الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعى الجندي أمر القائد، ولكن المهمة خطيرة فالعدو محاط بآلاف الرجال ولا بد من طريقة للوصول إليه، وليس هناك من سبيل غير أن يخدعه، ولا بد لكي تنجح الخدعة أن يتقول له، والإسلام حرم ذلك على المؤمنين فلا بد أن يستأذن الرسول بذلك لعله يسمح
له به أو يشير بما هو أفضل منه. . فقال عبد الله: يا رسول الله لا بد لي في مهمتي هذه أن أقول! فأشار عليه الرسول أن يقول ما بدا له فالحرب خدعة.
قتل الزعيم:
وانطلق عبد الله إلى مهمته متوشحاً سيفه، ووصل " نخلة " عصراً وقد وجبت الصلاة، ونظر حوله فرأى جمعاً هائلاً وحركة كبيرة والتفت يبحث عن بغيته فرآه مع مجموعة من نسائه يرتاد لهم موضعاً ينصب فيه أخبيتهم فكانت فرصة قد لا تواتي مرة أخرى، وأجال عبد الله خطته في ذهنه وخشي أن تفوته الفرصة وخشي على صلاة العصر أن تفوته، إذ قد يشتبك مع عدوه في مصاولة ومبارزة، فصلى إيماء وهو يمشي نحو عدوه.
وانتهى عبد الله إلى خالد، فلما رأه خالد قال له: من الرجل؟
قال عبد الله: رجل من العرب سمع بك وبحمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك.
قال خالد: أجل إني لفي ذلك وما أظنه سيثبت لي ومعي هذا الحشد من الرجال، وإن هي إلا أيام وتكون المدينة وما فيها نهباً لرجالي، فأهلً بك معنا يا أخا العرب!
وترك خالد نساءه ومشى يحدث عبد الله بما أجمع عليه وما يأمل الحصول عليه من ثمار المدينة وخيراتها، وسار ابن أنيس يزين له فعله ويحبب اليه مقصده، وكان عبد الله حسن الحديث لطيف العبارة، فأنس به خالد وأمنه على نفسه، وظل عبد الله يجاذبه الحديث وهو ينتظر فرصته فلما واتته اقتنصها فاستل سيفه وضرب به رأس عدو الله فأطاحه ووقع جسده على الأرض فأحدث ضجة نبهت نساءه فالتفتن نحوها فرأين رأس خالد يتدحرج بعيداً عن جسده، فصرخن صرخة الموت فاندفع عبد الله ينجو بنفسه واندفع نساء خالد ورجاله إليه، وأخذتهم المفاجأة وشغلهم هولها عن عبد الله وانصرفوا إلى صاحبهم يندبونه وعندما أفاق فريق منهم من هول المفاجأة وفكروا في اللحاق بالقاتل كان هذا قد أعجزهم وفاتهم منه ما يطلبون.
وما إن انتهى القوم من مواراة قتيلهم التراب حتى بدأ جمعهم يتفكك، وما إن أصبح الصباح حتى كانت نخلة قد لفظتهم فلم يبق منهم أحد، وكفى الله رسوله والمؤمنين القتال.