الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَغَارًا وغِياراً؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يصِف قُدوراً:
لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّشِيلِ كأَنَّها
…
ضَرائِرُ حِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها
وَقَالَ الأَعشى:
لاحَهُ الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفاقٌ
…
عَلَى سَقْبَةٍ، كقَوْسِ الضَّالِ
وَرَجُلٌ غَيْران، وَالْجَمْعُ غَيارَى وغُيَارَى، وغَيُور، وَالْجَمْعُ غُيُرٌ، صحَّت الْيَاءُ لِخِفَّتِهَا عَلَيْهِمْ وأَنهم لَا يَسْتَثْقِلُونَ الضَّمَّةَ عَلَيْهَا اسْتِثْقَالَهُمْ لَهَا عَلَى الْوَاوِ، وَمَنْ قَالَ رُسْل قَالَ غُيْرٌ، وامرأَة غَيْرَى وغَيُور، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: امرأَة غَيُور وَنِسْوَةٌ غُيُرٌ وامرأَة غَيْرَى وَنِسْوَةٌ غَيارَى؛ وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ، رضي الله عنها: إِنَّ لِي بِنْتاً وأَنا غَيُور
، هُوَ فَعُول مِنَ الغَيْرة وَهِيَ الحَمِيّة والأَنَفَة. يُقَالُ: رَجُلٌ غَيور وامرأَة غَيُور بِلَا هَاءٍ لأَنّ فَعُولًا يشترِك فِيهِ الذَّكَرُ والأُنثى. وَفِي رِوَايَةٍ: امرأَة غَيْرَى؛ هِيَ فَعْلى مِنَ الغَيْرة. والمِغْيارُ: الشَّدِيدُ الغَيْرة؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
شُمُسٌ موانِعُ كُلِّ لَيْلَةِ حُرَّةٍ،
…
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
وَرَجُلٌ مِغْيار أَيضاً وَقَوْمٌ مَغايِير. وَفُلَانٌ لَا يَتَغَيَّر عَلَى أَهله أَي لَا يَغار وأَغارَ أَهلَه: تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَغَارَتْ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَغْيَرُ مِنَ الحُمَّى أَي أَنها تُلازِم الْمَحْمُومَ مُلازَمَةَ الغَيُور لبعْلها. وغايَرَه مُغايَرة: عَارَضَهُ بِالْبَيْعِ وبادَلَه. والغِيارُ: البِدالُ؛ قَالَ الأَعشى:
فَلَا تَحْسَبَنّي لكمْ كافِراً،
…
وَلَا تَحْسبَنّي أُرِيدُ الغِيارَا
تَقُولُ للزَّوْج: فَلَا تحسَبَنّي كَافِرًا لِنعْمتك وَلَا مِمَّن يُرِيدُ بِهَا تَغْيِيراً. وَقَوْلُهُمْ: نَزَلَ الْقَوْمُ يُغَيِّرون أَي يُصْلِحون الرِّحَالَ. وبَنُو غِيَرة: حيّ.
فصل الفاء
فأر: الفَأْرُ، مَهْمُوزٌ: جَمْعُ فَأْرَةٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الفَأْر مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ فِئْرانٌ وفِئَرَةٌ، والأُنثى فَأْرَةٌ، وَقِيلَ: الفَأْرُ لِلذَّكَرِ والأُنثى كَمَا قَالُوا لِلذِّكْرِ والأُنثى مِنَ الْحَمَامِ: حَمامة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِذَكَرِ الفَأْرِ الفُؤْرور «3» . والعَضَل، وَيُقَالُ للحمِ المَتْنِ فَأْرُ المَتْنِ ويَرابيعُ المَتْنِ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ رَجُلًا:
كأَنَّ جَحْمَ حَجَرٍ إِلى حَجَرْ
…
نِيطَ بمَتْنَيْه مِنَ الفَأْرِ الفُؤَرْ
وفي الحديث:
خَمْس فَواسِق يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ والحَرَم، مِنْهَا الفَأْرة
، هِيَ مَهْمُوزَةٌ وَقَدْ يُتْرَكُ هَمْزُهَا تَخْفِيفًا. وأرضٌ فَئِرَةٌ، عَلَى فَعِلة، ومَفْأَرة: مِنَ الفِئْران، وجَرِذةٌ: مِنَ الجُرَذ. وَلَبَنٌ فَئِر: وَقَعَتْ فِيهِ الفَأْرةُ. وفَأَرَ الرجلُ: حَفَرَ حفرَ الفَأْرِ، وَقِيلَ: فَأَرَ حَفَرَ وَدَفَنَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِنّ صُبَيْحَ ابنَ الزِّنا قَدْ فَأَرَا
…
فِي الرَّضم، لَا يَتْرُكُ منهُ حَجَرَا
وَرُبَّمَا سُمِّي الْمِسْكُ فَأْراً لأَنه مِنَ الفَأْرِ، يكونُ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وفَأْرَةُ المِسْكِ: نافِجَتُهُ. قال عمرو ابن بَحْرٍ: سأَلت رَجُلًا عَطّاراً مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ عَنْ فَأْرَةِ المسكِ، فَقَالَ: لَيْسَ بالفَأْرة وَهُوَ بالخِشْفِ أَشبه، ثُمَّ قَالَ: فأْرة الْمِسْكِ تَكُونُ بِنَاحِيَةِ تُبَّت يَصِيدُهَا الصَّيَّادُ فَيَعْصِبُ سُرَّتها بِعِصَابٍ شَدِيدٍ وَسُرَّتُهَا مُدَلّاة فَيَجْتَمِعُ فِيهَا دَمُهَا ثُمَّ تُذْبَحُ، فإِذا سكنت قَوَّر السرة
(3). قوله [الفؤرور] كذا هو بالأَصل والذي نقله شارح القاموس عن ابن الأَعرابي الفُؤَر كصُرَد واستشهد عليه بالبيت الآتي
المُعَصَّرة ثُمَّ دَفَنَهَا فِي الشَّعِيرِ حَتَّى يَسْتَحِيلَ الدَّمُ الجامد مسكاً ذكيّاً بعد ما كَانَ دَمًا لَا يُرام نَتْناً، قَالَ: وَلَوْلَا أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَدْ تطيَّب بِالْمِسْكِ مَا تَطَيَّبْتُ بِهِ. قَالَ: وَيَقَعُ اسْمُ الفَأْر عَلَى فَأْرَة التَّيْس وفَأْرَة الْبَيْتِ وفَأْرَة المِسْك وفَأْرَة الإِبل؛ قَالَ: وفَأْرَةُ الإِبل أَنْ تُفوح مِنْهَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، وَذَلِكَ إِذا رَعَتِ الْعُشْبَ وَزَهْرَهُ ثُمَّ شَرِبَتْ وَصَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ نَدِيَتْ جُلُودُهَا فَفَاحَتْ مِنْهَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَيُقَالُ لِتِلْكَ فأْرة الإِبل؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبلًا:
لَهَا فَأْرَة ذَفْراء كلَّ عشيةٍ،
…
كَمَا فَتَقَ الكافورَ بِالْمِسْكِ فاتِقُهْ
وَعُقَيْلٌ تَهْمِزُ الفأْرة والجُؤْنة والمُؤْسى والحُؤْت. وَمَكَانٌ فَئِرٌ: كَثِيرُ الفَأْر. وأَرضٌ مَفْأَرَةٌ: ذَاتُ فَأْرٍ. والفَأْرة والفُؤْرة، تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ: رِيحٌ تَكُونُ فِي رُسْغ الْبَعِيرِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: فِي رُسْغِ الدَّابَّةِ تَنْفَشُّ إِذا مُسِحت، وتَجْتمع إِذا تُرِكت. والفِئْرةُ والفُؤَارةُ، كِلَاهُمَا: حُلْبة وَتَمْرٌ يُطْبَخُ وَتُسْقَاهُ النُّفَساء؛ التَّهْذِيبُ: والفِئْرةُ حُلْبَةٌ تُطْبَخُ حَتَّى إِذا قَارَبَ فَوَرانها أُلقيت فِي مِعْصَر فصُفِّيت ثُمَّ يُلْقى عَلَيْهَا تَمْرٌ ثُمَّ تَتَحَسَّاها المرأَة النُّفَسَاءُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هِيَ الفِئْرَةُ والفَئِيرةُ والفَرِيقةُ. والفَأْرُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ. ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فَارَانَ، هُوَ اسْمٌ عَبْرَانِيٌّ لِجِبَالِ مَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ، لَهُ ذِكْرٌ فِي أَعلام النُّبُوَّةِ، قَالَ: وأَلفه الأُولى ليست همزة.
فتر: الفَتْرَةُ: الِانْكِسَارُ وَالضَّعْفُ. وفَتَر الشيءُ وَالْحَرُّ وَفُلَانٌ يَفْتُر ويَفْتِر فُتُوراً وفُتاراً: سَكَنَ بَعْدَ حِدَّةٍ ولانَ بَعْدَ شِدَّةٍ؛ وفَتَّره اللَّهُ تَفْتِيراً وفَتَّر هُوَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ:
أُخِيلُ بَرْقاً مَتَى حابٍ لَهُ زَجَلٌ،
…
إِذا يُفَتِّرُ مِنْ تَوْماضِه حَلَجَا
يُرِيدُ مِنْ سَحَابٍ «1» حَابٍ. وَالزَّجَلُ: صَوْتُ الرَّعْدِ؛ وَقَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ غَيْثًا:
تَأَمَّلْ خَليلي، هَلْ تَرَى ضَوْءَ بارِقٍ
…
يَمانٍ، مَرَتْه ريحُ نَجْدٍ فَفَتَّرا؟
قَالَ حَمَّادٌ الرواية: فتَّر أَي أَقام وَسَكَنَ. وَقَالَ الأَصمعي: فَتَّر مَطَر وفَرغ ماؤُه وكَفَّ وَتَحَيَّرَ. والفَتَر: الضَّعْفُ. وفَتَر جسمُه يَفْتِرُ فُتوراً: لانَتْ مَفَاصِلُهُ وَضَعُفَ. وَيُقَالُ: أَجد فِي نَفْسِي فَتْرةً، وَهِيَ كالضَّعفة. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ: قَدْ عَلَتْه كَبْرة وعَرَتْه فَتْرَة. وأفْتَرَه الدَّاءُ: أَضعفه، وَكَذَلِكَ أَفْتَره السُّكْرُ. والفُتار: ابْتِدَاءُ النَّشْوة؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وأَنشد للأَخطل:
وتَجَرَّدَتْ بَعْدَ الهَدير، وصَرَّحَتْ
…
صَهْباء، تَرْمِي شَرْبَها بفُتارِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكر ومُفَتِّرٍ
؛ فَالْمُسْكِرُ الَّذِي يُزِيلُ الْعَقْلَ إِذا شُرب، والمُفَتِّر الَّذِي يُفَتِّر الْجَسَدَ إِذا شُرب أَي يُحْمِي الْجَسَدَ ويصيِّر فِيهِ فُتُوراً؛ فإِما أَن يَكُونَ أَفْتَره بِمَعْنَى فَتَّره أَي جَعَلَهُ فَاتِرًا، وإِما أَن يَكُونَ أَفْتَرَ الشرابُ إِذا فَتَرَ شاربُه كأَقْطَفَ إِذا قَطَفَتْ دابتُه. وماءٌ فاترٌ: بَيْنَ الْحَارِّ وَالْبَارِدِ. وفَتَرَ الماءُ: سَكَنَ حَرُّهُ. وَمَاءٌ فاتورٌ: فَاتِرٌ. وطَرْف فاتِرٌ: فيه
(1). قوله [يريد من سحاب] أي فمتى بمعنى من، ويحتمل أن تكون بِمَعْنَى وَسَطٍ، أَوْ بِمَعْنَى في كما ذكره في مادة ح ل ج وقال هناك ويروى خلجا
فُتور وسُجُوّ لَيْسَ بِحَادِّ النَّظَرِ. ابْنُ الأَعرابي: أَفْتَر الرجلُ، فَهُوَ مُفْتِرٌ إِذا ضَعُفَتْ جُفُونُهُ فَانْكَسَرَ طَرْفه. الْجَوْهَرِيُّ: طَرْف فَاتِرٌ إِذا لَمْ يَكُنْ حَدِيدًا. والفِتْر: مَا بَيْنَ طَرَفِ الإِبهام وَطَرَفِ المُشيرة. وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الإِبهام وَالسَّبَّابَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الفِتْرُ مَا بَيْنَ طَرَفِ السَّبَّابة والإِبهام إِذا فَتَحْتَهُمَا. وفَتَر الشيءَ: قَدَّرَهُ وَكَالَهُ بِفتْرِه، كشَبَره: كَالَهُ بِشبْره. والفَتْرَةُ: مَا بَيْنَ كُلِّ نَبِيَّيْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ: مَا بَيْنَ كُلِّ رَسُولَيْنِ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ، عز وجل، مَنْ الزَّمَانِ الَّذِي انْقَطَعَتْ فِيهِ الرِّسَالَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَتْرَةَ مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٌ، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه: أَنه مَرِضَ فَبَكَى فَقَالَ: إِنما أَبكي لأَنه أَصابني عَلَى حَالِ فَتْرة وَلَمْ يُصِبْنِي عَلَى حَالِ اجْتِهَادٍ
أَي فِي حَالِ سُكُونٍ وَتَقْلِيلٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالْمُجَاهَدَاتِ. وفَتْرٌ وفِتْرٌ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلَسٍ وَيُرْوَى للأَعشى:
أَصَرَمْتَ حَبْلَ الوَصْلِ من فَتْرِ،
…
وهَجَرْتَها ولَجَحْتَ فِي الهجرِ
وسَمِعْتَ حَلْفتها الَّتِي حَلَفَتْ،
…
إِن كَانَ سَمْعُك غَيْرَ ذِي وَقْر
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ عِنْدَ الرُّوَاةِ مِنْ فَتْرِ، بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنها قَدْ تُكْسَرُ وَلَكِنَّ الأَشهر فِيهَا الْفَتْحُ. وصرمتَ: قطعتَ. وَالْحَبْلُ: الْوَصْلُ. والوَقْر: الثِّقَلُ فِي الأُذن. يُقَالُ مِنْهُ: وَقِرَتْ أُذنُه تَوْقَرُ وَقْراً ووَقَرَتْ تَوْقِرُ أَيضاً، وَجَوَابُ إِن الشَّرْطِيَّةِ أَغنى عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ: إِن لَمْ يَكُنْ بِكَ صَمَمٌ فَقَدْ سَمِعْتَ حَلْفَتَهَا. أَبو زَيْدٍ: الفُتْر النَّبِيَّة، وَهُوَ الَّذِي يُعْمل مِنْ خُوص يُنخل عَلَيْهِ الدَّقِيقُ كالسُّفْرة.
فتكر: لَقِيتُ مِنْهُ الفِتَكْرِينَ والفُتَكْرِينَ، بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَالتَّاءُ مَفْتُوحَةٌ وَالنُّونُ لِلْجَمْعِ، أَي الدَّوَاهِيَ وَالشَّدَائِدَ، وَقِيلَ: هِيَ الأَمر العَجَب الْعَظِيمُ كأَن وَاحِدَ الفِتَكْرِينَ فِتَكْر، وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ إِلا أَنه مُقَدَّرٌ كَانَ سَبِيلُهُ أَن يَكُونَ الْوَاحِدُ فِتَكْرة، بالتأْنيث، كَمَا قَالُوا: دَاهِيَةً وَمُنْكَرَةً، فَلَمَّا لَمْ تَظْهَرِ الْهَاءُ فِي الْوَاحِدِ جَعَلُوا جَمْعَهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ عِوَضًا مِنَ الْهَاءِ الْمُقَدَّرَةِ، وَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى أَرض وأَرضين، وإِنما لَمْ يَسْتَعْمِلُوا فِي هَذِهِ الأَسماء الإِفراد فَيَقُولُوا: فِتَكْر وبِرَح وأَقْوَر، وَاقْتَصَرُوا فِيهِ عَلَى الْجَمْعِ دُونَ الإِفراد، مِنْ حَيْثُ كَانُوا يَصِفُونَ الدَّوَاهِيَ بِالْكَثْرَةِ وَالْعُمُومِ والاشتمال والغلبة.
فثر: الفَاثور، عِنْدَ الْعَامَّةِ: الطَّست أَو الخِوان يُتَّخَذُ مِنْ رُخامٍ أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:
إِذا انْجَلى فاثُور عَيْن الشَّمسِ
وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي الخِوان الَّذِي يُتَّخَذُ مِنَ الْفِضَّةِ:
ونَحْراً كفَاثُورِ اللُّجَيْنِ، يَزينُه
…
تَوَقُّدُ ياقوتٍ، وشَذْراً مُنَظَّما
وَمِثْلُهُ لِمَعْنِ بْنِ أَوس:
وَنَحْرًا، كَفَاثُورِ اللُّجَيْنِ، وَنَاهِدًا
…
وبَطْناً كغِمْدِ السَّيْفِ، لَمْ يَدْرِ مَا الحَمْلا
وَيُرْوَى: لَمْ يَعْرِفِ الحَمْلا. وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
وَتَكُونُ الأَرض كفَاثُور الْفِضَّةِ
؛ قَالَ: الْفَاثُورُ الخِوان، وَقِيلَ: طَسْتٌ أَو جامٌ مِنْ فِضَّةٍ أَو ذَهَبٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لقُرْص الشَّمْسِ فَاثُورُهَا؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ عِيدٍ فَاثُور عَلَيْهِ خبزُ السَّمْراءِ
أَي خِوان، وَقَدْ يشبَّه
الصَّدْرُ الْوَاسِعُ بِهِ فَيُسَمَّى فَاثُورًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَهَا جِيدُ ريمٍ فَوْقَ فاثُور فِضَّةٍ،
…
وفَوقَ مَناطِ الكَرْمِ وَجْهٌ مُصَوَّر
وعمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ جَمِيعَ الأَخْونَة، وَخَصَّ التَّهْذِيبَ بِهِ أَهل الشَّامِ فَقَالَ: وأَهل الشَّامِ يَتَّخِذُونَ خِواناً مِنْ رُخام يُسَمُّونَهُ الْفَاثُورَ، فأَقام فِي مَقَامٍ عَلِيٍّ «1»؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
حَقائِبُهُمْ راحٌ عَتيقٌ ودَرْمَكٌ،
…
ورَيْطٌ وفاثُورِيَّةٌ وسُلاسِل
قَالَ: الْفَاثُورِيَّةُ هُنَا أَخْوِنة وجَاماتٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَكُونُ الأَرض يَوْمَ الْقِيَامَةِ كفَاثورِ الفضةِ
؛ وَقِيلَ: إِنه خُوَانٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَقِيلَ: جامٌ مِنْ فِضَّةٍ. وَالْفَاثُورُ: المِصْحَاةُ وَهِيَ النَّاجُود والباطِيةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ فِي كَلَامٍ ذَكَرَهُ لِبَعْضِهِمْ: وأَهل الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ عَلَى فاثُورٍ وَاحِدٍ، كأَنه عَنى عَلَى بساط واحد. وابن سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: وَالْفَاثُورُ الجَفْنةُ، عِنْدَ رَبِيعَةَ. وَهُمْ عَلَى فَاثُورٍ وَاحِدٍ أَي بُسُطٍ وَاحِدَةٍ وَمَائِدَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ قَالَ: وَالْكَلِمَةُ لأَهل الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ. وَفَاثُورٌ: مَوْضِعٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بَيْنَ فاثُورٍ أُفاقٍ فالدَّحَلْ «2» .
فجر: الفَجْر: ضَوْءُ الصَّبَاحِ وَهُوَ حُمْرة الشَّمْسِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ، وَهُمَا فَجْرانِ: أَحدهما المُسْتطيل وَهُوَ الْكَاذِبُ الَّذِي يُسَمَّى ذَنَبَ السِّرْحان، وَالْآخَرُ المُسْتطير وَهُوَ الصَّادِقُ المُنتَشِر فِي الأُفُقِ الَّذِي يُحَرِّم الأَكل وَالشُّرْبَ عَلَى الصَّائِمِ وَلَا يَكُونُ الصبحُ إِلا الصادقَ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَجْر فِي آخِرِ اللَّيْلِ كالشَّفَقِ فِي أَوله. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدِ انْفَجَر الصُّبْحُ وتَفَجَّر وانْفَجَر عَنْهُ الليلُ. وأَفْجَرُوا: دَخَلُوا فِي الفَجْر كَمَا تَقُولُ: أَصبحنا، مِنَ الصُّبْحِ؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ:
فَمَا أَفْجَرَتْ حَتَّى أَهَبَّ بسُدْفةٍ
…
عَلاجيمُ، عَيْنُ ابْنَيْ صُباحٍ تُثيرُها
وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: كُنْتُ أَحُلّ إِذا أَسحرْت، وأَرْحَلُ إِذا أَفْجَرْت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُعَرّسُ إِذا أَفْجَرْت، وأَرْتَحِل إِذا أَسْفَرْت
أَي أَنزل لِلنَّوْمِ وَالتَّعْرِيسِ إِذا قَرُبْتُ مِنَ الْفَجْرِ، وأَرتحل إِذا أَضاء. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَنت مُفْجِرٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلى أَن تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ: طريقٌ فَجْرٌ وَاضِحٌ: والفِجار: الطُّرُقُ مِثْلُ الفِجاج. ومُنْفَجَرُ الرَّمْلِ: طَرِيقٌ يَكُونُ فِيهِ. والفَجْر: تَفْجيرُكَ الْمَاءَ، والمَفْجَرُ: الْمَوْضِعُ يَنْفَجِرُ مِنْهُ. وانْفَجَر الماءُ والدمُ وَنَحْوُهُمَا مِنَ السَّيَّالِ وتَفَجَّرَ: انْبَعَثَ سَائِلًا. وفَجَرَه هُوَ يَفْجُره، بِالضَّمِّ، فَجْراً فانْفَجَرَ أَي بَجَسه فانْبَجَس. وفَجَّره: شُدّد لِلْكَثْرَةِ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: فَجَّرْت بِنَفْسِكَ
أَي نَسَبْتَهَا إِلى الفُجورِ كَمَا يُقَالُ فَسَّقْته وكَفَّرْته. والمَفْجَرةُ والفُجْرةُ، بِالضَّمِّ: مُنْفَجَر الْمَاءِ مِنَ الْحَوْضِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: مَوْضِعُ تَفَتُّح الْمَاءِ. وفَجْرَة الْوَادِي: مُتَّسعه الَّذِي يَنْفَجِرُ إِليه الْمَاءُ كثُجْرَته. والمَفْجَرة: أَرض تَطْمَئِنُّ فَتَنْفَجِرُ فِيهَا أَوْدِية. وأَفْجَرَ يَنْبُوعاً مِنْ مَاءٍ أَي أَخرجه. ومَفاجر الْوَادِي: مَرَافضه حَيْثُ يرفضُّ إِليه السَّيْلُ. وانْفَجَرَتْ عَلَيْهِمُ الدَّوَاهِي: أَتتهم مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَثِيرَةً بَغْتة؛ وانْفَجَر عَلَيْهِمُ القومُ، وَكُلُّهُ عَلَى التَّشْبِيهِ.
(1). قوله [فَأَقَامَ فِي مَقَامٍ عَلِيٍّ] هكذا في الأَصل
(2)
. قوله [بين فاثور إلخ] صدره:
ولدى النعمان مني موقف
والمُتَفَجِّر: فرس الحرث بْنِ وَعْلَةَ كأَنه يَتَفَجَّرُ بِالْعَرَقِ. والفَجَر: الْعَطَاءُ وَالْكَرَمُ وَالْجُودُ وَالْمَعْرُوفُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مَطاعيمُ للضَّيْفِ حِينَ الشِّتاءِ،
…
شُمُّ الأُنوفِ، كثِيرُ والفَجَرْ
وَقَدْ تَفَجَّرَ بالكَرم وانْفَجَرَ. أَبو عُبَيْدَةَ: الفَجَر الْجُودُ الْوَاسِعُ وَالْكَرَمُ، مِنَ التَّفَجُّرِ فِي الْخَيْرِ؛ قَالَ عَمْرِو بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ الأَنصاري يُخَاطِبُ مَالِكَ بْنَ الْعَجْلَانِ:
يَا مالِ، والسَّيِّدُ المُعَمَّمُ قَدْ
…
يُبْطِرُه، بَعْدَ رأْيهِ، السَّرَفُ
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا، وأَنت بِمَا
…
عِندك راضٍ، والرأْي مختلفُ
يَا مالِ، والحَقُّ إِن قَنِعْتَ بِهِ،
…
فالحقُّ فِيهِ لأَمرِنا نَصَفُ
خالفتَ فِي الرأْي كلَّ ذِي فَجَرٍ،
…
والحقُّ، يَا مالِ، غيرُ مَا تَصِفُ
إِنَّ بُجَيْراً مَوْلًى لِقَوْمِكُمُ،
…
والحَقُّ يُوفى بِهِ ويُعْتَرَفُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَبَيْتُ الِاسْتِشْهَادِ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
خالفتَ فِي الرأْي كلَّ ذِي فَجَرٍ،
…
والبَغْيُ، يَا مالِ، غيرُ مَا تَصفُ
قَالَ: وَصَوَابُ إِنشاده:
وَالْحَقُّ، يَا مَالِ، غَيْرُ مَا تَصِفُ
قَالَ: وَسَبَبُ هَذَا الشِّعْرِ أَنه كَانَ لِمَالِكِ بْنِ العَجْلان مَوْلى يُقَالُ لَهُ بُجَيْر، جَلَسَ مَعَ نَفَرٍ مِنَ الأَوْس مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَتَفَاخَرُوا، فَذَكَرَ بُجَيْر مَالِكَ بْنَ الْعَجْلَانِ وَفَضَّلَهُ عَلَى قَوْمِهِ، وَكَانَ سَيِّدَ الحيَّيْنِ فِي زَمَانِهِ، فَغَضِبَ جَمَاعَةٌ مِنْ كَلَامِ بُجير وَعَدَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَوس يُقَالُ لَهُ سُمَيْر بْنُ زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ أَحد بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَقَتَلَهُ، فَبَعَثَ مَالِكٌ إِلى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَن ابْعَثُوا إِليَّ بسُمَيْر حَتَّى أَقتله بَمَوْلايَ، وإِلا جَرَّ ذَلِكَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا، فَبَعَثُوا إِليه: إِنا نُعْطِيكَ الرِّضَا فَخُذْ مِنَّا عَقْله، فَقَالَ: لَا آخُذُ إِلا دِيَةَ الصَّريحِ، وَكَانَتْ دِيَةُ الصَّريح ضِعْفَ دِيَةِ المَوْلى، وَهِيَ عَشْرٌ مِنَ الإِبل، ودِيةُ الْمَوْلَى خَمْسٌ، فَقَالُوا لَهُ: إِن هَذَا مِنْكَ اسْتِذْلَالٌ لَنَا وبَغْيٌ عَلَيْنَا، فأَبى مَالِكٌ إِلا أَخْذَ دِيَةِ الصَّرِيحِ، فَوَقَعَتْ بَيْنَهُمُ الْحَرْبُ إِلى أَن اتَّفَقُوا عَلَى الرِّضَا بِمَا يَحْكُمُ بِهِ عَمْرِو بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ، فَحَكَمَ بأَن يُعْطى دِيَةَ الْمَوْلَى، فأَبى مَالِكٌ، ونَشِبَت الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ مُدَّةً عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: أَفْجَر الرجلُ إِذا جَاءَ بالفَجَرِ، وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ، وأَفْجَرَ إِذا كَذَبَ، وأَفْجَرَ إِذا عَصَى، وأَفْجَرَ إِذا كَفَرَ. والفَجَرُ: كَثْرَةُ الْمَالِ؛ قَالَ أَبو مِحْجن الثَّقَفِيُّ:
فَقَدْ أَجُودُ، وَمَا مَالي بِذِي فَجَرٍ،
…
وأَكْتُم السرَّ فِيهِ ضَرْبَةُ العُنُقِ
وَيُرْوَى: بِذِي فَنَعٍ، وَهُوَ الْكَثْرَةُ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والفَجَر: الْمَالُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والفَاجِرُ: الْكَثِيرُ المالِ، وَهُوَ عَلَى النَّسَبِ. وفَجَرَ الإِنسانُ يَفْجُرُ فَجْراً وفُجوراً: انْبَعَثَ فِي الْمَعَاصِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن التُّجَّار يُبْعثون يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّاراً إِلا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ
؛ الفُجَّار: جَمْعُ فاجِرٍ وَهُوَ المْنْبَعِث فِي الْمَعَاصِي وَالْمَحَارِمِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، فِي العُمْرة: كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشهر الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الفُجورِ
أَي مِنْ أَعظم الذُّنُوبِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَلَا تَخْنُوا عَلَيَّ وَلَا تَشِطُّوا
…
بقَوْل الفَجْرِ، إِنَّ الفَجْر حُوبُ
يُرْوَى: الفَجْر والفَخْر، فَمَنْ قَالَ الفَجْر فَمَعْنَاهُ الْكَذِبُ، وَمَنْ قَالَ الفَخر فَمَعْنَاهُ التَّزَيُّد فِي الْكَلَامِ. وفَجَرَ فُجُوراً أَي فَسَقَ. وفَجَر إِذا كَذَبَ، وأَصله الْمَيْلُ. والفاجرُ: الْمَائِلُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
قَتَلْتُم فَتًى لَا يَفْجُر اللهَ عَامِدًا،
…
وَلَا يَحْتَويه جارُه حِينَ يُمْحِلُ
أَي لَا يَفْجُر أَمرَ اللَّهِ أَي لَا يَمِيلُ عَنْهُ وَلَا يَتْرُكُهُ. الْهَوَازِنِيُّ: الافْتِجارُ فِي الْكَلَامِ اخْتِراقُه مِنْ غَيْرِ أَن تَسْمعه مِنْ أَحد فَتَتَعَلَّمَهُ؛ وأَنشد:
نازِعِ القومَ، إِذا نازَعْتَهُمْ،
…
بأَرِيبٍ أَو بِحَلَّافٍ أَبَلْ
يَفْجُرُ القولَ وَلَمْ يَسْمَعْ بِهِ،
…
وَهُوَ إِنْ قيلَ: اتَّقِ اللهَ، احْتَفَلْ
وفَجَرَ الرجلُ بالمرأَة يَفْجُر فُجوراً: زَنَا. وفَجَرَت المرأَة: زَنَتْ. وَرَجُلٌ فاجِرٌ مِنْ قَوْمٍ فُجَّارٍ وفَجَرَةٍ، وفَجورٌ مِنْ قَوْمٍ فُجُرٍ، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَقَوْلُهُ عز وجل: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ
؛ أَي يَقُولُ سَوْفَ أَتوب؛ وَيُقَالُ: يُكْثرُ الذنوبَ وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه يسوِّف بِالتَّوْبَةِ وَيُقَدِّمُ الأَعمال السَّيِّئَةَ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ، وَاللَّهُ أَعلم، ليَكْفُر بِمَا قُدَّامَهُ مِنَ الْبَعْثِ. وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: فَجَرَ إِذا رَكِبَ رأْسه فَمَضَى غَيْرَ مُكْتَرِثٍ. قَالَ: وَقَوْلُهُ لِيَفْجُرَ
، لِيَمْضِيَ أَمامه رَاكِبًا رأْسه. قَالَ: وفَجَرَ أَخطأَ فِي الْجَوَابِ، وفَجَرَ مِنْ مَرَضِهِ إِذا برأَ، وفَجَرَ إِذا كلَّ بصرُه. ابْنُ شُمَيْلٍ: الفُجورُ الرُّكُوبُ إِلى مَا لَا يَحِلُّ. وَحَلَفَ فُلَانٌ عَلَى فَجْرَةَ وَاشْتَمَلَ عَلَى فَجْرَةَ إِذا رَكِبَ أَمراً قَبِيحًا مِنْ يَمِينٍ كَاذِبَةٍ أَو زِناً أَو كَذِبٍ. قَالَ الأَزهري: فالفَجْرُ أَصله الشَّقُّ، وَمِنْهُ أُخِذَ فَجْرُ السِّكْرِ، وَهُوَ بَثْقُه، وَيُسَمَّى الفَجْرُ فَجْراً لانْفِجارِه، وَهُوَ انْصِدَاعُ الظُّلْمَةِ عَنْ نُورِ الصُّبْحِ. والفُجورُ: أَصله الْمَيْلُ عَنِ الْحَقِّ؛ قَالَ لَبِيدٌ يُخَاطِبُ عَمَّهُ أَبا مَالِكٍ:
فقلتُ: ازْدَجِرْ أَحْناءَ طَيْرِكَ، واعْلَمَنْ
…
بأَنك، إِنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ، عاثِرُ
فأَصْبَحْتَ أَنَّى تأْتِها تَبْتَئِسْ بِهَا،
…
كِلا مَرْكَبَيها، تحتَ رِجْلِكَ، شاجِرُ
فإِن تَتَقَدَّمْ تَغْشَ مِنْهَا مُقَدَّماً
…
غَلِيظًا، وإِن أَخَّرْتَ فالكِفْلُ فاجِرُ
يَقُولُ: مَقْعد الرَّدِيفِ مَائِلٌ. وَالشَّاجِرُ: الْمُخْتَلِفُ. وأَحْناءَ طَيرِك أَي جَوَانِبَ طَيْشِكَ. وَالْكَاذِبُ فاجرٌ وَالْمُكَذِّبُ فاجرٌ وَالْكَافِرُ فاجرٌ لِمَيْلِهِمْ عَنِ الصِّدْقِ وَالْقَصْدِ؛ وَقَوْلُ الأَعرابي لِعُمَرَ:
فَاغْفِرْ لَهُ، اللهمَّ، إِن كَانَ فَجَرْ
أَي مَالَ عَنِ الْحَقِّ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: لِيَفْجُرَ أَمامَهُ
: أَي ليُكَذِّبَ بِمَا أَمامه مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ. وَقَوْلُ النَّاسِ فِي الدُّعَاءِ: ونَخْلَع وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَنْ يَفْجُرُك مَنْ يَعْصِيكَ وَمَنْ يُخَالِفُكَ، وَقِيلَ: مَنْ يَضَعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أَن رَجُلًا استأْذنه فِي الْجِهَادِ فَمَنَعَهُ لِضَعْفِ بَدَنِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِن أَطلقتني وإِلا فَجَرْتُكَ
؛ قَوْلُهُ: وإِلا فَجَرْتُكَ أَي عَصَيْتُكَ وَخَالَفْتُكَ وَمَضَيْتُ إِلى الغَزْوِ، يُقَالُ: مَالَ مِنْ حَقٍّ إِلى بَاطِلٍ. ابْنُ الأَعرابي: الفَجُور والفاجِرُ الْمَائِلُ وَالسَّاقِطُ عَنِ الطَّرِيقِ. وَيُقَالُ للمرأَة: يَا فَجارِ
مَعْدُولٌ عَنِ الفاجِرةِ، يُرِيدُ: يَا فاجِرةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ «3» رضي الله عنها: يَا لَفُجَر
هُوَ مَعْدُولٌ عَنْ فاجِرٍ لِلْمُبَالَغَةِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النِّدَاءِ غَالِبًا. وفَجارِ: اسْمٌ للفَجْرَة والفُجورِ مِثْلُ قَطامِ، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِنا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْنَنَا:
…
فَحَمَلْتُ بَرَّةَ، واحتملتَ فَجارِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَجارِ مَعْدُولَةٌ عَنْ فَجْرَةَ، وفَجْرَةُ عَلَمٌ غَيْرُ مَصْرُوفٍ، كَمَا أَن بَرَّةَ كَذَلِكَ؛ قَالَ: وَقَوْلُ سِيبَوَيْهِ إِنها مَعْدُولَةٌ عَنِ الفَجْرَةِ تَفْسِيرٌ عَلَى طَرِيقِ الْمَعْنَى لَا عَلَى طَرِيقِ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ أَن سِيبَوَيْهِ أَراد أَن يعرِّف أَنه مَعْدُولٌ عَنْ فَجْرَةَ عَلَمًا فَيُرِيكَ ذَلِكَ فَعَدَلَ عَنْ لَفْظِ الْعَلَمِيَّةِ الْمُرَادِ إِلى لَفْظِ التَّعْرِيفِ فِيهَا الْمُعْتَادِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عدلتَ عَنْ بَرَّةَ قُلْتَ بَرَارِ كَمَا قُلْتَ فَجارِ، وَشَاهِدُ ذَلِكَ أَنهم عَدَلُوا حَذام وقَطام عَنْ حَاذِمَةَ وَقَاطِمَةَ، وَهُمَا عَلَمَانِ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَن تَكُونَ فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ عَلَمًا أَيضاً. وأَفْجَرَ الرجلَ: وَجَدَهُ فاجِراً. وفَجَرَ أَمرُ الْقَوْمِ: فَسَدَ. والفُجور: الرِّيبة، وَالْكَذِبُ مِنَ الفُجُورِ. وَقَدْ رَكِبَ فُلَانٌ فَجْرَةَ وفَجارِ، لَا يُجْرَيان، إِذا كَذَبَ وفَجَرَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: إِياكم وَالْكَذِبَ فإِنه مَعَ الفُجُورِ، وَهُمَا فِي النَّارِ
؛ يُرِيدُ الْمَيْلَ عَنِ الصِّدْقِ وأَعمال الْخَيْرِ. وأَيامُ الفِجارِ: أَيامٌ كَانَتْ بَيْنَ قَيْسٍ وَقُرَيْشٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنْتُ أَيام الفِجارِ أَنْبُلُ عَلَى عُمُومَتِي
، وَقِيلَ: أَيام الفِجارِ أَيام وَقَائِعَ كَانَتْ بَيْنَ الْعَرَبِ تَفَاجَرُوا فِيهَا بعُكاظَ فاسْتَحَلُّوا الحُرُمات. الْجَوْهَرِيُّ: الفِجارُ يَوْمٌ مِنْ أَيام الْعَرَبِ، وَهِيَ أَربعة أَفْجِرَةٍ كَانَتْ بَيْنَ قُرَيْشٍ ومَن مَعَهَا مِنْ كِنانَةَ وَبَيْنَ قَيْس عَيْلان فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتِ الدَّبْرة عَلَى قَيْسٍ، وإِنما سَمَّتْ قُرَيْشٌ هَذِهِ الْحَرْبَ فِجاراً لأَنها كَانَتْ فِي الأَشهر الْحُرُمِ، فَلَمَّا قَاتَلُوا فِيهَا قَالُوا: قَدْ فَجَرْنا فَسُمِّيَتْ فِجاراً. وفِجاراتُ الْعَرَبِ: مُفَاخَرَاتُهَا، وَاحِدُهَا فِجارٌ. والفِجاراتُ أَربعة: فِجار الرَّجُلِ، وفِجار المرأَة، وفِجار القِرْد، وفِجار البَرَّاضِ، وَلِكُلِّ فِجار خَبَرٌ. وفَجَرَ الراكبُ فُجوراً: مَالَ عَنْ سَرْجِهِ. وفَجَرَ أَيْضًا: مَالَ عَنِ الْحَقِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: كَذَبَ وفَجَرَ؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: اسْتَحْمَلَه أَعرابي وَقَالَ: إِن نَاقَتِي قَدْ نَقِبتْ، فَقَالَ لَهُ: كذبتَ، وَلَمْ يَحْمِلْهُ،
فَقَالَ:
أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبو حَفْصٍ عُمَرْ:
…
مَا مَسَّها مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرْ،
فَاغْفِرْ لَهُ، اللهمَّ، إِن كَانَ فَجَرْ
أَي كَذَبَ وَمَالَ عَنِ الصِّدْقِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: لأَن يُقَدَّمَ أَحدُكم فتُضْرَب عُنُقُه خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَن يَخُوض غَمَراتِ الدُّنْيَا، يَا هَادِيَ الطَّرِيقِ جُرْتَ، إِنما هُوَ الفَجْر أَو الْبَحْرُ
؛ يَقُولُ: إِنِ انْتَظَرْتَ حَتَّى يُضِيءَ لَكَ الفجرُ أَبْصَرْتَ قَصْدَكَ، وإِن خَبَطت الظَّلْمَاءَ وَرَكِبْتَ العَشْواء هَجَمَا بِكَ عَلَى الْمَكْرُوهِ؛ يَضْرِبُ الفَجْر وَالْبَحْرَ مَثَلًا لِغَمَرَاتِ الدُّنْيَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ البحرُ فِي موضعه.
فخر: الفَخْرُ والفَخَرُ، مِثْلُ نَهْرٍ ونَهَرٍ، والفُخْر والفَخار والفَخارةُ والفِخِّيرَى والفِخِّيراءُ: التمدُّح بِالْخِصَالِ والافتِخارُ وعَدُّ الْقَدِيمِ؛ وَقَدْ فَخَرَ يَفْخَرُ فَخْراً وفَخْرَةً حَسَنَةً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فَهُوَ فاخِرٌ وفَخُورٌ، وَكَذَلِكَ افْتَخَرَ. وتَفاخَرَ القومُ: فَخَرَ بعضُهم على بعض.
(3). قوله [وفي حديث عائشة] كذا بالأصل. والذي في النهاية: عاتكة،
والتفاخُرُ: التَّعَاظُمُ. والتَّفَخُّر: التَّعَظُّمُ وَالتَّكَبُّرُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُتَفَخِّرٌ مُتَفَجِّسٌ. وفاخَرَه مُفاخَرَةً وفِخاراً: عَارَضَهُ بالفَخْر فَفَخَره؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فأَصْمَتُّ عَمْراً وأَعْمَيْتُه،
…
عَنِ الجودِ والفَخْرِ، يومَ الفِخار
كَذَا أَنشده بِالْكَسْرِ، وَهُوَ نَشْرُ الْمَنَاقِبِ وَذِكْرُ الكرام بالكَرَمِ. فَخِيرُكَ: الَّذِي يُفاخِرُك، وَمِثَالُهُ الخَصِيمُ والفِخِّير: الْكَثِيرُ الفَخْر، وَمِثَالُهُ السِّكِّير. وفِخِّيرٌ: كَثِيرُ الِافْتِخَارِ؛ وأَنشد:
يَمْشِي كَمَشْيِ الفَرِحِ الفِخِّير
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ
؛ الفَخُور: الْمُتَكَبِّرُ. وفاخَرَه ففَخَره يَفْخُره فَخْراً: كَانَ أَفْخَرَ مِنْهُ وأَكرم أَباً وأُمّاً. وفَخَره عَلَيْهِ يَفْخَره فَخْراً وأَفْخَره عَلَيْهِ: فَضَّله عَلَيْهِ فِي الفَخْر. ابْنُ السِّكِّيتِ: فَخَرَ فُلَانٌ الْيَوْمَ عَلَى فُلَانٍ فِي الشَّرَفِ والجَلَد وَالْمَنْطِقِ أَي فَضَل عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ
؛ الفَخْرُ: ادِّعَاءُ الْعِظَمِ وَالْكِبْرِ وَالشَّرَفِ، أَي لَا أَقوله تَبَجُّحاً، وَلَكِنْ شكراً لله وَتَحَدُّثًا بِنِعَمِهِ. والفَخِيرُ: الْمَغْلُوبُ بالفَخْر. والمَفْخَرَة والمَفْخُرة، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا: المَأْثُرة وَمَا فُخِرَ بِهِ. وَفِيهِ فُخْرَة أَي فَخْرٌ. وإِنه لَذُو فُخْرةٍ عَلَيْهِمْ أَي فَخْرٍ. وَمَا لَكَ فُخْرَةُ هَذَا أَي فَخْرُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وفَخَر الرجلُ: تَكَبَّرَ بالفَخْر؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
حَتَّى تَزَيَّنَت الجِواءُ بفاخِرٍ
…
قَصِفٍ، كأَلوان الرِّحال، عَميمِ
عَنَى بِالْفَاخِرِ الَّذِي بَلَغَ وَجَادَ مِنَ النَّبَاتِ فكأَنه فَخَرَ عَلَى مَا حَوْلَهُ. والفاخرُ مِنَ الْبُسْرِ: الَّذِي يعْظُم وَلَا نَوَى لَهُ. وَالْفَاخِرُ: الْجَيِّدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. واسْتَفْخَر الشيءَ: اشْتَرَاهُ فَاخِرًا، وَكَذَلِكَ فِي التَّزْوِيجِ. واسْتَفْخَر فُلَانٌ مَا شَاءَ وأَفْخَرَت المرأَةُ إِذا لَمْ تَلِدْ إِلا فَاخِرًا. وَقَدْ يَكُونُ فِي الفَخْر مِنَ الْفِعْلِ مَا يَكُونُ فِي المَجْد إِلا أَنك لَا تَقُولُ فَخِيرٌ مَكَانَ مَجيد، وَلَكِنْ فَخُور، وَلَا أَفْخَرْتُه مَكَانَ أَمْجَدْته. والفَخُور مِنَ الإِبل: الْعَظِيمَةُ الضَّرْعِ الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ، وَمِنَ الْغَنَمِ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تُعْطِيكَ مَا عِنْدَهَا مِنَ اللَّبَنِ وَلَا بَقَاءَ لِلَبَنِهَا، وَقِيلَ: النَّاقَةُ الفَخُورُ الْعَظِيمَةُ الضَّرْع الضَّيِّقَةُ الأَحاليل: وضَرْع فَخُورٌ: غَلِيظٌ ضيِّق الأَحاليل قَلِيلُ اللَّبَنِ، وَالِاسْمُ الفُخْر والفُخُرُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
حَنْدَلِسٌ غَلْباءُ مِصْباح البُكُرْ،
…
وَاسِعَةُ الأَخْلافِ فِي غَيْرِ فُخُرْ
وَنَخْلَةٌ فَخُورٌ: عَظِيمَةُ الجِذْع غَلِيظَةُ السَّعَف. وَفَرَسٌ فَخور: عَظِيمُ الجُرْدانِ طَوِيلُهُ. وغُرْمُول فَيْخَر: عَظِيمٌ. وَرَجُلٌ فَيْخَر: عَظُمَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ بِالزَّايِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. الأَصمعي: يُقَالُ من الكِبْر والفَخْر فَخِزَ الرجلُ، بِالزَّايِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فَجُعِلَ الفَخْر والفَخْز وَاحِدًا. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ فَيْخَر وفَيْخَزٌ، بِالرَّاءِ وَالزَّايِ، إِذا كَانَ عَظِيمَ الجُرْدانِ. ابْنُ الأَعرابي: فَخِرَ الرَّجُلُ يَفْخَر إِذا أَنِفَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وتَراه يَفْخَرُ أَنْ تَحُلّ بيوتُه،
…
بمَحَلَّة الزَّمِر القصيرِ، عِنانا
وَفَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَاهُ يأْنَفُ. والفَخَّار: الخَزَف. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَرَجَ يَتَبَرَّز فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ بإِداوةٍ وفَخَّارة
؛ الفَخَّار: ضَرْبٌ
مِنَ الخَزَف مَعْرُوفٌ تَعْمَلُ مِنْهُ الجِرارُ والكِيزان وَغَيْرُهَا. والفَخَّارةُ: الجَرَّة، وَجَمْعُهَا فَخَّار مَعْرُوفٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ
. والفاخُور: نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الرَّيَاحِينِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ المَرْوُ الْعَرِيضُ الورقِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي خَرَجَتْ لَهُ جَمامِيحُ فِي وَسَطِهِ كأَنه أَذناب الثَّعَالِبِ، عَلَيْهَا نَوْرٌ أَحمر فِي وَسَطِهِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، يُسَمِّيهِ أَهْل الْبَصْرَةِ رَيْحان الشُّيُوخِ، زَعَمَ أَطباؤهم أَنه يَقْطَعُ السُّباتَ؛ وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
إِنَّ لَنَا لجَارَةً فُناخِره،
…
تَكْدَحُ لِلدُّنْيَا وتَنْسى الْآخِرَهْ
فَيُقَالُ: هِيَ المرأَة الَّتِي تتدحرج في مشيتها.
فدر: فَدَر الفحلُ يَفْدِر فُدُوراً، فَهُوَ فادِرٌ: فَتَرَ وَانْقَطَعَ وجَفَر عَنِ الضِّرَابِ وَعَدَلَ، وَالْجَمْعُ فُدْر وفَوادِر. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْفَحْلِ إِذا انْقَطَعَ عَنِ الضِّرَابِ فَدَّرَ وفَدَر وأَفْدَرَ، وأَصله فِي الإِبل. وَطَعَامٌ مُفْدِرٌ ومَفْدَرةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: يَقْطَعُ عَنِ الْجِمَاعِ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: أَكل الْبِطِّيخِ مَفْدَرة. والفَدُور وَالْفَادِرُ: الوَعِل الْعَاقِلُ فِي الْجَبَلِ، وَقِيلَ: هُوَ الوَعِل الشَّابُّ التَّامُّ، وَقِيلَ: هُوَ المُسِن، وَقِيلَ: الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ الفَدَر أَيضاً، فَجَمْعُ الفادِرِ فَوادر وفُدورٌ، وَجَمْعُ الفَدَر فُدورٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْجَمْعُ فُدْر وفُدور، والمَفْدرة اسْمُ الْجَمْعِ، كَمَا قَالُوا مَشْيَخة. وَمَكَانُ مَفْدرة: كَثِيرُ الفُدْر، وَقِيلَ فِي جَمْعِهِ: فُدُر؛ وأَنشد الأَزهري لِلرَّاعِي:
وكأَنما انْبَطَحَتْ، عَلَى أَثْباجِها،
…
فُدُر تَشابَهُ قَدْ يَمَمْنَ وُعُولا
قَالَ الأَصمعي: الفادِرُ مِنَ الوُعول الَّذِي قَدْ أَسَنَّ بِمَنْزِلَةِ القارِح مِنَ الْخَيْلِ والبازِل مِنَ الإِبل وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ قَالَ فِي الْفَادِرِ: الْعَظِيمُ مِنَ الأَرْوَى، بَقَرَةٌ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الفادِر والفَدُور المُسِن مِنَ الوُعول، وَهُوَ مِنْ فَدَر الْفَحْلُ فُدوراً إِذا عَجَزَ عَنِ الضِّراب؛ يَعْنِي فِي فِدْيته بقرة الضمير عائد إِلى مجاهد؛ يريد أن فدية الفادر بَقَرَةٌ. والفادرةُ: الصَّخْرَةُ الضَّخْمَةُ الصَّمَّاء فِي رأْس الْجَبَلِ، شُبِّهَتْ بالوَعِل. والفادرُ: اللَّحْمُ الْبَارِدُ الْمَطْبُوخُ. والفِدْرةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ إِذا كَانَتْ مُجْتَمِعَةً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وأَطْعَمَتْ كِرْدِيدةً وفِدْرَة
وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أُهْدِيَتْ لِي فِدْرةٌ مِنْ لَحْمٍ أَي قِطْعَةٌ
؛ والفِدْرة: الْقِطْعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ جَيْشِ الخَبَط:
فَكُنَّا نَقْتَطِعُ مِنْهُ الفِدَرَ كَالثَّوْرِ
؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: الفِدْرة الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ الْبَارِدَةُ. الأَصمعي: أَعطيته فِدْرَةً مِنَ اللَّحْمِ وهَبْرَةً إِذا أَعطاه قِطْعَةً مُجْتَمِعَةً، وَجَمْعُهَا فِدَرٌ. والفِدْرةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّيْلِ، والفِدْرة مِنَ التَّمْرِ: الْكَعْبُ، والفِدْرة مِنَ الْجَبَلِ: قِطْعَةٌ مُشْرِفَةٌ مِنْهُ، والفِنْديرةُ دُونَهَا. والفَدِر: الأَحمق، بكسر الدال.
فرر: الفَرّ والفِرارُ: الرَّوَغان وَالْهَرَبُ. فَرَّ يَفِرُّ فِرَارًا: هَرَبَ. وَرَجُلٌ فَرورٌ وفَرورةٌ وفَرَّار: غَيْرُ كَرَّارٍ، وفَرٌّ، وَصْفٌ بالمصدرْ، فَالْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
قَالَ سُراقةُ بْنُ مَالِكٍ حِينَ نَظَرَ إِلى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وإِلى أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، مُهاجِرَيْنِ إِلى الْمَدِينَةِ فَمَرَّا بِهِ فَقَالَ: هَذَانِ فَرُّ قريشٍ، أَفلا أَردّ عَلَى قُرَيْشٍ فَرَّها
؟ يُرِيدُ الفارَّين مِنْ قُرَيْشٍ؛ يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ فَرٌّ وَرَجُلَانِ فَرٌّ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ فَرٌّ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، يَعْنِي هَذَانِ الفَرّان؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ صَائِدًا أَرسل كِلَابَهُ عَلَى ثَوْرٍ وَحْشِيٍّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَفَرَّت مِنْهُ فَرَمَاهُ الصَّائِدُ بِسَهْمٍ فأَنفذ بِهِ طُرَّتَيْ جَنْبَيْهِ:
فَرمى ليُنْفِذَ فرَّها، فهَوى لَهُ
…
سَهْم، فأَنْفَذ طُرَّتَيْهِ المِنْزَعُ
وَقَدْ يَكُونُ الفَرُّ جَمْعَ فارٍّ كَشَارِبٍ وشَرْبٍ وَصَاحِبٍ وصَحْبٍ؛ وأَراد: فأَنفذ طُرَّتيه السَّهْمُ فَلَمَّا لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ قَالَ: المِنْزَع. والفُرَّى: الكَتيبةُ الْمُنْهَزِمَةُ، وَكَذَلِكَ الفُلَّى. وأَفَرَّه غيرُه وتَفارُّوا أَي تَهَارَبُوا. وَفَرَسٌ مِفَرٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: يَصْلُحُ للفِرار عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَيْنَ الْمَفَرُّ. والمَفِرُّ، بِكَسْرِ الْفَاءِ: الْمَوْضِعُ. وأَفَرَّ بِهِ: فَعَل بِهِ فِعْلًا يَفِرُّ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: مَا يُفِرُّك عَنِ الإِسلام إِلا أَن يُقَالَ لَا إِله إِلا اللَّهُ.
التَّهْذِيبُ: يُقَالُ أَفْرَرْتُ الرَّجُلَ أُفِرُّه إِفْرَاراً إِذا عَمِلْتَ بِهِ عَمَلًا يَفِرُّ مِنْهُ وَيَهْرُبُ، أَي يَحْمِلُكَ عَلَى الْفِرَارِ إِلا التَّوْحِيدُ؛ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْفَاءِ قَالَ: وَالصَّحِيحُ الأَول؛ وَفِي حَدِيثِ
عَاتِكَةَ:
أَفَرَّ صِياحُ القومِ عَزْمَ قُلُوبِهِمْ،
…
فَهُنَّ هَواء، والحُلوم عَوازِبُ
أَي حَمَلَهَا عَلَى الْفِرَارِ وَجَعَلَهَا خَالِيَةً بَعِيدَةً غَائِبَةَ الْعُقُولِ. والفَرورُ مِنَ النِّسَاءِ: النَّوارُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَيْنَ الْمَفَرُّ
؛ أَي أَين الفِرارُ، وَقُرِئَ: أَين المَفِرّ، أَي أَين مَوْضِعُ الْفِرَارِ؛ عَنِ الزَّجَّاجِ؛ وَقَدْ أَفْرَرْته. وفَرَّ الدابةَ يَفُرُّها، بِالضَّمِّ، فَرّاً كَشَفَ عَنْ أَسنانها لِيَنْظُرَ مَا سِنُّها. يُقَالُ: فَرَرْتُ عَنْ أَسنان الدَّابَّةِ أَفُرُّ عَنْهَا فَرّاً إِذا كَشَفْتَ عَنْهَا لِتَنْظُرَ إِليها. أَبو رِبْعِيٍّ وَالْكِلَابِيُّ: يُقَالُ هَذَا فُرُّ بَنِي فلانٍ وَهُوَ وَجْهُهُمْ وَخِيَارُهُمُ الَّذِي يَفْترُّونَ عَنْهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ويَفْتَرُّ منكَ عَنِ الواضِحات،
…
إِذا غيرُكَ القَلِحُ الأَثْعَلُ
وَمِنْ أَمثالهم: إِنَّ الجَوادَ عينُه فُرارُهُ. وَيُقَالُ: الخبيثُ عينُه فرُارُه؛ يَقُولُ: تَعْرِفُ الْجَوْدَةَ فِي عَيْنِهِ كَمَا تَعرف سنَّ الدَّابَّةِ إِذا فَرَرْتَها، وَكَذَلِكَ تَعْرِفُ الْخُبْثَ فِي عَيْنِهِ إِذا أَبصرته. الْجَوْهَرِيُّ: إِن الجوادَ عينُه فُراره، وَقَدْ يَفْتَحُ، أَي يُغْنيك شَخْصُهُ ومَنْظَرُه عَنْ أَن تَخْتَبِرَهُ وأَن تَفُرَّ أَسنانه. وفَرَرْتُ الْفَرَسَ أَفُرُّه فَرًّا إِذا نَظَرْتَ إِلى أَسنانه. وَفِي خُطْبَةِ
الْحَجَّاجِ: لَقَدْ فُرِرْت عَنْ ذَكاءٍ وتَجْرِبةٍ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، أَراد أَن يَشْتَرِيَ بَدَنَةً فَقَالَ: فُرَّها.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه: كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ أَشياء كرهتُ أَن أَفُرَّك عَنْهَا
أَي أَكشفك. ابْنُ سِيدَهْ: وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ الْجَوَادِ عَيْنُهُ فِرارُه؛ تَقُولُهُ إِذا رأَيته، بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ للإِنسان يسأَل عَنْهُ أَي أَنه مُقِيمٌ لَمْ يَبْرَحْ. وفَرَّ الأَمرَ وفَرَّ عَنْهُ: بَحَثَ، وفُرَّ الأَمرُ جَذَعاً أَي اسْتَقْبَلَهُ. وَيُقَالُ أَيضاً: فُرَّ الأَمرُ جَذَعاً أَي رَجَعَ عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ؛ قَالَ:
وَمَا ارْتَقَيْتُ عَلَى أَرجاءِ مَهْلَكةٍ،
…
إِلا مُنيتُ بأَمرٍ فُرَّ لِي جَذَعا
وأَفَرَّت الخيلُ والإِبل للإِثْناءِ، بالأَلف: سَقَطَتْ رواضعُها وَطَلَعَ غيرُها. وافْتَرَّ الإِنسان: ضَحِكَ ضَحِكاً حَسَنًا وافْتَرَّ فُلَانٌ ضَاحِكًا أَي أَبدى أَسنانه. وافْتَرَّ عَنْ ثَغْره إِذا كَشَرَ ضَاحِكًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ويَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الغَمام
أَي يَكْشِرُ إِذا تَبَسَّمَ مِنْ غَيْرِ قَهْقَهَة، وأَراد بِحَبِّ الْغَمَامِ البَرَدَ؛ شبَّه بَيَاضَ أَسنانه بِهِ. وافْتَرَّ يَفْتَرُّ، افْتَعَلَ، مِنْ فَرَرْتُ أَفُرُّ. وَيُقَالُ: فُرَّ فُلَانًا عَمَّا فِي نَفْسِهِ أَي اسْتَنْطِقْهُ لِيَدُلَّ بِنُطْقِهِ عَمَّا فِي نَفْسِهِ. وافْتَرَّ البرقُ: تلأْلأَ، وَهُوَ فَوْقَ الانْكِلالِ فِي الضَّحِكِ وَالْبَرْقِ، وَاسْتَعَارُوا ذَلِكَ لِلزَّمَنِ فَقَالُوا: إِن الصَّرْفةَ نابُ الدهرِ الَّذِي يَفْتَرُّ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَن الصَّرْفة إِذا طَلَعَتْ خَرَجَ الزَّهْرُ واعْتَمَّ النَّبْتُ. وافْتَرَّ الشيءَ: اسْتَنْشَقَهُ؛ قَالَ رؤْبة:
كأَنما افْتَرَّ نشُوقاً مَنْشَقا
وَيُقَالُ: هُوَ فُرَّةُ قومِه أَي خِيَارُهُمْ، وَهَذَا فُرَّةُ مَالِي أَي خِيرته. الْيَزِيدِيُّ: أَفْرَرْتُ رأْسه بِالسَّيْفِ إِذا فَلَقْتَهُ. والفَرِيرُ والفُرارُ: وَلَدُ النَّعْجَةِ وَالْمَاعِزَةِ وَالْبَقَرَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الفَريرُ وَلَدُ الْبَقَرِ؛ وأَنشد:
يَمْشِي بَنُو عَلْكَمٍ هَزْلى وإِخوتُهم،
…
عَلَيْكُمْ مِثْلُ فحلِ الضأْنِ، فُرْفُور
قَالَ: أَراد فُرَار فَقَالَ فُرْفُور، والأُنثى فُرارةٌ، وَجَمْعُهَا فُرارٌ أَيضاً، وَهُوَ مِنْ أَولاد الْمَعَزِ مَا صَغُرَ جِسْمُهُ؛ وعَمَّ ابْنُ الأَعرابي بالفَرِيرِ وَلَدَ الْوَحْشِيَّةِ مِنَ الظِّباء وَالْبَقَرِ وَنَحْوِهِمَا. وَقَالَ مُرَّةُ: هِيَ الخِرْفان والحُمْلان؛ وَمِنْ أَمثالهم:
نَزْوُ الفُرارِ اسْتَجْهل الفُرارا
قَالَ الْمُؤَرِّجُ: هُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ يُقَالُ لَهُ فُرارٌ وفَرِيرٌ، مِثْلُ طُوالٍ وطَويلٍ، فإِذا شبَّ وَقَوِيَ أَخذ فِي النَّزَوان، فَمَتَى مَا رَآهُ غيرُه نَزا لِنَزْوِه؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ تُتَّقى مُصَاحَبَتُهُ. يَقُولُ: إِنك إِن صاحبتَه فعلتَ فعلَه. يُقَالُ: فُرارٌ جَمْعُ فُرارةٍ وَهِيَ الخِرْفان، وَقِيلَ: الفَرير وَاحِدٌ والفُرارُ جَمْعٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَلَمْ يأْت عَلَى فُعالٍ شَيْءٌ مِنَ الْجَمْعِ إِلا أَحرف هَذَا أَحدها، وَقِيلَ: الفَرِيرُ والفُرارُ والفُرارَةُ والفُرْفُر والفُرْفُورُ والفَرورُ والفُرافِرُ الحَمَل إِذا فُطِمَ واستَجْفر وأَخصب وسَمِن؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي الفُرارِ الَّذِي هُوَ وَاحِدُ قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
لَعَمْري لَقَدْ هانتْ عليكَ ظَعِينةٌ،
…
فَرَيْتَ بِرِجْلَيْهَا الفُرارَ المُرَنَّقا
والفُرارُ: يَكُونُ لِلْجَمَاعَةِ وَالْوَاحِدِ. والفُرار: البهْم الْكِبَارُ، وَاحِدُهَا فُرْفُور. والفَرِيرُ: مَوْضِعُ المَجَسَّة مِنْ مَعْرفة الْفَرَسِ، وَقِيلَ: هُوَ أَصل مَعْرفة الْفَرَسِ. وفَرْفَرَ الرجلُ إِذا اسْتَعْجَلَ بِالْحَمَاقَةِ. وَوَقَعَ الْقَوْمُ فِي فُرَّةٍ وأُفُرَّة أَي اخْتِلَاطٍ وَشِدَّةٍ. وفُرَّةُ الْحَرِّ وأُفُرَّتهُ: شِدَّتُهُ، وَقِيلَ: أَوله. وَيُقَالُ: أَتانا فُلَانٌ فِي أُفُرَّةِ الْحَرِّ أَي فِي أَوله، وَيُقَالُ: بَلْ فِي شِدَّتِهِ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا وَالْفَاءُ مَضْمُومَةٌ فِيهِمَا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فِي فُرَّةِ الْحَرِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فِي أَفُرَّةِ الْحَرِّ، بِفَتْحِ الأَلف. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ أَن مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الأَلف عَيْنًا فَيَقُولُ: فِي عَفُرَّة الحرِّ وعُفُرّةِ الْحَرِّ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أُفُرَّةٌ عِنْدِي مِنْ بَابِ أَفَرَ يأْفِر، والأَلف أَصلية عَلَى فُعُلَّةٍ مِثْلُ الخُضُلَّةِ. اللَّيْثُ: مَا زَالَ فُلَانٌ فِي أُفُرَّةِ شَرٍّ مِنْ فُلَانٍ. والفَرْفَرَةُ: الصِّيَاحُ. وفَرْفَرَه: صَاحَ بِهِ؛ قَالَ أَوس بْنُ مَغْرَاءَ السَّعْدِيُّ:
إِذا مَا فَرْفَروه رَغَا وَبَالَا
والفَرْفَرةُ: الْعَجَلَةُ. ابْنُ الأَعرابي: فَرَّ يَفِرُّ إِذا
عَقَلَ بَعْدَ اسْتِرْخَاءٍ. والفَرْفَرةُ: الطَّيْشُ وَالْخِفَّةُ؛ ورجلٌ فَرْفارٌ وامرأَة فَرْفارةٌ. والفَرْفَرةُ: الْكَلَامُ. والفَرْفارُ: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ كالثَّرْثارِ. وفَرْفَر فِي كَلَامِهِ: خلَّط وأَكثر. والفُرافِرُ: الأَخْرَقُ. وفَرْفَر الشيءَ: كَسَرَهُ. والفُرافِرُ والفَرْفار: الَّذِي يُفَرْفِرُ كُلَّ شَيْءٍ أَي يَكْسِرُهُ. وفَرْفَرْت الشَّيْءَ: حَرَّكْتُهُ مِثْلُ هَرْهَرْته؛ يُقَالُ: فَرْفَرَ الفرسُ إِذا ضَرَبَ بفأْس لِجَامِهِ أَسنانه وَحَرَّكَ رأْسه؛ وَنَاسٌ يَرْوُونه فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ بِالْقَافِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُوَ قَوْلُهُ:
إِذا زُعْتُه مِنْ جانِبَيْهِ كِلَيْهما،
…
مَشَى الهَيْذَبى فِي دَفِّه ثُمَّ فَرْفَرا
وَيُرْوَى قَرْقَرا. والهَيْذَبى، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: سَيْرٌ سَرِيعٌ مِنْ أَهْذَبَ الفرسُ فِي سَيْرِهِ إِذا أَسرع، وَيُرْوَى الهَيْدَبى، بِدَالٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، وَهِيَ مِشْية فِيهَا تَبَخْتُرٌ، وأَصله مِنَ الثَّوْبِ الَّذِي لَهُ هُدْبٌ لأَن الْمَاشِيَ فِيهِ يَتَبَخْتَرُ؛ قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ فَرْفَر، بِالْفَاءِ، عَلَى مَا فَسَّرَهُ؛ وَمَنْ رَوَاهُ قَرْقَر، بِالْقَافِ، فَبِمَعْنَى صَوَّت. قَالَ: وَلَيْسَ بِالْجَيِّدِ عِنْدَهُمْ لأَن الْخَيْلَ لَا تُوصَفُ بِهَذَا. وفَرْفَر الدابةُ اللجامَ: حَرَّكَهُ. وَفَرَسٌ فُرافِرٌ: يُفَرْفِرُ اللِّجَامَ فِي فِيهِ. وفَرْفَرَني فَرْفاراً: نَفَضَنِي وَحَرَّكَنِي. وفَرْفَر البعيرُ: نَفَضَ جَسَدَهُ. وفَرْفَرَ أَيضاً: أَسرع وَقَارَبَ الخَطْو؛ وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
مَشَى الهَيْذَبى فِي دَفِّه ثُمَّ فَرْفَرا
وفَرْفَر الشيءَ: شَقَّقَهُ. وفَرْفَر إِذا شَقَّقَ الزِّقاقَ وَغَيْرَهَا. والفَرْفار: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ تُتَّخَذُ مِنْهُ العِساسُ والقِصاعُ؛ قَالَ:
والبَلْطُ يَبْرِي حُبَرَ الفَرْفارِ
البَلط: المِخرطة. والحُبَر: العُقَد. وفَرْفَرَ الرَّجُلُ إِذا أَوقد بالفَرْفار، وَهِيَ شَجَرَةٌ صَبُور عَلَى النَّارِ. وفَرْفَر إِذا عَمِلَ الفَرْفار، وَهُوَ مَرْكب مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ والرِّعاءِ شِبْه الحَوِيَّة والسَّوِيَّة. والفُرْفُور والفُرافِرُ: سَوِيق يُتَّخَذُ مِنَ اليَنْبُوتِ، وَفِي مَكَانٍ آخَرَ: سويقُ يَنْبوتِ عُمان. والفُرْفُر: الْعُصْفُورُ، وَقِيلَ: الفُرْفُر والفُرْفُور الْعُصْفُورُ الصَّغِيرُ. الْجَوْهَرِيُّ: الفُرْفُور طَائِرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حجازيَّة لَمْ تَدْرِ مَا طَعْمُ فُرْفُرٍ،
…
وَلَمْ تأْتِ يَوْمًا أَهلَها بِتُبُشِّرِ
قَالَ: التُّبُشِّر الصَّعْوة. وَفِي حَدِيثِ
عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَا رأَيت أَحداً يُفَرْفِرُ الدُّنْيَا فَرْفَرَةَ هَذَا الأَعرج
؛ يَعْنِي أَبا حَازِمٍ، أَي يَذُمُّهَا ويمزِّقها بِالذَّمِّ وَالْوَقِيعَةِ فِيهَا. وَيُقَالُ الذِّئْبُ يُفَرْفِرُ الشَّاةَ أَي يُمَزِّقُهَا. وفَرِير: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ.
فزر: الفَزْر، بِالْفَتْحِ: الْفَسْخُ فِي الثَّوْبِ. وفَزَرَ الثَّوْبَ فَزْراً: شَقَّهُ. والفِزَرُ: الشُّقُوقُ. وتَفَزَّر الثَّوْبُ وَالْحَائِطُ: تَشَقَّقَ وَتَقَطَّعُ وبَلِيَ. وَيُقَالُ: فَزَرْتُ الجُلَّة وأَفْزَرْتُها وفَزَّرْتُها إِذا فَتَّتَّها. شَمِرٌ: الفَزْر الْكَسْرُ؛ قَالَ: وَكُنْتُ بِالْبَادِيَةِ فرأَيت قِباباً مَضْرُوبَةً، فَقُلْتُ لأَعرابي: لِمَنْ هَذِهِ القِباب؟ فَقَالَ: لِبَنِي فَزارَةَ، فَزَر اللهُ ظُهُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَا تَعْني بِهِ؟ فَقَالَ: كَسَرَ اللَّهُ. والفُزُورُ: الشُّقُوقُ والصُّدوع. وَيُقَالُ: فَزَرْتُ أَنف فُلَانٍ فَزْراً أَي ضَرَبْتُهُ بِشَيْءٍ فَشَقَقْتُهُ، فَهُوَ مَفْزُورُ الأَنف. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: الفَرْز قَرِيبٌ مِنَ الفَزْر؛ تَقُولُ: فَرَزْت الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ أَي فَصَلته، وفَزَرْت الشيءَ صَدَعْته. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا مِنَ الأَنصار أَخذ لَحْيَ جَزورٍ فَضَرَبَ بِهِ أَنف سَعْدٍ فَفَزَره أَي شَقَّهُ.
وَفِي حَدِيثِ
طَارِقِ بْنِ
شِهَابٍ: خَرَجْنَا حُجَّاجاً فأَوطأَ رَجُلٌ رَاحِلَتَهُ ظَبْيًا فَفَزَر ظَهْرَهُ
أَي شَقَّهُ وَفَسَخَهُ. وفَزَرَ الشَّيْءَ يَفْزُره فَزْراً: فَرَّقَهُ. والفَزْرُ: الضَّرْبُ بِالْعَصَا، وَقِيلَ: فَزَرَه بِالْعَصَا ضَرَبَهُ بِهَا عَلَى ظَهْرِهِ. والفَزَر: رِيحُ الحَدبة. وَرَجُلٌ أَفْزَرُ بيِّن الفَزَر: وَهُوَ الأَحدب الَّذِي فِي ظَهْرِهِ عُجْرة عَظِيمَةٌ، وَهُوَ المَفْزور أَيضاً. والفُزْرة: العُجْرة الْعَظِيمَةُ فِي الظَّهْرِ وَالصَّدْرِ. فَزِرَ فَزَراً، وَهُوَ أَفْزَر. والمَفْزور: الأَحدب. وَجَارِيَةٌ فَزْراء: مُمْتَلِئَةٌ شَحْمًا وَلَحْمًا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي قَارَبَتِ الإِدراك؛ قَالَ الأَخطل:
وَمَا إِن أَرى الفَزْراءَ إِلا تَطَلُّعاً،
…
وخِيفةَ يَحْمِيها بَنُو أُم عَجْرَدِ
أَراد: وَخِيفَةَ أَن يَحْمِيَهَا. والفِزْرُ، بِالْكَسْرِ: القَطِيع مِنَ الْغَنَمِ. والفِزرُ مِنَ الضأْن: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلى الْعِشْرِينَ، والصُّبَّةُ: مَا بَيْنَ الْعَشْرِ إِلَى الأَربعين مِنَ المِعْزَى. والفِزْرُ الْجَدْيُ؛ يُقَالُ: لَا أَفعله مَا نَزَا فِزْرٌ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: لَا آتِيكَ مِعْزَى الفِزْر؛ الْفِزْرُ لَقَبٌ لِسَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بْنِ تَمِيمٍ، وَكَانَ وَافى الْمَوْسِمَ بمِعْزَى فأَنْهَبَها هُنَاكَ وَقَالَ: مَنْ أَخذ مِنْهَا وَاحِدَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا فِزْرٌ، وَهُوَ الِاثْنَانِ فأَكثر، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ نَحْوَ ذَلِكَ إِلَّا أَنه قَالَ: الفِزْرُ هُوَ الْجَدْيُ نَفْسُهُ، فَضَرَبُوا بِهِ الْمَثَلَ فَقَالُوا: لَا آتِيكَ مِعْزَى الفِزْرِ أَي حَتَّى تَجْتَمِعَ تِلْكَ، وَهِيَ لَا تَجْتَمِعُ أَبداً؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْكَلْبِيِّ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: لَا أَعرفه، وَقَالَ الأَزهري: وَمَا رأَيت أَحداً يَعْرِفُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما لُقِّب سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بِذَلِكَ لأَنه قَالَ لِوَلَدِهِ وَاحَدًا بَعْدَ وَاحِدٍ: ارْعَ هَذِهِ المِعْزَى، فأَبوا عَلَيْهِ فَنَادَى فِي النَّاسِ أَن اجْتَمِعُوا فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ: انْتَهِبُوهَا وَلَا أُحِلُّ لأَحد أَكثر مِنْ وَاحِدَةٍ، فتقطَّعوها فِي سَاعَةٍ وَتَفَرَّقَتْ فِي الْبِلَادِ، فَهَذَا أَصل الْمَثَلِ، وَهُوَ مِنْ أَمثالهم فِي تَرْكِ الشَّيْءِ. يُقَالُ: لَا أَفعل ذَلِكَ مِعْزَى الفِزْرِ؛ فَمَعْنَاهُ فِي مِعْزَى الفِزْر أَن يَقُولُوا حَتَّى تَجْتَمِعَ تِلْكَ وَهِيَ لَا تَجْتَمِعُ الدَّهْرَ كُلَّهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الفِزْرُ أَبو قبيلة من وهو تميم سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ. والفَزارةُ: الأُنثى مِنَ النِّمِر، والفِزْرُ: ابْنُ النَّمِرِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: ابْنُ البَبْرِ والفَزارةُ أُمه والفِزْرَةُ أُخته والهَدَبَّسُ أَخوه. التَّهْذِيبُ: والبَبْرُ يُقَالُ لَهُ الهَدَبَّس وأُنثاه الفَزارةُ؛ وأَنشد الْمُبَرِّدُ:
وَلَقَدْ رأَيتُ هَدَبَّساً وفَزارةً،
…
والفِزْرُ يَتْبَعُ فِزْرَه كالضَّيْوَنِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: سأَلت ثَعْلَبًا عَنِ الْبَيْتِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ رأَيت هَذِهِ الْحُرُوفَ فِي كِتَابِ اللَّيْثِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ. وطريقٌ فازِرٌ: بَيِّن وَاسِعٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَدُقُّ مَعْزَاءَ الطريقِ الفازِرِ،
…
دَقَّ الدَّياسِ عَرَمَ الأَنادِرِ
والفازِرةُ: طَرِيقٌ تأْخذ فِي رَمْلَةٍ فِي دَكادِكَ لينةٍ كأَنها صَدْعٌ فِي الأَرض مُنْقَادٌ طَوِيلٌ خِلْقَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الفَازِرُ الطَّرِيقُ تَعْلُو النِّجَافَ والقُورَ فتَفْزِرُها كأَنها تَخُدُّ في رؤوسها خُدُوداً. تَقُولُ: أَخَذْنا الفازِرَ وأَخذنا طريقَ فازِرٍ، وَهُوَ طريق أَثَّرَ في رؤوس الْجِبَالِ وفَقَرها. والفِزْرُ: هَنَةٌ كَنَبْخَةٍ تَخْرُجُ فِي مَغْرِز الْفَخِذِ دُوَيْنَ مُنْتَهَى الْعَانَةِ كغُدَّةٍ مِنْ قُرْحَةٍ تَخْرُجُ بِالرَّجُلِ»
. أَو جِرَاحَةٍ. والفازِرُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّمْلِ فِيهِ حمرة وفَزَارة.
(4). قوله [تخرج بالرجل] عبارة القاموس تخرج بالإنسان
وبنو الأَفْرَرِ: قَبِيلَةٌ؛ وَقِيلَ: فَزَارةُ أَبو حَيٍّ مِنْ غَطَفان، وَهُوَ فَزارَةُ بْنِ ذُبْيان بْنِ بَغِيض بْنِ رَيْث بْنِ غَطَفان.
فسر: الفَسْرُ: الْبَيَانُ. فَسَر الشيءَ يفسِرُه، بالكَسر، ويفْسُرُه، بِالضَّمِّ، فَسْراً وفَسَّرَهُ: أَبانه، والتَّفْسيرُ مِثْلُهُ. ابْنُ الأَعرابي: التَّفْسيرُ والتأْويل وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً
؛ الفَسْرُ: كَشْفُ المُغَطّى، والتَّفْسير كَشف المُراد عَنِ اللَّفْظِ المُشْكل، والتأْويل: رَدُّ أَحد الْمُحْتَمَلَيْنِ إِلَى مَا يُطَابِقُ الظَّاهِرَ. واسْتَفْسَرْتُه كَذَا أَي سأَلته أَن يُفَسِّره لِي. والفَسْر: نَظَرُ الطَّبِيبِ إِلَى الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ التَّفْسِرةُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَظنه مولَّداً، وَقِيلَ: التَّفْسِرةُ الْبَوْلُ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمَرَضِ وَيَنْظُرُ فِيهِ الأَطباء يَسْتَدِلُّونَ بِلَوْنِهِ عَلَى عِلَّةِ الْعَلِيلِ، وَهُوَ اسْمٌ كالتَّنْهِيَةِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يُعْرَفُ بِهِ تَفْسِيرُ الشَّيْءِ وَمَعْنَاهُ، فَهُوَ تَفْسِرَتُه.
فطر: فطَرَ الشيءَ يَفْطُرُه فَطْراً فانْفَطَر وفطَّرَه: شَقَّهُ. وتَفَطَّرَ الشيءُ: تَشَقَّقَ. والفَطْر: الشَّقُّ، وَجَمْعُهُ فُطُور. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ
؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
شَقَقْتِ القلبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ فِيهِ
…
هواكِ، فَلِيمَ، فالتَأَمَ الفُطُورُ
وأَصل الفَطْر: الشَّقُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ
؛ أَي انْشَقَّتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، حَتَّى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ
أَي انْشَقَّتَا. يُقَالُ: تَفَطَّرَتْ وانْفَطَرتْ بمعنى؛، منه أُخذ فِطْرُ الصَّائِمِ لأَنه يَفْتَحُ فَاهُ. ابْنُ سِيدَهْ: تَفَطَّرَ الشيءُ وفَطَر وانْفَطَر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ
؛ ذَكَّرَ عَلَى النَّسَبِ كَمَا قَالُوا دَجَاجَةٌ مُعْضِلٌ. وَسَيْفٌ فُطَار: فِيهِ صُدُوعٌ وَشُقُوقٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
وَسَيْفِي كالعَقِيقَةِ، وَهُوَ كِمْعِي،
…
سِلَاحِي لَا أَفَلَّ وَلَا فُطارا
ابْنُ الأَعرابي: الفُطَارِيّ مِنَ الرِّجَالِ الفَدْم الَّذِي لَا خَيْرَ عِنْدَهُ وَلَا شَرَّ، مأْخوذ مِنَ السَّيْفِ الفُطارِ الَّذِي لَا يَقْطع. وفَطَر نابُ الْبَعِيرِ يَفْطُر فَطْراً: شَقّ وَطَلَعَ، فَهُوَ بَعِيرٌ فاطِر؛ وَقَوْلُ هِمْيَانَ:
آمُلُ أَنْ يَحْمِلَني أَمِيري
…
عَلَى عَلاةٍ لأْمَةِ الفُطُور
يَجُوزُ أَن يَكُونَ الفُطُور فِيهِ الشُّقوق أَي أَنها مُلْتَئِمةُ مَا تُبَايِنُ مِنْ غَيْرِهَا فَلَمْ يَلْتَئِم، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ شَدِيدَةٌ عِنْدَ فُطورِ نَابِهَا موَثَّقة. وفَطَر النَّاقَةَ «1» . وَالشَّاةَ يَفْطِرُها فَطْراً: حَلَبَهَا بأَطراف أَصابعه، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَحْلُبَهَا كَمَا تَعْقِد ثلاثين بالإِبهامين وَالسَّبَّابَتَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَطْر حَلْبُ النَّاقَةِ بِالسَّبَّابَةِ والإِبهام، والفُطْر: الْقَلِيلُ مِنَ اللَّبَنِ حِينَ يُحْلب. التَّهْذِيبُ: والفُطْر شَيْءٌ قَلِيلٌ مِنَ اللَّبَنِ يُحْلَبُ ساعتئذٍ؛ تَقُولُ: مَا حَلَبْنَا إِلَّا فُطْراً؛ قَالَ المرَّار:
عاقرٌ لَمْ يُحْتلب مِنْهَا فُطُرْ
أَبو عَمْرٍو: الفَطِيرُ اللَّبَنُ سَاعَةَ يُحْلَبُ. والفَطْر: المَذْي؛ شُبِّه بالفَطْر فِي الْحَلْبِ. يُقَالُ: فَطَرْتُ الناقة أَفْطُرُها أَفْطِرُها فَطْراً، وَهُوَ الْحَلْبُ بأَطراف الأَصابع. ابْنُ سِيدَهْ: الفَطْر الْمَذْيُ، شُبِّهَ بالحَلْب لأَنه لَا يَكُونُ إِلا بأَطراف الأَصابع فَلَا يَخْرُجُ اللَّبَنُ إِلا قَلِيلًا، وَكَذَلِكَ الْمَذْيُ يَخْرُجُ قَلِيلًا، وَلَيْسَ المنيّ كذلك؛
(1). قوله [وفطر الناقة] من باب نصر وضرب،. عن الفراء. وما سواه من باب نصر فقط أَفاده شرح القاموس
وَقِيلَ: الفَطْر مأْخوذ مِنْ تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ دَمًا أَي سالَتا، وَقِيلَ: سُمِّيَ فَطْراً لأَنه شُبِّهَ بفَطْرِ نَابِ الْبَعِيرِ لأَنه يُقَالُ: فَطَرَ نابُه طَلَعَ، فَشُبِّهَ طُلُوعُ هَذَا مِنَ الإِحْليلِ بِطُلُوعِ ذَلِكَ.
وَسُئِلَ عُمَرُ، رضي الله عنه، عَنِ الْمَذْيِ فَقَالَ: ذَلِكَ الفَطْرُ
؛ كَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بِالْفَتْحِ، وَرَوَاهُ ابْنُ شُمَيْلٍ: ذَلِكَ الفُطْر، بِضَمِّ الْفَاءِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، فَالْفَتْحُ مِنْ مَصْدَرِ فَطَرَ نابُ الْبَعِيرِ فَطْراً إِذَا شَقّ اللَّحْمَ وَطَلَعَ فشُبِّه بِهِ خُرُوجُ الْمَذْيِ فِي قِلَّتِهِ، أَو هُوَ مَصْدَرُ فَطَرْتُ النَّاقَةَ أَفْطُرُها إِذَا حَلَبْتَهَا بأَطراف الأَصابع، وأَما الضَّمُّ فَهُوَ اسْمُ مَا يَظْهَرُ مِنَ اللَّبَنِ عَلَى حَلَمة الضَّرْع. وفَطَرَ نابُه إِذا بَزَل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَتَّى نَهَى رائِضَه عَنْ فَرِّهِ
…
أَنيابُ عاسٍ شَاقِئٍ عَنْ فَطْرِهِ
وانْفَطر الثَّوْبُ إِذا انْشَقَّ، وَكَذَلِكَ تَفَطَّر. وتَفَطَّرَت الأَرض بِالنَّبَاتِ إِذا تَصَدَّعَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: كَيْفَ تَحْلُبُهَا مَصْراً أَم فَطْراً
؟ هُوَ أَن تَحْلُبَهَا بِإِصْبَعَيْنِ بِطَرَفِ الإِبهام. والفُطْر: مَا تَفَطَّر مِنَ النَّبَاتِ، والفُطْر أَيضاً: جِنْسٌ مِنَ الكَمْءِ أَبيض عِظَامٌ لأَن الأَرض تَنْفطر عَنْهُ، وَاحِدَتُهُ فُطْرةٌ. والفِطْرُ الفُطْرُ: العنب إِذا بدت رؤوسه لأَن القُضْبان تتَفَطَّر. والتَّفاطِيرُ: أَول نَبَاتِ الوَسْمِيّ، وَنَظِيرُهُ التَّعاشِيب والتَّعاجيب وتَباشيرُ الصبحِ وَلَا وَاحِدَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَربعة. والتَّفاطير والنَّفاطير: بُثَر تَخْرُجُ فِي وَجْهِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ؛ قَالَ:
نَفاطيرُ الجنونِ بِوَجْهِ سَلْمَى،
…
قَدِيمًا، لَا تفاطيرُ الشبابِ
وَاحِدَتُهَا نُفْطور. وفَطَر أَصابعَه فَطْراً: غَمَزَهَا. وفَطَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ يَفْطُرُهم: خَلَقَهُمْ وبدأَهم. والفِطْرةُ: الِابْتِدَاءُ وَالِاخْتِرَاعُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
؛
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: مَا كُنْتُ أَدري مَا فاطِرُ السموات والأَرض حَتَّى أَتاني أَعرابيّان يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ فَقَالَ أَحدهما: أَنا فَطَرْتُها
أَي أَنا ابتدأْت حَفْرها. وَذَكَرَ أَبو الْعَبَّاسِ أَنه سَمِعَ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: أَنا أَول مَنْ فَطَرَ هَذَا أَي ابتدأَه. والفِطْرةُ، بِالْكَسْرِ: الخِلْقة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
هَوِّنْ عليكَ فَقَدْ نَالَ الغِنَى رجلٌ،
…
فِي فِطْرةِ الكَلْب، لَا بالدِّينِ والحَسَب
والفِطْرةُ: مَا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الخلقَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ. وَقَدْ فَطَرهُ يَفْطُرُه، بِالضَّمِّ، فَطْراً أَي خَلَقَهُ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ الناسَ عَلَيْهَا، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ؛ قَالَ: نَصَبَهُ عَلَى الْفِعْلِ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الفِطْرةُ الْخِلْقَةُ الَّتِي يُخْلقُ عَلَيْهَا الْمَوْلُودِ فِي بَطْنِ أُمه؛ قَالَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
؛ أَي خَلَقَنِي؛ وَكَذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَما لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي
. قَالَ:
وَقَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مولودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرةِ
؛ يَعْنِي الخِلْقة الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا فِي الرَّحِمِ مِنْ سعادةٍ أَو شَقَاوَةٍ، فإِذا ولَدَهُ يَهُودِيَّانِ هَوَّداه فِي حُكْم الدُّنْيَا، أَو نَصْرَانِيَّانِ نَصَّرَاه فِي الْحُكْمِ، أَو مَجُوسِيَّانِ مَجَّساه فِي الحُكم، وَكَانَ حُكْمُه حُكْمَ أَبويه حَتَّى يُعَبِّر عَنْهُ لسانُه، فإِن مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ مَاتَ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ مِنَ الفِطْرةِ الَّتِي فُطرَ عَلَيْهَا فَهَذِهِ فِطْرةُ الْمَوْلُودِ؛ قَالَ: وفِطْرةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَهِيَ شهادةُ أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ وأَن مُحَمَّدًا رَسُولُهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ فَتِلْكَ الفِطْرةُ لِلدِّينِ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثِ
البَرَاءِ بْنِ عازِب، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم:
أَنه علَّم رَجُلًا أَن يَقُولَ إِذَا نَامَ وَقَالَ: فإِنك إِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الفِطْرةِ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها
؛ فَهَذِهِ فِطْرَة فُطِرَ عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ. قَالَ: وَقِيلَ فُطِرَ كلُّ إِنْسَانٍ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بأَن اللَّهَ ربُّ كلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُهُ، وَاللَّهُ أَعلم. قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرة الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا بَنِي آدَمَ حِينَ أَخرجهم مِنْ صُلْب آدَمَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذْ أَخذ ربُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظهورهم ذُرّياتهم وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنه سُئِلَ عَنْ تأْويل هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: تأْويله الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، سُئِل عَنِ أَطفال الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: اللَّهُ أَعلم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ
؛ يَذْهَبُ إِلَى أَنهم إِنَّمَا يُولدون عَلَى مَا يَصيرون إِلَيْهِ مِنْ إسلامٍ أَو كفرٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وسأَلت مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الإِسلام قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ؛ يَذْهَبُ إِلَى أَنه لَوْ كَانَ يُولدُ عَلَى الفِطْرَةِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَن يُهَوِّدَه أَبوان مَا وَرِثَهُما وَلَا وَرِثَاه لأَنه مُسْلِمٌ وَهُمَا كَافِرَانِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَبَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مَعْنَى قوله الْحَدِيثِ فَذَهَبَ إِلَى أَنَ
قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مَوْلُودٍ يُولد عَلَى الفِطْرةِ
، حُكْم مِنَ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ الحُكْم مِنْ بَعْدُ؛ قَالَ: وَلَيْسَ الأَمرُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ
كلُّ مَوْلُودٍ يُولد عَلَى الفِطْرةِ
خَبَرٌ أَخبر بِهِ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عن قضاءٍ سبقَ مِنَ اللَّهِ لِلْمَوْلُودِ، وكتابٍ كَتَبَه المَلَكُ بأَمر اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ مِنْ سعادةٍ أَو شقاوةٍ، والنَّسْخ لَا يَكُونُ فِي الأَخْبار إِنَّمَا النَّسْخُ فِي الأَحْكام؛ قَالَ: وقرأْت بِخَطِّ شِمْرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ: أَن إِسحاق بْنِ إِبراهيم الحَنْظلي رَوَى حديثَ
أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مولودٍ يُولد عَلَى الْفِطْرَةِ
[الْحَدِيثَ] ثُمَّ قرأَ أَبو هُرَيْرَةَ بَعْدَمَا حَدَّثَ بِهَذَا الحديث: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
. قَالَ إِسْحَاقُ: وَمَعْنَى قَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى مَا فَسَّر أَبو هُرَيْرَةَ حِينَ قَرَأَ: فِطْرَتَ اللَّهِ
، وقولَه: لَا تَبْدِيلَ، يَقُولُ: لَتلْكَ الخلقةُ الَّتِي خَلَقهم عَلَيْهَا إِمَّا لجنةٍ أَو لنارٍ حِينَ أَخْرَجَ مِنْ صُلْب آدَمَ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ هُوَ خالِقُها إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ، فَيَقُولُ كلُّ مولودٍ يُولَدُ عَلَى تِلْكَ الفِطْرةِ، أَلا تَرَى غلامَ الخَضِر، عليه السلام؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: طَبَعهُ اللَّهُ يَوْمَ طَبَعه كَافِرًا وَهُوَ بَيْنُ أَبوين مُؤْمِنَيْنِ فأَعْلَمَ اللهُ الخضرَ، عليه السلام، بِخلْقته الَّتِي خَلَقَه لَهَا، وَلَمْ يُعلم مُوسَى، عليه السلام، ذَلِكَ فأَراه اللَّهُ تِلْكَ الْآيَةَ لِيَزْدَادَ عِلْماً إِلَى عِلْمِهِ
؛ قَالَ:
وَقَوْلُهُ فأَبواهُ يُهوِّدانِهِ ويُنَصِّرانِه
، يَقُولُ: بالأَبوين يُبَيِّن لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي أَحكامكم مِنَ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا، يَقُولُ: إِذَا كَانَ الأَبوان مُؤْمِنَيْنِ فاحْكُموا لِولدهما بِحُكْمِ الأَبوين فِي الصَّلَاةِ وَالْمَوَارِيثِ والأَحكام، وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَاحْكُمُوا لِوَلَدِهِمَا بِحَكَمِ الْكُفْرِ «2» .... أَنتم فِي الْمَوَارِيثِ وَالصَّلَاةِ؛ وأَما خِلْقَته الَّتِي خُلِقَ لَهَا فَلَا عِلْمَ لَكُمْ بِذَلِكَ، أَلا تَرَى أَن
ابْنَ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، حِينَ كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ فِي قَتْلِ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ، كَتَبَ إِلَيْهِ: إنْ علمتَ مِنْ صِبْيَانِهِمْ مَا عَلِمَ الخضُر مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَهُ فاقْتُلْهُم
؟ أَراد بِهِ أَنه لَا يَعْلَمُ عِلْمَ الخضرِ أَحدٌ فِي ذَلِكَ لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ كَمَا خَصَّه بأَمر السَّفِينَةِ وَالْجِدَارِ، وَكَانَ مُنْكَراً فِي الظَّاهِرِ فَعَلَّمه اللَّهُ عِلْمَ الْبَاطِنِ، فَحَكَم بِإِرَادَةِ الله
(2). كذا بياض بالأصل
تَعَالَى فِي ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَذَلِكَ أَطفال قَوْمِ نُوحٍ، عليه السلام، الَّذِينَ دَعَا عَلَى آبَائِهِمْ وَعَلَيْهِمْ بالغَرَقِ، إِنَّمَا اسْتَجَازَ الدُّعَاءُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَهُمْ أَطفال لأَن اللَّهَ عز وجل أَعلمه أَنهم لَا يُؤْمِنُونَ حَيْثُ قَالَ لَهُ: لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ، فأَعْلَمه أَنهم فُطِروا عَلَى الْكُفْرِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالَّذِي قَالَهُ إِسحاق هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الكتابُ ثُمَّ السنَّةُ؛ وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها
: مَنْصُوبٌ بِمَعْنَى اتَّبِعْ فِطْرَةَ اللَّهِ، لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ: فَأَقِمْ وَجْهَكَ، اتَبِعِ الدينَ القَيّم اتَّبِعْ فِطْرَةَ اللَّهِ أَي خِلْقةَ اللَّهِ الَّتِي خَلَق عَلَيْهَا الْبَشَرَ. قَالَ:
وَقَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مولودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطرةِ
، مَعْنَاهُ أَن اللَّهَ فَطَرَ الْخَلْقَ عَلَى الإِيمان بِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ ذريتَه كالذَّرِّ وأَشهدهم عَلَى أَنفسهم بأَنه خالِقُهم، وَهُوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ
…
إِلَى قَوْلِهِ: قالُوا بَلى شَهِدْنا؛ قَالَ: وكلُّ مولودٍ هُوَ مِنْ تِلْكَ الذريَّةِ الَّتِي شَهِدَتْ بأَن اللَّهَ خالِقُها
، فَمَعْنَى فِطْرَة اللَّهِ أَي دينَ اللَّهِ الَّتِي فَطَر النَّاسَ عَلَيْهَا؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ إِسحاقُ بْنُ إِبراهيم فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ، قَالَ: والصحيح في قوله: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها
، اعلَمْ فِطْرةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ؛ أَي لَا تَبْدِيلَ لِمَا خَلَقَهم لَهُ مِنْ جَنَّةٍ أَو نَارٍ؛ والفِطْرةُ: ابْتِدَاءُ الْخِلْقَةِ هَاهُنَا؛ كَمَا قَالَ إِسْحَاقُ. ابْنُ الأَثير فِي قَوْلِهِ:
كلُّ مولودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرةِ
، قَالَ: الفَطْرُ الِابْتِدَاءُ وَالِاخْتِرَاعُ، والفِطرَةُ مِنْهُ الْحَالَةُ، كالجِلْسةِ والرِّكْبةِ، وَالْمَعْنَى أَنه يُولَدُ عَلَى نَوْعٍ من الجِبِلَّةِ والطَّبْعِ المُتَهَيِّئ لِقَبُولِ الدِّين، فَلَوْ تُرك عَلَيْهَا لَاسْتَمَرَّ عَلَى لُزُومِهَا وَلَمْ يُفَارِقْهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يَعْدل عَنْهُ مَنْ يَعْدل لِآفَةٍ مِنْ آفَاتِ الْبَشَرِ وَالتَّقْلِيدِ، ثُمَّ مَثَّلَ بأَولاد الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي اتِّبَاعِهِمْ لِآبَائِهِمْ وَالْمِيلِ إِلَى أَديانهم عَنْ مُقْتَضَى الفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كلُّ مولودٍ يُولد عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى والإِقرار بِهِ فَلَا تَجِد أَحداً إِلَّا وَهُوَ يُقِرّ بأَن لَهُ صَانِعًا، وَإِنْ سَمَّاه بِغَيْرِ اسْمِهِ، وَلَوْ عَبَدَ مَعَهُ غَيْرَهُ، وَتَكَرَّرَ ذِكْرُ الفِطْرةِ فِي الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: عَلَى غَيْرِ فِطْرَة مُحَمَّدٍ
؛ أَراد دِينَ الإِسلام الَّذِي هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَشْر مِنَ الفِطْرةِ
؛ أَي مِنَ السُّنّة يَعْنِي سُنن الأَنبياء، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، الَّتِي أُمِرْنا أَن نَقْتَدِيَ بِهِمْ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: وجَبَّار الْقُلُوبِ عَلَى فِطَراتِها
أَي عَلَى خِلَقِها، جَمْعُ فِطَر، وفِطرٌ جَمْعُ فِطْرةٍ، وَهِيَ جَمْعُ فِطْرةٍ ككِسْرَةٍ وكِسَرَات، بِفَتْحِ طَاءِ الْجَمِيعِ. يُقَالُ فِطْرات وفِطَرَات وفِطِرَات. ابْنُ سِيدَهْ: وفَطَر الشَّيْءَ أَنشأَه، وفَطَر الشَّيْءَ بدأَه، وفَطَرْت إِصْبَعَ فُلَانٍ أَي ضَرَبْتُهَا فانْفَطَرتْ دَمًا. والفَطْر لِلصَّائِمِ، وَالِاسْمُ الفِطْر، والفِطْر: نَقِيضُ الصَّوْمِ، وَقَدْ أَفْطَرَ وفَطَر وأَفْطَرَهُ وفَطَّرَه تَفْطِيراً. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فَطَرْته فأَفْطَرَ، نَادِرٌ. وَرَجُلٌ فِطْرٌ. والفِطْرُ: الْقَوْمُ المُفْطِرون. وَقَوْمٌ فِطْرٌ، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ، ومُفْطِرٌ مِنْ قَوْمِ مَفاطير؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، مِثْلُ مُوسِرٍ ومَياسير؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: إِنَّمَا ذَكَّرَتْ مِثْلَ هَذَا الْجَمْعِ لأَن حُكْمَ مِثْلِ هَذَا أَن يُجْمَعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فِي المذكَّر، وبالأَلف وَالتَّاءِ فِي الْمُؤَنَّثِ. والفَطُور: مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الفَطُورِيّ، كأَنه مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا
أَقبل اللَّيْلُ وأَدبر النَّهَارُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ
أَي دَخَلَ فِي وَقْتِ الفِطْر وحانَ لَهُ أَن يُفْطِرَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه قَدْ صَارَ فِي حُكْمِ المُفْطِرين، وَإِنْ لَمْ يأْكل وَلَمْ يَشْرَبْ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَفْطَرَ الحاجمُ والمحجومُ
أَي تَعرَّضا للإِفطارِ، وَقِيلَ: حَانَ لَهُمَا أَن يُفْطِرَا، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّغْلِيظِ لَهُمَا وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا. وفَطَرَتِ المرأَةُ العجينَ حَتَّى اسْتَبَانَ فِيهِ الفُطْرُ، والفَطِير: خلافُ الخَمِير، وَهُوَ الْعَجِينُ الَّذِي لَمْ يَخْتَمِرُ. وفَطَرْتُ العجينَ أَفْطِره [أَفْطُره] فَطْراً إِذَا أَعجلته عَنْ إِدْرَاكِهِ. تَقُولُ: عِنْدِي خُبْزٌ خَمِيرٌ وحَيْسٌ فَطِيرٌ أَي طَرِيّ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: مَاءٌ نَمِيرٌ وحَيْسٌ فَطِير
أَي طَريٌّ قَرِيبٌ حَدِيثُ العَمَل. وَيُقَالُ: فَطَّرْتُ الصائمَ فأَفْطَر، وَمِثْلُهُ بَشَّرْتُه فأَبْشَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفطر الحاجمُ والمَحْجوم.
وفَطَر العجينَ يَفْطِرُه ويَفْطُره، فَهُوَ فَطِيرٌ إِذَا اخْتَبَزَهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَمْ يُخَمّرْه، وَالْجَمْعُ فَطْرَى، مَقصورة. الْكِسَائِيُّ: خَمَرْتُ الْعَجِينَ وفَطَرْته، بِغَيْرِ أَلف، وخُبْز فَطِير وخُبْزة فَطِير، كِلَاهُمَا بِغَيْرِ هَاءٍ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ، وَكَذَلِكَ الطِّينُ. وَكُلُّ مَا أُعْجِلَ عَنْ إِدْرَاكِهِ: فَطِير. اللَّيْثُ: فَطَرْتُ العجينَ وَالطِّينَ، وَهُوَ أَن تَعْجِنَه ثُمَّ تَخْتَبزَه مِنْ سَاعَتِهِ، وَإِذَا تَرَكْتَهُ ليَخْتَمِرَ فَقَدْ خَمَّرْته، وَاسْمُهُ الفَطِير. وَكُلُّ شيءٍ أَعجلته عَنْ إِدْرَاكِهِ، فَهُوَ فَطِير. يُقَالُ: إِيايَ والرأْيَ الفَطِير؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: شَرُّ الرأْيِ الفَطِير. وفَطَرَ جِلْدَه، فَهُوَ فَطِيرٌ، وأَفْطَره: لَمْ يُرْوِه مِنْ دِباغٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَيُقَالُ: قَدْ أَفْطَرْتَ جِلْدَكَ إِذَا لَمْ تُرْوِه مِنَ الدِّبَاغِ. والفَطِيرُ مِنَ السِّياطِ: المُحَرَّمُ الَّذِي لَمْ يُجَدْ دباغُه. وفِطْرٌ، مِنْ أَسمائهم: مُحَدِّثٌ، وَهُوَ فِطْرُ بن خليفة.
فعر: الفَعْرُ: لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ، زَعَمُوا أَنه الهَيْشُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحُقُّ ذَاكَ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: الفَعْرُ أَكل الفَعارِير، وَهِيَ صغارُ الذَّآنَيْنِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُقَوِّي قولَ ابْنِ دريد:
فغر: فَغَر فَاهُ يَفْغَرُه ويَفْغُره؛ الأَخيرة عَنْ أَبِي زَيْدٍ، فَغْراً وفُغُوراً: فَتَحَهُ وشحَاه؛ وَهُوَ واسعُ فَغْرِ الفَمِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ حَمَامَةً:
عَجِبْتُ لَهَا أَنَّى يَكُونُ غِناؤُها
…
فَصيحاً، وَلَمْ تَفْغَرْ بمَنْطقها فَمَا؟
يَعْنِي بالمَنْطِق بُكَاءَهَا. وفَغَرَ الفَمُ نفْسُه وانْفَغَر: انْفَتَحَ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا: فيَفْغَرُ فَاهُ فيُلْقِمه حَجَراً أَي بفتحه. وَفِي حَدِيثِ
أَنس، رضي الله عنه: أَخَذَ تمراتٍ فَلاكَهُنَّ ثُمَّ فَغَر فَا الصبيِّ وَتَرَكَهَا فِيهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَصَا مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
فإِذا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فاغِرَةٌ فَاهَا.
وَفِي حَدِيثِ
النَّابِغَةِ الجَعْدِيّ: كُلَّما سَقَطَتْ لَهُ سِنٌّ فَغَرَتْ لَهُ سِنٌ
؛ قَوْلُهُ فَغَرَتْ أَي طَلَعَتْ، مِنْ قَوْلِكَ فَغَر فَاهُ إِذَا فَتَحَهُ، كأَنها تَتَفَطَّرُ وتَتَفَتَّح كَمَا يَنْفَطِرُ ويَنْفَتِحُ النَّبَاتُ؛ قَالَ الأَزهري: صَوَابُهُ ثَغَرَتْ، بِالثَّاءِ، إِلَّا أَن تَكُونَ الْفَاءُ مُبْدَلَةً مِنَ الثَّاءِ. وفَغْرُ الفَم: مَشَقُّه. وأَفْغَرَ النجمُ، وَذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ، لأَن الثُّرَيَّا إِذا كَبَّدَ السماءَ مَنْ نَظَر إِلَيْهِ فَغَر فَاهُ أَي فَتَحَهُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: فَغَرَ النجمُ، وَهُوَ الثُّرَيَّا إِذَا حَلَّقَ فَصَارَ عَلَى قِمَّةِ رأْسِك، فَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ فَغَر فَاهُ. والفَغْرُ: الوَرْدُ إِذَا فَتَّحَ. قَالَ اللَّيْثُ: الفَغْرُ الوردُ إِذَا فَغَمَ وفَقَّحَ. قَالَ الأَزهري: إِخَالُهُ أَراد الفَغْوَ، بِالْوَاوِ، فصحَّفه وَجَعَلَهُ رَاءً. وانْفَغَر النَّوْرُ: تَفَتَّح.
والمَفْغَرَةُ: الأَرض الْوَاسِعَةُ، وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ الفَجْوَةُ فِي الْجَبَلِ إِذا كَانَتْ دُونَ الكَهْف مَفْغَرةً، وكلُّه مِنَ السَّعَة. والفُغَرُ: أَفواه الأَوْدِية، الْوَاحِدَةُ فُغرَةٌ؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ:
كالبيضِ فِي الرَّوْضِ المُنَوِّرِ قَدْ
…
أَفْضَى إِليه، إِلى الكَثِيبِ، فُغَرْ
والفَغَّار: لَقَبُ رَجُلٌ مِنْ فُرْسَانِ الْعَرَبِ سُمِّيَ بِهَذَا الْبَيْتِ:
فَغَرْتُ لَدَى النعمانِ لَمَّا لَقِيتُهُ،
…
كَمَا فَغَرتْ للحَيْض شَمْطاءُ عارِكُ
والفَاغِرةُ: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيب، وَقِيلَ: إِنه أُصول النَّيْلُوفَرِ الْهِنْدِيِّ. والفاغِرُ: دُوَيْبَّة أَبرق الأَنفِ يَلْكَعُ الناسَ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ كالغارِب، ودُوَيْبَّة لَا تَزَالُ فاغِرةً فَاهَا يُقَالُ لَهَا الْفَاغِرُ. وفِغْرَى: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ كُثَيّر عَزَّة:
وأَتْبَعْتُها عَيْنَيَّ، حَتَّى رأَيتُها
…
أَلَمَّتْ بفِغْرَى والقِنَان تَزُورُها
فقر: الفَقْر والفُقْر: ضِدُّ الغِنى، مِثْلُ الضَّعْفِ والضُّعْف. اللَّيْثُ: والفُقْر لُغَةٌ رَدِيئَةٌ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وقَدْرُ ذَلِكَ أَن يَكُونَ لَهُ مَا يَكْفي عيالَه، وَرَجُلٌ فَقِيرٌ مِنَ الْمَالِ، وَقَدْ فَقُرَ، فَهُوَ فَقير، وَالْجَمْعُ فُقَراءُ، والأُنثى فَقِيرةٌ مِنْ نِسْوَةٍ فَقَائِر؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: نِسْوَةٌ فُقَراءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا، قَالَ: وَعِنْدِي أَن قَائِلَ هَذَا مِنَ الْعَرَبِ لَمْ يَعْتدّ بِهَاءِ التأْنيث فكأَنه إِنما جَمَعَ فَقِيرًا، قَالَ: وَنَظِيرُهُ نِسْوَةٌ فُقَهاءُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الفَقِيرُ الَّذِي لَهُ بُلْغَةٌ مِنَ الْعَيْشِ؛ قَالَ الرَّاعِي يَمْدَحُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوان وَيَشْكُو إِليه سُعاته:
أَما الفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ
…
وَفْقَ العِيال، فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ
قَالَ: وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ. وَقَالَ يُونُسُ: الفَقِيرُ أَحسن حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ. قَالَ: وَقُلْتُ لأَعرابي مَرَّةً: أَفَقِيرٌ أَنت؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ بَلْ مِسْكِينٌ؛ فَالْمِسْكِينُ أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الفَقِيرُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، قَالَ: وَالْمِسْكِينُ مِثْلُهُ. والفَقْر: الْحَاجَةُ، وَفِعْلُهُ الافْتِقارُ، وَالنَّعْتُ فَقِيرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ
؛ سُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ تَفْسِيرِ الفَقِير وَالْمِسْكِينِ فَقَالَ: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ فِيمَا يَروي عَنْهُ يونُس: الفَقِيرُ الَّذِي لَهُ مَا يَأْكل، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ؛ وَرَوَى ابْنُ سَلَامٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ: الفَقِيرُ يَكُونُ لَهُ بَعْضُ مَا يُقيمه، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ؛ ويُرْوى عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ أَنه قَالَ: كأَن الفَقِيرَ إِنما سُمِّي فَقِيراً لِزَمانةٍ تُصِيبُهُ مَعَ حَاجَةٍ شَدِيدَةٍ تَمْنَعُهُ الزَّمانةُ مِنَ التَّقَلُّب فِي الْكَسْبِ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا هُوَ الفَقِيرُ. الأَصمعي: الْمِسْكِينُ أَحسن حَالًا مِنَ الفَقِيرِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَحمد بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا لأَن اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى مَنْ لَهُ الفُلْك مِسْكِينًا، فَقَالَ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ؛ وَهِيَ تُسَاوِي جُمْلة؛ قَالَ: وَالَّذِي احْتَجَّ بِهِ يُونُسُ مِنْ أَنه قَالَ لأَعرابي أَفَقيرٌ أَنت؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ بَلْ مِسْكِينٌ، يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد لَا وَاللَّهِ بَلْ أَنَا أَحسن حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَالْبَيْتُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، لأَن الْمَعْنَى كَانَتْ لِهَذَا الفَقِيرِ حَلوبةٌ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَتْ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَلوبَةٌ؛ وَقِيلَ الفَقِيرُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَهُ بَعْضُ مَا
يَكْفِيه؛ وإِليه ذَهَبَ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، وَقِيلَ فِيهِمَا بِالْعَكْسِ، وإِليه ذَهَبَ أَبو حَنِيفَةَ، رحمه الله، قَالَ: والفَقِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى فَقُرَ قِيَاسًا وَلَمْ يُقَلْ فِيهِ إِلا افْتَقَر يَفْتَقِرُ، فَهُوَ فَقِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَادَ البراءَ بنَ مالكٍ، رضي الله عنه، فِي فَقَارة مِنْ أَصحابه
أَي فِي فَقْرٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ
، قَالَ الْفَرَّاءُ: هُمْ أَهل صُفَّةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، كَانُوا لَا عَشَائِرَ لَهُمْ، فَكَانُوا يَلْتَمِسُونَ الْفَضْلَ فِي النَّهَارِ ويأْوون إِلى الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَالْمَسَاكِينُ الطَوَّافون عَلَى الأَبواب. وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: الفُقَراءُ الزَّمْنَى الضِّعَافُ الَّذِينَ لَا حِرْفَةَ لَهُمْ، وأَهل الحِرْفةِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي لَا تَقَعُ حرْفتُهم مِنْ حَاجَّتْهُمْ مَوْقِعًا، وَالْمَسَاكِينُ: السُّؤَّالُ مِمَّنْ لَهُ حرفةٌ تَقَعُ مَوْقِعاً وَلَا تُغْنِيهِ وعيالَهُ، قَالَ الأَزهري: الفَقِيرُ أَشد حَالًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الفَقِيرُ، عِنْدَ الْعَرَبِ، الْمُحْتَاجُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ
؛ أَي الْمُحْتَاجُونَ إِليه، فأَما الْمِسْكِينُ فَالَّذِي قَدْ أَذلَّه الفَقْرُ، فإِذا كَانَ هَذَا إِنما مَسْكَنَتُه مِنْ جِهَةِ الفَقْر حلَّتْ لَهُ الصَّدَقَةُ وَكَانَ فَقيراً مِسْكِينًا، وإِذا كَانَ مِسْكِينًا قَدْ أَذلَّهُ سِوَى الفَقْرِ فَالصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لَهُ، إِذ كَانَ شَائِعًا فِي اللُّغَةِ أَن يُقَالَ: ضُرِبَ فلانٌ المسكينُ وظُلِمَ المسكينُ، وَهُوَ مِنْ أَهل الثَّرْوَةِ واليَسار، وإِنما لَحِقَهُ اسْمُ الْمِسْكِينِ مِنْ جِهَةِ الذِّلَّةِ، فَمَنْ لَمْ تَكُنْ مسكنتُه مِنْ جِهَةِ الفَقْر فالصدقةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ، عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: عَدْلُ هَذِهِ الملةِ الشَّرِيفَةِ وإِنْصافُها وكَرَمُها وإِلطافها إِذا حَرَّمَت صدقةَ الْمَالِ عَلَى مِسْكِينِ الذِّلَّةِ أَباحَتْ لَهُ صدقةَ القُدْرةِ، فَانْتَقَلَتِ الصدقةُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ ذِي الغِنَى إِلى نُصْرة ذِي الجَاهِ، فالدِّينُ يَفْرِضُ لِلْمِسْكِينِ الفَقِيرِ مَالًا عَلَى ذَوِي الغِنَى، وَهُوَ زَكَاةُ الْمَالِ، والمُرُوءةُ تَفْرِضُ لِلْمِسْكِينِ الذليلِ عَلَى ذَوِي الْقُدْرَةِ نُصْرَةً، وَهُوَ زَكَاةُ الْجَاهِ، لِيَتَسَاوَى مَنْ جَمَعَتْهُ أُخُوَّةُ الإِيمانِ فِيمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى للأَغنياء مِنْ تَمْكينٍ وإِمكان، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ ذُو الغِنَى والقدرةِ والمُجازِي عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَى مِسْكِينِ الفَقْرِ والنُّصْرَةِ لِمِسْكِينِ الذِّلَّةِ، وإِليه الرَّغْبَةُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى مِسْكِينَيْنَا بالنُّصرةِ والغِنَى ونَيْلِ المُنَى، إِنه غنيٌّ حَمِيدٌ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا افْتَقَر كَمَا قَالُوا اشتَدَّ، وَلَمْ يَقُولُوا فَقُر كَمَا لَمْ يَقُولُوا شَدُدَ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ. وأَفْقَرَهُ اللَّهُ مِنَ الفَقْرِ فافْتَقَرَ. والمَفَاقِرُ: وُجُوهُ الفَقْرِ لَا وَاحِدَ لَهَا. وشَكَا إِليه فُقُورَه أَي حاجتَه. وأَخبره فُقُورَه أَي أَحْوالَه. وأَغنى اللَّهُ مَفَاقِرَه أَي وُجُوه فَقْره. وَيُقَالُ: سَدّ اللَّهُ مَفاقِره أَي أَغناه وسَدَّ وُجوه فَقْره؛ وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ أَنه أَنشد:
لَمَالُ المَرْءِ يُصْلِحه، فيُغْني
…
مَفاقِرَه، أَعفّ مِنَ القُنُوعِ
المَفاقِر: جَمْعُ فَقْر عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كالمَشابه والمَلامحِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ مَفْقَر مَصْدَرَ أَفْقَره أَو جَمْعَ مُفْقِرٍ. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ مَا أَفْقَره وَمَا أَغْناه، شَاذٌّ لأَنه يُقَالُ فِي فِعْلَيْهما افْتَقَرَ وَاسْتَغْنَى، فَلَا يَصِحُّ التعَجُّب مِنْهُ. والفِقْرة والفَقْرة والفَقَارة، بِالْفَتْحِ: وَاحِدَةُ فَقَار الظَّهْرِ، وَهُوَ مَا انْتَضَدَ مِنْ عِظام الصُّلْبِ مِنْ لَدُن الكاهِل إِلى العَجْب، وَالْجَمْعُ فِقَر وفَقَارٌ، وَقِيلَ فِي الْجَمْعِ: فِقْرات وفِقَرات وفِقِرات. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَقَلُّ فِقَر البَعِير ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وأَكثرها إِحدى وَعِشْرُونَ إِلى ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وفَقَار الإِنسان سَبْعٌ. وَرَجُلٌ مَفقُور وفَقِير: مَكْسُورُ الفَقَار؛
قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ لُبَداً وَهُوَ السَّابِعُ مِنْ نُسُور لُقْمان بْنِ عَادٍ:
لَمَّا رأَى لُبَدُ النُّسورَ تطايَرَتْ،
…
رَفَعَ القَوادِم كالفَقِيرِ الأَعْزَلِ
والأَعْزَلُ مِنَ الْخَيْلِ: الْمَائِلُ الذَّنَب. وَقَالَ: الفَقِير الْمَكْسُورُ الفَقَار؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِكُلِّ ضعيفٍ لَا ينفُذ فِي الأُمور. التَّهْذِيبُ: الْفَقِيرُ مَعْنَاهُ المَفْقُور الَّذِي نُزِعت فِقَره مِنْ ظَهْرِهِ فَانْقَطَعَ صُلْبه مِنْ شِدَّةِ الفَقْر، فَلَا حَالَ هِيَ أَوكد مِنْ هذه. أَبو الهثيم: للإِنسان أَربع وَعِشْرُونَ فَقَارةً وأَربع وَعِشْرُونَ ضِلَعاً، سِتُّ فَقَاراتٍ فِي الْعُنُقِ وَسِتُّ فَقَاراتٍ فِي الْكَاهِلِ، وَالْكَاهِلُ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ، بَيْنَ كُلِّ ضِلَعَينِ مِنْ أَضلاع الصَّدْرِ فَقَارةٌ مِنْ فَقَاراتِ الْكَاهِلِ السِّتِّ ثُمَّ ستُّ فَقَاراتٍ أَسفلُ مِنْ فَقَاراتِ الْكَاهِلِ، وَهِيَ فَقَاراتُ الظهرِ الَّتِي بِحِذاء الْبَطْنِ، بَيْنَ كلِ ضِلَعَيْنِ مِنْ أَضلاع الْجَنْبَيْنِ فَقَارةٌ مِنْهَا، ثُمَّ يُقَالُ لِفَقَارةٍ وَاحِدَةٍ تَفَرُقُ بَيْنَ فَقَارِ الظَّهْرِ والعَجُزِ: القَطاةُ، وَيَلِي القَطاةَ رأْسا الوَرِكَيْنِ، ويقال لهما: الغُرابانِ أَبعدُهما تمامُ فَقارِ العَجُز، وَهِيَ سِتُّ فَقَاراتٍ آخِرُهَا القُحْقُحُ والذَّنَبُ مُتَّصِلٌ بِهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا الجَاعِرتانِ، وَهُمَا رأْسا الْوَرِكَيْنِ اللَّذَانِ يَلِيَانِ آخِرَ فَقَارةٍ مِنْ فَقَاراتِ العَجُز، قَالَ: والفَهْقَةُ فَقارةٌ فِي أَصل الْعُنُقِ دَاخِلَةٌ فِي كُوَّةِ الدِّمَاغِ الَّتِي إِذا فُصِلَتْ أَدخل الرَّجُلُ يَدَهُ فِي مَغْرزِها فَيُخْرِجُ الدِّمَاغَ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: مَا بَيْنَ عَجْبِ الذَّنَب إِلى فِقْرةِ الْقَفَا ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ فِقْرَة فِي كُلِّ فِقْرَةٍ أَحد وَثَلَاثُونَ دِينَارًا
، يَعْنِي خَرَز الظَّهْرِ. وَرَجُلٌ فَقِرٌ: يَشْتَكِي فَقارَهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وإِذا تَلْسُنُني أَلْسُنُها،
…
إِنَّني لسْتُ بمَوْهونٍ فَقِرْ
وأَجود بَيْتٍ فِي الْقَصِيدَةِ يُسَمَّى فِقْرَةً، تَشْبِيهًا بفِقْرةِ الظَّهْرِ. والفاقِرةُ: الدَّاهِيَةُ الْكَاسِرَةُ للفَقَارِ. يُقَالُ: عَمِلَ بِهِ الفاقِرةَ أَي الداهية. قَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ؛ الْمَعْنَى تُوقِنُ أَن يُفْعَلَ بِهَا دَاهِيَةً مِنَ الْعَذَابِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ وَقَدْ جَاءَتْ أَسماء الْقِيَامَةِ وَالْعَذَابِ بِمَعْنَى الدَّوَاهِي وأَسمائها؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الفاقِرةُ دَاهِيَةٌ تَكْسِرُ الظَّهْرِ. والفاقِرةُ: الدَّاهِيَةُ وَهُوَ الْوَسْمُ «3» الَّذِي يَفْقِرُ الأَنف. وَيُقَالُ: فَقَرَتْه الفاقِرةُ أَي كَسَرَتْ فَقَارَ ظَهْرِهِ. وَيُقَالُ أَصابته فاقِرةٌ وَهِيَ الَّتِي فَقَرَتْ فَقَارَه أَي خَرَز ظَهْرَهُ. وأَفْقَرَك الصيدُ: أَمْكَنَك مِنْ فَقارِه أَي فارْمِه، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قَدْ قَرُبَ مِنْكَ. وَفِي حَدِيثِ
الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَفْقَر بَعْدَ مَسْلَمَةَ الصيدُ لِمَنْ رَمى
أَي أَمكن الصيدُ مِنْ فَقارِه لِرَامِيهِ؛ أَراد أَن عَمَّهُ مَسْلَمَةَ كَانَ كَثِيرَ الْغَزْوِ يَحْمي بيضةَ الإِسلام وَيَتَوَلَّى سِدادَ الثُّغُورِ، فَلَمَّا مَاتَ اخْتَلَّ ذَلِكَ وأَمكن الإِسلامُ لِمَنْ يَتَعَرَّضُ إِليه. يُقَالُ: أَفقرك الصيدُ فارْمِه أَي أَمكنك مِنْ نَفْسِهِ. وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدَةَ وجوهَ العَوارِيّ وَقَالَ: أَما الإِفقارُ فأَن يُعْطِيَ الرجلُ الرجلَ دَابَّتَهُ فَيَرْكَبُهَا مَا أَحب فِي سَفَرٍ ثُمَّ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَفْقَرْتُ فُلَانًا بَعِيرًا إِذا أَعرته بَعِيرًا يَرْكَبُ ظَهْرَهُ فِي سَفَرٍ ثُمَّ يَرُدُّهُ. وأَفْقَرَني ناقتَه أَو بَعِيرَهُ: أَعارني ظَهْرَهُ لِلْحَمْلِ أَو لِلرُّكُوبِ، وَهِيَ الفُقْرَى عَلَى مِثَالِ العُمْرَى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَهُ رَبَّةٌ قَدْ أَحْرَمَتْ حِلَّ ظَهْرِه،
…
فَمَا فِيهِ لِلفُقْرَى وَلَا الحَجِّ مَزْعَمُ
(3). قوله [وهو الوسم] ظاهره أن الفاقرة تطلق على الوسم، ولم نجد ما يؤيده في الكتب التي بأيدينا، فإن لم يكن صحيحاً فلعل في العبارة سقطاً؛ والأَصل والفاقرة الداهية من الفقر وهو الوسم إلخ
وأَفقرتُ فُلَانًا نَاقَتِي أَي أَعرته فَقَارَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا يَمْنَعُ أَحدَكم أَن يُفْقِرَ البعيرَ مِنْ إِبله
أَي يُعيره لِلرُّكُوبِ. يُقَالُ: أَفقر البعيرَ يُفْقِرُه إِفقاراً إِذا أَعاره، مأْخوذ مِنْ رُكُوبِ فَقارِ الظَّهْرِ، وَهُوَ خَرَزَاتُه، الْوَاحِدَةُ فَقارَة وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
وَمِنْ حَقِّها إِفْقارُ ظهرِها.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَنه اشْتَرَى مِنْهُ بَعِيرًا وأَفْقَره ظهرَه إِلى الْمَدِينَةِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ ثُمَّ إِنه أَفْقَر المُقْرِضَ دابتَه، فَقَالَ: مَا أَصاب مِنْ ظَهْرِ دَابَّتِهِ فَهُوَ رِبًا.
وَفِي حَدِيثِ الْمُزَارَعَةِ:
أَفْقِرْها أَخاك
أَي أَعِرْه أَرضك لِلزِّرَاعَةِ، اسْتَعَارَهُ للأَرض مِنَ الظَّهْرِ. وأَفْقَرَ ظهرُ المُهْرِ: حَانَ أَن يُرْكَبَ. ومُهْر مُفْقِر: قَوِيُّ الظَّهْرِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِنه لَمُفْقِرٌ لِذَلِكَ الأَمر أَي مُقْرنٌ لَهُ ضَابِطٌ؛ مُفْقِرٌ لِهَذَا العَزْم وَهَذَا القِرْنِ ومُؤْدٍ سَوَاءٌ. والمُفَقَّر مِنَ السُّيُوفِ: الَّذِي فِيهِ حُزُوز مُطَمْئِنَةٌ عَنْ مَتْنِهِ؛ يُقَالُ مِنْهُ: سَيْفٌ مُفَقَّر. وكلُّ شَيْءٍ حُزَّ أَو أُثِّرَ فِيهِ، فَقَدْ فُقِّرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ اسْمُ سيف النبي، صلى الله عليه وسلم، ذَا الفَقَارِ
؛ شَبَّهُوا تِلْكَ الْحُزُوزَ بالفَقارِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سُمِّي سيف النبي، صلى الله عليه وسلم، ذَا الفَقار لأَنه كَانَتْ فِيهِ حُفَرٌ صِغار حِسانٌ، وَيُقَالُ للحُفْرة فُقْرة، وَجَمْعُهَا فُقَر؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ للرُّمْح، فَقَالَ:
فَمَا ذُو فَقارٍ لَا ضُلُوعَ لجوفِه،
…
لَهُ آخِرٌ مِنْ غَيْرِهِ ومُقَدَّمُ؟
عَنَى بِالْآخِرِ والمُقَدَّم الزُّجَّ والسِّنانَ، وَقَالَ: مِنْ غَيْرِهِ لأَنهما مِنْ حَدِيدٍ، وَالْعَصَا لَيْسَتْ بِحَدِيدٍ. والفُقْر: الْجَانِبُ، وَالْجَمْعُ فُقَر، نَادِرٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ قِيلَ: إِن قَوْلَهُمْ أَفْقَرَكَ الصيدُ أَمكنكَ مِنْ جَانِبِهِ. وفَقَرَ الأَرضَ وفَقَّرَها: حَفَرَهَا. والفُقْرةُ: الحُفرة؛ ورَكِيَّة فَقِيرةٌ مَفْقُورةٌ. والفَقِيرُ: الْبِئْرُ الَّتِي تُغْرَسُ فِيهَا الفَسِيلةُ ثُمَّ يُكْبَسُ حولَها بتُرْنُوقِ المَسِيل، وَهُوَ الطِّينُ، وبالدِّمْنِ وَهُوَ الْبَعْرُ، وَالْجَمْعُ فُقُر، وَقَدْ فَقَّرَ لَهَا تَفْقِيراً. الأَصمعي: الوَدِيَّة إِذا غُرِسَتْ حَفَرَ لَهَا بِئْرٌ فَغُرِسَتْ ثُمَّ كُبِسَ حَوْلَهَا بتُرْنُوق المَسِيلِ والدِّمْنِ، فَتِلْكَ الْبِئْرُ هِيَ الفَقِيرُ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَقِيرُ حَفِيرٌ يُحْفَرُ حَوْلَ الفَسِيلة إِذا غُرِسَتْ. وفَقِيرُ النَّخْلَةِ: حَفِيرَةٌ تُحْفَرُ لِلْفَسِيلَةِ إِذا حُوِّلَتْ لِتُغْرَسِ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لِسَلْمَانَ: اذْهَبْ ففَقّر الْفَسِيلَ
أَي احْفِرْ لَهَا مَوْضِعًا تُغْرَسُ فِيهِ، وَاسْمُ تِلْكَ الْحُفْرَةِ فُقْرَةٌ وفَقِيرٌ. والفَقِير: الْآبَارُ الْمُجْتَمِعَةُ الثَّلَاثُ فَمَا زَادَتْ، وَقِيلَ: هِيَ آبَارٌ تُحْفَرُ وَيَنْفُذُ بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ، وَجَمْعُهُ فُقُرٌ. وَالْبِئْرُ الْعَتِيقَةُ: فَقِير، وَجَمْعُهَا فُقُر. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، رضي الله عنه: ثُمَّ جَمَعْنَا الْمَفَاتِيحَ فَتَرَكْنَاهَا فِي فَقِيرٍ مِنْ فُقُر خَيْبَرَ
أَي بِئْرٍ مِنْ آبَارِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رضي الله عنه: أَنه كَانَ يَشْرَبُ وَهُوَ مَحْصُورٌ مِنْ فَقِيرٍ فِي دَارِهِ
أَي بِئْرٍ، وَهِيَ الْقَلِيلَةُ الْمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: وَذَكَرَ إمرأَ الْقَيْسِ فَقَالَ: افْتَقَر عَنْ مَعانٍ عُورٍ أَصَحَّ بصَرٍ
، أَي فَتَحَ عَنْ مَعَانٍ غَامِضَةٍ. وَفِي حَدِيثِ القَدَر:
قِبَلَنَا ناسٌ يتَفَقَّرون الْعِلْمِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ عَلَى الْقَافِ، قَالَ وَالْمَشْهُورُ بِالْعَكْسِ؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ المتأَخرين هِيَ عِنْدِي أَصح الرِّوَايَاتِ وأَليَقها بِالْمَعْنَى، يَعْنِي أَنهم يَسْتَخْرِجُونَ غَامِضَهُ وَيَفْتَحُونَ مُغْلَقَه، وأَصله مِنْ فَقَرْتُ الْبِئْرَ إِذا حَفَرْتُهَا لِاسْتِخْرَاجِ مَائِهَا، فَلَمَّا كَانَ القَدَرِيَّةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مِنَ الْبَحْثِ والتَتَبُّع لِاسْتِخْرَاجِ الْمَعَانِي الْغَامِضَةِ بِدَقَائِقِ التأْويلات وَصْفَهُمْ بِذَلِكَ. والفَقِيرُ: رَكِيَّة بِعَيْنِهَا مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ:
مَا لَيْلَةُ الفَقِيرِ إِلا شَيْطان،
…
مجنونةٌ تُودِي بِرُوح الإِنسانْ
لأَن السَّيْرَ إِليها مُتْعِبٌ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلشَّيْءِ إِذا اسْتَصْعَبُوهُ: شَيْطَانٌ. والفَقِيرُ: فَمُ القَناةِ الَّتِي تَجْرِي تَحْتَ الأَرض، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَقِيلَ: الفَقِيرُ مَخْرَجُ الْمَاءِ مِنَ القَناة. وَفِي حَدِيثِ
مُحَيِّصَةَ: أَن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْل قُتِلَ وطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَو فَقِيرٍ
؛ الفَقِيرُ: فَمُ القَناة. والفَقْر: أَن يُحَزَّ أَنفُ الْبَعِيرِ. وفَقَر أَنفَ الْبَعِيرِ يَفْقِرُه ويَفْقُره فَقْراً، فَهُوَ مَفْقُورٌ وفَقِيرٌ إِذا حَزَّه بِحَدِيدَةٍ حَتَّى يَخْلُصَ إِلى الْعَظْمِ أَو قَرِيبٍ مِنْهُ ثُمَّ لَوَى عَلَيْهِ جَريراً ليُذلِّلَ الصعبَ بِذَلِكَ ويَرُوضَه. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ، رضي الله عنه: فأَشار إِلى فَقْرٍ فِي أَنفه
أَي شِقٍّ وحَزٍّ كَانَ فِي أَنفه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَدْ عَمِلَ بِهِمُ الْفَاقِرَةَ. أَبو زَيْدٍ: الفَقْرُ إِنما يَكُونُ لِلْبَعِيرِ الضَّعِيفِ، قَالَ: وَهِيَ ثَلَاثُ فِقَرٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: ثلاثٌ مِنَ الفَواقِرِ
أَي الدَّوَاهِي، وَاحِدَتُهَا فاقِرَةٌ، كأَنها تَحْطِمُ فَقارَ الظَّهْرِ كَمَا يُقَالُ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ. والفَقارُ: مَا وَقَعَ عَلَى أَنفِ الْبَعِيرِ الفَقِير مِنَ الجرِيرِ؛ قَالَ:
يَتُوقُ إِلى النَّجاءِ بفَضْلِ غَرْبٍ،
…
وتَقْذَعُه الخِشَاشَةُ والفَقارُ
ابْنُ الأَعرابي: قَالَ أَبو زِيَادٍ تَكُونُ الحُرْقة فِي اللِّهْزِمَة. أَبو زِيَادٍ: وَقَدْ يُفْقَرُ الصعْب مِنَ الإِبل ثلاثةَ أَفْقُرٍ فِي خَطْمِه، فإِذا أَراد صَاحِبُهُ أَن يُذِله وَيَمْنَعَهُ مِنْ مَرَحِه جَعَلَ الجَرِيرَ عَلَى فَقْرِه الَّذِي يَلِي مِشْفَره فَمَلَكه كَيْفَ شَاءَ، وإِن كَانَ بَيْنَ الصَّعْبِ وَالذَّلُولِ جَعَلَ الْجَرِيرَ عَلَى فَقْره الأَوسط فَتَرَيَّد فِي مِشْيَتِهِ وَاتَّسَعَ، فإِذا أَراد أَن يَنْبَسِطَ وَيَذْهَبَ بلا مؤونة عَلَى صَاحِبِهِ جَعَلَ الْجَرِيرَ عَلَى فَقْره الأَعلى فَذَهَبَ كَيْفَ شَاءَ، قَالَ: فإِذا حُزَّ الأَنف حَزًّا فَذَلِكَ الفَقْرُ، وَبَعِيرٌ مَفْقُور. ورَوَى مُجالِدٌ عَنْ عَامِرٍ فِي قوله تعالى: السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا؛ قَالَ الشَّعْبِيُّ: فُقرات ابْنِ آدَمَ ثلاثٌ: يَوْمُ وُلِدَ وَيَوْمُ يَمُوتُ وَيَوْمُ يَبْعَثُ حَيًّا، هِيَ الَّتِي ذِكْرِ عِيسَى [عليه السلام؛ قَالَ: وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ الفُقرات هِيَ الأُمور الْعِظَامُ جَمْعُ فُقْرة، بِالضَّمِّ، كَمَا قِيلَ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، رضي الله عنه: استَحَلُّوا الفُقَر الثلاثَ: حُرْمة الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَحُرْمَةُ الْبَلَدِ الْحَرَامِ وَحُرْمَةُ الْخِلَافَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَرَوَى الْقُتَيْبِيُّ قَوْلُ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها، فِي عُثْمَانَ: المركوبُ مِنْهُ الفِقَرُ الأَربع
، بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَقَالَ: الفِقَر خَرَزَات الظَّهْرِ، الْوَاحِدَةُ فِقْرَة؛ قَالَ: وضَربتْ فِقَرَ الظَّهْرِ مَثَلًا لِمَا ارْتُكِبَ مِنْهُ لأَنها مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، وأَرادت أَنه رُكِبَ مِنْهُ أَربعُ حُرَمٍ عِظَامٍ تَجِبُ لَهُ بِهَا الحقوقُ فَلَمْ يَرْعَوْها وَانْتَهَكُوهَا، وَهِيَ حُرْمَتُهُ بِصُحْبَةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، وَصَهَرِهِ وَحُرْمَةُ الْبَلَدِ وَحُرْمَةُ الْخِلَافَةِ وَحُرْمَةُ الشَّهْرِ الْحَرَامِ. قَالَ الأَزهري: وَالرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ الفُقَر الثلاثُ، بِضَمِّ الْفَاءِ، عَلَى مَا فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي وأَبو الْهَيْثَمِ، وَهُوَ الأَمر الشَّنِيعُ الْعَظِيمُ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلُهُمَا مَا قَالَهُ الشَّعْبِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَقَوْلِهِ: فُقراتُ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثٌ. وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: الْبَعِيرُ يُقْرَمُ أَنفه، وَتِلْكَ القُرْمَة يُقَالُ لَهَا الفُقْرَة، فإِن لَمْ يَسْكُنْ قُرِمَ أُخرى ثُمَّ ثَالِثَةً؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ
عَائِشَةَ فِي عُثْمَانَ، رضي الله عنهما: بَلَغْتُم مِنْهُ الفُقَرَ الثَّلَاثَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
اسْتَعْتَبْتُمُوهُ ثُمَّ عَدَوْتُمْ عَلَيْهِ الفُقَرَ الثلاثَ.
قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَهَذَا مَثَلٌ، تَقُولُ: فَعَلْتُمْ به كفعلكم هذا الْبَعِيرِ الَّذِي لَمْ تُبْقُوا فِيهِ غَايَةً؛
أَبو عُبَيْدٍ: الفَقِير لَهُ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ «4» ، يُقَالُ: نَزَلْنَا ناحيةَ فَقِير بَنِي فُلَانٍ، يَكُونُ الْمَاءُ فِيهِ هَاهُنَا رَكِيَّتان لِقَوْمٍ فَهُمْ عَلَيْهِ، وَهَاهُنَا ثَلَاثٌ وَهَاهُنَا أَكثر فَيُقَالُ: فَقِيرُ بَنِي فُلَانٍ أَي حِصَّتُهُمْ مِنْهَا كَقَوْلِهِ:
تَوَزَّعْنا فَقِيرَ مِياهِ أُقْرٍ،
…
لكلِّ بَنِي أَبٍ فِيهَا فَقِيرُ
فَحِصَّةُ بعضِنا خَمْسٌ وسِتٌّ،
…
وحِصَّةُ بعضِنا مِنْهُنَّ بِيرُ
وَالثَّانِي أَفواه سَقْفِ القُنِيّ؛ وأَنشد:
فَوَرَدَتْ، والليلُ لَمَّا يَنْجَلِ،
…
فَقِيرَ أَفْواهِ رَكِيَّاتِ القُني
وَقَالَ اللَّيْثُ: يَقُولُونَ فِي النِّضال أُراميك مِنْ أَدنى فِقْرةٍ وَمِنْ أَبعد فِقْرة أَي مِنْ أَبعد مَعْلَمٍ يَتَعَلَّمُونَهُ مِنْ حفِيرة أَو هَدَف أَو نَحْوِهِ. قَالَ: والفُقْرة حُفْرة فِي الأَرض. وأَرض مُتَفَقِّرة: فِيهَا فُقَرٌ كَثِيرَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والفِقْرَةُ العَلم مِنْ جَبَلٍ أَو هَدَفٍ أَو نَحْوِهِ. ابْنُ المُظَفَّر فِي هَذَا الْبَابِ: التَّفْقِير فِي رِجْل الدَّوَابِّ بياضٌ مَخَالِطٌ للأَسْؤُقِ إِلى الرُّكَبِ، شَاةٌ مُفَقَّرة وَفَرَسٌ مُفَقَّر؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا عِنْدِي تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ بِهَذَا الْمَعْنَى التَّقْفِيزُ، بِالزَّايِ وَالْقَافِ قَبْلَ الْفَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وفَقَرَ الخَرَزَ: ثَقَبه للنَّظْم؛ قَالَ:
غَرائِرُ فِي كِنٍّ وصَوْنٍ ونَعْمةٍ،
…
يُحَلَّيْنَ ياقُوتاً وشَذْراً مُفَقَّرا
قَالَ الأَزهري: وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الفَقارِ. وفُقْرَةُ الْقَمِيصِ: مَدْخَلُ الرأْس مِنْهُ. وأَفْقَرَكَ الرَّمْيُ: أَكْثَبَك. وَهُوَ مِنْكَ فُقْرَةً أَي قريبٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
راميتُ شَيْبي، كِلانا مُوضِعٌ حِجَجاً
…
سِتِّينَ، ثُمَّ ارْتَمَيْنا أَقربَ الفُقَرِ
والفَقُرَة: نَبْتٌ، وَجَمْعُهَا فَقُرٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَلَا يُكَسَّرُ لِقِلَّةِ فَعُلَةٍ فِي كَلَامِهِمْ وَالتَّفْسِيرُ لِثَعْلَبٍ، وَلَمْ يحكِ الفَقُرَة إِلا سِيبَوَيْهِ ثُمَّ ثَعْلَبٌ. ابْنُ الأَعرابي: فُقُورُ النَّفْس وشُقُورُها هَمُّها، وَوَاحِدُ الفُقُورِ فَقْر. وَفِي حَدِيثِ الإِيلاء
عَلَى فَقِيرٍ مِنْ خَشَب
، فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ بأَنه جِذْعٌ يُرْقى عَلَيْهِ إِلى غُرْفة أَي جُعِلَ فِيهِ كالدَّرَج يُصْعَدُ عَلَيْهَا وَيُنْزَلُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: والمعروف نَفِير، بالنون، أَي منقور.
فكر: الفَكْرُ والفِكْرُ: إِعمال الْخَاطِرِ فِي الشَّيْءِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُجْمَعُ الفِكْرُ وَلَا العِلْمُ وَلَا النظرُ، قَالَ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ فِي جَمْعِهِ أَفكاراً. والفِكْرة: كالفِكْر وَقَدْ فَكَرَ فِي الشَّيْءِ «5» وأَفْكَرَ فِيهَ وتَفَكَّرَ بِمَعْنًى. وَرَجُلٌ فِكِّير، مِثَالُ فِسِّيق، وفَيْكَر: كَثِيرُ الفِكْر؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. اللَّيْثُ: التَّفَكُّر اسْمُ التَّفْكِير. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: الفِكْرُ الفِكْرَة، والفِكْرى عَلَى فِعْلى اسْمٌ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: التَّفَكُّر التأَمل، وَالِاسْمُ الفِكْرُ والفِكْرَة، وَالْمَصْدَرُ الفَكْر، بِالْفَتْحِ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: لَيْسَ لِي فِي هَذَا الأَمرِ فكْرٌ أَي لَيْسَ لِي فِيهِ حَاجَةٌ، قَالَ: وَالْفَتْحُ فِيهِ أَفصح مِنَ الكسر.
فلر: الفَلاوِرَةُ: الصَّيادِلة، فَارِسِيٌّ معرّب.
فنخر: الفِنْخِيرة: شِبْهُ صَخْرَةٍ تَنْقَلِعُ فِي أَعلى الْجَبَلِ، فِيهَا رَخاوة وَهِيَ أَصغر مِنَ الفِنْدِيرة. وَيُقَالُ للمرأَة إِذا
(4). قوله [الْفَقِيرُ لَهُ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ إلخ] سقط من نسخة المؤلف الموضع الثالث، وذكره ياقوت بعد أن نقل عبارة أبي عبيدة حيث قال: والثالث تحفر حفرة ثم تغرس بها الفسيلة فهي فقير
(5)
. قوله [وَقَدْ فَكَرَ فِي الشَّيْءِ إلخ] بابه ضرب كما في المصباح
تَدَحْرَجت فِي مِشْيَتِها: إِنها لفُناخِرة. والفِنْخِرُ: الصُّلْبُ الْبَاقِي عَلَى النِّكَاحِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ فُنْخُر وفُناخِرٌ، وَهُوَ الْعَظِيمُ الجُثَّة؛ قَالَ وأَنشدني بَعْضُ أَهل الأَدب:
إِنَّ لَنَا لَجارةً فُناخِره،
…
تَكْدَحُ لِلدُّنْيَا وتَنْسى الْآخِرَهْ
فندر: الفِنْدِيرة: قِطْعَةٌ ضَخْمة مِنْ تَمْرٍ مُكْتَنِزٍ. والفِنْديرة: صَخْرَةٌ تَنْقَلِعُ عَنْ عُرْضِ الْجَبَلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الفِنْدِير والفِنْدِيرة الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ تَنْدُرُ مِنْ رأْس الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ فَنادِير؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي صِفَةِ الإِبل:
كأَنها مِنْ ذُرى هَضْبٍ فَناديرُ
ابْنُ الأَعرابي: الفُنْدُورَةُ هِيَ أُمُّ عِزْمٍ وأُم سُوَيْدٍ، يَعْنِي السَّوْأَةَ.
فنزر: الفَنْزَرُ: بَيْتٌ صَغِيرٌ يُتَّخَذُ عَلَى خَشَبَةٍ طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا يَكُونُ الرَّجُلُ فيها رَبِيئة.
فنقر: الفُنْقُورة: ثَقْبُ الفَقْحة.
فهر: الفِهْرُ: الْحَجَرُ قَدْرَ مَا يُدَقُّ بِهِ الجَوْزُ وَنَحْوُهُ، أُنْثى؛ قَالَ اللَّيْثُ: عَامَّةُ الْعَرَبِ تُؤَنِّثُ الفِهْرَ، وَتَصْغِيرُهَا فُهَيْر. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الفِهْرُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَقِيلَ: هُوَ حَجَرٌ يَمْلَأُ الْكَفَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا نَزَلَ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ جَاءَتِ امرأَته وَفِي يَدِهَا فِهْر
؛ قَالَ: هُوَ الْحَجَرُ مِلْءَ الْكَفِّ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَجَرُ مُطْلَقًا، وَالْجَمْعُ أَفْهار وفُهُورٌ، وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُ: فِهْرَة وفِهْرٌ، وَتَصْغِيرُهَا فُهَيْرة، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرة سُمِّيَ بِذَلِكَ. وتَفَهَّر الرجلُ فِي الْمَالِ. اتَّسع. وفَهَّرَ الفرسُ وفَيْهَرَ وتَفَيْهَر: اعْتَرَاهُ بُهْرٌ وَانْقِطَاعٌ فِي الْجَرْيِ وكَلال. والفَهْرُ: أَن يَنْكِحَ الرَّجُلُ المرأَة ثُمَّ يَتَحَوَّلُ عَنْهَا قَبْلَ الفَراغ إِلى غَيْرِهَا فَيُنْزِل، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ الفَهْرِ
، وَكَذَلِكَ الفَهَر، مِثْلُ نَهْرٍ ونَهَر، بِالسُّكُونِ وَالتَّحْرِيكِ؛ يُقَالُ: أَفْهَرَ يُفْهِرُ إِفْهاراً. ابْنُ الأَعرابي: أَفْهَر الرجلُ إِذَا خَلَا مَعَ جَارِيَتِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَمَعَهُ فِي الْبَيْتِ أُخرى مِنْ جَوَارِيهِ، فأَكْسَلَ عَنْ هَذِهِ أَي أَوْلَجَ وَلَمْ يُنْزِل، فَقَامَ مِنْ هَذِهِ إِلى أُخرى فأَنزل مَعَهَا، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ فِي الْخَبَرِ. قَالَ: وأَفْهَر الرَّجُلُ إِذَا كَانَ مَعَ جَارِيَتِهِ والأُخرى تَسْمَعُ حِسَّه، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي هَذَا الفَهْرَ والوَجْسَ والرَّكْزَ والحَفْحَفَةَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: هُوَ مِنَ التَّفْهير، وَهُوَ أَن يُحْضِرَ الفرسُ فَيَعْتَرِيهِ انْقِطَاعٌ فِي الْجَرْيِ مِنْ كَلال أَو غَيْرِهِ؛ وكأَنه مأْخوذ مِنَ الإِفْهارِ وَهُوَ الإِكْسال عَنِ الْجِمَاعِ. وفَهَّر الرجلُ تَفْهِيراً أَي أَعيا. يُقَالُ: أَوّل نُقْصَانِ حُضْرِ الْفَرَسِ التَّرادُّ ثُمَّ الفُتُور ثُمَّ التَّفْهير. وتَفَهَّر الرَّجُلُ فِي الْكَلَامِ: اتَّسع فِيهِ، كأَنه مُبْدَلٌ مِنْ تَبَحَّر أَو أَنه لُغَةٌ فِي الإِعياء والفُتُور. وأَفْهَر بعيرُه إِذا أَبْدَع فأُبْدِعَ بِهِ. وفِهْر: قَبِيلَةٌ، وَهِيَ أَصل قُرَيْشٍ وَهُوَ فِهْرُ بْنُ غَالِبِ بْنِ النَّضْر بْنِ كِنَانَةَ، وَقُرَيْشٌ كُلُّهُمْ يُنْسَبُونَ إِليه. والفَهِيرةُ: مَخْضٌ يُلْقَى فِيهِ الرَّضْف فإِذا هُوَ غَلَى ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ وسِيطَ بِهِ ثُمَّ أُكل، وَقَدْ حُكِيَتْ بِالْقَافِ. وفُهْرُ الْيَهُودِ، بِالضَّمِّ: موضعُ مِدْراسِهم الَّذِي يَجْتَمِعُونَ إِليه فِي عِيدِهِمْ يُصَلُّونَ فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ يَوْمٌ يأْكلون فِيهِ وَيَشْرَبُونَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهِيَ كَلِمَةٌ نَبَطِيَّة أَصلها بُهْر أَعجمي، عُرِّبَ بِالْفَاءِ فَقِيلَ فُهْر، وَقِيلَ: هِيَ عِبْرَانِيَّةٌ عُرِّبَتْ أَيضاً، وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ فُخْر. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسب الفُهْر عَرَبِيًّا صَحِيحًا.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام، ورأَى قَوْمًا قَدْ سَدَلوا ثِيَابَهُمْ فَقَالَ: كأَنهم الْيَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرهم أَي مَوْضِعِ مِدْراسهم.
قَالَ: وأَفْهَرَ إِذا شَهِدَ الفُهْر، وَهُوَ عِيدُ الْيَهُودِ. وأَفهر إِذا شَهِدَ مِدْراس الْيَهُودِ. ومفاهرُ الإِنسان: بَآدِلُه، وَهُوَ لَحْمُ صَدْرِهِ. وأَفْهَر إِذا اجْتَمَعَ لَحَمَهُ زِيَماً زِيَماً وتَكَتَّل فَكَانَ مُعَجَّراً، وَهُوَ أَقبح السَّمْنِ. وَنَاقَةٌ فَيْهرة: صلبة عظيمة.
فور: فارَ الشَّيْءُ فَوْراً وفُؤُوراً وفُواراً وفَوَراناً: جَاشَ. وأَفَرْته وفُرْتُه الْمُتَعَدِّيَانِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَلَا تَسْأَلِيني واسأَلي عَنْ خَلِيقَتي،
…
إِذا رَدَّ عَافِي القِدْر، مَنْ يَسْتَعِيرُها
وَكَانُوا قُعوداً حَوْلَها يَرْقُبونها،
…
وكانتْ فَتاةُ الْحَيِّ مِمَّنْ يُفيرُها
يُفِيرُها: يُوقَدُ تَحْتَهَا، وَيُرْوَى يَفُورها عَلَى فُرْتُها، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ يُغِيرها أَي يَشُدُّ وَقُودها. وفارتِ القِدْرُ تَفُور فَوْراً وفَوَراناً إِذا غَلَتْ وَجَاشَتْ. وَفَارَ العِرْقُ فَوَراناً: هَاجَ ونَبَعَ. وضرْبٌ فَوَّار: رَغِيبٌ وَاسِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
بِضَرْبٍ يُخَفِّتُ فوَّارُه،
…
وطَعْنٍ تَرى الدمَ مِنْهُ رَشِيشا
إِذا قَتَلوا منكمُ فَارِسًا،
…
ضَمِنَّا لَهُ خَلْفَه أَن يَعِيشا
يُخَفِّتُ فَوَّارُه أَي أَنها وَاسِعَةٌ فَدَمَهَا يَسِيلُ وَلَا صَوْتَ لَهُ. وَقَوْلُهُ: ضَمِنَّا لَهُ خَلْفَه أَن يَعِيشَا، يَعْنِي أَنه يُدْرَكُ بثأْره فكأَنه لَمْ يُقتل. وَيُقَالُ: فارَ الماءُ مِنَ الْعَيْنِ يَفُورُ إِذا جَاشَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَعَلَ الماءُ يَفُور مِنْ بَيْنِ أَصابعه
أَي يَغْلي وَيَظْهَرُ متدفِّقاً. وفارَ المسكُ يَفُورُ فُوَاراً وفَواراناً: انْتَشَرَ. وفارةُ المِسْكِ: رَائِحَتُهُ، وَقِيلَ: فارتُه وعاؤُه، وأَما فأْرَةُ الْمِسْكِ، بِالْهَمْزِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وَفَارَةُ الإِبل: فَوْح جُلُودِهَا إِذا نَدِيَتْ بَعْدَ الوِرْدِ؛ قَالَ:
لَهَا فارةٌ ذَفْراءُ كلَّ عشيةٍ،
…
كَمَا فَتَقَ الكافورَ، بالمسكِ، فاتِقُه
وجاؤوا مِنْ فَوْرِهمْ أَي مِنْ وَجْهِهِمْ. والفائرُ: المنتشرُ الغَضَب مِنَ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا غَضِبَ: فارَ فائرُه وثارَ ثائرُه أَي انْتَشَرَ غَضَبُهُ. وأَتيته فِي فَوْرَةِ النَّهَارِ أَي فِي أَوله. وفَوْرُ الْحَرِّ: شِدَّتِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلًّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَثُور أَو تَفُور
أَي يَظْهَرُ حَرُّهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: إِن شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ أَي وَهَجِها وغلياها. وفَوْرَةُ الْعِشَاءِ: بَعْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: مَا لَمْ يَسْقُطْ فَوْرُ الشَّفَقِ
، وَهُوَ بَقِيَّةُ حُمْرَةِ الشَّمْسِ فِي الأُفُق الْغَرْبِيِّ، سمِّي فَوْراً لِسُطُوعِهِ وَحُمْرَتِهِ، وَيُرْوَى بِالثَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
مِعْصار «1» : خَرَجَ هُوَ وَفُلَانٌ فَضَرَبُوا الْخِيَامَ وَقَالُوا أَخْرِجْنا مِنْ فَوْرَةِ النَّاسِ
أَي مِنْ مجتَمَعِهم وَحَيْثُ يَفُورونَ فِي أَسواقهم. وَفِي حَدِيثِ
مُحَلِّم: نُعْطِيكُمْ خَمْسِينَ مِنَ الإِبل فِي فَوْرِنا هَذَا
؛ فَوْرُ كلِّ شَيْءٍ: أَوله. وَقَوْلُهُمْ: ذهبتُ فِي حاجةٍ ثُمَّ أَتيتُ فُلاناً مِنْ فَوْري أَي قَبْلَ أَن أَسكن. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي مِنْ وَجْهِهِمْ هَذَا. والفِيرةُ: الحُلْبة تُخْلَطُ لِلنُّفَسَاءِ؛ وَقَدْ فَوَّر لَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْهَمْزِ. والفارُ: عَضَل الإِنسان؛ وَمِنْ كَلَامِهِمْ: بَرِّز نارَكَ
(1). قوله [وفي حديث معصار] الذي في النهاية: معضد