المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[رموز الكتاب وحكمها] - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ٣

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمُكَاتَبَةُ]

- ‌[إِعْلَامُ الشَّيْخِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابِ]

- ‌[الْوِجَادَةُ]

- ‌[كِتَابَةُ الْحَدِيثِ وَضَبْطُهُ]

- ‌[حُكْمُ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ وَأَدِلَّتُهَا]

- ‌[حُكْمُ ضَبْطِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[حُكْمُ دِقَّةِ الْخَطِّ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ ضَبْطِ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَة]

- ‌[رُمُوزُ الْكُتَّابِ وَحُكْمَهَا]

- ‌[الْحَثُّ عَلَى كِتْبَةِ ثَنَاءَ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ]

- ‌[الْمُقَابَلَةُ]

- ‌[تَخْرِيجُ السَّاقِطِ]

- ‌[التَّصْحِيحُ وَالتَّمْرِيضُ]

- ‌[الْكَشْطُ وَالْمَحْوُ وَالضَّرْبُ]

- ‌[الْعَمَلُ فِي اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ]

- ‌[الْإِشَارَةُ بِالرَّمْزِ]

- ‌[رَمْزُ قَالَ وَحَذْفُهَا]

- ‌[وَضْعُ " حَ " بَيْنَ الْأَسَانِيدِ وَمَعْنَاهَا]

- ‌[كِتَابَةُ التَّسْمِيعِ]

- ‌[صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَأَدَائِهِ]

- ‌[جَوَازُ الرِّوَايَةِ مِنَ الْكُتُبِ الْمَصُونَةِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ مِنَ الْأَصْلِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى]

- ‌[الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيثِ]

- ‌[التَّسْمِيعُ بِقِرَاءَةِ اللَّحَّانِ وَالْمُصَحِّفِ]

- ‌[إِصْلَاحُ اللَّحْنِ وَالْخَطَأِ]

- ‌[اخْتِلَافُ أَلْفَاظِ الشُّيُوخِ]

- ‌[الزِّيَادَةُ فِي نَسَبِ الشَّيْخِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي إِسْنَادُهَا وَاحِدٌ]

- ‌[تَقْدِيمُ الْمَتْنِ عَلَى السَّنَدِ]

- ‌[إِذَا قَالَ الشَّيْخُ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ]

- ‌[إِبْدَالُ الرَّسُولِ بِالنَّبِيِّ وَعَكْسُهُ]

- ‌[السَّمَاعُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْوَهْنِ أَوْ عَنْ رَجُلَيْنِ]

- ‌[آدَابُ الْمُحَدِّثِ]

- ‌[وُجُوبُ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ وَتَصْحِيحِهَا عِنْدَ التَّحْدِيثِ]

- ‌[اسْتِحْبَابُ عَقْدِ مَجْلِسِ الْإِمْلَاءِ]

- ‌[آدَابُ طَالِبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[تَصْحِيحُ النِّيَّةِ وَتَحْقِيقُ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[الِاعْتِنَاءُ بِمَعْرِفَةِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَأُصُولِهِ]

- ‌[الْعَالِي وَالنَّازِلُ]

- ‌[الْإِسْنَادُ خَصِّيصَةٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ]

- ‌[الْمُوَافَقَةُ وَالْبَدَلُ]

- ‌[عُلُوُّ الصِّفَةِ قَلِيلُ الْجَدْوَى]

- ‌[عُلُوُّ الْإِسْنَادِ بِقِدَمِ السَّمَاعِ]

الفصل: ‌[رموز الكتاب وحكمها]

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَلَقَدْ قَرَأْتُ جُزْءًا عَلَى بَعْضِ الشُّيُوخِ فَكَانَ كَاتِبُهُ يَعْمَلُ عَلَى الْكَافِ عَلَامَةً شَبِيهَةً بِالْخَاءِ الَّتِي تُكْتَبُ عَلَى الْكَلِمَاتِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهَا نُسْخَةٌ أُخْرَى، وَكَانَ الْكَلَامُ يُسَاعِدُ عَلَى إِسْقَاطِ الْكَلِمَةِ وَإِثْبَاتِهَا فِي مَوَاضِعَ، فَقَرَأْتُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا نُسْخَةٌ، وَبَعْدَ فَرَاغِ الْجُزْءِ تَبَيَّنَ لِي اصْطِلَاحُهُ فَاحْتَجْتُ إِلَى إِعَادَةِ قِرَاءَةِ الْجُزْءِ. انْتَهَى.

وَرُبَّ عَلَامَةٍ أَحْوَجَتْ إِلَى عَلَامَةٍ حَتَّى لِفَاعِلِهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي - كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ - أَنْ يَأْتِيَ بِاصْطِلَاحٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ.

[رُمُوزُ الْكُتَّابِ وَحُكْمَهَا]

(569)

وَإِنْ أَتَى بِرَمْزِ رَاوٍ مَيَّزَا

مُرَادَهُ وَاخْتِيرَ أَلَّا يَرْمُزَا

(570)

وَتَنْبَغِي الدَّارَةُ فَصْلًا وَارْتَضَى

إِغْفَالَهَا الْخَطِيبُ حَتَّى يُعْرَضَا

(571)

وَكَرِهُوا فَصْلَ مُضَافِ اسْمِ اللَّهْ

مِنْهُ بِسَطْرٍ إِنْ يُنَافِ مَا تَلَاهْ

[رُمُوزُ الْكُتَّابِ وَحُكْمَهَا] :

(وَإِنْ أَتَى بِرَمْزِ رَاوٍ) فِي كِتَابٍ جَمَعَ فِيهِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ فِي تَرْجَمَةٍ مَعْقُودَةٍ لِذَلِكَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَ لَهُ الْكِتَابُ مِنْهَا، كَالْبُخَارِيِّ مَثَلًا مِنْ رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ النَّسَفِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ النَّسَوِيِّ، وَأَبِي طَلْحَةَ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزْدَوِيِّ، كُلُّهِمْ عَنِ الْبُخَارِيِّ بِأَنْ جَعَلَ لِلْفَرَبْرِيِّ مَثَلًا (ف) وَلِلنَّسَفِيِّ (س) وَلِحَمَّادٍ (حَ) وَلِلْبَزْدَوِيِّ (ط) أَوْ لِبَعْضِهِمْ بِالْحُمْرَةِ وَلَآخَرَ بِالْخُضْرَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا اصْطَلَحَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُفْصِحْ بِذِكْرِ

ص: 60

الرَّاوِي بِتَمَامِهِ إِيثَارًا لِلتَّخْفِيفِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ، كَمَا اخْتَصَرُوا: ثَنَا وَأَنَا وَنَحْوَهُمَا، أَوِ ابْتَكَرَ اصْطِلَاحًا فِي الْمُهْمَلِ (مَيَّزَا مُرَادَهُ) بِتِلْكَ الرُّمُوزِ وَالْعَلَامَاتِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَوْ آخِرِهِ إِنْ كَانَ فِي مُجَلَّدٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَفِي كُلِّ مُجَلَّدٍ، كَمَا فَعَلَ كُلٌّ مِنْ أَبِي ذَرٍّ إِذْ رَقَمَ لِكُلٍّ مِنْ شُيُوخِهِ الثَّلَاثَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُسْتَمْلِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ السَّرَخْسِيِّ وَأَبِي الْهَيْثَمِ الْكُشْمِيهَنِيِّ.

وَالْحَافِظِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْيُونِينِيِّ إِذْ رَقَمَ لِلرِّوَايَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ، فِي آخَرِينَ مِمَّنْ بَيَّنَ الرَّمْزَ أَوِ الْعَلَامَاتِ، مِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، لَا سِيَّمَا فِيمَا يَكْثُرُ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ تَسْمِيَةَ كُلِّهِمْ حِينَئِذٍ مُشِقٌّ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الرُّمُوزِ أَخْصَرُ.

(وَ) مَعَ كَوْنِهِ لَا بَأْسَ بِهِ (اخْتِيرَ أَلَّا يَرْمُزَ) لَهُ بِبَعْضِ حُرُوفِهِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: الْأَوْلَى أَنْ يُجْتَنَبَ الرَّمْزُ وَيُكْتَبَ عِنْدَ كُلِّ رِوَايَةٍ اسْمُ رَاوِيهَا بِكَمَالِهِ مُخْتَصَرًا. يَعْنِي: بِدُونِ زَائِدٍ عَلَى التَّعْرِيفِ بِهِ، فَلَا يَقُولُ فِي الْفَرَبْرِيِّ

ص: 61

مَثَلًا: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ. بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَرَبْرِيِّ أَوْ نَحْوِهِ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ شَاعَ وَعُرِفَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ نَقْصِ الْأَجْرِ لِنَقْصِ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ مَعَ مَعْرِفَةِ الِاصْطِلَاحِ بَيْنَ الرَّمْزِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَهُوَ - أَيِ الْإِتْيَانُ بِهِ بِكَمَالِهِ - أَوْلَى وَأَرْفَعُ لِلِالْتِبَاسِ. قَدْ يُوَجَّهُ بِكَوْنِ اصْطِلَاحِهِ فِي الرَّمْزِ قَدْ تَسْقُطُ بِهِ الْوَرَقَةُ أَوِ الْمُجَلَّدُ فَيَتَحَيَّرُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ مِنْ مُبْتَدِئٍ وَنَحْوِهِ.

ثُمَّ إِنَّ مَحَلَّ مَا تَقَدَّمَ مَا لَمْ يَكُنِ الرَّمْزُ مِنَ الْمُصَنِّفِ، أَمَّا هُوَ، فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مَا اصْطَلَحَهُ لِنَفْسِهِ فِي أَصْلِ تَصْنِيفِهِ، كَمَا فَعَلَ الْمِزِّيُّ فِي " تَهْذِيبِهِ " وَالشَّاطِبِيُّ، وَأَمْرُهُ فِيهِ بَدِيعٌ جِدًّا، فَقَدِ اشْتَمَلَ بَيْتٌ مِنْهَا عَلَى الرَّمْزِ لِسِتَّةَ عَشَرَ شَيْخًا فِي أَرْبَعِ قِرَاءَاتٍ بِالْمَنْطُوقِ.

[الدَّارَةُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ](وَيَنْبَغِي) اسْتِحْبَابًا لِأَجْلِ تَمَامِ الضَّبْطِ (الدَّارَةُ) وَهِيَ حَلْقَةٌ مُنْفَرِجَةٌ أَوْ مُطْبَقَةٌ (فَصْلًا) أَيْ: لِلْفَصْلِ بِهَا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَتَمْيِيزِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: لِئَلَّا يَحْصُلَ التَّدَاخُلُ.

يَعْنِي بِأَنْ يَدْخُلَ عَجُزُ الْأَوَّلِ فِي صَدْرِ الثَّانِي أَوِ الْعَكْسُ، وَذَلِكَ إِذَا تَجَرَّدَتِ الْمُتُونُ عَنْ أَسَانِيدِهَا وَعَنْ صَحَابَتِهَا، كَأَحَادِيثِ الشِّهَابِ وَالنَّجْمِ وَنَحْوِهِمَا، وَمُقْتَضَاهُ اسْتِحْبَابُهَا أَيْضًا بَيْنَ الْحَدِيثِ

ص: 62

وَبَيْنَ مَا لَعَلَّهُ يَكُونُ بِآخِرِهِ مِنْ إِيضَاحٍ لِغَرِيبٍ وَشَرْحٍ لِمَعْنًى وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ إِغْفَالُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ أَحَدَ أَسْبَابِ الْإِدْرَاجِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

وَمِمَّنْ جَاءَ عَنْهُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِالدَّارَةِ أَبُو الزِّنَادِ ; فَرَوَى الرَّامَهُرْمُزِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ كِتَابَ أَبِيهِ كَانَ كَذَلِكَ. وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، بَلْ وَعَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّهُ رَآهَا كَذَلِكَ فِي خَطِّهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا بَلْ يَتْرُكُ بَقِيَّةَ السَّطْرِ بَيَاضًا، وَكَذَا يَفْعَلُ فِي التَّرَاجِمِ وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَمَا أَنْفَعَ ذَلِكَ.

(وَارْتَضَى) عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ (إِغْفَالَهَا) أَيْ: تَرْكَ الدَّارَةِ مِنَ النَّقْطِ بِحَيْثُ تَكُونُ غُفْلًا - بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ - لَا عَلَامَةَ بِهَا، الْحَافِظُ (الْخَطِيبُ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي " جَامِعِهِ " (حَتَّى) ; أَيْ: إِلَى أَنْ (يُعْرَضَا) ; أَيْ: يُقَابَلُ بِالْأَصْلِ وَنَحْوِهِ حِينَ السَّمَاعِ وَغَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَكُلَّمَا فَرَغَ مِنْ عَرْضِ حَدِيثٍ يَنْقُطُ فِي الدَّارَةِ الَّتِي تَلِيهِ نُقْطَةً، أَوْ يَخُطُّ فِي وَسَطِهَا خَطًّا ; يَعْنِي: حَتَّى لَا يَكُونَ بَعْدُ فِي شَكٍّ: هَلْ عَارَضَهُ أَوْ سَهَا فَتَجَاوَزَهُ، لَا سِيَّمَا حِينَ يُخَالَفُ فِيهِ.

وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: كُنْتُ أَرَى فِي كِتَابِ أَبِي إِجَازَةً ; يَعْنِي: دَارَةً، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَمَرَّتَيْنِ وَوَاحِدَةً أَقَلَّهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْشِ تَصْنَعُ بِهَا؟ فَقَالَ: أُعَرِّفُهُ، فَإِذَا خَالَفَنِي إِنْسَانٌ قُلْتُ: قَدْ سَمِعْتُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

ص: 63

قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَعْتَدُّ مِنْ سَمَاعِهِ إِلَّا بِمَا كَانَ كَذَلِكَ أَوْ فِي مَعْنَاهُ.

ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: كَانَ غُنْدَرٌ رَجُلًا صَالِحًا سَلِيمَ النَّاحِيَةِ، وَكُلُّ حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ لَيْسَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ (ع) لَا يَقُولُ فِيهِ: ثَنَا ; لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْرِضْهُ عَلَى شُعْبَةَ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ.

قُلْتُ: وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ إِذَا أَوْرَدَ شَيْئًا مِمَّا لَا عَلَامَةَ فِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: فِي كِتَابِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بِغَيْرِ إِجَازَةٍ. وَسَاقَ حَدِيثًا.

[حُكْمُ فَصْلِ مُضَافِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَصَحْبِهِ] :

(وَكَرِهُوا) ; أَيْ: أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي الْكِتَابَةِ (فَصْلَ مُضَافِ اسْمِ اللَّهِ) كَعَبْدٍ (مِنْهُ) أَيْ: مِنَ الِاسْمِ الْكَرِيمِ، فَلَا يَكْتُبُونَ التَّعْبِيدَ فِي آخِرِ سَطْرٍ، وَاللَّهُ أَوِ الرَّحْمَنُ أَوِ الرَّحِيمُ مَعَ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ ابْنُ فُلَانٍ مَثَلًا (بِ) أَوَّلٍ (سَطْرٍ) آخَرَ، احْتِرَازًا عَنْ قَبَاحَةِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ.

وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ، وَإِنْ رَوَى الْخَطِيبُ فِي " جَامِعِهِ " مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ الْعُكْبَرِيِّ - بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَبِيهِ وَنِسْبَتِهِ - أَنَّهُ قَالَ: وَفِي الْكِتَابِ - يَعْنِي - مَنْ لَا يَتَجَنَّبُهُ أَوْ هُوَ غَلَطٌ - أَيْ: خَطَأٌ قَبِيحٌ - فَيَجِبُ عَلَى الْكَاتِبِ أَنْ يَتَوَقَّاهُ وَيَتَأَمَّلَهُ وَيَتَحَفَّظَ مِنْهُ.

وَقَالَ الْخَطِيبُ: إِنَّ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ، فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِحَمْلِ شَيْخِنَا لَهُ عَلَى التَّأْكِيدِ لِلْمَنْعِ، وَلَا شَكَّ فِي تَأَكُّدِهِ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ التَّعْبِيدُ آخِرَ

ص: 64

الصَّفْحَةِ الْيُسْرَى، وَالِاسْمُ الْكَرِيمُ وَمَا بَعْدَهُ أَوَّلَ الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى، فَإِنَّ النَّاظِرَ إِذَا رَآهُ كَذَلِكَ رُبَّمَا لَمْ يَقْلِبِ الْوَرَقَةَ وَيَبْتَدِئُ بِقِرَاءَتِهِ كَذَلِكَ بِدُونِ تَأَمُّلٍ، وَكَذَا إِذَا كَانَ عَزْمُهُ عَدَمَ حَبْكِ الْكِتَابِ، وَكَانَ ابْتَدَأَ وَرَقَهُ لِعَدَمِ الْأَمْنِ مِنْ تَقْلِيبِ أَوْرَاقِهِ وَتَفَرُّقِهَا، وَلَكِنْ لَا يَرْتَقِي فِي كُلِّ هَذَا إِلَى الْوُجُوبِ، إِلَّا إِنِ اقْتَرَنَ بِقَصْدٍ فَاسِدٍ، كَإِيقَاعٍ لِغَيْرِهِ فِي الْمَحْذُورِ، وَيَتَأَيَّدُ مَا جَنَحَ إِلَيْهِ شَيْخُنَا بِتَصْرِيحِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " الِاقْتِرَاحِ " بِأَنَّ ذَلِكَ أَدَبٌ، بَلْ وَنَصَرَهُ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ.

وَكَرَسُولٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَلَا يُكْتَبُ رَسُولٌ فِي آخِرِ سَطْرٍ، وَاسْمُ اللَّهِ مَعَ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ آخَرَ، فَقَدْ كَرِهَهُ الْخَطِيبُ أَيْضًا وَقَالَ: إِنَّهُ يَنْبَغِي التَّحَفُّظُ مِنْهُ. وَتَبِعَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَجَزَمَ بِالْكَرَاهَةِ فِيهِ وَفِيمَا أَشْبَهَهُ.

وَيَلْتَحِقُ بِهِ - كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَقَوْلِهِ: «سَابُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَافِرٌ» . وَكَذَا أَسْمَاءُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم كَقَوْلِهِ: «قَاتِلُ ابْنِ صَفِيَّةَ فِي النَّارِ» يَعْنِي بِابْنِ صَفِيَّةَ. الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَلَا يُكْتَبُ " سَابُّ " أَوْ " قَاتِلُ " فِي آخِرِ سَطْرٍ وَمَا بَعْدَهُ فِي أَوَّلِ آخَرَ، بَلْ وَلَا اخْتِصَاصَ لِلْكَرَاهَةِ بِالْفَصْلِ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ، فَلَوْ

ص: 65