الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقبل أن يستغرق في النوم سمع صوتاً بباب الكهف، فانحاز إلى جانبه المظلم يستخفي من القادم، فدخل عليه رجل أعور من بني بكر، فوثب عمرو ووقف خلف الرجل بقوسه وقال: من الرجل؟
قال: رجل من بني بكر.
قال عمرو: وأنا من بني بكر، حسبتك عدواً.
قال الرجل: لقد أفزعتني، حسبتك أول الأمر من أصحاب محمد.
قال عمرو: وهل عندك شيء من محمد؟
قال الرجل: ليس إلا العداوة ما حييت وانطلق يحدو:
ولست بمسلم ما دمت حياً ولست أدين دين المسلمينا.
قال عمرو لنفسه: سنرى.
واضطجع الرجل واستغرق في النوم، فقام اليه عمرو ووضع سية قوسه في عينه الصحيحة وتحامل عليه حتى بلغ العظم، فقتله شر قتلة.
قتل جاسوس لقريش وأسر آخر:
وخرج مسرعاً حتى لا يدركه أحد من قوم القتيل، وما زال يطوي الأرض حتى جاء " النقيع " فإذا رجلان من قريش جاءا يتجسسان على المسلمين، فكمن لهما حتى إذا مرا به أوتر قوسه وصاح بهما: استأسرا.
قالا: من؟ عمرو بن أمية؟ أنحن نستأسر لك؟
فلم يمهلهما حتى يستعدا، فوضع سهمه في أحدهما فقتله فاستأسر الآخر فأوثقه ثم أتى المدينة بسحبه وراءه!
وهرع المسلمون إلى رسول الله يبشرونه بقدوم عمرو، ودخل عمرو عند رسول الله يجر معه أسيره، وحيا بتحية الإسلام وجلس، وجلس المسلمون حلقة حوله يستمعون إليه وهو يقص على رسول الله أخباره من يوم خروجه إلى حين عودته، وسُرّ عمرو لما يراه من تبسم رسول الله ومن أمارات الإعجاب التي تبدت على وجوه الحاضرين، ومما زاده سروراً أن النبي – عليه السلام – قال له خيراً ودعا له بخير.
* *
إنسانية فذة:
في السنة الخامسة من الهجرة ضاقت على أهل مكة الأرض بما رحبت فقد حرمهم الله المطر فأجدبت الأرض وانقطع الثمر وانعدمت في مكة الأرزاق أو كادت، ولم يرحم القحط غنياً أو فقيراً، وهل ينفع الغني ماله إذا لم يجد ما يشتريه به؟ ! وتضوّر الناس جوعاً وضجت قريش مما أصابها.
وترامى خبر ضائقة قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل أفرحته هذه الأخبار لأنها نزلت بأعدائه؟ أم ذكرته بما