الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَغْسِلُ أَثْوَابَهُ وَبِزَّتَهُ
مِنْ أَثَرِ الْحِبْرِ لَيْسَ يُنْقِيهَا
وَاللَّحَقُ فِي النَّظْمِ بِإِسْكَانِ الْحَاءِ وَكَأَنَّهُ خَفَّفَهَا لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ:
خَيْرُ مَا يَقْتَنِي اللَّبِيبُ كِتَابٌ
…
مُحْكَمُ النَّقْلِ مُتْقَنُ التَّقْيِيدِ
خَطَّهُ عَارِفٌ نَبِيلٌ وَعَانَاهُ
…
فَصَحَّ التَّبْيِيضُ بِالتَّسْوِيدِ
لَمْ يَخُنْهُ إِتْقَانُ نَقْطٍ وَشَكْلٍ
…
لَا وَلَا عَابَهُ لِحَاقُ الْمَزِيدِ
وَكَأَنَّ التَّخْرِيجَ فِي طُرَّتَيْهِ
…
طُرَرٌ صَفَّقَتْ بِيضَ الْخُدُودِ
فَيُنَاجِيكَ شَخْصُهُ مِنْ قَرِيبٍ
…
وَيُنَادِيكَ نَصُّهُ مِنْ بَعِيدٍ
فَاصْحَبَنَّهُ تَجِدْهُ خَيْرَ جَلِيسٍ
…
وَاخْتَبِرْهُ تَجِدْهُ آنَسَ الْمُرِيدِ
وَلَا يَكْتُبُ الْحَوَاشِيَ فِي كِتَابٍ لَا يَمْلِكُهُ إِلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ، وَأَمَّا الْإِصْلَاحُ فِيهِ فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ بِدُونِهِ فِي الْحَدِيثِ قِياسًا عَلَى الْقُرْآنِ.
[التَّصْحِيحُ وَالتَّمْرِيضُ]
(590)
وَكَتَبُوا صَحَّ عَلَى الْمُعَرَّضِ
…
لِلشَّكِّ إِنْ نَقْلًا وَمَعْنًى ارْتُضِيَ
(591)
وَمَرَّضُوا فَضَبَّبُوا صَادًا تُمَدْ
…
فَوْقَ الَّذِي صَحَّ وُرُودًا وَفَسَدْ
(592)
وَضَبَّبُوا فِي الْقَطْعِ وَالْإِرْسَالِ
…
وَبَعْضُهُمْ فِي الْأَعْصُرِ الْخَوَالِي
(593)
يَكْتُبُ صَادًا عِنْدَ عَطْفِ الِاسْمَا
…
تُوهِمُ تَضْبِيبًا كَذَاكَ إِذْ مَا
(594)
يَخْتَصِرُ التَّصْحِيحَ بَعْضٌ يُوهِمُ
…
وَإِنَّمَا يَمِيزُهُ مَنْ يَفْهَمُ
[التَّصْحِيحُ] : (التَّصْحِيحُ) وَهُوَ كِتَابَةُ (صَحَّ)(وَالتَّمْرِيضُ) وَهُوَ التَّضْبِيبُ
(وَكَتَبُوا) أَيْ: مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَهْلِ التَّقْيِيدِ وَمَنْ تَأَسَّى بِهِمْ: (صَحَّ) تَامَّةً كَبِيرَةً، أَوْ صَغِيرَةً وَهُوَ أَحْسَنُ (عَلَى) أَيْ: فَوْقَ (الْمُعَرَّضِ) مِنْ حَرْفٍ فَأَكْثَرَ (لِلشَّكِّ) أَوِ الْخِلَافِ فِيهِ لِأَجْلِ تَكْرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ (إِنْ نَقَلَا) أَيْ: رِوَايَةً (وَمَعْنًى ارْتُضِي) الْمُصَحَّحُ عَلَيْهِ إِشَارَةً بِهَا إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَغْفُلْ عَنْهُ، وَأَنَّهُ قَدْ ضُبِطَ وَصَحَّ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لِئَلَّا يُبَادِرَ الْوَاقِفَ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْ إِلَى تَخْطِئَتِهِ. وَقَالَ يَاقُوتٌ الرُّومِيُّ ثُمَّ الْحَمَوِيُّ الْكَاتِبُ: بَلْ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ كَانَ شَاكًّا فِيهِ فَبَحَثَ فِيهِ إِلَى أَنْ صَحَّ فَخَشِيَ أَنْ يُعَاوِدَهُ الشَّكُّ فَكَتَبَهَا لِيَزُولَ عَنْهُ الشَّكُّ فِيمَا بَعْدُ.
ثُمَّ إِنَّ كَوْنَهَا تُكْتَبُ أَعْلَى الْحَرْفِ هُوَ الْأَشْهَرُ الْأَحْسَنُ، وَإِلَّا فَلَوْ كُتِبَتْ عِنْدَهُ بِالْحَاشِيَةِ مَثَلًا لَا بِجَانِبِهِ لِئَلَّا يُلْتَبَسَ، كَفَى، لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ: كِتَابَةُ (صَحٍّ) عَلَى الْكَلَامِ أَوْ عِنْدَهُ، كَمَا أَنَّ كِتَابَتَهَا عَلَى الْمُكَرَّرِ مِنَ الْمُعَرَّضِ هُوَ الْأَشْهَرُ أَيْضًا. وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ إِذَا تَكَرَّرَتْ كَلِمَاتٌ أَوْ كَلِمَةٌ يَكْتُبُ عَدَدَهَا فِي الْحَاشِيَةِ بِحُرُوفِ الْجُمَلِ.
[التَّمْرِيضُ] : (وَ) كَذَا (مَرَّضُوا فَضَبَّبُوا) مَا مَرَّضُوهُ حَيْثُ جَعَلُوا (صَادًا) مُهْمَلَةً مُخْتَصَرَةً مِنْ " صَحَّ "، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعْجَمَةً مِنْ (ضَبَّهُ)(تُمَدْ) بِدُونِ تَجْوِيفٍ لِلْمَدِّ بَلْ هَكَذَا " صَـ "(فَوْقَ الَّذِي صَحَّ) مِنْ حَرْفٍ فَأَكْثَرَ، (وُرُودًا) أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْوُرُودِ فِي الرِّوَايَةِ، (وَ) لَكِنْ (فَسَدْ) مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ جَائِزٍ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةِ، أَوْ شَاذًّا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِهَا، أَوْ مُصَحَّفًا أَوْ نَاقِصًا لِكَلِمَةٍ فَأَكْثَرَ، أَوْ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا، أَوْ أَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ لِلْإِشَارَةِ بِالْمُمَرَّضِ ; لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِخَطِّ الضَّرْبِ الْآتِي، لَا سِيَّمَا عِنْدَ صِغَرِ فَتْحَتِهَا إِشَارَةً بِنِصْفِ " صَحَّ " إِلَى أَنَّ الصِّحَّةِ لَمْ تَكْمُلْ فِي
ذَاكَ الْمَحَلِّ مَعَ صِحَّةِ نَقْلِهِ وَرِوَايَتِهِ كَذَلِكَ، وَتَنْبِيهًا بِهِ لِمَنْ يَنْظُرُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ مُتَثَبِّتٌ فِي نَقْلِهِ غَيْرُ غَافِلٍ، وَإِنَّمَا اخْتُصَّ التَّمْرِيضُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ تَحَتُّمِ الْخَطَأِ فِي الْمُعَلَّمِ عَلَيْهِ، بَلْ لَعَلَّ غَيْرَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ مِمَّنْ يَقِفُ عَلَيْهِ يُخَرِّجُ لَهُ وَجْهًا صَحِيحًا.
يَعْنِي: وَيَتَّجِهُ الْمَعْنَى كَمَا وَقَعَ لِابْنِ مَالِكٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَاتِ " الصَّحِيحِ "، أَوْ يَظْهَرُ لَهُ هُوَ بَعْدُ فِي تَوْجِيهِ صِحَّتِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْآنَ، فَيَسْهُلُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ تَكْمِيلُهَا (صَحَّ) الَّتِي هِيَ عَلَامَةُ الْمُعَرَّضِ لِلشَّكِّ.
وَوَجَدْتُ فِي كَلَامِ يَاقُوتٍ مَا يَشْهَدُ لَهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: الضَّبَّةُ - وَهِيَ بَعْضُ (صَحَّ) - تُكْتَبُ عَلَى شَيْءٍ فِيهِ شَكٌّ ; لِيُبْحَثَ فِيهِ، فَإِذَا تَحَرَّرَ لَهُ أَتَمَّهَا بِالْحَاءِ فَتَصِيرُ (صَحَّ) ، وَلَوْ جَعَلَ لَهَا عَلَامَةً غَيْرَهَا لَتَكَلَّفَ الْكَشْطَ لَهَا، وَكَتَبَ (صَحَّ) مَكَانَهَا. انْتَهَى.
وَكَوْنُ الضَّبَّةِ لَيْسَتْ لِلْجَزْمِ بِالْخَطَأِ مِمَّا يَتَأَيَّدُ بِهِ الصَّوَابُ مِنْ سَدِّ بَابِ الْإِصْلَاحِ خَوْفًا مِنْ ظُهُورِ تَوْجِيهِ مَا ظُنَّ خَطَؤُهُ، وَقَدْ تَجَاسَرَ بَعْضُهُمْ - وَأَكْثَرُهُمْ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمُحَدِّثِينَ كَمَا أَفَادَهُ عِيَاضٌ - كَأَبِي الْوَلِيدِ هِشَامِ بْنِ أَحْمَدَ الْوَقْشِيِّ أَحَدِ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ.
فَكَانَ كَمَا قَالَ تِلْمِيذُهُ عِيَاضٌ: إِذَا مَرَّ بِهِ شَيْءٌ لَمْ يَتَّجِهْ لَهُ وَجْهُهُ أَصْلَحَهُ بِمَا يَظُنُّ اعْتِمَادًا عَلَى وُثُوقِهِ بِعِلْمِهِ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ مَا كَانَ فِي الْكِتَابِ، وَتَبَيَّنَ وَجْهُهُ، وَأَنَّ مَا غَيَّرَهُ إِلَيْهِ خَطَأٌ فَاسِدٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي إِصْلَاحِ اللَّحْنِ وَالْخَطَأِ. وَإِنْ كَانَ مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ خَطَأً مَحْضًا عِنْدَ كُلِّ وَاقِفٍ عَلَيْهِ، كَتَبَ فَوْقَهُ (كَذَا) صَغِيرَةً، كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ، وَبَيَّنَ
الصَّوَابَ بِالْهَامِشِ كَمَا سَيَأْتِي فِي إِصْلَاحِ اللَّحْنِ.
وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الضَّبَّةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ إِمَّا مِنْ ضَبَّةِ الْقَدَحِ الَّتِي تُجْعَلُ لِمَا يَكُونُ بِهِ مِنْ كَسْرٍ أَوْ خَلَلٍ، أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَلَا يُخْدَشُ فِيهِ بِأَنَّ ضَبَّةَ الْقَدَحِ لِلْجَبْرِ وَهِيَ هُنَا لَيْسَتْ جَابِرَةً، فَالتَّشْبِيهُ فِي كَوْنِهَا جُعِلَتْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى مَا فِيهِ خَلَلٌ.
وَإِمَّا مِنْ ضَبَّةِ الْبَابِ لِكَوْنِ الْحَرْفِ مُقْفَلًا لَا يَتَّجِهُ لِقِرَاءَةٍ، كَمَا أَنَّ الضَّبَّةَ يُقْفَلُ بِهَا، أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو الْقَاسِمِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ الْإِفْلِيلِيِّ بِكَسْرَةِ الْهَمْزَةِ وَفَاءٍ، نِسْبَةً إِلَى إِفْلِيلَ قَرْيَةٍ بِرَأْسِ عَيْنٍ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ، لِكَوْنِ سَلَفِهِ نَزَلُوا بِهَا، يَرْوِي عَنِ الْأُصَيْلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ أَبُو مَرْوَانَ الطُّبْنِيُّ، مَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ 441 هـ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً.
قَالَ التِّبْرِيزِيُّ فِي (مُخْتَصَرِهِ) : وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إِشَارَةً إِلَى صُورَةِ ضَبَّةٍ لِيُوَافِقَ صُورَتُهَا مَعْنَاهَا. وَقَرَأْتُ بِخَطِّ شَيْخِنَا مَا حَاصِلُهُ: مُقْتَضَى تَسْمِيَتِهَا ضَبَّةً أَنْ تَكُونَ ضَادُهَا مُعْجَمَةً، وَمُقْتَضَى تَتْمِيمِهَا بِحَاءِ (صَحَّ) أَنْ تَكُونَ مُهْمَلَةً. قَالَ: لَكِنْ لَا يَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا أَنْ تَكُونَ مُعْجَمَةً، (وَ) لَمْ يَخُصُّوا الضَّبَّةَ بِمَا تَقَدَّمَ، بَلْ (ضَبَّبُوا) أَيْضًا (فِي) مَوْضِعِ (الْقَطْعِ وَالْإِرْسَالِ) لِيَشْتَرِكَ فِي مَعْرِفَةِ مَحَلِّ السَّقْطِ الْعَارِفُ وَغَيْرُهُ، بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ لَا يُدْرِكُهُ الْعَارِفُ إِلَّا بِالنَّظَرِ، فَيُكْفَى بِمَا يَثِقُ بِهِ مِنْ