الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانتظر بنو النضير أن يأتيهم ما وُعدوا به من مدد، وطال بهم الانتظار، فعلموا أن ما أملوه خيال وأن الذي وُعدوه سراب، ولم يجدوا من بين ما قيل لهم حقاً سوى جيش رسول الله يحيط بحصنهم ويضيق الخناق عليهم، ثم يأمر بنخلهم أن يحرق، فلم يعد لهم أمل في البقاء فأرسلوا إلى رسول الله: نحن نخرج عن بلادك.
فقال لهم رسول الله: " لا أقبله اليوم، ولكن اخرجوا منها ولكم دماؤهم وما حملت الإبل إلا الحلقة ".
لقد كانوا بنجوة من هذا العقاب لو أنهم لم يغدروا، وقد كان بإمكانهم أن يخرجوا بأموالهم جميعها لو أنهم لم يستمعوا لتحريض المنافقين.
ونادى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة، فأمره أن يتولى إخراجهم، فقام – رضي الله عنه – بهذه المهمة خير قيام.
* *
يهود تنقض العهد:
من صفات يهود أنهم قوم لا يتعلمون ولا يتعظون، تعميهم العداوة ويضلهم الحقد، ولو لم يكونوا كذلك لأخذ بنو قريظة درساً من مصير بني النضير.
إلا أن بني قريظة عندما رأوا قوة الأحزاب وضخامة
حشدهم يوم الخندق، ظنوا أن لا قبل للمسلمين بهم، وأن دولة الإسلام قد دالت، وأن أمر المسلمين قد انتهى.
ولأن اليهود فقدوا ثقتهم بالله سبحانه، وما عادوا يؤمنون بقدرته على نصر القلة المؤمنة على الكثرة الباغية، رضوا أن ينضموا لمعسكر الأحزاب، وأعلنوا نقضهم للعهد الذي بينهم وبين محمد صلى الله عليه وسلم، ووصلت بهم الصفاقة إلى أن يقولوا لسعد بن معاذ عندما ناشدهم العهد الذي بينهم وبين رسول الله: ومن رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد!
* *
الجزاء العادل:
وما إن انتهت غزوة الأحزاب حتى بادر المسلمون بالزحف على بني قريظة وحاصروهم، وكان محمد بن مسلمة – رضي الله عنه – على حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الحصار محكماً لا يستطيع أحد الافلات منه، وعندما حاول عمرو بن سعدي القرظي أن يفلت من الحصار وقع في أسر الحرس النبوي، فجيء به إلى محمد بن مسلمة، وعندما عرفه قال: أعمرو بن سعدي؟ ثم نظر إلى أصحابه وقال: هذا رجل لم يوافق قومه على الغدر بنا، اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام، اطلقوا الرجل ودعوه ينجو بنفسه.