الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَوَارِيُّونَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَهُمْ: سَمْعَانْ بُطْرُسْ، وَأَخُوهُ أَنْدَرَاوِسُ، وَيُوحَنَّا بْنُ زَبْدِي، وَأَخُوهُ يَعْقُوبُ- وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ صَيَّادُو سَمَكٍ- وَمَتَّى الْعَشَّارُ وتوما وفيليبس، وبرثو لماوس، وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفِي، وَلَبَاوِسُ، وَسَمْعَانُ الْقَانْوِي، وَيَهُوذَا الْأَسْخَرْيُوطِيُّ.
وَكَانَ جَوَابُ الْحَوَارِيِّينَ دَالًّا عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ نَصْرَ عِيسَى لَيْسَ لِذَاتِهِ بَلْ هُوَ نَصْرٌ لِدِينِ اللَّهِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِمْ: نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ مَا يُفِيدُ حَصْرًا لِأَنَّ الْإِضَافَةَ اللَّفْظِيَّةَ لَا تُفِيدُ تَعْرِيفًا، فَلَمْ يَحْصُلْ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ، وَلَكِنَّ الْحَوَارِيِّينَ بَادَرُوا إِلَى هَذَا الِانْتِدَابِ.
وَقَدْ آمَنَ مَعَ الْحَوَارِيِّينَ أَفْرَادٌ مُتَفَرِّقُونَ مِنَ الْيَهُودِ، مِثْلَ الَّذِينَ شَفَى الْمَسِيحُ مَرْضَاهُمْ،
وَآمَنَ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ أُمُّهُ عليها السلام، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَأُمُّ يُوحَنَّا، وَحَمَاةُ سَمْعَانَ، وَيُوثَا امْرَأَةُ حُوزِي وَكِيلِ هِيرُودِسَ، وَسُوسَةُ، وَنِسَاءٌ أُخَرُ وَلَكِنَّ النِّسَاءَ لَا تُطْلَبُ مِنْهُنَّ نُصْرَةٌ.
وَقَوْلُهُ: رَبَّنا آمَنَّا مِنْ كَلَامِ الْحَوَارِيِّينَ بَقِيَّةُ قَوْلِهِمْ، وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ الدُّعَاءِ دُعَاءً بِأَنْ يَجْعَلَهُمُ اللَّهُ مَعَ الشَّاهِدِينَ أَيْ مَعَ الَّذِينَ شَهِدُوا لِرُسُلِ اللَّهِ بِالتَّبْلِيغِ، وَبِالصِّدْقِ، وَهَذَا مُؤْذِنٌ بِأَنَّهُمْ تَلَقَّوْا مِنْ عِيسَى- فِيمَا عَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ- فَضَائِلَ مَنْ يَشْهَدُ للرسل بِالصّدقِ.
[54]
[سُورَة آل عمرَان (3) : آيَة 54]
وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (54)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ فَإِنَّهُ أَحَسَّ مِنْهُمُ الْكُفْرَ وَأَحَسَّ مِنْهُمْ بِالْغَدْرِ وَالْمَكْرِ.
وَضَمِيرُ مَكَرُوا عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ مِنْهُمْ وَهُمُ الْيَهُودُ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى، فِي سُورَةِ الصَّفِّ [14] : قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ. وَالْمَكْرُ فِعْلٌ يُقْصَدُ بِهِ ضرّ ضُرُّ أَحَدٍ فِي هَيْئَةٍ تَخْفَى عَلَيْهِ، أَوْ تَلْبِيسُ فِعْلِ الْإِضْرَارِ بِصُورَةِ النَّفْعِ، وَالْمُرَادُ هُنَا: تَدْبِيرُ الْيَهُودِ لِأَخْذِ الْمَسِيحِ، وَسَعْيُهُمْ لَدَى وُلَاةِ الْأُمُورِ لِيُمَكِّنُوهُمْ مِنْ قَتْلِهِ. وَمَكْرُ اللَّهِ بِهِمْ هُوَ تَمْثِيلٌ لِإِخْفَاقِ اللَّهِ تَعَالَى مَسَاعِيَهُمْ فِي حَالِ ظَنِّهِمْ أَنْ قَدْ نَجَحَتْ مَسَاعِيهِمْ، وَهُوَ هُنَا مُشَاكَلَةٌ. وَجَازَ إِطْلَاقُ الْمَكْرِ عَلَى فِعْلِ