المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الغين المعجمة - لسان العرب - جـ ٥

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الغين المعجمة

الجزء الخامس

‌ر

‌فصل الغين المعجمة

غبر: غَبَرَ الشيءُ يَغْبُر غُبوراً: مَكَثَ وَذَهَبَ. وغَبَرَ الشيءُ يَغْبُر أَي بَقِيَ. والغابِرُ: الْبَاقِي. والغابِرُ: الْمَاضِي، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَقَدْ يَجِيء الغابِرُ فِي النَّعْتِ كَالْمَاضِي. وَرَجُلٌ غابِرٌ وَقَوْمٌ غُبَّرٌ: غابِرون. والغابِرُ مِنَ اللَّيْلِ: مَا بَقِيَ مِنْهُ. وغُبْرُ كُلِّ شَيْءٍ: بقيَّته، وَالْجَمْعُ أَغبارٌ، وَهُوَ الغُبَّرُ أَيضاً، وَقَدْ غَلَبَ ذَلِكَ عَلَى بَقِيَّةُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَعَلَى بقيَّة دَمِ الْحَيْضِ؛ قَالَ ابْنُ حِلِّزة:

لَا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغْبارِها،

إِنَّك لَا تَدْرِي مَنِ الناتِجُ

وَيُقَالُ: بِهَا غُبَّرٌ مِنْ لَبَنٍ أَي بِالنَّاقَةِ. وغُبَّرُ الحَيْض: بَقَايَاهُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ الحُلَيس:

ومُبَرَّإٍ مِنْ كُلِّ غُبَّرِ حَيْضةٍ،

وفَسادِ مُرْضِعَة، وداءٍ مُغْيِلِ

قَوْلُهُ: ومُبَرَّإٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ:

وَلَقَدْ سَرَيْتُ عَلَى الظلامِ بمِغْشَم

وغُبَّرُ المرَض: بَقَايَاهُ، وَكَذَلِكَ غُبْرُ اللَّيْلِ. وغُبْرُ اللَّيْلِ: آخِرُهُ. وغُبْرُ اللَّيْلِ: بَقَايَاهُ، وَاحِدُهَا غُبْرٌ «2» . وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ: بِفِنائه أَعْنُزٌ دَرُّهُنَّ غُبْرٌ

أَي قَلِيلٌ. وغُبْرُ اللبَن: بقيَّته وَمَا غَبَرَ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

إِنه كَانَ يَحْدُر فِيمَا غَبَرَ مِنَ السُّورة

؛ أَي يُسرِع فِي قِراءتها؛ قَالَ الأَزهري: يَحْتَمِلُ الغابِرُ هُنَا الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي الْمَاضِيَ وَالْبَاقِيَ، فإِنه مِنَ الأَضداد، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ الْكَثِيرُ أَن الغابِرَ الْبَاقِي. قَالَ: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئمة إِنه يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَاضِي؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَنه اعتكَفَ العَشْر الغوابِرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ

، أَي الْبَوَاقِيَ، جمعُ غابِرٍ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: سُئِل عَنْ جُنُب اغْتَرَفَ بكُوز مِنْ حُبّ فأَصابت يدُه الْمَاءَ، فَقَالَ: غابرُه نَجِسٌ

أَي باقيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَلَمْ يَبْقَ إِلا غُبَّرات مِنْ أَهل الْكِتَابِ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

غُبَّرُ أَهل الْكِتَابِ

؛ الغُبَّر جَمْعُ غابِر، والغُبَّرات جَمْعُ غُبَّرٍ. وَفِي حَدِيثِ

عَمرو بْنِ الْعَاصِ: مَا تأَبَّطَتْني الإِماءُ وَلَا حَمَلَتْني الْبَغَايَا فِي غُبَّرات الْمَآلِي

؛ أَراد أَنه لَمْ تتولَّ الإِماء تربيتَه، وَالْمَآلِي:

(2). قوله [وَغُبْرُ اللَّيْلِ بَقَايَاهُ وَاحِدُهَا غبر] كذا بضبط الأصل

ص: 3

خِرَقُ الْحَيْضِ، أَي فِي بَقاياها؛ وتَغَبَّرْتُ مِنَ المرأَة وَلَدًا. وتَزَوَّج رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ امرأَة قَدْ أَسنَّت فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لعلِّي أَتَغبَّر مِنْهَا وَلَدًا، فولدتْ لَهُ غُبَرَ. مِثالُ عُمَر، وَهُوَ غُبَرُ بنَ غَنْم بْنِ يَشْكُر بْنِ بَكْر بْنِ وَائِلٍ. وَنَاقَةٌ مِغْبار: تَغْزُرُ بَعْدَ مَا تَغْزُرُ اللَّواتِي يُنْتَجْن مَعَهَا. ونَعت أَعرابي نَاقَةً فَقَالَ: إِنَّها مِعْشارٌ مِشْكار مِغْبارٌ، فالمِغْبار مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، والمِشْكار الغَزيرة عَلَى قِلَّة الحَظِّ مِنَ المَرْعى، والمِعشَار تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ابْنُ الأَنباري: الغابِرُ الْبَاقِي فِي الأَشْهَر عِنْدَهُمْ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ لِلْمَاضِي غابِرٌ؛ قَالَ الأَعشى فِي الغابِرِ بِمَعْنَى الْمَاضِي:

عَضَّ بِما أَبْقى المَواسي لَهُ،

مِنْ أُمِّه، فِي الزَّمَن الغابِرِ

أَراد الماضي. قال الأَزهري: والعروف فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن الغابِرَ الْبَاقِي. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغُبَّرات البَقايا، وَاحِدُهَا غابِرٌ، ثُمَّ يُجْمَعُ غُبَّراً، ثُمَّ غُبَّرات جَمْعُ الْجَمْعِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ أَئمة اللُّغَةِ: إِن الغابرَ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَاضِي. وَدَاهِيَةُ الغَبَرِ، بِالتَّحْرِيكِ: دَاهِيَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يُهتدى لِمِثْلها؛ قَالَ الحرْمازي يَمْدَحُ المنذِرَ بنَ الجارُودِ:

أَنت لَهَا مُنْذِرُ، مِنْ بَيْنِ البَشَرْ،

داهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمَّاء الغَبَرْ

يُرِيدُ يَا مُنْذِرُ. وَقِيلَ: دَاهِيَةُ الغَبَرِ الَّذِي يعانِدُك ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى قَوْلِكَ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: مَا غَبَّرْت إِلا لِطَلَب المِراء. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ أَمثالهم فِي الدَّهاءِ والإِرْب: إِنه لَدَاهِيَةُ الغَبَر؛ وَمَعْنَى شِعْرِ الْمُنْذِرِ يَقُولُ: إِن ذُكِرتْ يَقُولُونَ لَا تَسْمَعُوهَا فإِنها عَظِيمَةٌ؛ وأَنشد:

قَدْ أَزِمَتْ إِن لَمْ تُغَبَّرْ بِغَبَرْ

قَالَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ جُرْح غَبِرٌ. وَدَاهِيَةُ الغَبَر: بَلِيَّةٌ لَا تَكَادُ تَذْهَبُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

وعاصِماً سَلَّمَهُ مِنَ الغدَرْ

مِنْ بَعْدِ إِرْهان بصَمَّاء الغَبَرْ

قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يَقُولُ أَنجاه مِنَ الْهَلَاكِ بَعْدَ إِشراف عَلَيْهِ. وإِرْهانُ الشَّيْءِ: إِثباتُه وإِدامتُه. والغَبَرُ: الْبَقَاءُ والغَبَرُ، بِغَيْرِ هَاءٍ: التُّراب؛ عَنْ كُرَاعٍ. والغَبَرةُ والغُبار: الرَّهَجُ، وَقِيلَ: الغَبَرةُ تردُّد الرَّهَجِ فإِذا ثَارَ سُمّي غُباراً. والغُبْرة: الغُبار أَيضاً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

بِعَيْنَيَّ لَمْ تَسْتأْنسا يومَ غُبْرَةٍ،

وَلَمْ تَرِدا أَرضَ العِراق فَتَرْمَدَا

وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

فَرَّجْت هَاتِيكَ الغُبَرْ

عَنَّا، وَقَدْ صَابَتْ بقُرْ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه عَنَى غُبَر الجَدْب لأَن الأَرض تَغْبَرُّ إِذا أَجْدَبَتْ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَن غُبَر هَاهُنَا مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَوْ تَعْلَمُونَ مَا يَكُونَ فِي هَذِهِ الأُمَّة مِنَ الْجُوعِ الأَغْبَرِ والمَوْت الأَحْمر

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مِنْ أَحسن الاستِعارات لأَن الْجُوعَ أَبداً يَكُونُ فِي السِّنِينَ المُجدبة، وسِنُو الجَدْب تُسمَّى غُبْراً لاغْبرار آفَاقِهَا مِنْ قلَّة الأَمطار وأَرَضِيها مِنْ عَدَم النَّبَاتِ والاخْضِرار، والموتُ الأَحمرُ الشَّدِيدُ كأَنه موتٌ بالقَتْل وإِراقة الدِّمَاءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عبدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ: يُخَرّب البَصْرةَ الجُوعُ الأَغْبَر وَالْمَوْتُ الأَحْمَرُ

؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ.

ص: 4

واغْبَرَّ الْيَوْمُ: اشتدَّ غُباره؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ. وأَغْبَرْتُ: أَثَرْت الغُبار، وَكَذَلِكَ غَبَّرْت تَغْبِيراً. وطَلَب فُلَانًا فَمَا شَقَّ غُبَارَه أَي لَمْ يُدْرِكه. وغَبَّرَ الشيءَ: لَطَّخَه بالغُبارِ. وتَغَبَّر: تلطَّخ بِهِ. واغبَرَّ الشيءُ: عَلاه الغُبار. والغَبْرةُ: لطخُ الغُبار. والغُبْرَة: لَوْنُ الغُبار؛ وَقَدْ غَبِرَ واغْبَرَّ اغْبِرَاراً، وَهُوَ أَغْبَرُ. والغُبْرة: اغْبِرار اللوْن يَغْبَرُّ للهمِّ وَنَحْوِهِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ

؛ قَالَ: وَقَوْلُ الْعَامَّةِ غُبْرة خَطَأٌ، والغُبْرة لَوْنُ الأَغْبر، وَهُوَ شَبِيهٌ بالغُبار. والأَغْبر: الذِّئْبُ لِلَوْنِهِ؛ التَّهْذِيبُ: والمُغَبِّرة قَوْمٌ يُغَبِّرون بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِدُعَاءٍ وَتَضَرُّعٍ، كَمَا قَالَ:

عِبَادُكَ المُغَبِّره،

رُشَّ عَلَيْنَا المَغفِرَه

قَالَ الأَزهري: وَقَدْ سَمَّوْا مَا يُطَرِّبون فِيهِ مِنَ الشِّعْر فِي ذِكْرِ الله تَغْبيراً كأَنهم تنَاشَدُوهُ بالأَلحان طَرَّبوا فَرَقَّصوا وأَرْهَجوا فسُمّوا مُغَبِّرة لِهَذَا الْمَعْنَى. قَالَ الأَزهري: وَرُوِّينَا عَنْ

الشَّافِعِيِّ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: أَرى الزَّنادِقة وَضَعوا هَذَا التَّغْبِير ليَصُدّوا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: سُمّوا مُغَبِّرين لِتَزْهِيدِهِمُ النَّاسَ فِي الْفَانِيَةِ، وَهِيَ الدُّنْيَا، وَتَرْغِيبِهِمْ فِي الْآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ، والمِغْبار مِنَ النَّخْلِ: الَّتِي يَعْلُوهَا الغُبار؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والغَبْراء: الأَرض لغُبْرة لَوْنِهَا أَو لِمَا فِيهَا مِنَ الغُبار. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: بَيْنا رجُل فِي مَفَازَةٍ غَبْراء

؛ هِيَ الَّتِي لَا يُهْتَدَى لِلْخُرُوجِ مِنْهَا. وَجَاءَ عَلَى غَبْراء الظَّهْرِ وغُبَيراء الظَّهْرِ، يَعْنِي الأَرض. وَتَرَكَهُ عَلَى غُبَيراء الظَّهْرِ أَي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ عَلَى غُبَيراء الظَّهْرِ، وَرَجَعَ عَوْده عَلَى بَدْئه، وَرَجَعَ عَلَى أَدْراجه ورَجَع دَرَجَه الأَوَّل، ونكَص عَلَى عَقِبَيْه، كُلُّ ذَلِكَ إِذا رَجَعَ وَلَمْ يصِب شَيْئًا. وَقَالَ ابْنُ أَحمر: إِذا رَجَعَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَاجَتِهِ قِيلَ: جَاءَ عَلَى غُبَيراء الظَّهْرِ كأَنه رَجَعَ وَعَلَى ظَهْرِهِ غُبار الأَرض. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوة: يُقَالُ تَرَكْتُهُ عَلَى غُبَيراء الظَّهْرِ إِذا خاصَمْت رَجُلًا فَخَصَمته فِي كُلِّ شَيْءٍ وَغَلَبْتَهُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ. والوَطْأَة الغَبْراء: الْجَدِيدَةُ، وَقِيلَ: الدَّارِسَةُ وَهُوَ مِثْلُ الوَطأَة السَّوداء. والغَبراء: الأَرض فِي قَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم:

مَا أَظلَّت الخَضراء وَلَا أَقلَّت الغَبْراء ذَا لَهْجة أَصْدَقَ مِنْ أَبي ذَرٍّ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَضراء السَّمَاءُ، والغَبْراء الأَرض؛ أَراد أَنه مُتَناهٍ فِي الصِّدق إِلى الْغَايَةِ فَجَاءَ بِهِ عَلَى اتِّساع الْكَلَامِ وَالْمَجَازِ. وعِزٌّ أَغْبر: ذاهبٌ دارِس؛ قَالَ المخبَّل السَّعْدِيُّ:

فأَنْزَلَهم دارَ الضَّياع، فأَصْبَحوا

عَلَى مَقْعَدٍ مِنْ مَوْطِن العِزِّ أَغْبَرا

وسَنة غَبْرَاءُ: جَدْبة، وبَنُو غَبْراء: الْفُقَرَاءُ، وَقِيلَ: الغُرَباء، وَقِيلَ: الصَّعالِيك، وَقِيلَ: هُمُ الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ لِلشَّرَابِ مِنْ غَيْرِ تعارُف؛ قَالَ طرفَة:

رأَيتُ بَنِي غَبْراء لَا يُنْكِرُونَنِي،

وَلَا أَهلُ هَذاك الطِّراف المُمَدَّد

وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يَتناهَدون فِي الأَسفار. الْجَوْهَرِيُّ: وبَنُو غَبْراء الَّذِينَ فِي شِعْر طَرَفَةَ المَحَاويج، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ الْبَيْتَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ:

رأَيت بَنِي غَبْراء لَا يُنْكِرُونَنِي

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وإِنما سُمِّيَ الْفُقَرَاءُ بَنِي غَبْراء للُصوقهم بالتُّراب، كَمَا قِيلَ لَهُمُ المُدْقِعُون لِلُصُوقِهِمْ بالدَّقْعاء، وَهِيَ الأَرض كأَنهم لَا حَائِلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا. وَقَوْلُهُ: وَلَا أَهلُ مَرْفُوعٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْفَاعِلِ المضمَر فِي يُنكرونني، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلى تأْكيد لِطُولِ الْكَلَامِ بِلَا

ص: 5

النَّافِيَةِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: مَا أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا. وَالطِّرَافُ: خِباءٌ مِنْ أَدَم تَتَّخِذُهُ الأَغنياء؛ يَقُولُ: إِن الْفُقَرَاءَ يَعْرِفُونَنِي بإِعطائي وبِرّي والأَغنياء يَعْرِفُونَنِي بفَضْلي وجَلالة قَدْرِي. وَفِي حَدِيثِ

أُوَيْس: أَكون فِي غُبَّر النَّاسِ أَحبُّ إِليَ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

فِي غَبْراء النَّاسِ

، بِالْمَدِّ، فالأَوّل فِي غُبَّر النَّاسِ أَي أَكون مَعَ المتأَخرين لَا المتقدِّمين الْمَشْهُورِينَ، وَهُوَ مِنَ الغابِرِ الْبَاقِي، وَالثَّانِي فِي غَبْراء النَّاسِ بِالْمَدِّ أَي فِي فُقَرَائِهِمْ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للمَحاويج بَنُو غَبْراء كأَنهم نُسبوا إِلى الأَرض وَالتُّرَابِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وبَنُو غَبْراء فِيهَا

يَتعاطَون الصِّحافا

يَعْنِي الشُّرْب. والغَبْراء: اسْمُ فَرَسُ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ العَبسي. والغَبْراء: أُنثى الحَجَل. والغَبْراء والغُبَيْراء: نَباتٌ سُهْلِيٌّ، وَقِيلَ: الغَبْراء شَجَرَتُهُ والغُبَيْراء ثَمَرَتُهُ، وَهِيَ فَاكِهَةٌ، وَقِيلَ: الغُبَيْراء شَجَرَتُهُ والغَبْراء ثَمَرَتُهُ بِقَلْبِ ذَلِكَ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ، وأَما هَذَا الثَّمَرُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الغُبَيْراء فَدَخِيلٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغُبَيْراء شَجَرَةٌ مَعْرُوفَةٌ، سُمِّيَتْ غُبَيْراء لِلَوْنِ وَرَقِها وَثَمَرَتِهَا إِذا بَدَتْ ثُمَّ تَحْمَرُّ حُمْرة شَدِيدَةً، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا الِاشْتِقَاقُ بِمَعْرُوفٍ، قَالَ: وَيُقَالُ لِثَمَرَتِهَا الغُبَيراء، قَالَ: وَلَا تُذْكَرُ إِلا مُصَغَّرَةً. والغُبَيراء: السُّكُرْكَةُ، وَهُوَ شَرَابٌ يُعْمَلُ مِنَ الذُّرَةِ يَتَّخِذُهُ الحَبَشُ وَهُوَ يُسْكِر. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِياكم والغُبَيراءَ فإِنها خَمْرُ الْعَالَمِ.

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ خَمْرٌ تُعْمَل مِنَ الغُبَيراء، هَذَا الثَّمَرِ الْمَعْرُوفِ، أَي هِيَ مِثْلُ الْخَمْرِ الَّتِي يَتَعَارَفُهَا جَمِيعُ النَّاسِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ. والغَبْراء مِنَ الأَرض: الخَمِرُ. والغَبْراء والغَبَرة: أَرض كَثِيرَةُ الشَّجَرِ. والغِبْرُ: الحِقْد كالغِمْر. وغَبِرَ العِرْق غَبَراً، فَهُوَ غَبِرٌ: انْتَقَضَ. وَيُقَالُ: أَصابه غَبَرٌ فِي عِرْقِه أَي لَا يَكَادُ يبرأُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَهُوَ لَا يَبْرأُ مَا فِي صَدْرِه،

مِثْلَ مَا لَا يَبْرأُ العِرْقُ الغَبِرْ

بِكَسْرِ الْبَاءِ. وغَبِرَ الجُرْح، بِالْكَسْرِ، يَغْبَر غَبَراً إِذا انْدَمَل عَلَى فَسَادٍ ثُمَّ انْتَقَضَ بَعْدَ البُرْء؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ العرْق الغَبِر لأَنه لَا يَزَالُ يَنْتَقِضُ، وَالنَّاسُورُ بِالْعَرَبِيَّةِ هُوَ العِرْق الغَبِر. قَالَ: والغَبَرُ أَن يَبْرأَ ظاهرُ الْجُرْحِ وَبَاطِنُهُ دَوٍ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:

وقَلِّبي مَنْسِمَك المُغْبَرَّا

قَالَ: الغَبَرُ دَاءٌ فِي بَاطِنِ خُفِّ الْبَعِيرِ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: هُوَ مِنَ الغُبْرة، وَقِيلَ: الغَبَرُ فَسَادُ الْجُرْحِ أَنَّى كَانَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

أَعْيَا عَلَى الآسِي بَعِيداً غَبَرُهْ

قَالَ: مَعْنَاهُ بَعِيدًا فسادُه يَعْنِي أَن فَسَادَهُ إِنما هُوَ فِي قَعْرِهِ وَمَا غَمَضَ مِنْ جَوَانِبِهِ فَهُوَ لِذَلِكَ بَعِيدٌ لَا قَرِيبٌ. وأَغْبَر فِي طَلَبِ الشَّيْءِ: انْكَمَشَ وجَدّ فِي طَلَبِهِ. وأَغْبَرَ الرَّجُلُ فِي طَلَبِ الْحَاجَةِ إِذا جَدَّ فِي طَلَبِهَا؛ عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَفِي حَدِيثِ

مُجَاشِعٍ: فَخَرَجُوا مُغْبِرين هُمْ ودَوابُّهم

؛ المُغْبِرُ: الطَّالِبُ لِلشَّيْءِ الْمُنْكَمِشُ فِيهِ كأَنه لِحِرْصِهِ وَسُرْعَتِهِ يُثِير الغُبار؛ ومنه حديث

الحرث بْنِ أَبي مُصْعَبٍ: قَدِمَ رَجُلٍ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ فرأَيته مُغْبِراً فِي جِهازه.

وأَغْبَرت عَلَيْنَا السماءُ: جَدَّ وَقْعُ مَطَرِهَا وَاشْتَدَّ. والغُبْرانُ: بُسْرتان أَو ثَلَاثٌ فِي قِمْع وَاحِدٍ، وَلَا جَمْعَ للغُبْران مِنْ لَفْظِهِ. أَبو عُبَيْدٍ: الغُبْرانُ رُطَبتان فِي قمْع وَاحِدٍ مِثْلَ الصِّنْوانِ نَخْلَتَانِ فِي أَصل وَاحِدٍ، قَالَ: وَالْجَمْعُ غَبارِين. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغُبْرانة،

ص: 6

بِالْهَاءِ، بَلَحات يَخْرُجْنَ فِي قَمْعٍ وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: لَهِّجوا ضَيْفَكم وغَبِّروه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والغَبِير: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ. والغُبْرورُ: عُصَيْفِير أَغْبَر. والمُغْبور، بِضَمِّ الْمِيمِ؛ عَنْ كُرَاعٍ: لُغَةٌ فِي المُغْثور، وَالثَّاءُ أَعلى.

غثر: الغَثَرة والغَثْراء: الْجَمَاعَةُ الْمُخْتَلِطَةُ، وَكَذَلِكَ الغَيْثرة. أَبو زَيْدٍ: الغَيْثَرة الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ الْمُخْتَلِطُونَ مِنَ النَّاسِ الغَوْغاء. والغَثْراء والغُثْر: سَفِلة النَّاسِ، الْوَاحِدُ أَغْثَر، مِثْلَ أَحْمَر وحُمْر وأَسْوَدَ وسُود. وَفِي الْحَدِيثِ:

رَعاع غَثرة

؛ هَكَذَا يُرْوَى، قِيلَ وأَصله غَيْثرة حُذِفَتْ مِنْهُ الْيَاءُ، وَقِيلَ فِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ، رضي الله عنه، حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ القومُ ليَقْتُلوه، فَقَالَ: إِن هَؤُلَاءِ رَعاعٌ غَثَرة

أَي جُهَّال؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ من الأَغْثَر الأَغْبَر، وَقِيلَ للأَحمق الْجَاهِلِ: أَغْثَر، اسْتِعَارَةً وَتَشْبِيهًا بِالضَّبُعِ الغَثْراء لِلَوْنِهَا، قَالَ: وَالْوَاحِدُ غاثِر، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَمْ أَسمع غاثِراً، وإِنما يُقَالُ رَجُلٌ أَغْثَر إِذا كَانَ جَاهِلًا، قَالَ: والأَجود فِي غَثَرة أَن يُقَالَ هُوَ جَمْعُ غاثِرٍ مِثْلَ كافرٍ وكَفَرة، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ أَغْثَر فجُمِعَ جمْع فاعِل كَمَا قَالُوا أَعْزَل وعُزَّل، فجاءَ مِثْلَ شاهدٍ وشُهَّد، وَقِيَاسُهُ أَن يُقَالَ فِيهِ أَعْزَل وعُزْل وأَغْثَر وغُثْر، فَلَوْلَا حَمْلُهُمَا عَلَى مَعْنَى فَاعِلٍ لَمْ يُجْمَعَا عَلَى غَثَرة وعُزَّل؛ قَالَ: وَشَاهِدُ عُزَّل قَوْلُ الأَعشى:

غيرِ مِيلٍ، وَلَا عَواوِير في الهَيْجا،

وَلَا عُزَّلٍ وَلَا أَكْفال

وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: أُحِبُّ الإِسلامَ وأَهلَه وأُحِبّ الغَثْراءَ

أَي عَامَّةَ النَّاسِ وَجَمَاعَتَهُمْ، وأَراد بِالْمَحَبَّةِ المُناصَحةَ لَهُمْ وَالشَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ

أُويس: أَكون فِي غَثْراء النَّاسِ

؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، أَي فِي الْعَامَّةِ الْمَجْهُولِينَ، وَقِيلَ: هُمُ الْجَمَاعَةُ الْمُخْتَلَطَةُ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى. وَقَوْلُهُمْ: كَانَتْ بَيْنَ الْقَوْمِ غَيْثرة شَدِيدَةً؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ مُداوَسة الْقَوْمِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي الْقِتَالِ. قَالَ الأَصمعي: تَرَكْتُ الْقَوْمَ فِي غَيْثَرة وغَيْثَمةٍ أَي فِي قِتَالٍ وَاضْطِرَابٍ. والأَغْثَر: الَّذِي فِيهِ غُبْرة. والأَغْثَر: قَرِيبٌ مِنَ الأَغْبَر؛ وَيُسَمَّى الطُّحْلُبُ الأَغْثَرَ، والغُثْرةُ: غُبْرة إِلى خُضْرَةٍ، وَقِيلَ: الغُثْرة شَبِيهَةٌ بالغُبْشة يَخْلِطُهَا حُمْرَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الغُبْرة، الذَّكَرُ أَغْثَر والأُنثى غَثْراء؛ قَالَ عِمَارَةُ:

حَتَّى اكْتَسَيْتُ مِنَ المَشيبِ عِمامةً

غَثْراء، أُعْفِرَ لَوْنُها بخِضاب

والغَثْراءُ وغَثَارِ مَعْرِفَةً: الضَّبُعُ، كِلْتَاهُمَا لِلَوْنها. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّبْعُ فِيهَا شُكْلة وغُثْرة أَي لَوْنَانِ مِنْ سَوَادٍ وَصُفْرَةٍ سَمْجة، وَذِئْبٌ أَغْثَر كَذَلِكَ؛ ابْنُ الأَعرابي: الذِّئْبُ فِيهِ غُبْرة وطُلْسة وغُثْرة. وكَبْش أَغْثَر: لَيْسَ بأَحْمر وَلَا أَسود وَلَا أَبيض. وفي حديث لقيامة: يُؤتى بِالْمَوْتِ كأَنه كَبْشٌ أَغْثَر؛ قَالَ: هُوَ الكَدِر اللَّوْنِ كالأَغْبَر والأَرْبَدِ والأَغْثَر. والغَثْراء مِنَ الأَكْسِية وَالْقَطَائِفِ وَنَحْوِهِمَا: مَا كَثُرَ صُوفُهُ وزِئْبِرُه، وَبِهِ شبِّه الغَلْفَق فَوْقَ الْمَاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

عَباءة غَثراء مِنْ أَجَن طَالِي

أَي مِنْ مَاءٍ ذِي أَجَنٍ عَلَيْهِ طُلْوَةٌ عَلَتْه. والأَغْثَر: طَائِرٌ مُلْتَبِسُ الرِّيشِ طَوِيلُ الْعُنُقِ فِي لَوْنِهِ غُبْرة، وَهُوَ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ. وَرَجُلٌ أَغْثَر: أَحمق. والغُنْثَر: الثَّقِيلُ الوَخِم، نُونُهُ زَائِدَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ

أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رضي الله عنه، لِابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،

ص: 7

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا غُنْثَر.

وأَصابَ القومُ مِنْ دُنياهم غَثَرة أَي كَثْرَةً. وَعَلَيْهِ غَثَرةٌ مِنْ مَالٍ أَي قِطْعَةٌ. والمَغاثِيرُ: لُغَةٌ فِي المَغافِير. والمُغثور: لُغَةٌ فِي المُغْفور. وأَغْثَر الرِّمْثُ وأَغْفَرَ إِذا سَالَ مِنْهُ صَمْغٌ حُلْوٌ، وَيُقَالُ لَهُ المُغْثور والمِغْثَر، وَجَمْعُهُ المَغاثِير وَالْمَغَافِيرُ، يُؤْكَلُ وَرُبَّمَا سَالَ لثَاه عَلَى الثَّرى مِثْلَ الدِّبس، وَلَهُ رِيحٌ كَرِيهَةٌ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ شَيْءٌ يَنْضَحُه الثُّمام والرِّمْثُ والعُرْفُط والعُشَر حُلْوٌ كَالْعَسَلِ، وَاحِدُهَا مُغٌثور ومِغْثار ومِغْثَر؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ وَحْدَهُ. وَخَرَجَ النَّاسُ يَتَمَغْثَرُون، مِثْلَ يَتَمَغْفَرون أَي يَجْتَنُون المَغافِيرَ.

غثمر: المُغَثْمَر: الثَّوْبُ الخَشِن الرَّدِيءُ النَّسْجِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

عَمْداً كَسَوْتُ مُرْهِباً مُغَثْمَرا،

وَلَوْ أَشاءُ حِكْتُه مُحَبَّرا

يَقُولُ: أَلبسته المُغَثْمَر لأَدفع بِهِ عَنْهُ الْعَيْنَ. ومُرهِب: اسْمُ وَلَدِهِ. وغَثْمَر الرجلُ مَالَهُ: أَفسده. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِنه لَنَبْتٌ مُغَثْمَرٌ ومُغَذْرَم ومَغْثُوم أَي مُخَلَّط لَيْسَ بِجَيِّدٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: طَعَامٌ مُغَثْمَرٌ إِذا كَانَ بِقِشْرِهِ لَمْ يُنَقَّ وَلَمْ يُنْخَل. وَقَالَ اللَّيْثُ: المُغَثْمِر الَّذِي يَحْطِم الحقوقَ ويتهَضَّمها؛ وأَنشد:

ومُغَثْمِر لحقُوقِها هَضَّامُهَا

وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ ومُغَذْمِر.

غدر: ابْنُ سِيدَهْ: الغَدْرُ ضدُّ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الغَدْرُ تَرْكُ الْوَفَاءِ؛ غدَرَهُ وغَدَر بِهِ يَغْدِرُ غَدْراً. تَقُولُ: غَدَرَ إِذا نَقَضَ الْعَهْدَ، وَرَجُلٌ غادِرٌ وغَدَّارٌ وغِدِّيرٌ وغَدُور، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، وغُدَرُ وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا فِي النِّدَاءِ فِي الشَّتْمِ يُقَالُ: يَا غُدَرُ وَفِي الْحَدِيثِ:

يَا غُدَرُ أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتك

وَيُقَالُ فِي الْجَمْعِ: يالَ غُدَر. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:

قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ للمُغِيرة: يَا غُدَرُ، وَهَلْ غَسَلْتَ غَدْرَتك إِلا بالأَمس؟

قَالَ ابْنُ الأَثير: غُدَر مَعْدُولٌ عَنْ غادِر لِلْمُبَالَغَةِ، وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ غُدَر والأُنثى غَدارِ كقَطامِ، وَهُمَا مُخْتَصَّانِ بِالنِّدَاءِ فِي الْغَالِبِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَائِشَةَ: قَالَتْ لِلْقَاسِمِ: اجْلِسْ غُدَرُ

أَي يَا غُدَرُ فَحَذَفَتْ حرفَ النِّدَاءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَاتِكَةَ: يَا لَغُدَر يَا لَفُجَر

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ بَعْضُهُمْ يُقَالُ لِلرَّجُلِ يَا غُدَر وَيَا مَغْدَر وَيَا مَغْدِر وَيَا ابْنَ مَغْدِر ومَغْدَر، والأُنثى يَا غَدارِ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النِّدَاءِ؛ وامرأَة غَدّار وَغَدَّارَةٌ. قَالَ: وَلَا تَقُولُ الْعَرَبُ هَذَا رَجُلٌ غُدَر لأَن الغُدَر فِي حَالِ الْمَعْرِفَةِ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ شَمِرٌ: رَجُلٌ غُدَرٌ أَي غادِرٌ، وَرَجُلٌ نُصَرٌ أَي ناصرٌ، وَرَجُلٌ لُكَعٌ أَي لَئيم؛ قَالَ الأَزهري: نَوَّنها كُلَّهَا خِلَافَ مَا قَالَ اللَّيْثُ وَهُوَ الصَّوَابُ، إِنما يُتْرَكُ صَرْف بَابِ فُعَل إِذا كَانَ اسْمًا مَعْرِفَةً مِثْلَ عُمَر وزُفَر. وَفِي الْحَدِيثِ:

بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ سِنونَ غدّارةٌ يَكثُر المطرُ ويَقِلّ النَّبَاتُ

؛ هِيَ فَعّالة مِنَ الغَدْر أَي تُطْمِعُهم فِي الخِصْب بِالْمَطَرِ ثُمَّ تُخْلِف فَجَعَلَ ذَلِكَ غَدْراً مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه مَرَّ بأَرض يُقَالُ لَهَا غَدِرة فَسَمَّاهَا خَضِرة

كأَنها كَانَتْ لَا تَسْمَحُ بِالنَّبَاتِ، أَو تَنْبُتُ ثُمَّ تُسْرِع إِليه الآفةُ، فشبِّهَت بِالْغَادِرِ لأَنه لَا يَفِي؛ وَقَدْ تكرر ذكر الغَدْرِ عَلَى اخْتِلَافِ تصرُّفه فِي الْحَدِيثِ. وغدرَ الرجلُ غَدْراً وغَدَراناً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. وَقَالُوا: الذنب غادرٌ أَي لَا عَهْدَ لَهُ، كَمَا قَالُوا: الذِّئب فَاجِرٌ. والمغادَرة: التَّرْكُ. وأَغْدَرَ الشيءَ: تَرَكَهُ وَبَقَّاهُ.

ص: 8

حَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَعانني فُلانٌ فأَغْدَرَ لَهُ ذَلِكَ فِي قَلْبِي مَوَدَّةً أَي أَبْقاها. والغُدرَة: مَا أُغْدِرَ مِنْ شَيْءٍ، وَهِيَ الغُدَارة؛ قَالَ الأَفْوه:

فِي مُضَرَ الحَمْراء لَمْ يَتَّركْ

غُدَارةً، غَيْرَ النِّساء الجُلوس

وَعَلَى بَنِي فُلَانٍ غَدَرةٌ مِنَ الصدقَة وغَدَرٌ أَي بَقِيَّةٌ. وأَلْقَت الناقةُ غَدَرَها أَي مَا أَغْدَرَتْه رَحِمُها مِنَ الدَّمِ والأَذى. ابْنُ السِّكِّيتِ: وأَلقتِ الشَّاةُ غُدُورَها وَهِيَ بَقَايَا وأَقذاءٌ تَبْقَى فِي الرَّحِمِ تُلْقِيهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَاحِدَةُ الغِدَر غِدْرة وَيُجْمَعُ غِدَراً وغِدَرات؛ وَرَوَى بَيْتَ الأَعشى:

لَهَا غِدَرات واللواحِقُ تَلْحَق

وَبِهِ غادِرٌ مِنْ مَرَضٍ وغابِرٌ أَي بَقِيَّةٌ. وغادَرَ الشَّيْءَ مُغَادَرة وغِداراً وأَغْدَرَه: تَرَكَهُ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: لَيْتَنِي غُودِرْت مَعَ أَصحاب نُحْصِ الْجَبَلِ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ يَا لَيْتَنِي اسْتُشْهدْتُ مَعَهُمْ، النُّحْص: أَصل الْجَبَلِ وسَفْحُه، وأَراد بأَصحاب النُّحْصِ قَتْلى أُحُد وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّهَدَاءِ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:

فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي أَصحابه حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرةَ الكُدْر فأَغْدَرُوه

؛ أَي تَرَكُوهُ وخلَّفوه، وَهُوَ مَوْضِعٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ وَذُكِرَ حُسْنِ سياستِه فَقَالَ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لأَغْدَرْتُ بعضَ مَا أَسُوق

أَي خَلَّفْت؛ شَبَّه نَفْسَه بِالرَّاعِي ورَعِيَّتَه بالسَّرْح، وَرُوِيَ: لغَدَّرْت أَي لأَلْقَيْتُ النَّاسَ فِي الغَدَر، وَهُوَ مَكَانٌ كَثِيرُ الْحِجَارَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً

؛ أَي لَا يَتْرُكُ. وغادَرَ وأَغْدَرَ بِمَعْنًى واحدٍ. والغَدِير: الْقِطْعَةُ مِنَ الْمَاءِ يُغادِرُها السَّيْلُ أَي يَتْرُكُهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ فَهُوَ إِذاً فَعِيل فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ عَلَى اطِّراح الزَّائِدِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنه مِنَ الغَدْر لأَنه يَخُونُ وُرَّادَه فيَنْضُب عَنْهُمْ ويَغْدر بأَهله فَيَنْقَطِعُ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إِليه؛ وَيُقَوِّي ذَلِكَ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:

ومِنْ غَدْره نَبَزَ الأَوّلون،

بأَنْ لَقَّبوه، الغَدِير، الغدِيرا

أَراد: مِنْ غَدْرِهِ نَبَزَ الأَولون الغَدير بأَن لقَّبوه الغَدِير، فَالْغَدِيرُ الأَول مَفْعُولُ نَبَزَ، وَالثَّانِي مَفْعُولُ لقَّبوه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الغَدِيرُ اسْمٌ وَلَا يُقَالُ هَذَا مَاءٌ غَدِير، وَالْجَمْعُ غُدُرٌ وغُدرَانٌ. واسْتَغْدَرَتْ ثَمَّ غُدْرٌ: صَارَتْ هُنَاكَ غُدْرَانٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن قَادِمًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فسأَله عَنْ خِصْب الْبِلَادِ فَحَدَّثَ أَن سَحَابَةً وَقَعَتْ فاخضرَّت لَهَا الأَرض، وَفِيهَا غُدُرٌ تَنَاخَسُ والصيدُ قَدْ ضَوَى إِليها

؛ قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ غُدُرٌ تَناخَسُ أَي يَصُبّ بعضُها فِي إِثر بَعْضٍ. اللَّيْثُ: الغَدِيرُ مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ ماءِ الْمَطَرِ، صَغِيرًا كَانَ أَو كَبِيرًا، غَيْرَ أَنه لَا يَبْقَى إِلى الْقَيْظِ إِلا مَا يَتَّخِذُهُ النَّاسُ مِنْ عِدّ أَو وَجْدٍ أَو وَقْطٍ أَو صِهْريجٍ أَو حَائِرٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: العِدّ الماءُ الدَّائِمُ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ، وَلَا يُسَمَّى الْمَاءُ الَّذِي يُجْمَعُ فِي غَدِير أَو صِهْرِيجٍ أَو صِنْعٍ عِدّاً، لأَن العِدّ مَا يَدُومُ مِثْلَ مَاءِ الْعَيْنِ والرَّكِيَّةِ. الْمُؤَرِّجُ: غَدَر الرجلُ يَغْدِرُ غَدْراً إِذا شَرِبَ مِنْ مَاءِ الغَدِيرِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقِيَاسُ غَدِرَ يَغْدَرُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا غَدَرَ مِثْلَ كَرِعَ إِذا شَرِبَ الكَرَعَ. والغَدِيرُ: السَّيْفُ، عَلَى التَّشْبِيهِ، كَمَا يُقَالُ لَهُ اللُّجّ. والغَدِيرُ: الْقِطْعَةُ مِنَ النَّبَاتِ، عَلَى التَّشْبِيهِ أَيضاً، وَالْجَمْعُ غُدْران لَا غَيْرَ. وغَدِر فلانٌ بَعْدَ إِخْوته أَي مَاتُوا وَبَقِيَ هُوَ. وغَدِر عَنْ أَصحابه: تخلَّف. وغَدِرَت الناقةُ عَنِ الإِبل والشاةُ عَنِ الْغَنَمِ غَدْراً: تَخَلَّفَتْ عَنْهَا، فإِن تَرَكَهَا

ص: 9

الرَّاعِي، فَهِيَ غَديرة، وَقَدْ أَغدَرها؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

فَقَلَّما طَارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا

وسْطَ الغُبَارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: نَاقَةٌ غَدِرَةٌ غَبِرَةٌ غَمِرةٌ إِذا كَانَتْ تُخَلِّفُ عَنِ الإِبل فِي السُّوقِ. والغَدُور مِنَ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا: الْمُتَخَلِّفُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ. وأَغْدَرَ فُلَانٌ الْمِائَةَ: خَلَّفَهَا وَجَاوَزَهَا. وَلَيْلَةٌ غَدِرَةٌ بَيّنَةُ الغَدَرِ، ومُغْدِرَةٌ: شَدِيدَةُ الظُّلْمَةُ تَحْبِسُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ وكِنِّهِمْ فيَغْدَرون أَي يَتَخَلَّفُونَ. وَرُوِيَ

عَنْهُ، عليه الصلاة والسلام، أَنه قَالَ: الْمَشْيُ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ المُغْدِرَة إِلى الْمَسْجِدِ يُوجِبُ كَذَا وَكَذَا.

وغَدِرَت اللَّيْلَةُ، بِالْكَسْرِ، تَغْدَر غَدَراً وأَغْدَرَتْ، وَهِيَ مُغْدِرَةٌ، كُلُّ ذَلِكَ: أَظلمت. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فِي اللَّيْلَةِ المُغْدِرَة فَقَدْ أَوجَبَ

؛ المُغْدِرَةُ: الشَّدِيدَةُ الظُّلْمَةِ الَّتِي تُغْدِرُ النَّاسَ فِي بُيُوتِهِمْ أَي تَتْرُكُهُمْ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَتْ مُغْدِرَةً لِطَرْحِهَا مَنْ يَخْرُجُ فِيهَا فِي الغَدَر، وَهِيَ الجِرَفَةُ. وَفِي حَدِيثِ

كَعْبٍ: لَوْ أَن امرأَة مِنَ الحُور العِينِ اطَّلعت إِلى الأَرض فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مُغْدِرَةٍ لأَضاءت مَا عَلَى الأَرض.

وَفِي النَّهْرِ غَدَرٌ، وَهُوَ أَن يَنْضُبَ الْمَاءُ وَيَبْقَى الوَحْل، فَقَالُوا: الغدراءُ الظُّلْمَةُ. يُقَالُ: خَرَجْنَا فِي الغدراءِ. وغَدِرَت الْغَنَمُ غَدَراً: شَبِعَتْ فِي المَرْج فِي أَول نَبْتِهِ وَلَمْ يُسْل «1» . عَنْ أَحظّها لأَن النَّبْتَ قَدِ ارْتَفَعَ أَن يُذْكَرَ فِيهِ الْغَنَمُ. أَبو زَيْدٍ: الغَدَرُ والجَرَل والنَّقَل كلُّ هَذِهِ الحجارةُ مَعَ الشَّجَرِ. والغَدَر: الْمَوْضِعُ الظَّلِف الْكَثِيرُ الْحِجَارَةِ. والغَدَر: الْحِجَارَةُ وَالشَّجَرُ. وَكُلُّ مَا وَارَاكَ وَسَدَّ بصَرَك: غَدَرٌ. والغَدَرُ: الأَرض الرِّخْوَة ذَاتُ الجِحَرَة والجِرَفةِ واللَّخَاقيقِ المُتَعادِية. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الغَدَر الجِحَرَة والجِرَفَة فِي الأَرض والأَخَاقيق والجَراثِيم فِي الأَرض، وَالْجَمْعُ أَغْدار. وغَدِرَت الأَرض غَدَراً: كَثُرَ غَدَرُها. وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَعْبٍ لَا تَكَادُ الدَّابَّةُ تنفُذ فِيهِ: غَدَرٌ. وَيُقَالُ: مَا أَثبت غَدَرَهُ أَي مَا أَثبته فِي الغَدَر، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْفَرَسِ وَالرَّجُلِ إِذا كَانَ لِسَانُهُ يَثْبُتُ فِي مَوْضِعِ الزَّلَل وَالْخُصُومَةِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

سَنابِكُ الْخَيْلِ يُصَدّعْنَ الأَيَرّ،

مِنَ الصَّفا الْقَاسِي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ

وَرَجُلٌ ثَبْتُ الغَدَرِ: يَثْبُتُ فِي مَوَاضِعِ الْقِتَالِ والجَدَل وَالْكَلَامِ، وَهُوَ من ذلك. يقال أَيضاً: إِنه لثَبْت الغَدَر إِذا كَانَ ثَبْتاً فِي جَمِيعِ مَا يأْخذ فِيهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَعْنَاهُ مَا أَثبت حُجَّتَهُ وأَقل ضَرَرِ الزَّلَق والعِثار عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مَا أَثْبَتَ غَدَرَ فُلَانٍ أَي مَا بَقِيَ مِنْ عَقْلِهِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبُنِي. قَالَ الأَصمعي: الجِحَرَةُ والجِرَفَة والأَخاقيق فِي الأَرض فَتَقُولُ: مَا أَثْبَتَ حُجَّتَهُ وأَقل زَلَقه وعِثاره. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: إِنه لثَبْتُ الغَدَر إِذا كَانَ ناطَقَ الرجالَ ونازَعَهم كَانَ قَوِيًّا. وَفَرَسٌ ثَبْت الغَدَر: يَثْبُتُ فِي مَوْضِعِ الزَّلَلِ. والغَدائِرُ: الذَّوَائِبُ، وَاحِدَتُهَا غَدِيرة. قَالَ اللَّيْثُ: كُلُّ عَقِيصة غَدِيرة، والغَدِيرتان: الذُّؤابتان اللَّتَانِ تَسْقُطَانِ عَلَى الصَّدْرِ، وَقِيلَ: الغَدائِرُ لِلنِّسَاءِ وَهِيَ الْمَضْفُورَةُ وَالضَّفَائِرُ لِلرِّجَالِ. وَفِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم: قَدِمَ مَكَّةَ وَلَهُ أَربعُ غَدائِرَ؛ هِيَ الذَّوَائِبُ، وَاحِدَتُهَا غَدِيرة. وَفِي حَدِيثِ

ضِمام: كَانَ رَجُلًا جَلْداً أَشْعَرَ ذَا غَدِيرتين.

الْفَرَّاءُ: الغَدِيرة والرَّغيدة وَاحِدَةٌ. وَقَدِ اغْتَدَر القومُ إِذا جَعَلُوا الدقيقَ فِي إِناء وصبُّوا

(1). قوله [ولم يسل إلخ] هكذا هو في الأصل

ص: 10

عَلَيْهِ اللَّبَنَ ثُمَّ رَضَفُوه بالرِّضاف. ابْنُ الأَعرابي: المُغْدِرة الْبِئْرُ تُحْفَر فِي آخِرِ الزَّرْعِ لِتَسْقِيَ مَذانِبَه. والغَيْدرة: الشَّرُّ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ غَيْدارٌ: سيء الظَّنِّ يَظُنّ فيُصِيب. والغَدِير: اسْمُ رَجُلٍ. وَآلُ غُدْرانٍ: بطن.

غذر: الغَذِيرة: دَقِيقٌ يُحْلب عَلَيْهِ لَبَنٌ ثُمَّ يُحْمى بالرَّضْف، وَقَدِ اغْتَذَر؛ قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:

ويأْمُر الْعَبْدُ بلَيلٍ يَغْتَذِرْ

مِيراثَ شَيْخٍ عاشَ دَهْراً، غَيْرَ حُرّ

والغَيْذَرة: الشَّرُّ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. الأَزهري: قرأْت فِي كِتَابِ ابْنِ دُرَيْدٍ: يُقَالُ للحِمار غَيْذارٌ، وَجَمْعُهُ غَياذِيرُ، قَالَ: وَلَمْ أَره إِلا فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالَ: وَلَا أَدري عَيْذار أَم غَيْذار. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يُلْقي المُنافِقُ إِلا غَذْوَريًّا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو مُوسَى كَذَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ الجافي الغليظ.

غذمر: المُغَذْمِر مِنَ الرِّجَالِ، وفي المحكم: المُغَذْمِرُ الَّذِي يَرْكَبُ الأُمور فيأْخذ مِنْ هَذَا وَيُعْطِي هَذَا وَيَدَعُ لِهَذَا مِنْ حقِّه، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ أَيضاً إِذا كَانَ يُخَلِّط فِي كَلَامِهِ، يُقَالُ: إِنه لَذُو غَذامِيرَ؛ كَذَا حُكِيَ، وَنَظِيرُهُ الخناسِير وَهُوَ الْهَلَاكُ، كِلَاهُمَا لَا نَعْرِفُ لَهُ وَاحِدًا، وَقِيلَ: المُغَذْمِر الَّذِي يَهبُ الْحُقُوقَ لأَهلها، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَتَحَمَّلُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَالِهِ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَحْكُم عَلَى قَوْمِهِ مَا شَاءَ فَلَا يُرَدُّ حكمُه وَلَا يُعْصى. والغَذْمَرة: مِثْلُ الغَشْمَرة، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّئِيسِ الَّذِي يَسُوس عَشِيرَتَهُ بِمَا شَاءَ مِنْ عَدْلٍ وَظُلْمٍ: مُغَذْمِر؛ قَالَ لَبِيدٌ:

ومُقَسِّم يُعْطِي العَشِيرة حقَّها،

ومُغَذْمِر لحُقوقها، هَضَّامُهَا

وغِذْمِير: مُشْتَقٌّ مِنْ أَحد هَذِهِ الأَشياء الْمُتَقَدِّمَةِ. والتَّغَذْمُر: سُوءُ اللَّفْظِ، وَهِيَ الغَذامِر، وإِذا رَدَّد لفظَه فَهُوَ مُتَغَذْمِر. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: سأَله أَهل الطَّائف أَن يكتُبَ لَهُمُ الأَمانَ بتحلِيل الرِّبَا والخمرِ فَامْتَنَعَ، فَقَامُوا وَلَهُمْ تَغذْمُرٌ وبَرْبَرةٌ

؛ التَّغَذْمُر: الْغَضَبُ وَسُوءُ اللَّفْظِ وَالتَّخْلِيطُ فِي الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ البَرْبرة. اللَّيْثُ: المُغَثْمِر الَّذِي يَحْطم الحُقوق ويَتَهَضَّمُها، وَهُوَ المُغَذْمِر؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ:

ومُغَثْمر لِحُقُوقِهَا، هَضّامها

والغَذْمَرة: الصَّخَب والصِّياح وَالْغَضَبُ والزجْرُ وَاخْتِلَاطُ الْكَلَامِ مِثْلَ الزَّمْجَرة، وَفُلَانٌ ذُو غذامِيرَ؛ قَالَ الرَّاعِي:

تَبَصَّرْتهم، حَتَّى إِذا حالَ دُونَهم

رُكامٌ، وحادٍ ذُو غَذامِيرَ صَيْدَحُ

وَقَالَ الأَصمعي: الغَذْمَرة أَن يَحْمِلَ بَعْضَ كَلَامِهِ عَلَى بَعْضٍ. وتَغَذْمَر السبُع إِذا صَاحَ. وَسَمِعْتُ غَذامِيرَ وغَذْمَرةً أَي صَوْتًا، يَكُونُ ذَلِكَ لِلسَّبُعِ وَالْحَادِي، وَكَذَلِكَ التَّغَذْمُر. وغَذْمَر الرجلُ كَلَامَهُ: أَخْفَاه فاخِراً أَو مُوعِداً وأَتبع بعضَهُ بَعْضًا. والغَذْمرة: لُغَةٌ فِي الغَذْرَمة، وَهُوَ بَيْعُ الشَّيْءِ جُزَافًا. وغَذْمَره الرجلُ: باعَه جِزافاً كغَذْرَمه. والغُذامِرُ: لُغَةٌ فِي الغُذارِم، وَهُوَ الْكَثِيرُ مِنَ الْمَاءِ؛ حكاهما أَبو عبيد:

غرر: غَرَّهُ يغُرُّه غَرًّا وغُروراً وغِرّة؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فَهُوَ مَغرور وَغَرِيرٌ: خدعه وأَطعمه بِالْبَاطِلِ؛ قَالَ:

إِن امْرَأً غَرّه مِنْكُنَّ واحدةٌ،

بَعْدِي وبعدَكِ فِي الدُّنْيَا، لَمَغْرُورُ

أَراد لَمَغْرُورٌ جِدًّا أَو لَمَغْرُورٌ جِدَّ مغرورٍ وحَقَ

ص: 11

مغرورٍ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ لأَنه قَدْ عَلِمَ أَن كُلَّ مَنْ غُرّ فَهُوَ مَغْرور، فأَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِهِ لَمَغْرُورٌ، إِنما هُوَ عَلَى مَا فُسِّرَ. واغْتَرَّ هُوَ: قَبِلَ الغُرورَ. وأَنا غَرَرٌ مِنْكَ، أَي مَغْرُورٌ وأَنا غَرِيرُك مِنْ هَذَا أَي أَنا الَّذِي غَرَّك مِنْهُ أَي لَمْ يَكُنِ الأَمر عَلَى مَا تُحِبّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

المؤمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ

أَي لَيْسَ بِذِي نُكْر، فَهُوَ ينْخَدِع لِانْقِيَادِهِ ولِينِه، وَهُوَ ضِدُّ الخَبّ. يُقَالُ: فَتًى غِرٌّ، وَفَتَاةٌ غِرٌّ، وَقَدْ غَرِرْتَ تَغَرُّ غَرارةً؛ يُرِيدُ أَن الْمُؤْمِنَ المحمودَ منْ طَبْعُه الغَرارةُ وقلةُ الْفِطْنَةِ لِلشَّرِّ وتركُ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ جَهْلًا، وَلَكِنَّهُ كَرَمٌ وَحُسْنُ خُلُق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجَنَّةِ

: يَدْخُلُني غِرّةُ النَّاسِ

أَي البُلْه الَّذِينَ لَمْ يُجَرِّبوا الأُمور فَهُمْ قَلِيلُو الشرِّ مُنْقَادُونَ، فإِنَ منْ آثرَ الخمولَ وإِصلاحَ نَفْسِهِ والتزوُّدَ لِمَعَادِهِ ونَبَذَ أُمور الدُّنْيَا فَلَيْسَ غِرًّا فِيمَا قَصَد لَهُ وَلَا مَذْمُومًا بِنَوْعٍ مِنَ الذَّمِّ؛ وَقَوْلُ طَرَفَةَ:

أَبا مُنْذِرٍ، كَانَتْ غُروراً صَحِيفتي،

وَلَمْ أُعْطِكم، فِي الطَّوْعِ، مَالِي وَلَا عِرْضِي

إِنما أَراد: ذَاتَ غُرورٍ لَا تَكُونُ إِلا عَلَى ذَلِكَ. قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ قَالَ: لأَن الغُرور عَرَضٌ وَالصَّحِيفَةَ جَوْهَرٌ وَالْجَوْهَرُ لَا يَكُونُ عَرَضًا. والغَرورُ: مَا غَرّك مِنْ إِنسان وَشَيْطَانٍ وَغَيْرِهِمَا؛ وَخَصَّ يَعْقُوبُ بِهِ الشَّيْطَانَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ*

؛ قِيلَ: الغَرور الشَّيْطَانُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ الغُرور، بِضَمِّ الْغَيْنِ، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ: الغُرور الأَباطيل، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الغُرور جَمْعَ غارٍّ مِثْلَ شَاهِدٍ وشُهود وَقَاعِدٍ وقُعود، والغُرور، بِالضَّمِّ: مَا اغْتُرَّ بِهِ مِنْ مَتَاعُ الدُّنْيَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا*

؛ يَقُولُ: لَا تَغُرَّنَّكم الدُّنْيَا فإِن كَانَ لَكُمْ حَظٌّ فِيهَا يَنْقُص مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تُؤْثِروا ذَلِكَ الْحَظَّ وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ*

. والغَرُور: الشَّيْطَانُ يَغُرُّ النَّاسَ بِالْوَعْدِ الْكَاذِبِ والتَّمْنِية. وَقَالَ الأَصمعي: الغُرور الَّذِي يَغُرُّك. والغُرور، بِالضَّمِّ: الأَباطيل، كأَنها جَمْعُ غَرٍّ مَصْدَرُ غَرَرْتُه غَرًّا، قَالَ: وَهُوَ أَحسن مِنْ أَن يُجْعَلَ غَرَرْت غُروراً لأَن الْمُتَعَدِّيَ مِنَ الأَفعال لَا تَكَادُ تَقَعُ مَصَادِرُهَا عَلَى فُعول إِلا شَاذًّا، وَقَدْ قَالَ الْفَرَّاءُ: غَرَرْتُه غُروراً، قَالَ: وَقَوْلُهُ: وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ*

، يُرِيدُ بِهِ زِينَةَ الأَشياء فِي الدُّنْيَا. والغَرُور: الدُّنْيَا، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ

؛ أَي مَا خدَعَك وسوَّل لَكَ حَتَّى أَضَعْتَ مَا وَجَبَ عَلَيْكَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا غَرَّكَ أَي مَا خَدَعَكَ بربِّك وَحَمَلَكَ عَلَى معصِيته والأَمْنِ مِنْ عِقَابِهِ فزيَّن لَكَ الْمَعَاصِيَ والأَمانيَّ الْكَاذِبَةَ فَارْتَكَبْتَ الْكَبَائِرَ، وَلَمْ تَخَفْه وأَمِنْت عَذَابَهُ، وَهَذَا تَوْبِيخٌ وَتَبْكِيتٌ لِلْعَبْدِ الَّذِي يأْمَنُ مكرَ اللَّهِ وَلَا يَخَافُهُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: مَا غَرَّك بِفُلَانٍ أَي كَيْفَ اجترأْت عَلَيْهِ. ومَنْ غَرَّك مِنْ فُلَانٍ ومَنْ غَرَّك بِفُلَانٍ أَي مَنْ أَوْطأَك مِنْهُ عَشْوةً فِي أَمر فُلَانٍ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:

أَغَرَّ هِشَامًا، مِنْ أَخيه ابْنِ أُمِّه،

قَوادِمُ ضَأْنٍ يَسَّرَت ورَبيعُ

قَالَ: يُرِيدُ أَجْسَرَه عَلَى فِرَاقِ أَخيه لأُمِّه كثرةُ غنمِه وأَلبانِها، قَالَ: وَالْقَوَادِمُ والأَواخر فِي الأَخْلاف لَا تَكُونُ فِي ضُرُوعِ الضأْن لأَن للضأْن وَالْمَعْزِ خِلْفَيْنِ مُتحاذِيَينِ وما له أَربعة أَخلاف غَيْرُهُمَا، والقادِمان: الخِلْفان اللَّذَانِ يَليان الْبَطْنَ والآخِران اللَّذَانِ يَلِيَانِ الذَّنَب فَصَيَّرَهُ مَثَلًا للضأْن، ثُمَّ قَالَ: أَغرّ هِشَامًا لضأْن «2» . لَهُ يَسَّرت وَظَنَّ أَنه قَدِ اسْتَغْنَى عَنْ أَخيه.

(2). قوله [لضأْن] هكذا بالأَصل ولعله قوادم لضأن

ص: 12

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغَرير المَغْرور. وَفِي حَدِيثِ سارِق أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه:

عَجِبْتُ مِن غِرّتِه بِاللَّهِ عز وجل

أَي اغترارِه. والغَرارة مِنَ الغِرِّ، والغِرّة مِنَ الْغَارِّ، والتَّغرّة مِنَ التَّغْرير، وَالْغَارُّ: الْغَافِلُ. التَّهْذِيبُ: وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَيّما رَجُلٍ بايعَ آخَرَ عَلَى مَشُورَةٍ «1» . فإِنه لَا يُؤَمَّرُ واحدٌ مِنْهُمَا تَغرَّةَ أَن يُقْتَلا

؛ التَّغرَّة مَصْدَرُ غَرَرْته إِذا أَلقيته فِي الغَرَر وَهُوَ مِنَ التَّغْرير كالتَّعِلّة مِنَ التَّعْلِيلِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ خَوْفَ تَغرَّةٍ فِي أَن يُقْتَلا أَي خَوْفَ وُقُوعِهِمَا فِي الْقَتْلِ فحَذَف المضافَ الَّذِي هُوَ الْخَوْفُ وأَقام الْمُضَافَ إِليه الذي هو ثَغِرّة مُقَامَهُ، وَانْتَصَبَ عَلَى أَنه مَفْعُولٌ لَهُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ أَن يُقْتَلا بَدَلًا مِنْ تَغِرّة، وَيَكُونَ الْمُضَافُ مَحْذُوفًا كالأَول، وَمَنْ أَضاف ثَغِرّة إِلى أَن يُقْتَلا فَمَعْنَاهُ خَوْفَ تَغِرَّةِ قَتْلِهما؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَن الْبَيْعَةَ حَقُّهَا أَن تَقَعَ صَادِرَةً عَنِ المَشُورة والاتفاقِ، فإِذا اسْتبدَّ رَجُلَانِ دُونَ الْجَمَاعَةِ فبايَع أَحدُهما الآخرَ، فَذَلِكَ تَظاهُرٌ مِنْهُمَا بشَقّ الْعَصَا واطِّراح الْجَمَاعَةِ، فإِن عُقدَ لأَحد بيعةٌ فَلَا يَكُونُ المعقودُ لَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وليْكونا مَعْزُولَيْنِ مِنَ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَتَّفِقُ عَلَى تَمْيِيزِ الإِمام مِنْهَا، لأَنه لَوْ عُقِد لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدِ ارْتَكَبَا تِلْكَ الفَعْلة الشَّنِيعَةَ الَّتِي أَحْفَظَت الْجَمَاعَةَ مِنَ التهاوُن بِهِمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ رأْيهم، لَمْ يُؤْمَن أَن يُقْتلا؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَثير، وَهُوَ مُخْتَصَرُ قَوْلِ الأَزهري، فإِنه يَقُولُ: لَا يُبايع الرَّجُلُ إِلا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الملإِ مِنْ أَشراف النَّاسِ وَاتِّفَاقِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ مِنَ الملإِ لَمْ يؤمَّرْ واحدٌ منهما تَغرّةً بِمَكْرِ المؤمَّر مِنْهُمَا، لِئَلَّا يُقْتَلا أَو أَحدهما، ونَصب تَغِرّة لأَنه مَفْعُولٌ لَهُ وإِن شِئْتَ مَفْعُولٌ مِنْ أَجله؛ وَقَوْلُهُ: أَن يُقْتَلَا أَي حِذارَ أَن يُقْتَلَا وكراهةَ أَن يُقْتَلَا؛ قَالَ الأَزهري: وَمَا عَلِمْتُ أَحداً فَسَّرَ مِنْ حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، مَا فَسَّرْتُهُ، فَافْهَمْهُ.

والغَرِير: الْكَفِيلُ. وأَنا غَرِير فُلَانٍ أَي كَفِيلُهُ. وأَنا غَرِيرُك مِنْ فُلَانٍ أَي أُحذِّرُكَه، وَقَالَ أَبو نَصْرٍ فِي كِتَابِ الأَجناس: أَي لَنْ يأْتيك مِنْهُ مَا تَغْتَرُّ بِهِ، كأَنه قَالَ: أَنا الْقَيِّمُ لَكَ بِذَلِكَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه قَالَ أَنا الْكَفِيلُ لَكَ بِذَلِكَ؛ وأَنشد الأَصمعي فِي الغَرِير الْكَفِيلِ رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنْ أَبي نَصْرٍ عَنْهُ قَالَ:

أَنت لخيرِ أُمّةٍ مُجيرُها،

وأَنت مِمَّا سَاءَهَا غَرِيرُها

أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الأَمثال قَالَ: وَمِنْ أَمثالهم فِي الخِبْرة وَالْعِلْمِ: أَنا غَرِيرُك مِنْ هَذَا الأَمر أَي اغْترَّني فَسَلْنِي مِنْهُ عَلَى غِرّةٍ أَي أَني عَالِمٌ بِهِ، فَمَتَى سأَلتني عَنْهُ أَخبرتك بِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْدَادٍ لِذَلِكَ وَلَا روِيّة فِيهِ. وَقَالَ الأَصمعي فِي هَذَا الْمَثَلِ: مَعْنَاهُ أَنك لستَ بِمَغْرُورٍ مِنِّي لكنِّي أَنا المَغْرور، وَذَلِكَ أَنه بَلَغَنِي خبرٌ كَانَ بَاطِلًا فأَخْبَرْتُك بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى مَا قلتُ لَكَ وإِنما أَدَّيت مَا سمعتُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَعرابيا يَقُولُ لِآخَرَ: أَنا غَرِيرُكَ مِن تقولَ ذَلِكَ، يَقُولُ مِنْ أَن تَقُولَ ذَلِكَ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ اغْترَّني فسَلْني عَنْ خَبَرِهِ فإِني عَالِمٌ بِهِ أُخبرك عَنْ أَمْرِهِ عَلَى الْحَقِّ وَالصِّدْقِ. قَالَ: الغُرور الْبَاطِلُ؛ وَمَا اغْتَرَرْتَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ غَرُور. وغَرَّرَ بِنَفْسِهِ ومالِه تَغْريراً وتَغِرّةً: عرَّضهما للهَلَكةِ مِنْ غَيْرِ أَن يَعْرِف، وَالِاسْمُ الغَرَرُ، والغَرَرُ الخَطَرُ. وَنَهَى رَسُولُ اللَّه، صلى الله عليه وسلم، عَنِ بَيْعِ الغَرَرِ

(1). قوله [على مشورة] هو هكذا في الأَصل، ولعله على غير مشورة. وفي النهاية بايع آخر فانه لا يؤمر إلخ

ص: 13

وَهُوَ مِثْلُ بَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ. والتَّغْرير: حَمْلُ النَّفْسِ عَلَى الغَرَرِ، وَقَدْ غرَّرَ بِنَفْسِهِ تَغْرِيراً وتَغِرّة كَمَا يُقَالُ حَلَّل تَحْلِيلًا وتَحِلَّة وعَلّل تَعِليلًا وتَعِلّة، وَقِيلَ: بَيْعُ الغَررِ المنهيُّ عَنْهُ مَا كَانَ لَهُ ظاهرٌ يَغُرُّ الْمُشْتَرِيَ وباطنٌ مَجْهُولٌ، يُقَالُ: إِياك وبيعَ الغَرَرِ؛ قَالَ: بَيْعُ الغَرَر أَن يَكُونَ عَلَى غَيْرِ عُهْدة وَلَا ثِقَة. قَالَ الأَزهري: وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الغَرَرِ البُيوعُ الْمَجْهُولَةُ الَّتِي لَا يُحيط بكُنْهِها المتبايِعان حَتَّى تَكُونَ مَعْلُومَةً. وَفِي حَدِيثِ

مُطَرِّفٍ: إِن لِي نَفْسًا وَاحِدَةً وإِني أَكْرهُ أَن أُغَرِّرَ بِهَا

أَي أَحملها عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ، قَالَ: وَبِهِ سُمِّيَ الشَّيْطَانُ غَرُوراً لأَنه يَحْمِلُ الإِنسان عَلَى مَحابِّه ووراءَ ذَلِكَ مَا يَسوءه، كَفَانَا اللَّهُ فِتْنَتَهُ. وَفِي حَدِيثُ الدُّعَاءِ:

وتَعاطِي مَا نُهِيتَ عَنْهُ تَغْريراً

أَي مُخاطرةً وَغَفْلَةً عَنْ عاقِبة أَمره. وَفِي الْحَدِيثِ:

لأَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا أُقاتلَ أَحَبُّ إِليّ مِنْ أَن أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الأَية

؛ يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، وَقَوْلَهُ: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً؛ الْمَعْنَى أَن أُخاطِرَ بِتَرْكِي مُقْتَضَى الأَمر بالأُولى أَحَبُّ إِليّ مِن أَن أُخاطِرَ بِالدُّخُولِ تَحْتَ الْآيَةِ الأُخرى. والغُرَّة، بِالضَّمِّ: بَيَاضٌ فِي الْجَبْهَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ؛ فَرَسٌ أَغَرُّ وغَرّاء، وَقِيلَ: الأَغَرُّ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي غُرّتُه أَكبر مِنَ الدِّرْهَمِ، قَدْ وَسَطَت جبهَته وَلَمْ تُصِب وَاحِدَةً مِنَ الْعَيْنَيْنِ وَلَمْ تَمِلْ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الخدّينِ وَلَمْ تَسِلْ سُفْلًا، وَهِيَ أَفشى مِنَ القُرْحة، والقُرْحة قَدْرُ الدِّرْهَمِ فَمَا دُونَهُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ يُقَالُ للأَغَرّ أَغَرُّ أَقْرَح لأَنك إِذا قُلْتَ أَغَرُّ فَلَا بُدَّ مِنْ أَن تَصِف الغُرَّة بِالطُّولِ والعِرَض والصِّغَر والعِظَم وَالدِّقَّةِ، وَكُلُّهُنَّ غُرَر، فَالْغُرَّةُ جَامِعَةٌ لَهُنَّ لأَنه يُقَالُ أَغرُّ أَقْرَح، وأَغَرُّ مُشَمْرَخُ الغُرّة، وأَغَرُّ شادخُ الغُرّة، فالأَغَرُّ لَيْسَ بِضَرْبٍ وَاحِدٍ بَلْ هُوَ جِنْسٌ جَامِعٌ لأَنواع مِنْ قُرْحة وشِمْراخ وَنَحْوِهِمَا. وغُرّةُ الفرسِ: البياضُ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَوَّرة فَهِيَ وَتِيرة، وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً فَهِيَ شادِخةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الغُرّة نَفْسُ القَدْر الَّذِي يَشْغَله الْبَيَاضُ مِنَ الْوَجْهِ لَا أَنه الْبَيَاضُ. والغُرْغُرة، بِالضَّمِّ: غُرَّة الْفَرَسِ. وَرَجُلٌ غُرغُرة أَيضاً: شَرِيفٌ. وَيُقَالُ بِمَ غُرّرَ فرسُك؟ فَيَقُولُ صَاحِبُهُ: بشادِخةٍ أَو بوَتِيرةٍ أَو بِيَعْسوبٍ. ابْنُ الأَعرابي: فَرَسٌ أَغَرُّ، وَبِهِ غَرَرٌ، وَقَدْ غَرّ يَغَرُّ غَرَراً، وَجَمَلٌ أَغَرُّ وَفِيهِ غَرَرٌ وغُرور. والأَغَرُّ: الأَبيض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَدْ غَرَّ وجهُه يَغَرُّ، بِالْفَتْحِ، غَرَراً وغُرّةً وغَرارةً: صَارَ ذَا غُرّة أَو ابيضَّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وفكَّ مَرَّةً الإِدغام ليُري أَن غَرَّ فَعِل فَقَالَ غَرِرْتَ غُرّة، فأَنت أَغَرُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن غُرّة لَيْسَ بِمَصْدَرٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه ابْنُ الأَعرابي هَاهُنَا، إِنما هُوَ اسْمٌ وإِنما كَانَ حُكْمُهُ أَن يَقُولَ غَرِرْت غَرَراً، قَالَ: عَلَى أَني لَا أُشاحُّ ابنَ الأَعرابي فِي مِثْلِ هَذَا. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: اقْتُلوا الكلبَ الأَسْودَ ذَا الغُرّتين

؛ الغُرّتان: النُّكْتتان البَيْضاوانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ. وَرَجُلٌ أَغَرُّ: كَرِيمُ الأَفعال وَاضِحُهَا، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَرَجُلٌ أَغَرُّ الْوَجْهِ إِذَا كَانَ أَبيض الْوَجْهِ مِنْ قَوْمٍ غُرٍّ وغُرّان؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَمْدَحُ قَوْمًا:

ثِيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ،

وأَوجُهُهم بِيضُ المَسافِر غُرّانُ

وَقَالَ أَيضاً:

أُولئكَ قَوْمي بَهالِيلُ غُرّ

ص: 14

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ فِي بَيْتِ امْرِئِ الْقَيْسِ:

وأَوجُههم عِنْدَ المَشاهِد غُرّانُ

أَي إِذَا اجْتَمَعُوا لِغُرْم حَمالةٍ أَو لإِدارة حَرْب وجدتَ وُجُوهَهُمْ مُسْتَبْشِرَةً غَيْرَ مُنْكَرَةٍ، لأَن اللَّئِيمَ يَحْمَرُّ وجهه عندها يُسَائِلُهُ السَّائِلُ، وَالْكَرِيمُ لَا يَتَغَيَّرُ وجهُه عَنْ لَوْنِهِ قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي أَراده مَنْ رَوَى بِيضُ الْمَسَافِرِ. وَقَوْلُهُ: ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طهارَى، يُرِيدُ بِثِيَابِهِمْ قُلُوبَهُمْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ آثارِ الوُضوء

؛ الغُرُّ: جَمْعُ الأَغَرّ مِنَ الغُرّة بياضِ الْوَجْهِ، يُرِيدُ بياضَ وُجُوهِهِمْ بِنُورِ الوُضوء يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَقَوْلُ أُمّ خَالِدٍ الخَثْعَمِيّة:

ليَشْرَبَ مِنْهُ جَحْوَشٌ، ويَشِيمهُ

بِعَيْني قُطامِيٍّ أَغَرّ شَآمِي

يَجُوزُ أَن تَعْنِيَ قُطَامِيًّا أَبيض، وإِن كَانَ الْقُطَامِيُّ قَلَّمَا يُوصَفُ بالأَغَرّ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَعْنِيَ عنُقَه فَيَكُونُ كالأَغَرّ بَيْنَ الرِّجَالِ، والأَغَرُّ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي أَخَذت اللحيَةُ جميعَ وَجْهِهِ إِلا قَلِيلًا كأَنه غُرّة؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:

ولقد تُزانُ بك المَجالِسُ،

لَا أَغَرّ وَلَا عُلاكزْ «2»

. وغُرّة الشَّيْءِ: أَوله وأَكرمُه. وَفِي الْحَدِيثِ

: مَا أَجدُ لِمَا فَعَل هَذَا فِي غُرَّةِ الإِسلام مَثَلًا إِلا غَنَمًا وَرَدَتْ فرُمِيَ أَوّلُها فنَفَر آخِرُها

؛ وغُرّة الإِسلام: أَوَّلُه. وغُرَّة كُلِّ شَيْءٍ: أَوله. والغُرَرُ: ثَلَاثُ لَيَالٍ مِنْ أَول كُلِّ شَهْرٍ. وغُرّةُ الشَّهْرِ: ليلةُ اسْتِهْلَالِ الْقَمَرِ لِبَيَاضِ أَولها، وَقِيلَ: غُرّةُ الْهِلَالِ طَلْعَتُه، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْبَيَاضِ. يُقَالُ: كَتَبْتُ غُرّةَ شَهْرِ كَذَا. وَيُقَالُ لِثَلَاثِ لَيَالٍ مِنَ الشَّهْرِ: الغُرَر والغُرُّ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِبَيَاضِهَا وَطُلُوعِ الْقَمَرِ فِي أَولها، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ للأَيام. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَا اثْنَيْنِ: يُقَالُ لِثَلَاثِ لَيَالٍ مِنْ أَول الشَّهْرِ: ثَلَاثُ غُرَر، وَالْوَاحِدَةُ غُرّة، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: سُمِّين غُرَراً وَاحِدَتُهَا غُرّة تَشْبِيهًا بغُرّة الْفَرَسِ فِي جَبْهَتِهِ لأَن الْبَيَاضَ فِيهِ أَول شَيْءٍ فِيهِ، وَكَذَلِكَ بَيَاضُ الْهِلَالِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي أَول شَيْءٍ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

فِي صَوْمِ الأَيام الغُرِّ؛

أَي الْبِيضِ اللَّيَالِي بِالْقَمَرِ. قَالَ الأَزهري: وأَما اللَّيالي الغُرّ الَّتِي أَمر النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، بِصَوْمِهَا فَهِيَ لَيْلَةُ ثلاثَ عَشْرةَ وأَربعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرةَ، وَيُقَالُ لَهَا الْبِيضُ، وأَمر النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، بِصَوْمِهَا لأَنه خَصَّهَا بِالْفَضْلِ؛ وَفِي قَوْلِ الأَزهري: اللَّيَالِي الغُرّ الَّتِي أَمر النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، بِصَوْمِهَا نَقْدٌ وَكَانَ حقُّه أَن يَقُولَ بِصَوْمِ أَيامها فإِن الصِّيَامَ إِنما هُوَ للأَيام لَا لِلَّيَالِي، وَيَوْمٌ أَغَرُّ: شَدِيدُ الْحَرِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هَاجِرَةٌ غَرّاء ووَدِيقة غَرّاء؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَغَرّ كَلَوْنِ المِلْحِ ضاحِي تُرابه،

إِذَا اسْتَوْدَقَت حِزانُه وضياهِبُه «3»

. قَالَ وَأَنْشَدَ أَبو بَكْرٍ:

مِنْ سَمُومٍ كأَنّها لَفحُ نارٍ،

شَعْشَعَتْها ظَهيرةٌ غَرّاء

وَيُقَالُ: وَدِيقة غَرّاء شَدِيدَةُ الْحَرِّ؛ قَالَ:

وَهَاجِرَةٌ غَرّاء قاسَيْتُ حَرّها

إِلَيْكَ، وجَفْنُ العينِ بالماء سابحُ «4» .

(2). قوله [ولا علاكز] هكذا هو في الأَصل فلعله علاكد، بالدال بلد الزاي

(3)

. قوله [وضياهبه] هو جمع ضيهب كصيقل، وهو كُلُّ قُفٍّ أَوْ حَزْنٍ أَوْ مَوْضِعٍ مِنَ الْجَبَلِ تَحْمَى عَلَيْهِ الشَّمْسُ حَتَّى يشوى عليه اللحم. لكن الذي في الأساس: سباسبه، وهي جمع سبسب بمعنى المفازة

(4)

. قوله [بالماء] رواية الأساس: في الماء

ص: 15

الأَصمعي: ظَهِيرة غَرّاء أَي هِيَ بَيْضَاءُ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ الشَّمْسِ، كَمَا يُقَالُ هَاجِرَةٌ شَهْباء. وغُرّة الأَسنان: بياضُها. وغَرَّرَ الغلامُ: طَلَعَ أَوّلُ أَسنانه كأَنه أَظهر غُرّةَ أَسنانِه أَي بَيَاضَهَا. وَقِيلَ: هُوَ إِذَا طَلَعَتْ أُولى أَسنانه ورأَيت غُرّتَها، وَهِيَ أُولى أَسنانه. وَيُقَالُ: غَرَّرَت ثَنِيَّتا الْغُلَامِ إِذَا طَلَعَتَا أَول مَا يطلعُ لِظُهُورِ بَيَاضِهِمَا، والأَغَرُّ: الأَبيض، وَقَوْمٌ غُرّان. وَتَقُولُ: هَذَا غُرّة مِنْ غُرَرِ الْمَتَاعِ، وغُرّةُ الْمَتَاعِ خيارُه ورأْسه، وَفُلَانٌ غُرّةٌ مِنْ غُرَرِ قَوْمِهِ أَي شَرِيفٌ مِنْ أَشرافهم. وَرَجُلٌ أَغَرُّ: شَرِيفٌ، وَالْجَمْعُ غُرٌّ وغُرَّان؛ وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

وأَوْجُهُهم عِنْدَ الْمَشَاهِدِ غُرّان

وَهُوَ غُرَّةُ قومِه أَي سيّدهُم، وَهُمْ غُرَرُ قَوْمِهِمْ. وغُرّةُ النَّبَاتِ: رأْسه. وتَسَرُّعُ الكَرْمِ إِلَى بُسُوقِه: غُرّتُه؛ وغُرّةُ الْكَرْمِ: سُرْعةُ بُسوقه. وغُرّةُ الرَّجُلِ: وجهُه، وَقِيلَ: طَلْعَتُهُ وَوَجْهُهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ بَدَا لَكَ مِنْ ضَوْءٍ أَو صُبْح، فَقَدْ بَدَتْ لَكَ غُرّته. ووَجْهٌ غريرٌ: حَسَنٌ، وَجَمْعُهُ غُرّان؛ والغِرُّ والغرِيرُ: الشابُّ الَّذِي لَا تَجْرِبَةَ لَهُ، وَالْجَمْعُ أَغِرّاء وأَغِرّة والأُنثى غِرٌّ وغِرّة وغَريرة؛ وَقَدْ غَرِرْتَ غَرارَةٌ، وَرَجُلٌ غِرٌّ، بِالْكَسْرِ، وَغَرِيرٌ أَي غَيْرُ مُجَرِّبٍ؛ وَقَدْ غَرّ يَغِرُّ، بِالْكَسْرِ، غَرَارَةً، وَالِاسْمُ الغِرّة. اللَّيْثُ: الغِرُّ كالغِمْر وَالْمَصْدَرُ الغَرارة، وَجَارِيَةٌ غِرّة. وَفِي الْحَدِيثِ:

المؤمنُ غِرٌّ كَريم والكافرُ خَبٌّ لَئِيم

؛ مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ بِذِي نَكراء، فالغِرُّ الَّذِي لَا يَفْطَن لِلشَّرِّ ويغفلُ عَنْهُ، والخَبُّ ضِدُّ الغِرّ، وَهُوَ الخَدّاع المُفْسِد، ويَجْمَع الغِرَّ أَغْرارٌ، وَجَمْعُ الغَرِير أَغرّاء. وفي الحديث

ظَبْيَانَ: إِنَّ مُلُوكَ حِمْير مَلَكُوا مَعاقِلَ الأَرض وقرَارَها ورؤوسَ المُلوكِ وغِرارَها.

الغِرار والأَغْرارُ جَمْعُ الغِرّ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: إِنَّكَ مَا أَخَذْتَها بَيْضاءَ غَرِيرة

؛ هِيَ الشَّابَّةُ الْحَدِيثَةُ الَّتِي لَمْ تجرِّب الأُمور. أَبو عُبَيْدٍ: الغِرّة الْجَارِيَةُ الْحَدِيثَةُ السِّنِّ التي لم تجرِّب الأُمور وَلَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ مَا يَعْلَمُ النِّسَاءُ مِنَ الحُبِّ، وَهِيَ أَيضاً غِرٌّ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ الفَتَاةَ صَغِيرةٌ

غِرٌّ، فَلَا يُسْرَى بِهَا

الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ غِرٌّ وامرأَة غِرٌّ بيِّنة الغَرارة، بِالْفَتْحِ، مِنْ قَوْمٍ أَغِرّاء؛ قَالَ: وَيُقَالُ مِنَ الإِنسان الغِرّ: غَرَرْت يَا رَجُلُ تَغِرُّ غَرارة، وَمِنَ الْغَارِّ وَهُوَ الْغَافِلُ اغْتَرَرْت. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ غَرَرْت بَعْدي تَغِرُّ غَرارَة فأَنت غِرٌّ وَالْجَارِيَةُ غِرٌّ إِذَا تَصابَى. أَبو عُبَيْدٍ: الغَريرُ المَغْرور والغَرارة مِنَ الغِرّة والغِرَّة مِنَ الْغَارِّ والغَرارةُ والغِرّة واحدٌ؛ الْغَارُّ: الْغَافِلُ والغِرَّة الْغَفْلَةُ، وَقَدِ اغْتَرّ، وَالِاسْمُ مِنْهُمَا الغِرة. وَفِي الْمَثَلِ: الغِرَّة تَجْلُب الدِّرَّة أَي الْغَفْلَةُ تَجْلُبُ الرِّزْقَ، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ فِي غَرارتي وحَداثتي أَي فِي غِرّتي. واغْتَرّه أَي أَتاه عَلَى غِرّة مِنْهُ. واغْترَّ بِالشَّيْءِ: خُدِع بِهِ. وَعَيْشٌ غَرِيرٌ: أَبْله يُفَزِّع أَهله. والغَريِر الخُلُق: الْحَسَنُ. يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا شاخَ: أَدْبَرَ غَريرهُ وأَقْبَل هَريرُه أَي قَدْ سَاءَ خلُقه. والغِرارُ: حدُّ الرُّمْحِ وَالسَّيْفِ وَالسَّهْمِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغِراران نَاحِيَتَا المِعْبلة خَاصَّةً. غَيْرُهُ: والغِراران شَفْرتا السَّيْفِ وَكُلِّ شَيْءٍ لَهُ حدٌّ، فحدُّه غِرارُه، وَالْجَمْعُ أَغِرّة، وغَرُّ السَّيْفِ حَدُّهُ؛، منه قَوْلُ هِجْرِس بْنِ كُلَيْبٍ حِينَ رأَى قاتِلَ أَبيه: أَما وسَيْفِي وغَرَّيْه أَي وحَدّيه. ولَبِثَ فُلَانٌ غِرارَ شَهْرٍ أَي مَكَثَ مقدارَ شَهْرٍ. وَيُقَالُ: لَبِث اليومُ غِرارَ

ص: 16

شَهْرٍ أَي مِثالَ شَهْرٍ أَي طُول شَهْرٍ، والغِرارُ: النَّوْمُ الْقَلِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ النَّوْمِ وَغَيْرِهِ. وَرَوَى الأَوزاعي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنه قَالَ: كَانُوا لَا يَرَون بِغِرَارِ النَّوْم بأْساً حَتَّى لَا يَنْقض الوضوءَ أَي لَا يَنْقُضُ قليلُ النَّوْمِ الْوُضُوءَ. قَالَ الأَصمعي: غِرارُ النَّوْمِ قلّتُه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي مَرْثِيَةِ الْحَجَّاجِ:

إِنَّ الرَّزِيّة مِنْ ثَقيفٍ هالكٌ

تَرَك العُيونَ، فنَوْمُهُن غِرارُ

أَي قَلِيلٌ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: لَا غِرار فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمٍ

؛ أَي لَا نُقْصَانَ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغرارُ فِي الصَّلَاةِ النُّقْصَانُ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وطُهورها وَهُوَ أَن لَا يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَمَعْنَى الْحَدِيثِ لَا غِرار فِي صَلَاةٍ أَي لَا يُنْقَص مِنْ رُكُوعِهَا وَلَا مِنْ سُجُودِهَا وَلَا أَركانها، كَقَوْلِ سَلْمان: الصَّلَاةُ مِكْيَالٌ فَمَنْ وَفَّى وُفِّيَ لَهُ، وَمَنْ طَفّفَ فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا قَالَ اللَّهُ فِي المُطَفِّفِين؛ قَالَ: وأَما الغِرَارُ فِي التَّسْلِيمِ فَنَرَاهُ أَن يَقُولَ لَهُ: السَّلام عَلَيْكُمْ، فَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْآخَرُ: وَعَلَيْكُمْ، وَلَا يَقُولُ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ؛ هَذَا مِنَ التَّهْذِيبِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما الغِرارُ فِي التَّسْلِيمِ فَنَرَاهُ أَن يَقُولَ سَلامٌ عليكَ أَو يَرُدَّ فَيَقُولَ وَعَلَيْكَ وَلَا يَقُولَ وَعَلَيْكُمْ، وَقِيلَ: لَا غِرَارَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَسليم فِيهَا أَي لَا قَلِيلَ مِنَ النَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ ولا تسليم أَي لا يُسَلِّم الْمُصَلِّي وَلَا يَسَلَّم عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالنَّصْبِ وَالْجَرِّ، فَمَنْ جَرَّهُ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَمَنْ نَصَبَهُ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الغِرار، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَا نَقْصَ وَلَا تسليمَ فِي صَلَاةٍ لأَن الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ كَلَامِهَا لَا يَجُوزُ؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

لَا تُغارُّ التحيّةُ

أَي يُنْقَص السلامُ. وأَتانا عَلَى غِرارٍ أَي عَلَى عَجَلَةٍ. وَلَقِيتُهُ غِراراً أَي عَلَى عَجَلَةٍ، وأَصله القلَّةُ فِي الرَّوِية لِلْعَجَلَةِ. وَمَا أَقمت عِنْدَهُ إِلَّا غِراراً أَي قَلِيلًا. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ اغْتَرَرْتُه واسْتَغْرَرْتُه أَي أَتيته عَلَى غِرّة أَي عَلَى غَفْلَةٍ، والغِرار: نُقصانُ لَبَنِ النَّاقَةِ، وَفِي لَبَنِهَا غِرارٌ؛ وَمِنْهُ غِرارُ النومِ: قِلّتُه. قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ: غَرَّ فلانٌ فُلَانًا: قَالَ بَعْضُهُمْ عرَّضه للهلَكة والبَوارِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ مُغارٌّ إِذَا ذَهَبَ لَبَنُهَا لحَدث أَو لعلَّة. وَيُقَالُ: غَرَّ فُلَانٌ فُلَانًا مَعْنَاهُ نَقَصه، مِنَ الغِرار وَهُوَ النُّقْصَانُ. وَيُقَالُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ غَرَّ فُلَانٌ فُلَانًا فَعَلَ بِهِ مَا يُشْبِهُ القتلَ وَالذَّبْحَ بِغرار الشّفْرة، وغارَّت الناقةُ بِلَبَنِهَا تُغارُّ غِراراً، وَهِيَ مُغارٌّ: قَلَّ لَبَنُهَا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ كَرَاهِيَتِهَا لِلْوَلَدِ وَإِنْكَارِهَا الحالِبَ. الأَزهري: غِرارُ الناقةِ أَنْ تُمْرَى فَتَدِرّ فَإِنْ لَمْ يُبادَرْ دَرُّها رفَعَت دَرَّها ثُمَّ لَمْ تَدِرّ حَتَّى تُفِيق. الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم فِي تعَجُّلِ الشَّيْءِ قَبْلَ أوانِه قَوْلُهُمْ: سَبَقَ درَّتُه غِرارَه، وَمِثْلُهُ سَبَقَ سَيْلُه مَطرَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: غارَّت الناقةُ غَرَارًا إِذا دَرَّت، ثُمَّ نَفَرَتْ فَرَجَعَتْ الدِّرَة؛ يُقَالُ: نَاقَةٌ مُغارٌّ، بِالضَّمِّ، ونُوق مَغارُّ يَا هَذَا، بِفَتْحِ الْمِيمِ، غَيْرَ مَصْرُوفٍ. وَيُقَالُ فِي التَّحِيَّةِ: لَا تُغارَّ أَي لَا تَنْقُصْ، وَلَكِنْ قُلْ كَمَا يُقال لَكَ أَو رُدَّ، وَهُوَ أَن تمرَّ بِجَمَاعَةٍ فتخصَّ وَاحِدًا. ولِسُوقنا غِرارٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَتَاعِهَا نَفاقٌ؛ كُلُّهُ عَلَى الْمَثَلِ. وغارَّت السوقُ تُغارُّ غِراراً: كسَدَت، ودَرَّت دَرَّةً: نفَقَت؛ وَقَوْلُ أَبي خِرَاشٍ «1» :

فغارَرت شَيْئًا والدَّرِيسُ، كأَنّما

يُزَعْزِعُه وَعْكٌ مِنَ المُومِ مُرْدِمُ

قِيلَ: مَعْنَى غارَرْت تَلَبَّثت، وَقِيلَ: تنبهت

(1).: قوله [وقول أبي خراش إلخ] في شرح القاموس ما نصه: هكذا ذكره صاحب اللسان هنا، والصواب ذكره في العين المهملة

ص: 17

ووَلَدَت ثَلَاثَةً عَلَى غِرارٍ وَاحِدٍ أَي بعضُهم فِي إثْر بَعْضٍ لَيْسَ بَيْنَهُمْ جَارِيَةٌ. الأَصمعي: الغِرارُ الطَّرِيقَةُ. يُقَالُ: رَمَيْتُ ثَلَاثَةَ أَسْهُم عَلَى غِرار وَاحِدٍ أَي عَلَى مَجْرًى وَاحِدٍ. وَبَنَى القومُ بُيُوتَهُمْ عَلَى غِرارٍ واحدٍ. والغِرارُ: المثالُ الَّذِي يَضْرَب عَلَيْهِ النصالُ لِتَصْلُحَ. يُقَالُ: ضرَبَ نِصالَه عَلَى غِرارٍ وَاحِدٍ؛ قَالَ الهُذَلي يَصِفُ نَصْلًا:

سَديد العَيْر لم يَدْحَضْ عليه الغِرارُ،

فقِدْحُه زَعِلٌ دَرُوجُ

قَوْلُهُ سَدِيدٌ، بِالسِّينِ، أَي مُسْتَقِيمٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعَمْرِو بْنِ الدَّاخِلِ، وَقَوْلُهُ سَدِيد العَيْر أَي قاصِد. والعَير: النَّاتِئُ فِي وَسَطِ النَّصْلِ. وَلَمْ يَدْحَضْ أَي لَمْ يَزْلَقْ عَلَيْهِ الغِرارُ، وَهُوَ الْمِثَالُ الَّذِي يَضْرِبُ عَلَيْهِ النَّصْلَ فَجَاءَ مِثْلَ الْمِثَالِ. وزَعِلٌ: نَشِيط. ودَرُوجٌ: ذاهِبٌ فِي الأَرض. والغِرارةُ: الجُوالِق، وَاحِدَةُ الغَرائِر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

كأَنّه غرارةٌ مَلأَى حَثَى

الْجَوْهَرِيُّ: الغِرارةُ وَاحِدَةُ الغَرائِر الَّتِي للتّبْن، قَالَ: وأَظنّه مُعَرَّبًا. الأَصمعي: الغِرارُ أَيضاً غرارُ الحَمامِ فرْخَه إِذَا زَقّه، وَقَدْ غرَّتْه تَغُرُّه غَرًّا وغِراراً. قَالَ: وغارَّ القُمْرِيُّ أُنْثاه غِراراً إِذَا زقَّها. وغَرَّ الطائرُ فَرْخَه يَغُرُّه غِراراً أَي زقَّه. وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، يَغُرُّ عَلِيًّا بِالْعِلْمِ أَي يُلْقِمُه إِيّاه.

يُقَالُ: غَرَّ الطائرُ فَرْخَه أَي زقَّه. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: مَنْ يُطِع اللَّهَ يَغُرّه كما يغُرّهُ الغُرابُ بُجَّه

أَي فَرْخَه. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ وَذِكْرِ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين، فَقَالَ: إِنما كَانَا يُغَرّان العِلْمَ غَرًّا

، والغَرُّ: اسمُ مَا زقَّتْه بِهِ، وَجَمْعُهُ غُرورٌ؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ ذُرْوَةَ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي سَيْرِ الإِبل:

إِذا احْتَسَى، يومَ هَجِير هائِفِ،

غُرورَ عِيدِيّاتها الخَوانِفِ

يَعْنِي أَنه أَجهدها فكأَنه احتَسَى تِلْكَ الغُرورَ. وَيُقَالُ: غُرَّ فلانٌ مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ يُغَرَّ غيرهُ أَي زُقَّ وعُلِّم. وغُرَّ عَلَيْهِ الماءُ وقُرَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ أَي صُبَّ عَلَيْهِ. وغُرَّ فِي حَوْضِكَ أَي صُبَّ فِيهِ. وغَرَّرَ السِّقَاءَ إِذا ملأَه؛ قَالَ حُمَيْدٌ:

وغَرَّرَه حَتَّى اسْتَدارَ كأَنَّه،

عَلَى الفَرْو، عُلْفوفٌ مِنَ التُّرْكِ راقِدُ

يُرِيدُ مَسْك شاةٍ بُسِطَ تَحْتَ الوَطْب. التَّهْذِيبُ: وغَرَرْتُ الأَساقِيَ ملأْتها؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

فَظِلْتَ تَسْقي الماءَ فِي قِلاتِ،

فِي قُصُبٍ يُغَرُّ فِي وأْباتِ،

غَرَّكَ فِي المِرارِ مُعْصَماتِ

القُصْبُ: الأَمْعاءُ. والوَأْباتُ: الْوَاسِعَاتُ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيًّا يَقُولُ لِآخَرَ غُرَّ فِي سِقائك وَذَلِكَ إِذا وَضَعَهُ فِي الْمَاءِ وملأَه بِيَدِهِ يَدْفَعُ الْمَاءَ فِي فِيهِ دَفْعًا بِكَفِّهِ وَلَا يَسْتَفِيقُ حَتَّى يملأَه. الأَزهري: الغُرّ طَيْرٌ سُود بيضُ الرُّءُوسِ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، الْوَاحِدَةُ غَرَّاء، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الغُرُّ ضَرْبٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، وَوَصْفُهُ كَمَا وَصَفْنَاهُ. والغُرَّةُ: الْعَبْدُ أَو الأَمة كأَنه عُبِّر عَنِ الْجِسْمِ كُلِّهِ بالغُرَّة؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:

كلُّ قَتيلٍ فِي كُلَيْبٍ غُرَّه،

حَتَّى يَنَالَ القَتْلَ آلُ مُرَّه

يَقُولُ: كلُّهم لَيْسُوا بِكُفْءٍ لِكُلَيْبٍ إِنما هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْعَبِيدِ والإِماء إِنْ قَتَلْتُهُمْ حَتَّى أَقتل آلَ مُرَّة فإِنهم الأَكفاء حِينَئِذٍ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه

ص: 18

قَضَى فِي وَلَدِ المَغْرور بغُرَّة

؛ هو الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ امرأَة عَلَى أَنها حُرَّةٌ فَتَظْهَرُ مَمْلُوكَةً فيَغْرَم الزوجُ لِمَوْلَى الأَمة غُرَّةً، عَبْدًا أَوْ أَمة، وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ غَرَّه وَيَكُونُ ولدُه حُرًّا. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الغُرَّة عِنْدَ الْعَرَبِ أَنْفَسُ شَيْءٍ يُمْلك وأَفْضلُه، وَالْفَرَسُ غُرَّةُ مَالِ الرَّجُلِ، وَالْعَبْدُ غرَّةُ مَالِهِ، وَالْبَعِيرُ النَّجِيبُ غُرَّةُ مالِهِ، والأَمة الفارِهَةُ مِنْ غُرَّة الْمَالِ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَن حَمَلَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لَهُ: إِني كُنْتُ بَيْنَ جَارِيَتَيْنِ لِي فَضَرَبتْ إِحداهما الأُخرى بِمِسْطَحٍ فأَلقت جَنِيناً مَيِّتًا وَمَاتَتْ، فقَضَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم بديَةِ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ، وجَعَلَ فِي الجَنِين غُرَّةً عَبْدًا أَو أَمة.

وأَصل الغُرَّة الْبَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وكأَنه عُبّر عَنِ الْجِسْمِ كُلِّهِ بالغُرَّة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ يَقْصِدِ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، فِي جَعْلِهِ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً إِلا جِنْسًا وَاحِدًا مِنْ أَجناس الْحَيَوَانِ بِعينه فَقَالَ: عَبْدًا أَو أَمة. وغُرَّةُ الْمَالِ: أَفضله. وغُرَّةُ الْقَوْمِ: سَيِّدُهُمْ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه قَالَ فِي تَفْسِيرِ الغُرّة الْجَنِينُ، قَالَ: الغٌرّة عَبْدٌ أَبيض أَو أَمَةٌ بَيْضَاءُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا تَكُونُ إِلا بيضَ الرَّقِيقِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَا يُقْبَل فِي الدِّيَةِ عبدٌ أَسود وَلَا جاريةٌ سَوْدَاءُ. قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا الغُرَّة عِنْدَهُمْ مَا بَلَغَ ثمنُها عُشْر الدِّيَةِ مِنَ الْعَبِيدِ والإِماء. التَّهْذِيبُ وَتَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ الْغُرَّةَ مِنَ الْعَبِيدِ الَّذِي يَكُونُ ثمنُه عُشْرَ الدِّيَةِ. قَالَ: وَإِنَّمَا تَجِبُ الغُرّة فِي الْجَنِينِ إِذا سَقَطَ مَيِّتًا، فإِن سَقَطَ حِيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً. وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ:

بغُرّة عَبْدٍ أَو أَمة أَو فَرَسٍ أَو بَغْلٍ

، وَقِيلَ: إِن الْفَرَسَ والبَغْل غَلَطٌ مِنَ الرَّاوِي. وَفِي حَدِيثِ

ذِي الجَوْشَن: مَا كُنْتُ لأَقْضِيَه الْيَوْمَ بغٌرّة

؛ سُمِّيَ الْفَرَسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غُرّة؛ وأَكثرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْعَبْدِ والأَمة، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بالغُرّة النِّفِيسَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ مَا كُنْتُ لأَقْضِيَه بِالشَّيْءِ النَّفِيسِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِيّاكم ومُشارّةَ النَّاسِ فإِنها تَدْفِنُ الغُرّةَ وتُظْهِرُ العُرّةَ

؛ الغُرّة هَاهُنَا: الحَسَنُ والعملُ الصَّالِحُ، شَبَّهَهُ بغُرّة الْفَرَسِ. وكلُّ شَيْءٍ تُرْفَع قيمتُه، فَهُوَ غُرّة. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

عَليْكُم بالأَبْكارِ فإِنّهُنّ أَغَرُّ غُرَّةً

، يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنَ غُرَّة الْبَيَاضِ وَصَفَاءِ اللَّوْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ حُسْنِ الخلُق والعِشْرةِ؛ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

عَلَيْكمُ بالأَبْكار فإِنّهُنّ أَغَرُّ أَخْلاقاً

، أَي إِنهن أَبْعَدُ مِنْ فطْنةِ الشَّرِّ ومعرفتِه مِنَ الغِرّة الغفْلة. وكلُّ كَسْرٍ مُتَثَنٍّ فِي ثَوْبٍ أَو جِلْدٍ: غَرُّ؛ قَالَ:

قَدْ رَجَعَ المُلْك لمُسْتَقَرّه

ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بَعْدَ غَرّه

وَجَمْعُهُ غُرور؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

حَتَّى إِذَا مَا طَار منْ خَبِيرِها،

عَنْ جُدَدٍ صُفْرٍ، وَعَنْ غُرورِها

الْوَاحِدُ غَرٌّ، بِالْفَتْحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: طَوَيْت الثوبَ عَلَى غَرِّه أَي عَلَى كَسْرِه الأَول. قَالَ الأَصمعي: حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ رُؤْبَةَ أَنه عُرِضَ عَلَيْهِ ثوبٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وقَلَّبَه ثُمَّ قَالَ: اطْوِه عَلَى [غَرِّه. والغُرورُ فِي الْفَخْذَيْنِ: كالأَخادِيد بَيْنَ الْخَصَائِلِ. وغُرورُ الْقَدَمِ: خُطُوطُ مَا تَثَنَّى مِنْهَا. وغَرُّ الظَّهْرِ: ثَنِيُّ المَتْنِ؛ قَالَ:

كأَنَّ غَرَّ مَتْنِه، إِذ تَجْنُبُهْ،

سَيْرُ صَناعٍ فِي خَرِيرٍ تَكْلُبُهْ

قَالَ اللَّيْثُ: الغَرُّ الكَسْرُ فِي الْجِلْدِ مِنَ السِّمَن،

ص: 19

والغَرُّ تكسُّر الْجِلْدِ، وَجَمْعُهُ غُرور، وَكَذَلِكَ غُضونُ الجلْد غُرور. الأَصمعي: الغُرورُ مَكاسِرُ الْجِلْدِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رضي الله عنهما، فَقَالَتْ: رَدَّ نَشْرَ الإِسلام عَلَى غَرِّه أَي طَيِّه وكَسْرِه.

يُقَالُ: اطْوِ الثَّوْبَ عَلَى غَرِّه الأَول كَمَا كَانَ مَطْوياًّ؛ أَرادت تَدْبيرَه أَمرَ الرِّدَّةِ ومُقابَلة دَائِها بِدَوَائِهَا. وغُرورُ الذِّرَاعَيْنِ: الأَثْناءُ الَّتِي بَيْنَ حِبالِهما. والغَرُّ: الشَّقُّ فِي الأَرض. والغَرُّ: نَهْرٌ دَقِيقٌ فِي الأَرض، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ النَّهْرُ، وَلَمْ يُعَيِّن الدَّقِيقَ وَلَا غَيْرَهُ؛ وأَنشد:

سَقِيّة غَرٍّ فِي الحِجال دَمُوج

هَكَذَا فِي الْمُحْكَمِ؛ وأَورده الأَزهري، قَالَ: وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ جَارِيَةٍ:

سَقِيَّةُ غَرٍّ فِي الحِجال دَمُوج

وَقَالَ: يَعْنِي أَنها تُخْدَمُ وَلَا تَخْدُمُ. ابْنُ الأَعرابي: الغَرُّ النَّهْرُ الصَّغِيرُ، وَجَمْعُهُ غُرور، والغُرور: شَرَكُ الطَّرِيقِ، كلُّ طُرْقة مِنْهَا غَرٌّ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ: اطْوِ الكتابَ والثوبَ عَلَى غَرّه وخِنْثِه أَي عَلَى كَسْره؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ:

كأَنّ غَرَّ مَتْنِهِ إِذ تَجْنُبُهْ

غَرُّ الْمَتْنَ: طَرِيقُهُ. يقولُ دُكَيْن: طريقتُه تَبْرُق كأَنها سَيْرٌ فِي خَرِيز، والكَلبُ: أَن يُبَقَّى السَّيْرُ في القربة تُخْرَز فتُدْخِل الجاريةُ يَدَهَا وَتَجْعَلُ مَعَهَا عُقْبَةً أَوْ شَعْرَةً فَتُدْخِلُهَا مِنْ تَحْتِ السَّيْرِ ثُمَّ تَخْرُقُ خَرْقًا بالإِشْفَى فَتُخْرِجُ رأْس الشَّعْرَةِ مِنْهُ، فإِذا خَرَجَ رأْسها جَذَبَتْها فاسْتَخْرَجَت السَّيْرَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَرّانِ خَطّانِ يَكُونَانِ فِي أَصل العَيْر مِنْ جَانِبَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ مَقْرُومٍ وَذَكَرَ صَائِدًا:

فأَرْسَلَ نافِذَ الغَرَّيْن حَشْراً،

فخيَّبه مِنَ الوَتَرِ انْقِطاعُ

وَالْغَرَّاءُ: نَبْتٌ لَا يَنْبُتُ إِلّا فِي الأَجارِع وسُهولةِ الأَرض ووَرَقُها تافِهٌ وَعُودُهَا كَذَلِكَ يُشْبِه عودَ القَضْب إِلَّا أَنه أُطَيْلِس، وَهِيَ شَجَرَةُ صِدْقٍ وَزَهْرَتُهَا شَدِيدَةُ الْبَيَاضِ طَيِّبَةُ الرِّيحِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُحبّها الْمَالُ كُلُّهُ وتَطِيب عَلَيْهَا أَلْبانُها. قَالَ: والغُرَيْراء كالغَرّاء، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما ذَكَرْنَا الغُرَيْراء لأَن الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُهُ مُصَغَّرًا كَثِيرًا. والغِرْغِرُ: مِنْ عُشْبِ الرَّبِيعِ، وَهُوَ مَحْمُودٌ، وَلَا يَنْبُتُ إِلا فِي الْجَبَلِ لَهُ وَرَقٌ نَحْوَ وَرَقِ الخُزامى وَزَهْرَتُهُ خَضْرَاءُ؛ قَالَ الرَّاعِي:

كأَن القَتُودَ عَلَى قارِحٍ،

أَطاع الرَّبِيعَ لَهُ الغِرْغِرُ

أَرَادَ: أَطاع زَمَنَ الرَّبِيعِ، وَاحِدَتُهُ غِرْغِرة. والغِرْغِر، بِالْكَسْرِ: دَجاج الْحَبَشَةِ وَتَكُونُ مُصِلّةً لِاغْتِذَائِهَا بالعَذِرة والأَقْذار، أَو الدجاجُ البرّي، الواحدة غِرْغرة؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

أَلُفُّهُمُ بالسَّيفِ مِنْ كلِّ جانبٍ،

كَمَا لَفَّت العِقْبانُ حِجْلى وغِرغِرا

حِجْلى: جَمْعُ الحَجَلِ، وَذَكَرَ الأَزهري قَوْمًا أَبادهم اللَّهُ فَجَعَلَ عِنَبَهم الأَراك ورُمَّانَهم المَظَّ ودَجاجَهم الغِرْغِرَ. والغَرْغَرَةُ والتَّغَرْغُر بِالْمَاءِ فِي الحَلْقِ: أَن يَتَرَدَّدَ فِيهِ وَلَا يُسيغه. والغَرُورُ: مَا يُتَغَرْغَرُ بِهِ مِنَ الأَدْوية، مِثْلَ قَوْلِهِمْ لَعُوق ولَدُود وسَعُوط. وغَرْغَر فلانٌ بِالدَّوَاءِ وتَغَرْغَرَ غَرْغَرةً وتَغَرْغُراً. وتَغَرْغَرَت عَيْنَاهُ: تردَّد فِيهِمَا الدَّمْعُ. وغَرَّ وغَرْغَرَ:

ص: 20

جادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ. والغَرْغَرَةُ: تردُّد الرُّوحِ فِي الْحَلْقِ. والغَرْغَرَةُ: صوتٌ مَعَهُ بَحَحٌ. وغَرْغَرَ اللحمُ عَلَى النَّارِ إِذا صَلَيْتَه فَسَمِعْتَ لَهُ نشِيشاً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

ومَرْضُوفة لَمْ تُؤْنِ فِي الطَّبْخِ طاهِياً،

عَجِلْتُ إِلَى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرا

والغَرْغَرة: صَوْتُ الْقِدْرِ إِذَا غَلَتْ، وَقَدْ غَرْغَرت؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

إِذ لَا تَزالُ لَكُمْ مُغَرْغِرة

تَغْلي، وأَعْلى لَوْنِها صَهْرُ

أَي حارٌّ فَوَضَعَ الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، وكأَنه قَالَ: أَعْلى لونِها لونُ صَهْر. والغَرْغَرةُ: كَسْرُ قَصَبَةِ الأَنف وكَسْرُ رأْس الْقَارُورَةِ؛ وأَنشد:

وخَضْراء فِي وكرَيْنِ غَرْغَرْت رأْسها

لأُبْلِيَ إِنْ فارَقْتُ فِي صاحِبي عُذْرا

والغُرْغُرةُ: الحَوْصلة؛ وَحَكَاهَا كُرَاعٌ بِالْفَتْحِ؛ أَبو زَيْدٍ: هِيَ الْحَوْصَلَةُ والغُرْغُرة والغُراوي «2» . وَالزَّاوَرَةُ. وملأْت غَراغِرَك أَي جَوْفَك. وغَرْغَرَه بِالسِّكِّينِ: ذَبَحَهُ. وغَرْغَرَه بِالسِّنَانِ: طَعَنَهُ فِي حَلْقِهِ. والغَرْغَرَةُ: حِكَايَةُ صَوْتِ الرَّاعِي وَنَحْوِهِ. يُقَالُ: الرَّاعِي يُغَرْغِرُ بِصَوْتِهِ أَي يردِّده فِي حَلْقِهِ؛ ويَتَغَرْغَرُ صَوْتُهُ فِي حَلْقِهِ أَي يَتَرَدَّدُ. وغَرٌّ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ:

أَقْبَلْتُ أَمْشِي، وبِغَرٍّ كُورِي،

وَكَانَ غَرٌّ مَنْزِلَ الْغُرُورِ

والغَرُّ: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ:

فالغَرّ تَرْعاه فَجَنْبَي جَفَرَهْ

والغَرّاء: فَرَسُ طَرِيفِ بْنِ تَمِيمٍ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والأَغَرُّ: فَرَسُ ضُبَيْعة بْنِ الْحَرْثِ. والغَرّاء: فرسٌ بِعَيْنِهَا. والغَرّاء: مَوْضِعٌ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:

سَرَتْ مِنْ قُرَى الغَرّاء حَتَّى اهْتَدَتْ لَنَا،

ودُوني خَراتيّ الطَّوِيّ فيَثْقُب «3»

وَفِي حِبَالِ الرَّمْلِ الْمُعْتَرِضِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ حَبْلَانِ يُقَالُ لَهُمَا: الأَغَرَّان؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

وَقَدْ قَطَعْنا الرَّمْلَ غَيْرَ حَبْلَيْن:

حَبْلَي زَرُودٍ ونَقا الأَغَرَّيْن

والغُرَيْرُ: فَحْلٌ مِنَ الإِبل، وَهُوَ تَرْخِيمُ تَصْغِيرِ أَغَرّ. كَقَوْلِكَ فِي أَحْمَد حُمَيد، والإِبل الغُرَيْريّة مَنْسُوبَةٌ إِليه؛ قَالَ ذُو الرُّمَةِ:

حَراجيج مِمَّا ذَمَّرَتْ فِي نتاجِها،

بِنَاحِيَةِ الشّحْرِ الغُرَيْر وشَدْقَم

يَعْنِي أَنها مِنْ نِتَاجِ هَذَيْنِ الْفَحْلَيْنِ، وَجَعَلَ الْغُرَيْرَ وَشَدْقَمًا اسْمَيْنِ لِلْقَبِيلَتَيْنِ؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ يَصِفُ نِسَاءً:

عَفَتْ بَعْدَ أَتْرابِ الخَلِيط، وَقَدْ نَرَى

بِهَا بُدَّناً حُوراً حِسانَ المَدامِع

إِذا مَا أَتاهُنَّ الحَبِيبُ رَشَفْنَه،

رشِيفَ الغُرَيْريّاتِ ماءَ الوَقائِع

والوَقائعُ: المَناقعُ، وَهِيَ الأَماكن الَّتِي يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَقِيلَ فِي رَشْفِ الغُرَيْرِيّات إِنها نُوقٌ مَنْسُوبَاتٌ إِلى فَحْلٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

غُرَيْريّة الأَنْساب أَو شَدْقَمِيَّة،

يَصِلْن إِلى البِيد الفَدافِد

فَدْفدا وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه قاتَلَ مُحَارِبَ خَصَفَة فرأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً فصلَّى صلاةَ الْخَوْفِ

؛ الغِرَّةُ: الغَفْلة،

(2). قوله [والغراوي] هو هكذا في الأصل

(3)

. قوله [خراتي] هكذا في الأَصل ولعله حزابي.

ص: 21

أَي كَانُوا غَافِلِينَ عَنْ حِفْظِ مقامِهم وَمَا هُمْ فِيهِ مِنْ مُقابلة العَدُوِّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَنه أَغارَ عَلَى بنِي المُصْطَلِق وَهُمْ غارُّون

؛ أَي غَافِلُونَ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: كُتِبَ إِلى أَبي عُبَيدة، رضي الله عنهما، أَن لَا يُمْضِيَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى إِلا بَعِيدَ الغِرّة حَصِيف العُقْدة

أَي مِنْ بَعْدِ حِفْظِهِ لِغَفْلَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا تطْرُقُوا النِّسَاءَ وَلَا تَغْتَرّوهُنّ أَي لَا تَدْخُلُوا إِليهن عَلَى غِرّة.

يُقَالُ: اغْتَرَرْت الرَّجُلَ إِذا طَلَبْتَ غِرّتَه أَي غَفْلَتَهُ. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ

حَاطِبٍ: كُنْتُ غَرِيراً فِيهِمْ

أَي مُلْصَقاً مُلازماً لَهُمْ؛ قَالَ: قَالَ بَعْضُ المتأَخرين هَكَذَا الرِّوَايَةُ وَالصُّوَابُ: كُنْتُ غَرِيًّا أَي مُلْصَقاً. يُقَالُ: غَرِيَ فلانٌ بِالشَّيْءِ إِذا لَزِمَهُ؛ وَمِنْهُ الغِراء الَّذِي يُلْصَقُ بِهِ. قَالَ: وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: كُنْتُ عَرِيراً، قَالَ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَما الْهَرَوِيُّ فَلَمْ يُصَحِّفْ وَلَا شَرَحَ إِلا الصَّحِيحَ، فإِن الأَزهري وَالْجَوْهَرِيَّ وَالْخَطَّابِيَّ وَالزَّمَخْشَرِيَّ ذَكَرُوا هَذِهِ اللَّفْظَةَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فِي تَصَانِيفِهِمْ وَشَرَحُوهَا بِالْغَرِيبِ وَكَفَاكَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ حُجَّةً لِلْهَرَوِيِّ فِيمَا رَوَى وَشَرَحَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم. وغَرْغَرْتُ رأْسَ الْقَارُورَةِ إِذا استخرجْتَ صِمامَها، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ.

غزر: الغَزارةُ: الْكَثْرَةُ، وَقَدْ غَزُرَ الشَّيْءُ، بِالضَّمِّ، يَغْزُر، فَهُوَ غَزِيرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الغَزِيرُ الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وأَرض مغزورةٌ: أَصابها مطرٌ غَزِيرُ الدَّرِّ. والغزِيرة مِنَ الإِبل وَالشَّاءِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ ذَوَاتِ اللَّبَنِ: الكثيرةُ الدَّرِّ. وغَزُرَت الماشيةُ عَنِ الكلإِ: دَرَّت أَلبانُها. وَهَذَا الرِّعْيُ مُغْزِرةٌ لِلَّبَنِ: يَغزُر عَلَيْهِ اللَّبَنُ. والمُغْزِرة: ضرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ يُشْبِه ورَقُه وَرَقَ الحُرْف غُبْرٌ صِغَارٌ وَلَهَا زَهْرَةٌ حَمْرَاءُ شَبِيهَةٌ بالجُلَّنار، وَهِيَ تُعْجِبُ الْبَقَرَ جِدًّا وتَغْزُر عَلَيْهَا، وَهِيَ ربْعيَّة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسُرْعَةِ غَزْرِ الْمَاشِيَةِ عَلَيْهَا؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. اللَّيْثُ: غَزُرَت الناقةُ وَالشَّاةُ كثُرَ لبنُها، فَهِيَ تَغْزُرُ غَزارةً، وَهِيَ غَزِيرة كَثِيرَةُ اللَّبَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ مَنَحَ مَنيحةَ لَبَنٍ بَكِيئةً كَانَتْ أَو غَزِيرةً

؛ أَي كَثِيرَةُ اللَّبَنِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: هَلْ يَثْبُت لَكُمُ العَدُوُّ حَلْبَ شاةٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ وأَرْبَعِ شِيَاهٍ غُزرٍ

؛ هِيَ جَمْعُ غَزِيرة كَثِيرَةِ اللَّبَنِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَالْمَعْرُوفُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايَيْنِ جَمْعُ عَزُوزٍ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وَمَطَرٌ غَزِيرٌ وَمَعْرُوفٌ غَزِيرٌ وعينٌ غَزيرة الْمَاءِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ نَاقَةٌ ذَاتُ غُزْرٍ أَي ذَاتُ غزارةٍ وَكَثْرَةِ اللَّبَنِ. ابْنُ الأَعرابي: المُغازَرةُ أَن يُهْدِيَ الرجلُ شَيْئًا تافِهاً لِآخَرَ ليُضاعِفَه بِهَا. وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ: الجانبُ المُسْتَغْزِرُ يُثَابُ مِنْ هِبَتِهِ؛ المُسْتَغْزِرُ: الَّذِي يَطْلُبُ أَكثر مِمَّا يُعْطِي، وَهِيَ المُغازَرة؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَن الغَريب الَّذِي لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَكَ إِذا أَهدى لَكَ شَيْئًا يَطْلُبُ أَكثر مِنْهُ فإِنه يُثَابُ منْ هَدِيّتهِ أَي أَعْطِه فِي مُقَابَلَةِ هَدِيَّتِهِ. واسْتَغْزَرَ: طَلَبَ أَكثر مِمَّا أَعطى. وَبِئْرٌ غَزِيرة: كَثِيرَةُ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ عَيْنُ الْمَاءِ وَالدَّمْعِ، وَالْجَمْعُ غِزارٌ، وَقَدْ غَزُرَت غَزارةً وغَزْراً وغُزْراً، وَقِيلَ: الغُزْرُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الْمَصْدَرُ، والغَزْرُ الِاسْمُ مِثْلَ الضَّرْب. وأَغزَرَ المعروفَ: جَعَلَهُ غَزيراً. وأَغْزَرَ القومُ: غَزُرَت إِبلُهم وشاؤُهم وَكَثُرَتْ أَلبانها؛ وَنُوقٌ غِزَار، وَالْجَمْعُ غُزْر مِثْلَ جَوْن وجُون وأُذن حَشْرٌ وآذانٌ حُشْرٌ. وقومٌ مُغْزَرٌ لَهُمْ: غزُرت إِبلُهم أَو أَلْبانُهم. والتَّغْزِير: أَن تَدَعَ حَلْبة بَيْنَ حَلْبتين وَذَلِكَ إِذا

ص: 22

أَدبَر لبنُ الناقةِ. وغُزْران: موضع.

غسر: تَغَسَّرَ الأَمرُ: اخْتَلَطَ والْتَبَس. وَكُلُّ أَمر الْتَبَسَ وعسُر المخرجُ مِنْهُ، فَقَدْ تغَسَّر. وَهَذَا أَمر غَسِرٌ أَي مُلْتَبِسٌ مُلْتاثٌ. وتَغَسَّرَ الغزلُ: الْتَوى والْتَبَس وَلَمْ يُقْدر عَلَى تَخْلِيصِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ حَرْفٌ صَحِيحٌ مَسْمُوعٌ مِنَ الْعَرَبِ. وتَغَسَّر الغَدِير: أَلْقَت الريحُ فِيهِ العِيدانَ؛ ابْنُ الأَعرابي: الغَسْرُ التَّشْدِيد عَلَى الغَريم، بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةٌ، وَهُوَ العَسْر أَيضاً. وَقَدْ غَسَره عَنِ الشَّيْءِ وعَسَره بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

فوَثَبَت تأْبِرُ واسْتَعْفاها،

كأَنّها، مِنْ غَسْرِه إِيّاها،

سُرِّيّةٌ نَغَّصَها مَوْلَاهَا

غشمر: الغَشْمَرة: التهضُّم وَالظُّلْمُ، وَقِيلَ: الغَشْمرة التَّهَضُّمُ فِي الظُّلْمِ والأَخْذُ مِنْ فَوْقٍ مِنْ غَيْرِ تثبُّت كَمَا يَتَغَشْمَر السيلُ وَالْجَيْشُ، كَمَا يُقَالُ: تَغَشْمَر لَهُمْ، وَقِيلَ: الغَشْمَرةُ إِتيان الأَمر مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ. وغَشْمَر السيلُ: أَقْبَل. وَالتغشمور «1» : رُكُوبُ الإِنسان رأْسه فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ لَا يُبالي مَا صَنَعَ؛ وَفِيهِ غَشْمَرِيّةٌ وَفِيهِمْ غَشْمَرِيّة. وتَغَشْمَرَ لِي: تَنمَّر. وأَخَذَه بالغِشْمِيرِ أَي الشِّدَّةِ. وتَغَشْمَره: أَخَذَه قهْراً. وَفِي حَدِيثِ

جَبْر بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: قاتَلَه اللَّهُ لَقَدْ تَغَشْمَرها

أَي أَخَذها بجفَاءٍ وعُنْفٍ. ورأَيته مُتَغَشْمِراً أَي غَضْبَانَ.

غضر: الغَضَارُ: الطِّينُ الحُرّ. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: الغَضارةُ الطِّينُ الْحُرُّ، وَقِيلَ: الطِّينُ اللَّازب الأَخضر. والغَضارُ: الصَّحْفة الْمُتَّخَذَةُ مِنْهُ. والغُضْرة والغَضْراء: الأَرض الطَّيّبة العَلِكة الخَضراء، وَقِيلَ: هِيَ أَرض فِيهَا طِينٌ حُرٌّ. يُقَالُ: أَنْبَطَ فلانٌ بئرَه فِي غَضْراءَ، وَقِيلَ: قَوْلُ الْعَرَبِ أَنبَطَ فِي غَضْراءَ أَي استخرَج الْمَاءَ مِنْ أَرض سَهْلَةٍ طَيِّبَةِ التُّربة عَذْبة الْمَاءِ، وَسُمِّيَ النَّبَطُ نَبَطاً لِاسْتِنْبَاطِهِمْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الأَرضين. ابْنُ الأَعرابي: الغَضْراء الْمَكَانُ ذُو الطِّينِ الأَحمر، والغَضْراء طينةٌ خَضْرَاءُ عَلِكة، والغَضَارُ خَزَفٌ أَخضر يُعَلَّق عَلَى الإِنسان يَقي العَين؛ وأَنشد:

وَلَا يُغْني تَوَقِّي المَرْء شَيْئًا،

وَلَا عُقَدُ التَّميم، وَلَا الغَضارُ

إِذا لَاقَى مَنِيَّتَه فأَمْسى

يُساقُ بِهِ، وَقَدْ حَقَّ الحِدارُ

والغَضْراء: طِينٌ حرٌّ. شَمِرٌ: الغَضارةُ الطِّينُ الْحُرُّ نَفْسُهُ وَمِنْهُ يُتَّخَذُ الْخَزَفُ الَّذِي يُسَمَّى الغَضارَ. والغَضْراءُ والغُضْرة: أَرض لَا يَنْبُتُ فِيهَا النَّخْلُ حَتَّى تُحْفَر وأَعلاها كَذّان أَبْيض. والغَضْوَرُ: طِينٌ لَزِجٌ يَلْتَزِقُ بالرِّجْل لَا تَكَادُ تَذْهَبُ الرّجْلُ فِيهِ. والغَضارة: النّعْمة والسَّعة فِي الْعَيْشِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الدُّعَاءِ: أَبادَ اللَّهُ خضراءَهم؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: غَضْراءَهم وغَضارَتَهم أَي نِعْمَتهم وخيرَهم وخِصْبَهم وبَهْجَتَهم وَسَعَةَ عَيْشِهِمْ، مِنَ الغَضارة، وَقِيلَ: طِينَتهم الَّتِي مِنْهَا خُلقوا. قَالَ الأَصمعي: وَلَا يُقَالُ أَبادَ اللَّهُ خَضْراءَهم وَلَكِنْ أَبادَ اللَّهُ غَضْراءَهم أَي أَهْلَك خيرَهم وغَضارتهم؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

بخالِصة الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ

عَنَى بخُضْرِ الْمَنَاكِبِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الخِصْب. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَبادَ اللَّه خَضْراءَهم أَي سوادَهم. وقال

(1). قوله [والتغشمور] كذا في الأَصل بدون ضبطه، ونقله شارح القاموس

ص: 23

أَحمد بْنُ عُبَيْدٍ: أَبادَ اللَّهُ خَضْراءَهم وغَضْراءَهم أَي جَمَاعَتَهُمْ. وغَضِرَ الرَّجُلُ بِالْمَالِ والسَّعةِ والأَهلِ غَضراً: أَخصب بعد إِقطارٍ؛ وغَضَره اللَّهُ يَغْضُره غَضْراً. وَرَجُلٌ مَغْضورٌ: مُبارَك. وَقَوْمٌ مَغْضورون إِذَا كَانُوا فِي خَيْرٍ ونِعْمة. وعَيْشٌ غَضِرٌ مَضِرٌ؛ فغَضرٌ ناعمٌ رافِةٌ، ومَضِرٌ إِتباع. وإِنهم لَفِي غَضارةٍ مِنَ الْعَيْشِ وَفِي غَضْراءَ مِنَ العَيْشِ وَفِي غَضارةِ عَيْش أَي فِي خِصْبٍ وَخَيْرٍ. والغَضارةُ: طِيبُ الْعَيْشِ؛ تَقُولُ مِنْهُ: بَنُو فُلَانٍ مَغْضُورُونَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ زِمْل: الدُّنْيا وغَضارَةَ عَيْشِهَا أَي طِيبها وَلَذّتها. وَهُمْ فِي غَضارةٍ مِنَ العيْش أَي فِي خِصْبٍ وَخَيْرٍ. وَيُقَالُ: إِنه لَفِي غَضْراءِ عَيْشٍ وخَضْراءِ عَيْشٍ أَي فِي خِصْب. وإِنه لَفِي غَضْراءَ مِنْ خَيْرٍ، وَقَدْ غَضَرَهم اللَّهُ يَغْضُرهم. واخْتُضِرَ الرجلُ واغْتُضِرَ إِذَا مَاتَ شَابًّا مُصَحَّحاً. والغَضيرُ: النَّاعِمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ غَضُرَ غَضارةً؛ ونَبات غَضيرٌ وغَضِرٌ وغاضِرٌ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الغَضِير الرَّطْبُ الطَّرِيّ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

مِنْ ذابِلِ الأَرْضِ ومِنْ غَضيرِها

والغَضارةُ: القَطاةُ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرفه. وَمَا نَامَ لِغَضْرٍ أَي لَمْ يَكَدْ يَنَامُ؛ وغَضَر عَنْهُ يَغْضِر، وغَضِر، وتَغَضَّر: انْصَرَفَ وَعَدَلَ عَنْهُ. وَيُقَالُ: مَا غَضَرْتُ عَنْ صَوْبي أَي مَا جُرْتُ عَنْهُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ الْجَوَارِيَ:

تَواعَدْنَ أَن لَا وَعْيَ عَنْ فَرْجِ راكِسٍ،

فَرُحْنَ وَلَمْ يَغْضِرْنَ، عَنْ ذاكَ، مَغْضَرا

أَي لَمْ يَعْدِلن وَلَمْ يَجُرْنَ. وَيُقَالُ: غَضَرَه أَي حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ. وحَمَل فَمَا غَضَرَ أَي مَا كَذَبَ وَلَا قَصَّر. وَمَا غَضَرَ عَنْ شَتْمِي أَي مَا تأَخّر وَلَا كذَب. وغَضَرَ عَلَيْهِ يَغْضِر غَضْرًا: عَطَفَ. وغَضَر لَهُ مِنْ مَالِهِ: قَطَعَ لَهُ قِطْعة مِنْهُ. والغاضِرُ: الجِلْد الَّذِي أُجِيدَ دباغُه. وَجِلْدٌ غاضِرٌ: جَيِّدُ الدِّبَاغَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، والغَضِير: مِثْلُ الخَضير؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

مِنْ ذَابِلِ الأَرْطى وَمِنْ غَضِيرِهَا

والغَضْرةُ. نَبْتٌ. والغَضْوَرةُ: شَجَرَةٌ غَبْرَاءُ تَعْظُم، وَالْجَمْعُ غَضْوَرٌ، وَقِيلَ: الغَضْوَرُ نَبَاتٌ لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ شَحْمٌ، وَقِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ يُشْبِه الضَّعَةَ والثُّمامَ. وَيُقَالُ فِي مَثَلٍ: هُوَ يأْكل غَضْرةً وَيَرْبِضُ جَحْرةً. والغَضْوَرُ، بِتَسْكِينِ الضَّادِ: نَبْتٌ يُشْبِهُ السّبَط؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ حُمُراً:

تَثِير الدواجِنَ فِي قَصَّة

عِراقِيّة، حَوْلها الغَضْوَرُ

وغَضْوَر: ثنيَّة بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَبِلَادِ خُزَاعَةَ، وَقِيلَ: هو ماء لطيِء؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

كأَثْلٍ مِنَ الأَعْراضِ مِنْ دُونِ بِئشة

ودُونَ الغَمِير، عامداتٍ لِغَضْوَرا

وَقَالَ الشَّمَّاخُ:

كأَنَّ الشبابَ كانَ رَوْحةَ راكبٍ،

قَضَى حَاجَةً مِنْ سُقْفَ فِي آلِ غَضْوَرا

والغاضِرُ: المانِعُ، وَكَذَلِكَ العاضِرُ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ. أَبو عَمْرٍو: الغاضِرُ الْمَانِعُ والغاضِرُ النَّاعِمُ والغاضِرُ المُبَكِّرُ فِي حَوَائِجِهِ. وَيُقَالُ: أَردت أَن آتيكَ فَغَضَرَني أَمرٌ أَي مَنَعَنِي. والغَواضِرُ: فِي قَيْسٍ. وغاضِرة: قَبِيلَةٌ فِي بَنِي أَسد وحيٌّ مِنْ بَنِي صَعْصَعَة، وَبَطْنٌ مِنْ ثَقِيف وَفِي بَنِي كِنْدة. ومسجدُ غاضِرةَ: مسجدٌ بِالْبَصْرَةِ مَنْسُوبٌ إِلى امرأَة. وغُضَيْرٌ وغَضْران: اسمان.

ص: 24

غضفر: الغَضْفَرُ: الْجَافِي الْغَلِيظُ، وَرَجُلٌ غَضَنْفَرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَهُمْ سَيِّدٌ لَمْ يَرْفَع اللَّهُ ذِكْرَه،

أَزَبُّ غَضُوبُ الساعِدَين غَضَنْفَرُ

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الغَضَنْفرُ الْغَلِيظُ المُتَغَضِّن؛ وأَنشد:

دِرْحايةٌ كَوَأْلَلٌ غَضَنْفَر

وأُذُنٌ غضَنْفَرةٌ: غَلِيظَةٌ كَثِيرَةُ الشَّعَرِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أُذن غَضَنْفَرة وَهِيَ الَّتِي غَلُظَتْ وَكَثُرَ لَحْمُهَا. وأَسد غَضَنْفَر: غَلِيظُ الخَلْقِ مُتَغَضِّنه. اللَّيْثُ: الغَضَنْفَر الأَسدُ. وَرَجُلٌ غَضَنْفَرٌ إِذَا كَانَ غَلِيظًا أَو غَلِيظَ الْجُثَّةِ. قَالَ الأَزهري: أَصله الغَضْفَر، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: بِرْذَوْنٌ نَغْضَلٌ وغَضَنْفَرٌ، وَقَدْ غَضْفَرَ وقَنْدَلَ إِذا ثَقُل؛ وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ أَيضاً.

غطر: الغَطْرُ لُغَةٌ فِي الخَطْرِ؛ مَرَّ يَغْطِرُ بذَنَبِه أَي يَخْطِرُ. أَبو عَمْرٍو: الغِطْيَرُّ الْمُتَظَاهِرُ اللَّحْمِ، الْمَرْبُوعُ؛ وأَنشد:

لمَّا رَأَتْه مُودَناً غِطْيَرّا

قَالَ: وَنَاظَرْتُ أَبا حَمْزَةَ فِي هَذَا الْحَرْفِ فَقَالَ: إِنَّ الغِطْيَرّ الْقَصِيرُ، بالغين والطاء.

غفر: الغَفُورُ الغَفّارُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَهُمَا مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ وَمَعْنَاهُمَا السَّاتِرُ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ الْمُتَجَاوِزُ عَنْ خَطَايَاهُمْ وَذُنُوبِهِمْ. يُقَالُ: اللهمَّ اغْفِرْ لَنَا مَغْفرة وغَفْراً وغُفْراناً، وَإِنَّكَ أَنت الغَفُور الغَفّار يَا أَهل المَغْفِرة. وأَصل الغَفْرِ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ. غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَي سَتَرَهَا؛ والغَفْر: الغُفْرانُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الخَلاء قَالَ: غُفْرانَك

الغُفْرانُ: مصدرٌ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَطلُبُ، وَفِي تَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ قَوْلَانِ أَحدهما التَّوْبَةُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ النِّعَمِ الَّتِي أَنعم بِهَا عَلَيْهِ بِإِطْعَامِهِ وَهَضْمِهِ وَتَسْهِيلِ مَخْرَجِهِ، فلجأَ إِلى الِاسْتِغْفَارِ مِنَ التَّقْصِيرِ وتَرْكِ الِاسْتِغْفَارِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مُدَّةَ لُبْثِهِ عَلَى الْخَلَاءِ، فإِنه كَانَ لَا يَتْرُكُ ذِكْرَ اللَّهِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ إِلا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، فكأَنه رأَى ذَلِكَ تَقْصِيرًا فَتَدَارَكَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ. وَقَدْ غَفَرَه يَغْفِرُه غَفراً: سَتَرَهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ سَتَرْتَهُ، فَقَدْ غَفَرْته؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّذِي يَكُونُ تَحْتَ بَيْضَةِ الْحَدِيدِ عَلَى الرأْس: مِغْفَرٌ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: اصْبُغْ ثوبَك بالسَّوادِ فَهُوَ أَغْفَرُ لوَسَخِه أَي أَحْمَلُ لَهُ وأَغطى لَهُ. وَمِنْهُ: غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَي سَتَرَهَا. وغَفَرْتُ الْمَتَاعَ: جَعَلْتُهُ فِي الْوِعَاءِ. ابْنُ سِيدَهْ: غَفَرَ المتاعَ فِي الْوِعَاءِ يَغْفِرُه غَفْراً وأَغْفَرَه أَدخله وَسَتَرَهُ وأَوعاه؛ وَكَذَلِكَ غَفَرَ الشيبَ بالخِضاب وأَغْفَرَه؛ قَالَ:

حَتَّى اكْتَسَيْتُ مِنَ المَشِيب عِمامةً

غَفراءَ، أُغْفِر لَوْنُها بِخِضابِ

وَيُرْوَى: أَغْفِرُ لَوْنَهَا. وكلُّ ثَوْبٍ يغطَّى بِهِ شَيْءٌ، فَهُوَ غِفارة؛ وَمِنْهُ غِفارة الزِّنُون تُغَشَّى بِهَا الرحالُ، وَجَمْعُهَا غِفارات وغَفائِر. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ لمَّا حَصَّبَ المسجدَ قَالَ: هُوَ أَغْفَرُ للنُّخامة

أَي أَسْتَرُ لَهَا. والغَفْرُ والمَغْفِرةُ: التَّغْطِيَةُ عَلَى الذُّنُوبِ والعفوُ عَنْهَا، وَقَدْ غَفَرَ ذَنْبَهُ يَغْفِرُه غَفْراً وغِفْرةً حَسَنة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وغُفْراناً ومَغْفِرة وغُفوراً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وغَفيراً وغَفيرةً. وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ: اسلُك الْغَفِيرَةَ، والناقةَ الغَزيرة، والعزَّ فِي العَشيرة، فإِنها عَلَيْكَ يَسيرة. واغْتَفَر ذنبَه مِثْلُهُ، فَهُوَ غَفُور، وَالْجَمْعُ غُفُرٌ؛ فأَما قَوْلُهُ:

غَفَرْنا وَكَانَتْ مِنْ سَجِيّتِنا الغَفْرُ

ص: 25

فإِنما أَنَث الغَفْرَ لأَنه فِي مَعْنَى المَغْفِرة. واسْتَغْفَرَ اللَّه مِنْ ذَنْبِهِ وَلِذَنْبِهِ بِمَعْنًى، فغَفَرَ لَهُ ذَنْبَهُ مَغْفِرةً وغَفُراً وغُفْراناً. وَفِي الْحَدِيثِ:

غِفارُ غَفَرَ اللَّه لَهَا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ دُعَاءً لَهَا بالمَغْفِرة أَو إِخباراً أَن اللَّه تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَهَا. وَفِي حَدِيثِ

عَمْرو بْنِ دِينَارٍ: قُلْتُ لِعُرْوَةَ: كَمْ لَبِثَ رسولُ اللَّه، صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْراً، قُلْتُ: فابنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ بِضْعَ عَشْرة؟ قَالَ: فغَفَره

أَي قَالَ غَفَر اللَّه لَهُ. واسْتَغْفَر اللَّه ذنبَه، عَلَى حَذْفِ الْحَرْفِ: طَلَبَ مِنْهُ غَفْرَه؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:

أَسْتَغْفِرُ اللهَ ذَنْبًا لَسْتُ مُحْصِيَه،

رَبَّ الْعِبَادِ إِلَيْهِ القولُ والعملُ

وتَغافَرَا: دَعا كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بالمَغْفِرة؛ وامرأَة غَفُور، بِغَيْرِ هَاءٍ. أَبو حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

ليَغْفِرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تأَخَّر

؛ الْمَعْنَى لَيَغْفِرَنَّ لَكَ اللهُ، فَلَمَّا حَذَفَ النُّونَ كَسَرَ اللَّامَ وأَعْملها إِعمال لامِ كَيْ، قَالَ: وَلَيْسَ الْمَعْنَى فَتَحْنَا لَكَ لِكَيْ يَغْفِرَ اللهُ لَكَ، وأَنْكَر الْفَتْحَ سَبَبًا لِلْمَغْفِرَةِ، وأَنكر أَحمد بْنُ يَحْيَى هَذَا الْقَوْلَ وَقَالَ: هِيَ لَامُ كَيْ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ لِكَيْ يجتَمِع لَكَ مَعَ الْمَغْفِرَةِ تمامُ النِّعْمَةِ فِي الْفَتْحِ، فَلَمَّا انْضَمَّ إِلى الْمَغْفِرَةِ شَيْءٌ حَادِثٌ حَسُنَ فِيهِ مَعْنَى كَيْ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل:

لِيَجْزِيَهم اللَّه أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلون.

والغُفْرةُ: مَا يغطَّى بِهِ الشَّيْءُ. وغَفَرَ الأَمْرَ بِغُفْرته وغَفيرتِه: أَصلحه بِمَا يَنْبَغِي أَن يَصْلَح بِهِ. يُقَالُ: اغْفِروا هَذَا الأَمرَ بِغُفْرتِه وغَفيرتِه أَي أَصْلحوه بِمَا يَنْبَغِي أَن يُصْلَح. وَمَا عِنْدَهُمْ عَذيرةٌ وَلَا غَفِيرة أَي لَا يَعْذِرون وَلَا يَغفِرون ذَنْبًا لأَحد؛ قَالَ صَخْرُ الغَيّ، وَكَانَ خَرَجَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصحابها إِلَى بَعْضِ مُتَوَجَّهَاتِهِمْ فَصَادَفُوا فِي طَرِيقِهِمْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَهَرَبَ أَصحابه فَصَاحَ بِهِمْ وَهُوَ يَقُولُ:

يَا قَوْمُ لَيْسَت فيهمُ غَفِيرهْ،

فامْشُوا كما تَمْشي جِمالُ الحِيرهْ

يَقُولُ: لَا يَغفرون ذَنْبَ أَحد مِنْكُمْ إِن ظَفِرُوا بِهِ، فَامْشُوا كَمَا تَمْشِي جمالُ الْحِيرَةِ أَي تَثاقَلوا فِي سَيْرِكُمْ وَلَا تُخِفّوه، وَخَصَّ جمالَ الْحِيرَةِ لأَنها كَانَتْ تَحْمِلُ الأَثقال، أَي مانِعوا عَنْ أَنفسكم وَلَا تَهْرُبوا. والمِغْفرُ والمِغْفرةُ والغِفارةُ: زَرَدٌ يُنْسَجُ مِنَ الدُّرُوعِ عَلَى قَدْرِ الرأْس يُلْبَسُ تَحْتَ الْقَلَنْسُوَةِ، وَقِيلَ: هُوَ رَفْرَفُ الْبَيْضَةِ، وَقِيلَ: هُوَ حَلقٌ يَتَقَنَّعُ بِهِ المُتَسَلِّح. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المِغْفَرُ حِلَقٌ يجعلُها الرَّجُلُ أَسفلَ الْبَيْضَةِ تُسْبَغ عَلَى العنُق فتَقِيه، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ المِغْفَرُ مثلَ الْقَلَنْسُوَةِ غَيْرَ أَنها أَوسع يُلْقِيها الرَّجُلُ عَلَى رأْسه فَتَبْلُغُ الدِّرْعَ، ثُمَّ يَلْبَس الْبَيْضَةَ فَوْقَهَا، فَذَلِكَ المِغْفرُ يُرفّلُ عَلَى الْعَاتِقَيْنِ، وَرُبَّمَا جُعل المِغْفَرُ مِنْ دِيبَاجٍ وخَزٍّ أَسفلَ البيضة. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيةِ:

وَالْمُغِيرَةِ بْنُ شُعْبَةَ عَلَيْهِ المِغْفَرُ

؛ هُوَ مَا يلبَسُه الدَّارِعُ عَلَى رأْسه مِنَ الزَّرَدِ وَنَحْوِهِ. والغِفارةُ، بِالْكَسْرِ: خِرْقَةٌ تَلْبَسُهَا المرأَة فَتُغَطِّي رأْسها مَا قَبَلَ مِنْهُ وَمَا دَبَرَ غَيْرَ وَسْطِ رأْسها، وَقِيلَ: الغِفارةُ خِرْقَةٌ تَكُونُ دُونَ المِقْنَعة تُوَقِّي بِهَا المرأَة الخمارَ مِنَ الدُّهْن، والغِفارةُ الرُّقْعَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى حَزِّ الْقَوْسِ الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ الْوَتَرُ، وَقِيلَ: الغِفارةُ جِلْدَةٌ تَكُونُ عَلَى رأْس الْقَوْسِ يَجْرِي عَلَيْهَا الْوَتَرُ، والغِفارةُ السَّحَابَةُ فَوْقَ السَّحَابَةِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: سَحابة تَرَاهَا كأَنها فَوق سَحَابَةٍ، والغِفارةُ رأْسُ الْجَبَلِ. والغَفْرُ البَطْنُ؛ قَالَ:

هُوَ القارِبُ التَّالِي لَهُ كلُّ قاربٍ،

وَذُو الصَّدَرِ النَّامِي، إِذَا بَلَغَ الغَفْرا

ص: 26

والغَفْرُ: زِئْبِرُ الثَّوْبِ وَمَا شَاكَلَهُ، وَاحِدَتُهُ غَفْرة. وغَفِر الثوبُ، بِالْكَسْرِ، يَغْفَرُ غَفَراً: ثارَ زِئْبِرُه؛ واغْفارَّ اغْفِيراراً. والغَفَرُ والغَفارُ والغَفيرُ: شَعرُ العنُقِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالْجَبْهَةِ وَالْقَفَا. وغَفَرُ الجسدِ وغُفارُه: شعرُه، وَقِيلَ: هُوَ الشَّعَرُ الصَّغِيرُ الْقَصِيرُ الَّذِي هُوَ مِثْلُ الزَّغَب، وَقِيلَ: الغَفْرُ شَعَرٌ كَالزَّغَبِ يَكُونُ عَلَى سَاقِ الْمَرْأَةِ وَالْجَبْهَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الغَفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

قَدْ عَلِمَت خَوْدٌ بساقَيْها الغَفَرْ

لَيَرْوِيَنْ أَو لَيَبِيدَنَّ الشَّجَرْ

والغُفارُ، بِالضَّمِّ: لُغَةٌ فِي الغَفْر، وَهُوَ الزَّغَبُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

تُبْدِي نَقيًّا زانَها خِمارُها،

وقُسْطةً مَا شأنَها غُفارُها

القُسْطة: عَظْمُ السَّاقِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَسْتُ أَرويه عَنْ أَحد. والغَفيرةُ: الشَّعْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الأُذُن. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ رَجُلٌ غَفِرُ الْقَفَا، فِي قَفَاهُ غَفَرٌ. وامرأَة غَفِرةُ الوجهِ إِذا كَانَ فِي وَجْهِهَا غَفَرٌ. وغَفَرُ الدَّابَّةِ: نباتُ الشَّعَرِ فِي مَوْضِعِ الْعُرْفِ. والغَفَرُ أَيضاً: هُدْبُ الثَّوْبِ وهدبُ الخمائص وهي القُطُ دِقاقُها ولِينُها وَلَيْسَ هُوَ أَطرافَ الأَرْدِيةِ وَلَا الملاحفِ. وغَفَرُ الكلإِ: صِغارُه؛ وأَغْفَرت الأَرضُ: نبَتَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْهُ. والغَفَرُ: نَوْعٌ مِنَ التَّفِرة رِبْعِيٌّ يَنْبُتُ فِي السَّهْل وَالْآكَامِ كأَنه عصافيرُ خُضْرٌ قِيامٌ إِذا كَانَ أَخضر، فإِذا يَبِسَ فكأَنه حُمْرٌ غَيْرُ قِيَامٍ. وَجَاءَ الْقَوْمُ جَمًّا غَفيراً وجَمَّاءَ غَفيراً، مَمْدُودٌ، وجَمَّ الغَفِيرِ وَجَمَّاءَ الغَفيرِ والجَمّاءَ الغَفيرَ أَي جاؤوا بِجَمَاعَتِهِمُ الشريفُ وَالْوَضِيعُ وَلَمْ يتخلّفْ أَحد وَكَانَتْ فِيهِمْ كَثْرَةٌ؛ وَلَمْ يَحْكِ سِيبَوَيْهِ إِلا الجَمَّاءَ الغَفيرَ، وَقَالَ: هُوَ مِنَ الأَحوال الَّتِي دَخَلَهَا الأَلف وَاللَّامُ، وَهُوَ نَادِرٌ، وَقَالَ: الغَفير وصفٌ لَازِمٌ للجَمّاء يَعْنِي أَنك لَا تَقُولُ الجَمّاء وَتَسْكُتُ. ويقال أَيضاً: جاؤوا جَمّاءَ الغَفيرة وجاؤوا بجَمَّاءِ الغَفير والغَفيرة، لُغَاتٌ كُلُّهَا. والجَمّاء الغَفير: اسْمٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ إِلَّا أَنه يُنْصَبُ كَمَا تُنْصَبُ الْمَصَادِرُ الَّتِي هِيَ فِي مَعْنَاهُ، كقولك: جاؤوني جَمِيعًا وَقَاطِبَةً وطُرًّا وكافَّةً، وأَدخلوا فِيهِ الأَلف وَاللَّامَ كَمَا أَدخلوهما فِي قَوْلِهِمْ: أَوْرَدَها العِراكَ أَي أَوردها عِراكاً. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: إِذا رأَى أَحدُكم لأَخِيه غَفِيرةً فِي أَهلٍ أَو مالٍ فَلَا يكونَنَّ لَهُ فِتْنة

؛ الغَفِيرةُ: الكثرةُ والزيادةُ، مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْجَمْعِ الْكَثِيرِ الجَمّ الغَفِير. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كم الرسلف قَالَ: ثَلاثمائةٍ وَخَمْسَةَ عَشر جَمِّ الغَفِير

أَي جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي جمم مَبْسُوطًا مُسْتَقْصًى. وغَفَرَ المريضُ والجريحُ يَغْفِرُ غَفْراً وغُفِرَ عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، كلُّ ذَلِكَ: نُكِسَ؛ وَكَذَلِكَ العاشِقُ إِذا عادَه عيدُه بَعْدَ السَّلْوة؛ قَالَ.

خَلِيليّ إِن الدارَ غَفْرٌ لِذِي الهَوَى،

كَمَا يَغْفِرُ المَحْمُومُ، أَو صاحِبُ الكَلْمِ

وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: لَعَمْرُكَ إِن الدَّارَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْمَرَّارِ الْفَقْعَسِيِّ، قَالَ وَصَوَابُ إِنشاده: خَلِيلَيَّ إِن الدَّارَ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ:

قِفَا فاسأَلا منْ مَنْزِلِ الحَيِّ دِمْنةً،

وبالأَبْرَقِ البادِي أَلِمّا عَلَى رَسْمِ

وغَفَرَ الجرحُ يَغْفِرُ غَفْراً: نُكِسَ وَانْتُقِضَ، وغَفِرَ، بِالْكَسْرِ، لُغَةٌ فِيهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا قَامَ مِنْ مَرَضِهِ ثُمَّ نُكِسَ: غَفَرَ يَغْفِرُ غَفْراً. وغَفَرَ

ص: 27

الجَلَبُ السُّوقَ يَغْفِرُها غَفْراً: رَخّصها. والغُفْرُ والغَفْرُ، الأَخيرة قَلِيلَةٌ: ولدُ الأُرْوِيّة، وَالْجَمْعُ أَغْفارٌ وغِفَرةٌ وغُفورٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، والأُنثى غُفْرة وأُمُّهُ مُغْفِرةٌ وَالْجَمْعُ مُغْفِرات؛ قَالَ بِشْرٌ:

وصَعْب يَزِلّ الغُفْرُ عَنْ قُذُفاتِه،

بِحَافَاتِهِ بانٌ طِوالٌ وعَرْعَرُ

وَقِيلَ: الغُفْر اسْمٌ لِلْوَاحِدِ مِنْهَا وَالْجَمْعِ؛ وَحُكِيَ: هَذَا غُفْرٌ كَثِيرٌ وَهِيَ أَرْوَى مُغْفِرٌ لَهَا غُفْرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ وَالصُّوَابُ: أُرْوِيّةٌ مُغْفِر لأَن الأَرْوَى جَمْعٌ أَو اسمُ جَمْعٍ. والغِفْرُ، بِالْكَسْرِ: ولدُ الْبَقَرَةِ؛ عَنِ الهَجَريّ. وغِفارٌ: مِيسمٌ يَكُونُ عَلَى الْخَدِّ. والمَغافرُ والمَغافِيرُ: صَمْغٌ شَبِيهٌ بالناطِفِ يُنْضِحُهُ العُرْفط فَيُوضَعُ فِي ثَوْبٍ ثُمَّ يُنْضَح بِالْمَاءِ فيُشْرب، وَاحِدُهَا مِغْفَر ومَغْفَر ومُغْفُر ومُغْفور ومِغْفار ومِغْفِير. والمَغْفوراءُ: الأَرضُ ذَاتُ المَغافِير؛ وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ ذَلِكَ فِي الرُّبَاعِيِّ؛ وأَغْفَر العُرْفُط والرِّمْثُ: ظَهَرَ فِيهِمَا ذَلِكَ، وأَخرج مَغافِيرَه وَخَرَجَ النَّاسُ يَتَغَفَّرُون ويَتَمَغْفَرُون أَي يجتَنُون المَغافيرَ مِنْ شَجَرِهِ؛ وَمَنْ قَالَ مُغْفور قَالَ: خَرَجْنَا نتَمَغْفَر؛ وَمَنْ قَالَ مُغْفُر قَالَ: خَرَجْنَا نتَغَفَّر، وَقَدْ يَكُونُ المُغْفورُ أَيضاً للعُشَر والسَّلَم والثُّمام وَالطَّلْحُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ لِصَمْغِ الرِّمْث وَالْعُرْفُطِ مَغافِير ومَغاثِيرُ، الْوَاحِدُ مُغْثور ومُغْفور ومِغْفَر ومِغْثَر، بِكَسْرِ الْمِيمِ. رُوِيَ عَنْ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، شَرِبَ عِنْدَ حَفْصة عَسَلًا فتواصَيْنا أَن نَقُولَ لَهُ: أَكَلْتَ مغافِيرَ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

فَقَالَتْ لَهُ سَوْدة أَكلتَ مغافِيرَ

؛ وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً مَغاثِير، بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَلَهُ رِيحٌ كَرِيهَةٌ مُنْكَرَةٌ؛ أَرادت صَمْغَ الْعُرْفُطِ. والمَغافِير: صمغٌ يَسِيلُ مِنْ شَجَرِ الْعُرْفُطِ غَيْرَ أَن رَائِحَتَهُ لَيْسَتْ بِطَيِّبَةٍ. قَالَ اللَّيْثُ: المِغْفارُ ذَوْبةٌ تَخْرُجُ مِنَ الْعُرْفُطِ حُلْوَةٌ تُنْضح بِالْمَاءِ فَتُشْرَبُ. قَالَ: وصَمْغُ الإِجّاصةِ مِغفارٌ. أَبو عَمْرٍو: المَغافيرُ الصَّمْغُ يَكُونُ فِي الرِّمْثِ وَهُوَ حُلْوٌ يؤكلُ، واحدُها مُغْفور، وَقَدْ أَغْفَر الرِّمْثُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الرِّمْثُ مِنْ بَيْنِ الْحَمْضِ لَهُ مَغافيرُ، والمَغافيرُ: شَيْءٌ يَسِيلُ مِنْ طَرَفِ عِيدانها مِثْلَ الدِّبْس فِي لَوْنِهِ، تَرَاهُ حُلواً يأْكله الإِنسان حَتَّى يَكْدَن عَلَيْهِ شِدْقاه، وَهُوَ يُكْلِع شَفته وفَمه مِثْلَ الدِّبْق والرُّبّ يَعْلَقُ بِهِ، وإِنما يُغْفِر الرمثُ فِي الصفَريَّة إِذا أَوْرَسَ؛ يُقَالُ: مَا أَحسن مَغافيرَ هَذَا الرِّمْثِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كلُّ الْحَمْضِ يُورِس عند البرد وهو بروحه وارباده يُخْرِجُ «2» . مَغَافِيرَهُ تجدُ ريحَه مِنْ بَعِيدٍ. والمَغافيرُ: عَسَلٌ حُلْوٌ مِثْلُ الرُّبّ إِلا أَنه أَبيض. ومَثَلُ العربِ: هَذَا الجَنى لَا أَن يُكَدَّ المُغْفُر؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يُصِيبُ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ، والمُغْفُرُ هُوَ الْعُودُ مِنْ شَجَرِ الصَّمْغِ يُمْسَحُ بِهِ مَا ابْيَضَّ فَيُتَّخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ طَيِّبٌ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا اسْتَدَارَ مِنَ الصَّمْغِ يُقَالُ لَهُ المُغْفُر، وَمَا اسْتَدَارَ مِثْلَ الإِصبع يُقَالُ لَهُ الصُّعْرور، وَمَا سَالَ مِنْهُ فِي الأَرض يُقَالُ لَهُ الذَّوْبُ، وَقَالَتِ الْغَنَوِيَّةُ: مَا سَالَ مِنْهُ فَبَقِيَ شَبيه الْخُيُوطِ بَيْنَ الشَّجَرِ والأَرض يُقَالُ لَهُ شَآبِيب الصَّمْغِ؛ وأَنشدت:

كأَنَّ سَيْلَ مَرْغِه المُلَعْلِعِ

شُؤْبوبُ صَمْغٍ، طَلْحُه لَمْ يُقْطَعِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن قادِماً قَدِم عَلَيْهِ مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ: كَيْفَ تركتَ الحَزْوَرة؟ قَالَ: جادَها المطرُ فأَغْفَرَتْ بَطْحاؤها

أَي أَن الْمَطَرَ نَزَلَ عليها حتى صار

(2). قوله [بروحه وارباده يخرج] إلخ هكذا في الأصل

ص: 28

كالغَفَر مِنَ النَّبَاتِ. والغَفَرُ: الزِّئْبِرُ عَلَى الثَّوْبِ، وَقِيلَ: أَراد أَن رِمْثَها قَدْ أَغْفَرت أَي أَخرجت مَغافيرَها. والمَغافيرُ: شَيْءٌ يَنْضَحُهُ شَجَرُ الْعُرْفُطِ حُلْوٌ كَالنَّاطِفِ، قَالَ: وَهَذَا أَشْبَه، أَلا تَرَاهُ وَصَفَ شَجَرَهَا فَقَالَ: وأَبْرَم سَلمُها وأَغْدَق إِذْخِرُها؟ والغِفْرُ: دُوَيْبّة. والغَفْرُ: مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ ثلاثةُ أَنْجُم صِغَارٍ، وَهِيَ مِنَ الْمِيزَانِ. وغُفَير: اسْمٌ وغُفَيرة: اسْمُ امرأَة. وَبَنُو غافِرٍ: بَطْنٌ. وَبَنُو غِفارٍ، مِنْ كِنَانَةَ: رَهْطُ أَبي ذَرٍّ الغِفَارِيّ.

غمر: الغَمْرُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: مَاءٌ غَمْر كثيرٌ مُغَرِّقٌ بَيِّنُ الغُمورةِ، وَجَمْعُهُ غِمار وغُمور. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ كمَثَلِ نهْرٍ غَمْر

؛ الغَمْرُ، بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ: الكثيرُ، أَي يَغْمُر مَنْ دَخَلَهُ ويُغطِّيه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَعوذ بِكَ من مَوْتِ الغَمْر

أَي الغرَق. وَرَجُلٌ غَمْرُ الرِّداء وغَمْرُ الخُلُقِ أَي وَاسِعُ الخلُق كَثِيرُ الْمَعْرُوفِ سَخِيُّ، وإِن كَانَ رِدَاؤُهُ صَغِيرًا، وَهُوَ بَيِّنُ الغُمورة مِنْ قَوْمٍ غِمارٍ وغُمورٍ؛ قَالَ كثيِّر:

غَمْر الرِّداء، إِذا تبَسَّمَ ضاحِكاً

غَلِقَتْ لِضَحْكَتِه رِقابُ المالِ

وَكُلُّهُ عَلَى الْمَثَلِ، وبَحْر غَمْر. يُقَالُ: مَا أَشدّ غُمورةَ هَذَا النَّهْرِ وَبِحَارٌ غِمارٌ وغُمورٌ. وغَمْرُ الْبَحْرِ: مُعْظَمُهُ، وَجَمْعُهُ غِمارٌ وغُمورٌ؛ وَقَدْ غَمُرَ الماءُ «1» . غَمارةً وغُمورةً، وَكَذَلِكَ الخلُق. وغَمَره الْمَاءُ يَغْمُرُه غَمْراً واغْتَمَره: عَلاه وغَطّاه؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: غَمَرَه القومُ يَغْمُرونه إِذا عَلَوْه شَرَفًا. وَجَيْشٌ يَغْتَمرُ كلَّ شَيْءٍ: يُغطِّيه وَيَسْتَغْرِقُهُ، عَلَى الْمَثَلِ. والمَغْمورُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ. وَنَخْلٌ مُغْتَمِر: يَشْرَبُ فِي الغَمْرة؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد قَوْلَ لَبِيدٍ فِي صِفَةِ نَخْلٍ:

يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرةٍ

فكلُّها كارِعٌ، فِي الْمَاءِ، مُغْتَمِرُ

وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ: وَلَا خُضْتُ بِرِجْلٍ غَمْرةً إِلَّا قَطَعْتُها عَرْضاً

؛ الغَمْرة: الْمَاءُ الْكَثِيرُ؛ فَضَرَبَهُ مَثَلًا لِقُوَّةِ رأْيه عِنْدَ الشَّدَائِدِ، فإِن مَنْ خاضَ الماءَ فقطَعَه عَرْضًا لَيْسَ كَمَنْ ضَعُفَ واتَّبَع الجِرْيةَ حَتَّى يَخْرُجَ بَعِيدًا مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا كَثُرَ: هَذَا كَثِيرٌ غَميرٌ. والغَمْرُ: الْفَرَسُ الْجَوَادُ. وَفَرَسٌ غَمْرٌ: جَوَادٌ كَثِيرُ العَدْو وَاسِعُ الجَرْي؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

غَمْرَ الأَجارِيِّ مِسَحًّا مِهْرَجا

والغَمْرةُ: الشِّدَّةُ. وغَمْرةُ كُلِّ شَيْءٍ: مُنْهَمَكه وشدَّتُه كغَمْرةِ الْهَمِّ وَالْمَوْتِ وَنَحْوِهِمَا. وغَمَراتُ الحَرْب وَالْمَوْتِ وغِمارُها: شَدَائِدُهَا؛ قَالَ:

وفارِس فِي غِمارِ المَوْتِ مُنْغَمِس،

إِذا تَأَلَّى عَلَى مَكْروهةٍ صَدَقا

وَجَمْعُ الغَمْرة غُمَرٌ مِثْلُ نَوْبة ونُوَب؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ سَفِينَةَ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيَذْكُرُ قِصَّتَهُ مَعَ قَوْمِهِ وَيَذْكُرُ الطُّوفَانَ:

وَنَادَى صاحبُ التَّنُّورِ نوحٌ،

وصُبَّ عليهمُ مِنْهُ البَوارُ

وضَجُّوا عِنْدَ جَيْئَتِه وفَرُّوا،

وَلَا يُنْجِي مِنَ القدَرِ الحِذارُ

وجاشَ الماءُ مُنْهَمِراً إِليهم،

كأَن غُثاءه خِرَقٌ تُسارُ

(1). قوله [وقد غمر الماء] ضبط في الأصل بضم الميم وعبارة القاموس وشرحه [وغمر الماء] يغمر من حد نصر كما في سائر النسخ ووجد في بعض أمهات اللغة مضبوطاً بضم الميم

ص: 29

وعامَتْ، وَهْيَ قاصِدةٌ، بإِذْنٍ،

وَلَوْلَا اللَّهُ جارَ بِهَا الجَوارُ

إِلى الْجُودِيِّ حَتَّى صارَ حِجْراً،

وحانَ لِتَالِكَ الغُمَرِ انْحِسارُ

فَهَذَا فِيهِ مَوْعِظةٌ وحكْم،

ولكنِّي امرؤٌ فيَّ افْتِخارُ

الحِجْر: الْمَمْنُوعُ الَّذِي لَهُ حَاجِزٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَجَمْعُ السَّلَامَةِ أَكثر. وَشُجَاعٌ مُغامِرٌ: يَغْشَى غَمَراتِ الْمَوْتِ. وَهُوَ فِي غَمْرةٍ مِنْ لَهْوٍ وشَبِيبة وسُكْرٍ، كُلُّهُ عَلَى الْمِثْلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ أَي فِي جَهْلِهِمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَقُرِئَ فِي غَمَراتِهم أَي فِي عَمايَتِهم وحَيْرتِهم؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا

؛ يَقُولُ: بَلْ قُلُوبُ هَؤُلَاءِ فِي عَمايةٍ مِنْ هَذَا. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَي فِي غِطَاءٍ وَغَفْلَةٍ. والغَمْرةُ: حَيْرةُ الْكُفَّارِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الغَمْرةُ مُنْهَمَك الْبَاطِلِ، ومُرْتَكضُ الهولِ غَمْرةُ الحَرْب. وَيُقَالُ: هُوَ يَضْرِبُ فِي غَمْرَةِ اللَّهْو ويَتَسَكَّع فِي غَمْرَةِ الْفِتْنَةِ، وغَمْرةُ الْمَوْتِ: شِدَّةُ همومِه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كأَنَّني ضاربٌ فِي غَمْرةٍ لَعِبُ

أَي سَابِحٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:

فيقذِفُهم فِي غَمَراتِ جهنَّم

أَي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَكْثُرُ فِيهَا النَّارُ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي طَالِبٍ: وجَدْتُه فِي غَمَراتٍ مِنَ النَّارِ

، وَاحِدَتُهَا غَمْرةٌ. والمُغامِرُ والمُغَمِّرُ: المُلْقي بِنَفْسِهِ فِي الغَمَراتِ. والغَمْرة: الزَّحْمةُ مِنَ النَّاسِ وَالْمَاءِ، وَالْجَمْعُ غِمارٌ. وَفِي حَدِيثِ

أُويس: أَكُون فِي غِمارِ النَّاسِ

أَي جَمْعِهم الْمُتَكَاثِفِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَمّا صاحِبُكم فَقَدْ غامَرَ

أَي خاصَم غيرَه، وَمَعْنَاهُ دَخَلَ فِي غَمْرةِ الْخُصُومَةِ وَهِيَ مُعْظَمُهَا. والمُغامِرُ: الَّذِي رَمَى بِنَفْسِهِ فِي الأُمور المُهْلكة، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الغِمْر، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الحِقْد، أَي حَاقَدَ غَيْرَهُ؛ وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:

شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُغامِرُ

أَي مُخاصِمٌ أَو مُحاقِدٌ. وَفِي حَدِيثِ الشَّهَادَةِ:

وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ

أَي ضِغْنٍ وَحِقْدٍ. وغَمْرةُ النَّاسِ وَالْمَاءِ وغَمْرُهم وغُمارُهم وغِمارهم: جَمَاعَتُهُمْ ولَفيفُهم وَزَحْمَتُهُمْ. وَدَخَلْتُ فِي غُمارِ النَّاسِ وغَمارِهم، يُضَمُّ وَيُفْتَحُ، وخُمارِهم وخَمارِهم وغَمَرِهم وخَمَرِهم أَي فِي زَحْمَتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ. واغْتَمَر فِي الشَّيْءِ: اغْتَمَس. والاغْتِمارُ: الاغْتِماسُ. والانْغِمارُ: الانْغِماسُ فِي الْمَاءِ. وطعامٌ مُغْتَمِرٌ إِذا كَانَ بِقِشْرِهِ. والغَمِيرُ: شَيْءٌ يَخْرُجُ فِي البُهْمَى فِي أَول الْمَطَرِ رَطْبًا فِي يَابِسٍ، وَلَا يُعْرَفُ الغَميرُ فِي غَيْرِ الْبُهْمَى. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَميرُ حبُّ الْبُهْمَى السَّاقِطُ مِنْ سُنْبُلِهِ حِينَ يَيْبَس، وَقِيلَ: الغَميرُ مَا كَانَ فِي الأَرض مِنْ خُضْرة قَلِيلًا إِمَّا رِيحَةً وإِمَّا نَبَاتًا، وَقِيلَ: الغَميرُ النَّبْتُ يَنْبُتُ فِي أَصل النَّبْتِ حَتَّى يَغْمُره الأَول، وَقِيلَ: هُوَ الأَخضر الَّذِي غَمَرَه الْيَبِيسُ يَذْهَبُونَ إِلى اشْتِقَاقِهِ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَالْجَمْعُ أَغْمِراء. أَبو عُبَيْدَةَ: الغَميرة الرَّطْبة والقتُّ الْيَابِسُ وَالشَّعِيرُ تَعْلِفُهُ الْخَيْلَ عِنْدَ تَضْمِيرِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الغَميرُ نَبَاتٌ قَدْ غَمَره اليَبِيس؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ وَحْشًا:

ثَلاثٌ كأَقْواسِ السَّراءِ وناشِطٌ،

قَدِ اخْضَرَّ مِنْ لَسِّ الغَمير جَحافِلُهْ

وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ: أَصابَنا مطرٌ ظَهَرَ مِنْهُ الغَميرُ

، بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، هُوَ نَبْتُ الْبَقْلِ

ص: 30

عَنِ الْمَطَرِ بَعْدَ اليُبْس، وَقِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ أَخْضَر قَدْ غَمَرَ مَا قَبْلَهُ مِنَ اليَبِيس. وَفِي حَدِيثِ قُسٍّ:

وغَميرُ حَوْذانٍ

، وَقِيلَ: هُوَ الْمَسْتُورُ بالحَوْذان لِكَثْرَةِ نَبَاتِهِ. وتَغَمَّرت الماشيةُ: أَكلت الغَمير. وغَمَرَه: عَلَاهُ بِفَضْلِهِ وَغَطَّاهُ. وَرَجُلٌ مَغْمورٌ: خَامِلٌ. وَفِي حَدِيثِ صِفَتِهِ:

إِذَا جَاءَ مَعَ الْقَوْمِ غَمَرَهم

أَي كَانَ فَوْقَ كلِّ مَنْ مَعَهُ؛ وَفِي حَدِيثِ

حُجَيْر: إِنِّي لمَغْمورٌ فِيهِمْ

أَي لَسْتُ بِمَشْهُورٍ كأَنّهم قَدْ غَمَرُوه؛ وَفِي حَدِيثِ الْخَنْدَقِ:

حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَه

أَي وارَى التُّرابُ جِلْدَه وستَره؛ وَفِي حَدِيثِ مَرَضِه:

أَنه اشْتَدَّ بِهِ حَتَّى غُمِرَ عَلَيْهِ

أَي أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى كأَنه غُطِّي عَلَى عَقْلِهِ وسُتِر. والغِمْرُ، بِالْكَسْرِ: الْعَطَشُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

حَتَّى إِذَا مَا بَلَّت الأَغْمارا

والغُمَرُ: قَدَحٌ صَغِيرٌ يَتصافَنُ بِهِ القومُ فِي السَّفَرِ إِذا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا يسيرٌ عَلَى حَصَاةٍ يُلْقونها فِي إِناء ثُمَّ يُصَبُّ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَغْمُر الْحَصَاةَ فَيُعْطَاهَا كلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ فِي سَفَرٍ فشُكِيَ إِليه العَطَشُ، فَقَالَ: أَطْلقوا لِي غُمَرِي

أَي ائْتُونِي بِهِ، وَقِيلَ: الغُمَرُ أَصغر الأَقداح؛ قَالَ أَعشى بَاهِلَةَ يَرْثِي أَخاه المُنتَشِر بْنُ وَهْبٍ الْبَاهِلِيُّ:

يَكْفِيه حُزّةُ فِلْذٍ، إِنْ أَلَمَّ بِهَا،

مِنَ الشِّواءِ، ويُرْوِي شُرْبَه الغُمَرُ

وَقِيلَ: الغُمَر القَعْبُ الصَّغِيرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَجْعَلُونِي كغُمَرِ الرَّاكِبِ، صَلُّوا عليَّ أَوّلَ الدُّعَاءِ وأَوْسَطَه وآخرَه

؛ الغُمَرُ، بِضَمِّ الْغَيْنِ وَفَتْحِ الْمِيمِ: الْقَدَحُ الصَّغِيرُ؛ أَراد أَن الرَّاكِبَ يَحْمِلُ رَحْلَه وأَزوادَه وَيَتْرُكُ قَعْبَه إِلَى آخِرِ تَرْحالِه ثُمَّ يُعَلِّقُهُ عَلَى رَحْلِهِ كالعِلاوة فَلَيْسَ عِنْدَهُ بمُهمٍّ، فَنَهَاهُمْ أَن يَجْعَلُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كالغُمَرِ الَّذِي لَا يُقدَّم فِي المُهامّ وَيُجْعَلُ تَبَعًا. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغُمَرُ يأْخذ كَيْلَجَتيْنِ أَو ثَلَاثًا، والقَعْب أَعظمُ مِنْهُ وَهُوَ يُرْوي الرجلَ، وَجَمْعُ الغُمَرِ أَغْمارٌ. وتَغَمّرْت أَي شَرِبْتُ قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

حَتَّى إِذَا مَا بَلّت الأَغْمارا

رِيٍّا ولمَّا، يَقْصَعِ الأَصْرَارَا

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَمَّا الخيلُ فغَمِّروها وأَما الرجالُ فأَرْوُوهم

؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

بِهَا نَقْعُ المُغَمَّرِ والعَذُوبِ

المُغَمَّر: الَّذِي يَشْرَبُ فِي الغُمَر إِذَا ضَاقَ الْمَاءُ. والتَّغَمُّر الشُّرْبُ بالغُمَرِ، وَقِيلَ: التَّغَمُّر أَقل الشُّرْب دُونَ الرِّيِّ، وَهُوَ مِنْهُ. وَيُقَالُ: تَغَمَّرْت، مِنَ الغُمَرِ، وَهُوَ القَدَح الصَّغِيرُ. وتغَمَّر البعيرُ: لَمْ يَرْوَ مِنَ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ العَيْر، وَقَدْ غَمَّرَه الشُّرْب؛ قَالَ:

وَلَسْتُ بصادِرٍ عَنْ بَيْت جارِي،

صُدورَ العَيْر غَمَّرَه الوُرودُ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي غَمَّره أَصْحُناً سَقَاهُ إِياها، فعدَّاه إِلى مَفْعُولَيْنِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغامِرةُ النخلُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلى السَّقْيِ، قَالَ: وَلَمْ أَجد هَذَا الْقَوْلَ مَعْرُوفًا. وَصَبِيٌّ غُمْرٌ وغَمْرٌ وغَمَرٌ وغَمِرٌ ومُغَمَّر: لَمْ يُجرِّب الأُمور بيّنُ الْغِمَارَةِ مِنْ قَوْمٍ أَغْمارٍ، وَقَدْ غَمُر، بِالضَّمِّ، يَغْمُر غَمارةً؛ وَكَذَلِكَ المُغَمَّر مِنَ الرِّجَالِ إِذا اسْتَجْهَلَهُ النَّاسُ، وَقَدْ غُمِّرَ تَغْميراً. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: أَن الْيَهُودَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: لَا يَغُرّك أَن

ص: 31

قَتَلْتَ نَفَراً مِنْ قُريش أَغْماراً

؛ الأَغْمارُ جَمْعُ غُمْر، بِالضَّمِّ، وَهُوَ الْجَاهِلُ الغِرُّ الَّذِي لَمْ يُجَرِّب الأُمور؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ويُقْتاس مِنْ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ لَا غَناء عِنْدَهُ وَلَا رَأْي. وَرَجُلٌ غُمْر وغَمِر: لَا تَجْرِبَةَ لَهُ بِحَرْبٍ وَلَا أَمر وَلَمْ تحنِّكه التَّجارب؛ وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ الشَّمَّاخِ:

لَا تَحْسَبَنّي، وإِن كُنْتُ امْرأً غَمِراً،

كَحَيَّةِ الْمَاءِ بَيْنَ الصَّخْرِ والشِّيدِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَهو إِتباع أَم لُغَةٌ؛ وَهُمُ الأَغمار. وامرأَة غَمِرَةٌ: غِرٌّ. وغامَرَه أَي باطَشَه وقاتَلَه وَلَمْ يُبَالِ الْمَوْتَ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: رَجُلٌ مُغامِرٌ إِذَا كَانَ يَقْتَحِمُ الْمَهَالِكَ. والغُمْرة: تَطْلى بِهِ الْعَرُوسُ يُتَّخَذُ مِنَ الْوَرْسِ. قَالَ أَبو الْعُمَيْثِلِ: الغُمْرة والغُمْنة وَاحِدٌ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: هُوَ تَمْرٌ وَلَبَنٌ يُطْلَى بِهِ وَجْهُ المرأَة وَيَدَاهَا حَتَّى ترِقَّ بَشَرَتُهَا، وَجَمْعُهَا الغُمَر والغُمَنُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: والغُمْرة والغُمْرُ الزَّعْفَرَانُ، وَقِيلَ: الْوَرْسُ، وَقِيلَ: الجِصّ، وَقِيلَ: الكُرْكُم. وَثَوْبٌ مُغَمَّرُ: مَصْبُوغٌ بِالزَّعْفَرَانِ. وَجَارِيَةٌ مُغَمَّرةٌ: مَطْلِيَّةٌ. ومغْتَمِرة ومُتَغَمِّرة: مُتَطلّية. وَقَدْ غَمَّرت المرأَةُ وَجْهَهَا تَغْمِيراً أَي طَلَتْ بِهِ وَجْهَهَا ليَصْفُو لَوْنُهَا، وتَغَمَّرَت مِثْلَهُ؛ وغَمَّر فلانٌ جَارَيْتَهُ. والغَمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: السَّهَكُ وريحُ اللَّحْمِ وَمَا يَعْلَق بِالْيَدِ مِنْ دَسَمِه. وَقَدْ غَمِرَت يدُه مِنَ اللَّحْمِ غَمَراً، فَهِيَ غَمِرةٌ أَي زَهِمةٌ، كَمَا تَقُولُ مِنَ السَّهَك: سَهِكةٌ؛ وَمِنْهُ مَنْدِيلُ الغَمَر، وَيُقَالُ لِمَنْدِيلِ الغَمَرِ: المَشُوش. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ باتَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ

؛ هُوَ الدَّسَمُ، بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ الزُّهُومَةُ مِنَ اللَّحْمِ كالوَضَرِ مِنَ السَّمْن. والغِمْرُ والغَمَرُ: الْحِقْدُ وَالْغِلُّ، وَالْجَمْعُ غُمورٌ. وَقَدْ غَمِرَ صدرُه عَلَيَّ، بِالْكَسْرِ، يَغْمَرُ غِمْراً وغَمَراً. وَالْغَامِرُ مِنَ الأَرض وَالدُّورِ: خلافُ العامِر. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغامِرُ مِنَ الأَرض كلِّها مَا لَمْ يُسْتَخْرَجْ حَتَّى يَصْلُحَ لِلزَّرْعِ وَالْغَرْسِ، وَقِيلَ: الغامِرُ مِنَ الأَرض مَا لَمْ يُزْرَعْ مِمَّا يَحْتَمِلُ الزِّرَاعَةَ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ غامِرٌ لأَن الْمَاءَ يَبْلُغُهُ فيَغْمُره، وَهُوَ فاعلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كَقَوْلِهِمْ: سرٌّ كاتمٌ وماءٌ دافقٌ، وَإِنَّمَا بُنِيَ عَلَى فاعِلٍ لِيُقَابَلَ بِهِ الْعَامِرُ، وَمَا لَا يَبْلُغُهُ الْمَاءُ مِنْ مَوَاتِ الأَرض لَا يُقَالُ لَهُ غامِرٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمَعْرُوفُ فِي الغامِر المعاشُ الَّذِي أَهله بِخَيْرٍ، قَالَ: وَالَّذِي يَقُولُ الناسُ إِن الغامِرَ الأَرض الَّتِي لَمْ تُعْمَر، لَا أَدري مَا هُوَ، قَالَ: وَقَدْ سأَلت عَنْهُ فَلَمْ يُبَيِّنْهُ لِي أَحد؛ يُرِيدُ قَوْلَهُمُ العامِر والغامِر. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه مَسَحَ السَّوادَ عامِرَه وغامِرَه

، فَقِيلَ: إِنَّهُ أَراد عامِرَه وَخَرَابَهُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

أَنه جَعَلَ عَلَى كلِّ جَرِيبٍ عامِرٍ أَو غامِرٍ دِرْهماً وَقَفِيزًا

، وَإِنَّمَا فَعَلَ عُمَرَ، رضي الله عنه، ذَلِكَ لِئَلَّا يُقَصِّرَ الناسُ فِي المُزارعةِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قِيلَ لِلْخَرَابِ غامِرٌ لأَن الْمَاءَ قَدْ غَمَرَه فَلَا تُمْكِنُ زراعتُه أَو كَبَسَه الرَّمْلُ وَالتُّرَابُ، أَو غَلب عَلَيْهِ النَّزُّ فَنَبَتَ فِيهِ الأَباءُ والبَرْدِيّ فَلَا يُنْبِتُ شَيْئًا، وَقِيلَ لَهُ غامِرٌ لأَنه ذُو غَمْرٍ مِنَ الْمَاءِ وَغَيْرِهُ لِلَّذِي غَمَره، كَمَا يُقَالُ: همٌّ ناصبٌ أَي ذُو نصَب؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

تَرَى قُورَها يَغْرَقْن فِي الآلِ مَرَّةً،

وآوِنةً يَخْرُجْنَ مَنْ غامِرٍ ضَحْلِ

أَيْ مِنْ سَرَابٍ قَدْ غَمَرَها وَعَلَاهَا. والغَمْرُ وَذَاتُ الغَمْر وَذُو الغَمْر: مَوَاضِعُ، وَكَذَلِكَ الغُمَيرْ؛ قَالَ:

هَجَرْتُك أَيّاماً بِذِي الغَمْرِ، إنَّني

عَلَى هَجْرِ أَيّامٍ بِذِي الغَمْرِ نادِمُ

ص: 32

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

كأَثْلٍ منَ الأَعْراضِ مِنْ دُونِ بِئْشةٍ

ودُون الغُمَيرِ عامِدات لِغَضْوَرا

وغَمْرٌ وغُمَيْرٌ وغامِرٌ: أَسماء. وغَمْرة: مَوْضِعٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ مَنْزِلٌ مِنْ مَناهِل طَرِيقِ مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ فَصْلُ مَا بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غَمْر، بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، بِئْرٌ قَدِيمَةٌ بمكة حَفَرَهَا بَنُو سَهْمٍ. والمَغْمورُ: المقهورُ. والمَغْمورُ: المَمْطورُ. وَلَيْلٌ غَمرٌ: شَدِيدُ الظُّلْمَةِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبِلًا:

يَجتَبْنَ أَثْناءَ بَهيِمٍ غَمْرِ،

دَاجِي الرِّواقَيْنِ غُدافِ السِّتْرِ

وَثَوْبٌ غَمْرٌ إِذَا كَانَ سَاتِرًا.

غمجر: الغِمْجارُ: غِراءٌ يُجْعَلُ عَلَى الْقَوْسِ مِنْ وَهْيٍ بِهَا، وَقَدْ غَمْجَرها. وَقَالَ اللَّيْثُ: الغِمْجارُ شَيْءٌ يُصْنَعُ عَلَى الْقَوْسِ مِنْ وَهْيٍ بِهَا، وَهُوَ غِرَاءٌ وجِلدٌ. وَتَقُولُ: غَمْجِرْ قوسَك، وَهِيَ الغَمْجرةُ، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قِمْجار، بِالْقَافِ. وَيُقَالُ: جَادَ المطرُ الروضةَ حَتَّى غَمْجَرها غَمْجَرة أَي ملأَها، والله أَعلم.

غمدر: الغَمَيْدَرُ: السَّمِين النَّاعِمُ، وَقِيلَ: السَّمِينُ الْمُتَنَعِّمُ، وَقِيلَ: الْمُمْتَلِئُ سِمَناً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

للَّه دَرُّ أَبِيك رَبِّ غَمَيْدَرٍ

حَسَنِ الرُّواء، وقَلْبُه مَدْكوكُ

المَدْكوكُ: الَّذِي لَا يَفْهَمُ شَيْئًا. وشابٌّ غَمَيْدَرٌ: رَيَّانٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

لَا يَبْعُدَنْ عَصْرُ الشَّبَابِ الأَنْضَرِ

والخَبْط فِي غَيْسانِه الغَمَيْدَرِ

قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي قَالَ مَرَّةً الغَمَيْذَر، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، ثُمَّ رَجَعَ عنه.

غمذر: الغَمَيْذَرُ: حَسَن الشَّبَابِ. والغَمَيْذَرُ: الْمُتَنَعِّمُ، وَقِيلَ: الْمُمْتَلِئُ سِمَنًا كالغَمَيْدَرِ؛ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الأَعرابي قَوْلَ الشَّاعِرِ:

للَّه دَرُّ أَبِيكَ رَبِّ غَمَيْذَرٍ

بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَعًا وَفَسَّرَهُمَا تَفْسِيرًا وَاحِدًا، وَقَالَ: هُوَ الْمُمْتَلِئُ سِمَنًا؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ:

وَالْخَبْطُ فِي غَيْسَانِهِ الْغَمَيْذَرِ

قَالَ: كَانَ ابْنُ الأَعرابي قَالَ مَرَّةً الغَمَيْذَر، بِالذَّالِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. الأَزهري: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الغَمَيْذَر، بِالذَّالِ، المُخَلِّطُ فِي كَلَامِهِ. التَّهْذِيبَ فِي تَرْجَمَةِ غذرم: الغَذْرَمَةُ كَيْلٌ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَفَاءِ. قَالَ: وَأَجَازَ بَعْضُ الْعَرَبِ غَمْذَرَ غَمْذَرَةً بِمَعْنَى غَذْرَمَ إِذَا كالَ فأَكثر.

غنثر: تَغَنْثَرَ الرجلُ بِالْمَاءِ: شَرِبَهُ عَنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ. والغُنْثُر: مَاءٌ بِعَيْنِهِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن أَبا بَكْرٍ قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رضي الله عنهما، وَقَدْ وَبَّخَه: يَا غُنْثَرُ

، قَالَ: وأَحسِبُه الثقيلَ الوَخِمَ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَاهِلُ مِنَ الغَثارةِ والجَهْل، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

غندر: غُلَامٌ غُنْدَرٌ: سَمِينٌ غَلِيظٌ. وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ النَّاعِمِ: غُنْدَرٌ وغُنْدُرٌ وغَمَيْدَرٌ. وغُنْدَرٌ: اسم رجل.

غور: غَوْرُ كلِّ شَيْءٍ: قَعْرُه. يُقَالُ: فُلَانٌ بَعِيدُ الغَوْر. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه سَمِع نَاسًا يَذْكُرُونَ القَدَرَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ قَدْ أُخذتم فِي شِعْبَين بَعيدَي الغَوْرِ

؛ غَوْرُ كُلِّ شَيْءٍ: عُمْقه وبُعْده، أَي يَبْعُد

ص: 33

أَن تُدْرِكُوا حقيقةَ عِلْمِهِ كَالْمَاءِ الغائرِ الَّذِي لَا يُقْدَر عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ:

وَمَنْ أَبْعَدُ غَوْراً فِي الْبَاطِلِ مِنِّي.

وغَوْرُ تهامةَ: مَا بَيْنَ ذَاتِ عرْق والبحرِ وَهُوَ الغَوْرُ، وَقِيلَ: الغَوْرُ تهامةُ وَمَا يَلِي اليمنَ. قَالَ الأَصمعي: مَا بَيْنَ ذَاتِ عِرْقٍ إِلَى الْبَحْرِ غَوْرٌ وَتِهَامَةُ. وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: كُلُّ مَا انْحَدَرَ مَسِيلُهُ، فَهُوَ غَوْرٌ. وغارَ القومُ غَوْراً وغُؤُوراً وأَغارُوا وغَوَّرُوا وتَغَوَّرُوا: أَتَوا الغَوْرَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

يَا أُمَّ حزْرة، مَا رأَينا مِثْلَكم

فِي المُنْجدِينَ، وَلَا بِغَوْرِ الغائِرِ

وَقَالَ الأَعشى:

نَبيّ يَرَى مَا لَا تَرَون، وذِكْرُه

أَغارَ، لَعَمْري، فِي الْبِلَادِ وأَنْجدا

وَقِيلَ: غارُوا وأَغاروا أَخذوا نَحْوَ الغَوْر. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَغارَ لُغَةٌ بِمَعْنَى غارَ، وَاحْتَجَّ بِبَيْتِ الأَعشى. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: وَقَدْ رُوِيَ بيتُ الأَعشى مخروم النِّصْفِ:

غارَ، لَعَمْرِي، فِي الْبِلَادِ وأَنْجَدا

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: غارَ يَغُورُ غَوْراً أَي أَتى الغَور، فَهُوَ غائِرٌ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ أَغارَ؛ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ:

أَغار، لعمرِي، فِي الْبِلَادِ وأَنجدا

فَقَالَ الأَصمعي: أَغارَ بِمَعْنَى أَسرع وأَنجد أَي ارْتَفَعَ وَلَمْ يُرِدْ أَتى الغَوْرَ وَلَا نَجْداً؛ قَالَ: وَلَيْسَ عِنْدَهُ فِي إِتْيَانِ الغَوْر إِلَّا غارَ؛ وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنها لُغَةٌ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْبَيْتِ، قَالَ: وناسٌ يَقُولُونَ أَغارَ وأَنجد، فإِذا أَفْرَدُوا قَالُوا: غارَ، كَمَا قَالُوا: هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، فإِذا أَفردوا قَالُوا: أَمْرَأَنِي. ابْنُ الأَعرابي: تَقُولُ مَا أَدري أَغارَ فلانٌ أَم مَارَ؛ أَغارَ: أَتَى الغَوْرَ، ومارَ: أَتَى نَجْدًا. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه أَقطع بلالَ بنَ الْحَرْثِ مَعادِنَ القَبَلِيَّة جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الغَورُ مَا انْخَفَضَ مِنَ الأَرض، والجَلْسُ مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا. يُقَالُ: غارَ إِذَا أَتى الغَوْرَ، وأَغارَ أَيضاً، وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ؛ وَقَالَ جَمِيلٌ:

وأَنتَ امرؤٌ مِنْ أَهل نَجْدٍ، وأَهْلُنا

تِهامٌ، وَمَا النَّجْدِيّ والمُتَغَوّرُ؟

والتَّغْوِيرُ: إِتْيَانُ الغَوْر. يُقَالُ: غَوَّرْنا وغُرْنا بِمَعْنًى. الأَصمعي: غارَ الرجلُ يَغُورُ إِذَا سارَ فِي بِلَادِ الغَورِ؛ هَكَذَا قَالَ الْكِسَائِيُّ؛ وأَنشد بَيْتَ جَرِيرٍ أَيضاً:

فِي المنْجِدينَ وَلَا بِغَوْر الْغَائِرِ

وغارَ فِي الشيء غَوْراً وغُؤوراً وغِياراً، عَنْ سِيبَوَيْهِ: دَخَلَ. وَيُقَالُ: إِنَّكَ غُرْتَ فِي غَيْرِ مَغارٍ؛ مَعْنَاهُ طَلَبْتَ فِي غَيْرِ مطْلَبٍ. وَرَجُلٌ بَعِيدُ الغَوْرِ أَي قَعِيرُ الرأْي جيّدُه. وأَغارَ عَيْنَه وغارَت عينُه تَغُورُ غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَتْ: دَخَلَتْ فِي الرأْس، وغَارت تَغارُ لُغَةٌ فِيهِ؛ وَقَالَ الأَحمر:

وَسَائِلَةٍ بظَهْر الغَيْبِ عَنِّي:

أَغارَت عينُه أَم لَمْ تَغارا؟

وَيُرْوَى:

ورُبَّتَ سائلٍ عنِّي خَفِيٍّ:

أَغارت عينهُ أَمْ لَمْ تَغارا؟

وَغَارَ الماءُ غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَ: ذَهَبَ فِي الأَرض وسَفَلَ فِيهَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: غارَ الماءُ وغَوَّرَ ذَهَبَ فِي الْعُيُونِ. وماءٌ غَوْرٌ: غَائِرٌ، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً

؛ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ، كَمَا يُقَالُ: ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حَشْرٌ

ص: 34

وَدِرْهَمٌ ضَرْبٌ أَي ضُرب ضَرْبًا. وغارَت الشمسُ تَغُور غِياراً وغُؤوراً وغَوَّرت: غَرَبَتْ، وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ وَالنُّجُومُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

هَلِ الدَّهْرُ إِلَّا لَيْلةٌ ونَهارُها،

وَإِلَّا طلُوع الشَّمْسِ ثُمَّ غِيارُها؟

والغارُ: مَغارةٌ فِي الْجَبَلِ كالسَّرْب، وَقِيلَ: الغارُ كالكَهْف فِي الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ الغِيرانُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ شِبْهُ الْبَيْتِ فِيهِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الْمُنْخَفِضُ فِي الْجَبَلِ. وَكُلُّ مُطْمَئِنٍ مِنَ الأَرض: غارٌ؛ قَالَ:

تؤمُّ سِناناً، وَكَمْ دُونه

مِنَ الأَرض مُحْدَوْدِباً غارُها

والغَوْرُ: الْمُطْمَئِنُ مِنَ الأَرض. والغارُ: الجُحْرُ الَّذِي يأْوي إِلَيْهِ الْوَحْشِيُّ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، الْقَلِيلُ: أَغوارٌ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، والكثيرُ: غِيرانُ. والغَوْرُ: كَالْغَارِ فِي الْجَبَلِ. والمَغارُ والمَغارةُ: كالغارِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا

؛ وَرُبَّمَا سَمَّوْا مكانِسَ الظِّبَاءِ مَغاراً؛ قَالَ بِشْرٌ:

كأَنَّ ظِباءَ أَسْنُمةٍ عَلَيْهَا

كَوانِس، قَالِصًا عَنْهَا المَغارُ

وَتَصْغِيرُ الغارِ غُوَيْرٌ. وغارَ فِي الأَرض يَغُورُ غَوْراً وغُؤوراً: دَخَلَ. والغارُ: مَا خَلْفَ الفَراشة مِنْ أَعلى الْفَمِ، وَقِيلَ: هُوَ الأُخدود الَّذِي بَيْنَ اللَّحْيين، وَقِيلَ: هُوَ دَاخِلُ الْفَمِ، وَقِيلَ: غارُ الْفَمِ نِطْعاه فِي الْحَنَكَيْنِ. ابْنُ سِيدَهْ: الغارانِ العَظْمان اللَّذَانِ فِيهِمَا الْعَيْنَانِ، والغارانِ فمُ الإِنسان وفرجُه، وَقِيلَ: هُمَا الْبَطْنُ وَالْفَرْجُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: الْمَرْءُ يَسْعَى لِغارَيْه؛ وَقَالَ:

أَلم تَرَ أَنَّ الدهْرَ يومٌ وَلَيْلَةٌ،

وأَنَّ الفتَى يَسْعَىْ لِغارَيْهِ دَائِبَا؟

والغارُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. ابْنُ سِيدَهْ: الغارُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْجَيْشُ الْكَثِيرُ؛ يُقَالُ: الْتَقَى الْغَارَانِ أَي الْجَيْشَانِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَحْنَفِ فِي انْصِرَافِ الزُّبَيْرِ عَنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ: وَمَا أَصْنَعُ بِهِ إِنْ كَانَ جَمَعَ بَيْنَ غارَيْنِ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَذَهَبَ؟ والغارُ: وَرَقُ الكَرْمِ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الأَخطل:

آلَتْ إِلَى النِّصف مِنْ كَلفاءَ أَترَعَها

عِلْجٌ، ولَثَّمها بالجَفْنِ والغارِ

والغارُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: شَجَرٌ عِظَامٌ لَهُ وَرَقٌ طِوَالٌ أَطول مِنْ وَرَقِ الخِلاف وحَمْلٌ أَصغر مِنَ الْبُنْدُقِ، أَسود يُقَشَّرُ لَهُ لُبٌّ يَقَعُ فِي الدَّوَاءِ، ورقُه طَيِّبُ الرِّيحِ يَقَعُ فِي العِطر، يُقَالُ لِثَمَرِهِ الدَّهْمَشْتُ، وَاحِدَتُهُ غارةٌ، وَمِنْهُ دُهْنُ الغارِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقُها،

تَقْضَمُ الهِنْدِيَّ وَالْغَارَا

اللَّيْثُ: الغارُ نَبَاتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ عَلَى الوُقود، وَمِنْهُ السُّوس. وَالْغَارُ: الْغُبَارُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وأَغارَ الرجلُ: عَجِلَ فِي الشَّيْءِ وَغَيَّرَهُ. وأَغار فِي الأَرض: ذَهَبُ، وَالِاسْمُ الْغَارَةُ. وعَدَا الرجلُ غارةَ الثَّعْلَبِ أَي مِثْلَ عَدْوِه فَهُوَ مَصْدَرٌ كالصَّماء، مِنْ قَوْلِهِمُ اشْتَملَ الصَّماءَ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:

فَعَدِّ طِلابَها، وتَعَدَّ عَنْهَا

بِحَرْفٍ، قَدْ تُغِيرُ إِذَا تَبُوعُ

وَالِاسْمُ الغَويِرُ؛ قال ساعدة يبن جُؤَيَّةَ:

بَساقٍ إِذَا أُولى العَديِّ تَبَدَّدُوا،

يُخَفِّضُ رَيْعانَ السُّعاةِ غَوِيرُها

والغارُ: الخَيْل المُغِيرة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ مَعْرُوفٍ:

ص: 35

ونحنُ صَبَحْنا آلَ نَجْرانَ غَارَةً:

تَمِيمَ بنَ مُرٍّ والرِّماحَ النَّوادِسا

يَقُولُ: سَقَيْنَاهُمْ خَيْلًا مُغِيرة، وَنَصَبَ تَمِيمَ بْنَ مُرٍّ عَلَى أَنه بَدَلٌ مِنْ غَارَةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ بَدَلًا مِنْ آلِ نَجْرَانَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى، إِذ الْمَعْنَى أَنهم صَبَحُوا أَهلَ نَجْرَانَ بِتَمِيمِ بْنِ مُرٍّ وَبِرِمَاحِ أَصحابه، فأَهل نَجْرَانَ هُمُ الْمَطْعُونُونَ بِالرِّمَاحِ، وَالطَّاعِنُ لَهُمْ تَمِيمٌ وأَصحابه، فَلَوْ جَعَلْتَهُ بَدَلًا مِنْ آلِ نَجْران لَانْقَلَبَ الْمَعْنَى فَثَبَتَ أَنها بَدَلٌ مِنْ غَارَةَ. وأَغار عَلَى الْقَوْمِ إِغارَةً وغارَةً: دَفَعَ عَلَيْهِمُ الْخَيْلَ، وَقِيلَ: الإِغارة الْمَصْدَرُ وَالْغَارَةُ الِاسْمُ مِنَ الإِغارة عَلَى الْعَدُوِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وتغاوَرَ الْقَوْمُ: أَغار بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وغاوَرَهم مُغاورة، وأَغار عَلَى الْعَدُوِّ يُغير إِغارة ومُغاراً. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ دَخَلَ إِلَى طعامٍ لَمْ يُدْعَ إِليه دَخل سَارِقًا وَخَرَجَ مُغيراً

؛ المُغير اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَغار يُغير إِذا نَهَب، شبَّه دُخوله عَلَيْهِمْ بدُخول السَّارِقِ وخروجَه بمَن أَغارَ عَلَى قَوْمٍ ونَهَبَهُم. وَفِي حَدِيثِ

قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: كُنْتُ أُغاوِرُهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ

أَي أُغِير عَلَيْهِمْ ويُغِيرُون عَلَيَّ، والمُغاورَة مُفاعلة؛ وَفِي قَوْلِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ:

وَبَيْضٌ تَلالا فِي أَكُفِّ المَغاوِرِ

المَغاوِرُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ: جمعُ مُغاوِر بِالضَّمِّ، أَو جَمْعُ مِغْوار بِحَذْفِ الأَلف أَو حذْفِ الْيَاءِ مِنَ المَغاوِير. والمِغْوارُ: المبالِغُ فِي الْغَارَةِ. وَفِي حَدِيثِ

سَهْلٍ، رضي الله عنه: بَعثَنا رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، في غَزارةٍ فَلَمَّا بَلَغْنا المُغارَ اسْتَحْثَثْتُ فرَسِي

، قَالَ ابْنُ الأَثير: المُغارُ، بِالضَّمِّ، مَوْضِعُ الغارةِ كالمُقامِ مَوْضِعُ الإِقامة، وَهِيَ الإِغارةُ نَفْسُهَا أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: قَالَ يومَ الْجَمَلِ: مَا ظَنُّكَ بامرئٍ جمعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الغارَيْنِ؟

أَي الجَيشين؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرجه أَبو مُوسَى فِي الْغَيْنِ وَالْوَاوِ؛ وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَيْنِ وَالْيَاءِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الأَحْنَف وَقَوْلَهُ فِي الزُّبَيْرِ، رضي الله عنه، قَالَ: والجوهري ذَكَرَهُ فِي الْوَاوِ، قَالَ: والواوُ والياءُ مُتَقَارِبَانِ فِي الِانْقِلَابِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ فِتْنة الأَزْدِ:

ليَجْمعا بَيْنَ هَذَيْنِ الغارَيْن.

والغَارَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الْخَيْلِ إِذا أَغارَتْ. وَرَجُلٌ مِغْوار بَيِّنُ الغِوار: مُقَاتِلٌ كَثِيرُ الغاراتِ عَلَى أَعدائِه، ومُغاورٌ كَذَلِكَ؛ وقومٌ مَغاوِيرُ وَخَيْلٌ مغيرةٌ. وفرسٌ مِغْوارٌ: سَرِيعٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فرسٌ مِغوارٌ شَدِيدُ العَدْوِ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:

عَناجِيج مِنْ آلِ الوَجِيه، ولاحِقٍ،

مَغاويرُ فِيهَا للأَريب مُعَقَّبُ

اللَّيْثُ: فَرَسٌ مُغارٌ شَدِيدُ الْمَفَاصِلِ. قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ شدَّة الأَسْر كأَنه فُتِل فَتْلًا. الْجَوْهَرِيُّ: أَغارَ أَي شدَّ العَدْوَ وأَسرع. وأَغارَ الفرسُ إِغارةً وَغَارَةً: اشْتدّ عَدْوُه وأَسرع فِي الغارةِ وَغَيْرِهَا، والمُغِيرة والمِغيرة: الْخَيْلُ الَّتِي تُغِير. وَقَالُوا فِي حَدِيثِ الْحَجِّ: أَشْرِقْ ثَبِير كَيْما نُغِير أَي نَنْفِر ونُسْرِع لِلنَّحْرِ وَنُدْفَعُ لِلْحِجَارَةِ؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: الإِغارةُ هُنَا الدَّفْعُ أَي نَدْفَعُ لِلنَّفْرِ، وَقِيلَ: أَرادَ نُغِير عَلَى لُحوم الأَضاحي، مِنَ الإِغارة: النهبِ، وَقِيلَ: نَدْخل فِي الغَوْرِ، وَهُوَ الْمُنْخَفِضُ مِنَ الأَرض عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ أَغارَ إِذا أَتى الغَوْرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَغارَ إِغارَة الثعلبِ إِذا أَسْرع وَدَفَعَ فِي عَدْوِه. وَيُقَالُ لِلْخَيْلِ المُغِيرة: غارةٌ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ لِلْخَيْلِ إِذَا شُنَّت عَلَى حيٍّ نَازِلِينَ: فِيحِي فَياحِ أَي اتَّسِعي وَتَفَرَّقِي أَيتُها الْخَيْلُ بِالْحَيِّ، ثُمَّ قِيلَ لِلنَّهْبِ غَارَةٌ،

ص: 36

وأَصلها الْخَيْلُ المُغيرة؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وغارةُ سِرْحانٍ وتقرِيبُ تَتْفُل

والسِّرحان: الذِّئْبُ، وغارتهُ: شدَّةُ عَدْوِه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً

. وغارَني الرجلُ يَغيرُني ويَغُورُني إِذَا أَعطاه الدِّيَةَ؛ رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ. وأَغارَ فلانٌ بَنِي فُلَانٍ: جَاءَهُمْ لِيَنْصُرُوهُ، وَقَدْ تُعَدَّى بِإِلَى. وغارَهُ بِخَيْرٍ يَغُورُه ويَغِيرُه أَي نَفَعَهُ. وَيُقَالُ: اللَّهُمَّ غُرْنا غِرْنا مِنْكَ بِغَيْثٍ وَبِخَيْرٍ أَي أَغِثْنا بِهِ. وغارَهم اللَّهُ بِخَيْرٍ يَغُورُهم ويَغِيرُهم: أَصابهم بِخصْب وَمَطَرٍ وَسَقَاهُمْ. وغارَهم يَغُورُهم غَوْراً ويَغِيرُهم: مارَهُم. واسْتَغْوَرَ اللهَ: سأَله الغِيرةَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

فَلَا تَعْجلا، واسْتَغْوِرا اللهَ، إِنّه

إِذَا اللَّهُ سَنَّى عقْد شَيْءٍ تَيَسَّرا

ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: اسْتَغْوِرا مِنَ الميرَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَعْنَاهُ اسأَلوه الخِصْبَ إِذ هُوَ مَيْرُ اللَّهِ خَلْقَه وَالِاسْمُ الغِيرةُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْيَاءِ أَيضاً لأَن غَارَ هَذِهِ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. وَغَارَ النَّهَارُ أَي اشْتَدَّ حَرُّهُ. والتَّغْوِير: القَيْلولة. يُقَالُ: غوِّروا أَي انْزِلُوا لِلْقَائِلَةِ. وَالْغَائِرَةُ: نِصْفُ النَّهَارِ. وَالْغَائِرَةُ: الْقَائِلَةُ. وغَوَّر الْقَوْمُ تَغْويراً: دَخَلُوا فِي الْقَائِلَةِ. وَقَالُوا: وغَوَّروا نَزَلُوا فِي الْقَائِلَةِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ الْكِلَابَ وَالثَّوْرَ:

وغَوَّرْنَ فِي ظِلِّ الْغَضَا، وتَرَكْنَه

كقَرْم الهِجان الفادِرِ المُتَشَمِّس

وغَوَّروا: سَارُوا فِي الْقَائِلَةِ. وَالتَّغْوِيرُ: نَوْمُ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَيُقَالُ: غَوِّروا بِنَا فَقَدَ أَرْمَضْتُمونا أَي انْزِلُوا وَقْتَ الْهَاجِرَةِ حَتَّى تَبْرُد ثُمَّ تَرَوّحوا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: التَّغْوِيرُ أَن يَسِيرَ الرَّاكِبُ إِلَى الزَّوَالِ ثُمَّ يَنْزِلَ. ابْنُ الأَعرابي: المُغَوِّر النَّازِلُ نِصْفَ النَّهَارِ هُنَيْهة ثُمَّ يَرْحَلُ. ابْنُ بُزُرْجَ: غَوَّر النَّهَارُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ. وَفِي حَدِيثِ

السَّائِبِ: لَمَّا وَرَدَ عَلَى عُمَرَ، رضي الله عنه، بِفَتْحِ نَهاوَنْدَ قَالَ: وَيْحَك ما وراءك؟ فو الله مَا بِتُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ إِلَّا تَغْوِيراً

؛ يُرِيدُ النَّوْمَةَ الْقَلِيلَةَ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ الْقَائِلَةِ. يُقَالُ: غَوَّر الْقَوْمُ إِذَا قَالُوا، وَمَنْ رَوَاهُ تَغْرِيراً جَعَلَهُ مِنَ الغِرار، وَهُوَ النَّوْمُ الْقَلِيلُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الإِفْك:

فأَتينا الْجَيْشَ مُغَوِّرِين

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي روايةٍ، أَي وَقَدْ نَزَلُوا لِلْقَائِلَةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: التَّغْوِير يَكُونُ نُزولًا لِلْقَائِلَةِ وَيَكُونُ سَيْرًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ والحجةُ لِلنُّزُولِ قولُ الرَّاعِي:

ونحْن إِلَى دُفُوفِ مُغَوِّراتٍ،

يَقِسْنَ عَلَى الحَصى نُطَفاً لَقِينَا

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي التَّغْوير فَجَعَلَهُ سَيْرًا:

بَرَاهُنَّ تَغْوِيري، إِذَا الآلُ أَرْفَلَتْ

بِهِ الشمسُ أَزْرَ الحَزْوَراتِ العَوانِكِ

وَرَوَاهُ أَبو عَمْرٍو: أَرْقَلَت، وَمَعْنَاهُ حَرَّكَتْ. وأَرفلَت: بَلَغَتْ بِهِ الشَّمْسُ أَوساط الحَزْوَراتِ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

نَزَلْنَا وَقَدْ غَارَ النهارُ، وأَوْقَدَتْ،

عَلَيْنَا حَصَى المَعزاءِ، شمسٌ تَنالُها

أَي مِنْ قُرْبِهَا كأَنك تَنَالُهَا. ابْنُ الأَعرابي: الغَوْرَة هِيَ الشَّمْسُ. وَقَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ لِبِنْتٍ لَهَا: هِيَ تَشْفِينِي مِنَ الصَّوْرَة، وَتَسْتُرُنِي مِنَ الغَوْرة؛ والصَّوْرة: الْحَكَّةُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ غارَتِ الشَّمْسُ غِياراً؛ وأَنشد:

فلمَّا أَجَنَّ الشَّمْسَ عَنِي غيارُها

ص: 37

والإِغارَة: شِدَّةُ الفَتْل. وَحَبْلٌ مُغارٌ: مُحْكَمُ الفَتْل، وَشَدِيدُ الغَارَةِ أَي شَدِيدُ الْفَتْلِ. وأَغَرْتُ الحبلَ أَي فَتَلْتُهُ، فَهُوَ مُغارٌ؛ وَمَا أَشد غارَتَه والإِغارَةُ مَصْدَرٌ حَقِيقِيٌّ، والغَارَة اسْمٌ يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ؛ وَمِثْلُهُ أَغَرْتُ الشَّيْءَ إِغارَةً وغارَة وأَطعت اللَّهَ إِطاعةً وَطَاعَةً. وَفَرَسٌ مُغارٌ: شَدِيدُ الْمَفَاصِلِ. واسْتَغار فِيهِ الشَّحْم: اسْتَطَارَ وَسَمِنَ. واسْتغارت الجَرْحَةُ والقَرْحَةُ: تورَّمت؛ وأَنشد لِلرَّاعِي:

رَعَتْهُ أَشهراً وحَلا عَلَيْهَا،

فطارَ النِّيُّ فِيهَا واسْتَغارا

وَيُرْوَى: فَسَارَ النِّيُّ فِيهَا أَي ارْتَفَعَ، وَاسْتَغَارَ أَي هَبَطَ؛ وَهَذَا كَمَا يُقَالُ:

تَصَوَّبَ الحسنُ عَلَيْهَا وارْتَقَى

قَالَ الأَزهري: مَعْنَى اسْتَغار فِي بَيْتِ الرَّاعِي هَذَا أَي اشْتَدَّ وصَلُب، يَعْنِي شَحْمَ النَّاقَةِ وَلَحَمَهَا إِذَا اكْتَنَز، كَمَا يَسْتَغير الحبلُ إِذَا أُغِيرَ أَي شدَّ فَتْلُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اسْتَغار شَحْمُ الْبَعِيرِ إِذا دَخَلَ جَوْفَهُ، قَالَ: وَالْقَوْلُ الأَول. الْجَوْهَرِيُّ: اسْتغار أَيْ سَمِنَ وَدَخَلَ فِيهِ الشحمُ. ومُغِيرة: اسْمٌ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: مِغِيرَةُ، فَلَيْسَ اتباعُه لأَجل حَرْفِ الْحَلْقِ كشِعِيرٍ وبِعِيرٍ؛ إِنما هُوَ مِنْ بَابِ مِنْتِن، وَمِنْ قَوْلِهِمْ: أَنا أُخْؤُوك وابنؤُوك والقُرُفُصاء والسُّلُطان وَهُوَ مُنْحُدُر مِنَ الْجَبَلِ. وَالْمُغِيرِيَّةُ: صِنْفٌ مِنَ السَّبَائِيَّةِ نُسِبُوا إِلَى مُغِيرَةَ بْنِ سَعِيدٍ مَوْلَى بَجِيلَةَ. وَالْغَارُ: لُغَةٌ فِي الغَيْرَة؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يُشَّبِهُ غَلَيان الْقُدُورِ بِصَخَبِ الضَّرَائِرِ:

لَهُنّ نَشِيجٌ بالنَّشِيل كأَنها

ضَرائر حِرْميٍّ، تَفَاحشَ غارُها

قَوْلُهُ لَهُنَّ، هُوَ ضَمِيرُ قُدورٍ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. ونَشِيجٌ غَلَيانٌ أَي تَنْشِج بِاللَّحْمِ. وحِرْميّ: يَعْنِي مِنْ أَهل الحَرَم؛ شَبَّهَ غَلَيَانَ القُدُور وارتفاعَ صَوْتِهَا باصْطِخاب الضَّرَائِرِ، وَإِنَّمَا نَسَبَهُنَّ إِلَى الحَرم لأَن أَهل الحَرم أَول مَنِ اتَّخَذَ الضَّرَائِرَ. وأَغار فلانٌ أَهلَه أَي تَزَوَّجَ عَلَيْهَا؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي. وَيُقَالُ: فُلَانٌ شَدِيدُ الغَارِ عَلَى أَهله، مِنَ الغَيْرَة. وَيُقَالُ: أَغار الحبْلَ إِغَارَةً وغارَة إِذَا شدَّ فَتْله. والغارُ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، والغَوْرة والغوَيْر: مَاءٌ لِكَلْبٍ فِي نَاحِيَةِ السَّماوَة مَعْروف. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أُتِيَ عُمَرُ بمَنْبُوذٍ؛ فَقَالَ:

عَسَى الغُوَيْر أَبْؤُسَا

أَي عَسَى الرِّيبَةُ مِنْ قَبَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ. قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ أَن عُمَرَ اتَّهَمَه أَن يَكُونَ صَاحِبَ المَنْبوذ حَتَّى أَثْنَى عَلَى الرجُل عَرِيفُهُ خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ حينئذٍ: هُوَ حُرٌّ وَوَلاؤه لَكَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كأَنه أَراد عَسَى الغُوَيْر أَن يُحْدِث أَبؤُساً وأَن يأْتي بأَبؤُس؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

قَالُوا: أَساءَ بَنُو كُرْزٍ، فقلتُ لَهُمْ:

عَسَى الغُوَيْرُ بِإِبْآسٍ وإِغْوارِ

وَقِيلَ: إِن الغُوَير تَصْغِيرُ غارٍ. وَفِي الْمَثَلِ: عَسَى الغُوَيْر أَبؤُسا؛ قَالَ الأَصمعي: وأَصله أَنه كَانَ غارٌ فِيهِ نَاسٌ فانهارَ عَلَيْهِمْ أَو أَتاهم فِيهِ عَدُوٌّ فَقَتَلُوهُمْ فِيهِ، فَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ شيءٍ يُخاف أَن يأْتي مِنْهُ شَرٌّ ثُمَّ صغِّر الغارُ فَقِيلَ غُوَير؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَخبرني الْكَلْبِيُّ بِغَيْرِ هَذَا، زَعَمَ أَن الغُوَيْر مَاءٌ لِكَلْبٍ مَعْرُوفٌ بِنَاحِيَةِ السَّماوَة، وَهَذَا الْمَثَلُ إِنما تكلَّمت بِهِ الزِّباء لَمَّا وجَّهَت قَصِيراً اللَّخْمِيَّ بالعِير إِلَى العِراق ليَحْمل لَهَا مِنْ بَزِّه، وَكَانَ قَصِير يطلُبها بثأْر جذِيمَة الأَبْرَش فحمَّل الأَجْمال صناديقَ فِيهَا الرجالُ وَالسِّلَاحُ، ثُمَّ

ص: 38

عدَل عَنِ الجادَّة المأْلوفة وتَنَكَّب بالأَجْمال الطَّريقَ المَنْهَج، وأَخذ عَلَى الغُوَيْر فأَحسَّت الشرَّ وَقَالَتْ: عَسَى الغُوَيْر أَبؤُسا، جَمْعُ بأْس، أَي عَساه أَن يأْتي بالبأْس والشرِّ، وَمَعْنَى عَسَى هَاهُنَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي المَنْبُوذ الَّذِي قَالَ لَهُ عُمَرُ: عَسَى الغُوَيْر أَبؤُسا، قَالَ: هَذَا مثَل قَدِيمٌ يُقَالُ عِنْدَ التُّهَمة، والغُوَيْر تَصْغِيرُ غَارٍ، وَمَعْنَى المثَل: رُبَّمَا جَاءَ الشَّرُّ مِنْ مَعْدن الْخَيْرِ، وأَراد عُمَرُ بالمثَل لعلَّك زَنَيت بأُمِّه وَادَّعَيْتَهُ لَقِيطاً، فَشَهِدَ لَهُ جَمَاعَةٌ بالسَّتْر فَتَرَكَهُ. وَفِي حَدِيثِ

يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عليهما السلام: فَسَاحَ ولَزِم أَطراف الأَرض وغِيرانَ الشِّعاب

؛ الغِيران جَمْعُ غارٍ وَهُوَ الكَهْف، وَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ الْغَيْنِ. وأَما مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَهاهنا غُرْت

، فَمَعْنَاهُ إِلى هَذَا ذَهَبْتَ، واللَّه أَعلم.

غير: التَّهْذِيبُ: غَيْرٌ مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي، تَكُونُ نَعْتًا وَتَكُونُ بِمَعْنَى لَا، وَلَهُ بَابٌ عَلَى حِدَة. وَقَوْلُهُ: مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ؛ الْمَعْنَى مَا لَكَمَ غَيْرُ مُتَناصرين. وَقَوْلُهُمْ: لَا إِلَه غيرُك، مَرْفُوعٌ عَلَى خَبَرِ التَّبْرِئة، قَالَ: وَيَجُوزُ لَا إِله غيرَك بِالنَّصْبِ أَي لَا إِله إِلَّا أَنت، قَالَ: وكلَّما أَحللت غَيْرًا مَحَلَّ إِلا نَصَبْتَهَا، وأَجاز الْفَرَّاءُ: مَا جَاءَنِي غيرُك عَلَى مَعْنَى مَا جَاءَنِي إِلا أَنت؛ وأَنشد:

لَا عَيْبَ فِيهَا غيرُ شُهْلَة عَيْنِها

وَقِيلَ: غَيْرٌ بِمَعْنَى سِوَى، وَالْجَمْعُ أَغيار، وَهِيَ كَلِمَةٌ يُوصَفُ بِهَا وَيُسْتَثْنَى، فإِن وَصَفْتَ بِهَا أَتبعتها إِعراب مَا قَبْلَهَا، وإِن اسْتَثْنَيْتَ بِهَا أَعربتها بالإِعراب الَّذِي يَجِبُ لِلِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إِلا، وَذَلِكَ أَن أَصل غَيْرَ صِفَةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ عَارِضٌ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: بَعْضُ بَنِي أَسد وقُضاعة يَنْصِبُونَ غَيْرًا إِذا كَانَ فِي مَعْنَى إِلَّا، تمَّ الْكَلَامُ قَبْلَهَا أَو لَمْ يَتِمَّ، يَقُولُونَ: مَا جَاءَنِي غيرَك وَمَا جَاءَنِي أَحد غيرَك، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى لَا فَتَنْصِبُهَا عَلَى الْحَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ*

، كأَنه تَعَالَى قَالَ: فمنِ اضْطُرَّ خَائِفًا لَا بَاغِيًا. وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ

، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ

. التَّهْذِيبُ: غَيْرٌ تَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِثْلُ قَوْلِكَ هَذَا دِرْهَمٌ غيرَ دَانَقٍ، مَعْنَاهُ إِلا دَانِقًا، وَتَكُونُ غَيْرٌ اسْمًا، تَقُولُ: مَرَرْتُ بِغَيْرِكَ وَهَذَا غَيْرُكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ

؛ خُفِضَتْ غَيْرٌ لأَنها نَعْتٌ لِلَّذِينِ جَازَ أَن تَكُونَ نَعْتًا لِمَعْرِفَةٍ لأَن الَّذِينَ غَيْرُ مَصْمود صَمْده وإِن كَانَ فِيهِ الأَلف وَاللَّامُ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: جَعَلَ الْفَرَّاءُ الأَلف وَاللَّامَ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ. وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ غيرٌ نَعْتًا للأَسماء الَّتِي فِي قَوْلِهِ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وَهِيَ غَيْرُ مَصْمود صَمْدها؛ قَالَ: وَهَذَا قول بعضهم والفراء يأْبى أَن يَكُونَ غَيْرٌ نعتاً إِلا للّذين لأَنها بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ، وَقَالَ الأَخفش: غَيْرٌ بَدل، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ مَا قَالَ وَمَعْنَاهُ التَّكْرِيرُ كأَنه أَراد صِرَاطَ غيرِ الْمَغْضُوبِ عَلِيهِمْ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى غَيْرٍ مَعْنَى لَا، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ: مَعْنَى غَيْرٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ

مَعْنَى لَا، وَلِذَلِكَ رُدّت عَلَيْهَا لَا كَمَا تَقُولُ: فُلَانٌ غَيْرُ محسِن وَلَا مُجْمِل، قَالَ: وإِذا كَانَ غَيْرٌ بِمَعْنَى سِوى لَمْ يَجُزْ أَن يُكَرَّرَ عَلَيْهَا، أَلا تَرَى أَنه لَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ عِنْدِي سِوَى عَبْدِ اللَّهِ وَلَا زيدٍ؟ قَالَ: وَقَدْ قَالَ مَنْ لَا يعرِف الْعَرَبِيَّةَ إِن مَعْنَى غَير هَاهُنَا بِمَعْنَى سِوَى وإِنّ لَا صِلَة؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ:

فِي بِئرِ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ

قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: مَن نصَب قَوْلَهُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ

فَهُوَ قطْع، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَن نصَب غَيْرًا، فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما الْحَالُ، وَالْآخَرُ الِاسْتِثْنَاءُ. الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ

ص: 39

فِي قَوْلِهِ عز وجل: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ

: بِمَعْنَى لَا، جَعَلَا مَعًا غَيْرَ بِمَعْنَى لَا، وَقَوْلُهُ عز وجل: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ

، غيرَ حَالٍّ هَذَا. قَالَ الأَزهري: وَيَكُونُ غيرٌ بِمَعْنَى لَيْسَ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ كلامُ اللَّهُ غيرُ مَخْلُوقٍ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ. وَقَوْلُهُ عز وجل: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ

؛ وَقُرِئَ: غَيْرِ اللَّهِ، فَمَنْ خَفَضَ ردَّه عَلَى خَالِقٍ، وَمَنْ رَفَعَهُ فَعَلَى الْمَعْنَى أَراد: هل خالقٌ؛ وقال الْفَرَّاءُ: وَجَائِزٌ هَلْ مِنْ خَالِقٍ «2» . غيرَ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ: مَا لَكُمْ مِنْ إِله غيرَه، هَلْ مِنْ خالقٍ إِلا اللَّهُ وَمَا لَكَمَ مِنْ إِله إِلا هُوَ، فَتُنْصَبُ غَيْرٌ إِذا كَانَتْ محلَّ إِلا. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ: لَا أَراني اللَّهُ بِكَ غِيَراً؛ الغِيَرُ: مِنْ تغيَّر الْحَالِ، وَهُوَ اسْمٌ بِمَنْزِلَةِ القِطَع والعنَب وَمَا أَشبههما، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعًا وَاحِدَتُهُ غِيرَةٌ؛ وأَنشد:

ومَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرْ

وتغيَّر الشيءُ عَنْ حَالِهِ: تَحَوَّلَ. وغَيَّرَه: حَوَّله وَبَدَّلَهُ كأَنه جَعَلَهُ غَيْرَ مَا كَانَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ

؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ حَتَّى يبدِّلوا مَا أَمرهم اللَّهُ. والغَيْرُ: الِاسْمُ مِنَ التغيُّر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد:

إِذْ أَنا مَغْلوب قليلُ الغَيْر

قَالَ: وَلَا يُقَالُ إِلا غَيَّرْت. وَذَهَبَ اللِّحْيَانِيُّ إِلى أَن الغَيْرَ لَيْسَ بِمَصْدَرٍ إِذ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ ثُلَاثِيٌّ غَيْرُ مَزِيدٍ. وغَيَّرَ عَلَيْهِ الأَمْرَ: حَوَّله. وتَغَايرتِ الأَشياء: اخْتَلَفَتْ. والمُغَيِّر: الَّذِي يُغَيِّر عَلَى بَعيره أَداتَه لِيُخَفِّفَ عَنْهُ ويُريحه؛ وَقَالَ الأَعشى:

واسْتُحِثَّ المُغَيِّرُونَ مِنَ القَوْمِ،

وَكَانَ النِّطافُ مَا فِي العَزَالي

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ غَيَّر فُلَانٌ عَنْ بَعِيرِهِ إِذا حَطّ عَنْهُ رَحْله وأَصلح مِنْ شأْنه؛ وَقَالَ القُطامي:

إِلا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ

وغِيَرُ الدهْرِ: أَحوالُه المتغيِّرة. وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

مَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَ الغِيَرَ

أَي تَغَيُّر الْحَالِ وانتقالَها مِنَ الصَّلَاحِ إِلى الْفَسَادِ. والغِيَرُ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ غَيَّرْت الشَّيْءَ فتغيَّر. وأَما مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَرِه تَغْيِير الشَّيْب

يَعْنِي نَتْفَه، فإِنّ تَغْيِيرَ لونِه قَدْ أُمِر بِهِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ. وغارَهُم اللَّهُ بِخَيْرٍ ومطَرٍ يَغِيرُهم غَيْراً وغِياراً ويَغُورهم: أَصابهم بمَطر وخِصْب، وَالِاسْمُ الغِيرة. وأَرض مَغِيرة، بِفَتْحِ الْمِيمِ، ومَغْيُورة أَي مَسْقِيَّة. يُقَالُ: اللَّهُمَّ غِرْنا بِخَيْرٍ وغُرْنا بِخَيْرٍ. وغارَ الغيثُ الأَرض يَغِيرها أَي سَقَاهَا. وغارَهُم اللَّهُ بِمَطَرٍ أَي سَقَاهُمْ، يَغِيرهم ويَغُورهم. وغارَنا اللَّهُ بِخَيْرٍ: كَقَوْلِكَ أَعطانا خَيْرًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وَمَا حُمِّلَ البُخْتِيُّ عَامَ غِيَارهِ،

عَلَيْهِ الوُسُوقُ بُرُّها وشَعِيرُها

وغارَ الرجلَ يَغُورُه ويَغِيره غَيْراً: نَفَعَهُ؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ «3» . بْنُ رَبْعَيٍّ الهُذَلي:

مَاذَا يَغير ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهُما

لَا تَرْقُدانِ، وَلَا بُؤْسَى لِمَنْ رَقَدَا

يَقُولُ: لَا يُغني بُكاؤهما عَلَى أَبيهما مِنْ طَلَبِ ثأْرِه شَيْئًا. والغِيرة، بِالْكَسْرِ، والغِيارُ: المِيرة. وَقَدْ غارَهم يَغِيرهم وغارَ لَهُمْ غِياراً أَي مارَهُم ونفعهم؛

(2). قوله [هل من خالق إلخ] هكذا في الأَصل ولعل أصل العبارة بمعنى هل من خالق إلخ

(3)

. قوله [عبد مناف] هكذا في الأَصل، والذي في الصحاح: عبد الرحمن

ص: 40

قَالَ مَالِكِ بْنِ زُغْبة الباهِليّ يصِف امرأَة قَدْ كبِرت وَشَابَ رأْسها تؤمِّل بَنِيهَا أَن يأْتوها بِالْغَنِيمَةِ وَقَدْ قُتِلوا:

ونَهْدِيَّةٍ شَمْطاءَ أَو حارِثِيَّةٍ،

تُؤَمِّل نَهْباً مِنْ بَنِيها يَغِيرُها

أَي يأْتِيها بالغَنيمة فَقَدْ قُتِلوا؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَغفال:

مَا زِلْتُ فِي مَنْكَظَةٍ وسَيْرِ

لِصِبْيَةٍ أَغِيرُهم بِغَيْرِ

قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد أَغِيرُهم بِغَيرٍ، فغيَّر لِلْقَافِيَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ غَيْر مَصْدَرَ غارَهُم إِذا مارَهُم. وَذَهَبَ فُلَانٌ يَغيرُ أَهله أَي يَمِيرهم. وغارَه يَغِيره غَيْراً: وَداهُ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: غارَني الرَّجُلُ يَغُورُني ويَغيرُني إِذا وَداك، مِنَ الدِّيَة. وغارَه مِنْ أَخيه يَغِيره ويَغُوره غَيْراً: أَعطاه الدِّيَةَ، وَالِاسْمُ مِنْهَا الغِيرة، بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ غِيَر؛ وَقِيلَ: الغِيَرُ اسْمُ وَاحِدٍ مذكَّر، وَالْجَمْعُ أَغْيار. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِرَجُلٍ طلَب القَوَد بِوَليٍّ لَهُ قُتِلَ: أَلا تَقْبَل الغِيَر؟

وَفِي رِوَايَةٍ

أَلا الغِيَرَ تُرِيدُ؟

الغِيَرُ: الدِّيَةُ، وَجَمْعُهُ أَغْيار مِثْلُ ضِلَع وأَضْلاع. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الغِيَرُ جَمْعُ غِيرةٍ وَهِيَ الدِّيَةُ؛ قَالَ بَعْضُ بَنِي عُذْرة:

لَنَجْدَعَنَّ بأَيدِينا أُنُوفَكُمُ،

بَنِي أُمَيْمَةَ، إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا الغِيَرَا «1»

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنه وَاحِدٌ وَجَمْعُهُ أَغْيار. وغَيَّرَه إِذا أَعطاه الدِّيَةَ، وأَصلها مِنَ المُغايَرة وَهِيَ المُبادَلة لأَنها بدَل مِنَ الْقَتْلِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وإِنما سَمَّى الدِّية غِيَراً فِيمَا أَرى لأَنه كَانَ يَجِبُ القَوَد فغُيّر القَوَد دِيَةً، فَسُمِّيَتِ الدِّيَةُ غِيَراً، وأَصله مِنَ التَّغْيير؛ وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: سُمِّيَتِ الدِّيَةُ غِيَراً لأَنها غُيِّرت عَنِ القَوَد إِلى غَيْرِهِ؛ رَوَاهُ ابْنُ السكِّيت فِي الْوَاوِ وَالْيَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

مُحَلِّم «2» . بْنِ جثَّامة: إِنِّي لَمْ أَجد لِمَا فعَل هَذَا فِي غُرَّة الإِسلام مَثَلًا إِلا غَنَماً وردَتْ فَرُمِيَ أَوَّلُها فنَفَرَ آخرُها: اسْنُن اليومَ وغَيِّر غَدًا

؛ مَعْنَاهُ أَن مثَل مُحَلِّمٍ فِي قتْله الرجلَ وطلَبِه أَن لَا يُقْتَصَّ مِنْهُ وتُؤخذَ مِنْهُ الدِّية، والوقتُ أَول الإِسلام وصدرُه، كمَثل هَذِهِ الغَنَم النافِرة؛ يَعْنِي إِنْ جَرى الأَمر مَعَ أَوْلِياء هَذَا الْقَتِيلِ عَلَى مَا يُريد مُحَلِّم ثَبَّطَ الناسَ عَنِ الدُّخُولِ فِي الإِسلام معرفتُهم أَن القَوَد يُغَيَّر بالدِّية، وَالْعَرَبُ خُصُوصًا، وهمُ الحُرَّاص عَلَى دَرْك الأَوْتار، وَفِيهِمُ الأَنَفَة مِنْ قَبُولِ الدِّيَاتِ، ثُمَّ حَثَّ رسولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى الإِقادة مِنْهُ بِقَوْلِهِ: اسْنُن الْيَوْمَ وغَيِّرْ غَدًا؛ يُرِيدُ: إِنْ لَمْ تقتَصَّ مِنْهُ غَيَّرْت سُنَّتَك، ولكنَّه أَخرج الْكَلَامَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُهَيّج المخاطَب ويحثُّه عَلَى الإِقْدام والجُرْأَة عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ لِعُمَرَ، رضي الله عنهما، فِي رَجُلٍ قَتَلَ امرأَة وَلَهَا أَولياء فعَفَا بَعْضُهُمْ وأَراد عُمَرُ، رضي الله عنه، أَن يُقِيدَ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ، فَقَالَ لَهُ: لَوْ غَيَّرت بِالدِّيَةِ كَانَ فِي ذَلِكَ وفاءٌ لِهَذَا الَّذِي لَمْ يَعْفُ وكنتَ قَدْ أَتممت لِلْعافي عَفْوَه، فَقَالَ عُمَرُ، رضي الله عنه: كَنِيفٌ مُلئ عِلْماً

؛ الْجَوْهَرِيُّ: الغِيَرُ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ غَيَّرت الشَّيْءَ فتَغَيَّر. والغَيْرة، بِالْفَتْحِ، الْمَصْدَرُ مِنْ قَوْلِكَ غَارَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَغَارَ الرَّجُلُ عَلَى امرأَته، والمرأَة عَلَى بَعْلها تَغار غَيْرة وغَيْراً

(1). قوله [بني أميمة] هكذا في الأصل والأَساس، والذي في الصحاح: بني أمية.

(2)

. قوله [وفي حديث محلم] أي حين قتل رجلًا فأبى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ أَنَّ يقبل الدية، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ليث فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لم أجد إلخ. انتهى. من هامش النهاية

ص: 41