الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِيَ السُّورَةُ الثَّالِثَةُ وَالسِّتُّونَ فِي عَدِّ نُزُولِ السُّوَرِ فِي قَوْلِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الزُّخْرُفِ وَقَبْلَ سُورَةِ الْجَاثِيَةِ فِي مَكَانِهَا هَذَا. وَعُدَّتْ آيُهَا سِتًّا وَخَمْسِينَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالشَّامِ، وَعُدَّتْ عِنْدَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ سَبْعًا وَخَمْسِينَ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ تِسْعًا وَخَمْسِينَ.
أَغْرَاضُهَا
أَشْبَهَ افْتِتَاحُ هَذِهِ السُّورَةِ فَاتِحَةَ سُورَةِ الزُّخْرُفِ مِنَ التَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الْقُرْآنِ وَشَرَفِهِ وَشَرَفِ وَقْتِ ابْتِدَاءِ نُزُولِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مُؤْذِنًا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَدَالًّا عَلَى رِسَالَة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، وَلِيَتَخَلَّصَ مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْمُعْرِضِينَ عَنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ أَلْهَاهُمُ الِاسْتِهْزَاءُ وَاللَّمْزُ عَنِ التَّدَبُّرِ فَحَقَّ عَلَيْهِمْ دُعَاءُ الرَّسُولِ بِعَذَابِ الْجُوعِ، إِيقَاظًا لِبَصَائِرِهِمْ بِالْأَدِلَّةِ الْحِسِّيَّةِ حِينَ لَمْ تَنْجَعْ فِيهِمُ الدَّلَائِلُ الْعَقْلِيَّةُ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ إِجَابَةَ اللَّهِ دُعَاء رَسُوله صلى الله عليه وسلم دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لِيُبَلِّغَ عَنْهُ مُرَادَهُ. فَأَنْذَرَهُمْ بِعَذَابٍ يَحُلُّ بِهِمْ عِلَاوَةً عَلَى مَا دَعَا بِهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم تَأْيِيدًا مِنَ اللَّهِ لَهُ بِمَا هُوَ زَائِدٌ عَلَى مَطْلَبِهِ.
وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا بِأُمَمٍ أَمْثَالِهِمْ عَصَوْا رُسُلَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَحَلَّ بِهِمْ من الْعقَاب مَا مِنَ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ عِظَةً لِهَؤُلَاءِ، تَفْصِيلًا بِقَوْمِ فِرْعَوْنَ مَعَ مُوسَى وَمُؤْمِنِي قَوْمِهِ، وَدُونَ التَّفْصِيلِ بِقَوْمِ تُبَّعٍ، وَإِجْمَالًا وَتَعْمِيمًا بِالَّذِينِ مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ.
وَإِذْ كَانَ إِنْكَارُ الْبَعْثِ وَإِحَالَتُهُ مِنْ أَكْبَرِ الْأَسْبَابِ الَّتِي أَغْرَتْهُمْ عَلَى إِهْمَالِ التَّدَبُّرِ فِي مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى إِثْبَاتِهِ وَالتَّعْرِيفِ بِمَا يَعْقُبُهُ مِنْ عُقُوبَةِ الْمُعَانِدِينَ وَمَثُوبَةِ الْمُؤْمِنِينَ تَرْهِيبًا وَتَرْغِيبًا. وَأُدْمِجَ فِيهَا فَضْلُ اللَّيْلَةِ الَّتِي أُنْزِلُ فِيهَا الْقُرْآنُ، أَيِ ابْتُدِئَ إِنْزَالُهُ وَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ. وَأُدْمِجَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ مَا جَرَّتْ إِلَيْهِ الْمُنَاسَبَاتُ مِنْ دَلَائِلِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَتَأْيِيدِ اللَّهِ مَنْ آمَنُوا بِالرُّسُلِ، وَمِنْ إِثْبَاتِ الْبَعْثِ. وَخُتِمَتْ بِالشَّدِّ عَلَى قلب الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بِانْتِظَارِ النَّصْرِ وَانْتِظَارِ الْكَافرين الْقَهْر.
[1]
[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 1]
بسم الله الرحمن الرحيم