المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الشورى (42) : آية 23] - التحرير والتنوير - جـ ٢٥

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 47 الى 48]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 49 الى 50]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 54]

- ‌42- سُورَةُ الشُّورَى

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 32 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 49 الى 50]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 52 الى 53]

- ‌43- سُورَة الزخرف

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 6 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 33 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 46 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 67 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 81 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 84]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 85]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 86]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 89]

- ‌44- سُورَةُ الدُّخَانِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 2 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 17 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 25 الى 28]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 34 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 40 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 43 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 51 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 54 الى 57]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌45- سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 3 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 7 الى 10]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 27 الى 29]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 30 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

الفصل: ‌[سورة الشورى (42) : آية 23]

فِي الْحُصُولِ فِي الْخَارِجِ فَإِنَّ الضَّيْفَ أَوِ الْوَافِدَ يَنْزِلُ أَوَّلَ قُدُومِهِ فِي مَنْزِلِ إِكْرَامٍ ثُمَّ يُحْضَرُ إِلَيْهِ الْقِرَى ثُمَّ يُخَالِطُهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ وَيَقْتَرِبُ مِنْهُ.

وَجُمْلَةُ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ تَذْيِيلٌ. وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَضْمُونِ قَوْلِهِ: فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِتَأْوِيلِ: ذَلِكَ الْمَذْكُورُ. وَجِيءَ بِاسْمِ إِشَارَةِ الْبَعِيدِ اسْتِعَارَةً لِكَوْنِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بَعِيدَ الْمَكَانَةِ بَعْدَ ارْتِفَاعٍ مَجَازِيٍّ وَهُوَ الشَّرَفُ.

والْفَضْلُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الشَّرَفِ وَالتَّفَوُّقِ عَلَى الْغَيْرِ فَيَكُونَ فِي مَعْنَى: فَضْلِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِمَا يُتَفَضَّلُ بِهِ مِنْ عَطَاءٍ فَيَكُونَ فِي مَعْنَى: ذَلِكَ فَضْلُنَا عَلَيْهِمْ، وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّ طَاعَةَ الْعِبَادِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ فَإِذَا أَدَّوْهَا فَقَدْ فَعَلُوا مَا لَا يَسَعُهُمْ إِلَّا فِعْلُهُ فَلَوْ لَمْ يُثَابُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَدَمُ إِثَابَتِهِمْ ظُلْمًا.

وَضَمِيرُ الْفَصْلِ يُفِيدُ قَصْرًا ادِّعَائِيًّا لِلْمُبَالَغَةِ فِي أَعَظْمِيَّةِ الْفَضْلِ، والْفَضْلُ يَصْلُحُ لِأَنَّ يُعْتَبَرُ كَالْمُضَافِ إِلَى الْمَفْعُولِ، أَيْ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يُعْتَبَرَ كَالْمُضَافِ إِلَى الْفَاعِلِ فَضْلُهُمْ، أَيْ شَرَفُهُمْ وَبَرَكَتُهُمْ فَيُؤَوَّلُ مَعْنَى الْقَصْرِ إِلَى أَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي حَصَلَ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَكْبَرُ فَضْلٍ.

[23]

[سُورَة الشورى (42) : آيَة 23]

ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)

ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ.

اسْمُ الْإِشَارَةِ مُؤَكِّدٌ لِنَظِيرِهِ الَّذِي قَبْلَهُ، أَيْ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ الَّذِي هُوَ فَضْلٌ يَحْصُلُ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ هُوَ أَيْضًا بُشْرَى لَهُمْ مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.

وَالْعَائِدُ مِنَ الصِّلَةِ إِلَى الْمَوْصُولِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ. وَحَذْفُهُ هُنَا لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ بِاعْتِبَارِ حَذْفِ الْجَارِّ عَلَى طَرِيقَةِ حَذْفِهِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ:

وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ [الْأَعْرَاف: 155] بِتَقْدِيرِ: مِنْ قَوْمِهِ، فَلَمَّا عُومِلَ مُعَامَلَةَ الْمَنْصُوبِ حُذِفَ كَمَا يُحْذَفُ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ.

ص: 80

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ وَخَلَفٌ يُبَشِّرُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحِّدَةِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمَكْسُورَةِ، وَهُوَ مِنْ بَشَّرَهُ، إِذَا أَخْبَرَهُ بِحَادِثٍ يَسُرُّهُ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كثير وَأَبُو عمر وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ يُبَشِّرُ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحِّدَةِ وَضَمِّ الشِّينِ مُخَفَّفَةً، يُقَالُ:

بَشَرْتُ الرَّجُلَ بِتَخْفِيفِ الشِّينِ أَبْشُرُهُ مِنْ بَابِ نصر إِذا غبطه بِحَادِثٍ يَسُرُّهُ.

وَجَمْعُ الْعِبَادِ الْمُضَافُ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ أَوْ ضَمِيرِهِ غَلَبَ إِطْلَاقُهُ فِي الْقُرْآنِ فِي مَعْرِضِ التَّقْرِيبِ وَتَرْفِيعِ الشَّأْنِ، وَلِذَلِكَ يَكُونُ مَوْقِعُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ هُنَا مَوْقِعَ عَطْفِ الْبَيَانِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ [يُونُس: 62، 63] إِذْ وَقَعَ الَّذِينَ آمَنُوا مَوْقِعَ عَطْفِ الْبَيَانِ مِنْ أَوْلِياءَ اللَّهِ.

قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى.

اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ بِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ مَا أُعِدَّ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ عَذَابٍ وَمَا أُعِدَّ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ خَيْرٍ، وَضَمِيرُ جَمَاعَةِ الْمُخَاطَبِينَ مُرَادٌ بِهِ الْمُشْرِكُونَ لَا مَحَالَةَ وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ جَوَابًا عَنْهُ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ جُمْلَةَ قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا.

وَيَظْهَرُ مِمَّا رَوَاهُ الْوَاحِدِيٌّ فِي «أَسْبَابِ النُّزُولِ» عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ الْمُشْرِكِينَ اجْتَمَعُوا فِي مَجْمَعٍ لَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَتَرَوْنَ مُحَمَّدًا يَسْأَلُ عَلَى مَا يَتَعَاطَاهُ أَجْرًا. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، يَعْنُونَ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ جَمَعْنَا لَهُ مَالًا كَمَا قَالُوهُ لَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَنَّهَا لَا اتِّصَالَ لَهَا بِمَا قَبْلَهَا وَأَنَّهَا لَمَّا عَرَضَ سَبَبُ نُزُولِهَا نَزَلَتْ فِي أَثْنَاءِ نُزُولِ الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا وَالَّتِي بَعْدَهَا فَتَكُونُ جُمْلَةً ابْتِدَائِيَّةً. وَكَانَ مَوْقِعُهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ مَا سَبَقَ مِنْ ذِكْرِ حِجَاجِ الْمُشْرِكِينَ وَعِنَادِهِمْ فَإِنَّ مُنَاسَبَتَهَا لِمَا مَعَهَا مِنَ الْآيَاتِ مَوْجُودَةٌ إِذْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَاجَهَ بِهِ الْقُرْآنُ مُحَاجَّةَ الْمُشْرِكِينَ، وَنَفَى بِهِ أَوْهَامَهُمْ، وَاسْتَفْتَحَ بَصَائِرَهُمْ إِلَى النَّظَرِ فِي عَلَامَاتِ صِدْقِ الرَّسُولِ فَهِيَ جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ وَقَعَتْ مُعْتَرِضَةً بَيْنَ جُمْلَةِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَجُمْلَةِ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً.

ص: 81

وَابْتُدِئَتْ بِ قُلْ إِمَّا لِأَنَّهَا جَوَابٌ عَنْ كَلَامٍ صَدَرَ مِنْهُمْ، وَإِمَّا لِأَنَّهَا مِمَّا يَهْتَمُّ بِإِبْلَاغِهِ إِلَيْهِمْ كَمَا أَنَّ نَظَائِرَهَا افْتُتِحَتْ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ [سبأ: 47] وَقَوْلِهِ: قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص: 86] وَقَوْلِهِ: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً (1)[الْأَنْعَام: 90] .

وَضمير عَلَيْهِ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْمَقَامِ.

وَالْأَجْرُ: الْجَزَاءُ الَّذِي يُعْطَاهُ أَحَدٌ عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ [22] .

وَالْمَوَدَّةُ: الْمَحَبَّةُ وَالْمُعَامَلَةُ الْحَسَنَةُ الْمُشْبِهَةُ مُعَامَلَةَ الْمُتَحَابِّينَ، وَتَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ [25] . وَالْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مُعَامَلَةَ الْمَوَدَّةِ، أَيِ الْمُجَامَلَةِ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْمَحَبَّةَ لَا تُسْأَلُ لِأَنَّهَا انْبِعَاثٌ وَانْفِعَالٌ نَفْسَانِيٌّ.

وفِي للظرفية المجازية لِأَنَّهُ مَجْرُورَهَا وَهُوَ الْقُرْبى لَا يَصْلُحُ لِأَنْ يَكُونَ مَظْرُوفًا فِيهِ.

وَمَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ هُنَا: التَّعْلِيلُ، وَهُوَ مَعْنًى كَثِيرُ الْعُرُوضِ لِحَرْفِ فِي كَقَوْلِهِ: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ [الْحَج: 78] .

والْقُرْبى: اسْمُ مَصْدَرٍ كَالرُّجْعَى وَالْبُشْرَى، وَهِيَ قَرَابَةُ النَّسَبِ، قَالَ تَعَالَى:

وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ [الْإِسْرَاء: 26]، وَقَالَ زُهَيْرٌ:

وَظُلْمُ ذَوِي الْقُرْبَى أشدّ مُضَافَة

الْبَيْتَ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِذِي الْقُرْبى فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [41] .

وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ نَظْمُهَا: لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى الْقُرْآنِ جَزَاءً إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي، أَيْ أَنْ تُعَامِلُونِي مُعَامَلَةَ الْوُدِّ، أَيْ غَيْرَ مُعَامَلَةِ الْعَدَاوَةِ، لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنَنَا فِي النَّسَبِ الْقُرَشِيِّ.

(1) فِي المطبوعة قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا خلط بَين آيَة الْأَنْعَام وَآيَة يُونُس [72] وَآيَة الْأَنْعَام ابتدئت بقل- وَهِي مَوضِع الشَّاهِد- وَآيَة يُونُس ابتدئت بِمَا النافية، لذا حذفنا من المطبوعة من عِنْد إِنْ أَجْرِيَ لعدم الْحَاجة إِلَى ذَلِك.

ص: 82

وَفِي «صَحِيح البُخَارِيّ» و «جَامع التِّرْمِذِيِّ» سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ بِحَضْرَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَابْتَدَرَ سَعِيدٌ فَقَالَ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ، فَقَالَ: إِلَّا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ. وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَكْثَرَ النَّاسُ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَكَتَبْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ نَسْأَلُهُ عَنْهَا فَكَتَبَ أَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوْسَطَ النَّاسِ فِي قُرَيْشٍ فَلَيْسَ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِهِمْ إِلَّا وَقَدْ وَلَدَهُ فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي فِي قَرَابَتِي مِنْكُمْ، أَيْ تُرَاعُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَتَصُدِّقُونِي، فَالْقُرْبَى هَاهُنَا قَرَابَةُ الرَّحِمِ كَأَنَّهُ قَالَ:

اتَّبَعُونِي لِلْقَرَابَةِ إِنْ لم تتبعوني للنبوءة. انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ. وَمَا فَسَّرَ بِهِ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ

الْمَعْنَى: إِلَّا أَنْ تَوَدُّوا أَقَارِبِي تَلْفِيقُ مَعْنًى عَنْ فَهْمٍ غَيْرِ مَنْظُورٍ فِيهِ إِلَى الْأُسْلُوبِ الْعَرَبِيِّ، وَلَا تَصِحُّ فِيهِ رِوَايَةٌ عَمَّنْ يُعْتَدُّ بِفَهْمِهِ.

أَمَّا كَوْنُ محبَّة آل النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِأَجْلِ مَحَبَّةِ مَا لَهُ اتِّصَالٌ بِهِ خُلُقًا مِنْ أَخْلَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَحَاصِلٌ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى، وَتَحْدِيدُ حُدُودِهَا مُفَصَّلٌ فِي «الشِّفَاءِ» لِعِيَاضٍ. وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْمَوَدَّةَ لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ لَيْسَتْ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى تَبْلِيغِ الدَّعْوَةِ بِالْقُرْآنِ وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَقْتَضِيهِ الْمُرُوءَةُ فَلَيْسَ اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ عُمُومِ الْأَجْرِ الْمَنْفِيِّ اسْتِثْنَاءً حَقِيقِيًّا. وَالْمَعْنَى: لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى التَّبْلِيغِ أَجْرًا وَأَسْأَلُكُمُ الْمَوَدَّةَ لِأَجْلِ الْقُرْبَى. وَإِنَّمَا سَأَلَهُمُ الْمَوَدَّةَ لِأَنَّ مُعَامَلَتَهُمْ إِيَّاهُ مُعَامَلَةَ الْمَوَدَّةِ مُعِينَةٌ عَلَى نَشْرِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ، إِذْ تَلِينُ بِتِلْكَ الْمُعَامَلَةِ شَكِيمَتُهُمْ فَيَتْرُكُونَ مُقَاوَمَتَهُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ تَبْلِيغِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ. فَصَارَتْ هَذِهِ الْمَوَدَّةُ غَرَضًا دِينِيًّا لَا نَفْعَ فِيهِ لنَفس النبيء صلى الله عليه وسلم.

وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ الْمَوْضُوعَةِ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: أَن النبيء صلى الله عليه وسلم لَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ كَانَتْ تَنُوبُهُ نَوَائِبُ لَا يَسَعُهَا مَا فِي يَدَيْهِ. فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هَدَاكُمُ اللَّهُ بِهِ فَنَجْمَعُ لَهُ مَالًا، فَفَعَلُوا ثُمَّ أَتَوْهُ بِهِ، فَنَزَلَتْ.

ص: 83

وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ الْأَنْصَارَ قَالُوا لَهُ يَوْمًا: أَنْفُسُنَا وَأَمْوَالُنَا لَكَ، فَنَزَلَتْ. وَقِيلَ نَزَلَ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [الشورى: 23، 24] . وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ فَرِيقٌ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ مَدَنِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ وَهِيَ أَخْبَارٌ وَاهِيَةٌ.

وَتَضَمَّنَتِ الْآيَةُ أَن النبيء صلى الله عليه وسلم مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَتَطَلَّبَ مِنَ النَّاسِ جَزَاءً عَلَى تَبْلِيغِ الْهُدَى إِلَيْهِمْ فَإِنَّ النُّبُوءَةَ أَعْظَمُ مَرْتَبَةٍ فِي تَعْلِيمِ الْحَقِّ وَهِيَ فَوْقَ مَرْتَبَةِ الْحِكْمَةِ، وَالْحُكَمَاءُ تَنَزَّهُوا عَنْ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى تَعْلِيمِ الْحِكْمَةِ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَالْخَيْرُ الْكَثِيرُ لَا تُقَابِلُهُ أَعْرَاضُ الدُّنْيَا، وَلِذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ رُسُلَهُ بِالتَّنَزُّهِ عَنْ طَلَبِ جَزَاءٍ عَلَى التَّبْلِيغِ، فَقَالَ حِكَايَةً عَنْ نوح وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ [الشُّعَرَاء: 109] . وَكَذَلِكَ حَكَى عَنْ هُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ.

وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ.

تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَالْمَعْنَى:

وَكُلَّمَا عَمِلَ مُؤْمِنٌ حَسَنَةً زِدْنَاهُ حُسْنًا مِنْ ذَلِكَ الْفَضْلِ الْكَبِيرِ. وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [الْبَقَرَة: 261] وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ.

وَالِاقْتِرَافُ: افْتِعَالٌ مِنَ الْقَرْفِ، وَهُوَ الِاكْتِسَابُ، فَالِاقْتِرَافُ مُبَالَغَةٌ فِي الْكَسْبِ نَظِيرَ الِاكْتِسَابِ، وَلَيْسَ خَاصًّا بِاكْتِسَابِ السُّوءِ وَإِنْ كَانَ قَدْ غَلَبَ فِيهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ قَرَفَ الشَّجَرَةَ، إِذَا قَشَّرَ قِرْفَهَا، بِكَسْرِ الْقَافِ، وَهُوَ لِحَاؤُهَا، أَيْ قِشْرُ عُودِهَا، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [113]، وَعِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ [24] .

وَالْحَسَنَةُ: الْفَعْلَةُ ذَاتُ الْحُسْنِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ غَلَبَتْ فِي اسْتِعْمَالِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْقُرْبَةِ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْجَوَامِدِ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحُسْنِ وَهُوَ جَمَالُ الصُّورَةِ. وَالْحُسْنُ: ضِدُّ الْقُبْحِ وَهُوَ صِفَةٌ فِي الذَّاتِ تَقْتَضِي قَبُولَ مَنْظَرِهَا فِي نُفُوسِ الرَّائِينَ وَمَيْلَهُمْ إِلَى مُدَاوَمَةِ مُشَاهَدَتِهَا. وَتُوصَفُ الْمَعْنَوِيَّاتُ بِالْحُسْنِ فَيُرَادُ بِهِ كَوْنُ الْفِعْلِ أَوِ الصِّفَةِ مَحْمُودَةً عِنْدَ الْعُقُولِ مَرْغُوبًا فِي الِاتِّصَافِ بِهَا.

ص: 84