الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآن صار نصرانيا حقا، فأخبر الله تعالى أن دينه الإسلام، لا ما تفعله النصارى، والله اعلم.
مطلب: ما معنى قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم} إلخ
؟
(سئل) ما معنى قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم} ؟
(أجاب) يعني: اذكروني بالصلاة والتسبيح والتحميد والتعظيم والتمجيد ونحو ذلك من الأذكار؛ أذكركم بالثواب والرضى عنكم. وقيل: معناه أجازيكم؛ لما ورد في الحديث القدسي: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه» . وقال ابن عباس: معناه اذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي. وقيل: اذكروني في النعم والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء. وقال أهل المعاني: اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالجنان والرضوان. وقيل: اذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص، اذكروني بالقلوب أذكركم بغفران الذنوب، اذكروني بالدعاء أذكركم بالعطاء، والله تعالى أعلم.
مطلب: ما معنى قوله تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة} إلخ
؟
(سئل) ما معنى قوله: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} ؟
(أجاب) المصيبة: النوائب والابتلاء. روى عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها، آجره الله تعالى في مصيبته، وأخلف له خيرا منها» . قيل: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت هذه الأمة، يعني الاسترجاع عند المصيبة، ولو أعطيها أحد لأعطي يعقوب عليه السلام، ألا تسمع إلى قوله عند فقد يوسف:{يا أسفى على يوسف} . وقيل: في قول العبد: إنا لله وإنا إليه راجعون، تفويض منه إلى الله تعالى، وأنه راض بما نزل به من المصائب. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ما من مؤمن يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه سيئاته كما تحط الشجرة ورقها» ، و «إذا أراد الله بالعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بالعبد الشر أمسك عنه حتى يوافى يوم القيامة» . وقال: «إن أعظم الجزاء مع عظم البلاء، والله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط» وما يزال البلاء في المؤمن والمؤمنة في نفسه وولده حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة «. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاء؟ قال «الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة هون عليه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة» .
وقوله تعالى: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} أي: من هذه صفتهم عليهم صلوات أي: مغفرة من ربهم ورحمة أي: نعمة وفضل وإحسان، {وأولئك هم المهتدون} أي: إلى الحق والصواب، وقيل: إلى الاسترجاع، وقيل: إلى الجنة، والله تعالى أعلم.
مطلب: ما معنى قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض} الآية
؟
(سئل) ما معنى قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع
الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون}؟
(أجاب) المعنى: إن في خلق السماوات والأرض وما فيها من العجائب كسمك لسماء وارتفاعها بغير عمد ولا علاقة، وما يرى فيها من الشمس والقمر والنجوم ومد الأرض وبسطها على الماء، وما يرى فيها من الجبال والبحار والمعادن والجواهر والأنهار والأشجار والثمار، واختلاف الليل والنهار بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان والنور والظلمة وقدم الليل؛ لأن الظلمة أقدم، وقيل: ذكر الليل والنهار بسبب أن انتظام أحوال العباد وسبب طلب الكسب والمعيشة يكون بالنهار، وطلب النوم والراحة يكون في الليل، واختلافهما إنما هو لتحصيل مصالح العباد. وقوله تعالى:{والفلك} أي: السفن {التي تجري في البحر} وجريانها بالريح مقبلة ومدبرة، وتسخير البحر لحمل السفن مع قوة سلطان الماء وهيجان البحر، فلا ينجي منه إلا الله تعالى. وقوله تعالى:{بما ينفع الناس} أي: من ركوبها والحمل عليها في التجارة وحمل الأرباح، وإن الله تعالى لو لم يقو قلب من يركب هذه السفن لما تم الغرض في تجارتهم ومنافعهم، وأيضا فإن الله تعالى خص كل قطر من أقطار العالم بشيء معين، وأحوج الكل إلى الكل، فصار ذلك سببا يدعوهم إلى اقتحام الأخطار في الأسفار من ركوب السفن وخوف البحر ونحو ذلك. وقوله تعالى:{وما أنزل الله من السماء من ماء} أي: المطر، {فأحيا به} أي: بالمطر {الأرض} أي: بالنبات {بعد موتها} أي: يبسها وجدبها، وسماه موتا مجازا؛ لأن الأرض التي لم يصبها المطر ولا الماء ميتة، ولأن الله تعالى جعله سببا لإحياء الجميع من حيوان ونبات، ونزوله عند الحاجة إليه بمقدار المنفعة، وإنزاله بمكان دون مكان. وقوله:{وبث فيها من كل دابة} أي: فرق في الأرض كل دابة. قال ابن عباس: الدابة كل ما دب على وجه الأرض من جميع الخلق؛ لأنهم ينمون بالخصب. وقوله: {وتصريف الرياح} أي: مهابها جنوبا وشمالا ودبورا حارة باردة لينة وعاصفة، وسميت رياحا؛ لأنها تريح. قال ابن عباس: أعظم جنود الله تعالى الريح. وقيل: ما هبت ريح إلا لشفاء سقيم أو ضده. وقيل: البشارة في ثلاث رياح: الصبا والشمال والجنوب، وأما الدبور هي الريح العقيم التي أهلكت بها عاد، والآية في الريح
أنها جسم لطيف لا يمسك ولا يرى، وهو مع ذلك في غاية القوة، تقلع الشجر والصخر، وتخرب البنيان العظيم، وهي مع ذلك حياة الوجود، فلو أمسكت طرفة عين لمات كل ذي روح ولنتن ما على وجه الأرض. وقوله تعالى:{والسحاب} أي: الغيم {المسخر} أي: المذلل سمي سحابا لسرعة سيره {بين السماء والأرض} بلا علاقة، ففي هذه الأنواع الثانية التي هي خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك ونفع