المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تقديم المتن على السند] - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ٣

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمُكَاتَبَةُ]

- ‌[إِعْلَامُ الشَّيْخِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابِ]

- ‌[الْوِجَادَةُ]

- ‌[كِتَابَةُ الْحَدِيثِ وَضَبْطُهُ]

- ‌[حُكْمُ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ وَأَدِلَّتُهَا]

- ‌[حُكْمُ ضَبْطِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[حُكْمُ دِقَّةِ الْخَطِّ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ ضَبْطِ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَة]

- ‌[رُمُوزُ الْكُتَّابِ وَحُكْمَهَا]

- ‌[الْحَثُّ عَلَى كِتْبَةِ ثَنَاءَ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ]

- ‌[الْمُقَابَلَةُ]

- ‌[تَخْرِيجُ السَّاقِطِ]

- ‌[التَّصْحِيحُ وَالتَّمْرِيضُ]

- ‌[الْكَشْطُ وَالْمَحْوُ وَالضَّرْبُ]

- ‌[الْعَمَلُ فِي اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ]

- ‌[الْإِشَارَةُ بِالرَّمْزِ]

- ‌[رَمْزُ قَالَ وَحَذْفُهَا]

- ‌[وَضْعُ " حَ " بَيْنَ الْأَسَانِيدِ وَمَعْنَاهَا]

- ‌[كِتَابَةُ التَّسْمِيعِ]

- ‌[صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَأَدَائِهِ]

- ‌[جَوَازُ الرِّوَايَةِ مِنَ الْكُتُبِ الْمَصُونَةِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ مِنَ الْأَصْلِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى]

- ‌[الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيثِ]

- ‌[التَّسْمِيعُ بِقِرَاءَةِ اللَّحَّانِ وَالْمُصَحِّفِ]

- ‌[إِصْلَاحُ اللَّحْنِ وَالْخَطَأِ]

- ‌[اخْتِلَافُ أَلْفَاظِ الشُّيُوخِ]

- ‌[الزِّيَادَةُ فِي نَسَبِ الشَّيْخِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي إِسْنَادُهَا وَاحِدٌ]

- ‌[تَقْدِيمُ الْمَتْنِ عَلَى السَّنَدِ]

- ‌[إِذَا قَالَ الشَّيْخُ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ]

- ‌[إِبْدَالُ الرَّسُولِ بِالنَّبِيِّ وَعَكْسُهُ]

- ‌[السَّمَاعُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْوَهْنِ أَوْ عَنْ رَجُلَيْنِ]

- ‌[آدَابُ الْمُحَدِّثِ]

- ‌[وُجُوبُ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ وَتَصْحِيحِهَا عِنْدَ التَّحْدِيثِ]

- ‌[اسْتِحْبَابُ عَقْدِ مَجْلِسِ الْإِمْلَاءِ]

- ‌[آدَابُ طَالِبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[تَصْحِيحُ النِّيَّةِ وَتَحْقِيقُ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[الِاعْتِنَاءُ بِمَعْرِفَةِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَأُصُولِهِ]

- ‌[الْعَالِي وَالنَّازِلُ]

- ‌[الْإِسْنَادُ خَصِّيصَةٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ]

- ‌[الْمُوَافَقَةُ وَالْبَدَلُ]

- ‌[عُلُوُّ الصِّفَةِ قَلِيلُ الْجَدْوَى]

- ‌[عُلُوُّ الْإِسْنَادِ بِقِدَمِ السَّمَاعِ]

الفصل: ‌[تقديم المتن على السند]

الْبُخَارِيُّ أَحْيَانًا فِي تَرْجَمَةِ شُعَيْبٍ أَيْضًا.

وَمِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ «لَا تَبُولُوا فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» قَالَ: ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبٌ، ثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ» ) . وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: ( «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» ) الْحَدِيثَ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا اتَّفَقَتَا فِي ابْتِدَائِهِمَا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ حَدِيثٌ فِي إِحْدَاهُمَا إِلَّا وَهُوَ فِي الْأُخْرَى، وَسَبَقَهُمَا إِلَى نَحْوِهِ مَالِكٌ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ فِي بَابِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَتَمَةِ مِنْ (مُوَطَّئِهِ) مُتُونًا بِسَنَدٍ وَاحِدٍ، أَوَّلُهَا:(مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَوْكٍ)، وَآخِرُهَا:( «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْحِ وَالْعَتَمَةِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» ) وَلَيْسَ غَرَضُهُ إِلَّا الْأَخِيرَ، وَلَكِنَّهُ أَدَّاهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَمِعَهَا بِهِ، وَكَذَا وَافَقَ عَلَى مُطْلَقِ الْبَيَانِ آخَرُونَ.

(وَمَنْ يُعِيدُ سَنَدَ الْكِتَابِ) أَوِ الْجُزْءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا، (مَعْ آخِرِهِ) أَيْ فِي آخِرِ الْكِتَابِ، فَقَدِ (احْتَاطَ) لِمَا فِيهِ مِنَ التَّأْكِيدِ وَتَضَمُّنِ إِجَازَةٍ بَالِغَةٍ مِنْ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ، وَلَكِنْ (خُلْفًا مَا رَفَعَ) أَيْ: لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ الْخِلَافَ، مِنْ أَجْلِ عَدَمِ اتِّصَالِ السَّنَدِ بِكُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا، بَلِ الْخِلَافُ الْمَاضِي فِي إِفْرَادِ كُلِّ حَدِيثٍ لَمْ يَزُلْ بِذَلِكَ.

[تَقْدِيمُ الْمَتْنِ عَلَى السَّنَدِ]

(665)

وَسَبْقُ مَتْنٍ لَوْ بِبَعْضِ سَنَدٍ

لَا يَمْنَعُ الْوَصْلَ وَلَا أَنْ يَبْتَدِيَ

ص: 193

(666)

رَاوٍ كَذَا بِسَنَدٍ فَمُتَّجِهْ

وَقَالَ خُلْفُ النَّقْلِ مَعْنًى يَتَّجِهْ

(667) فِي ذَا كَبَعْضِ الْمَتْنِ قَدَّمْتَ عَلَى

بَعْضٍ فَفِيهِ ذَا الْخِلَافُ نُقِلَا

[تَقْدِيمُ الْمَتْنِ عَلَى السَّنَدِ لَا يَمْنَعُ الْوَصْلَ] : الْفَصْلُ الْعَاشِرُ: (تَقْدِيمُ الْمَتْنِ عَلَى السَّنَدِ) جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ. (وَسَبْقُ مَتْنٍ) عَلَى جَمِيعِ سَنَدِهِ كَمَا جَاءَ مِنَ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: نَزَلَتْ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] . فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ السَّهْمِيِّ، بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ. أَخْبَرَنِيهِ يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) . الْحَدِيثَ. فَقِيلَ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ. يَعْنِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ.

وَكَقَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِي أَوَاخِرِ الْعِلْمِ مِنْ (صَحِيحِهِ) : وَقَالَ عَلِيٌّ: (حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) .

حَدَّثَنَا بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ. جَائِزٌ، وَ (لَوْ) كَانَ سَبْقُهُ مُقْتَرِنًا (بِبَعْضِ سَنَدِ) سَوَاءٌ كَانَ الْبَعْضُ السَّابِقُ مِمَّا يَلِي الرَّاوِيَ كَقَوْلِ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: ( «إِذَا كَفَى الْخَادِمُ أَحَدَكُمُ طَعَامَهُ فَلْيُجْلِسْهُ فَلْيَأْكُلْ مَعَهُ» ) الْحَدِيثَ.

وَقُرِئَ عَلَيْهِ إِسْنَادُهُ: سَمِعْتُ أَبَا الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِ.

وَقَوْلِهِ أَيْضًا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: ( «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَارْمُوهَا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ» ) . وَقُرِئَ عَلَيْهِ إِسْنَادُهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ أُمِّهِ، يَعْنِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِ.

وَحَكَى أَحْمَدُ أَنَّ شَرِيكًا لَمْ

ص: 194

يَكُنْ يُحَدِّثُ إِلَّا هَكَذَا، كَانَ يَذْكُرُ الْحَدِيثَ فَيَقُولُ: فُلَانٌ. فَيُقَالُ: عَمَّنْ؟ فَيَقُولُ: عَنْ فُلَانٍ.

أَوْ مِمَّا يَلِي الْمَتْنَ كَأَنْ يَقُولَ: رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذَا. أَنَا بِهِ فُلَانٌ. وَيَسُوقُ سَنَدَهُ إِلَى عَمْرٍو.

وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ، كَمَا حَكَى مَالِكٌ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى الزُّهْرِيِّ فَيَقُولُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ كَذَا. ثُمَّ نَجْلِسُ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَقُولُ لَهُ: الَّذِي ذَكَرْتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ; مَنْ أَخْبَرَكَ بِهِ؟ قَالَ: ابْنُهُ سَالِمٌ.

وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِجَوَازِ ذَلِكَ أَحْمَدُ، بَلْ وَفَعَلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. وَ (لَا يَمْنَعُ) السَّبْقُ فِي ذَلِكَ (الْوَصْلَ) ، بَلْ يُحْكَمُ بِاتِّصَالِهِ كَمَا إِذَا قَدَّمَ السَّنَدَ عَلَى الْمَتْنِ.

(وَ) كَذَا (لَا) يَمْنَعُ (أَنْ يَبْتَدِي) رَاوٍ تَحَمَّلَ مِنْ شَيْخِهِ هَـ (كَذَا) الْمَتْنَ (بِسَنَدٍ) وَيُؤَخِّرُ الْمَتْنَ كَالْجَادَةِ الْمَأْلُوفَةِ (فَـ) هَذَا (مُتَّجِهْ) كَمَا جَوَّزَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ يُشْعِرُ بِهِ، فَإِنَّ أَبَا دَاوُدَ سَأَلَهُ: هَلْ لِمَنْ سَمِعَ كَذَلِكَ أَنْ يُؤَلِّفَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ. وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ: الْأَشْبَهُ عِنْدِي جَوَازُهُ.

وَيَلْتَحِقُ بِذَلِكَ تَقْدِيمُ اسْمِ شَيْخِهِ عَلَى الصِّيغَةِ، كَأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مَثَلًا: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي.

(وَقَالَ) ابْنُ الصَّلَاحِ وَ (خُلْفُ) أَيِ: الْخِلَافُ فِي (النَّقْلِ مَعْنًى) أَيْ: بِالْمَعْنَى (يَتَّجِهْ) مَجِيئُهُ (فِي ذَا) الْفَرْعِ (كَبَعْضِ الْمَتْنِ) إِذَا (قَدَّمْتَ) بِهِ (عَلَى بَعْضٍ فَفِيهِ) أَيْضًا (ذَا الْخِلَافُ) كَمَا عَنِ الْخَطِيبِ قَدْ (نُقِلَا) ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ.

وَلَكِنْ قَدْ مَنَعَ الْبُلْقِينِيُّ مَجِيءَ الْخِلَافِ فِي فَرْعِنَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ تَقْدِيمَ

ص: 195

بَعْضِ الْمَتْنِ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى خَلَلٍ فِي الْمَقْصُودِ فِي الْعَطْفِ وَعَوْدِ الضَّمِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْمَتْنِ عَلَى السَّنَدِ.

وَسَبَقَهُ إِلَى الْإِشَارَةِ لِذَلِكَ النَّوَوِيُّ، فَقَالَ فِي (إِرْشَادِهِ) : وَالصَّحِيحُ أَوِ الصَّوَابُ جَوَازُ هَذَا، وَلَيْسَ كَتَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَتْنِ عَلَى بَعْضٍ، فَإِنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى بِخِلَافِ هَذَا.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَطْعُ بِجِوَازِهِ. وَقِيلَ: فِيهِ خِلَافٌ كَتَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَتْنِ عَلَى بَعْضٍ. عَلَى أَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ إِنَّمَا أَطْلَقَ اسْتِغْنَاءً بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ شُرُوطِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، لَكِنْ قَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِجَوَازِهِ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَتْنُ الْمُتَقَدَّمُ مُرْتَبِطًا بِالْمُؤَخَّرِ. ثُمَّ إِنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنَ الْجَوَازِ مَا يَقَعُ لِابْنِ خُزَيْمَةَ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ إِذَا كَانَ فِي السَّنَدِ مَنْ فِيهِ مَقَالٌ حَيْثُ يَبْتَدِئُ مِنَ الْمُتَكَلَّمِ فِيهِ، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْمَتْنِ يَذْكُرُ أَوَّلَ السَّنَدِ، وَقَالَ: إِنَّ مَنْ رَوَاهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ فِي حِلٍّ مِنْهُ.

وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ الْقَائِلَ بِالرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى لَا يُجَوِّزُ مِثْلَ هَذَا. يَعْنِي حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ. وَكَذَا مَيَّزَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَيْنَ مَا يُخْرِجُهُ فِي (مُسْتَخْرَجِهِ) مِنْ طَرِيقِ مَنْ يَعْرِضُ فِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَبَيْنَ الصَّحِيحِ عَلَى شَرْطِهِ، بِذِكْرِ الْخَبَرِ مِنْ فَوْقُ، ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ يَقُولُ: أَخْبَرَنِيهِ فُلَانٌ، عَنْ فُلَانٍ. كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي (الْمَدْخَلِ) .

وَمِمَّنْ مَنَعَ تَقْدِيمَ بَعْضِ الْمَتْنِ عَلَى بَعْضٍ ابْنُ عُمَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى حَدِيثَ. ( «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» ) . وَفِيهِ (حَجُّ الْبَيْتِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ) . فَأَعَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ بِتَقْدِيمِ الصِّيَامِ، فَقَالَ: لَا، اجْعَلِ الصِّيَامَ آخِرَهُنَّ كَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 196