المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْخِلَعِيِّ) مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَهَذَا بَيْنَنَا - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ٣

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمُكَاتَبَةُ]

- ‌[إِعْلَامُ الشَّيْخِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابِ]

- ‌[الْوِجَادَةُ]

- ‌[كِتَابَةُ الْحَدِيثِ وَضَبْطُهُ]

- ‌[حُكْمُ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ وَأَدِلَّتُهَا]

- ‌[حُكْمُ ضَبْطِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[حُكْمُ دِقَّةِ الْخَطِّ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ ضَبْطِ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَة]

- ‌[رُمُوزُ الْكُتَّابِ وَحُكْمَهَا]

- ‌[الْحَثُّ عَلَى كِتْبَةِ ثَنَاءَ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ]

- ‌[الْمُقَابَلَةُ]

- ‌[تَخْرِيجُ السَّاقِطِ]

- ‌[التَّصْحِيحُ وَالتَّمْرِيضُ]

- ‌[الْكَشْطُ وَالْمَحْوُ وَالضَّرْبُ]

- ‌[الْعَمَلُ فِي اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ]

- ‌[الْإِشَارَةُ بِالرَّمْزِ]

- ‌[رَمْزُ قَالَ وَحَذْفُهَا]

- ‌[وَضْعُ " حَ " بَيْنَ الْأَسَانِيدِ وَمَعْنَاهَا]

- ‌[كِتَابَةُ التَّسْمِيعِ]

- ‌[صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَأَدَائِهِ]

- ‌[جَوَازُ الرِّوَايَةِ مِنَ الْكُتُبِ الْمَصُونَةِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ مِنَ الْأَصْلِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى]

- ‌[الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيثِ]

- ‌[التَّسْمِيعُ بِقِرَاءَةِ اللَّحَّانِ وَالْمُصَحِّفِ]

- ‌[إِصْلَاحُ اللَّحْنِ وَالْخَطَأِ]

- ‌[اخْتِلَافُ أَلْفَاظِ الشُّيُوخِ]

- ‌[الزِّيَادَةُ فِي نَسَبِ الشَّيْخِ]

- ‌[الرِّوَايَةُ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي إِسْنَادُهَا وَاحِدٌ]

- ‌[تَقْدِيمُ الْمَتْنِ عَلَى السَّنَدِ]

- ‌[إِذَا قَالَ الشَّيْخُ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ]

- ‌[إِبْدَالُ الرَّسُولِ بِالنَّبِيِّ وَعَكْسُهُ]

- ‌[السَّمَاعُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْوَهْنِ أَوْ عَنْ رَجُلَيْنِ]

- ‌[آدَابُ الْمُحَدِّثِ]

- ‌[وُجُوبُ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ وَتَصْحِيحِهَا عِنْدَ التَّحْدِيثِ]

- ‌[اسْتِحْبَابُ عَقْدِ مَجْلِسِ الْإِمْلَاءِ]

- ‌[آدَابُ طَالِبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[تَصْحِيحُ النِّيَّةِ وَتَحْقِيقُ الْإِخْلَاصِ]

- ‌[الِاعْتِنَاءُ بِمَعْرِفَةِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَأُصُولِهِ]

- ‌[الْعَالِي وَالنَّازِلُ]

- ‌[الْإِسْنَادُ خَصِّيصَةٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ]

- ‌[الْمُوَافَقَةُ وَالْبَدَلُ]

- ‌[عُلُوُّ الصِّفَةِ قَلِيلُ الْجَدْوَى]

- ‌[عُلُوُّ الْإِسْنَادِ بِقِدَمِ السَّمَاعِ]

الفصل: الْخِلَعِيِّ) مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَهَذَا بَيْنَنَا

الْخِلَعِيِّ) مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَهَذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِيهِ تِسْعَةٌ، فَهُوَ أَعْلَى مِمَّا لَوْ رُوِّينَاهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ ; لِأَنَّ مِنَّا إِلَى كُلٍّ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَوْ مَنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ ثَمَانِيَةً، وَهُوَ وَشَيْخُهُ الَّذِي هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ اثْنَانِ، فَصَارَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَشْرَةٌ.

عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مَا يَكُونُ عَالِيًا مُطْلَقًا أَيْضًا ; كَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: ( «يَوْمَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عليه السلام كَانَ عَلَيْهِ جُبَّةٌ صُوفٍ» ) ; فَإِنَّا لَوْ رَوَيْنَا مِنْ جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ يَكُونُ أَعْلَى مِمَّا نَرْوِيهِ مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَجَرٍ عَنْ خَلَفٍ مَعَ كَوْنِهِ عُلُوًّا مُطْلَقًا ; إِذْ لَا يَقَعُ هَذَا الْحَدِيثُ الْيَوْمَ لِأَحَدٍ أَعْلَى مِنْ رِوَايَتِنَا لَهُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ.

وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ الْمُوَافَقَاتُ وَسَائِرُ مَا أَسْلَفْتُهُ فِي أَصْلِ التَّرْجَمَةِ.

[الْمُوَافَقَةُ وَالْبَدَلُ]

(741)

فَإِنْ يَكُنْ فِي شَيْخِهِ قَدْ وَافَقَهْ

مَعَ عُلُوٍّ فَهُوَ الْمُوَافَقَهْ

(742)

أَوْ شَيْخِ شَيْخِهِ كَذَاكَ فَالْبَدَلْ

وَإِنْ يَكُنْ سَاوَاهُ عَدًّا قَدْ حَصَلْ

(743)

فَهْوَ الْمُسَاوَاةُ وَحَيْثُ رَاجَحَهْ

الْأَصْلُ بِالْوَاحِدِ فَالْمُصَافَحَهْ

[الْمُوَافَقَةُ وَالْبَدَلُ] : (فَإِنْ يَكُنْ) الْمُخَرِّجُ (فِي شَيْخِهِ) ; أَيْ: شَيْخِ أَحَدِ السِّتَّةِ، (قَدْ وَافَقَهْ) ، كَأَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ مَثَلًا أَوْرَدَ حَدِيثًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، فَنُخْرِجُهُ نَحْنُ مِنْ جُزْءِ الْأَنْصَارِيِّ الْمَشْهُورِ، وَذَلِكَ (مَعَ عُلُوٍّ) بِدَرَجَةٍ كَمَا هُنَا،

ص: 344

وَقَدْ يَكُونُ بِأكْثَرَ عَمَّا لَوْ رَوَيْنَاهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ، (فَهُوَ الْمُوَافَقَهْ) ; إِذْ قَدِ اتَّفَقَا فِي الْأَنْصَارِيِّ.

أَوْ إِنْ يَكُنِ الْمُخَرِّجُ وَافَقَ أَحَدَ أَصْحَابِ السِّتَّةِ فِي (شَيْخِ شَيْخِهِ كَذَاكَ) ; أَيْ: مَعَ عُلُوٍّ بِدَرَجَةٍ فَأَكْثَرَ ; كَحَدِيثٍ يُورِدُهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَنُخْرِجُهُ مِنْ جِهَةِ الْعَدَنِيِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَهُوَ أَيْضًا الْمُوَافَقَةُ، لَكِنْ مُقَيَّدَةٌ، فَيُقَالُ: مُوَافَقَةٌ فِي شَيْخِ شَيْخِ فُلَانٍ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَـ) هُوَ (الْبَدَلْ) ; لِوُقُوعِهِ مِنْ طَرِيقِ رَاوٍ بَدَلَ الرَّاوِي الَّذِي أَوْرَدَهُ أَحَدُ أَصْحَابِ السِّتَّةِ مِنْ جِهَتِهِ.

وَمِنْ لَطِيفِ الْمُوَافَقَةِ وَعَزِيزِهَا مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُوَافَقَةُ لِكُلٍّ مِنَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رَوَاهُ عَنْ شَيْخٍ غَيْرِ شَيْخِ الْآخَرِ فِيهِ، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ:

مِنْهَا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، ثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَفَعَهُ:( «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ» ) ; فَإِنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبُخَارِيَّ رَوَاهُ عَنِ الْقَطَوَانِيِّ، فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةٌ لَهُمَا مَعَ اخْتِلَافِ شَيْخَيْهِمَا.

وَأَمَّا مَا تَقَعُ الْمُوَافَقَةُ فِيهِ فِي شَيْخٍ يَرْوِيَانِ عَنْهُ، فَكَمَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: كَثِيرٌ، يَعْنِي لِاتِّفَاقِهِمَا، بَلْ وَكَذَا بَقِيَّةُ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ كَثِيرِينَ، وَقَدْ نَظَمَهُمُ الذَّهَبِيُّ فَقَالَ:

بُنْدَارٌ ابْنُ الْمُثَنَّى الْجَهْضَمِيُّ أَبُو

سَعِيدٍ عَمْرٌو وَقَيْسِيُّ وَحَسَّانِي

ص: 345

يَعْقُوبُ وَالْعَنْبَرِيُّ الْجَوْهَرِيُّ هُمُ

مَشَايِخُ السِّتَّةِ أَعْرِفُهُمْ بِإِحْسَانِ

فَبُنْدَارٌ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى هُوَ أَبُو مُوسَى مُحَمَّدٌ، وَالْجَهْضَمِيُّ هُوَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو سَعِيدٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، وَعَمْرٌو هُوَ ابْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ، وَالْقَيْسِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، وَالْحَسَّانِيُّ هُوَ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى، وَيَعْقُوبُ هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ هُوَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، وَالْجَوْهَرِيُّ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، وَلَكِنَّ الْعَبَّاسَ إِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا.

وَالْجَوْهَرِيُّ لَمْ تَقَعْ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ صَرِيحًا، وَإِنَّمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَسَاكِرَ وَمَنْ تَبِعَهُ فِيمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ، وَقَدْ ذَيَّلَ الْبَدْرُ بْنُ سَلَامَةَ الْحَنَفِيُّ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ:

وَأَبُو كُرَيْبٍ رَوَوْا عَنْهُ بِأَجْمَعِهِمْ

وَالْفِيرَيَابِيُّ قَلَّ شَيْخٌ لَهُمْ ثَانِ.

ثُمَّ إِنَّ الْمُخَرِّجِينَ لَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الْمُوَافَقَةِ أَوِ الْبَدَلِ إِلَّا مَعَ الْعُلُوِّ، وَحَيْثُ فُقِدَ فَلَا يَلْتَفِتُونَ لِذَلِكَ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَلَكِنْ قَدْ أَطْلَقَهُ فِيهِمَا مَعَ التَّسَاوِي فِي الطَّرِيقَيْنِ ابْنُ الظَّاهِرِيِّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ عَلَا قِيلَ: مُوَافَقَةً عَالِيَةً أَوْ بَدَلًا عَالِيًا، وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا: وَأَكْثَرُ مَا يَعْتَبِرُونَ الْمُوَافَقَةَ وَالْبَدَلَ إِذَا قَارَنَّا الْعُلُوَّ، وَإِلَّا فَاسْمُ الْمُوَافَقَةِ وَالْبَدَلِ وَاقِعٌ بِدُونِهِ. انْتَهَى.

بَلْ فِي كَلَامِ ابْنِ الظَّاهِرِيِّ وَالذَّهَبِيِّ اسْتِعْمَالُ الْمُوَافَقَةِ فِي النُّزُولِ، لَكِنْ مُقَيَّدًا،

ص: 346

كَمَا قُيِّدَتْ فِي الْعُلُوِّ، فَيُقَالُ: مُوَافَقَةٌ نَازِلَةٌ.

[الْمُسَاوَاةُ وَالْمُصَافَحَةُ] : (وَإِنْ يَكُنْ) الْمُخَرِّجُ (سَاوَاهُ) ; أَيْ: سَاوَى أَحَدَ أَصْحَابِ السِّتَّةِ (عَدًّا قَدْ حَصَلْ) ; أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْعَدِّ، بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُخَرِّجِ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَرْفُوعِ، أَوِ الصَّحَابِيِّ فِي الْمَوْقُوفِ، أَوِ التَّابِعِيِّ فِي الْمَقْطُوعِ، أَوْ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقُ، كَمَا بَيْنَ أَحَدِ السِّتَّةِ وَبَيْنَ أَحَدِ مَنْ ذُكِرَ فِي الْعَدَدِ، سَوَاءٌ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُلَاحَظَةِ ذَاكَ الْإِسْنَادِ الْخَاصِّ.

(فَهُوَ الْمُسَاوَاةُ) لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْعَدَدِ، وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ وَمَا قَارَبَهَا بِالنِّسْبَةِ لِأَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَمَنْ فِي طَبَقَتِهِمْ.

نَعَمْ، يَقَعُ لَنَا ذَلِكَ مَعَ مَنْ بَعْدَهُمْ ; كَالْبَيْهَقِيِّ وَالْبَغَوِيِّ فِي (شَرْحِ السُّنَّةِ) وَنَحْوِهِمَا، بَلْ وَقَدْ وَقَعَتْ لِي الْمُسَاوَاةُ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِ السِّتَّةِ فِي مُطْلَقِ الْعَدَدِ، لَا فِي مَتْنٍ مُتَّحِدٍ، وَذَلِكَ أَنَّنِي - كَمَا قَدَّمْتُ - بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ عَشَرَةُ رُوَاةٍ.

وَكَذَا وَقَعَ لِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ أَصْحَابِ السِّتَّةِ حَدِيثٌ عُشَارِيٌّ، فَقَالَا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ: وَقُتَيْبَةُ، قَالَا: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجُعْفِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ زَائِدَةَ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، كِلَاهُمَا عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ امْرَأَةٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( « {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ثُلُثٌ الْقُرْآنِ» ) .

وَقَالَ النَّسَائِيُّ عَقِبَهُ: لَا أَعْرِفُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ إِسْنَادًا أَطْوَلَ مِنْ هَذَا. قُلْتُ:

ص: 347

وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ عِنْدِ النَّسَائِيِّ أَيْضًا مِثَالٌ لِهَذَا.

(وَ) أَمَّا (حَيْثُ رَاجَحَهُ الْأَصْلُ) ; أَيْ: زَادَ أَحَدُ أَصْحَابِ السِّتَّةِ عَلَى الْمُخَرِّجِ بِالْوَاحِدِ فِي حَدِيثٍ، كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَحَدِ أَصْحَابِ السِّتَّةِ وَصَاحِبِ الْخَبَرِ عَشْرَةٌ مَثَلًا، وَبَيْنَ الْمُخَرِّجِ وَبَيْنَهُ أَحَدَ عَشَرَ، بِحَيْثُ يَسْتَوِي مَعَ تِلْمِيذِهِ، وَيَكُونُ شَيْخُ الْمُخَرِّجِ مُسَاوِيًا لِأَحَدِ الْمُصَنِّفِينَ، فَهُوَ الْمُسَاوَاةُ لِلشَّيْخِ.

وَ (الْمُصَافَحَهْ) لِلْمُخَرِّجِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ فِي الْغَالِبِ بِالْمُصَافَحَةِ بَيْنَ الْمُتَلَاقِيَيْنِ، وَالْمُخَرِّجُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَأَنَّهُ لَاقَى أَحَدَ أَصْحَابِ السِّتَّةِ، فَكَأَنَّهُ صَافَحَهُ.

فَإِنْ كَانَتِ الْمُسَاوَاةُ لِشَيْخِ شَيْخِهِ كَانَتِ الْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِهِ أَوْ لِشَيْخِ شَيْخِ شَيْخِهِ، فَالْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِ شَيْخِهِ، وَالْمُخَرِّجُونَ غَالِبًا يُنَبِّهُونَ عَلَى ذَلِكَ تَرْغِيبًا فِيهِ وَتَنْشِيطًا لِطَالِبِيهِ، فَيَقُولُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى: فَكَأَنِّي سَمِعْتُ فُلَانًا - وَيُسَمِّي ذَلِكَ الْمُصَنِّفَ الَّذِي وَقَعَ التَّصَافُحُ مَعَهُ - وَصَافَحْتُهُ.

وَحِينَئِذٍ فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي ذِكْرِ ذَلِكَ وَعَدَمِهِ، ثُمَّ إِذَا ذَكَرْتَهُ فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِكَ أَوْ شَيْخِ شَيْخِكَ، بَيْنَ أَنْ تُعَيِّنَهُ بِأَنْ تَقُولَ: وَكَأَنَّ شَيْخِي أَوْ شَيْخَ شَيْخِي، أَوْ تَقُولَ: فَكَأَنَّ فُلَانًا، فَقَطْ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ أَنَّ فِي الْمُسَاوَاةِ وَالْمُصَافَحَةِ الْوَاقِعَتَيْنِ لَكَ لَا يَلْتَقِي إِسْنَادُكَ وَإِسْنَادُ الْمُصَنِّفِ إِلَّا بَعِيدًا عَنْ شَيْخِهِ، فَيَلْتَقِيَانِ فِي الصَّحَابِيِّ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتِ الْمُصَافَحَةُ الَّتِي تَذْكُرُهَا لَيْسَتْ لَكَ بَلْ لِمَنْ فَوْقَكَ مِنْ رِجَالِ إِسْنَادِكَ أَمْكَنَ الْتِقَاءُ الْإِسْنَادَيْنِ فِيهَا فِي شَيْخِ الْمُصَنِّفِ، وَدَاخَلَتِ الْمُصَافَحَةُ حِينَئِذٍ الْمُوَافَقَةَ ; فَإِنَّ مَعْنَى الْمُوَافَقَةِ رَاجِعٌ إِلَى مُسَاوَاةٍ وَمُصَافَحَةٍ مَخْصُوصَةٍ ; إِذْ حَاصِلُهَا أَنَّ بَعْضَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رُوَاةِ إِسْنَادِكَ الْعَالِي سَاوَى أَوْ صَافَحَ

ص: 348

ذَاكَ الْمُصَنِّفَ ; لِكَوْنِهِ سَمِعَ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْ شَيْخِهِمَا مَعَ تَأَخُّرِ طَبَقَتِهِ عَنْ طَبَقَتِهِمَا.

قَالَ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْعُلُوِّ عُلُوٌّ تَابِعٌ لِنُزُولٍ ; إِذْ لَوْلَا نُزُولُ ذَلِكَ الْإِمَامِ فِي إِسْنَادِهِ لَمْ تَعْلُ أَنْتَ فِي إِسْنَادِكَ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَ بِمَرْوَ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْمُظَفَّرِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ الْأَرْبَعِينَ لِأَبِي الْبَرَكَاتِ الْفُرَاوِيِّ، وَمَرَّ فِيهَا فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ كَأَنَّهُ سَمِعَهُ هُوَ أَوْ شَيْخُهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ.

قَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ: (إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِعَالٍ، وَلَكِنَّهُ لِلْبُخَارِيِّ نَازِلٌ) .

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (وَهَذَا حَسَنٌ لَطِيفٌ يَخْدِشُ وَجْهَ هَذَا الْنَوْعِ مِنَ الْعُلُوِّ) .

لَكِنْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الْحَدِيثُ مَعَ عُلُوِّهِ النِّسْبِيِّ عَالِيًا لِذَاكَ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا.

وَذَلِكَ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: (إِنْ يَتَأَخَّرْ رَفِيقُ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ فِي سَمَاعِهِ عَنْهُ فِي الْوَفَاةِ، ثُمَّ يَسْمَعُ مِنْهُ مَنْ تَتَأَخَّرُ وَفَاتُهُ، فَيَحْصُلُ لِلْمُخَرِّجِ الْمُوَافَقَةُ الْعَالِيَةُ مِنْ غَيْرِ نُزُولٍ لِذَاكَ الْمُصَنِّفِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مِنَ الْعُلُوِّ الْمُطْلَقِ) .

وَقَدْ أَفْرَدَ كَثِيرٌ مِنَ الْحُفَّاظِ كَثِيرًا مِنَ الْمُوَافَقَاتِ وَالْأَبْدَالِ، وَمِنْ أَوْسَعِهَا كِتَابُ الْحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عَسَاكِرَ، وَهُوَ ضَخْمٌ أَنْبَأَ عَنْ تَبَحُّرِهِ فِي هَذَا الْفَنِّ، وَكَذَا

ص: 349

خَرَّجَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُسَاوَاةَ وَالْمُصَافَحَةَ.

وَذَكَرَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ عِدَّةَ أَمْثِلَةٍ مِمَّا وَقَعَ لَهُ فِيهَا الْمُصَافَحَةُ، بَلْ وَذَكَرَ فِيهَا شَبِيهًا بِالْمُوَافَقَةِ الْمَاضِيَةِ ; فَإِنَّهُ قَرَّرَ أَنَّ كُتُبَ الْخَطَّابِيِّ وَشِبْهِهِ عِنْدَهُ بِوَاسِطَتَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُصَنِّفِهَا، وَأَجَلُّ شَيْخٍ لِلْخَطَّابِيِّ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَحَدِيثُهُ عِنْدَهُ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ.

ثُمَّ إِنَّ الْمُصَافَحَةَ مَفْقُودَةٌ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ أَيْضًا، وَلَكِنْ قَدْ وَقَعَتْ لِقُدَمَاءِ شُيُوخِنَا، فَأَخْبَرَتْنِي أُمُّ مُحَمَّدِ ابْنَةُ عُمَرَ بْنِ جُمَاعَةَ عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ أَبُو حَفْصٍ الْمِزِّيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّعْدِيُّ مُشَافَهَةً عَنْ عَفِيفَةَ ابْنَةِ أَحْمَدَ، قَالَتْ: أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ ابْنَةُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ اللَّخْمِيُّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ وَيُوسُفُ الْقَاضِي، قَالَ الْأَوَّلُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَقَالَ الثَّانِي: ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَا، وَاللَّفْظُ لِأَوَّلِهِمَا: ثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ سَبْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:( «أَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُتْعَةِ» ) . الْحَدِيثَ.

وَفِيهِ: (ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ اللَّاتِي يَتَمَتَّعُ بِهِنَّ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا» ) . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مَعًا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا لَهُمَا عَالِيًا، وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عَلِيٌّ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ.

ص: 350