الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
ترَى آنُفاً دُغماً قِباحاً، كأَنها
…
مَقادِيمُ أَكْيارٍ، ضخامَ الأَرانِب
قَالَ: مَقادِيم الكِيرانِ تسودُّ مِنَ النَّارِ، فكسَّر كِيراً عَلَى كِيرَانِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ؛ إِنما الكِيران جَمْعُ الكُور، وَهُوَ الرّحْل، وَلَعَلَّ ثَعْلَبًا إِنما قَالَ مَقادِيم الأَكْيار. وكِير: بَلَدٌ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
إِذا حَلَّتْ بأَرض بَنِي عليٍّ،
…
وأَهْلُكَ بَيْنَ إِمَّرَة وكِير
ابْنُ بُزُرْجَ: أَكارَ عَلَيْهِ يَضْرِبُهُ، وهُما يَتَكَايَرَانِ؛ بِالْيَاءِ. وكِير: اسم جبل.
فصل اللام
لهبر: ابْنُ الأَثير: فِي الْحَدِيثِ
لَا تَتَزَوَّجَنَّ لَهْبَرَةً
؛ هي الطويلة الهزيلة.
فصل الميم
مأر: المِئْرَةُ، بِالْهَمْزَةِ: الذَّحْلُ والعَدَاوَةُ، وَجَمْعُهَا مِئَرٌ. ومَئِرَ عَلَيْهِ وامْتَأَرَ: اعْتَقَدَ عَداوتَه. ومَأَرَ بَيْنَهُمْ يَمْأَرُ مَأْراً وماءَرَ بَيْنَهُمْ مُماءَرَةً ومِئاراً: أَفسد بَيْنَهُمْ وأَغرى وَعَادَى. وماءَرْتُهُ مُماءَرَةً، عَلَى فاعَلْتُه، وامْتَأَر فلانٌ عَلَى فُلَانٍ أَي احْتَقَدَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ مَئِرٌ وَمِئَرٌ: مُفْسِدٌ بَيْنَ النَّاسِ. وتَمَاءَرُوا: تَفَاخَرُوا. وماءَرَهُ مماءَرَةً: فاخَرَهُ. وماءَرَهُ فِي فِعْلِه: سَاوَاهُ؛ قَالَ:
دَعْتْ ساقَ حُرٍّ، فانْتَحى مِثْلَ صَوْتِها
…
يُمائِرُها فِي فِعْله، وتُمائِرُهْ
وَتَماءَرَا: تَسَاوَيَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَماءَرْتُمُ فِي العِزِّ حَتَّى هَلَكْتُمُ،
…
كَمَا أَهْلَكَ الغارُ النِّساءَ الضَّرائِرا
وَأَمْرٌ مَئِرٌ وَمَئِيرٌ: شَدِيدٌ. يُقَالُ: هُمْ فِي أَمر مَئِرٍ أَي شَدِيدٍ. وَمَأَرَ السِّقاءَ مَأْراً: وَسَّعَه.
متر: مَتَرَهُ مَتْراً: قَطَعَهُ. ورأَيته يَتَماتَرُ أَي يَتَجَاذَبُ، وتَماتَرَتِ النارُ عِنْدَ القَدْحِ كَذَلِكَ. قَالَ الليثُ: والنارُ إِذا قُدِحَتْ رأَيتَها تَتَماتَرُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. والمَتْرُ: السَّلْحُ إِذا رُمي بِهِ. وَمَتَرَ بِسَلْحِهِ إِذا رَمَى بِهِ مِثْلَ مَتَحَ. والمَتْرُ: المَدُّ. وَمَتَرَ الحَبْلَ يَمْتُرُهُ: مَدَّهُ. وامْتَرَّ هُوَ: امْتَدَّ، قَالَ: وَرُبَّمَا كُنِّيَ بِهِ عَنِ البِضَاعِ. والمَتْرُ: لُغَةٌ فِي البَتْرِ، وهو القطع.
مجر: المَجْرُ: مَا فِي بُطون الْحَوَامِلِ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ؛ والمَجْرُ: أَن يُشْتَرَى مَا فِي بُطُونِهَا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُشْتَرَى الْبَعِيرُ بِمَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ؛ وَقَدْ أَمْجَرَ فِي الْبَيْعِ ومَاجَرَ مُمَاجَرَةً ومِجَاراً. الْجَوْهَرِيُّ: والمَجْرُ أَن يُبَاعَ الشَّيْءُ بِمَا فِي بَطْنِ هَذِهِ النَّاقَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهى عَنِ المَجْرِ أَي عَنْ بَيْعِ المَجْرِ
، وَهُوَ مَا فِي الْبُطُونِ كَنَهْيِهِ عَنِ الْمَلَاقِيحِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ سُمِّي بَيعُ المَجْرِ مَجْراً اتِّسَاعًا وَمَجَازًا، وَكَانَ مِنْ بِياعاتِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: المَجْرُ أَن يُبَاع الْبَعِيرُ أَو غَيْرُهُ بِمَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: أَمْجَرْتُ فِي الْبَيْعِ إِمْجَاراً وماجَرْتُ مُمَاجَرَةً، وَلَا يُقَالُ لِمَا فِي الْبَطْنِ مَجْرٌ إِلا إِذا أَثْقَلَتِ الحامِلُ، فالمَجْرُ اسْمٌ للحَمْلِ الَّذِي فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، وحَمْلُ الَّذِي فِي بَطْنِهَا حَبَلُ الحَبَلَةِ. ومَجِرَ مِنَ الْمَاءِ واللَّبَنِ مَجَراً، فَهُوَ مَجِرٌ: تَمَلَّأَ
وَلَمْ يَرْوَ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَهُ بَدَلٌ مِنْ نُونِ نَجِرَ، وَزَعَمَ اللِّحْيَانِيُّ أَن مِيمُهُ بَدَلٌ مِنْ بَاءِ بَجِرَ. وَيُقَالُ: مَجِرَ ونَجِرَ إِذا عَطِشَ فأَكثر مِنَ الشُّرْبِ فَلَمْ يَرْوَ، لأَنهم يُبْدِلُونَ الْمِيمَ مِنَ النُّونِ، مِثْلَ نَخَجْتُ الدَّلْوَ ومَخَجْتُ. ومَجِرَتِ الشَّاةُ مَجَراً وأَمْجَرَتْ وَهِيَ مُمْجِر إِذا عَظُمَ وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا فَهُزِلَتْ وثَقُلَت ولن تُطِقْ عَلَى الْقِيَامِ حَتَّى تُقَامَ؛ قَالَ:
تَعْوِي كِلابُ الحَيِّ مِنْ عُوَائها،
…
وتَحْمِلُ المُمْجِرَ فِي كِسائها
فإِذا كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَهَا فَهِيَ مِمْجَارٌ. والإِمْجارُ فِي النُّوق مثلُه فِي الشَّاءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. غَيْرُهُ: والمَجَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ أَمجرت الشَّاةُ، فَهِيَ مُمْجِرٌ، وَهُوَ أَن يَعْظُمَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنَ الْحَمْلِ وَتَكُونُ مَهْزُولَةً لَا تَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ. وَيُقَالُ: شَاةٌ مَجْرَةٌ، بِالتَّسْكِينِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَيْشِ الْعَظِيمِ مَجْرٌ لِثِقَلِه وضِخَمِه. والمَجَرُ: انْتِفَاخُ الْبَطْنِ مِنْ حَبَلٍ أَو حَبَنٍ؛ يُقَالُ: مَجِرَ بَطْنُهَا وأَمْجَرَ، فَهِيَ مَجِرَةٌ ومُمْجِرٌ. والإِمْجَارُ: أَن تَلْقَحَ الناقةُ وَالشَّاةُ فتَمْرَضَ أَو تَحْدَبَ فَلَا تَقْدِرُ أَن تَمْشِيَ وَرُبَّمَا شُقَّ بَطْنُهَا فأُخرج مَا فِيهِ لِيُرَبُّوه. والمَجَرُ: أَن يَعْظُمَ بطن الشاة الحامل فَتُهْزَلَ؛ يُقَالُ: شَاةٌ مُمْجِرٌ وغَنَمٌ مَمَاجِرُ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ صَحَّ أَن بطنَ النَّعْجَةِ المَجِرَ «5»
…
شَيْءٌ عَلَى حِدَةٍ وأَنه يَدْخُلُ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ، وأَن المَجَرَ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ انْتِفَاخُ بَطْنِ النَّعْجَةِ إِذا هُزِلَتْ. وَفِي حَدِيثِ
الْخَلِيلِ، عليه السلام: فَيَلْتَفِتُ إِلى أَبيه وَقَدْ مَسَخَهُ اللَّهُ ضِبْعَاناً أَمْجَرَ
؛ الأَمْجَرُ: العظيمُ البطنِ المهزولُ الْجِسْمِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُمْجِرُ الشاةُ الَّتِي يُصِيبُهَا مَرَضٌ أَو هُزال وَتَعْسُرُ عَلَيْهَا الْوِلَادَةُ. قَالَ: وأَما المَجْرُ فَهُوَ بَيْعُ مَا فِي بَطْنِهَا. وَنَاقَةٌ مُمْجِرٌ إِذا جَازَتْ وَقْتَهَا فِي النِّتَاج؛ وأَنشد:
ونَتَجُوها بَعْدَ طُولِ إِمْجَار
وأَنشد شَمِرٌ لِبَعْضِ الأَعراب:
أَمْجَرْتَ إِرْباءً ببيعٍ غالِ،
…
مُحَرَّمٍ عَلَيْكَ، لَا حَلالِ
أَعْطَيْتَ كَبْشاً وارِم الطِّحَالِ،
…
بالغَدَوِيَّاتِ وبالفِصَالِ
وَعَاجِلًا بآجِلِ السِّخَالِ،
…
فِي حَلَقِ الأَرْحامِ ذِي الأَقْفَالِ
حَتَّى يُنَتَّجْنَ مِنَ المَبَالِ،
…
ثُمَّتَ يُفْطَمْنَ عَلَى إِمْهَالِ؛
والمَجْرُ بَيْعُ اللَّحْمِ بالأَحْبالِ،
…
لحُومِ جُزْرٍ غَثَّةٍ هِزَالِ
فَطائِم الأَغْنامِ والآبالِ،
…
أَلعَيْنَ بالضِّمَارِ ذِي الآجالِ
والشِّفَّ بِالنَّاقِصِ لَا تُبالي
والمِجَارُ: العِقَالُ، والأَعْرَفُ الهِجَارُ. وجَيْشٌ مَجْرٌ: كثيرٌ جِدًّا. الأَصمعي: المَجْرُ، بِالتَّسْكِينِ، الْجَيْشُ الْعَظِيمُ الْمُجْتَمِعُ. وَمَا لَهُ مَجْرٌ أَي مَا لَهُ عَقْلٌ. وَجَعَلَ ابْنُ قُتَيْبَةَ تَفْسِيرَ نَهْيِهِ عَنِ المَجْرِ غَلَطاً، وَذَهَبَ بالمجْر إِلى الْوَلَدِ يَعْظُمُ فِي بَطْنِ الشَّاةِ، قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ مَا فَسَّرَ أَبو زَيْدٍ. أَبو عُبَيْدَةَ: المَجْرُ مَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، قَالَ: وَالثَّانِي حَبَلُ الحَبَلَةِ، وَالثَّالِثُ الغَمِيسُ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وأَبو عُبَيْدَةَ ثِقَةٌ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ المَجَرُ، بِفَتْحِ الْجِيمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ أُخذ عَلَيْهِ لأَن المَجَرَ دَاءٌ فِي الشَّاءِ وَهُوَ أَن يعظم بطن الشاة الحامل فتهزل وربما
(5). كذا بياض بالأصل المنقول من مسودة المؤلف
رَمَتْ بِوَلَدِهَا، وَقَدْ مجَرَتْ وأَمْجَرَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ مَجْرٍ حَرَامٌ
؛ قَالَ:
أَلَمْ تَكُ مَجْراً لَا تَحِلُّ لِمُسْلِمٍ،
…
نَهَاهُ أَمِيرُ المِصْرِ عَنْهُ وعامِلُهْ؟
ابْنُ الأَعرابي: المَجْرُ الْوَلَدُ الَّذِي فِي بَطْنِ الْحَامِلِ. والمَجْرُ: الرِّبا. والمَجْرُ: القِمَارُ. والمُحاقَلَةُ والمُزابَنَةُ يُقَالُ لَهُمَا: مَجْر. قَالَ الأَزهري: فَهَؤُلَاءِ الأَئمة أَجمعوا فِي تَفْسِيرِ الْمَجْرِ، بِسُكُونِ الْجِيمِ، عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ إِلا مَا زَادَ ابْنُ الأَعرابي عَلَى أَنه وَافَقَهُمْ عَلَى أَن الْمَجْرُ مَا فِي بَطْنِ الْحَامِلِ وَزَادَ عَلَيْهِمْ أَن الْمَجْرَ الرِّبَا. وأَما المَجَرُ فإِن المنذريَّ أَخبر عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه أَنشده:
أَبْقَى لَنا اللهُ وتَقْعِيرَ المَجَرْ
قَالَ: وَالتَّقْعِيرُ أَن يَسْقُطَ «6» فَيَذْهَبَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَسُئِلَ ابنُ لِسانِ الحُمَّرَةِ عَنِ الضأْن فَقَالَ: مالُ صِدْقٍ قَرْيَةٌ لَا حُمَّى «7» بِهَا إِذا أَفلتت مِنْ مَجَرَتَيها؛ يَعْنِي مِنَ المَجَرِ فِي الدَّهْرِ الشَّدِيدِ وَالنَّشَرَ، وَهُوَ أَن تَنْتَشِرَ بِاللَّيْلِ فتأْتي عَلَيْهَا السِّبَاعُ، فَسَمَّاهُمَا مَجَرَتَيْنِ كَمَا يُقَالُ الْقَمَرَانِ وَالْعَمْرَانِ، وَفِي نُسْخَةِ بُنْدارٍ: حَزَّتَيْها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمثالها والصومُ لِي وأَنا أَجْزي بِهِ، يَذَرُ طَعامَه وَشَرَابَهُ مِجْرَايَ
أَي مِنْ أَجلي، وأَصله مِنْ جَرَّايَ، فَحَذَفَ النُّونَ وَخَفَّفَ الْكَلِمَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَثِيرًا مَا يَرِدُ هَذَا فِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ.
محر: اللَّيْثُ: المَحَارَةُ دَابَّةٌ فِي الصَّدَفَيْنِ، قَالَ: وَيُسَمَّى بَاطِنُ الأُذن مَحارَةً، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا لَهَا»
مَحَارَةً بِالدَّابَّةِ وَالصَّدَفَيْنِ. وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي قَالَ: المحارةُ الصَّدَفَةُ. قَالَ الأَزهري: ذَكَرَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَرْفَ أَعني الْمَحَارَةَ فِي بَابِ حَارَ يَحُورُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنه مَفْعَلَةٌ وأَن الْمِيمَ لَيْسَتْ بأَصلية، قَالَ: وَخَالَفَهُمُ اللَّيْثُ فَوَضَعَ الْمَحَارَةَ فِي بَابِ مَحَرَ، قَالَ: وَلَا نَعْرِفُ مَحَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ العرب.
مخر: مَخَرَتِ السفينةُ تَمْخَرُ وتَمْخُر مَخْراً ومُخُوراً: جَرَتْ تَشُقُّ الماءَ مَعَ صَوْتٍ، وَقِيلَ: استقبلتِ الرِّيحَ فِي جَرْيَتِهَا، فَهي ماخِرَةٌ. ومَخَرَتِ السفينةُ مَخْراً إِذا استقبلتَ بِهَا الرِّيحَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ
؛ يَعْنِي جَوارِيَ، وَقِيلَ: الْمَوَاخِرُ الَّتِي تَرَاهَا مُقْبِلةً ومُدْبِرةً بِرِيحٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَسْمَعُ صَوْتَ جَرْيِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَشُقُّ الْمَاءِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَواخِرَ
: هُوَ صَوْتُ جَرْيِ الْفُلْكِ بِالرِّيَاحِ؛ يُقَالُ: مَخَرَتْ تَمْخُرُ وتَمْخَرُ؛ وَقِيلَ: مواخِرَ جوارِيَ. والماخِرُ: الَّذِي يَشُقُّ الْمَاءَ إِذا سبَح؛ قَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: الْمَاخِرَةُ السَّفِينَةُ الَّتِي تَمْخَرُ الْمَاءَ تَدْفَعُهُ بِصَدْرِهَا؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
مُقَدِّمات أَيْدِيَ المَواخِرِ
يَصِفُ نِسَاءً يَتَصَاحَبْنَ وَيَسْتَعِنَّ بأَيديهن كأَنهن يَسْبَحْنَ. أَبو الْهَيْثَمِ: مَخْرُ السفينةِ شَقُّها الْمَاءَ بِصَدْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَتَمْخَرَنَّ الرُّومُ الشامَ أَربعين صَبَاحًا
؛ أَراد أَنها تَدْخُلُ الشَّامَ وَتَخُوضُهُ وتَجُوسُ خِلالَه وَتَتَمَكَّنُ فِيهِ فَشَبَّهَهُ بمَخْرِ السفينةِ البحرَ. وَامْتَخَرَ الفرسُ الريحَ وَاسْتَمْخَرَهَا: قَابَلَهَا بأَنفه لِيَكُونَ أَرْوَحَ لنَفْسِه؛ قَالَ الرَّاجِزُ يصِفُ الذِّئْبَ:
يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذا لمْ يسْمَعِ،
…
بمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا أَراد أَحدُكم البَوْلَ فَلْيَتَمَخَّرِ
(6). قوله [يسقط] أي حملها لغير تمام.
(7)
. قوله [حمى] كذا ضبط بنسخة خط من الصحاح يظن بها الصحة، ويحتمل كسر الحاء وفتح الميم
(8)
. قوله [وربما قالوا لها إلخ] كذا بالأصل.
الرِّيحَ
أَي فلينظُرْ مِنْ أَين مَجْراها فَلَا يستقبلَها كَيْ لَا تَرُدَّ عَلَيْهِ الْبَوْلَ ويَتَرَشَّشَ عَلَيْهِ بَوْلُه وَلَكِنْ يستدبرُها. والمَخْرُ فِي الأَصل: الشَّقُّ. مَخَرَتِ السفينةُ الماءَ: شقَّتْه بِصَدْرها وجَرَتْ. ومَخَرَ الأَرضَ إِذا شَقَّهَا لِلزِّرَاعَةِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي حَدِيثِ
سُرَاقَةَ: إِذا أَتيتم الْغَائِطَ فاسْتَمْخِرُوا الرِّيحَ
؛ يَقُولُ: اجْعَلُوا ظُهورَكُم إِلى الريحِ عِنْدَ الْبَوْلِ لأَنه إِذا وَلَّاهَا ظَهْرَهُ أَخذَتْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ فكأَنه قَدْ شَقَّهَا بِهِ. وَفِي حديث الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ لِنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ: مِنْ أَين؟ قَالَ: خرجتُ أَتَمَخَّرُ الريحَ، كأَنه أَراد أَسْتَنْشِقُها. وَفِي النَّوَادِرِ: تَمَخَّرَتِ الإِبلُ الريحَ إِذا استَقْبَلَتْها واستنْشَتْها، وَكَذَلِكَ تَمَخَّرت الكلأَ إِذا استقبلَتْه. ومَخَرْتُ الأَرضَ أَي أَرْسَلْتُ فِيهَا الْمَاءَ. ومَخَرَ الأَرضَ مَخْراً: أَرْسَلَ فِي الصيْفِ فِيهَا الماءَ لِتَجُودَ، فَهِيَ مَمْخُورَةٌ. ومَخَرَتِ الأَرضُ: جادَت وطابَتْ مِنْ ذلكَ الماءِ. وامْتَخَرَ الشيءَ: اخْتارَه. وامْتَخَرْتُ القومَ أَي انتَقَيْتُ خِيارَهُم ونُخْبَتَهم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مِنْ نُخْبَةِ الناسِ الَّتِي كانَ امْتَخَرْ
وَهَذَا مِخْرَةُ الْمَالِ أَي خِيارُه. والمِخْرَةُ والمُخْرَةُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا: مَا اخْتَرْتَه، والكَسْرُ أَعلى. ومَخَرَ البيْتَ يَمْخَرُه مَخْراً: أَخَذَ خِيارَ متاعِه فَذَهَبَ بِهِ. ومَخَرَ الغُرْزُ الناقَةَ يَمْخَرُها مَخْراً إِذا كَانَتْ غَزِيرَةً فأُكْثِرَ حَلْبُها وجَهَدَها ذلكَ وأَهْزَلَها. وامْتَخَرَ العَظْمَ: استخرَجَ مُخَّه؛ قال العجاج:
مِنْ مُخَّةِ النَّاسِ الَّتِي كَانَ امْتَخر
واليُمْخُور واليَمْخُور: الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ، الضمُّ عَلَى الإِتباع، وَهُوَ مِنَ الْجِمَالِ الطَّوِيلُ العُنُقِ. وعُنُقٌ يَمْخُورٌ: طويلٌ. وجَمَلٌ يَمْخُورُ العُنُقِ أَي طَوِيلُهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ جَمَلًا:
فِي شَعْشَعانٍ عُنُق يَمْخُور،
…
حَابِي الحُيودِ فارِض الحُنْجور
وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ: مَخَرَ الذئبُ الشاةَ إِذا شَقَّ بَطْنَها. والماخُورُ: بَيْتُ الرِّيبَةِ، وَهُوَ أَيضاً الرَّجُلُ الَّذِي يَلي ذَلِكَ البيتَ وَيَقُودُ إِليه. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ حِينَ قَدِمَ البصرةَ أَميراً عَلَيْهَا: مَا هَذِهِ المَواخِيرُ؟ الشرابُ عَلَيْهِ حَرامٌ حَتَّى تُسَوَّى بالأَرضِ هَدْماً وإِحْراقاً
؛ هي جَمْعُ ماخُورٍ، وَهُوَ مَجْلِسُ الرِّيبَةِ ومَجْمَعُ أَهلِ الفِسْقِ والفَسادِ وبُيوتُ الخَمَّارِينَ، وَهُوَ تَعْرِيبٌ مَيْ خُور، وَقِيلَ: هُوَ عَرَبِيٌّ لِتَرَدُّدِ النَّاسِ إِليه مِنْ مَخْرِ السفينةِ الماءَ. وبَناتُ مَخْرٍ: سَحائِبُ يَأْتِينَ قُبُلَ الصَّيْفِ مُنْتَصِباتٌ رِقاقٌ بِيضٌ حسانٌ وهُنَّ بَنَاتُ المَخْرِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
كَبَناتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، كَمَا
…
أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ
وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهَا عَلَى حِيَالِهَا: بَنَاتُ مَخْرٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
كأَن بناتِ المَخْرِ، فِي كُرْزِ قَنْبَرٍ،
…
مَوَاسِقُ تَحْدُوهُنَّ بالغَوْرِ شَمْأَلُ
إِنما عَنَى ببناتِ المَخْر النَّجْمَ؛ شبَّهَه فِي كُرْزِ هَذَا العَبْدِ بِهَذَا الضَّرْبِ مِنَ السَّحابِ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: كَانَ أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ يَشْتَقُّ هَذَا مِنَ البُخارِ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنّ الْمِيمَ فِي مَخْرٍ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ فِي بَخْر؛ قَالَ: وَلَوْ ذَهَب ذاهِبٌ إِلى أَن الْمِيمَ فِي مَخْرٍ
أَصْلٌ أَيضاً غَيْرُ مُبْدَلَةٍ عَلَى أَن تَجْعَلَهُ مِنْ قَوْلِهِ عزَّ اسْمُهُ: وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ
، وَذَلِكَ أَن السحابَ كَأَنَّهَا تَمْخَرُ الْبَحْرَ لأَنها فِيمَا تَذْهَبُ إِليْهِ عَنْهُ تَنْشَأُ وَمِنْهُ تَبْدَأُ، لَكَانَ مُصِيبًا غيرَ مُبْعِدٍ؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:
شَرِبْنَ بِماء البَحْرِ، ثُمَّ تَرَفَّعَتْ
…
مَتى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
مدر: المَدَرُ: قِطَعُ الطينِ اليابِسِ، وَقِيلَ: الطينُ العِلْكُ الَّذِي لَا رَمْلَ فِيهِ، وَاحِدَتُهُ مَدَرَةٌ؛ فأَما قولُهُم الحِجارَةُ والمِدارَةُ فعَلى الإِتْباعِ وَلَا يُتَكَلَّم بِهِ وحدَه مُكَسَّراً عَلَى فِعالَة، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبي رِيَاشٍ. وامْتَدَر المَدَرَ: أَخَذَه. ومدَرَ المكانَ يَمْدُرُهُ مَدْراً ومَدَّرَه: طانَه. ومَكانٌ مَدِيرٌ: مَمْدُورٌ. والمَدْرُ لِلْحَوْضِ: أَنْ تُسَدَّ خصاصُ حِجارَتِه بالمَدَرِ، وَقِيلَ: هُوَ كالْقَرْمَدَةِ إِلا أَنّ القَرْمَدَةَ بالجِصِّ والمدْر بِالطِّينِ. التَّهْذِيبِ: والمَدْرُ تَطْيينُك وجْهَ الحَوْضِ بِالطِّينِ الحُرّ لِئَلَّا يَنْشَفَ. الْجَوْهَرِيُّ: والمَدَرَةُ، بِالْفَتْحِ، الْمَوْضِعُ الَّذِي يُؤخَذُ مِنهُ المَدَرُ فَتُمْدَرُ بِهِ الحِياضُ أَي يُسَدُّ خَصاصُ مَا بَيْنَ حِجارَتِها. ومَدَرْتُ الحَوْضَ أَمْدُرُه أَي أَصلحته بالمَدَرِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَانْطَلَقَ هُوَ وجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فنزعا في الحض سَجْلًا أَو سَجْلَيْن ثُمَّ مَدَراه
أَي طَيَّناه وأَصلحاه بِالْمَدَرِ، وَهُوَ الطِّينُ الْمُتَمَاسِكُ، لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْهُ الْمَاءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ وَطَلْحَةَ فِي الإِحرام: إِنما هُوَ مَدَرٌ
أَي مَصْبُوغٌ بالمَدَرِ. والمِمْدَرَةُ والمَمْدَرَةُ، الأَخيرة نَادِرَةٌ: مَوْضِعٌ فِيهِ طِينٌ حُرٌّ يُسْتَعَدُّ لِذَلِكَ؛ فأَما قَوْلُهُ:
يَا أَيُّها السَّاقي، تَعَجَّلْ بِسَحَرْ،
…
وأَفْرِغِ الدَّلْو عَلَى غَيْر مَدَرْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد بِقَوْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَدَرْ أَي عَلَى غَيْرِ إِصْلَاحٍ لِلْحَوْضِ؛ يَقُولُ: قَدْ أَتتك عِطاشاً فَلَا تَنْتَظِرْ إِصلاح الْحَوْضِ وأَنْ يَمْتَلئَ فَصُبَّ على رُؤوسها دَلْواً دَلْوًا؛ قَالَ: وَقَالَ مَرَّةً أُخرى لَا تَصُبَّهُ عَلَى مَدَرٍ وَهُوَ القُلاعُ فَيذُوبَ ويَذْهَبَ الْمَاءُ: قَالَ: والأَوّل أَبين. ومَدَرَةُ الرجلِ: بَيْتُه. وَبَنُو مَدْراءَ: أَهل الحَضَر. وَقَوْلُ
عَامِرٍ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: لَنَا الوَبَرُ ولكُمُ المَدَرُ
؛ إِنما عَنَى بِهِ المُدُنَ أَو الحَضَرَ لأَن مَبَانِيَهَا إِنما هِيَ بالمَدَرِ، وَعَنَى بِالْوَبَرِ الأَخبية لأَن أَبنية الْبَادِيَةِ بِالْوَبَرِ. والمَدَرُ: ضِخَمُ البِطْنَةِ. وَرَجُلٌ أَمْدَرُ: عظيمُ البَطْنِ والجنْبَيْنِ مُتَتَرِّبُهما، والأُنثى مَدْراءُ. وضَبُعٌ مَدْراءُ: عظيمةُ البَطْنِ. وضِبْعانٌ أَمْدَرُ: عَلَى بَطْنِه لُمَعٌ مِنْ سَلْحِه. وَرَجُلٌ أَمْدَرُ بيِّن المدَر إِذا كَانَ مُنْتَفِخَ الْجَنْبَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
إِبراهيم النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم: أَنه يأْتيه أَبوه يَوْمَ الْقِيَامَةِ فيسأَلُه أَن يشفَعَ لَهُ فيلتفتُ إِليه فإِذا هُوَ بِضِبْعانٍ أَمْدَرَ، فَيَقُولُ: مَا أَنت بأَبي
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَمدَرُ المنتفِخُ الْجَنْبَيْنِ العظيمُ البطْنِ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبلًا لَهَا قَيِّم:
وقَيِّمٍ أَمْدَرِ الجَنْبَيْن مُنْخَرِقٍ
…
عَنْهُ العَباءَةُ، قَوَّام عَلَى الهَمَلِ
قَوْلُهُ أَمدر الْجَنْبَيْنِ أَي عَظِيمُهُمَا. وَيُقَالُ: الأَمْدَرُ الَّذِي قَدْ تَتَرَّبَ جَنْبَاهُ مِنَ المَدَر، يَذْهَبُ بِهِ إِلى التُّرَابِ، أَي أَصابَ جسدَه الترابُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ الأَمْدَرُ الكَثيرُ الرَّجيع الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى حَبْسه؛ قَالَ: وَيَسْتَقِيمُ أَن يَكُونَ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا فِي ذَلِكَ الضِّبْعان. ابْنُ شُمَيْلٍ: المَدْراءُ مِنَ الضِّباعِ الَّتِي لَصِقَ بِها بَوْلُها. ومَدِرَتِ الضَّبُعُ إِذا سَلَحَتْ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَمْدَرُ مِنَ الضِّبَاعِ الَّذِي فِي
جَسَدِهِ لُمَعٌ مِنْ سَلْحِه وَيُقَالُ لَوْنٌ لَهُ. والأَمْدَرُ: الخارئُ فِي ثِيَابِهِ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْبِ:
إِنْ أَكُ مَضْرُوباً إِلى ثَوْبِ آلِفٍ
…
منَ القَوْمِ، أَمْسى وَهْوَ أَمْدَرُ جانِبُهْ
ومادِرٌ؛ وَفِي الْمَثَلِ: أَلأَمُ مِنْ مادِرٍ، هُوَ جَدُّ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرِ، وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ لأَنه سَقَى إِبله فَبَقِيَ فِي أَسفل الحوْضِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَسَلَحَ فِيهِ ومدَرَ بِهِ حَوْضَهُ بُخْلًا أَنْ يُشْرَبَ مِن فَضْلِه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا هِلَالٌ جَدٌّ لِمُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ الْهِلَالِيِّ، صَاحِبِ شُرْطَةِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَتْ بَنُو هِلَالٍ عَيَّرَتْ بَنِي فَزارَة بأَكل أَيْرِ الحِمار، وَلَمَّا سَمِعَتْ فَزَارَةُ بِقَوْلِ الْكُمَيْتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
نَشَدْتُكَ يَا فزارُ، وأَنت شيْخٌ،
…
إِذا خُيِّرْتَ تُخطئُ فِي الخِيارِ
أَصَيْحانِيَّةٌ أُدِمَتْ بِسَمْنٍ
…
أَحَبُّ إِليكَ أَمْ أَيْرُ الحمارِ؟
بَلى أَيْرُ الحِمارِ وخُصْيَتاهُ،
…
أَحَبُّ إِلى فَزارَةَ مِنْ فَزَارِ
قَالَتْ بَنُو فَزَارَةَ: أَليس مِنْكُمْ يَا بَني هِلالٍ مَنْ قَرَى فِي حَوْضِهِ فَسَقَى إِبله، فَلَمَّا رَوِيَتْ سَلَحَ فِيهِ وَمَدَرَهُ بُخْلًا أَن يُشرب مِنْهُ فضلُهُ وَكَانُوا جَعَلُوا حَكَماً بَيْنَهُمْ أَنس بْنَ مُدْرِك، فَقَضَى عَلَى بَنِي هِلَالٍ بِعِظَمِ الْخِزْيِ، ثُمَّ إِنهم رمَوْا بَنِي فَزَارَةَ بِخِزْيٍ آخرَ، وَهُوَ إِتيان الإِبل؛ وَلِهَذَا يَقُولُ سَالِمُ بْنُ دارَة:
لَا تأْمَنَنَّ فزارِيًّا، خَلَوْتَ بِهِ،
…
عَلَى قَلُوصِكَ، واكْتُبْها بِأَسْيارِ
لَا تَأْمَنَنْهُ وَلَا تَأْمَنْ بَوائِقَه،
…
بَعد الَّذي امْتَكَّ أَيْرَ العَيْرِ فِي النَّارِ «1»
فَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ جَلَّلَتْ خِزْياً هِلالُ بنُ عامِرِ،
…
بَني عامِرٍ طُرًّا، بِسَلْحةِ مادِرِ
فأُفٍّ لَكُم لَا تَذكُروا الفَخْرَ بَعْدَها،
…
بَنِي عامِرٍ، أَنْتُمْ شِرارُ المَعاشِرِ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ أَمْدَرُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَمْتَسِحُ بِالْمَاءِ وَلَا بِالْحَجَرِ. والمَدَرِيَّةُ: رِماحٌ كَانَتْ تُرَكَّبُ فِيهَا القُرونُ المُحدّدةُ مكانَ الأَسِنَّة؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الْبَقَرَةَ وَالْكِلَابَ:
فَلحِقْنَ واعْتَكَرَتْ لَها مَدَرِيَّةٌ،
…
كالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّها وتَمامُها
يَعْنِي الْقُرُونَ. ومَدْرَى: مَوْضِعٌ «2» وثَنِيَّةُ مِدْرانَ: مِنْ مَساجِدِ رسولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ الْمَدِينَةِ وتَبُوكَ. وَقَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَحمد بْنَ هَانِئٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ كُلْثُومٍ يَرْوِي بَيْتَ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
وَلَا تُبْقِي خُمُورَ الأَمْدَرِينَا
بِالْمِيمِ، وَقَالَ: الأَمْدَرُ الأَقْلَفُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي القَرْيَةَ الْمَبْنِيَّةَ بِالطِّينِ واللَّبِنِ المَدَرَةَ، وَكَذَلِكَ الْمَدِينَةُ الضخْمةُ يُقَالُ لَهَا المَدَرَةُ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْقَرْيَةَ المَدَرَةَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ رَجُلًا مُجْتَهِدًا فِي رَعْيِهِ الإِبل يَقُومُ لِوَرْدِهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ لِاهْتِمَامِهِ بِهَا:
شَدَّ عَلَى أَمْرِ الوُرُودِ مِئْزَرَهْ،
…
لَيْلًا، وَمَا نادَى أَذِينُ المَدَرَهْ
(1). وفي رواية أخرى امتلَّ.
(2)
. قوله [مدرى موضع] في ياقوت: مدرى، بفتح أوّله وثانيه والقصر: جبل بنعمان قرب مكة. ومدرى، بالفتح ثم السكون: موضع.
والأَذِينُ هَاهُنَا: المُؤَذِّن؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
هَلْ تَشْهَدُونَ مِنَ المشاعِرِ مَشْعَراً،
…
أَوْ تَسْمَعُونَ لَدَى الصَّلاةِ أَذِينا؟
ومَدَر: قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ، وَمِنْهُ فُلَانٌ المَدَرِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يكونَ لِي أَهْلُ الوَبَرِ والمَدَرِ
؛ يُرِيدُ بأَهْلِ المَدَرِ أَهْلَ القُرَى والأَمْصارِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: أَمَا إِنَّ العُمْرَةَ مِنْ مَدَرِكم
أَي مِنْ بَلَدكم. ومَدَرَةُ الرجلِ: بَلْدَتُه؛ يَقُولُ: مَنْ أرادَ العُمْرَةَ ابْتَدَأَ لَهَا سَفَراً جَدِيدًا مِنْ مَنْزِلِهِ غيرَ سفَرِ الْحَجِّ، وَهَذَا عَلَى الفضِيلة لَا الْوُجُوبِ.
مذر: مَذِرَتِ البيْضَةُ مَذَراً إِذا غَرْقَلَتْ، فَهِيَ مَذِرَةٌ: فَسَدَتْ، وأَمْذَرَتْها الدَّجاجَةُ. وإِذا مَذِرَتِ البيضةُ فَهِيَ الثَّعِطَةُ. وامْرَأَةٌ مَذِرَةٌ قَذِرَةٌ: رَائِحَتُهَا كَرَائِحَةِ الْبَيْضَةِ المَذِرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَرُّ النِّسَاءِ المَذِرَةُ الوذِرَةُ
؛ المذَرُ: الفسادُ؛ وَقَدْ مَذِرَتْ تَمْذَرُ، فَهِيَ مَذِرَةٌ؛ وَمِنْهُ: مَذِرَتِ البيضةُ أَي فَسدَتْ. والتَّمَذُّرُ: خُبْثُ النفْس. ومَذِرَت نَفْسُه ومَعِدَتُه مذَراً وتَمَذَّرَتْ: خَبُثَتْ وَفَسَدَتْ؛ قَالَ شَوَّالُ بْنُ نُعَيْمٍ:
فَتَمَذَّرَتْ نَفْسِي لِذاك، ولَم أَزَلْ
…
مَذِلًا نَهارِي كُلَّه حَتَّى الأُصُلْ
وَيُقَالُ: رأَيت بَيْضَةً مَذِرَةً فَمَذِرَتْ لِذَلِكَ نَفْسِي أَي خَبُثَتْ. وذهبَ القَوْمُ شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ مِذَرَ أَي مُتَفَرِّقِينَ. وَيُقَالُ: تَفَرَّقَتْ إِبله شَذَر مَذَر وشِذَرَ مِذَرَ إِذا تَفَرَّقَتْ فِي كُلِّ وَجْهٍ، ومَذَرَ إِتباع. وَرَجُلٌ هَذِرٌ مَذِرٌ: إِتباع. والأَمْذَرُ: الَّذِي يُكْثِرُ الِاخْتِلَافَ إِلى الْخَلَاءِ. قَالَ شَمِرٌ: قَالَ شَيْخٌ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ: المُمْذَقِرُّ مِنَ اللَّبَنِ يَمَسُّه الماءُ فَيَتَمَذَّرُ، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَتَمَذَّر؟ فَقَالَ: يُمَذِّرُه الْمَاءُ فَيَتَفَرَّقُ؛ قَالَ: ويَتَمَذَّرُ يَتَفَرَّقُ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ: تَفَرَّقَ القومُ شَذَرَ مَذَرَ.
مذقر: امْذَقَرَّ اللبَنُ واذْمَقَرَّ: تَقَطَّع وتفلَّقَ، وَالثَّانِيَةُ أَعرف، وَكَذَلِكَ الدَّمُ؛ وَقِيلَ: المُمْذَقِرُّ الْمُخْتَلِطُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الْمُمْذَقِرُّ اللَّبَنُ الَّذِي تفلَّق شَيْئًا فإِذا مُخِضَ اسْتَوى. ولَبَنٌ مُمْذَقِرٌّ إِذا تَقَطَّع حَمْضاً. غَيْرُهُ: المُمْذَقِرُّ اللَّبَنُ المُتَقَطِّع. يُقَالُ: امذقَرَّ الرائبُ امْذِقْراراً إِذا انْقَطَعَ وَصَارَ اللَّبَنُ نَاحِيَةً وَالْمَاءُ نَاحِيَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّاب: أَنه لَمَّا قَتَلَهُ الْخَوَارِجُ بالنَّهْروان سَالَ دَمُهُ فِي النَّهْرِ فَمَا امْذَقَرّ دمُه بِالْمَاءِ وَمَا اخْتَلَطَ، قَالَ الرَّاوِي: فأَتبعته بَصَرِي كأَنه شِراكٌ أَحمر
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَنه مَا اخْتَلَطَ وَلَا امْتَزَجَ بِالْمَاءِ؛ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: سال في لماء مُسْتَطِيلًا، قَالَ: والأَوّل أَعرف؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ أَنه امْتَزَجَ بِالْمَاءِ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الامْذِقرارُ أَن يَجْتَمِعَ الدَّمُ ثُمَّ يَتَقَطَّعَ قِطَعاً وَلَا يَخْتَلِطَ بالماءِ؛ يَقُولُ: فَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ سَالَ وَامْتَزَجَ بِالْمَاءِ؛ وَقَالَ أَبو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ: مَعْنَى قَوْلِهِ فَمَا امْذَقَرَّ دَمُه أَي لَمْ يَتَفَرَّقْ فِي الْمَاءِ وَلَا اخْتَلَطَ؛ قَالَ الأَزهري: والأَوّل هُوَ الصَّوَابُ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: رأَيت دمَه مِثْلَ الشِّراكِ فِي الْمَاءِ، وَفِي النِّهَايَةِ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ: أَنه مَرَّ فِيهِ كَالطَّرِيقَةِ الْوَاحِدَةِ لَمْ يَخْتَلِطْ بِهِ، وَلِذَلِكَ شَبَّهَهُ بِالشِّرَاكِ الأَحْمَرِ، وَهُوَ سَير مِنْ سُيُورِ النَّعْلِ؛ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الْمُبَرِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْكَامِلِ، قَالَ:
فأَخذوه وَقَرَّبُوهُ إِلى شَاطِئِ النَّهْرِ فَذَبَحُوهُ فامْذَقَرَّ
دَمُه
أَي جَرى مُسْتَطِيلًا مُتَفَرِّقًا، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ بِغَيْرِ حَرْفِ النَّفْيِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَمَا ابْذَقَرَّ دَمُه، وَهِيَ لُغَةٌ، مَعْنَاهُ مَا تَفَرَّق وَلَا تَمَذَّر؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: تَفَرَّق القَوْمُ شَذَرَ مَذَر؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: إِذا انْقَطَعَ اللَّبَنُ فَصَارَ اللَّبَنُ نَاحِيَةً وَالْمَاءُ نَاحِيَةً فهو مُمْذَقِرٌّ.
مرر: مَرَّ عَلَيْهِ وَبِهِ يَمُرُّ مَرًّا أَي اجْتَازَ. ومَرَّ يَمُرُّ مَرًّا ومُروراً: ذهَبَ، وَاسْتَمَرَّ مِثْلُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مرَّ يَمُرُّ مَرًّا ومُروراً جَاءَ وَذَهَبَ، ومرَّ بِهِ ومَرَّه: جَازَ عَلَيْهِ؛ وَهَذَا قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِمَّا يتعدَّى بِحَرْفٍ وَغَيْرِ حَرْفٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِمَّا حُذِفَ فِيهِ الْحَرْفُ فأُوصل الْفِعْلُ؛ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يُحْمَلُ بَيْتُ جَرِيرٍ:
تَمُرُّون الدِّيارَ ولَمْ تَعُوجُوا،
…
كَلامُكُمُ عليَّ إِذاً حَرَامُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما الرِّوَايَةُ:
مَرَرْتُمْ بِالدِّيَارِ وَلَمْ تَعُوجُوا
فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنه فَرقَ مِنْ تَعَدِّيهِ بِغَيْرِ حَرْفٍ. وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مُرَّ زَيْدًا فِي مَعْنَى مُرَّ بِهِ، لَا عَلَى الْحَذْفِ، وَلَكِنْ عَلَى التَّعَدِّي الصَّحِيحِ، أَلا تَرَى أَن ابْنِ جِنِّي قَالَ: لَا تَقُولُ مَرَرْتُ زَيْدًا فِي لُغَةٍ مَشْهُورَةٍ إِلا فِي شَيْءٍ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي قَالَ: وَلَمْ يَرْوِهِ أَصحابنا. وامْتَرَّ بِهِ وَعَلَيْهِ: كَمَرّ. وَفِي خَبَرِ يَوْمِ غَبِيطِ المَدَرَةِ:
فامْتَرُّوا عَلَى بَنِي مالِكٍ.
وَقَوْلُهُ عز وجل: فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ
؛ أَي اسْتَمَرَّتْ بِهِ يَعْنِي الْمَنِيَّ، قِيلَ: قَعَدَتْ وَقَامَتْ فَلَمْ يُثْقِلْهَا. وأَمَرَّهُ عَلَى الجِسْرِ: سَلَكه فِيهِ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَمْرَرْتُ فُلَانًا عَلَى الْجِسْرِ أُمِرُّه إِمراراً إِذا سَلَكْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ المَرَّة؛ قَالَ الأَعشى:
أَلا قُلْ لِتِيَّا قَبْلَ مَرَّتِها: اسْلَمي
…
تَحِيَّةَ مُشْتاقٍ إِليها مُسَلِّمِ
وأَمَرَّه بِه: جَعَله يَمُرُّه. ومارَّه: مَرَّ مَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ الْوَحْيِ:
إِذا نَزَلَ سَمِعَتِ الملائكةُ صَوْتَ مِرَارِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفا
أَي صوْتَ انْجِرارِها واطِّرادِها عَلَى الصَّخْرِ. وأَصل المِرارِ: الفَتْلُ لأَنه يُمَرُّ «3» أَي يُفْتل. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
كإِمْرارِ الحدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ الجَدِيدِ
؛ أَمْرَرْتُ الشيءَ أُمِرُّه إِمْراراً إِذا جَعَلْتَهُ يَمُرُّ أَي يَذْهَبُ، يُرِيدُ كجَرِّ الحَدِيدِ عَلَى الطسْتِ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا رُوِيَ الحديثُ الأَوّلُ: صوتَ إِمْرارِ السلسة. واستمر الشيءُ: مَضى عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ. واستمرَّ بِالشَّيْءِ: قَوِيَ عَلَى حَمْلِه. وَيُقَالُ: اسْتَمَرَّ مَرِيرُه أَي اسْتَحْكَمَ عَزْمُه. وَقَالَ الْكِلَابِيُّونَ: حَمَلَتْ حَمْلًا خَفيفاً فاسْتَمَرَّتْ بِهِ أَي مَرَّتْ وَلَمْ يَعْرِفُوا. فمرتْ بِهِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ فَمَرَّتْ بِهِ
: مَعْنَاهُ اسْتَمَرَّتْ بِهِ قَعَدَتْ وَقَامَتْ لَمْ يُثْقِلْهَا فَلَمَّا أَثْقَلَتْ أَي دَنَا وِلادُها. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَقَامَ أَمره بَعْدَ فَسَادٍ قَدِ اسْتَمَرَّ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَرْجَى الغِلْمانِ الَّذِي يبدأُ بِحُمْقٍ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ؛ وأَنشد للأَعشى يُخَاطِبُ امرأَته:
يَا خَيْرُ، إِنِّي قَدْ جَعَلْتُ أَسْتَمِرّ،
…
أَرْفَعُ مِنْ بُرْدَيَّ مَا كُنْتُ أَجُرّ
وَقَالَ اللَّيْثُ: كلُّ شَيْءٍ قَدِ انْقَادَتْ طُرْقَتُه، فَهُوَ مُسْتَمِرٌّ. الْجَوْهَرِيُّ: المَرَّةُ وَاحِدَةُ المَرِّ والمِرارِ؛
(3). قوله [لأَنه يمرّ] كذا بالأَصل بدون مرجع للضمير ولعله سقط من قلم مبيض مسودة المؤلف بعد قوله على الصخر، والمرار الحبل.
قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَا بَلْ هُو الشَّوْقُ مِنْ دارٍ تَخَوَّنَها،
…
مَرًّا شَمالٌ ومَرًّا بارِحٌ تَرِبُ
يُقَالُ: فُلَانٌ يَصْنَعُ ذَلِكَ الأَمْرَ ذاتَ المِرارِ أَي يَصْنَعُهُ مِراراً وَيَدَعُهُ مِرَارًا. والمَمَرُّ: مَوْضِعُ المُرورِ والمَصْدَرُ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَرَّةُ الفَعْلة الْوَاحِدَةُ، وَالْجَمْعُ مَرٌّ ومِرارٌ ومِرَرٌ ومُرُورٌ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ وَيُصَدِّقُهُ قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
تَنَكَّرْت بَعدي أَم أَصابَك حادِثٌ
…
مِنَ الدَّهْرِ، أَمْ مَرَّتْ عَلَيك مُرورُ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَهَبَ السُّكَّرِيُّ إِلى أَنّ مرُوراً مَصْدَرٌ وَلَا أُبْعِدُ أَن يَكُونَ كَمَا ذَكَرَ، وإِن كَانَ قَدْ أَنث الْفِعْلَ، وَذَلِكَ أَنّ الْمَصْدَرَ يُفِيدُ الْكَثْرَةَ وَالْجِنْسِيَّةَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ
؛ قَالَ: يُعَذَّبُونَ بالإِيثاقِ والقَتْل، وَقِيلَ: بِالْقَتْلِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَقَدْ تَكُونُ التَّثْنِيَةُ هُنَا فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ؛ أَي كَرَّاتٍ، وَقَوْلُهُ عز وجل: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن هَؤُلَاءِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهل الْكِتَابِ كَانُوا يأْخذون بِهِ وَيَنْتَهُونَ إِليه وَيَقِفُونَ عِنْدَهُ، وَكَانُوا يَحْكُمُونَ بِحُكْمِ اللَّهِ بِالْكِتَابِ الَّذِي أُنزل فِيهِ الْقُرْآنُ، فَلَمَّا بُعث النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، وَتَلَا عَلَيْهِمُ القرآنَ، قالُوا: آمَنَّا بِهِ، أَي صَدَّقْنَا بِهِ، إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا، وَذَلِكَ أَنّ ذِكْرَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ مكتوباً عندهم في التوارة والإِنجيل فَلَمْ يُعَانِدُوا وَآمَنُوا وصدَّقوا فأَثنى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ خَيْرًا، ويُعْطَون أَجرهم بالإِيمان بِالْكِتَابِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، وبإِيمانهم بِمُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم. وَلَقِيَه ذَاتَ مرَّةٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُسْتَعْمَلُ ذَاتَ مَرَّةٍ إِلا ظَرْفًا. ولقِيَه ذاتَ المِرارِ أَي مِراراً كَثِيرَةً. وَجِئْتُهُ مَرًّا أَو مَرَّيْنِ، يُرِيدُ مَرَّةً أَو مَرَّتَيْنِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ فُلَانٌ يَصْنَعُ ذَلِكَ تَارَاتٍ، وَيَصْنَعُ ذَلِكَ تِيَراً، ويَصْنَعُ ذَلِكَ ذاتَ المِرارِ؛ مَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ: يَصْنَعُهُ مِراراً ويَدَعُه مِراراً. والمَرَارَةُ: ضِدُّ الحلاوةِ، والمُرُّ نَقِيضُ الحُلْو؛ مَرَّ الشيءُ يَمُرُّ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: يَمَرُّ مَرارَةً، بِالْفَتْحِ؛ وأَنشد:
لَئِنْ مَرَّ فِي كِرْمانَ لَيْلي، لَطالَما
…
حَلا بَيْنَ شَطَّيْ بابِلٍ فالمُضَيَّحِ
وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
لِتَأْكُلَني، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمي،
…
فأَذْرَقَ مِنْ حِذارِي أَوْ أَتاعَا
وأَنشده بَعْضُهُمْ: فأَفْرَقَ، وَمَعْنَاهُمَا: سَلَحَ. وأَتاعَ أَي قاءَ. وأَمَرَّ كَمَرَّ: قَالَ ثَعْلَبٌ:
تُمِرُّ عَلَيْنا الأَرضُ مِنْ أَنْ نَرَى بِهَا
…
أَنيساً، ويَحْلَوْلي لَنا البَلَدُ القَفْرُ
عَدَّاهُ بِعَلَى لأَنَّ فِيهِ مَعْنى تَضِيقُ؛ قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفِ الْكِسَائِيُّ مَرَّ اللحْمُ بِغَيْرِ أَلفٍ؛ وأَنشد الْبَيْتَ:
لِيَمْضغَني العِدَى فأَمَرَّ لَحْمي،
…
فأَشْفَقَ مِنْ حِذاري أَوْ أَتاعا
قَالَ: وَيَدُلُّكَ عَلَى مَرَّ، بِغَيْرِ أَلف، الْبَيْتُ الَّذِي قَبْلَهُ:
أَلا تِلْكَ الثَّعالِبُ قَدْ تَوالَتْ
…
عَلَيَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعَا
لِتَأْكُلَنى، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمي
ابْنُ الأَعرابي: مَرَّ الطعامُ يَمَرُّ، فَهُوَ مُرٌّ، وأَمَرَّهُ غَيْرُهُ ومَرَّهُ، ومَرَّ يَمُرُّ مِنَ المُرُورِ. وَيُقَالُ: لَقَدْ مَرِرْتُ مِنَ المِرَّةِ أَمَرُّ مَرًّا ومِرَّةً، وَهِيَ
الِاسْمُ؛ وَهَذَا أَمَرُّ مِنْ كَذَا؛ قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: صُغْراها مُرَّاها. والأَمَرَّانِ: الفَقْرُ والهَرَمُ؛ وَقَوْلُ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيُّ:
فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ خَدْعُها، حِينَ أَزْمَعَتْ
…
صَرِيمَتَها، والنَّفْسُ مُرٌّ ضَمِيرُها
إِنما أَراد: وَنَفْسُهَا خَبِيثَةٌ كَارِهَةٌ فَاسْتَعَارَ لَهَا الْمَرَارَةَ؛ وَشَيْءٌ مُرٌّ وَالْجَمْعُ أَمْرارٌ. والمُرَّةُ: شجَرة أَو بَقْلَةٌ، وَجَمْعُهَا مُرٌّ وأَمْرارٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنّ أَمْراراً جمعُ مُرٍّ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُرَّةُ بَقْلَةٌ تَتَفَرَّشُ عَلَى الأَرض لَهَا وَرَقٌ مِثْلُ وَرَقِ الْهَنْدَبَا أَو أَعرض، وَلَهَا نَوْرة صُفَيْراء وأَرُومَة بَيْضَاءُ وَتُقْلَعُ مَعَ أَرُومَتِها فَتُغْسَلُ ثُمَّ تُؤْكَلُ بِالْخَلِّ وَالْخُبْزِ، وَفِيهَا عُلَيْقِمَةٌ يَسِيرَةٌ؛ التَّهْذِيبِ: وَقِيلَ هَذِهِ الْبَقْلَةُ مِنْ أَمرار الْبُقُولِ، وَالْمُرُّ الْوَاحِدُ. والمُرارَةُ أَيضاً: بَقْلَةٌ مُرَّةٌ، وَجَمْعُهَا مُرارٌ. والمُرارُ: شَجَرٌ مُرٌّ، وَمِنْهُ بَنُو آكِلِ المُرارِ قومٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَقِيلَ: المُرارُ حَمْضٌ، وَقِيلَ: المُرارُ شَجَرٌ إِذا أَكلته الإِبل قلَصت عَنْهُ مَشافِرُها، وَاحِدَتُهَا مُرارَةٌ، وَهُوَ المُرارُ، بِضَمِّ الْمِيمِ. وآكِلُ المُرارِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَخبرني ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَن حُجْراً إِنما سُمِّي آكِلَ المُرارِ أَن ابْنَةً كَانَتْ لَهُ سَبَاهَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ سَلِيحٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ هَبُولَةَ، فَقَالَتْ لَهُ ابْنَةُ حُجْرٍ: كأَنك بأَبي قَدْ جَاءَ كأَنه جملٌ آكِلُ المُرارِ، يَعْنِي كاشِراً عَنْ أَنيابه، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنه كَانَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي سَفَر فأَصابهم الْجُوعُ، فأَما هُوَ فأَكل مِنَ المُرارِ حَتَّى شَبِعَ وَنَجَا، وأَما أَصحابه فَلَمْ يُطِيقُوا ذَلِكَ حَتَّى هَلَكَ أَكثرهم فَفَضَلَ عَلَيْهِمْ بِصَبْرِهِ عَلَى أَكْلِه المُرارَ. وَذُو المُرارِ: أَرض، قَالَ: وَلَعَلَّهَا كَثِيرَةُ هَذَا النَّبَاتِ فسمِّيت بِذَلِكَ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْ ذِي المُرارِ الَّذِي تُلْقِي حوالِبُه
…
بَطْنَ الكِلابِ سَنِيحاً، حَيثُ يَنْدَفِقُ
الْفَرَّاءُ: فِي الطَّعَامِ زُؤانٌ ومُرَيْراءُ ورُعَيْداءُ، وَكُلُّهُ مَا يُرْمَى بِهِ ويُخْرَجُ مِنْهُ. والمُرُّ: دَواءٌ، وَالْجَمْعُ أَمْرارٌ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ:
رَعَى الرَّوْضَ والوَسْمِيَّ، حَتَّى كأَنما
…
يَرَى بِيَبِيسِ الدَّوِّ أَمْرارَ عَلْقَمِ
يَصِفُ أَنه رَعَى نَبَاتَ الوسْمِيِّ لطِيبه وحَلاوتِه؛ يَقُولُ: صَارَ الْيَبِيسُ عِنْدَهُ لِكَرَاهَتِهِ إِياه بَعْدَ فِقْدانِه الرطْبَ وَحِينَ عَطِشَ بِمَنْزِلَةِ الْعَلْقَمِ. وَفِي قِصَّةِ مَوْلِدِ الْمَسِيحِ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
خَرَجَ قَوْمٌ مَعَهُمُ المُرُّ، قَالُوا نَجْبُرُ بِهِ الكَسِيرَ والجُرْحَ
؛ المُرُّ: دَوَاءٌ كالصَّبرِ، سُمِّيَ بِهِ لِمَرَارَتِهِ. وَفُلَانٌ مَا يُمِرُّ وَمَا يُحْلِي أَي مَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ. وَيُقَالُ: شَتَمَنِي فُلَانٌ فَمَا أَمْرَرْتُ وَمَا أَحْلَيْتُ أَي مَا قُلْتُ مُرة وَلَا حُلوة. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَمَرَّ فُلَانٌ وَمَا أَحْلى؛ أَي مَا قَالَ مُرًّا وَلَا حُلواً؛ وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسْقاءِ:
وأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الفَتِيُّ اسْتِكانَةً
…
مِنَ الجُوعِ ضَعْفاً، مَا يُمِرُّ وَمَا يُحْلي
أَي مَا يَنْطِقُ بِخَيْرٍ وَلَا شَرٍّ مِنَ الْجُوعِ وَالضَّعْفِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا أُمِرُّ وَمَا أُحْلِي أَي مَا آتِي بِكَلِمَةٍ وَلَا فَعْلَةٍ مُرَّة وَلَا حُلوة، فإِن أَردت أَن تَكُونَ مَرَّة مُرًّا ومَرَّة حُلواً قُلْتَ: أَمَرُّ وأَحْلو وأَمُرُّ وأَحْلو. وعَيْشٌ مُرٌّ، عَلَى الْمَثَلِ، كَمَا قَالُوا حُلْو. وَلَقِيتُ مِنْهُ الأَمَرَّينِ والبُرَحَينِ والأَقْوَرَينِ أَي الشرَّ والأَمْرَ الْعَظِيمَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَقِيتُ مِنْهُ الأَمَرَّينِ، عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَلَقِيتُ مِنْهُ المُرَّيَيْنِ كأَنها تَثْنِيَةُ الْحَالَةِ المُرَّى. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَاءَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ
عَلَى لَفْظِ الْجَمَاعَةِ، بِالنُّونِ، عَنِ الْعَرَبِ، وَهِيَ الدَّوَاهِي، كَمَا قَالُوا مَرَقَهُ مَرَقِينَ «1» وأَما قَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم:
مَاذَا فِي الأَمَرَّينِ مِنَ الشِّفاء
، فإِنه مُثَنًّى وَهُمَا الثُّفَّاءُ والصَّبِرُ، والمَرارَةُ فِي الصَّبِرِ دُونَ الثُّفَّاءِ، فغَلَّبَه عَلَيْهِ، والصَّبِرُ هُوَ الدَّوَاءُ الْمَعْرُوفُ، والثُّفَّاءُ هُوَ الخَرْدَلُ؛ قَالَ: وإِنما قَالَ الأَمَرَّينِ، والمُرُّ أَحَدُهما، لأَنه جَعَلَ الحُروفةَ والحِدَّةَ الَّتِي فِي الْخَرْدَلِ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَارَةِ وَقَدْ يُغَلِّبُونَ أَحد الْقَرِينَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَيَذْكُرُونَهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وتأْنيث الأَمَرِّ المُرَّى وَتَثْنِيَتُهَا المُرَّيانِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، فِي الْوَصِيَّةِ: هُمَا المُرَّيان: الإِمْساكُ فِي الحياةِ والتَّبْذِيرُ عنْدَ المَمات
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ هُمَا الْخَصْلَتَانِ الْمُرَّتَانِ، نَسَبَهُمَا إِلى الْمَرَارَةِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ مَرَارَةِ المأْثم. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: المُرَّيان تَثْنِيَةُ مُرَّى مِثْلَ صُغْرى وَكُبْرَى وصُغْرَيان وكُبْرَيانِ، فَهِيَ فُعْلَى مِنَ الْمَرَارَةِ تأْنيث الأَمَرِّ كالجُلَّى والأَجلِّ، أَي الْخَصْلَتَانِ الْمُفَضَّلَتَانِ فِي الْمَرَارَةِ عَلَى سَائِرِ الْخِصَالِ المُرَّة أَن يَكُونَ الرَّجُلُ شَحِيحًا بِمَالِهِ مَا دَامَ حَيًّا صَحِيحًا، وأَن يُبَذِّرَه فِيمَا لَا يُجْدِي عَلَيْهِ مِنَ الْوَصَايَا الْمَبْنِيَّةِ عَلَى هَوَى النَّفْسِ عِنْدَ مُشارفة الْمَوْتِ. وَالْمَرَارَةُ: هَنَةٌ لَازِقَةٌ بالكَبد وَهِيَ الَّتِي تُمْرِئُ الطَّعَامَ تَكُونُ لِكُلِّ ذِي رُوحٍ إِلَّا النَّعامَ والإِبل فإِنها لَا مَرارة لَهَا. والمارُورَةُ والمُرَيرَاءُ: حَبٌّ أَسود يَكُونُ فِي الطَّعَامِ يُمَرُّ مِنْهُ وَهُوَ كالدَّنْقَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُخرج مِنْهُ فيُرْمى بِهِ. وَقَدْ أَمَرَّ: صَارَ فِيهِ المُرَيْراء. وَيُقَالُ: قَدْ أَمَرَّ هَذَا الطَّعَامُ فِي فَمِي أَي صَارَ فِيهِ مُرّاً، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَصِيرُ مُرّاً، والمَرارَة الِاسْمُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَرَّ الطَّعَامُ يَمُرّ مَرارة، وَبَعْضُهُمْ: يَمَرُّ، وَلَقَدْ مَرَرْتَ يا طَعامُ وأَنت تَمُرُّ؛ وَمَنْ قَالَ تَمَرُّ قَالَ مَرِرْتَ يَا طَعَامُ وأَنت تَمَرُّ؛ قَالَ الطرمَّاح:
لَئِنْ مَرَّ فِي كِرْمانَ لَيْلي، لرُبَّما
…
حَلا بَيْنَ شَطَّي بابِلٍ فالمُضَيَّحِ
والمَرارَةُ: الَّتِي فِيهَا المِرَّةُ، والمِرَّة: إِحدى الطَّبَائِعِ الأَربع؛ ابْنُ سِيدَهْ: والمِرَّةُ مِزاجٌ مِنْ أَمْزِجَةِ الْبَدَنِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَدْ مُررْتُ بِهِ عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْمَفْعُولِ أُمَرُّ مَرًّا ومَرَّة. وَقَالَ مَرَّة: المَرُّ الْمَصْدَرُ، والمَرَّة الِاسْمُ كَمَا تَقُولُ حُمِمْتُ حُمَّى، وَالْحُمَّى الِاسْمُ. والمَمْرُور: الَّذِي غَلَبَتْ عَلَيْهِ المِرَّةُ، والمِرَّةُ الْقُوَّةُ وَشِدَّةُ الْعَقْلِ أَيضاً. وَرَجُلٌ مَرِيرٌ أَي قَوِيُّ ذُو مِرّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لغَنِيٍّ وَلَا لِذي مِرَّةَ سَوِيٍ
؛ المِرَّةُ: القُوَّةُ والشِّدّةُ، والسَّوِيُّ: الصَّحيحُ الأَعْضاءِ. والمَرِيرُ والمَرِيرَةُ: العزيمةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا أَنْثَني مِنْ طِيرَةٍ عَنْ مَرِيرَةٍ،
…
إِذا الأَخْطَبُ الدَّاعي عَلَى الدَّوحِ صَرْصَرا
والمِرَّةُ: قُوّةُ الخَلْقِ وشِدّتُهُ، وَالْجَمْعُ مِرَرٌ، وأَمْرارٌ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ:
قَطَعْتُ، إِلى مَعْرُوفِها مُنْكراتِها،
…
بأَمْرارِ فَتْلاءِ الذِّراعَين شَوْدَحِ
ومِرَّةُ الحَبْلِ: طاقَتُهُ، وَهِيَ المَرِيرَةُ، وَقِيلَ: المَرِيرَةُ الْحَبْلُ الشَّدِيدُ الْفَتْلِ، وَقِيلَ: هُوَ حَبْلٌ طَوِيلٌ دَقِيقٌ؛ وَقَدْ أمْرَرْتَه. والمُمَرُّ: الْحَبْلُ الَّذِي أُجِيدَ فَتْلُهُ، وَيُقَالُ المِرارُ والمَرُّ. وَكُلُّ مَفْتُولٍ مُمَرّ، وَكُلُّ قُوَّةٍ مِنْ قُوَى الْحَبْلِ مِرَّةٌ، وَجَمْعُهَا مِرَرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَصابه فِي سَيْرِهِ المِرَارُ
أَي الْحَبْلُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا فُسِّرَ، وإِنما الحبل
(1). قوله [مرقه مرقين] كذا بالأصل.
المَرُّ، وَلَعَلَّهُ جَمَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ فِي ذِكْرِ الحياةِ: إِنّ اللَّهَ جَعَلَ الْمَوْتَ قَاطِعًا لمَرائِر أَقرانها
؛ المَرائِرُ: الْحِبَالُ الْمَفْتُولَةُ عَلَى أَكثَر مِنْ طَاقٍ، وَاحِدُهَا مَريرٌ ومَرِيرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: ثُمَّ اسْتَمَرَّتْ مَريرَتي
؛ يُقَالُ: اسْتَمَرَّتْ مَرِيرَتُه عَلَى كَذَا إِذا اسْتَحْكَمَ أَمْرُه عَلَيْهِ وَقَوِيَتْ شَكِيمَتُه فِيهِ وأَلِفَه واعْتادَه، وأَصله مِنْ فَتْلِ الْحَبْلِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: سُحِلَتْ مَريرَتُه أَي جُعل حَبْلُهُ المُبْرَمُ سَحِيلًا
، يَعْنِي رَخْوًا ضَعِيفًا. والمَرُّ، بِفَتْحِ الْمِيمِ: الحبْل؛ قَالَ:
زَوْجُكِ يَا ذاتَ الثَّنايا الغُرِّ،
…
والرَّبَلاتِ والجَبِينِ الحُرِّ،
أَعْيا فَنُطْناه مَناطَ الجَرِّ،
…
ثُمَّ شَدَدْنا فَوْقَه بِمَرِّ،
بَيْنَ خَشاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
الرَّبَلاتُ: جَمْعُ رَبَلَة وَهِيَ بَاطِنُ الْفَخِذِ. والجَرُّ هَاهُنَا: الزَّبيلُ. وأَمْرَرْتُ الحبلَ أُمِرُّه، فَهُوَ مُمَرٌّ، إِذا شَدَدْتَ فَتْلَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ
؛ أَي مُحْكَمٌ قَوِيٌّ، وَقِيلَ مُسْتَمِرٌّ أَي مُرٌّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَيَذْهَبُ ويَبْطُلُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَهُ مِنْ مَرَّ يَمُرُّ إِذا ذهَب. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ
، أَي دائمٍ، وَقِيلَ أَي دائمِ الشُّؤْمِ، وَقِيلَ: هُوَ القويُّ فِي نُحُوسَتِهِ، وَقِيلَ: مُسْتَمِرٌّ أَي مُرّ، وَقِيلَ: مُسْتَمِرٌّ نافِذٌ ماضٍ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وسُخّر لَهُ. وَيُقَالُ: مَرَّ الشيءُ واسْتَمَرَّ وأَمَرَّ مِنَ المَرارَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ
؛ أَي أَشد مَرارة؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الأَخطل:
إِذا المِئُونَ أُمِرَّتْ فَوقَه حَمَلا
وَصَفَ رَجُلًا يَتَحَمَّلُ الحِمَالاتِ والدِّياتِ فَيَقُولُ: إِذا اسْتُوثِقَ مِنْهُ بأَن يحمِل المِئينَ مِنَ الإِبل دِيَاتٍ فأُمِرَّتْ فَوْقَ ظَهْرِهِ أَي شُدَّتْ بالمِرارِ وَهُوَ الْحَبْلُ، كَمَا يُشَدُّ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ حِمْلُه، حَمَلَها وأَدّاها؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ حَمَلا أَي ضَمِنَ أَداءَ مَا حَمَل وَكَفَلَ. الْجَوْهَرِيُّ: والمَرِيرُ مِنَ الْحِبَالِ مَا لَطُفَ وَطَالَ وَاشْتَدَّ فَتْلُه، وَالْجَمْعُ المَرائِرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا زَالَ فُلَانٌ يُمِرُّ فُلَانًا ويُمارُّه أَي يُعَالِجُهُ ويَتَلَوَّى عَلَيْهِ لِيَصْرَعَه. ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ يُمارُّه أَي يَتَلَوَّى عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وذلِكَ مَشْبُوحُ الذِّراعَيْنِ خَلْجَمٌ
…
خَشُوفٌ، إِذا مَا الحَرْبُ طالَ مِرارُها
فَسَّرَهُ الأَصمعي فَقَالَ: مِرارُها مُداوَرَتُها ومُعالجتُها. وسأَل أَبو الأَسود «2» الدُّؤَلِيُّ غُلَامًا عَنْ أَبيه فَقَالَ: مَا فَعَلَتِ امْرأَةُ أَبيك؟ قَالَ: كَانَتْ تُسارُّه وتُجارُّه وتُزارُّه وتُهارُّه وتُمارُّه، أَي تَلتَوي عَلَيْهِ وتخالِفُه، وَهُوَ مِنْ فَتْلِ الْحَبْلِ. وَهُوَ يُمارُّ البعيرَ أَي يُرِيدُهُ لِيَصْرَعَهُ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: مارَرْت الرجلَ مُمارَّةً ومِراراً إِذا عَالَجْتَهُ لِتَصْرَعَهُ وَأَرَادَ ذَلِكَ مِنْكَ أَيضاً. قَالَ: والمُمَرُّ الَّذِي يُدْعى لِلبَكْرَةِ الصَّعْبَةِ لِيَمُرَّها قَبْلَ الرائِضِ. قَالَ: والمُمَرُّ الَّذِي يَتَعَقَّلُ «3» البَكْرَةَ الصعْبَةَ فيَسْتَمْكِنُ مِنْ ذَنَبِها ثُمَّ يُوَتِّدُ قَدَمَيْهِ فِي الأَرض كَيْ لَا تَجُرَّه إِذا أَرادتِ الإِفلاتَ، وأَمَرَّها بِذَنَبِهَا أَي صَرَفَهَا شِقًّا لشِقٍّ حَتَّى يُذَلِّلَهَا بِذَلِكَ فإِذا ذَلَّتْ بالإِمرار أَرسلها إِلى الرَّائِضِ. وَفُلَانٌ أَمَرُّ عَقْداً مِنْ فُلَانٍ أَي أَحكم أَمراً مِنْهُ وأَوفى ذِمَّةً. وإِنه لَذُو مِرَّة أَي عَقْلٍ وأَصالة وإِحْكامٍ، وهو على
(2). قوله [وسأل أبو الأسود إلخ] كذا بالأصل.
(3)
. قوله [يتعقل] في القاموس: يتغفل.
الْمَثَلِ. والمِرَّةُ: الْقُوَّةُ، وَجَمْعُهَا المِرَرُ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى
، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ ذُو مِرَّةٍ: هُوَ جِبْرِيلُ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوِيًّا ذَا مِرَّة شَدِيدَةٍ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: ذُو مِرَّةٍ
مِنْ نَعْتِ قَوْلِهِ تَعَالَى: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ
؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: المِرَّة الْقُوَّةُ، قَالَ: وأَصل المِرَّةِ إِحْكامُ الفَتْلِ. يُقَالُ: أَمَرَّ الحبلَ إِمْراراً. وَيُقَالُ: اسْتَمَرَّت مَريرَةُ الرَّجُلِ إِذا قَوِيَتْ شَكِيمَتُه. والمَريرَةُ: عِزَّةُ النَّفْسِ. والمَرِيرُ، بِغَيْرِ هَاءٍ: الأَرض الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا، وَجَمْعُهَا مَرائِرُ. وقِرْبة مَمْرورة: مَمْلُوءَةٌ. والمَرُّ: المِسْحاةُ، وَقِيلَ: مَقْبِضُها، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ المِحراثِ. والأَمَرُّ: المصارِينُ يَجْتَمِعُ فِيهَا الفَرْثُ، جَاءَ اسْمًا لِلْجَمْعِ كالأَعَمِّ الَّذِي هُوَ الْجَمَاعَةُ؛ قَالَ:
وَلَا تُهْدِي الأَمَرَّ وَمَا يَلِيهِ،
…
وَلَا تُهْدِنّ مَعْرُوقَ العِظامِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاد هَذَا الْبَيْتِ وَلَا، بِالْوَاوِ، تُهْدِي، بِالْيَاءِ، لأَنه يُخَاطِبُ امرأَته بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا تُهْدِنَّ، وَلَوْ كَانَ لِمُذَكَّرٍ لَقَالَ: وَلَا تُهْدِيَنَّ، وأَورده الْجَوْهَرِيُّ فَلَا تُهْدَ بِالْفَاءِ؛ وَقَبْلَ البيت:
إِذا مَا كُنْتِ مُهْدِيَةً، فَأَهْدِي
…
من المَأْناتِ، أَو فِدَرِ السَّنامِ
يأْمُرُها بمكارِم الأَخلاقِ أَي لَا تهْدي مِنَ الجَزُورِ إِلا أَطايِبَه. والعَرْقُ: الْعَظْمُ الَّذِي عَلَيْهِ اللَّحْمُ فإِذا أُكِلَ لَحْمُهُ قِيلَ لَهُ مَعْرُوقٌ. والمَأْنَةُ: الطَّفْطَفَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَرِهَ مِنَ الشَّاءِ سَبْعاً: الدَّمَ والمَرارَ والحَياءَ والغُدّةَ والذَّكَرَ والأُنْثَيَيْنِ والمَثانَةَ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَراد الْمُحَدِّثُ أَن يَقُولَ الأَمَرَّ فَقَالَ المَرارَ، والأَمَرُّ المصارِينُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: المَرارُ جَمْعُ المَرارَةِ، وَهِيَ الَّتِي فِي جَوْفِ الشَّاةِ وَغَيْرِهَا يَكُونُ فِيهَا مَاءٌ أَخضر مُرٌّ، قِيلَ: هِيَ لِكُلِّ حَيَوَانٍ إِلَّا الْجَمَلَ. قَالَ: وَقَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه جُرِحَ إِصبعه فأَلْقَمَها مَرارَةً وَكَانَ يتوضأُ عَلَيْهَا.
ومَرْمَرَ إِذا غَضِبَ، ورَمْرَمَ إِذا أَصلح شأْنَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: المَرِيرَةُ مِنَ الْحِبَالِ مَا لَطُف وَطَالَ وَاشْتَدَّ فَتْلُهُ، وَهِيَ المَرائِرُ. واسْتَمَرَّ مَرِيرُه إِذا قَوِيَ بَعْدَ ضَعْفٍ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: ادَّعَى رَجُلٌ دَيْناً عَلَى ميِّت فأَراد بَنُوهُ أَن يَحْلِفُوا عَلَى عِلْمِهِم فَقَالَ شُرَيْحٌ: لَتَرْكَبُنَّ مِنْهُ مَرَارَةَ الذَّقَنِ
أَي لَتَحْلِفُنَّ مَا لَهُ شَيْءٌ، لَا عَلَى الْعِلْمِ، فَيَرْكَبُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَمَرُّ فِي أَفْواهِهم وأَلسِنَتِهِم الَّتِي بَيْنَ أَذقانهم. ومَرَّانُ شَنُوءَةَ: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ومَرَّانُ ومَرُّ الظَّهْرانِ وبَطْنُ مَرٍّ: مواضعُ بِالْحِجَازِ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
أَصْبَحَ مِنْ أُمِّ عَمْرٍو بَطْنُ مَرَّ فأَكْنافُ
…
الرَّجِيعِ، فَذُو سِدْرٍ فأَمْلاحُ
وَحْشاً سِوَى أَنّ فُرَّاطَ السِّباعِ بِهَا،
…
كَأَنها مِنْ تَبَغِّي النَّاسِ أَطْلاحُ
وَيُرْوَى: بَطْنُ مَرٍّ، فَوَزْنُ [رِنْ فَأَكْ] عَلَى هَذَا فاعِلُنْ. وَقَوْلُهُ رَفَأَكْ، فَعْلُنْ، وَهُوَ فَرْعٌ مُسْتَعْمَلٌ، والأَوّل أَصل مَرْفُوض. وبَطْنُ مَرٍّ: مَوْضِعٌ، وَهُوَ مِنْ مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، عَلَى مَرْحَلَةٍ. وتَمَرْمَرَ الرجلُ «1»: مارَ. والمَرْمَرُ: الرُّخامُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَنَّ هُناكَ مَرْمَرَةً
؛ هِيَ واحدةُ المَرْمَرِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ
(1). قوله [وتمرمر الرجل إلخ] في القاموس وتمرمر الرمل
الرُّخَامِ صُلْبٌ؛ وَقَالَ الأَعشى:
كَدُمْيَةٍ صُوِّرَ مِحْرابُها
…
بِمُذْهَبٍ ذِي مَرْمَرٍ مائِرِ
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
مَرْمارَةٌ مِثْلُ النَّقا المَرْمُورِ
والمَرْمَرُ: ضَرْبٌ مِنْ تَقْطِيعِ ثِيَابِ النِّسَاءِ. وامرأَة مَرْمُورَةٌ ومَرْمارَةٌ: ترتَجُّ عِنْدَ الْقِيَامِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى تَرْتَجُّ وتَمَرْمَرُ وَاحِدٌ أَي تَرْعُدُ مِنْ رُطوبتها، وَقِيلَ: المَرْمارَةُ الْجَارِيَةُ النَّاعِمَةُ الرَّجْراجَةُ، وَكَذَلِكَ المَرْمُورَةُ. والتَّمَرْمُرُ: الاهتزازُ. وجِسْمٌ مَرْمارٌ ومَرْمُورٌ ومُرَامِرٌ: ناعمٌ. ومَرْمارٌ: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ؛ قَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَةُ بالغَمِيسِ،
…
لَيْلَةَ مَرْمارٍ ومَرْمَرِيسِ
والمرْمارُ: الرُّمانُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ الَّذِي لَا شَحْمَ لَهُ. ومَرَّارٌ ومُرَّةُ ومَرَّانُ: أَسماء. وأَبو مُرَّةَ: كُنْيَةُ إِبليس. ومُرَيْرَةٌ والمُرَيْرَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
كأَدْماءَ هَزَّتْ جِيدَها فِي أَرَاكَةٍ،
…
تَعاطَى كَبَاثاً مِنْ مُرَيْرَةَ أَسْوَدَا
وَقَالَ:
وتَشْرَبُ أَسْآرَ الحِياضِ تَسُوفُه،
…
وَلَوْ وَرَدَتْ ماءَ المُرَيْرَةِ آجِما
أَراد آجِنًا، فأَبدل. وبَطْنُ مَرٍّ: موضعٌ. والأَمْرَارُ: مِيَاهٌ مَعْرُوفَةٌ فِي دِيَارِ بَنِي فَزَارَةَ؛ وأَما قَوْلُ النَّابِغَةِ يُخَاطِبُ عَمْرَو بْنُ هِنْدٍ:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ آيَةً؟
…
ومِنَ النَّصِيحَةِ كَثْرَةُ الإِنْذَارِ
لَا أَعْرِفَنَّك عارِضاً لِرِماحِنا،
…
فِي جُفِّ تَغْلِبَ وارِدِي الأَمْرَارِ
فَهِيَ مِيَاهٌ بالبادِيَة مَرَّةٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ: فِي جُفِّ ثَعْلَبٍ، يَعْنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ، وَجَعَلَهُمْ جُفًّا لِكَثْرَتِهِمْ. يُقَالُ لِلْحَيِّ الْكَثِيرِ الْعَدَدِ: جُفٌّ، مِثْلُ بَكْرٍ وَتَغْلِبَ وَتَمِيمٍ وأَسد، وَلَا يُقَالُ لِمَنْ دُونَ ذَلِكَ جُفٌّ. وأَصل الْجُفِّ: وِعَاءُ الطَّلْعِ فَاسْتَعَارَهُ لِلْكَثْرَةِ، لِكَثْرَةِ مَا حَوَى الْجُفُّ مِنْ حَبِّ الطَّلْعِ؛ وَمَنْ رَوَاهُ: فِي جُفِّ تَغْلِبَ، أَراد أَخوال عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ، وَكَانَتْ لَهُ كَتِيبَتَانِ مِنْ بَكْرٍ وَتَغْلِبَ يُقَالُ لإِحداهما دَوْسَرٌ والأُخرى الشَّهْباء؛ قوله: عَارِضًا لِرِمَاحِنَا أَي لَا تُمَكِّنها مِنْ عُرْضِكَ؛ يُقَالُ: أَعرض لِي فُلَانٌ أَي أَمكنني مِنْ عُرْضِه حَتَّى رأَيته. والأَمْرارُ: مياهٌ مُرَّةٌ معروفة منها عِراعِرٌ [عُراعِرٌ] وكُنَيْبٌ والعُرَيْمَةُ. والمُرِّيُّ: الَّذِي يُؤْتَدَمُ بِهِ كأَنَّه مَنْسُوبٌ إِلى المَرارَةِ، وَالْعَامَّةُ تُخَفِّفُهُ؛ قَالَ: وأَنشد أَبو الْغَوْثِ:
وأُمُّ مَثْوَايَ لُباخِيَّةٌ،
…
وعِنْدَها المُرِّيُّ والكامَخُ
وَفِي حَدِيثِ أَبي الدَّرْدَاءِ ذكر المُرِّيِّ، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّهْذِيبِ فِي النَّاقِصِ: ومُرامِرٌ اسْمُ رَجُلٍ. قَالَ شَرْقيُّ بْنُ القُطَامي: إِن أَوّل مَنْ وَضَعَ خَطَّنَا هَذَا رِجَالٌ من طيء مِنْهُمْ مُرامِرُ بْنُ مُرَّةَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَعَلَّمْتُ بَاجَادًا وآلَ مُرامِرٍ،
…
وسَوَّدْتُ أَثْوابي، ولستُ بِكَاتِبِ
قَالَ: وإِنما قَالَ وَآلَ مُرَامِرٍ لأَنه كَانَ قَدْ سُمِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَولاده بِكَلِمَةٍ مِنْ أَبجد وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ النَّحَّاسِ وَغَيْرُهُ عن المدائني أَنه مُرامِرُ بْنُ مَرْوَةَ، قال المدائني: بَلَغَنَا أَن أَوَّل مَنْ كَتَبَ بِالْعَرَبِيَّةِ مُرامِرُ بْنُ مَرْوَةَ مِنْ أَهل الأَنبار، وَيُقَالُ مِنْ أَهل الحِيرَة، قَالَ: وَقَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ:
نَظَرْتُ فِي كِتَابِ الْعَرَبِيَّةِ فإِذا هُوَ قَدْ مَرَّ بالأَنبار قَبْلَ أَن يَمُرَّ بالحِيرَةِ. وَيُقَالُ إِنه سُئِلَ الْمُهَاجِرُونَ: مِنْ أَين تَعَلَّمْتُمُ الْخَطَّ؟ فَقَالُوا: مِنَ الْحِيرَةِ؛ وَسُئِلَ أَهل الْحِيرَةِ: مِنْ أَين تَعَلَّمْتُمُ الْخَطَّ؟ فَقَالُوا: مِنَ الأَنْبار. والمُرّانُ: شَجَرُ الرِّمَاحِ، يُذْكَرُ فِي بَابِ النُّونِ لأَنه فُعَّالٌ. ومُرٌّ: أَبو تَمِيمٍ، وَهُوَ مُرُّ بنُ أُدِّ بْنُ طابِخَةَ بنِ إِلْياسَ بنِ مُضَرَ. ومُرَّةُ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ مُرّة بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غالبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ومُرَّةُ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ، وَهُوَ مُرَّةُ بْنِ عَوْف بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عيلانَ. مُرَامِراتٌ: حُرُوفُ وَهَا «1» قَدِيمٌ لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّاسِ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لَهِمٌ وَذَلٌ وذَلٌ، يُمَرْمِرُ مِرْزةً ويَلُوكُها؛ يُمَرْمِرُ أَصلُه يُمَرِّرُ أَي يَدْحُوها عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَيُقَالُ: رَعَى بَنُو فُلانٍ المُرَّتَيْنِ «2» وَهُمَا الأَلاءُ والشِّيحُ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ ثَنِيَّةِ المُرارِ الْمَشْهُورُ فِيهَا ضَمُّ الْمِيمِ، وَبَعْضُهُمْ يَكْسِرُهَا، وَهِيَ عِنْدُ الْحُدَيْبِيَةِ؛ وَفِيهِ ذِكْرُ بَطْنِ مَرٍّ ومَرِّ الظَّهْرَانِ، وَهُمَا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، مَوْضِعٌ بِقُرْبِ مَكَّةَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُ لتَجِدَنَّ فُلاناً أَلْوى بَعيدَ المُسْتَمَرِّ، بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ، أَي أَنه قَوِيٌّ فِي الخُصُومَةِ لَا يَسْأَمُ المِراسَ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
إِذا تَخازَرْتُ، وَمَا بِي مِنْ خَزَرْ،
…
ثُمَّ كَسَرْتُ العَيْنَ مِنْ غَيْرِ عَوَرْ
وجَدْتَني أَلْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرْ،
…
أَحْمِلُ مَا حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وشَرْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الرجز يُرْوَى لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ وَيُقَالُ: إِنه لأَرْطاةَ بْنِ سُهَيَّةَ تَمَثَّلَ بِهِ عَمْرٌو، رضي الله عنه.
مزر: المِزْرُ: الأَصل. والمزرُ: نَبِيذُ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ، وَقِيلَ: نَبِيذُ الذُّرَة خاصَّة. غَيْرُهُ: المِزْر ضَرْبٌ مِنَ الأَشربة. وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ: أَن ابْنَ عُمَرَ قَدْ فَسَّرَ الأَنبذة فَقَالَ البِتْعُ نبيذ العَسَل، والجِعَةُ نَبِيذُ الشعيرِ، وَالْمِزْرُ مِنَ الذُّرَةِ، والسَّكَرُ مِنَ التَّمْرِ، والخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ، وأَما السُّكُرْكَة، بِتَسْكِينِ الرَّاءِ، فَخَمْرُ الحَبَش؛ قَالَ أَبو مُوسَى الأَشعري: هِيَ مِنَ الذُّرَةِ، وَيُقَالُ لَهَا السُّقُرْقَعُ أَيضاً، كأَنه مُعَرَّبُ سُكُرْكَةٍ، وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ. والمَزْرُ والتَّمَزُّرُ: التَّرَوُّقُ والشُّرْبُ القَلِيلُ، وَقِيلَ: الشرْبُ بمَرَّةٍ، قَالَ: والمِزْرُ الأَحْمَقُ. والمَزْرُ، بِالْفَتْحِ: الحَسْوُ لِلذَّوْقِ. ويقال: تَمَزَّرْتُ الشرابَ إِذا شَرِبْتَه قَلِيلًا قَلِيلًا، وأَنشد الأُموي يَصِفُ خَمْرًا:
تَكُونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ،
…
فِي فَمِهِ، مِثْلَ عَصِيرِ السُّكَّرِ
والتَّمَزُّرُ: شُرْبُ الشرابِ قَلِيلًا قَلِيلًا، بالراء، ومثله التَّمَزُّرُ وَهُوَ أَقل مِنَ التَّمَزُّرِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي الْعَالِيَةِ: اشْرَبِ النبيذَ وَلَا تُمَزِّرْ
أَي اشْرَبْه لِتَسْكِينِ الْعَطَشِ كَمَا تَشْرَبُ الْمَاءَ وَلَا تَشْرَبْهُ لِلتَّلَذُّذِ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى كَمَا يَصْنَعُ شارِبُ الْخَمْرِ إِلى أَن يَسْكَر. قَالَ ثَعْلَبٌ: مِمَّا وَجَدْنَا عَنِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: اشْرَبُوا وَلَا تَمَزَّرُوا
أَي لَا تُدِيرُوه بَيْنَكُمْ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَلَكِنِ اشْرَبُوهُ فِي طِلْقٍ وَاحِدٍ كَمَا يُشْرَبُ الْمَاءُ، أَو اتْرُكُوهُ وَلَا تَشْرَبُوهُ شرْبة بَعْدَ شَرْبَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المَزْرَةُ الْوَاحِدَةُ تحرِّمُ
أَي المصَّةُ الْوَاحِدَةُ. قَالَ: والمَزْرُ والتَّمَزُّرُ الذوْقُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير:
(1). قَوْلُهُ [حروف وها] كذا بالأصل.
(2)
. في القاموس: المريان بالياء التحتية بعد الراء بدل التاء المثناة
وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَرْوِيِّ فِي قَوْلِهِ:
لَا تُحَرِّمُ المَصَّةُ وَلَا المصتانِ
، قَالَ: وَلَعَلَّهُ لَا تُحَرِّمُ فحرَّفه الرُّوَاةُ. ومَزَرَ السقاءَ مَزْراً: مَلأَه؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ الأَعرابي: مَزَّرَ قِرْبَتَه تَمْزِيراً ملأَها فلَم يتْرُكْ فِيهَا أَمْتاً؛ وأَنشد شَمِرٌ:
فَشَرِبَ القَوْمُ وأَبْقَوْا سُورا،
…
ومَزَّرُوا وِطابَها تَمْزِيرا
والمَزِيرُ: الشَّدِيدُ القلبِ القَوِيُّ النافِذُ بَيِّنُ المَزَارَةِ؛ وَقَدْ مَزُرَ، بِالضَّمِّ، مَزَارَةً، وَفُلَانٌ أَمْزَرُ مِنْهُ؛ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْداسٍ:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فَتَزْدَرِيه،
…
وَفِي أَثْوابِه رَجُلٌ مَزِيرُ
وَيُرْوَى: أَسد مَزِيرُ، وَالْجَمْعُ أَمازِرُ مِثْلُ أَفِيل وأَفائِلَ؛ وأَنشد الأَخفش:
إِلَيْكِ ابْنَةَ الأَعْيارِ، خافي بَسَالَةَ الرجالِ،
…
وأَصْلالُ الرِّجالِ أَقاصِرُهْ
وَلَا تَذْهَبَنْ عَيْناكِ فِي كُلِّ شَرْمَحٍ
…
طُوالٍ، فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمازِرُهْ
قَالَ: يُرِيدُ أَقاصِرُهُم وأَمازِرُهم، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ أَخبث النَّاسِ وأَفْسَقُه، وَهِيَ خَيْرُ جاريةٍ وأَفْضَلُهُ. وَكُلُّ تَمْرٍ اسْتَحْكَمَ، فَقَدْ مَزُرَ يَمْزُرُ مَزَارَةً. والمَزِيرُ: الظَّرِيفُ؛ قَالَهُ الْفَرَّاءُ؛ وأَنشد:
فَلَا تَذْهَبَنْ عَيْنَاكَ فِي كُلِّ شَرْمَحٍ
…
طُوَالٍ، فإِن الأَقصرين أَمازره
أَراد: أَمازر مَا ذَكَرْنَا، وَهُمْ جَمْعُ الأَمزر.
مسر: مَسَرَ الشيءَ يَمْسُرُه مَسْراً: اسْتَخْرَجَهُ مِنْ ضِيقٍ، والمَسْرُ فِعْلُ الماسِرِ. ومَسَرَ الناسَ يَمْسُرُهُمْ مَسْراً: غَمزَ بِهِمْ. وَيُقَالُ: هُوَ يَمْسُرُ الناسَ أَي يُغْرِيهِمْ. ومَسَرْتُ بِهِ ومَحَلْتُ بِهِ أَي سَعَيْتُ بِهِ. والماسِرُ: الساعِي.
مستفشر: مِنَ الْمُعَرَّبِ: المُسْتَفْشارُ، وَهُوَ العسَل المعتَصَرُ بالأَيدي إِذا كَانَ يَسِيرًا، وإِن كَانَ كَثِيرًا فبالأَرجل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ فِي كِتَابِهِ إِلى بَعْضِ عُمَّالِهِ بِفَارِسَ: أَن ابْعَثْ إِليّ بعَسَلٍ مِنْ عسَلِ خُلَّار، مِنَ النحْلِ الأَبْكار، مِنَ المُسْتفْشار، الَّذِي لَمْ تمسَّه نَارٌ.
مشر: المَشْرَةُ: شِبه خُوصة تَخْرُجُ فِي العِضاه وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الشَّجَرِ أَيام الْخَرِيفِ، لَهَا ورقٌ وأَغصان رَخْصَة. وَيُقَالُ: أَمْشَرَت العِضاهُ إِذا خَرَجَ لَهَا وَرَقٌ وأَغصان؛ وَكَذَلِكَ مَشَّرَتِ الْعِضَاهُ تَمْشِيرًا. وَفِي صِفَةِ مَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ: وأَمْشَرَ سَلَمُها أَي خَرَجَ ورَقُه وَاكْتَسَى بِهِ. والمَشْرُ: شيءٌ كَالْخُوصِ يَخْرُجُ فِي السَّلَم والطَّلْحِ، وَاحِدَتُهُ مَشْرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدٍ: فأَكلوا الْخَبْطَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذُو مَشْرٍ.
والمَشْرَةُ مِنَ العُشْبِ: مَا لَمْ يَطُلْ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ بْنُ حَكِيمٍ يَصِفُ أُرْوِيَّةً:
لَهَا تَفَراتٌ تَحْتَها، وقُصارُها
…
إِلى مَشْرَةٍ، لَمْ تُعْتَلَقْ بالمَحاجِنِ
والتَّفَرات: مَا تَساقَطَ مِنْ ورَقِ الشَّجَرِ. والمَشْرَةُ: مَا يَمْتَشِرُه الرَّاعِي مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ بِمِحْجَنِهِ؛ يَقُولُ: إِن هَذِهِ الأُرْوِيَّةَ تَرْعَى مِنْ وَرَقٍ لَا يُمْتَشَرُ لَهَا بِالْمَحَاجِنِ، وقُصارُها أَن تَأْكُلَ هَذِهِ المَشْرَة الَّتِي تَحْتَ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ. وأَرْضٌ ماشِرَةٌ: وَهِيَ الَّتِي اهْتَزَّ نباتُها واسْتَوَتْ ورَوِيَتْ مِنَ المطرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرض ناشِرَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ وَقَدْ مَشِرَ الشجرُ ومَشَّرَ وأَمْشَرَ وتَمَشَّرَ. وَقِيلَ: التَّمَشُّرُ أَن يُكْسَى الورقُ خُضْرةً. وتَمَشَّرَ الشجرُ إِذا أَصابه مطرٌ فَخَرَجَتْ
رِقَتُه أَي وَرَقَتُه. وتَمَشَّرَ الرجلُ إِذا اكْتَسَى بَعْدَ عُرْيٍ. وامْرَأَةٌ مَشْرَةُ الأَعضاءِ إِذا كَانَتْ رَيَّا. وأَمْشَرَتِ الأَرضُ أَي أَخرجتْ نباتَها. وتَمَشَّرَ الرجلُ: اسْتَغْنَى، وَفِي المحكم: رُؤِيَ عَلَيْهِ أَثر غِنًى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولَوْ قَدْ أَتانا بُرُّنا ودقِيقُنا،
…
تَمَشَّرَ مِنكُم مَنْ رَأَيناهُ مُعْدِمَا
ومَشَّرَه هُوَ: أَعطاهُ وكساهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ مَشَرَه، بِالتَّخْفِيفِ. والمَشْرَةُ: الكُسْوَةُ [الكِسْوَةُ]. وتَمَشَّرَ لأَهله: اشْتَرَى لَهُمْ مَشْرَةً. وتَمَشَّرَ القومُ: لبِسُوا الثِّيابَ. والمَشْرَةُ: الورَقَة قَبْلَ أَن تَتَشَعَّبَ وتَنْتشِر. وَيُقَالُ: أُذُنٌ حَشْرَة مَشْرَةٌ أَي مُؤَلَّلَةٌ عَلَيْهَا مَشْرَةُ العِتقِ أَي نَضارَتُه وحُسْنُه، وَقِيلَ: لطيفَةٌ حَسَنَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وأُذْنٌ لَهَا حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ،
…
كإِعْلِيطِ مَرْخٍ، إِذا مَا صَفِرْ
إِنما عَنَى أَنها دَقِيقَةٌ كالورَقَةِ قَبْلَ أَن تَتَشَعَّب. وحَشْرَةٌ: مُحَدَّدَةُ الطرَف، وَقِيلَ: مَشْرَةٌ إِتباع حَشْرَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ يَصِفُ أُذن نَاقَتِهِ ورِقَّتها ولُطفها، شَبَّهَهَا بإِعْلِيطِ المَرْخِ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْحَبُّ، وَعَلَيْهِ مَشْرَةُ غِنى أَي أَثَرُ غِنى. وأَمْشَرَت الأَرضُ: ظَهَرَ نباتُها. وَمَا أَحسن مَشَرَتَها، بِالتَّحْرِيكِ، أَي نَشَرَتَها ونباتَها. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: مَشَرَتُها ورَقُها، ومشْرَة الأَرضِ أَيضاً، بِالتَّسْكِينِ؛ وأَنشد:
إِلى مَشْرَةٍ لَمْ تُعْتَلَقْ بالمَحاجِن
وتَمَشَّرَ فلان إِذا رُؤِي عَلَيْهِ آثارُ الغِنى. والتَّمْشِيرُ: حُسْنُ نَباتِ الأَرض واسْتِواؤُه. ومَشَرَ الشيءَ يَمْشُرُهُ مَشْراً: أَظهره. والمَشارَةُ: الكَرْدَةُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِالْعَرَبِيِّ الصَّحِيحِ. وتَمَشَّرَ لأَهله شَيْئًا: تَكَسَّبَه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَرَكْتُهُمْ كَبِيرُهُمْ كالأَصْغَرِ،
…
عَجْزاً عَنِ الحِيلَةِ والتَّمَشُّرِ
والتَّمْشِيرُ: القِسْمَةُ. ومَشَّرَ الشيءَ: قَسَّمَه وفَرَّقَه، وخَصَّ بعضُهم بِهِ اللحمَ؛ قَالَ:
فَقُلْتُ لأَهْلي: مَشِّرُوا القِدْرَ حَوْلكم،
…
وأَيَّ زمانٍ قِدْرُنا لَمْ تُمَشَّرِ
أَي لَمْ يُقَسَّمْ مَا فِيهَا؛ وَهَذَا الْبَيْتُ أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ وأَورده ابْنُ سِيدَهْ بِكَمَالِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للمَرَّارِ بْنِ سعيدٍ الفَقْعَسِيِّ وَهُوَ:
وقُلْتُ: أَشِيعَا مَشِّرا القِدْرَ حَوْلَنا،
…
وأَيَّ زمانٍ قِدْرُنا لَمْ تُمَشَّرِ
قَالَ: وَمَعْنَى أَشِيعَا أَظْهِرا أَنَّا نُقَسِّمُ مَا عِنْدَنَا مِنَ اللَّحْمِ حَتَّى يَقْصِدَنا المُسْتَطْعِمون ويأْتينا المُسْتَرْفِدُون، ثُمَّ قَالَ: وأَيّ زَمَانٍ قِدْرُنا لَمْ تمشر أَي هَذَا الَّذِي أَمرتكما بِهِ هُوَ خُلُق لَنَا وَعَادَةً فِي الأَزمنة عَلَى اخْتِلَافِهَا؛ وَبُعْدِهِ:
فَبِتْنا بِخَيْرٍ فِي كرامَةِ ضَيْفِنا،
…
وبِتْنا نُؤَدِّي طُعْمَةً غَيْرَ مَيْسِرِ
أَي بِتْنا نُؤَدِّي إِلى الْحَيِّ مِنْ لَحْمِ هَذِهِ النَّاقَةِ مِنْ غَيْرِ قِمارٍ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ المُقَسَّم مِنَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: المُمَشِّرُ المُفَرِّقُ لِكُلِّ شَيْءٍ. والتَّمْشِيرُ: النشاطُ لِلجماع؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنّي إِذا أَكَلْتُ اللحمَ وَجَدْتُ فِي نَفْسِي تَمْشِيراً أَي نَشاطاً لِلْجِمَاعِ
، وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ حَدِيثًا
مَرْفُوعًا. والأَمْشَرُ: النَّشِيطُ. والمُشَرَةُ: طائِرٌ صَغِيرٌ مُدَبَّج كأَنه ثَوْبُ وشْيٍ. وَرَجُلٌ مِشْرٌ: أَقْشَرُ شَدِيدُ الحُمْرَةِ. وَبَنُو المِشْرِ: بَطْن مِنْ مَذْحج.
مصر: مَصَرَ الشاةَ والناقَةَ يَمْصُرُها مَصْراً وتَمَصَّرها: حَلَبها بأَطراف الثَّلَاثِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تأْخذ الضَّرْعَ بِكَفِّكَ وتُصَيِّرَ إِبهامَك فَوْقَ أَصابِعِك، وَقِيلَ: هُوَ الحَلْبُ بالإِبهامِ والسَّبابةِ فَقَطْ. اللَّيْثُ: المَصْرُ حَلْب بأَطراف الأَصابع وَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى والإِبهام وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ لِحَالِبِ ناقَتِه: كَيْفَ تَحْلُبها مَصْراً أَم فَطْراً؟ وَنَاقَةٌ مَصُور إِذا كَانَ لَبَنُها بَطِيءَ الْخُرُوجِ لَا يُحْلَبُ إِلا مَصْراً. والتَّمَصُّرُ: حَلْبُ بَقَايَا اللَّبَن فِي الضَّرْع بَعْدَ الدرِّ، وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا فِي تَتَبُّعِ القِلَّة، يَقُولُونَ: يَمْتَصِرونها. الْجَوْهَرِيُّ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: المَصْرُ حَلْبُ كُلُّ مَا فِي الضَّرْعِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: وَلَا يُمْصَرُ لبنُها فَيَضُرَّ ذَلِكَ بِوَلَدِهَا
؛ يُرِيدُ لَا يُكْثَرُ مِنْ أَخذ لِبَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ، عليه السلام: مَا لَمْ تَمْصُرْ أَي تَحْلُب
، أَراد أَن تَسْرِقَ اللَّبَنَ. وَنَاقَةٌ ماصِرٌ ومَصُورٌ: بَطِيئَةُ اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ وَالْبَقَرَةُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ المِعْزى، وَجَمْعُهَا مِصارٌ مِثْلَ قِلاصٍ، ومَصائِرُ مِثْلَ قَلائِصَ. والمَصْرُ: قِلة اللَّبَنِ. الأَصمعي: نَاقَةٌ مَصُورٌ وَهِيَ الَّتِي يُتَمَصَّرُ لَبَنُهَا أَي يُحْلَب قَلِيلًا قَلِيلًا لأَن لَبَنَهَا بَطِيءُ الْخُرُوجِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَبو زَيْدٍ المَصُورُ مِنَ المَعزِ خاصَّة دُونَ الضأْن وَهِيَ الَّتِي قَدْ غَرَزَتْ إِلا قَلِيلًا، قَالَ: وَمِثْلُهَا مِنَ الضأْن الجَدُودُ. وَيُقَالُ: مَصَّرَتِ العَنْزُ تَمْصِيراً أَي صَارَتْ مَصُوراً. وَيُقَالُ: نَعْجَةٌ ماصِرٌ ولَجْبَةٌ وجَدُودٌ وغَرُوزٌ أَي قَلِيلَةُ اللَّبَنِ. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: إِنّ الرجلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَقْطَعُ بِهَا ذَنَبَ عَنْزٍ مَصُورٍ لَوْ بَلَغَتْ إِمامَه سَفَكَ دَمَه.
حَكَى ابْنُ الأَثير: الْمَصُورُ مِنَ الْمَعْزِ خَاصَّةً وَهِيَ الَّتِي انْقَطَعَ لَبَنُهَا. والتَّمَصُّر: الْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا تَعْبِيرُ أَهل اللُّغَةِ وَالصَّحِيحُ التَّمَصُّر القِلَّةُ. ومَصَّر عَلَيْهِ العَطاءَ تَمْصِيراً: قَلَّله وفَرَّقَه قَلِيلًا قَلِيلًا. ومَصَّرَ الرجلُ عَطِيَّتَه: قَطَّعَها قَلِيلًا قَلِيلًا، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. ومُصِرَ الفَرسُ: اسْتُخْرِجَ جَرْيهُ. والمُصارَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُمْصَرُ فِيهِ الْخَيْلُ، قَالَ: حَكَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ. وَالتَّمَصُّرُ: التَّتَبُّعُ، وَجَاءَتِ الإِبل إِلى الْحَوْضِ مُتَمَصِّرة ومُمْصِرَة أَي مُتَفَرِّقَةً. وَغِرَّةٌ مُتَمَصِّرة: ضَاقَتْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاتَّسَعَتْ مِنْ آخَرَ. والمَصْرُ: تَقَطُّعُ الغزْلِ وتَمَسُّخُه. وقَدِ امَّصَرَ الغزْلُ إِذا تَمَسَّخَ. والمُمَصَّرَةُ: كُبَّةُ الغزْلِ، وَهِيَ المُسَفَّرَةُ. والمِصْرُ: الحاجِزُ والحَدُّ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ؛ قَالَ أُمية يَذْكُرُ حِكْمة الْخَالِقِ تبارك وتعالى:
وجَعَلَ الشمسَ مِصْراً لَا خَفاءَ بِهِ،
…
بَيْنَ النهارِ وَبَيْنَ الليلِ قَدْ فَصَلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعُدَيِّ بْنِ زَيْدٍ الْعَبَّادِيِّ وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: وَجَاعِلُ الشَّمْسِ مِصْرًا، وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ وَجَعَلَ الشَّمْسَ كَمَا أَوردناه عَنِ ابْنِ سِيدَهْ وَغَيْرِهِ؛ وَقَبْلُهُ:
والأَرضَ سَوّى بِساطاً ثُمَّ قَدّرَها،
…
تحتَ السماءِ، سَواءً مِثْلَ مَا ثَقَلا
قَالَ: وَمَعْنَى ثَقَلَ تَرَفَّعَ أَي جَعَلَ الشَّمْسَ حَدًّا وعَلامةً بَيْنَ الليلِ والنهارِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ هُوَ الحدُّ بَيْنَ الأَرضين، وَالْجَمْعُ مُصُور. وَيُقَالُ:
اشْتَرَى الدارَ بِمُصُورِها أَي بِحُدُودِهَا. وأَهلُ مِصْرَ يَكْتُبُونَ فِي شُرُوطِهِمْ: اشْتَرَى فُلَانٌ الدارَ بِمُصُورِها أَي بِحُدُودِهَا، وَكَذَلِكَ يَكْتُبُ أَهلُ هَجَرَ. والمِصْرُ: الْحَدُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: الْمِصْرُ الحَدُّ فِي الأَرض خَاصَّةً. الْجَوْهَرِيُّ: مِصْر هِيَ الْمَدِينَةُ الْمَعْرُوفَةُ، تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ؛ عَنِ ابْنِ السَّرَّاجِ. والمِصْر: وَاحِدُ الأَمْصار. والمِصْر: الكُورَةُ، وَالْجَمْعُ أَمصار. ومَصَّروا الْمَوْضِعَ: جَعَلُوهُ مِصْراً. وتَمَصَّرَ المكانُ: صَارَ مِصْراً. ومِصْرُ: مَدِينَةٌ بِعَيْنِهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لتَمَصُّرِها، وَقَدْ زَعَمُوا أَن الَّذِي بَنَاهَا إِنما هُوَ المِصْرُ بْنِ نُوحٍ، عليه السلام؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَاكَ، وَهِيَ تُصْرفُ وَلَا تُصْرَفُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اهْبِطُوا مِصْراً
؛ قَالَ: بَلَغَنَا أَنه يُرِيدُ مِصْرَ بِعَيْنِهَا. التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِ: اهْبِطُوا مِصْراً
، قَالَ أَبو إِسحق: الأَكثر فِي القراءَة إِثبات الأَلف، قَالَ: وَفِيهِ وَجْهَانِ جائزان، يراد بها مصرٌ مِنَ الأَمصار لأَنهم كَانُوا فِي تِيهٍ، قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ أَراد مِصْرَ بِعَيْنِهَا فجعَلَ مِصْراً اسْمًا لِلْبَلَدِ فَصَرفَ لأَنه مُذَكَّرٌ، وَمَنْ قرأَ مِصْرَ بِغَيْرِ أَلف أَراد مِصْرَ بِعَيْنِهَا كَمَا قَالَ: ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ
، وَلَمْ يُصْرَفْ لأَنه اسْمُ الْمَدِينَةِ، فَهُوَ مُذَكَّرٌ سُمِّيَ بِهِ مُؤَنَّثٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المِصْر فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كُلُّ كُورة تُقَامُ فِيهَا الحُدود وَيُقَسَّمُ فِيهَا الفيءُ والصدَقاتُ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ لِلْخَلِيفَةِ. وَكَانَ عُمَرُ، رضي الله عنه، مَصَّر الأَمصارَ مِنْهَا الْبَصْرَةُ وَالْكُوفَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: فُلَانٌ مَصَّرَ الأَمْصارَ كَمَا يُقَالُ مَدّن المُدُنَ، وحُمُرٌ مَصارٍ. ومَصارِيُّ: جَمْعُ مِصْرِيٍّ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَقَوْلُهُ:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ مِنْ صُيَيْرِ،
…
مِنْ صِيرِ مِصْرِينَ أَو البُحَيْرِ
أَراه إِنما عَنَى مِصْرَ هَذِهِ الْمَشْهُورَةَ فَاضْطَرَّ إِليها فَجَمَعَهَا عَلَى حَدِّ سِنِينَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُلْتُ إِنه أَراد مِصْرَ لأَن هَذَا الصِّيرَ قَلَّمَا يُوجَدُ إِلا بِهَا وَلَيْسَ مِنْ مَآكِلِ الْعَرَبِ؛ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا الشَّاعِرُ غَلِطَ بِمِصْرَ فَقَالَ مِصْرينَ، وَذَلِكَ لأَنه كَانَ بَعِيدًا مِنَ الأَرياف كَمِصْرَ وَغَيْرِهَا، وغلطُ العربِ الأَقْحاح الجُفاةِ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرٌ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ صِيرِ مِصْرَيْن كأَنه أَراد المِصْرَيْنِ فَحَذَفَ اللَّامَ. والمِصْران: الكوفةُ والبصْرةُ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قِيلَ لَهُمَا الْمِصْرَانِ لأَن
عُمَرَ، رضي الله عنه، قَالَ: لَا تَجْعَلُوا الْبَحْرَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، مَصِّروها
أَي صَيَّرُوهَا مِصْراً بَيْنَ الْبَحْرِ وَبَيْنِي أَي حَدًّا. وَالْمِصْرُ: الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ:
لمَّا قُتِحَ هَذَانِ المِصْرانِ
؛ المِصْر: البَلَد، وَيُرِيدُ بِهِمَا الكوفةَ والبَصْرَةَ. والمِصْرُ: الطِّينُ الأَحْمَرُ. وَثَوْبٌ مُمَصَّرٌ: مَصْبُوغٌ بِالطِّينِ الأَحمر أَو بحُمْرة خَفِيفَةٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: ثَوْب مُمَصَّرٌ مَصْبُوغٌ بالعِشْرِقِ، وَهُوَ نَبَاتٌ أَحْمَرُ طيِّبُ الرائِحَةِ تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَائِسُ؛ وأَنشد:
مُخْتلِطاً عِشْرِقُه وكُرْكُمُهْ
أَبو عُبَيْدٍ: الثِّيَابُ المُمَصَّرَةُ الَّتِي فِيهَا شَيْءٌ مِنْ صُفْرَةٍ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ. وَقَالَ شَمِرٌ: المُمَصَّرُ مِنَ الثِّيَابِ مَا كَانَ مَصْبُوغًا فَغُسِلَ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: التَّمْصِيرُ فِي الصَّبْغِ أَن يَخْرُجَ المَصْبُوغُ مُبَقَّعاً لَمْ يُسْتَحْكْم صَبْغُه. وَالتَّمْصِيرُ فِي الثِّيَابِ: أَن تَتَمَشَّقَ تَخَرُّقاً مِنْ غيرِ بِلًى. وَفِي حَدِيثِ
عِيسَى، عليه السلام: يَنْزِلُ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْن
؛ المُمَصَّرَةُ مِنَ الثِّيَابِ: الَّتِي فِيهَا صُفْرة خَفِيفَةٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَتى عليٌّ طَلْحَةَ، رضي الله عنهما، وَعَلَيْهِ ثَوْبانِ مُمَصَّرانِ.
والمَصِيرُ: المِعى، وَهُوَ فَعِيلٌ، وَخَصَّ بعضُهم بِهِ
الطيرَ وذواتِ الخُفِّ والظِّلْف، وَالْجَمْعُ أَمْصِرَة ومُصْرانٌ مِثْلَ رَغِيفٍ ورُغْفانٍ، ومَصارِينُ جَمْعُ الْجَمْعِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المَصارِينُ خطأٌ؛ قَالَ الأَزهري: الْمَصَارِينُ جَمْعُ المُصْران، جَمَعَتْهُ الْعَرَبُ كَذَلِكَ عَلَى توهُّم النونِ أَنها أَصلية. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَصِير إِنما هُوَ مَفْعِلٌ مَنْ صَارَ إِليه الطَّعَامُ، وإِنما قَالُوا مُصران كَمَا قَالُوا فِي جَمْعِ مَسِيل الْمَاءِ مُسْلان، شَبَّهُوا مَفْعِلًا بفَعِيل، وَكَذَلِكَ قَالُوا قَعود وقِعْدانٌ، ثُمَّ قَعادِينُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَكَذَلِكَ تَوَهَّمُوا الْمِيمَ فِي الْمَصِيرِ أَنها أَصلية فَجَمَعُوهَا عَلَى مُصْران كَمَا قَالُوا لِجَمَاعَةِ مَصادِ الجَبَل مُصْدانٌ. والمِصْرُ: الْوِعَاءُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ومِصْرٌ: أَحدُ أَولاد نُوحٍ، عليه السلام؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. التَّهْذِيبُ: والماصِرُ فِي كَلَامِهِمُ الحَبْل يُلْقَى فِي الماءِ لِيَمْنَعَ السفُنَ عَنِ السَّيْرِ حَتَّى يُؤدِّيَ صاحبُها مَا عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ السُّلْطَانِ، هَذَا فِي دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ. ومُصْرانُ الفارةِ: ضَرْبٌ مِنْ رديءِ التَّمْرِ.
مصطر: المُصْطارُ والمُصْطارَةُ: الْحَامِضُ من الْخَمْرِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرَّقَّاعِ:
مُصْطارَة ذهَبَتْ فِي الرأْسِ نَشْوَتُها،
…
كأَنَّ شارِبَها مِمَّا بِهِ لَمَمُ
أَي كأَنّ شَارِبَهَا مِمَّا بِهِ ذُو لَمَمٍ، أَو يَكُونُ التَّقْدِيرُ: كأَنّ شَارِبَهَا مِنَ النَّوْعِ الَّذِي بِهِ لَمَمٌ، وأَوقع مَا عَلَى مَنْ يَعْقِلُ كَمَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: سُبْحَانَ مَا يُسَبِّح الرعدُ بِحَمْدِهِ، وَكَمَا قَالَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، حِينَ تَلَا عَلَيْهِمْ: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ؛ قَالُوا: فَالْمَسِيحُ مَعْبُودٌ فَهَلْ هُوَ فِي جَهَنَّمَ؟ فأَوقعوا مَا عَلَى مَنْ يَعْقِلُ، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. قَالَ: وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ أَراد بِقَوْلِهِ: وَما تَعْبُدُونَ، الأَصنام الْمَصْنُوعَةَ؛ وَقَالَ أَيضاً فَاسْتَعَارَهُ لِلَّبَنِ:
نَقْري الضُّيُوفَ، إِذا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ،
…
مُصْطار مَاشِيَةٍ لَمْ يَعْدُ أَنْ عُصِرا
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: جَعَلَ اللَّبَنَ بِمَنْزِلَةِ الْخَمْرِ فَسَمَّاهُ مُصْطَارًا؛ يَقُولُ: إِذا أَجدب النَّاسُ سَقَيْنَاهُمُ اللَّبَنَ الصَّرِيفَ وَهُوَ أَحْلى اللبَنِ وأَطيَبُه كَمَا نَسْقِي المُصْطارَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِنما أُنْكِر قَوْلُ مَنْ قَالَ إِن المُصْطارَ الحامِضُ لأَن الْحَامِضَ غَيْرُ مُخْتَارٍ وَلَا مَمْدُوحٍ، وَقَدِ اخْتِيرَ الْمُصْطَارُ كَمَا تَرَى مِنْ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ الرِّقَاعِ وَغَيْرِهِ؛ وأَنشد الأَزهري للأَخطل يَصِفُ الْخَمْرَ:
تَدْمَى، إِذا طَعَنُوا فِيهَا بِجائِفَةٍ،
…
فَوْقَ الزُّجاجِ، عتِيقٌ غيرُ مُصْطارِ «3»
قَالُوا: الْمُصْطَارُ الْحَدِيثَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ الطَّعْمِ، قَالَ الأَزهري: وأَحسب الْمِيمَ فِيهَا أَصلية لأَنها كَلِمَةٌ رُومِيَّةٌ لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضَةٍ وإِنما يَتَكَلَّمُ بِهَا أَهل الشَّامِ وَوُجِدَ أَيضاً فِي أَشعار مَنْ نشأَ بتيك الناحية.
مضر: مَضَرَ اللَّبَنُ يَمْضُرُ مُضُوراً: حَمُضَ وابْيَضَّ، وَكَذَلِكَ النَّبِيذُ إِذا حَمُضَ. ومَضَرَ اللبنُ أَي صَارَ ماضِراً، وَهُوَ الَّذِي يَحْذِي اللسانَ قَبْلَ أَن يَرُوبَ. وَلَبَنٌ مَضِيرٌ: حامِضٌ شَدِيدُ الحُموضة؛ قَالَ اللَّيْثَ: يُقَالُ إِن مُضَر كَانَ مُولَعاً بِشُرْبِهِ فَسُمِّيَ مُضَرَ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مُضَرُ اسْمُ رَجُلٍ قِيلَ سُمِّيَ بِهِ لأَنه كَانَ مُولَعًا بِشُرْبِ اللَّبَنِ الْمَاضِرِ، وَهُوَ مُضَرُ بْنِ نِزار بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لِبَيَاضِ لَوْنِهِ مِنْ مَضِيرة الطبيخ.
(3). في ديوان الأَخطل: غير مسطار، بالسين، والمعنى هوَ هوَ في كلتا اللَّفظتين.
والمَضِيرَة: مُرَيْقَة تُطْبَخُ بِلَبَنٍ وأَشياء، وَقِيلَ: هِيَ طَبِيخٌ يُتَّخَذُ مِنَ اللَّبَنِ الْمَاضِرِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْمَضِيرَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَن تَطْبُخَ اللَّحْمَ بِاللَّبَنِ الْبَحْتِ الصَّرِيحَ الَّذِي قَدْ حَذَى اللسانَ حَتَّى يَنْضَجَ اللحمُ وتَخْثُرَ الْمَضِيرَةُ، وَرُبَّمَا خَلَطُوا الْحَلِيبَ بالحَقِين وَهُوَ حِينَئِذٍ أَطيب مَا يَكُونُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَمَضَّرُ أَي يتعَصَّبُ لِمُضَرَ، وَنَقَلَ لِي مُتَحَدِّث أَن فِي الرَّوْضِ الأُنف لِلسُّهَيْلِيِّ قَالَ فِي الْحَدِيثِ:
لَا تَسُبُّوا مُضَرَ وَلَا رَبِيعَةَ فإِنهما كَانَا مُؤمِنَيْن.
الْجَوْهَرِيُّ: وَقِيلَ لمُضَرَ الحَمْراءُ ولربيعَةَ الفَرَسُ لأَنهما لَمَّا اقْتَسَمَا الْمِيرَاثَ أُعْطِيَ مُضَرُ الذهبَ، وَهُوَ يُؤَنَّثُ، وأُعطي ربيعةُ الْخَيْلُ. وَيُقَالُ: كَانَ شِعارهم فِي الْحَرْبِ الْعَمَائِمَ والراياتِ الحُمْر ولأَهل الْيَمَنِ الصُّفْرَ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَهل الْعِلْمِ يُفَسِّرُ قَوْلَ أَبي تَمَامٍ يَصِفُ الرَّبِيعَ:
مُحْمَرَّة مُصْفَرَّة فكأَنها
…
عُصُبٌ، تَيَمَّنُ فِي الْوَغَى وتَمَضَّرُ
ابْنُ الأَعرابي: لبَن مَضِرٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه عَلَى النَّسَبِ كَمَضِرٍ وطَعِمٍ لأَن فِعْله إِنما هُوَ مَضَر، بِفَتْحِ الضَّادِ لَا كَسْرِهَا، قَالَ: وَقَلَّمَا يَجِيءُ اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ هَذَا عَلَى فَعِلٍ. ومُضارَةُ اللَّبَنِ: مَا سَالَ مِنْهُ. والماضِرُ: اللَّبَنُ الَّذِي يَحْذي اللسانَ قَبْلَ أَن يُدْرِك، وَقَدْ مَضَرَ يَمْضُر مُضُوراً، وَكَذَلِكَ النَّبِيذُ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ، وَذَكَرَ خُرُوجَ عَائِشَةَ فَقَالَ: يُقاتِلُ مَعَهَا مُضَرُ، مَضَّرَها اللَّهُ فِي النَّارِ
، أَي جَعَلَهَا فِي النَّارِ، فَاشْتُقَّ لِذَلِكَ لَفْظًا مِنَ اسْمِهَا؛ يُقَالُ: مَضَّرْنا فُلَانًا فَتَمَضَّرَ أَي صَيَّرْنَاهُ كَذَلِكَ بأَن نَسَبْنَاهُ إِليها؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَضَّرها جَمَعها كَمَا يُقَالُ جَنَّدَ الجُنودَ، وَقِيلَ: مَضَّرها أَهلكها، مِنْ قَوْلِهِمْ: ذهَب دمُهُ خِضْراً مِضْراً أَي هَدَراً، ومِضْرٌ إِتباع، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ بِضْراً، بِالْبَاءِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نُرَى أَصلَه مِنْ مُضُورِ اللبنِ وَهُوَ قَرْصُه اللسانَ وحَذْيُه لَهُ، وإِنما شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. والتَّمَضُّرُ: التَّشَبُّهُ بالمُضَرِيَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سأَله رجلٌ فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، مَا لِي مِنْ ولَدِي؟ قَالَ: مَا قَدَّمْتَ مِنْهُمْ، قَالَ: فَمَنْ خَلَّفْتُ بَعْدِي قَالَ: لَكَ مِنْهُمْ مَا لِمُضَرَ مِنْ ولَدِه
أَي أَنّ مُضَر لَا أَجْرَ لَهُ فِيمَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِهِ اليَوْمَ وإِنما أَجره فِيمَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِهِ قَبْلَهُ. وَخُذِ الشَّيْءَ خِضْراً مِضْراً وخَضِراً مَضِراً أَي غَضًّا طَرِيًّا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَضَّرَ اللهُ لَكَ الثَّنَاءَ أَي طَيَّبَه. وتُماضِرُ: اسْمُ امرأَة، مُشْتَقٌّ مِنْ هَذِهِ الأَشياء؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبَهُ مِنَ اللبن الماضر.
مطر: المَطَرُ: الْمَاءُ الْمُنْسَكِبُ مِنَ السَّحابِ. والمَطرُ: ماءُ السحابِ، وَالْجَمْعُ أَمْطارٌ. وَمَطَرٌ: اسْمُ رَجُلٍ، سُمِّيَ بِهِ مِنْ حَيْثُ سُمِّيَ غَيْثاً؛ قَالَ:
لامَتْكَ بِنْتُ مطَرٍ،
…
مَا أَنت وابْنَةَ مَطرْ
والمَطَرُ: فِعْل المَطَرِ، وأَكثر مَا يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ وَهُوَ فِيهِ أَحسن، والمَطْرَةُ: الواحِدَة. ومَطَرَتْهُم السَّمَاءُ تَمْطُرُهُمْ مَطْراً وأَمْطَرَتْهم: أَصابَتْهُم بالمطَرِ، وَهُوَ أَقبحهما؛ ومطَرتِ السماءُ وأَمْطَرها اللهُ وَقَدْ مُطِرْنا. وَنَاسٌ يَقُولُونَ: مَطَرتِ السَّمَاءُ وأَمْطرتْ بِمَعْنًى. وأَمْطرهم اللهُ مَطَراً أَو عَذَابًا. ابْنُ سِيدَهْ: أَمطَرهم اللَّهُ فِي الْعَذَابِ خاصَّة كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ*
، وَقَوْلُهُ عز وجل: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ
؛ جَعَلَ الْحِجَارَةَ كالمَطر لِنُزُولِهَا مِنَ السَّمَاءِ. ويَوْمٌ مُمْطِرٌ وماطِرٌ ومطِرٌ:
ذُو مطَر؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ. وَيَوْمٌ مَطِيرٌ: ماطِر. وَمَكَانٌ مَمْطُورٌ ومطِير: أَصابه مطَر. ووادٍ مَطِير: مَمْطورٌ. ووادٍ مطِرٌ، بِغَيْرِ ياءٍ، إِذا كَانَ مَمْطُوراً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فَوادٍ خَطاءٌ ووادٍ مطِرْ
وأَرض مَطِير ومطِيرَة كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ:
يُصَعِّد فِي الأَحْناءِ ذُو عَجْرَفيَّةٍ،
…
أَحَمُّ حَبَرْكَى مُزْحِفٌ مُتماطِرُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْمُتَمَاطِرُ الَّذِي يَمْطُر سَاعَةً ويَكُفُّ أُخْرى. ابْنُ شُمَيْلٍ: مِنْ دُعَاءِ صِبْيَانِ الْعَرَبِ إِذا رأَوا حَالًا للمطَر: مُطَّيْرَى. والمِمْطَرُ والمِمْطَرَةُ: ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ يُلْبَسُ فِي الْمَطَرِ يُتَوَقَّى بِهِ مِنَ الْمَطَرِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي. واسْتَمْطَرَ الرجلُ ثَوبَهُ: لبِسَه فِي المَطَر. واسْتَمْطَرَ الرجلُ أَي استكَنّ مِنَ المطَر. قَالُوا: وإِنما سُمِّيَ المِمْطَر لأَنه يَسْتَظِلُّ بِهِ الرَّجُلُ؛ وأَنشد:
أَكُلَّ يومٍ خَلَقِي كالمِمْطَر،
…
اليَوْمَ أَضْحَى وغَداً أظَلَّل «4»
واسْتَمْطَر للسياطِ: صبَرَ عَلَيْهَا. والاسْتِمطار: الاسْتِسْقاءُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
اسْتَمْطِرُوا مِنْ قُرَيْشٍ كُلَّ مُنْخَدِعِ
أَي سَلُوهُ أَن يُعْطِيَ كَالْمَطَرِ مَثَلًا. ومكانٌ مُسْتَمْطِرٌ: مُحْتَاجٌ إِلى الْمَطَرِ وإِن لَمْ يُمْطَر؛ قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ:
لَمْ يَكْسُ مِنْ ورَقٍ مُسْتَمْطِرٌ عُودَا
وَيُقَالُ: نَزَلَ فُلَانٌ بالمسْتَمْطَر أَي فِي برازٍ مِنَ الأَرض مُنْكَشف؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ويَحِلُّ أَحْياءٌ وراءَ بُيوتِنا،
…
حذَر الصَّباح، ونَحْنُ بالمُسْتَمْطَرِ
وَيُقَالُ: أَراد بالمُسْتَمْطَرِ مَهْوى الْعَادَاتِ ومُخْترَقَها. وَيُقَالُ: لَا تَسْتَمْطِر الْخَيْلَ أَي لَا تَعْرِضْ لَهَا. الْفَرَّاءُ: إِنّ تِلْكَ الْفِعْلَةَ مِنْ فُلَانٍ مَطِرة أَي عَادَةٌ، بِكَسْرِ الطَّاءِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا زَالَ عَلَى مَطْرَةٍ واحدةٍ ومطِرَةٍ وَاحِدَةٍ ومطَرٍ وَاحِدٍ إِذا كَانَ عَلَى رأْيٍ وَاحِدٍ لَا يُفَارِقُهُ. وَتِلْكَ مِنْهُ مُطْرَة أَي عَادَةٌ وَرَجُلٌ مُسْتَمْطِرٌ: طَالِبٌ لِلْخَيْرِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: طَالِبُ خَيْرٍ مِنْ إِنسان. ومطَرَني بِخَيْرٍ: أَصابني. وَمَا أَنا مِنْ حَاجَتِي عِنْدَكَ بِمُسْتَمْطِرٍ أَي لَا أَطمَع مِنْكَ فِيهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَرَجُلٌ مُسْتَمْطَرٌ إِذا كَانَ مُخَيِّلًا لِلْخَيْرِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وصاحبٍ، قُلْتُ لَهُ، صالحٍ:
…
إِنكَ لِلخَير لَمُسْتَمْطَرُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِنك صالٍ «5» قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَتَلْخِيصُ ذَلِكَ إِنك لِلْخَيْرِ مستمطَر أَي مَطْمَعٌ. ومَزَرَ قِرْبَتَه ومَطَرَها إِذا مَلأَها. وَحُكِيَ عَنْ مُبْتَكِرٍ الْكِلَابِيِّ: كَلَّمْتُ فُلَانًا فأَمْطَرَ واسْتَمْطَر إِذا أَطرق. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَمْطَر الرجلُ عَرِقَ جَبِينُه، واسْتَمْطَرَ سَكَتَ. يُقَالُ: مَا لَكَ مُسْتَمْطِراً أَي سَاكِتًا. ابْنُ الأَعرابي: المَطَرَةُ القِرْبة، مَسْمُوعٌ مِنَ الْعَرَبِ. ومَطَرَتِ الطيرُ وتَمَطَّرَتْ: أَسْرَعَتْ فِي هُوِيّها. وتَمَطَّرَتِ الخيلُ: ذَهَبَتْ مُسْرِعَةً. وَجَاءَتْ مُتَمَطِّرة أَي جَاءَتْ مُسْرِعَةً يَسْبِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ قَالَ:
مِنَ المُتَمَطِّرَاتِ بِجانِبَيْها،
…
إِذا مَا بَلَّ مَحْزِمَها الحَمِيمُ
قَالَ ثَعْلَبٌ: أَراد أَنها «6»
…
مِنْ نَشَاطِهَا إِذا عَرِقَتِ
(4). في قوله: كالممطرِ، وقوفٌ على حرف غير ساكن، وهذا من عيوب الشعر.
(5)
. قوله: صالٍ، هكذا في الأَصل، وربما كانت من صلي بالأَمر إذا قاسى شدته به.
(6)
. كذا بياض بالأصل
الْخَيْلُ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
والطَّيْرُ تَهْوِي فِي السماءِ مُطَّرا
وَفِي شَعْرٍ حِسَانَ:
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ،
…
يُلَطِّمُهُنَّ بالخُمُرِ النساءُ
يُقَالُ: تَمَطَّرَ بِهِ فَرَسُه إِذا جَرَى وأَسرعَ. والمُتَمَطِّرُ: فَرَسٌ لَبَنِي سَدُوسٍ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. ومَطَرَ فِي الأَرض مُطُوراً: ذَهَبَ، وتَمَطَّرَ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّهُنّ، وَقَدْ صدَرْنَ مِنْ عَرَقٍ،
…
سِيدٌ تَمَطَّرَ جُنْحَ الليلِ مَبْلُولُ
تَمَطَّرَ: أَسرع فِي عَدْوه، وَقِيلَ: تَمَطَّرَ بَرَزَ لِلْمَطَرِ وبَردِه. ومَرّ الفرسُ يَمْطُرُ مَطْراً ومُطوراً أَي أَسرع، والتَّمَطُّر مِثْلُهُ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَرْثِي قيسَ بْنَ جَزْءٍ فِي قَتْلَى هَوازِنَ:
أَتَتْه المَنايا فَوْقَ جَرْداءَ شِطْبَةٍ،
…
تَدُفُّ دَفِيفَ الطائِرِ المُتَمَطِّر
وَرَاكِبُهُ مُتَمَطِّر أَيضاً. وَذَهَبَ ثَوْبِي وَبَعِيرِي فَلَا أَدري مَنْ مَطَر بِهِمَا أَي أَخذهما. ومَطَرَةُ الحَوضِ: وسَطُه. والمُطْرُ: سُنْبُولُ الذُّرَةِ. وَرَجُلٌ مَمْطورٌ إِذا كَانَ كثيرَ السواكِ طَيّب النكْهة. وامرأَة مَطِرة: كثيرةُ السِّوَاكِ عَطِرة طَيِّبَةُ الجِرْم، وإِن لَمْ تُطَيَّب. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: خَيْرُ النِّسَاءِ الخَفِرَةُ العَطِرَةُ المَطِرة، وَشَرُّهُنَّ المَذِرَةُ الوَذِرَةُ القَذِرةُ؛ تَعْنِي بالوذِرة الْغَلِيظَةَ الشَّفَتَيْنِ أَو الَّتِي رِيحُهَا رِيحُ الوَذَرِ وَهُوَ اللَّحْمُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والعَطِرة المَطِرة هِيَ الَّتِي تَتَنَظَّفُ بِالْمَاءِ، أُخِذَ مِنْ لَفْظِ الْمَطَرِ كأَنها مُطِرت فَهِيَ مَطِرة أَي صَارَتْ مَمْطورة مَغْسُولَةً. ومُطارٌ ومَطارٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
حَتى إِذا كَانَ عَلَى مُطارِ،
…
يُسْراه واليُمْنى عَلَى الثَّرْثارِ،
قَالَتْ لَهُ رِيحُ الصَّبا: قَرْقارِ
قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: الرِّوَايَةُ مُطار، بِضَمِّ الْمِيمِ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مُطار مُفْعلًا ومَطار مَفْعلًا، وَهُوَ أَسبق. التَّهْذِيبُ: ومَطارِ موضعٌ بَيْنَ الدَّهْنَاءِ والصَّمانِ. والماطِرُون: مَوْضِعٌ آخَرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ولهَا بالماطِرُونَ، إِذا
…
أَكَلَ النملُ الَّذِي جَمَعا
وأَبو مطَر: مِنْ كُناهم؛ قَالَ:
إِذا الرِّكابُ عَرَفَتْ أَبا مَطَرْ،
…
مَشَتْ رُوَيْداً وأَسَفَّتْ فِي الشجرْ
يَقُولُ: إِن هَذَا حادٍ ضعِيفُ السَّوْقِ للإِبل، فإِذا أَحَسَّت بِهِ تَرَفَّقَتْ فِي الْمَشْيِ وأَخَذَتْ فِي الرَّعْيِ، وَعَدَّى أَسَفَّت بِفِي لأَنه فِي مَعْنَى دَخَلَتْ؛ وَقَالَ:
أَتَطْلُبُ مَنْ أُسُودُ بِئْشَةَ دُونَه،
…
أَبو مَطَرٍ وعامِرٌ وأَبو سَعْدِ؟
معر: مَعِرَ الظُّفُرُ يَمْعَرُ مَعَراً، فَهُوَ مَعِرٌ: نَصَلَ مِنْ شَيْءٍ أَصابه؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وتَصُكُّ المَرْوَ، لَمَّا هَجَّرَتْ،
…
بِنَكِيبٍ مَعِرٍ دَامِي الأَظَل
والمَعَرُ: سُقوطُ الشَعر. ومَعِرَ الشعَرُ والرِّيشُ مَعَراً، فَهُوَ مَعِرٌ، وأَمْعَرَ: قَلَّ. ومَعِرَت الناصِيةُ مَعَراً وَهِيَ مَعْراء: ذَهَبَ شعَرُها كلُّه حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ نَاصِيَةَ الْفَرَسِ. وتَمَعَّر رأْسُه إِذا تَمَعَّط. وتَمَعَّر شعَرُه: تَسَاقَطَ. وَشَعْرٌ أَمْعَرُ: مُتَسَاقِطٌ. وخُفٌّ مَعِر: لَا شعرَ عَلَيْهِ. وأَمْعَرَ: ذهَب شعَرُه أَو وَبرُه. والأَمْعَرُ مِنَ الحافِرِ: الشَّعْرُ الَّذِي يَسْبُغُ عَلَيْهِ مِنْ مُقَدَّم الرُّسْغِ
لأَنه متهيئ لِذَلِكَ، فإِذا ذَهَبَ ذَلِكَ الشَّعْرُ قِيلَ: مَعِر الحافِرُ مَعَراً، وَكَذَلِكَ الرأْس وَالذَّنَبُ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا تَفَقَّأَتِ الرَّهْصَةُ مِنْ ظَاهِرٍ فَذَلِكَ المَعر، ومَعِرتْ مَعَراً. وَجَمَلٌ مَعِرٌ وخُفٌّ مَعِرٌ: لَا شعَر عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الزَّمِرُ والمعِرُ القليل الشر. وأَرض معِرَةٌ إِذا انْجَرَد نَبْتها. وأَرض معِرَة: قليلةُ النباتِ. وأَمْعَرَتِ الأَرض: لَمْ يَكُ فِيهَا نباتٌ. وأَمْعَرَتِ الْمَوَاشِي الأَرضَ إِذا رعتْ شجرَها فَلَمْ تدَعْ شَيْئًا يُرْعَى؛ وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي قَوْلِ هِشَامٍ أَخي ذِي الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا أَمْعَرُوا صَفْقَيْ مَباءَتِهِمْ،
…
وجرَّدَ الخَطْبُ أَثْباجَ الجَراثِيمِ
قَالَ: أَمْعَرُوه أَكلوهُ. وأَمْعَرَ الرجلُ: افتقَرَ. وأَمْعَرَ القومُ إِذا أَجْدَبُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَمْعَرَ حَجَّاجٌ قَطُّ
أَي مَا افْتَقَرَ حَتَّى لَا يَبْقَى عِنْدَهُ شَيْءٌ، والحجاجُ: المُداوِم للحَجِّ، وأَصله مِنْ مَعَرِ الرأْس، وَهُوَ قِلَّةُ شِعْرِهِ. وَقَدْ مَعِرَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ معِرٌ. والأَمْعَرُ: الْقَلِيلُ الشَّعْرِ والمكانُ القليلُ النباتِ؛ وَالْمَعْنَى مَا افْتقرَ مَنْ يَحُجُّ. وَيُقَالُ: أَمْعَرَ الرجلُ ومعَرَ ومعَّرَ إِذا أَفْنى زادَهُ. وَوَرَدَ رؤبةُ مَاءً لعُكْلٍ، وَعَلَيْهِ فَتِيَّةٌ تَسْقِي صِرْمَة لأَبيها، فأُعجب بِهَا فخطَبها، فَقَالَتْ: أَرَى سِنًّا فَهَلْ مِنْ مالٍ؟ قَالَ: نَعَمْ قطعةٌ مِنْ إِبلٍ، قَالَتْ: فَهَلْ مِنْ ورِقٍ؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: يَا لَعُكْلٍ أَكِبَراً وإِمْعاراً؟ فَقَالَ رُؤْبَةُ:
لمَّا ازْدَرَتْ نَقْدِي، وقلَّتْ إِبْلي
…
تأَلَّقَتْ، واتَّصَلَتْ بعُكْلِ
خِطْبي وهَزَّتْ رأْسَها تَسْتَبْلي،
…
تسأَلُني عَنِ السِّنِينَ كمْ لِي؟
وأَمْعَرَهُ غيرُهُ: سَلَبه مالَهُ فأَفقرَهُ؛ قَالَ دُرَيْدُ ابْنُ الصِّمَّةِ:
جَزَيْتُ عِياضاً كُفْرَهُ وفُجُورَهُ،
…
وأَمْعَرْتُه مِنَ المُدَفِّئَةِ الأَدْمِ
وَرَجُلٌ مَعِرٌ: بخيلٌ قليلُ الخيرِ، وَهُوَ أَيضاً القليلُ اللحمِ. والمَعِرُ: الكثيرُ اللَّمْسِ للأَرض. وغضِبَ فُلَانٌ فتَمَعَّرَ لونُه ووجهُه: تَغَيَّرَ وعَلَتْهُ صُفْرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَتَمَعَّرَ وجهُه
أَيْ تَغَيَّرَ، وأَصلُه قِلةُ النَّضارةِ وعدمُ إِشْراقِ اللَّوْنِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: مَكَانٌ أَمْعَرُ وَهُوَ الجَدْبُ الَّذِي لَا خِصْبَ فِيهِ. ومَعَّرَ وجهَه: غَيَّرَهُ. والمَمْعُورُ: المقَطِّب غَضباً لِلَّهِ تَعَالَى؛ وأَورد ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ قَوْلُ
عُمَرَ، رضي الله عنه: اللَّهُمَّ إِني أَبْرَأُ إِليكَ مِنْ مَعَرَّةِ الجَيْشِ
وَقَالَ: المَعَرَّةُ الأَذى، والميمُ زائدةٌ، وَسَنَذْكُرُهُ نحن في موضعه.
مغر: المَغَرَةُ والمَغْرَةُ: طِينٌ أَحمرُ يُصْبَغُ بِهِ. وثوبٌ مُمَغَّرٌ: مَصْبُوغٌ بِالْمَغْرَةِ. وبُسْرٌ مُمَغَّر: لونُه كلونِ المَغْرَةِ. والأَمْغَرُ مِنَ الإِبل: الَّذِي عَلَى لَوْنِ المَغْرَةِ. والمَغَرُ والمُغْرَةُ: لونٌ إِلى الحُمْرَةِ. وَفَرَسٌ أَمْغَرُ: مِنَ المَغْرَةِ، ومن شِياتِ الْخَيْلِ أَشْقَرُ أَمْغَرُ، وَقِيلَ: الأَمْغَرُ الَّذِي لَيْسَ بناصِع الحُمرَة وَلَيْسَتْ إِلى الصُّفْرَةِ، وَحُمْرَتُهُ كلَوْن المَغْرَةِ، وَلَوْنُ عُرْفِهِ وناصيتِه وأُذنَيه كَلَوْنِ الصُّهْبة لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْبَيَاضِ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِنَاصِعِ الْحُمْرَةِ، وَهُوَ نحوٌ مِنَ الأَشقَرِ، وشُقْرَتُهُ تَعلوها مُغْرَةٌ أَي كُدْرَةٌ، والأَشقَرُ الأَقْهَبُ دُونَ الأَشقَرِ فِي الحُمْرَة وَفَوْقَ الأَفْضَحِ. وَيُقَالُ: إِنه لأَمْغَرُ أَمْكَرُ أَي أَحمر. والمَكْرُ: المَغْرَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَمْغَرُ مِنَ الْخَيْلِ نحوٌ مَنِ الأَشقَرِ، وَهُوَ الَّذِي
شُقْرته تَعْلُوهَا مُغْرَة أَي كدرةٌ. وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج:
فَرَمَوْا بِنِبالِهِمْ فَخَرَّتْ عَلَيْهِمْ مُتَمَغِّرَةً دَمًا
أَي مُحْمرَّة بالدَّم. وَصَقْرٌ أَمْغَرُ: لَيْسَ بناصِع الْحُمْرَةِ. والأَمغرُ: الأَحمرُ الشعَرِ والجِلدِ عَلَى لونِ المَغَرَةِ. والأَمغرُ: الَّذِي فِي وَجْهِهِ حمرةٌ وبياضٌ صافٍ، وَقِيلَ: المَغَرُ حُمْرَةٌ لَيْسَتْ بِالْخَالِصَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَعرابيّاً قدِم عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَرَآهُ مَعَ أَصحابه فَقَالَ: أَيُّكُم ابنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فقالوا هُوَ الأَمغرُ المرتَفِقُ
؛ أَرادوا بالأَمغرِ الأَبيضَ الوجهِ، وَكَذَلِكَ الأَحمرُ هُوَ الأَبيضُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ هُوَ الأَحمرُ المتَّكِئُ عَلَى مِرْفَقِه، مأْخوذ مِنَ المَغْرَةِ، وَهُوَ هَذَا المدَرُ الأَحمرُ الَّذِي يُصْبَغُ بِهِ، وَقِيلَ: أَراد بالأَمغرِ الأَبيضَ لأَنهم يسمُّون الأَبيضَ أَحمرَ. ولبنٌ مَغِيرٌ: أَحمرُ يخالِطه دمٌ. وأَمْغَرتِ الشاةُ والناقةُ وأَنْغَرَتْ وَهِيَ مُمْغِرٌ: احمرَّ لبنُها وَلَمْ تُخْرِطْ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن يَكُونَ فِي لَبَنِهَا شُكْلَةُ مِنْ دَمٍ أَي حُمْرَةٌ وَاخْتِلَاطٌ، وَقِيلَ: أَمغرَتْ إِذا حُلِبت فَخَرَجَ مَعَ لَبَنِهَا دَمٌ مِنْ داءٍ بِهَا، فإِن كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَادَةً فَهِيَ مِمْغارٌ. وَنَخْلَةٌ مِمْغارٌ: حَمْرَاءُ التَّمرِ. ومغَرَ فُلَانٌ فِي الْبِلَادِ إِذا ذَهَبَ وأَسرع. ومغَرَ بِهِ بَعِيرُهُ يَمْغَرُ: أَسرع؛ ورأَيته يَمْغَرُ بِهِ بِعِيرُهُ. ومغَرَتْ فِي الأَرض مَغْرَةٌ مِنْ مطَرَةٍ: هِيَ مَطَرَةٌ صَالِحَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَغْرَةُ المطَرة الْخَفِيفَةُ. ومَغْرَةُ الصَّيْفِ وبَغْرَتُه: شِدَّةُ حَرِّهِ. وأَوْسُ بْنُ مَغْراء: أَحد شُعَرَاءِ مُضَر. وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِجَرِيرٍ: يَا جَرِيرُ مَغِّرْ لَنَا أَي أَنشِدْ لَنَا قولَ ابْنِ مَغْرَاء، وَالْمَغْرَاءُ تأْنيث الأَمغرِ. ومَغْرَانُ: اسْمُ رَجُلٍ. وماغِرَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَزهري: ورأَيت فِي بِلَادِ بَنِي سَعْدٍ رَكِيَّةً تُعْرَفُ بِمَكَانِهَا، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الأَمغرُ، وَبِحِذَائِهَا ركيةٌ أُخرى يُقَالُ لَهَا الحِمارَةُ، وَهُمَا شَرُوبٌ. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِنْ جَاءَتْ به أُمَيْغِرَ سَبِطاً [سَبْطاً] فَهُوَ لِزَوْجِهَا
؛ هُوَ تصغير الأَمغرِ.
مقر: المَقْرُ: دَقُّ الْعُنُقِ. مَقَرَ عُنُقَهُ يَمْقُرُها مَقْراً إِذا دَقَّهَا وَضَرَبَهَا بِالْعَصَا حَتَّى تكسَّر الْعَظْمُ، وَالْجِلْدُ صحيحٌ. والمَقْرُ: إِنقاعُ السَّمَكِ الْمَالِحِ فِي الْمَاءِ. ومقَرَ السَّمَكَةَ الْمَالِحَةَ مَقْراً: أَنْقَعَها فِي الْخَلِّ. وَكُلُّ مَا أُنْقِع، فَقَدْ مُقِرَ؛ وَسَمَكٌ مَمْقُورٌ. الأَزهري: الْمَمْقُورُ مِنَ السَّمَكِ هُوَ الَّذِي يُنقع فِي الْخَلِّ وَالْمِلْحِ فَيَصِيرُ صِباغاً بارِداً يُؤتَدَمُ بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: سَمَكٌ مَمْقُورٌ أَي حَامِضٌ. وَيُقَالُ: سَمَكٌ مَلِيحٌ ومَمْلوحٌ، وَمَالِحٌ لُغَةٌ أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: سَمَكٌ مَمْقُورٌ يُمْقَرُ فِي مَاءٍ وَمِلْحٍ، وَلَا تَقُلْ مَنْقُورٌ. وَشَيْءٌ مُمْقِرٌ ومَقِرٌ: بَيِّنُ المَقَرِ حَامِضٌ، وَقِيلَ: المَقِرُ والمَقْرُ والمُمْقِرُ المُرُّ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ نَبَاتٌ يُنْبِتُ ورَقاً فِي غَيْرِ أَفنان، وأَمقر الشرابَ: مَرَّرَهُ. أَبو زَيْدٍ: المُرُّ والمُمْقِرُ اللَّبنُ الحامض الشديد المحوضة، وَقَدْ أَمْقَرَ إِمْقاراً. أَبو مَالِكٍ: المُزُّ الْقَلِيلُ الْحُمُوضَةِ، وَهُوَ أَطيب مَا يَكُونُ، والمُمْقِرُ: الشَّدِيدُ الْمَرَارَةِ، والمَقِرُ: شَبِيهٌ بالصَّبِرِ وَلَيْسَ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّبِرُ نَفْسُهُ، وَرُبَّمَا سَكَنَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَمَرّ مِنْ صَبْرٍ ومَقْرٍ وحُظَظْ
وَصَوَابُ إِنشاده أَمرَّ، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:
أَرْقَش ظَمآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ
يَصِفُ حيَّة؛ وَاخْتِلَافُ الأَلفاظ فِي حُظَظ كُلٍّ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَقِيلَ: المَقِرُ السُّمُّ، وَقَالَ أَبو
عَمْرٍو: المَقِرُ شَجَرٌ مُرٌّ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَمْقَرَ الشيءُ، فَهُوَ مُمْقِرٌ إِذا كَانَ مُرًّا. وَيُقَالُ لِلصَّبْرِ: المَقِرُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
مُمْقِرٌ مُرٌّ عَلَى أَعدائِه،
…
وَعَلَى الأَدْنَيْنَ حُلْوٌ كالعسلْ
ومَقِرَ الشيءُ، بِالْكَسْرِ، يَمْقَرُ مَقَراً أَي صَارَ مُرًّا، فَهُوَ شَيْءٌ مَقِرٌ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ: أَكلتُ المَقِرَ وأَكلت عَلَى ذَلِكَ الصَّبِر
؛ المَقِرُ: الصَّبِرُ وصَبَرَ عَلَى أَكله. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ والمَقِرِ.
وَرَجُلٌ مُمْقَرُّ النَّسَا، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: ناتِئُ العِرْق؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
نَكَحَتْ أُمامةُ عاجِزاً تَرْعِيَّةً،
…
مُتَشَقِّقَ الرِّجْلَيْنِ مُمْقَرَّ النَّسَا
اللَّيْثُ: المُمْقِرُ مِنَ الرَّكايا الْقَلِيلَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ، وصوابه المُنْقُرُ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَافِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
مكر: اللَّيْثُ: المَكْرُ احْتِيَالٌ فِي خُفية، قَالَ: وَسَمِعْنَا أَن الكيد في الحروف حَلَالٌ، وَالْمَكْرُ فِي كُلِّ حَلَالٍ حَرَامٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
. قَالَ أَهل الْعِلْمِ بالتأْويل: المَكْرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى جَزَاءٌ سُمي بِاسْمِ مَكْرِ المُجازَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، فَالثَّانِيَةُ لَيْسَتْ بِسَيِّئَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَكِنَّهَا سُمِّيَتْ سَيِّئَةً لِازْدِوَاجِ الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ، فالأَول ظُلْمٌ وَالثَّانِي لَيْسَ بِظُلْمٍ وَلَكِنَّهُ سُمِّيَ بِاسْمِ الذَّنْبِ ليُعلم أَنه عِقاب عَلَيْهِ وجزاءٌ بِهِ، وَيَجْرِي مَجْرَى هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
واللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ، مِمَّا جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل. ابْنُ سِيدَهْ: المَكْرُ الخَدِيعَة وَالِاحْتِيَالُ، مَكَرَ يَمْكُرُ مَكْراً ومَكَرَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ امْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ بِي
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَكْرُ اللَّهِ إِيقاعُ بَلَائِهِ بأَعدائه دُونَ أَوليائه، وَقِيلَ: هُوَ اسْتِدْرَاجُ الْعَبْدِ بِالطَّاعَاتِ فَيُتَوَهَّمُ أَنها مَقْبُولَةٌ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ، الْمَعْنَى: أَلْحِقْ مَكْرَكَ بِأَعْدائي لَا بِي: وأَصل المَكْر الخِداع. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ: جانِبُهُ الأَيْسَرُ مَكْرٌ
، قِيلَ: كَانَتِ السُّوقُ إِلى جَانِبِهِ الأَيسر وَفِيهَا يَقَعُ الْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ. وَرَجُلٌ مَكَّارٌ ومَكُورٌ: ماكِرٌ. التَّهْذِيبُ: رَجُلٌ مَكْوَرَّى نَعْتٌ لِلرَّجُلِ، يُقَالُ: هُوَ الْقَصِيرُ اللَّئِيمُ الْخِلْقَةِ. وَيُقَالُ فِي الشَّتِيمَةِ: ابنُ مَكْوَرَّى، وَهُوَ فِي هَذَا الْقَوْلِ قَذْفٌ كأَنها تُوصَفُ بِزَنْيَةٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا حَرْفٌ لَا أَحفظه لِغَيْرِ اللَّيْثِ فَلَا أَدري أَعربي هُوَ أَم أَعجمي. والمَكْوَرَّى: اللَّئِيمُ؛ عَنْ أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أُنكِر أَن يَكُونَ مِنَ الْمَكْرِ الَّذِي هُوَ الْخَدِيعَةُ. والمَكْرُ: المَغْرَةُ. وَثَوْبٌ مَمْكُورٌ ومُمْتَكَرٌ: مَصْبُوغٌ بالمَكْرِ، وَقَدْ مَكَرَه فامْتَكَرَ أَي خَضَبَه فاخْتَضَبَ؛ قَالَ القُطامي:
بِضَرْبٍ تَهْلِكُ الأَبْطالُ مِنهُ،
…
وتَمْتَكِرُ اللِّحَى مِنْهُ امْتِكَارَا
أَي تَخْتَضِبُ، شبَّه حُمْرَةَ الدَّمِ بالمَغْرَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِ القُطامي تَنْعسُ الأَبطالُ مِنْهُ أَي تَتَرَنَّحُ كَمَا يَتَرَنَّحُ الناعِسُ. وَيُقَالُ للأَسد: كأَنه مُكِرَ بالمَكْرِ أَي طُليَ بالمَغْرَةِ. والمَكْرُ: سَقْيُ الأَرض؛ يُقَالُ: امْكُرُوا الأَرض فإِنها صُلْبَةٌ ثُمَّ احْرُثُوهَا، يُرِيدُ اسْقُوهَا. والمَكْرَةُ: السقْية لِلزَّرْعِ. يُقَالُ: مَرَرْتُ بِزَرْعٍ مَمْكُورٍ أَي مَسْقِيٍّ. ومَكَرَ أَرضه يَمْكُرُها مَكْراً: سَقَاهَا.
والمَكْرُ: نَبْتٌ. والمَكْرَةُ: نَبْتَةٌ غُبَيْراءُ مُلَيْحاءُ إِلى الغُبرة تُنْبِت قَصَداً كأَن فِيهَا حَمْضاً حِينَ تُمْضَغُ، تَنْبُتُ فِي السَّهْلِ وَالرَّمْلِ لَهَا وَرَقٌ وَلَيْسَ لَهَا زَهْرٌ، وَجَمْعُهَا مَكْرٌ ومُكُورٌ، وَقَدْ يَقَعُ المُكُورُ عَلَى ضُرُوبٍ مِنَ الشَّجَرِ كالرُّغْل وَنَحْوِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَسْتَنُّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورِ
قَالَ: وإِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِارْتِوَائِهَا ونُجُوع السَّقْي فِيهَا؛ وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورِ
الْوَاحِدُ مَكْرٌ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ بَكْرَةَ:
تَعاطَى فِرَاخَ المَكْرِ طَوْراً، وتارَةً
…
تُثِيرُ رُخَامَاها وتَعْلَقُ ضَالَها
فِرَاخُ المَكْرِ ثَمَرُهُ. والمَكْرُ: ضرْب مِنَ النَّبَاتِ، الْوَاحِدَةُ مَكْرَة، وأَما مُكور الأَغْصان فَهِيَ شَجَرَةٌ عَلَى حِدَةٍ، وضُرُوبُ الشَّجَرِ تُسَمَّى المُكورَ مِثْلَ الرُّغْل وَنَحْوِهِ. والمَكْرَة: شَجَرَةٌ، وَجَمْعُهَا مُكور. والمَكْرَةُ: الساقُ الْغَلِيظَةُ الْحَسْنَاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَكْرُ حُسن خَدالَةِ السَّاقَيْنِ. وامرأَة مَمْكُورَةٌ: مُسْتَدِيرَةُ السَّاقَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ المُدْمَجَةُ الخَلْقِ الشَّدِيدَةُ البَضْعَةِ، وَقِيلَ: المَمْكُورَةُ الْمَطْوِيَّةُ الخَلْقِ. يُقَالُ: امرأَة مَمْكُورَةُ السَّاقَيْنِ أَي خَدْلاء. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَمْكُورَةٌ مُرْتَوِيَةُ السَّاقِ خَدْلَةٌ، شُبِّهَتْ بالمَكْر مِنَ النَّبَاتِ. ابْنُ الأَعرابي: المَكْرَة الرُّطَبة الْفَاسِدَةُ. والمَكْرَةُ: التَّدْبِيرُ وَالْحِيلَةُ فِي الحرْب. ابْنُ سِيدَهْ: والمَكْرَةُ الرُّطَبَة الَّتِي قَدْ أَرطبت كُلُّهَا وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ صُلْبَة لَمْ تَنْهَضِمْ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والمَكْرَةُ أَيضاً: البُسْرَةُ المُرْطِبة وَلَا حَلَاوَةَ لَهَا. وَنَخْلَةٌ مِمْكارٌ: يَكْثُرُ ذَلِكَ من بُسرها.
مهر: المَهْرُ: الصَّداق، وَالْجَمْعُ مُهور؛ وَقَدْ مَهَرَ المرأَة يَمْهَرها ويَمْهُرها مَهْراً وأَمهرها. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ حَبِيبَةَ: وأَمهرها النجاشيُّ مِنْ عِنْدِهِ
؛ سَاقَ لَهَا مَهْرَهَا، وَهُوَ الصَّدَاقُ وَفِي الْمَثَلِ: أَحمقُ مِنْ المَمْهُورة إِحدى خَدَمَتَيْها؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للأَحمق الْبَالِغِ فِي الْحُمْقِ الغايةَ؛ وَذَلِكَ أَنّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امرأَة فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَتْ: لَا أُطيعك أَو تُعطِيَني مَهْرِي فَنَزَعَ إِحدى خدمتَيْها مِنْ رِجْلِهَا وَدَفَعَهَا إِليها فَرَضِيَتْ بِذَلِكَ لِحُمْقِهَا؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
إِذا مُهِرتْ صُلْباً قَلِيلًا عِراقُهُ
…
تَقول: أَلا أَدّيْتَني فَتَقَرَّبِ
وَقَالَ آخَرُ:
أُخِذْنَ اغْتِصاباً خِطْبَةً عَجْرَفِيَّةً،
…
وأُمْهِرْنَ أَرْماحاً مِنَ الخَطِّ ذُبَّلا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَهَرْتها، فَهِيَ مَمْهُورَةٌ، أَعطيتها مَهْرًا. وأَمهرتها: زَوَّجْتُهَا غَيْرِي عَلَى مَهْرٍ. والمَهِيرة: الْغَالِيَةُ الْمَهْرِ. والمَهارة: الحِذق فِي الشَّيْءِ. وَالْمَاهِرُ: الْحَاذِقُ بِكُلِّ عَمَلٍ، وأَكثر مَا يُوصَفُ بِهِ السَّابِحُ المُجِيد، وَالْجَمْعُ مَهَرَة؛ قَالَ الأَعشى يَذْكُرُ فِيهِ تَفْضِيلَ عَامِرٍ على علقمة ابن عُلاثة:
إِنّ الَّذِي فِيهِ تمارَيْتُما
…
بَيَّنَ لِلسامِع والنَّاظرِ
مَا جُعِلَ الجُدُّ الظَّنُونُ الَّذِي
…
جُنِّب صَوْب اللَّجِبِ المَاطِر
مثلَ الفُراتيِّ، إِذا مَا طَما
…
يَقْذِف بالبُوصِيِّ والماهِر
قَالَ: الجُدُّ الْبِئْرُ، والظَّنون: الَّتِي لَا يُوثَقُ بِمَائِهَا، وَالْفَرَاتِيُّ: الْمَاءُ الْمَنْسُوبُ إِلى الْفُرَاتِ، وَطَمَا: ارْتَفَعَ،
والبُوصي: الملَّاح، وَالْمَاهِرُ: السَّابِحُ. وَيُقَالُ: مَهَرْتُ بِهَذَا الأَمر أَمهَرُ بِهِ مَهارة أَي صرتُ بِهِ حَاذِقًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ مَهَر الشيءَ وَفِيهِ وَبِهِ يَمْهَر مَهْراً ومُهُوراً ومَهارة ومِهارة. وَقَالُوا: لَمْ تَفْعَلْ بِهِ المِهَرَة وَلَمْ تُعْطِه المِهَرَة، وَذَلِكَ إِذا عَالَجْتَ شَيْئًا فَلَمْ ترفُق بِهِ وَلَمْ تُحسِن عملَه، وَكَذَلِكَ إِن غَذَّى إِنساناً أَو أَدّبه فَلَمْ يُحْسِنْ. أَبو زَيْدٍ: لَمْ تُعْطِ هَذَا الأَمر المِهَرَة أَي لَمْ تأْته مِنْ قِبَل وَجْهِهِ. وَيُقَالُ أَيضاً: لَمْ تأْت إِلى هَذَا الْبِنَاءِ المِهَرَة أَي لَمْ تأْته مِنْ قِبَل وَجْهِهِ وَلَمْ تَبْنِه عَلَى مَا كَانَ يَنْبَغِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ الماهِر بِالْقُرْآنِ مَثَل السَّفَرَة
؛ الْمَاهِرُ: الْحَاذِقُ بِالْقِرَاءَةِ، والسفَرة: الْمَلَائِكَةُ. الأَزهري: والمُهْر وَلَدُ الرَّمَكَة والفرسِ، والأُنثى مُهْرة، وَالْجَمْعُ مُهَر ومُهَرات؛ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ الْعَبْسِيُّ يحرِّض قَوْمَهُ فِي طَلَبِ دَمِ مَالِكِ بْنِ زُهَيْرٍ الْعَبْسِيِّ، وَكَانَتْ فَزَارَةُ قَتَلَتْهُ لَمَّا قَتَلَ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيَّ:
أَفبَعْدَ مَقْتَلِ مَالِكِ بنِ زُهَيْر
…
تَرْجو النساءُ عَواقِبَ الأَطْهارِ؟
مَا إِنْ أَرَى فِي قَتْلِهِ لِذوِي الحِجى،
…
إِلا المَطِيَّ تُشدُّ بالأَكْوارِ
ومُجَنَّباتٍ مَا يَذُقْنَ عَذُوفاً
…
يَقْذِفْنَ بالمُهَرات والأَمْهارِ «7»
الْمُجَنَّبَاتُ: الْخَيْلُ تُجَنَّب إِلى الإِبل. ابْنُ سِيدَهْ: المُهْر ولدُ الْفَرَسِ أَوّل مَا يُنْتَج مِنَ الْخَيْلِ والحُمُرِ الأَهلية وَغَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَمْهار؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وَذِي تَناوِيرَ مَمْعُونٍ، لَهُ صَبَحٌ،
…
يَغْذُو أَوابِدَ قَدْ أَفْلَيْنَ أَمْهارا
يَعْنِي بالأَمْهار هاهنا أَولادَ الْوَحْشِ، وَالْكَثِيرُ مِهار ومِهارة؛ قَالَ:
كأَن عَتِيقاً مِن مِهارة تَغلِب،
…
بأَيْدِي الرِّجال الدَّافِنين ابنَ عَتَّابْ
وَقَدْ فَرَّ حَرْبٌ هَارِبًا وابنُ عامِرٍ،
…
وَمَنْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يَؤُوبَ، فَلَا آبْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا رَوَتْهُ الرُّوَاةُ بإِسكان الْبَاءِ وَوَزْنُ نَعَتْتَابْ؛ وَوَزْنُ فَلَا آبْ مفاعيلْ، والأُنثى مُهْرَة؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لَا يَعْدَمُ شَقِيٌّ مُهَيْراً. يَقُولُ: مِنَ الشَّقاءِ مُعالَجَة المِهارَةِ. وَفَرَسٌ مُمْهِرٌ: ذَاتَ مُهْر. وأُمُّ أَمْهار: اسْمُ قارَة، وَفِي التَّهْذِيبِ: هَضْبَة، وَقَالَ ابْنُ جَبَلَةَ: أُمُّ أَمْهار أُكُمٌ حُمْر بأَعْلى الصَّمَّان، وَلَعَلَّهَا شُبِّهَتْ بالأَمْهار مِنَ الْخَيْلِ فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ قَالَ الرَّاعِيُّ:
مَرَّتْ عَلَى أُمِّ أَمْهارٍ مُشَمِّرَةً،
…
تَهْوِي بِهَا طُرُقٌ، أَوساطُها زُورُ
وأَما قَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ فِي صِفَةِ الأَسد:
أَقْبَلَ يَرْدِي، كَمَا يَرْدِي الحِصانُ، إِلى
…
مُسْتَعْسِبٍ أَرِبٍ مِنْهُ بِتَمْهِيرِ
أَرِبٍ: ذِي إِرْبَةٍ أَي حَاجَةٍ. وَقَوْلُهُ بِتَمْهِير أَي يَطْلُب مُهْراً. وَيُقَالُ للخَرَزَة: المُهْرة، قَالَ: وَمَا أُراه عَرَبِيًّا. والمِهارُ: عُود غَلِيظٌ يُجْعَل فِي أَنْفِ البُخْتيِّ. والمُهَرُ: مَفاصِلُ مُتلاحِكَةٌ فِي الصَّدْرِ، وَقِيلَ: هِيَ غَراضِيفُ الضُّلوعِ، وَاحِدَتُهَا مُهْرَةٌ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وأُراها بِالْفَارِسِيَّةِ، أَراد فُصُوصَ الصدْرِ أَو خَرَزَ الصدْرِ فِي الزوْر؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لغُداف:
عَنْ مُهْرَةِ الزَّوْرِ وعنْ رَحاها
(7). وقوله [عذوفاً] كذا أورده المؤلف هنا وأورده في عدف بمهملتين وهاء تأنيث.
وأَنشد أَيضاً:
جَافِي اليدَين عَنْ مُشاشِ المُهْر
الْفَرَّاءُ: تَحْتَ الْقَلْبِ عُظَيْم يُقَالُ لَهُ المُهْر والزِّرُّ، وَهُوَ قِوامُ الْقَلْبِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ مُشَاشِ الْمُهْرِ: يُقَالُ هُوَ عَظْم فِي زَوْر الْفَرَسِ. ومَهْرَةُ بْنُ حَيْدان: أَبو قَبِيلَةٍ، وَهُمْ حَيٌّ عَظِيمٌ، وإِبل مَهْرِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِليهم، وَالْجَمْعُ مَهارِيُّ ومَهارٍ ومَهارَى، مُخَفَّفَةُ الْيَاءِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ
…
بِنَا حَراجِيجُ المَهارَى النُّفَّهِ
وأَمْهَرَ الناقةَ: جَعَلَهَا مَهْرِيَّة. والمَهْرِيَّة: ضَرْب مِنَ الحِنْطَة، قَالَ أَبو حَنِيفَة: وَهِيَ حَمْرَاءُ، وَكَذَلِكَ سَفاها، وَهِيَ عَظِيمَةُ السُّنْبُلِ غَلِيظة القَصَب مُرَبَّعة. وماهِرٌ ومُهَيْر: اسْمَانِ. ومَهْوَرٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلْنَاهُ عَلَى فَعْوَل دُونَ مَفْعل مِنْ هَارَ يَهُورُ لأَنه لَوْ كَانَ مُفْعِلًا مِنْهُ كَانَ مُعْتَلًّا وَلَا يُحْمَلُ عَلَى مُكرَّرِه لأَن ذَلِكَ شَاذٌّ لِلْعَلَمِيَّةِ. ونَهْرُ مِهْرانَ: نَهر بِالسِّنْدِ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. الْجَوْهَرِيُّ: المَهِيرَةُ الحُرّةُ، والمَهائِرُ الحرائِرُ، وهي ضِدُّ السَّرائرِ.
مور: مَارَ الشيءُ يَمورُ مَوْراً: تَرَهْيَأَ أَي تَحَرَّكَ وَجَاءَ وَذَهَبَ كَمَا تتكفأُ النَّخْلَةُ العَيْدانَةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: تَردّدَ فِي عَرْض؛ والتَّمَوُّرُ مِثْلُهُ. والمَوْرُ: الطَّرِيقُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
تُبارِي عِتاقاً ناجِياتٍ، وأَتْبَعَتْ
…
وَظِيفاً وظِيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
تُبارِي: تُعارِض. والعِتاقُ: النُّوقُ الكِرامُ. والناجِياتُ: السريعاتُ. والوظيفُ: عَظُمَ السَّاقِ. والمُعَبَّدُ: المُذَلَّلُ. وَفِي الْمُحْكَمِ: المَوْرُ الطَّرِيقُ المَوطوء الْمُسْتَوِي. وَالْمَوْرُ: المَوْجُ. والمَوْرُ: السرْعة؛ وأَنشد:
ومَشْيُهُنَّ بالحَبِيبِ مَوْر
ومارَتِ الناقةُ فِي سَيْرِهَا مَوْراً: ماجَتْ وتَردّدتْ؛ وَنَاقَةٌ مَوَّارَةُ الْيَدِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مَوَّارَةٌ سَهْلَةُ السيْرِ سَرِيعة؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
خَطَّارَةٌ غِبَّ السُّرى مَوَّارَةٌ،
…
تَطِسُ الإِكامَ بِذاتِ خُفٍّ مِيثَمِ «1»
وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ. التَّهْذِيبُ: المُورُ جَمْعُ نَاقَةٍ مائِرٍ ومائِرَةٍ إِذا كَانَتْ نَشِيطة فِي سيرها قَتْلاءَ فِي عَضُدها. وَالْبَعِيرُ يَمُورُ عَضُدَاهُ إِذا تَردّدا فِي عَرْضِ جَنْبِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَى ظَهْرِ مَوَّارِ المِلاطِ حِصانِ
ومارَ: جَرى. ومارَ يَمورُ مَوْراً إِذا جَعَلَ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ ويَتَردّد. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً
؛ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: تَمُوجُ مَوْجاً، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تَكَفَّأُ، والأَخفش مِثْلَهُ؛ وأَنشد الأَعشى:
كأَنّ مِشْيَتَها منْ بَيْتِ جارَتِها
…
مَوْرُ السَّحابةِ، لَا رَيْثٌ وَلَا عَجَلُ «2»
الأَصمعي: سايَرْتُه مسايَرةً ومايَرْتُه مُمايَرةً، وَهُوَ أَن تفْعل مِثْلَ مَا يَفْعل؛ وأَنشد:
يُمايِرُها فِي جَرْيِه وتُمايِرُهْ
أَي تُبارِيه. والمُماراةُ: المُعارَضةُ. وَمَارَ الشيءُ مَوْراً: اضْطَرَب وَتَحَرَّكَ؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ ابْنِ الأَعرابي. وَقَوْلُهُمْ: لَا أَدْري أَغارَ أَمْ مارَ أَي أَتى غَوْراً أَم دارَ فَرَجَعَ إِلى نَجْد. وسَهْم مائِرٌ:
(1). في معلقة عنترة: زيّافةٌ، ووخدُ خفٍّ، في مكان موّارة وذات خفّ.
(2)
. في قصيدة الأَعشى: مَرُّ السحابة.
خَفِيفٌ نافِذٌ داخِلٌ فِي الأَجسام؛ قَالَ أَبو عَامِرٍ الْكِلَابِيُّ:
لَقَدْ عَلِم الذِّئْبُ، الَّذِي كَانَ عادِياً
…
عَلَى الناسِ، أَنِّي مائِرُ السَّهْم نازِعُ
ومَشْيٌ مَوْرٌ: لَيِّنٌ. والمَوْرُ: ترابٌ. والمَور: أَنْ تَمُورَ بِهِ الرِّيحُ. والمُورُ، بِالضَّمِّ: الغُبارُ بِالرِّيحِ. والمُورُ: الغُبارُ المُتَرَدِّدُ، وَقِيلَ: التُّرَابُ تُثيرُه الريحُ، وَقَدْ مارَ مَوْراً وأَمارَتْه الريحُ، وريحٌ موَّارة، وأَرياحٌ مُورٌ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا أَدْري أَغارَ أَمْ مارَ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: غَارَ أَتى الغَوْرَ، ومارَ أَتى نَجْداً. وقَطاةٌ مارِيَّةٌ: مَلْساءُ. وامرأَةٌ مارِيَّةٌ: بيضاءُ بَرَّاقَةٌ كأَنّ اليَدَ تَمُورُ عَلَيْهَا أَي تَذهَبُ وتَجِيءُ، وَقَدْ تَكُونُ المارِيَّةُ فاعُولة مِنَ المَرْيِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والمَوْرُ: الدَّوَرانُ. والمَوْرُ: مَصْدَرٌ مُرْتُ الصُّوفَ مَورْاً إِذا نَتَفْتَهُ وَهِيَ المُوَارَةُ والمُراطَةُ: ومُرْتُ الوَبَرَ فانْمار: نَتَفْتُهُ فانْتَتَفَ. والمُوارَةُ: نَسِيلُ الحِمارِ، وَقَدْ تَمَوَّرَ عَنْهُ نَسِيلُه أَي سَقَطَ. وانمارَتْ عقِيقةُ الحِمار إِذا سَقَطَتْ عَنْهُ أَيامَ الربيعِ. والمُورَة والمُوارَةُ: مَا نَسَلَ مِنْ عَقِيقَةِ الْجَحْشِ وصُوفِ الشاةِ، حيَّةً كَانَتْ أَو مَيِّتَةً؛ قَالَ:
أَوَيْتُ لِعَشْوَةٍ فِي رأْسِ نِيقٍ،
…
ومُورَةِ نَعْجَةٍ ماتَتْ هُزالا
قَالَ: وَكَذَلِكَ الشَّيْءُ يَسْقُطُ مِنَ الشَّيْءِ والشيءُ يَفْنَى فَيَبْقَى مِنْهُ الشَّيْءُ. قَالَ الأَصمعي: وَقَعَ عَنِ الْحِمَارِ مُوارَتُه وَهُوَ مَا وَقَعَ مِنْ نُسالهِ. ومارَ الدمْعُ والدمُ: سَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
ابْنِ هُرْمُز عَنْ أَبي هُرِيرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: مَثَلُ المُنْفِقِ والبخيلِ كمثلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ لَدُنْ تَرَاقِيهِمَا إِلى أَيديهما، فأَما المُنْفِقُ فإِذا أَنْفَقَ مارَتْ عَلَيْهِ وسَبَغَتْ حَتَّى تَبلُغَ قَدَمَيْهِ وتَعْفُوَ أَثَرَه، وأَما الْبَخِيلُ فإِذا أَراد أَن يُنْفِق أَخذَتْ كلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَها ولَزِمَتْه فَهُوَ يُرِيدُ أَن يُوسِّعَها وَلَا تَتَّسِع
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ مَارَتْ أَي سَالَتْ وَتَرَدَّدَتْ عَلَيْهِ وَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ يَعْنِي نَفَقَتَهُ؛ وَابْنُ هُرْمُز هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الأَعرج. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: يُطْلَقُ عِقالُ الحَرْبِ بكتائِبَ تَمُورُ كرِجْلِ الْجَرَادِ
أَي تَتَرَدَّدُ وَتَضْطَرِبُ لِكَثْرَتِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عِكْرِمة: لَمَّا نُفِخ فِي آدمَ الروحُ مارَ فِي رأْسِهِ فَعَطَسَ أَي دَارَ وتَردّد.
وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: وَنُجُومٌ تَمُورُ
أَي تَذهَبُ وَتَجِيءُ، وَفِي حَدِيثِهِ أَيضاً:
فَتَرَكَتِ المَوْرَ وأَخذت فِي الْجَبَلِ
؛ المَوْرُ، بِالْفَتْحِ: الطَّرِيقُ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ لأَنه يُجاء فِيهِ ويُذهب، وَالطَّعْنَةُ تَمُورُ إِذا مَالَتْ يَمِينًا وَشِمَالًا، والدِّماءُ تَمورُ عَلَى وَجْهِ الأَرض إِذا انْصَبَّتْ فَتَرَدَّدَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عديِّ بْنِ حَاتِمٍ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ: أَمِرِ الدمَ بِمَا شِئْتَ
، قَالَ شَمِرٌ: مَنْ رواه أَمِرْهُ فمعناه سَيِّلْه وأَجْرِه؛ يُقَالُ: مارَ الدمُ يَمُورُ مَوْراً إِذا جَرى وَسَالَ، وأَمَرْتُه أَنا؛ وأَنشد:
سَوْفَ تُدْنِيكَ مِنْ لَمِيسَ سَبَنْداةٌ
…
أَمارَتْ، بالبَوْلِ، ماءَ الكِراضِ
وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: امْرِ الدمَ بِمَا شِئْتَ أَي سيِّله واسْتَخْرِجْه، مِنْ مَرَيْت الناقةَ إِذا مَسَحْتَ ضَرْعها لتَدُرَّ. الْجَوْهَرِيُّ: مَارَ الدمُ عَلَى وَجْهِ الأَرض يَمُورُ مَوْراً وأَمارَه غيرُه؛ قَالَ جَرِيرُ بْنُ الخَطَفى: