى البينة العارفة العادلة المؤمنة بقول الله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ولو كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} ولا بد من بيان حدود الكرم الأربعة في الدعوى وشهادة الشاهد على الحدود والوقف، واستمرار ذلك وقفا من زمن الواقف إلى هذا الزمن؛ لاحتمال إبطال الوقف بوجه من الوجوه أو شرط من الشروط، كأن شرط الواقف في وقفه أنه يباع أو أن له الإدخال والإخراج عند من يقول به، ثم حكم بذلك حاكم رفع به الخلاف؛ لأن يد واضع اليد مع التصرف المذكور من أقوى الأدلة، فلا يزيله إلا ما هو أقوى منها، فحرروا الدعوى والشهود والمرجع إلى الرب المعبود.
(وأجاب) شيخ الإسلام السيد محمد علي كنار، الفتوى من ممد الكون أستمد التوفيق والعون، ما أجاب به مولانا عين المذهب، فإليه نذهب ولا نعلم خلافا بين أئمتنا الحنفية في ذلك؛ لأن من أقوى الأدلة والحجج وضع اليد، وأطبقت علماؤنا جميعا أنه لا يكلف واضع اليد