المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الجاثية (45) : الآيات 34 إلى 35] - التحرير والتنوير - جـ ٢٥

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 47 الى 48]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : الْآيَات 49 الى 50]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة فصلت (41) : آيَة 54]

- ‌42- سُورَةُ الشُّورَى

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 32 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 49 الى 50]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الشورى (42) : الْآيَات 52 الى 53]

- ‌43- سُورَة الزخرف

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 2 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 6 إِلَى 8]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 26 إِلَى 27]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 33 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 46 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 67 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 81 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 84]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 85]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 86]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 89]

- ‌44- سُورَةُ الدُّخَانِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 2 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 17 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 25 الى 28]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 34 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 40 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 43 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 51 إِلَى 53]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 54 الى 57]

- ‌[سُورَة الدُّخان (44) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌45- سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 3 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 7 الى 10]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 27 الى 29]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 30 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

الفصل: ‌[سورة الجاثية (45) : الآيات 34 إلى 35]

وَعَبَّرَ بِالسَّيِّئَاتِ عَنْ جَزَائِهَا إِشَارَةً إِلَى تَمَامِ الْمُعَادَلَةِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَجَزَائِهِ حَتَّى جُعِلَ الْجَزَاءُ نَفْسَ الْعَمَلِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التَّوْبَة: 35] .

وَمَعْنَى حاقَ أَحَاطَ.

وَمَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يَعُمُّ كُلَّ مَا كَانَ طَرِيقَ اسْتِهْزَاءٍ بِالْإِسْلَامِ مِنْ أَقْوَالِهِمُ الصَّادِرَةِ عَنِ اسْتِهْزَاءٍ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ [الجاثية: 32] .

وَقَول العَاصِي بْنِ وَائِلٍ لِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ: لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا فِي الْآخِرَةِ فَأَقْضِي مِنْهُ دَيْنَكَ. وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَعَلُوهَا هُزُؤًا مِثْلَ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَشَجَرَةِ الزَّقُّومِ وَهُوَ مَا عُبِّرَ عَنْهُ آنِفًا بِ سَيِّئاتُ مَا عَمِلُوا. وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنِ الْإِضْمَارِ إِلَى الْمَوْصُولِيَّةِ لِأَنَّ فِي الصِّلَةِ تَغْلِيطًا لَهُمْ وَتَنْدِيمًا عَلَى مَا فَرَّطُوا مِنْ أَخْذِ الْعُدَّةِ لِيَوْمِ الْجَزَاءِ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِ عَبدة بن الطّيب:

إِنَّ الَّذِينَ تَرَوْنَهُمْ إِخْوَانَكُمْ

يَشْفِي غَلِيلَ صُدُورِهِمْ أَنْ تُصْرَعُوا

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ قَدْ أُودِعُوا جَهَنَّمَ فَأَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا.

وَالْبَاءُ فِي بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يَجُوزُ حَمْلُهَا عَلَى السَّبَبِيَّةِ وَعَلَى تَعديَة فعل يَسْتَهْزِؤُنَ إِلَى مَا لَا يَتَعَدَّى إِلَيْهِ أَي الْعَذَاب.

[34، 35]

[سُورَة الجاثية (45) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (34) ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)

لَمَّا أُودِعُوا جَهَنَّمَ وَأَحَاطَتْ بِهِمْ نُودُوا الْيَوْمَ نَنْساكُمْ إِلَى آخِرِهِ تَأْيِيسًا لَهُمْ مِنَ الْعَفْوِ عَنْهُمْ.

وَبُنِيَ فِعْلُ قِيلَ لِلنَّائِبِ حَطًّا لَهُمْ عَنْ رُتْبَةِ أَنْ يُصَرَّحَ بِاسْمِ اللَّهِ فِي حِكَايَةِ الْكَلَامِ الَّذِي وَاجَهَهُمْ بِهِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ آنِفًا وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [الجاثية: 32]

ص: 374

بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ نَنْساكُمْ ضَمِيرُ الْجَلَالَةِ وَلَيْسَ مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْلِ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ بِبِنَاءِ فِعْلِ وَقِيلَ لِلنَّائِبِ لِلْعِلْمِ بِالْفَاعِلِ.

وَأُطْلِقَ النِّسْيَانُ عَلَى التَّرْكِ الْمُؤَبَّدِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الشَّيْءِ الْمَنْسِيِّ فِي مَحَلِّهِ أَوْ تَرْكَهُ عَلَى حَالَتِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّسْيَانُ مُسْتَعَارًا لِلْإِهْمَالِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ، أَيْ فَلَا تَتَعَلَّقُ الْإِرَادَةُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُمْ وَعَلَى هَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ يُفَسَّرُ مَعْنَى النِّسْيَانِ الثَّانِي.

وَالْكَافُ فِي كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ لِلتَّعْلِيلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ [الْبَقَرَة: 198] ، أَيْ جَزَاءَ نِسْيَانِكُمْ هَذَا الْيَوْمَ، أَيْ إِعْرَاضِكُمْ عَنِ الْإِيمَانِ بِهِ.

وَاللِّقَاءُ: وِجْدَانُ شَيْءٍ شَيْئًا فِي مَكَانٍ، وَهُوَ الْمُصَادَفَةُ يُقَالُ: لَقِيَ زَيْدُ عَمْرًا، وَلَقِيَ الْعُصْفُورُ حَبَّةً. وَلِقَاءُ الْيَوْمِ، أُطْلِقَ الْيَوْمُ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْأَحْدَاثِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ

الْمُرْسَلِ لِأَنَّهُ أَوْجَزُ مِنْ تَعْدَادِ الْأَهْوَالِ الْحَاصِلَةِ مُنْذُ الْبَعْثِ إِلَى قَضَاءِ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ.

وَإِضَافَةُ يَوْمِ إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ فِي يَوْمِكُمْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ ظَرْفٌ لِأَحْوَالٍ تَتَعَلَّقُ بِهِمْ فَإِنَّ الْإِضَافَةَ تَكُونُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ أُضِيفَ إِلَى ضَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [الْأَنْبِيَاء: 103] .

وَوَصْفُ الْيَوْمِ باسم الْإِشَارَة تَمْيِيزه أَكْمَلَ تَمْيِيزٍ تَكْمِيلًا لِتَعْرِيفِهِ بِالْإِضَافَةِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِمْ بِيَوْمٍ آخَرَ.

وَعُطِفَ وَمَأْواكُمُ النَّارُ عَلَى الْيَوْمَ نَنْساكُمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ تَرْكَهُمْ فِي النَّارِ تَرْكٌ مُؤَبَّدٌ فَإِنَّ الْمَأْوَى هُوَ مَسْكَنُ الشَّخْصِ الَّذِي يَأْوِي إِلَيْهِ بَعْدَ أَعْمَالِهِ، فَالْمَعْنَى أَنَّكُمْ قَدْ أَوَيْتُمْ إِلَى النَّارِ فَأَنْتُمْ بَاقُونَ فِيهَا، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ قَرِيبًا، وَالْمَقْصُودُ تَخْطِئَةُ زَعْمِهِمُ السَّابِقِ أَنَّ الْأَصْنَامَ تَنْفَعُهُمْ فِي الشَّدَائِدِ.

وذلِكُمْ إِشَارَةٌ إِلَى مَأْواكُمُ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ ذَلِكُمُ الْمَأْوَى بِسَبَبِ

ص: 375

اتِّخَاذِكُمْ آيَاتِ اللَّهِ، وَهِيَ آيَاتُ الْقُرْآنِ هُزُؤًا، أَيْ مستهزأ بهَا، هُزُواً مَصْدَرٌ مُرَادٌ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ مِثْلُ خُلُقٍ.

وَتَغْرِيرُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا إِيَّاهُمْ سَبَبٌ أَيْضًا لِجَعْلِ النَّارِ مَأْوَاهُمْ. وَالتَّغْرِيرُ: الْإِطْمَاعُ الْبَاطِلُ. وَمَعْنَى تَغْرِيرُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا إِيَّاهُمْ: أَنَّهُمْ قَاسُوا أَحْوَالَ الْآخِرَةِ عَلَى أَحْوَالِ الدُّنْيَا فَظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ لَا يُحْيِي الْمَوْتَى وَتَطَرَّقُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَى إِنْكَارِ الْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ عَلَى مَا يُعْمَلُ فِي الدُّنْيَا وَغَرَّهُمْ أَيْضًا مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْعِزَّةِ وَالْمَنَعَةِ فَخَالُوهُ مُنْتَهَى الْكَمَالِ فَلَمْ يُصِيخُوا إِلَى دَاعِي الرُّشْدِ وَعِظَةِ النُّصْحِ وَأَعْرَضُوا عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَعَنِ الْقُرْآنِ الْمُرْشِدِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَقْبَلُوا عَلَى التَّأَمُّلِ فِيمَا دَعَوْا إِلَيْهِ فَاهْتَدَوْا فَسَلِمُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْكُفْرِ وَلِكَوْنِ هَذِهِ الْمُغَرِّرَاتِ حَاصِلَةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَسْنَدَ التَّغْرِيرَ إِلَى الْحَيَاةِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ لِأَسْبَابِ الْغُرُورِ.

وَفُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْها بِالْفَاءِ وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ لِأَنَّ وُقُوعَ كَلِمَةِ (الْيَوْمِ) فِي أَثْنَائِهِ يُعَيِّنُ أَنَّهُ مِنَ الْقِيلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ. وَاتَّفَقَ الْقُرَّاءُ عَلَى قِرَاءَةِ لَا يُخْرَجُونَ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ. وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: لَا تَخْرُجُونَ، بِأُسْلُوبِ الْخِطَابِ مِثْلَ سَابِقِهِ وَلَكِنْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقَةِ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ عَلَى وَجْهِ الِالْتِفَاتِ. وَيُحَسِّنُهُ هُنَا أَنَّهُ تَخْيِيلٌ لِلْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ بَعْدَ تَوْبِيخِهِمْ وَتَأْيِيسِهِمْ وَصَرْفِ بَقِيَّةِ

الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ إِلَى مُخَاطَبٍ آخَرَ يُنَبَّأُ بِبَقِيَّةِ أَمْرِهِمْ تَحْقِيرًا لَهُمْ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُخْرَجُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، فَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ مَنْ يُخْرِجُهُمْ فَلَا يُخْرِجُهُمْ أَحَدٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها [الْمُؤْمِنُونَ: 107] وَقَوْلِهِ:

فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ [غَافِر: 11] . وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ يُخْرَجُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ. فَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَفْزَعُونَ إِلَى الْخُرُوجِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها [الْحَج: 22] .

وَالِاسْتِعْتَابُ بِمَعْنَى: الْإِعْتَابِ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا يُقَالُ: أَجَابَ وَاسْتَجَابَ.

وَمَعْنَى الْإِعْتَابِ: إِعْطَاءُ الْعُتْبَى وَهِيَ الرِّضَا. وَهُوَ هُنَا مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ. أَيْ لَا يَسْتَعْتِبُهُمْ أَحَدٌ، أَيْ وَلَا يَرْضَوْنَ بِمَا يُسْأَلُونَ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَيَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ فِي سُورَةِ الرُّومِ

ص: 376