الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثالث: اللعب بالحزة والقِرق
الأولى بحاء مهملة وزاي مشدَّدة: قطعة خشب تحفر فيها حفر ثلاثة أسطر، ويجعل فيها حصى صِغار يُلعَب بها، وقد تُسمَّى الأربعة عشر، وهي المسمَّاة فِي مصر بالمنقلة، وفسَّرَها سليم فِي "تقريبه" بأنها: خشبة تحفر فيها ثمانية وعشرون حُفرة؛ أربعة عشر من ناحية وأربعة عشر من الجانب الآخَر، ويلعب بها، والظاهر أنها نوعان، فلا تخالف بين هذا وما قبلَه، والثانية بكسر القاف وسُكون الراء، وحكى الرَّافِعِيّ عن خطِّ القاضي الرُّوياني فتحهما، ويسمى شطرنج المغاربة أنْ يُخَطَّ على الأرض خط مربع ويجعل فِي وسطه خطَّان كالصليب، ويُجعَل على رأس الخطوط حصى صغارٌ يلعب بها، هذا حقيقتهما، وأمَّا حُكمهما فاختَلَف أئمَّتنا فيه على رأيين ذكرَهُما الرَّافِعِيُّ فقال: وفي "الشامل" أنَّ اللعب بهما لهوٌ كالنرد، وفي تعليق الشيخ أبي حامد أنَّه كالشِّطرَنج، ويشبه أنْ يُقال ما يعتمد فيه على إخراج الكعبين فهو كالنرد، وما يعتمد فيه على الفكر فهو كالشِّطرَنج.
قال الأذرعي، وهذا صحيح مليح، موافق لفَرْقِ الجمهور بين النرد والشِّطرَنج، ثم نازَع الرَّافِعِيّ فيما نقَلَه عن الشيخ أبي حامد أنَّه كالشِّطرَنج بأنَّ المحاملي نقل عنه أنَّ الحزة كالنرد، وسليمًا نقل عنه أنهما كالنرد، وبأنَّ البندنيجي صَرَّحَ بأنهما كالنرد، وهؤلاء الثلاثة هم رُواة طريقة الشيخ أبي حامد، وتعليقه وهو ما أورَدَه الروياني والعمراني، ونقل ابن الرفعة فِي "المطلب" أنَّ تحريمهما هو ما ذهَب إليه [ز1/ 49/ب] العراقيُّون كما صرَّح به البندنيجي، وابن الصَّبَّاغ ثم ذكَر ابن الرفعة حكايةَ الرَّافِعِيِّ عن تعليق أبي حامد وما بَحَثَّه وأقرَّه، وقال الأسنوي: يُؤخَذ من بحث الرَّافِعِيِّ الفَرق
السابق حلهما؛ لأنَّ كلاًّ منهما يعتَمِد فيه الفكر لا على شيءٍ يُرمَى، وأسقط من "الروضة" هذا البحث، ا. هـ.
واعترضه الأذرعي بما مرَّ عن سليم وغيره من أنهما فِي معنى النرد سواء؛ إذ لو كان المعتمَد فيهما الفكر لم يكونا كالنرد سواء.
ثم قال الأذرعي: ولعلَّ ذلك يختلف باختلاف عادات البلاد أو غير ذلك، ا. هـ.
والحق أنَّ الخلاف فِي ذلك ليس له كبيرُ جَدوَى؛ لأنَّ الضابط السابق في ذلك فِي كلام الرَّافِعِيِّ أخذًا من فرقهم السابق بين النرد والشِّطرَنج، إذا عرف وتقرَّر أُدِيرَ الأمرُ عليه، فمتى كان المعتمد على الفِكر والحساب فلا وجْه إلا الحل كالشِّطرَنج، ومتى كان المعتمَد على الحزر والتخمين فلا وجْه إلا الحرمة كالنرد.
(تَنْبِيه) قال أبو حنيفة: يُكرَه اللعب بالنرد، وبالشِّطرَنج، وبالأربعة عشر، ونقل مجليٌّ من أصحابنا عنه ما نصُّه: أكرهه كراهةَ تحريم، فظاهره أنَّه يكره ذلك كله كراهة تحريم.