الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بالقَنَا،
…
ومارَ دمٌ منْ جارِ بَيْبَةَ ناقِعُ
أَبو مَنْدُوسَة: هُوَ مُرَّة بْنُ سُفيان بْنِ مُجاشع، وَمُجَاشِعُ قَبِيلَةُ الْفَرَزْدَقِ، وَكَانَ أَبو مَنْدُوسَةٍ قَتَلَهُ بَنُو يَرْبوع يَوْمَ الكُلابِ الأَوّل. وجارُ بَيْبَةَ: هُوَ الصِّمَّة بْنُ الحرث الجُشَمي قَتَلَهُ ثَعْلَبَةُ الْيَرْبُوعِيُّ، وكان في جِوار الحرث بْنِ بِيبَةَ بْنِ قُرْط بْنُ سُفْيَانَ بْنِ مُجَاشِعٍ. وَمَعْنَى نَدَسْناه: طعنَّاه. والناقِعُ: المُرْوي. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: سُئِلَ عَنْ بَعِيرٍ نَحَرُوهُ بعُود فَقَالَ: إِن كَانَ مارَ مَوْراً فَكُلُوهُ
، وإِنْ ثَرَّدَ فَلَا. والمائِراتُ: الدماءُ فِي قَوْلِ رُشَيْدِ بنِ رُمَيْض، بِالضَّادِ وَالصَّادِ مُعْجَمَةٌ وَغَيْرُ مُعْجَمَةٍ، الْعَنَزِيِّ:
حَلَفْتُ بِمائِراتٍ حَوْلَ عَوْضٍ،
…
وأَنْصابٍ تُرِكْنَ لَدَى السَّعِيرِ
وعَوْضٌ والسَّعِيرُ: صَنَمَانِ. ومارَسَرْجِسَ: مَوْضِعٌ وَهُوَ مَذْكُورٌ أَيضاً فِي مَوْضِعِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: مارَسَرْجِسَ مِنْ أَسماء الْعَجَمِ وَهُمَا اسْمَانِ جُعِلَا وَاحِدًا؛ قَالَ الأَخطل:
لَمَّا رأَوْنا والصَّلِيبَ طالِعاً،
…
ومارَسَرْجِيسَ ومَوْتاً ناقِعا،
خَلَّوْا لَنا زَاذانَ والمَزارِعا،
…
وحِنْطَةً طَيْساً وكَرْماً يانِعا،
كأَنما كَانُوا غُراباً واقِعا
إِلا أَنه أَشبع الْكَسْرَةَ لإِقامة الْوَزْنِ فَتَوَلَّدَتْ مِنْهَا الْيَاءُ. ومَوْرٌ: مَوْضِعٌ. وَفِي حَدِيثِ
لَيْلَى: انْتَهَيْنَا إِلى الشُّعَيْثَة فَوَجَدْنا سَفِينَةً قَدْ جَاءَتْ مِنْ مَوْرٍ
؛ قِيلَ: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ سُمِّيَ بِهِ لِمَوْرِ الْمَاءِ فيه أَي جَرَيانهِ.
مير: المِيرَةُ: الطعامُ يَمْتارُه الإِنسان. ابْنُ سِيدَهْ: المِيرَةُ جَلَب الطَّعَامِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: جلَب الطَّعَامِ لِلْبَيْعِ؛ وَهُمْ يَمتارُون لأَنفسهم ويَمِيرُون غَيْرَهُمْ مَيْراً، وَقَدْ مَارَ عيالَه وأَهلَه يَمِيرُهم مَيْراً وامْتارَ لَهُمْ. والمَيَّارُ: جالبُ المِيرَة. والمُيَّارُ: جَلّابة لَيْسَ بِجمْعِ مَيَّار إِنما هُوَ جَمْعُ مائِرٍ. الأَصمعي: يُقَالُ مارَه يمُورُه إِذا أَتاه بِمِيرَة أَي بِطَعَامٍ، وَمِنْهُ يُقَالُ: مَا عِنْدَهُ خَيْر وَلَا مَيْر، والامْتِيارُ مِثلُه، وَجَمْعُ المائِر مُيَّارٌ مِثْلُ كُفَّارٍ، ومَيَّارَةٌ مِثْلُ رَجَّالةٍ، يُقَالُ: نَحْنُ نَنْتَظِرُ مَيَّارَتَنا ومُيَّارَنا. وَيُقَالُ للرُّفْقة الَّتِي تَنْهَضُ مِنَ الْبَادِيَةِ إِلى القُرى لِتَمْتار: مَيَّارَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
والحَمُولَة المائِرَةُ لَهُمْ لاغِيةٌ
؛ يَعْنِي الإِبل الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمِيرَةُ وَهِيَ الطَّعَامُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَجْلَبُ لِلْبَيْعِ، لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا زكاةٌ لأَنها عَوامِلُ. وَيُقَالُ مارَهم يَمِيرُهم إِذا أَعطاهم الْمِيرَةَ. وتمايَرَ مَا بَيْنَهُمْ: فَسَدَ كتماءَرَ. وأَمارَ أَوداجَه: قَطَعَهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَلَى أَن أَلف أَمارَ قَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ مُنْقَلِبَةً مِنْ وَاوٍ لأَنها عَيْنٌ. وأَمارَ الشيءَ: أَذابَه. وأَمار الزعفرانَ: صَبَّ فِيهِ الْمَاءَ ثُمَّ دافَه؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ قَوْسًا:
كأَنّ عَلَيْهَا زَعْفَرَاناً تُمِيرُه
…
خَوازِنُ عَطَّارٍ يَمانٍ كوانِزُ
وَيُرْوَى: ثَمَانٍ، على الصفة للخوزان. ومِرْتُ الدواءَ: دُفْتُه. ومِرْتُ الصُّوفَ مَيْراً: نفشْتُه. والمُوارَةُ: مَا سَقَطَ مِنْهُ، وَوَاوُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ لِلضَّمَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا. ومَيَّارٌ: فَرس قُرطِ بن التَّوْأَم.
فصل النون
نار: نأرَتْ نائِرَةٌ فِي النَّاسِ: هاجَتْ هَائِجَةٌ، قَالَ: وَيُقَالُ نَارَتْ بِغَيْرِ هَمْزٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه بَدَلًا.
والنَّؤُورُ: دُخَانُ الشحْم. والنَّؤُورُ: النِّيلَنْجُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
نبر: النَّبْرُ بالكلامِ: الهَمْز. قَالَ: وكلُّ شَيْءٍ رَفَعَ شَيْئًا، فَقَدْ نَبَرَه. والنبْرُ: مَصْدَرُ نَبَرَ الحَرْفَ يَنْبِرُه نَبْراً هَمَزَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: يَا نَبيءَ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا تَنْبِر بِاسْمِي
أَي لَا تَهْمِزْ، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَقَالَ إِنَّا معْشَرَ قُرَيْشٍ لَا نَنْبِرُ
؛ والنبْرُ: هَمْزُ الحرْفِ وَلَمْ تَكُنْ قُرَيْشٌ تَهْمِزُ فِي كَلَامِهَا. وَلَمَّا حَج الْمَهْدِيُّ قَدَّمَ الْكِسَائِيَّ يُصَلِّي بِالْمَدِينَةِ فَهَمَزَ فأَنكر أَهل الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ وَقَالُوا: تنبرُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بِالْقُرْآنِ. والمَنْبور: الْمَهْمُوزُ. والنبْرَةُ: الهَمْزَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: اطْعُنُوا النَّبْرَ وَانْظُرُوا الشَّزْرَ
؛ النبرُ الخَلْسُ، أَي اخْتَلِسُوا الطعْنَ. وَرَجُلٌ نَبَّارٌ: فصيحُ الكلامِ، ونَبَّارٌ بِالْكَلَامِ: فَصِيحٌ بَلِيغٌ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ نَبَّارٌ صَيَّاحٌ. ابْنُ الأَنباري: النبْر عِنْدَ الْعَرَبِ ارْتِفَاعُ الصَّوْتِ. يُقَالُ: نَبَرَ الرجلُ نبْرَةً إِذا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فِيهَا عُلُوٌّ؛ وأَنشد:
إِنِّي لأَسمَعُ نبْرَةً مِنْ قَوْلِها،
…
فأَكادَ أَن يُغْشَى عَلَيَّ سُرُورا
والنبْرُ: صَيْحَةُ الفَزَعِ. وَنَبْرَةُ الْمُغَنِّي: رَفْعُ صوْتِه عَنْ خَفْضٍ. ونَبرَ الغلامُ: تَرَعْرَعَ. وَالنَّبْرَةُ: وسَطُ النُّقْرَةِ. وَكُلُّ شَيْءٍ ارْتَفَعَ مِنْ شَيْءٍ: نَبْرَة لانْتباره. والنبرَةُ: الْوَرَمُ فِي الجَسدِ، وَقَدِ انْتَبَرَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رضي الله عنه. إِياكم والتخلُّلَ بالقَصَب فإِن الفمَ يَنْتَبِرُ مِنْهُ
أَي يَتَنَفَّطُ. وكلُّ مرتَفِع مُنْتَبِرٌ. وكلُّ مَا رفَعْتَهُ، فَقَدَ نبرْتَه تنبِره نبْراً. وَانْتَبَرَ الجرحُ: ارتفَعَ وورِمَ. الْجَوْهَرِيُّ: نبَرْتُ الشيءَ أَنبِره نبْراً رفعتُه. وَفِي حَدِيثٍ:
نَصَلَ رافعُ بْنُ خَدِيجٍ غَيْرَ أَنه بقيَ مُنتبراً
أَي مرتفِعاً فِي جِسْمِهِ. وانتَبَرتْ يدُه أَي تَنَفَّطَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْجُرْحَ يَنْتَبِرُ فِي رأْس الْحَوْلِ
أَي يَرم. والمِنْبَرُ: مَرْقاةُ الْخَاطِبِ، سُمِّيَ مِنْبَراً لِارْتِفَاعِهِ وعُلُوِّه. وَانْتَبَرَ الأَميرُ: ارْتَفَعَ فَوْقَ الْمِنْبَرِ. والنُّبَرُ: اللُّقَمُ الضِّخامُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
أَخذتُ مِنْ جَنْبِ الثَّرِيدِ نُبَرا
والنَّبِيرُ: الجُبْنُ، فَارِسِيٌّ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِضِخَمه وَارْتِفَاعِهِ؛ حَكَاهُ الهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. والنَّبُورُ: الاسْتُ؛ عَنْ أَبي العَلاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى ذَلِكَ لانْتِبارِ الأَلْيَتَيْنِ وضِخَمِهِما. ونَبَرَه بِلِسَانِهِ ينبِرهُ نبْراً: نَالَ مِنْهُ. وَرَجُلٌ نَبْرٌ: قَلِيلُ الحياءِ يَنْبرُ الناسَ بِلِسَانِهِ. والنِّبْرُ: القُرادُ، وَقِيلَ: النِّبر، بِالْكَسْرِ، دُوَيْبَّة شَبِيهَةٌ بِالْقُرَادِ إِذا دَبَّتْ عَلَى الْبَعِيرِ تورَّمَ مَدَبُّها، وَقِيلَ: النِّبْر دوَيْبَّة أَصغر مِنَ الْقُرَادِ تلْسَعُ فَيَنْتَبِرُ مَوْضِعُ لَسْعَتِهَا ويَرِمُ، وَقِيلَ: هُوَ الحُرْقُوص، وَالْجَمْعُ نِبارٌ وأَنبارٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ وَذَكَرَ إِبلًا سَمِنَتْ وَحَمَلَتِ الشُّحومَ:
كأَنها مِنْ بُدُنٍ واسْتِيقارْ،
…
دَبَّتْ عَلَيْهَا ذَرِباتُ الأَنبارْ
يَقُولُ: كأَنها لَسعَتْها الأَنبار فورِمَتْ جُلُودُها وحَنِطَتْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: البيتُ لِشَبِيبِ بْنِ البَرْصاءِ، وَيُرْوَى عارِماتُ الأَنْبار، يُرِيدُ الخَبِيثاتِ، مأْخوذ مِنَ العُرامِ؛ وَمَنْ رَوَى ذَرِباتُ فَهُوَ مأْخوذ مِنَ الذَّرَبِ وَهُوَ الحِدَّةُ، وَيُرْوَى كأَنها مِنْ سِمَنٍ وإِيقار؛ وَقَوْلُهُ مِنْ بُدْنٍ واسْتِيقار، هُوَ بِمَعْنَى إِيقارٍ يُرِيدُ أَنها قَدْ أُوقِرَتْ مِنَ الشَّحْم، وَقَدْ رُوِيَ أَيضاً
واسْتِيفار، بِالْفَاءِ، مأْخوذ مِنَ الشَّيْءِ الوافِرِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ أَنه قَالَ: تُقْبَضُ الأَمانةُ مِنْ قلْبِ الرجلِ فَيَظَلُّ أَثَرُها كأَثر جَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ تَرَاهُ مُنْتَبِراً وَلَيْسَ فِيهِ شيءٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُنْتَبِرُ المُتَنَفِّطُ. والنِّبْرُ: ضَرْبٌ مِنَ السِّباعِ. اللَّيْثُ: النِّبْرُ مِنَ السِّباعِ لَيْسَ بِدُبٍّ وَلَا ذِئْبٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَيْسَ النِّبْرُ مِنْ جِنْسِ السِّباعِ إِنما هِيَ دابَّة أصْغَرُ مِنَ القُرادِ، قَالَ: وَالَّذِي أَراد الليثُ البَبْر، بِبَاءَيْنِ؛ قَالَ: وأَحْسَبُهُ دَخِيلًا وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، والفُرْسُ تُسَمِّيه بَقَرًا. والأَنْبارُ: أَهْراءُ الطَّعامِ، واحدُها نَبْرٌ، ويُجْمَعُ أَنابِيرَ جمعَ الْجَمْعِ، وَيُسَمَّى الهُرْيُ نِبْراً لأَن الطعامَ إِذا صُبَّ فِي مَوْضِعِهِ انْتَبَرَ أَي ارتَفَعَ. وأَنبارُ الطَّعَامِ: أَكْداسُهُ، واحدُها نِبْرٌ مثلُ نِقسٍ وأَنْقاسٍ. والأَنبارُ: بيتُ التَّاجِرِ الَّذِي يُنَضِّدُ فِيهِ مَتاعَهُ. والأَنبارُ: بَلَدٌ، لَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسمٌ مُفْردٌ عَلَى مِثَالِ الجمعِ غيرُ الأَنبارِ والأَبْواءِ والأَبْلاءِ، وإِن جَاءَ فإِنما يجيءُ فِي أَسماءِ الْمَوَاضِعِ لأَن شَوَاذَّها كثيرةٌ، وَمَا سِوَى هَذِهِ فإِنما يأْتي جَمْعًا أَو صِفَةً، كَقَوْلِهِمْ: قِدْرٌ أَعْشارٌ وثوبٌ أَخلاقٌ وأَسمالٌ وسراويلُ أَسماطٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. والأَنبارُ: مواضِعُ معروفةٌ بَيْنَ الرِّيفِ والبَرِّ، وَفِي الصِّحَاحِ: وأَنْبار اسْمُ بَلَدٍ.
نتر: النَّتْرُ: الجَذْبُ بِجَفاءٍ، نَتَرَهُ يَنْتُرُه نَتْراً فانْتَترَ. واسْتَنْترَ الرجلُ مِنْ بَوْلِهِ: اجْتَذَبَهُ وَاسْتَخْرَجَ بَقِيَّتَهُ مِنَ الذَّكَرِ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا بَالَ أَحدكم فلْيَنْتُرْ ذكَرَهُ ثَلَاثَ نَتَراتٍ يَعْنِي بَعْدَ الْبَوْلِ
؛ هُوَ الجَذْب بِقُوَّةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَما أَحدُهما فَكَانَ لَا يَسْتَنْتِرُ مِنْ بولِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرَّجُلِ يَسْتَبْرِئُ ذَكَرَهُ إِذا بَالَ: أَن يَنْتُرَهُ نَتْراً مَرَّةً بَعْدَ أُخرى كأَنه يجتَذِبُهُ اجْتِذَابًا. وَفِي النِّهَايَةِ: فِي الْحَدِيثِ:
إِنّ أَحدكم يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ، فيقالُ إِنه لَمْ يَكُنْ يَسْتَنْتِرُ عِنْدَ بَوْلِهِ
؛ قَالَ: الاسْتِنْتارُ اسْتِفْعالٌ مِنَ النَّتْرِ، يُرِيدُ الحِرْصَ عَلَيْهِ والاهتمامَ بِهِ، وَهُوَ بَعْثٌ عَلَى التَّطَهُّرِ بالاستبراءِ مِنَ الْبَوْلِ. ونَتَرَ الثوبَ نَتْراً: شَقَّهُ بأَصابعه أَو أَضراسه. وطَعْنٌ نَتْرٌ: مبالَغٌ فِيهِ كأَنه ينتُر مَا مَرَّ بِهِ فِي الْمَطْعُونِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ رَمْيٌ سَعْرٌ وضَرْبٌ هَبْرٌ وطَعْنٌ نَتْرٌ، وَهُوَ مثْلُ الخَلْسِ يَخْتَلِسُها الطاعنُ اخْتِلَاسًا. ابْنُ الأَعرابي: النَّتْرَةُ الطعنةُ النافِذةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، قَالَ لأَصحابه: اطْعُنُوا النَّتْرَ
أَي الخَلْسَ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الحُذَّاق؛ يُقَالُ: ضَرْبٌ هَبْرٌ وطَعْنٌ نَتْرٌ، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ بَدَلَ التَّاءِ. والنَّتَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: الفسادُ والضَّياعُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَاعْلَمْ بأَن ذَا الجَلالِ قَدْ قَدَرْ،
…
فِي الكُتُبِ الأُولى الَّتِي كَانَ سَطَرْ،
أَمْرَكَ هَذَا، فاجْتَنِبْ مِنْهُ النَّتَرْ
والنَّتْرُ: الضَّعْفُ فِي الأَمْرِ والوَهْنُ، والإِنسانُ يَنْتُرُ فِي مشيِه نَتْراً كأَنه يَجْذِبُ شَيْئًا. ونَتَرَ فِي مِشْيَتِهِ وانْتَتَرَ: اعْتَمَدَ. والنَّواتِرُ: القِسِيُّ المنقطعةُ الأَوتارِ. وقَوْسٌ ناتِرَةٌ: تَقْطَعُ وتَرَها لِصَلَابَتِهَا؛ قَالَ الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ يَصِفُ حِمَارًا أَوْرَدَ أُتُنَه الماءَ فَلَمَّا رَوِيَتْ سَاقَهَا سَوْقاً عنِيفاً خَوْفًا مِنْ صائدٍ وَغَيْرِهِ:
فَجالَ بِهَا مِنْ خِيفَةِ المَوْتِ والِهاً،
…
وبادَرَها الخَلَّاتِ أَيَّ مُبادَرِ
يَزُرُّ القَطَا مِنْهَا، ويضْرِبُ وجْهَهُ
…
قَطُوفٌ بِرِجْلٍ، كالقِسِيّ النَّوَاتِرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ:
…
يُضْرب وجْهُهُ
…
بِمُخْتَلِفاتٍ كالقِسِيِّ النَّوَاتِرِ
وَقَوْلُهُ يَزُرُّ: يَعَضُّ. وَالْقَطَا: جَمْعُ قَطاةٍ وَهُوَ موضِعُ الرِّدْفِ. وَالْخَلَّاتُ: جمعُ خَلٍّ وَهُوَ الطَّرِيقُ فِي الرَّمْلِ، كُلَّمَا عَضَّ الحمارُ أَكفالَ الأُتُنِ نَفَحَتْه بأَرجلها. والقَطُوفُ مِنَ الدوابِّ: البطيءُ السَّيْرِ؛ يُرِيدُ أَن الأُتُنَ لَمَّا رَوِيَتْ مِنَ الماءِ وامتلأَت بطونُها مِنْهُ بَطُؤَ سَيْرُها.
نثر: اللَّيْثُ: النَّثْرُ نَثْرُكَ الشيءَ بِيَدِكَ تَرْمي بِهِ مُتَفَرِّقًا مثلَ نَثْرِ الجَوْزِ واللَّوْزِ والسُّكَّرِ، وَكَذَلِكَ نَثْرُ الحَبِّ إِذا بُذرَ، وهو النِّثَارُ؛ وَقَدْ نَثَرَهُ يَنْثُرُهُ ويَنْثِرُهُ نَثراً ونِثاراً ونَثَّرَه فانْتَثَرَ وتناثَرَ؛ والنُّثارةُ: مَا تناثَرَ مِنْهُ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ مَا يَنْتَثِرُ مِنَ الْمَائِدَةِ فَيُؤكل فَيُرْجَى فِيهِ الثوابُ. التَّهْذِيبُ: والنُّثارُ فُتاتُ مَا يَتَناثَرُ حَوالي الخِوانِ مِنَ الْخُبْزِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: النُّثارُ، بِالضَّمِّ، مَا تَنَاثَرَ مِنَ الشَّيْءِ. ودُرٌّ مُنَثَّرٌ: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ، وَقِيلَ: نُثارةُ الحِنْطة والشعيرِ وَنَحْوِهِمَا مَا انْتَثَرَ مِنْهُ. وشيءٌ نَثَرٌ: مُنْتَثِرٌ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ؛ قَالَ:
حَدَّ النهارِ تُراعِي ثِيرَةً نَثَرا
وَيُقَالُ: شَهِدتُ نِثارَ فُلَانٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
هِذْرِيانٌ هَذِرٌ هَذَّاءَةٌ،
…
مُوشِكُ السَّقْطةِ، ذُو لُبٍّ نَثِر
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْ نَثِراً، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه مُتَناثِرٌ مُتساقطٌ لَا يَثْبُتْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ وحذيفةَ فِي الْقِرَاءَةِ: هَذًّا كهَذِّ الشِّعْرِ ونَثْراً كَنَثْرِ الدَّقَلِ
أَي كَمَا يَتساقَطُ الرُّطَبُ اليابِسُ مِنَ العِذْقِ إِذا هُزَّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: يُوافِقُكُمُ العَدُوُّ حَلْبَ شاةٍ نَثورٍ
؛ هِيَ الْوَاسِعَةُ الإِحليلِ كأَنها تَنْثُرُ اللَّبنَ نَثْراً وتَفْتَحُ سَبِيلَه، ووجأَه فَنَثَر أَمْعاءَهُ. وتَناثَرَ الْقَوْمُ: مَرِضُوا فَمَاتُوا. والنَّثورُ: الكثِيرُ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ المرأَة، وَقَدْ نَثَرَ وَلَدًا وَنَثَرَ كَلَامًا: أَكثره، وَقَدْ نَثَرَتْ ذَا بَطْنِها ونَثَرَتْ بَطْنَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا خَلَا سِنِّي ونَثَرْتُ لَهُ ذَا بَطْني
؛ أَرادت أَنها كَانَتْ شابَّةً تَلِدُ الأَولادَ عِنْدَهُ. وَقِيلَ لامرأَةٍ: أَيُّ البُغاةِ أَبغضُ إِليكِ فَقَالَتْ: الَّتِي إِنْ غَدَتْ بَكَرَتْ، وإِن حَدَّثَتْ نَثَرَتْ. ورجلٌ نَثِرٌ بَيِّنُ النَّثَرِ ومِنْثَرٌ، كِلاهُما: كثيرُ الْكَلَامِ، والأُنثى نَثِرَةٌ فَقَطْ. والنَّثْرةُ: الخَيْشومُ وَمَا وَالَاهُ. وشاةٌ ناثِرٌ ونَثُورٌ: تَطْرَحُ مِنْ أَنفها كالدُّود. والنَّثِيرُ لِلدَّوَابِّ والإِبلِ: كالعُطاسِ لِلنَّاسِ؛ زَادَ الأَزهري: إِلا أَنه لَيْسَ بِغَالِبٍ لَهُ وَلَكِنَّهُ شيءٌ يَفْعَلُهُ هُوَ بأَنفه؛ يُقَالُ: نَثَرَ الحِمارُ وَهُوَ يَنْثِرُ نَثِيراً. الْجَوْهَرِيُّ: والنَّثْرةُ لِلدَّوَابِّ شِبْهُ العَطْسةِ، يُقَالُ: نَثَرَتِ الشاةُ إِذا طرحَتْ مِنْ أَنفها الأَذى. قَالَ الأَصمعي: النَّافِرُ والناثِرُ لشاةُ تَسْعُلُ فَيَنْتَثرُ مِنْ أَنفها شيءٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: الجرادُ نَثْرةُ الحوتِ
أَي عَطْسَتُهُ؛ وحديثِ كعبٍ: إِنما هُوَ نَثْرَةُ حوتٍ، وَقَدْ نَثَرَ يَنْثِرُ نَثِيراً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَمَا أَنْجَرَتْ حَتَّى أَهَبَّ بِسُدْفَةٍ
…
علاجِيمَ، عيرُ ابْنِي صُباحٍ نَثِيرُها
واستَنْثَر الإِنسانُ: استَنْشَقَ الْمَاءَ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ ذَلِكَ بِنَفَسِ الأَنفِ. والانْتِثارُ والاستِنْثارُ بِمَعْنَى: وَهُوَ
نَثْرُ مَا فِي الأَنف بالنَّفَسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا استَنْشَقْتَ فانْثُر
، وَفِي التَّهْذِيبِ: فانْثِر، وَقَدْ رُوِيَ: فأَنْثِرْ، بِقَطْعِ الأَلف، قَالَ: وَلَا يَعْرِفُهُ أَهل اللُّغَةِ، وَقَدْ وُجِدَ بِخَطِّهِ فِي حَاشِيَةِ كِتَابِهِ فِي الْحَدِيثِ:
مَنْ توضأَ فَلْيَنْثِرْ
، بِكَسْرِ الثَّاءِ، يُقَالُ: نَثَرَ الجوزَ والدُّرَّ يَنْثُرُ، بِضَمِّ الثَّاءِ، ونَثَرَ مِنْ أَنفه يَنْثِرُ، بِكَسْرِ الثَّاءِ لَا غَيْرَ؛ قَالَ: وَهَذَا صَحِيحٌ كَذَا حَفِظَهُ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ. ابْنُ الأَعرابي: النَّثْرَةُ طَرَفُ الأَنفِ، وَمِنْهُ
قَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي الطَّهَارَةِ: اسْتَنْثِرْ
؛ قَالَ: وَمَعْنَاهُ اسْتَنْشِقْ وحَرِّكِ النَّثْرةَ. الْفَرَّاءُ: نَثَرَ الرجلُ وانْتَثَرَ واسْتَنْثَرَ إِذا حَرَّكَ النَّثْرَةَ فِي الطَّهَارَةِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَرْفُ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ أَنه قَالَ فِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: إِذا توضأْت فأَنْثِرْ
، مِنَ الإِنْثار، إِنما يُقَالُ: نَثَرَ يَنْثِرُ وانْتَثَرَ يَنْتَثِرُ واسْتَنْثَرَ يَسْتَنْثِرُ. وَرَوَى
أَبو الزِّنَادِ عَنِ الأَعرج عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: إِذا توضأَ أَحدُكم فليجعلِ الماءَ فِي أَنْفِه ثُمَّ لِيَنْثِرْ
؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ أَهل الضَّبْطِ لأَلفاظ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، وَقَدْ فَسَّرَ قَوْلَهُ لِيَنْثِرْ واسْتَنْثِرْ عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَهُ الْفَرَّاءُ وَابْنُ الأَعرابي، قَالَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ: مَعْنَى الاستنثارِ والنَّثْر أَن يَسْتَنْشِقَ الْمَاءَ ثُمَّ يَسْتَخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ أَذى أَو مُخاط، قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَستنشِق ثَلَاثًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَسْتَنْثِرُ
؛ فَجَعَلَ الِاسْتِنْثَارَ غَيْرَ الِاسْتِنْشَاقِ، يُقَالُ مِنْهُ: نَثَر يَنْثِر، بِكَسْرِ الثَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ توضأَ فَلْيَنْثِر
، بِكَسْرِ الثَّاءِ، لَا غَيْرَ. والإِنسان يَسْتَنْثِرُ إِذا اسْتَنْشَقَ الْمَاءَ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ نَثِيرَه بنَفَس الأَنفِ. ابْنُ الأَثير: نَثَرَ يَنثِرُ، بِالْكَسْرِ، إِذا امْتَخَطَ، واستَنْثَر اسْتَفْعَلَ مِنْهُ: اسْتَنْشَقَ الْمَاءَ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مَا فِي الأَنف، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ تَحْرِيكِ النَّثْرةِ، وَهِيَ طرَف الأَنف؛ قَالَ: وَيُرْوَى فأَنْثِر بأَلف مَقْطُوعَةٍ، قَالَ: وأَهل اللُّغَةِ لَا يُجِيزُونَهُ وَالصَّوَابُ بأَلف الْوَصْلِ. ونَثَر السُّكَّر يَنْثُره، بِالضَّمِّ، قَالَ: وأَما قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي النَّثْرةُ طَرَفُ الأَنف فَهُوَ صَحِيحٌ، وَبِهِ سُمِّيَ النجْم الَّذِي يُقَالُ لَهُ نَثْرةُ الأَسد كأَنها جُعِلَتْ طرَف أَنفه. وَالنَّثْرَةُ: فُرْجة مَا بَيْنَ الشَّارِبَيْنِ حِيالَ وتَرةِ الأَنف، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ الأَسَدِ، وَقِيلَ: هِيَ أَنف الأَسد. والنَّثْرةُ: نَجْم مِنْ نُجوم الأَسَد يَنْزِلُهَا الْقَمَرُ؛ قَالَ:
كادَ السِّماكُ بِهَا أَو نَثْرةُ الأَسَدِ
التَّهْذِيبُ: النثْرة كَوْكَبٌ فِي السَّمَاءِ كأَنه لَطْخُ سَحابٍ حِيالَ كَوكبين، تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ نَثْرَةَ الأَسد وَهِيَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، قَالَ: وَهِيَ فِي عِلْمِ النُّجُومِ مِنْ بُرْجِ السرَطانِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: النَّثْرَةُ أَنف الأَسد ومنْخراه، وَهِيَ ثَلَاثَةُ كواكبَ خَفِيَّة مُتَقَارِبَةٌ، والطرْفُ عَيْنَا الأَسَد كَوْكَبَانِ، الْجَبْهَةُ أَمامَها قوله [كوكبان، الجبهة امامها] كذا بالأصل. وعبارة القاموس: الطرف كوكبان يقدمان الجبهة. وَهِيَ أَربعةُ كواكِبَ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّثْرَةُ كَوْكَبَانِ بَيْنَهُمَا مِقْدَارُ شِبْرٍ، وَفِيهِمَا لَطْخ بَيَاضٍ كأَنه قِطْعة سَحَابٍ وَهِيَ أَنف الأَسد يَنْزِلُهَا الْقَمَرُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِذا طَلَعَتِ النثْرةُ قَنأَتِ البُسْرةُ أَي داخَلَ حُمْرَتها سَوادٌ، وَطُلُوعُ النَّثْرَةِ عَلَى إِثْر طُلُوع الشِّعْرَى. وطعَنه فأَنْثَره عَنْ فَرَسِهِ أَي أَلقاه عَلَى نَثْرَتِه؛ قَالَ:
إِنّ عَلَيْهَا فارِساً كَعَشَرَهْ؛
…
إِذا رَأَى فارِسَ قَوْمٍ أَنْثَرَهْ
قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ طَعَنَه فأَخرج نَفَسَه مِنْ أَنفه، وَيُرْوَى رئِيسَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ طَعَنَهُ فأَنْثَره أَيْ
أَرعفه؛ وأَنشد الرَّاجِزُ:
إِذا رأَى فَارِسَ قَوْمٍ أَنثره
والنثْرةُ: الدِّرْعُ السَّلِسةُ المَلْبَس، وَقِيلَ: هِيَ الدرْعُ الواسِعةُ. ونَثَر دِرْعَه عَلَيْهِ: صَبَّها، وَيُقَالُ للدِّرعِ: نثْرةٌ ونَثْلَةٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن تَكُونَ الرَّاءُ فِي النَّثْرَةِ بَدَلًا مِنَ اللَّامِ لِقَوْلِهِمْ نَثَلَ عَلَيْهِ دِرْعَه وَلَمْ يَقُولُوا نَثَرَهَا، وَاللَّامُ أَعمّ تَصَرُّفًا، وَهِيَ الأَصل، يَعْنِي أَن بَابَ نَثَلَ أَكثر مِنْ بَابِ نَثَرَ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابِهِ فِي السِّلَاحِ: النَّثْرَةُ والنثْلةُ اسْمٌ مِنْ أَسماء الدرْعِ، قَالَ: وَهِيَ المَنْثُولةُ؛ وأَنشد:
وضاعَفَ مِنْ فَوْقِها نَثْرَةً،
…
تَرُدُّ القَواضِبَ عَنْهَا فُلُولا
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: النَّثْلُ الأَدْراعُ، يُقَالُ نَثَلَها عَلَيْهِ ونَثَلَها عَنْهُ أَي خَلَعها. ونَثَلَها عَلَيْهِ إِذا لَبِسَها. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ نَثَر دِرْعه عَنْهُ إِذا أَلقاها عَنْهُ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ نَثَلَها. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: ويَمِيسُ فِي حِلَقِ النثْرةِ
، قَالَ: هِيَ مَا لَطُفَ مِنَ الدُّرُوع، أَي يَتَبَخْتَرُ في حَلَقِ [حِلَقِ] الدِّرْعِ، وَهُوَ مَا لطُف منها.
نجر: النَّجْر والنِّجارُ والنُّجارُ: الأَصْلُ والحَسَبُ، وَيُقَالُ: النَّجْرُ اللَّوْنُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نجارُ كلِّ إِبِلٍ نِجارُها،
…
ونارُ إِبْلِ العالَمِينَ نارُها
هَذِهِ إِبلٌ مسروقةٌ مِنْ آبالٍ شَتَّى وَفِيهَا مِنْ كلِّ ضَرْبٍ ولَوْنٍ وسِمةٍ ضَرْب. الْجَوْهَرِيُّ: وَمِنْ أَمثالهم فِي الْمُخَلَّطِ: كلُّ نِجارِ إِبِلٍ نِجارُها أَي فِيهِ مِنْ كُلِّ لَوْن مِنَ الأَخلاقِ وَلَيْسَ لَهُ رأْي يَثْبُتُ عَلَيْهِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: واختَلَفَ النَّجْر وتَشَتَّتَ الأَمْر
؛ النَّجْر: الطبْعُ والأَصْل. ابْنُ الأَعرابي: النَّجْرُ شَكْل الإِنسان وهيئتُه؛ قَالَ الأَخطل:
وبَيْضاء لَا نَجْرُ النجاشِيِّ نَجْرُها،
…
إِذا التَهَبَتْ مِنْهَا القَلائدُ والنَّحْرُ
والنَّجْرُ: القَطْع، وَمِنْهُ نَجْرُ النَّجَّارِ، وَقَدْ نَجَرَ العُودَ نَجراً. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ النَّجْرُ عَمَلُ النَّجَّارِ ونحْتُه، والنجْرُ نَحْتُ الخَشَبة، نَجَرَها يَنْجُرها نَجْراً: نَحَتها. ونُجارةُ العُود: مَا انْتُحِتَ مِنْهُ عِنْدَ النَّجْرِ. والنجَّارُ: صاحبُ النَّجْر وحِرْفَتُه النِّجارةُ. والنَّجْرانُ: الخَشَبة الَّتِي تَدُور فِيهَا رِجْل الْبَابِ؛ وأَنشد:
صَبَبْتُ الماءَ فِي النَّجْرانِ صَبّاً،
…
تَرَكْتُ البابَ لَيْسَ لَهُ صَرِيرُ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لأَنف الْبَابِ الرِّتاجُ، ولِدَرَوَنْدِه النَّجْرانُ، ولِمِتْرَسه القُنَّاحُ والنِّجافُ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَدُور فِيهَا. والنَّوْجَرُ: الخَشبة الَّتِي تُكْرَبُ بِهَا الأَرضُ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبها عَرَبِيَّةً مَحْضَةً. والمنْجُور فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ: المَحالةُ الَّتِي يُسْنى عَلَيْهَا. والنَّجِيرةُ: سَقِيفةٌ مِنْ خَشَبٍ لَيْسَ فِيهَا قَصَبٌ وَلَا غَيْرُهُ. ونَجَر الرجلَ يَنْجُرهُ نَجْراً إِذا جَمَعَ يَدَهُ ثُمَّ ضَرَبه بالبُرْجُمةِ الوُسْطى. اللَّيْثُ: نَجَرْتُ فُلَانًا بِيَدِي، وَهُوَ أَن تَضُمَّ مِنْ كفِّك بُرْجُمةَ الإِصبَعِ الوُسْطى ثُمَّ تَضْرِبَ بِهَا رأْسَه، فَضَرْبُكَه النَّجْرُ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ وَالَّذِي سَمِعْنَاهُ نَجَرْتُه إِذا دفعْتَه ضَرْباً؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يَنْجُرْنَ فِي جانِبَيْها وهْيَ تَنْسَلِبُ
وأَصله الدقُّ. ويُقال لِلهاوُنِ: مِنْجارٌ. والنَّجِيرةُ: بَيْنَ الحَسُوِّ وَبَيْنَ العَصِيدةِ؛ قَالَ:
وَيُقَالُ انْجُرِي لِصِبْيانِك ورِعائِك، وَيُقَالُ: ماءٌ مَنْجُور أَي مُسَخَّنٌ؛ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ العَصيدةُ ثُمَّ النجِيرة ثُمَّ الحَسُوُّ. والنَّجِيرة: لَبن وطَحِينٌ يُخْلَطان، وَقِيلَ: هُوَ لبنٌ حليبٌ يُجْعَلُ عَلَيْهِ سَمْن، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ وطَحِين يُطْبخ. ونَجَرْتُ الْمَاءَ نَجْراً: أَسخنته بالرَّضَفَةِ. والمِنْجَرةُ: حَجَرٌ مُحْمًى يُسخَّن بِهِ الْمَاءُ وَذَلِكَ الْمَاءُ نَجِيرةٌ. ولأَنْجُرَنّ نَجِيرَتَك أَي لأَجْزِينَّك جَزاءَك؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والنَّجَرُ والنَّجَرانُ: العطشُ وشِدّة الشرْب، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَمْتَلِئَ بَطْنُهُ مِنَ الْمَاءِ واللبَنِ الْحَامِضِ وَلَا يَرْوَى مِنَ الْمَاءِ، نَجِرَ نَجَراً، فَهُوَ نَجِرٌ. والنجَرُ: أَن تأْكل الإِبل وَالْغَنَمُ بُزُورَ الصحْراءِ فَلَا تَرْوَى. والنجَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: عطَشٌ يأْخذ الإِبل فَتَشْرَبُ فَلَا تروَى وتمرَض عَنْهُ فَتَمُوتُ، وَهِيَ إِبل نَجْرَى ونَجارَى ونَجِرَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّجَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، عَطَشٌ يُصِيبُ الإِبل وَالْغَنَمَ عَنْ أَكل الحِبَّةِ فَلَا تَكَادُ تروَى مِنَ الْمَاءِ؛ يُقَالُ: نَجِرَتِ الإِبلُ ومَجِرَتْ أَيضاً؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
حَتَّى إِذا مَا اشْتَدّ لُوبانُ النَّجَرْ،
…
ورشَفَتْ ماءَ الإِضاءِ والغُدُرْ
ولاحَ لِلعَيْنِ سُهَيْلٌ بِسَحَرْ،
…
كَشُعْلةِ القابِس تَرْمي بالشَّرَرْ
يَصِفُ إِبلًا أَصابها عَطَشٌ شَدِيدٌ. واللُّوبانُ واللُّوابُ: شِدّةُ العطشِ. وسُهَيْلٌ: يَجِيءُ فِي آخِرِ الصَّيْفِ وإِقْبالِ البَرْدِ فَتَغْلُظُ كُروشُها فَلَا تُمْسِكُ الماءَ وَلِذَلِكَ يُصِيبُها العطشُ الشَّدِيدُ. التَّهْذِيبُ: نَجِرَ يَنْجَرُ نَجَراً إِذا أَكثر مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ وَلَمْ يكَدْ يروَى. قَالَ يَعْقُوبُ: وَقَدْ يُصِيبُ الإِنسانَ «3» ؛ وَمِنْهُ شهرُ ناجِرٍ. وكل شهر في صَمِيمِ الحَرِّ، فَاسْمُهُ ناجِرٌ لأَن الإِبل تَنْجَرُ فِيهِ أَي يَشتَدُّ عَطَشُهَا حَتَّى تَيْبَسَ جُلُودُها. وصَفَرٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لْهُ ناجرٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
صَرًى آجِنٌ يَزْوِي لَهُ المَرْءُ وجْهَه،
…
إِذا ذاقَه الظَّمْآنُ فِي شَهْرِ ناجِرٍ
ابْنُ سِيدَهْ: والنَّجْر الحرُّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ذَهَبَ الشِّتاءُ مُوَلِّياً هَرَباً،
…
وأَتتكَ وافِدةٌ مِنَ النَّجْرِ
وَشَهْرَا ناجرٍ وآجرٍ: أَشدّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَرِّ، وَيَزْعُمُ قَوْمٌ أَنهما حَزِيرانُ وتَمُّوزُ، قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ إِنما هُوَ وَقْتُ طُلُوعِ نَجْمَيْنِ مِنْ نُجُومِ القَيْظ؛ وأَنشد عَرْكَةُ الأَسدي:
تُبَرِّدُ مَاءَ الشَّنِّ فِي لَيْلَةِ الصَّبا،
…
وتَسْقِينِيَ الكُرْكورَ فِي حَرِّ آجِرِ
وَقِيلَ: كُلُّ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِ الصَّيْفِ نَاجِرٌ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
كنِعاج وَجْرَةَ، ساقَهُنّ
…
إِلى ظِلال السِّدْرِ ناجِرْ
وناجِرٌ: رَجَبٌ، وَقِيلَ: صَفَرٌ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الْمَالَ إِذا وَرَدَ شُرِبَ الْمَاءَ حَتَّى يَنْجَرَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
صَبَحْناهُمُ كأْساً مِنَ الموتِ مُرَّةً
…
بناجِرَ، حَتَّى اشتَدّ حَرُّ الودائِقِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما هُوَ بِناجَرَ، بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَجَمْعُهَا نَوَاجِرُ. الْمُفَضَّلُ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
(3). قوله [قَالَ يَعْقُوبُ وَقَدْ يُصِيبُ الانسان] عبارة يعقوب كما في الصحاح: وقد يصيب الانسان النجر من شرب اللبن الحامض فَلَا يَرْوَى مِنَ الْمَاءِ
للمحرَّم مُؤْتَمِرٌ، ولصفرٍ ناجِرٌ، وَلِرَبِيعٍ الأَول خَوَّانٌ. والنَّجْر: السَّوقُ الشَّدِيدُ. وَرَجُلٌ مِنْجَر أَي شديدُ السَّوْقِ للإِبِل. وَفِي حَدِيثِ
النجاشيِّ: لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرو بنُ العاصِ والوَفْدُ قَالَ لَهُمْ: نَجِّرُوا
أَي سَوِّقوا الكلامَ؛ قَالَ أَبو مُوسَى: وَالْمَشْهُورُ بِالْخَاءِ، وَسَيَجِيءُ. ونَجَرَ الإِبل يَنْجُرُها نَجْراً: ساقَها سَوْقاً شَدِيدًا؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
جَوَّاب أَرْضٍ مِنْجَر العَشِيَّات
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده أَبو عُبَيْدَةَ جَوَّاب أَرض، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ جَوَّابُ لَيْل، قَالَ: وَهُوَ أَقعد بِالْمَعْنَى لأَن اللَّيْلَ والعَشِيّ زَمَانَانِ، فأَما الأَرض فَلَيْسَتْ بِزَمَانٍ. ونَجَرَ المرأَة نَجْراً: نكَحها. والأَنْجَرُ: مِرْساةُ السَّفِينَةِ، فَارِسِيٌّ؛ فِي التَّهْذِيبِ: هُوَ اسْمٌ عِراقيٌّ، وَهُوَ خَشبات يُخالَفُ بينها وبين رؤوسها وتُشدّ أَوساطها فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يُفْرَغُ بَيْنَهَا الرَّصاص الْمُذَابُ فَتَصِيرُ كأَنها صخرة، ورؤوسها الخشب ناتئة بِهَا الْحِبَالُ وَتُرْسَلُ فِي الْمَاءِ فإِذا رَسَتْ رَسَتِ السَّفِينَةُ فأَقامت. وَمِنْ أَمثالهم يُقَالُ: فُلَانٌ أَثْقلُ مِن أَنجَرة. والإِنْجارُ: لُغَةٌ فِي الإِجَّارِ، وَهُوَ السَّطْح؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
رَكِبْتُ مِنْ قَصْدِ الطَّرِيقِ مَنْجَرَهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَهُوَ المَقْصِدُ الَّذِي لَا يَعْدِلُ وَلَا يَجُورُ عَنِ الطَّرِيقِ. والمِنْجارُ: لُعْبة لِلصِّبْيَانِ يَلْعَبُون بِهَا؛ قَالَ:
والوَرْدُ يَسْعى بِعُصْمٍ فِي رِحالِهِمُ،
…
كأَنه لاعِبٌ يَسْعى بِمِنْجارِ
والنُّجَيرُ: حِصْن باليَمن؛ قَالَ الأَعشى:
وأَبْتَعِثُ العِيسَ المَراسِيلَ تَفْتَلي
…
مسافةَ مَا بَيْنَ النُّجَيرِ وصَرْخَدَا
وَبَنُو النَّجَّار: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ؛ وَبَنُو النَّجَّار: الأَنصار «1» ؛ قَالَ حَسَّانُ:
نَشَدْتُ بَني النَّجَّارِ أَفعالَ والِدي،
…
إِذا العارُ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَنْ يُوارِعُهْ
أَي يُناطِقُه، وَيُرْوَى: يُوازِعُه. والنَّجيرَةُ: نَبْت عَجِرٌ قَصِيرٌ لَا يَطولُ. الْجَوْهَرِيُّ: نَجْرُ أَرض مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، ونَجْرَان: بَلَدٌ وَهُوَ مِنَ الْيَمَنِ؛ قَالَ الأَخطل:
مِثْل القَنافِذِ هَدّاجُونَ قَدْ بَلَغَتْ
…
نَجْرَانَ، أَو بَلَغَتْ سَوآتِهِم هَجَرُ «2»
قَالَ: وَالْقَافِيَةُ مَرْفُوعَةٌ وإِنما السوأَة هِيَ البالِغَةُ إِلَّا أَنه قَلَبَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كُفِّن فِي ثَلَاثَةِ أَثواب نَجْرَانِيَّة
؛ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى نَجْرانَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدِمَ عَلَيْهِ نَصارى نَجْرَانَ
. نحر: النَّحْرُ: الصَّدْر. والنُّحُورُ: الصدُور. ابْنُ سِيدَهْ: نَحْرُ الصَّدْرِ أَعلاه، وَقِيلَ: هُوَ موضعُ الْقِلَادَةِ مِنْهُ، وَهُوَ المَنْحَر، مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ؛ صَرَّحَ اللِّحْيَانِيُّ بِذَلِكَ، وَجَمْعُهُ نُحور لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. ونَحَره ينْحَره نَحْراً: أَصاب نَحْرَه. ونَحَر البعيرَ ينحَره نَحْرًا: طَعَنه فِي مَنْحَرِه حَيْثُ يَبْدُو الحُلقوم مِنْ أَعلى الصدْر؛ وجَمَلٌ نَحِير فِي جِمَالٍ نَحْرى ونُحَراء ونَحائِرَ، وَنَاقَةٌ نَحِير ونَحِيرَة فِي أَنْيُق نَحْرى ونُحَرَاء ونَحائرَ. ويومُ النَّحر: عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ يومُ الأَضحى لأَن
(1). قوله [وبنو النجار الأَنصار] عبارة القاموس: وَبَنُو النَّجَّارِ قَبِيلَةٌ مِنَ الأَنصار
(2)
. في ديوان الأَخطل:
على العِياراتِ هذّاجون.
البُدْنَ تُنحر فِيهِ. والمنْحَر: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُنحر فِيهِ الهدْي وَغَيْرُهُ. وتَناحَرَ القومُ عَلَى الشَّيْءِ وانْتَحَرُوا: تَشاحُّوا عَلَيْهِ فَكَادَ بَعْضُهُمْ يَنْحَر بَعْضًا مِنْ شِدّة حِرْصِهم، وتناحَرُوا فِي القِتال. والنَّاحِرَانِ والنَّاحِرَتانِ: عِرْقان فِي النَّحْرِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الناحِران عِرْقانِ فِي صَدر الفَرَس. الْمُحْكَمُ: والناحِرَتانِ ضِلعان مِنْ أَضلاع الزَّوْرِ، وَقِيلَ: هُمَا الواهِنَتانِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الناحِرَتان التَّرْقُوَتانِ مِنَ النَّاسِ والإِبِل وَغَيْرِهِمْ. غيرُه: والجَوانِحُ مَا رُفِع عَلَيْهِ الكَتِف مِنَ الدَّابَّةِ وَالْبَعِيرِ، وَمِنَ الإِنسان الدَّأْيُ، والدَّأْيُ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الظَّهْرِ، وَهِيَ سِتٌّ ثلاثٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَهِيَ مِنَ الصَّدْرِ الْجَوَانِحُ لِجُنُوحِها عَلَى الْقَلْبِ؛ وَقَالَ: الْكَتِفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضلاع مِنْ جَانِبٍ وَسِتَّةِ أَضلاع مِنْ جَانِبٍ، وَهَذِهِ السِّتَّةُ يُقَالُ لَهَا الدَّأَياتُ. أَبو زَيْدٍ: الْجَوَانِحُ أَدنى الضُّلُوعِ مِنَ الْمَنْحَرِ، وَفِيهِنَّ الناحِرات وَهِيَ ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، ثُمَّ الدَّأَياتُ وَهِيَ ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شقٍّ، ثُمَّ يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ سِتٌّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مُتَّصِلَاتٍ بالشَّراسِيفِ لَا يُسَمُّونَهَا إِلا الأَضلاع، ثُمَّ ضِلَع الخَلْفِ وَهِيَ أَواخر الضُّلُوعِ. ونَحْرُ النَّهَارِ: أَولُه. وأَتيتُه فِي نَحْرِ النَّهَارِ أَي أَوله، وَكَذَلِكَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
أَتانا رَسُولُ اللَّه، صلى الله عليه وسلم، فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ
؛ هُوَ حِينَ تَبْلُغُ الشَّمْسُ مُنتهاها مِنَ الِارْتِفَاعِ كأَنها وصَلَتْ إِلى النَّحْرِ، وَهُوَ أَعلى الصَّدْرِ. وَفِي حَدِيثِ الإِفْكِ:
حَتَّى أَتينا الجيشَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ.
وَفِي حَدِيثِ
وابِصَةَ: أَتاني ابْنُ مَسْعُودٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَقُلْتُ: أَيَّةُ ساعةِ زيادةٍ
ونُحُورُ الشُّهور: أَوائِلُها، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى المَثَلِ. والنَّحِيرَةُ: أَوّل يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَيُقَالُ لِآخِرِ لَيْلَةٍ مِنَ الشهرِ نَحِيرَةٌ لأَنها تَنْحَرُ الْهِلَالَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فَبادَرَ لَيْلَةَ لَا مُقْمِرٍ،
…
نَحِيرَةَ شهرٍ لِشهرٍ سَرَارَا
أَراد لَيْلَةَ لَا رَجُلٍ مُقْمِرٍ، والسِّرارُ: مردودٌ عَلَى اللَّيْلَةِ، ونَحِيرَة: فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ لأَنها تَنْحَر الْهِلَالَ أَي تَسْتقبِله، وَقِيلَ: النَّحِيرَة آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ لأَنه يَنْحَر الَّذِي يَدخل بَعْدَهُ، وَقِيلَ: النَّحِيرة لأَنها تنحَر الَّتِي قَبْلَهَا أَي تَسْتَقْبِلُهَا فِي نَحْرِهَا، وَالْجَمْعُ ناحِراتٌ ونَواحِرُ، نَادِرَانِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ فِعْلَ الأَمطار بِالدِّيَارِ:
والغَيْثُ بالمُتَأَلِّقاتِ
…
مِنَ الأَهلَّة فِي النَّواحِرْ «1»
وَقَالَ: النَّحِيرة آخِرُ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ مَعَ يَوْمِهَا لأَنها تَنْحَر الَّذِي يَدْخُلُ بَعْدَهَا أَي تَصِيرُ فِي نَحْرِهِ، فَهِيَ نَاحِرَةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر الْبَاهِلِيُّ:
ثُمَّ اسْتمرّ عَلَيْهِ واكِفٌ هَمِعٌ،
…
فِي لَيْلَةٍ نَحَرَتْ شعبانَ أَو رَجَبَا
قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه يَستقبل أَوّل الشهر ويقال له ناحِرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَرَجَ وَقَدْ بَكَّروا بِصَلَاةِ الضُّحَى، فَقَالَ: نَحَرُوها نَحَرَهُمُ اللَّهُ
أَيْ صَلَّوْها فِي أَول وَقْتِهَا مِنْ نَحْرِ الشَّهْرِ، وَهُوَ أَوله؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُهُ نَحْرَهَمُ اللَّهُ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ دُعَاءً لَهُمْ، أَي بكَّرهم اللَّهُ بِالْخَيْرِ كَمَا بكَّروا بِالصَّلَاةِ فِي أَول وَقْتِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ دُعَاءً عَلَيْهِمْ بالنَّحْرِ وَالذَّبْحِ لأَنهم غَيَّروا وَقْتَهَا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثعلب:
(1). قوله [والغيث إلخ] أورده الصحاح في مادة نحر، بالواو بدل في، فقال: والنواحر.
مرفوعةٌ مِثلُ نَوْءِ السِّمَاكِ،
…
وافَقَ غُرَّةَ شهرٍ نَحِيرا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى نَحِيراً فَعَيْلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، فَهُوَ عَلَى هَذَا صِفَةٌ لِلْغُرَّة، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ النَّحِيرُ لُغَةً في النَّحِيرة. والدَّارَانِ [تَتناحَرَانِ] أَي تَتقابلانِ، وإِذا استقبلتْ دَارٌ دَاراً قِيلَ: هَذِهِ تَنْحَرُ تِلْكَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ منازلُهم تَناحَرُ هَذَا بِنَحْرِ هَذَا أَي قُبالَتِهِ؛ قَالَ وأَنشدني بَعْضُ بَنِي أَسد:
أَبا حَكَمٍ، هَلْ أَنتَ عمُّ مُجالِدٍ،
…
وسيِّدُ أَهلِ الأَبْطَحِ المُتناحِرِ؟
وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تُدْعَقَ الْخُيُولُ فِي نَواحِرِ أَرضهم
أَي مُقابِلاتِها؛ يُقَالُ: مَنَازِلُ بَنِي فُلَانٍ تَتَناحَرُ أَي تَتَقابَلُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَوْرَدْتُهم وصُدورُ العِيسِ مُسْنَفَةٌ،
…
والصبحُ بالكَوكَبِ الدُّرِّيِّ مَنْحُورُ
أَي مستقبَلٌ. ونَحَرَ الرجلُ فِي الصَّلَاةِ يَنْحَرُ: انْتَصَبَ ونَهَدَ صَدْرُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ
؛ قِيلَ: هُوَ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها لُغَةً شَرْعِيَّةً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وانْحَرِ البُدْن، وَقَالَ طَائِفَةٌ: أُمِرَ بِنَحْرِ النُّسك بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: أَمر بأَن ينتصِب بنَحْره بإِزاء الْقِبْلَةِ وأَن لَا يلتفتَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِنَحْرِك. ابْنُ الأَعرابي: النَّحْرَة انْتِصَابُ الرجلُ فِي الصَّلَاةِ بإِزاء الْمِحْرَابِ. والنِّحْرُ والنِّحْريرُ: الْحَاذِقُ الْمَاهِرُ الْعَاقِلُ المجرِّب، وَقِيلَ: النِّحريرُ الرَّجُلُ الطَّبِنُ الفطِن المُتْقِن البصِير فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَجَمْعُهُ النَّحارِير. وَفِي حَدِيثِ
حُذيفة: وُكِّلَتِ الفِتنةُ بِثَلَاثَةٍ: بالحادِّ النِّحْرِيرِ
، وَهُوَ الفطِن الْبَصِيرُ بِكُلِّ شَيْءٍ. والنَّحْرُ فِي اللَّبَّة: مثلُ الذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ. وَرَجُلٌ مِنْحار، وَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ: يُوصَفُ بِالْجُودِ. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: إِنه لَمِنْحارٌ بَوائِكَها أَي يَنْحَرُ سِمانَ الإِبلِ. وَيُقَالُ لِلسَّحَابِ إِذا انْعَقَّ بِمَاءٍ كَثِيرٍ: انْتَحَرَ انْتِحاراً؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
فَمَرَّ عَلَى منازِلِها، وأَلقى
…
بِهَا الأَثْقالَ، وانْتَحر انْتِحارا
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ الْغَيْثَ:
مَرِحٌ وَبْلُهُ يَسُحُّ سُيُوبَ الماءِ
…
سَحّاً، كأَنه مَنْحُورُ
ودائرةُ الناحِرِ تَكُونُ فِي الجِرَانِ إِلى أَسفل مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: انْتَحر الرجلُ أَيْ نَحَر نَفْسَهُ. وَفِي الْمَثَلِ: سُرِقَ السارِقُ فانْتَحَر. وبَرَقَ نَحْرُهُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ وأَورد الْجَوْهَرِيُّ فِي نَخْرٍ بَيْتًا لغَيلان بْنِ حُريث شَاهِدًا عَلَى مُنْخورِه لُغَةً فِي الأَنْفِ وَهُوَ:
مِنْ لَدُ لَحْيَيْه إِلى مُنْخُورِه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده كَمَا أَنشده سِيبَوَيْهِ إِلى مُنْحُورِهِ، بالحاء. والمُنْحُورُ: النحر؛ وَصَفَ الشَّاعِرُ فَرَسًا بِطُولِ الْعُنُقِ فَجَعَلَهُ يَسْتَوْعِبُ مِنْ حَبْلِهِ مِقْدَارَ بَاعَيْنِ مِنْ لحييه إِلى نَحْرِه.
نخر: النَّخِيرُ: صوتُ الأَنفِ. نَخَرَ الإِنسانُ وَالْحِمَارُ وَالْفَرَسُ بأَنفه يَنْخِرُ ويَنْخُرُ نَخِيراً: مَدَّ الصَّوْتَ والنفَس فِي خَياشِيمه. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً
، وَقُرِئَ: ناخِرَةً؛ قَالَ: وناخِرَةً أَجود الْوَجْهَيْنِ لأَن الْآيَاتِ بالأَلف، أَلا تَرَى أَن نَاخِرَةً
مَعَ الحافِرة والساهِرة أَشبه بِمَجِيءِ التأْويل؟ قَالَ: والناخِرة والنَّخِرة سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى بِمَنْزِلَةِ الطامِع والطمِع؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَالَ الهَمْداني يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ:
أَقْدِمْ أَخا نَهْمٍ عَلَى الأَساوِرَهْ،
…
وَلَا تَهُولَنْكَ رؤوسٌ نادِرَهْ،
فإِنما قَصْرُكَ تُرْبُ الساهِرَه،
…
حَتَّى تعودَ بعدَها فِي الحافِرَهْ،
مِنْ بعدِ مَا صِرتَ عِظاماً ناخِرَهْ
وَيُقَالُ: نَخِرَ العَظْمُ، فَهُوَ نَخِرٌ إِذا بَليَ ورَمَّ، وَقِيلَ: ناخِرة أَي فارِغة يَجِيءُ مِنْهَا عِنْدَ هُبوب الرِّيحِ كالنَّخير. والمَنْخِرُ والمَنْخَرُ والمِنْخِرُ والمُنْخُرُ والمُنْخورُ: الأَنف؛ قَالَ غَيْلَانُ بْنُ حُرَيْثٍ:
يَسْتَوْعِبُ البُوعَينِ مِنْ جَرِيرِهِ
…
مِنْ لَدُ لَحْيَيْهِ إِلى مُنْخُورِهِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده كَمَا أَنشده سِيبَوَيْهِ إِلى مُنْحورهِ، بِالْحَاءِ، والمنحور: النَّحْر؛ وصف الشاعر فَرَساً بِطُولِ العُنُق فَجَعَلَهُ يَستوعِب مِنْ حَبْله مِقْدَارَ باعَين من لحْيَيْه إِلى نَحْرِه. الْجَوْهَرِيُّ: والمَنْخِرُ ثُقْبُ الأَنْفِ، قَالَ: وَقَدْ تُكْسَرُ الْمِيمُ إِتباعاً لِكَسْرَةِ الْخَاءِ، كَمَا قَالُوا مِنْتِن، وَهُمَا نَادِرَانِ لأَن مِفْعِلًا لَيْسَ مِنَ الأَبنية. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَخذ بِنُخْرَة الصَّبِيِّ
أَي بأَنفِه. والمُنْخُران أَيضاً: ثُقْبا الأَنْف. وَفِي حَدِيثِ
الزِّبْرِقان: الأُفَيْطِس النُّخْرَةِ
لِلذي كَانَ يَطْلُع فِي حِجْرِه. التَّهْذِيبُ: وَيَقُولُونَ مِنْخِراً وَكَانَ الْقِيَاسُ مَنْخِراً وَلَكِنْ أَرادوا مِنْخِيراً، وَلِذَلِكَ قَالُوا مِنْتِن والأَصل مِنْتِين. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه أُتِيَ بِسَكْرَانٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ: لِلمَنْخِرَين دُعاءٌ عَلَيْهِ
أَي كَبَّه اللَّهُ لِمَنْخِرَيهِ، كَقَوْلِهِمْ: بْعداً لَهُ وسُحْقاً وَكَذَلِكَ لِلْيَدَيْنِ والفَم. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ فِي كُلِّ ذِي مَنْخِرٍ: إِنه لَمُنْتَفِخُ المَناخِر كَمَا قَالُوا إِنه لمُنْتَفِخ الجوانِب، قَالَ: كأَنهم فَرَّقوا الْوَاحِدَ فَجَعَلُوهُ جَمْعًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَذَهَبَ إِلى تَعْظِيمِ العُضْوِ فَجَعَلَ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَنْخِراً «2» ، والغَرَضان مُقْترِبان. والنُّخْرة: رأْس الأَنفِ. وامرأَةٌ مِنْخار: تَنْخِرُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، كأَنها مَجْنُونَةٌ، وَمِنَ الرِّجَالِ مَنْ يَنْخِرُ عِنْدَ الْجِمَاعِ حَتَّى يُسمع نَخِيره. ونُخْرَتا الأَنْف: خَرْقاه، الْوَاحِدَةُ نخْرة، وَقِيلَ: نُخْرَتُه مُقدّمه، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ المُنْخُرَين، وَقِيلَ: أَرْنَبَتُهُ يَكُونُ للإِنسان وَالشَّاءِ وَالنَّاقَةِ وَالْفَرَسِ وَالْحِمَارِ؛ وَكَذَلِكَ النُّخَرة مِثَالُ الهُمَزَة. وَيُقَالُ: هَشَم نُخْرَتَه أَي أَنفه. غَيْرُهُ: النُّخْرة والنُّخَرة، مِثَالُ الهُمَزة، مُقدَّم أَنف الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ وَالْخِنْزِيرِ. ونَخَرَ الحالِبُ الناقةَ: أَدخل يَدَهُ فِي مَنْخرها ودلَكه أَو ضرَب أَنفَها لتَدِرَّ؛ وَنَاقَةٌ نَخُور: لَا تَدِرُّ إِلّا عَلَى ذَلِكَ. اللَّيْثُ: النَّخُور النَّاقَةُ الَّتِي يَهلِك ولدُها فَلَا تَدِرّ حَتَّى تُنَخَّر تَنْخِيراً؛ والتَّنْخِير: أَن يدلُك حالبُها مُنْخُرَيها بإِبهامَيه وَهِيَ مُناخة فتثُور دارَّة. الْجَوْهَرِيُّ: النَّخُور مِنَ النُّوق الَّتِي لَا تَدِرّ حَتَّى تضرِب أَنفَها، وَيُقَالُ: حَتَّى تُدخِل إِصْبَعَك فِي أَنفها. ونَخِرَت الخشَبة، بِالْكَسْرِ، نَخَراً، فَهِيَ نَخِرة: بَلِيَتْ وانْفَتَّت أَو اسْتَرْخَت تَتَفَتَّت إِذا مُسَّت، وَكَذَلِكَ العظْم، يُقَالُ: عَظْم نَخِر وناخِر، وَقِيلَ: النَّخِرَة مِنَ الْعِظَامِ الباليةُ، والناخِرة الَّتِي فِيهَا بقيَّة «3»
(2). قوله [فجعل كل واحد إلخ] لعل المناسب فجعل كل جزء
(3)
. قوله [التي فيها بقية] كذا في الأصل. وعبارة القاموس: المجوفة التي فيها ثقبة.
، وَالنَّاخِرُ مِنَ الْعِظَامِ الَّذِي تَدخل الرِّيحُ فِيهِ ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْهُ، وَلَهَا نَخِير. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ إِبليس نَخَرَ
؛ النَّخِير: صَوْتُ الأَنف. ونَخَر نَخِيراً: مَدَّ الصَّوت فِي خَيَاشِيمِهِ وصوَّت كأَنه نَغْمة جَاءَتْ مضطرِبة. وَفِي الْحَدِيثِ:
ركِب عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى بَغْلَةٍ شَمِطَ وجهُها هرَماً فَقِيلَ لَهُ: أَتركب بَغْلَةً وأَنت عَلَى أَكرمِ نَاخِرَةٍ بِمِصْرَ؟
وَقِيلَ: ناجِرة، بِالْجِيمِ؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: قَوْلُهُ الناخِرة يُرِيدُ الْخَيْلَ، يُقَالُ لِلْوَاحِدِ ناخِر وَلِلْجَمَاعَةِ نَاخِرَةٌ، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ حَمَّار وبغَّال وَلِلْجَمَاعَةِ الحمَّارة والبغَّالة؛ وقال غَيْرُهُ: يُرِيدُ وأَنت عَلَى ذَلِكَ أَكرم «1» ناخِرة. يُقَالُ: إِن عَلَيْهِ عَكَرَةً مِنْ مَالٍ أَي إِنّ لَهُ عَكَرة، والأَصل فِيهِ أَنها تَرُوحُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لِلْحَمِيرِ الناخِرة للصَّوت الَّذِي خَرَجَ مِنْ أُنوفها، وأَهلُ مِصر يُكثِرون رُكُوبَهَا أَكثرَ مِنْ رُكُوبِ البِغال. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفضلُ الأَشياءِ الصلاةُ عَلَى وَقْتِهَا
أَي لِوَقْتِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: الناخِر الْحِمَارُ. الْفَرَّاءُ: هُوَ الناخِر والشاخِر، نخيرُه مِنْ أَنفِه وشَخِيرُه مِنْ حلقِه. وَفِي حَدِيثِ
النَّجاشيِّ: لما دخل عليه عمرو والوفْدُ مَعَهُ قَالَ لَهُمْ: نَخِّرُوا
أَي تَكَلَّمُوا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا فُسر فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ إِن كَانَ عَرَبِيًّا مأْخوذ مِنَ النَّخير الصَّوتِ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
فتناخَرَتْ بَطارِقَتُه
أَي تَكَلَّمَتْ وكأَنه كَلَامٌ مَعَ غَضَبٍ ونُفور. والناخِر: الخِنزير الضَّارِي، وَجَمْعُهُ نُخُرٌ. ونُخْرة الرِّيحِ، بِالضَّمِّ: شِدّةُ هُبوبها. والنَّخْوَرِيُّ: الْوَاسِعُ الإِحلِيل؛ وَقَالَ أَبو نَصْرٍ فِي قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
بعدَ بنِي تُبَّعٍ نَخاوِرَة،
…
قدِ اطمأَنَّتْ بِهِمْ مَرازِبُها
قَالَ: النَّخاوِرَة الأَشراف، وَاحِدُهُمْ نِخْوارٌ ونَخْوَرِيّ، وَيُقَالُ: هُمُ الْمُتَكَبِّرُونَ. وَيُقَالُ: مَا بِهَا ناخِر أَي مَا بِهَا أَحد؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ عَنِ الْبَاهِلِيِّ. ونُخَير ونَخَّار: اسمانِ.
ندر: نَدَرَ الشيءُ يَنْدُرُ نُدُوراً: سَقَط، وَقِيلَ: سَقَطَ وشذَّ، وَقِيلَ: سَقَطَ مِنْ خَوْف شَيْءٍ أَو مِنْ بَيْنِ شَيْءٍ أَو سَقَطَ مِنْ جَوْف شَيْءٍ أَو مِنْ أَشياء فظهرَ. ونوادِرُ الْكَلَامِ تَنْدُر، وَهِيَ مَا شَذَّ وَخَرَجَ مِنَ الْجُمْهُورِ، وَذَلِكَ لظُهوره. وأَندَرَه غيرُه أَي أَسقطه. وَيُقَالُ: أَندَر مِنَ الحِساب كَذَا وَكَذَا، وَضَرَبَ يدَه بِالسَّيْفِ فأَندَرَها؛ وَقَوْلُ أَبي كَبير الْهُذَلِيِّ:
وإِذا الكُمَاةُ تَنادَرُوا طَعْنَ الكُلى،
…
نَدْرَ البِكارة فِي الجَزاءِ المُضْعَفِ
يَقُولُ: أُهْدِرَتْ دِماؤكم كَمَا تُنْدَرُ البِكارة فِي الدِّية، وَهِيَ جَمْعُ بَكْرٍ مِنَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ أَن الكُلى الْمَطْعُونَةَ تُنْدَر أَي تُسقط فَلَا يُحْتَسَبُ بِهَا كَمَا يُنْدَر البَكْر فِي الدِّيَةِ فَلَا يُحتَسب بِهِ. والجَزاء هُوَ الدِّيَةُ، والمُضْعَف: المُضاعَف مَرَّة بَعْدَ مَرَّةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ركِب فَرَسًا لَهُ فَمَرَّتْ بِشَجَرَةٍ فَطَارَ مِنْهَا طائِرٌ فحادتْ فنَدَرَ عَنْهَا عَلَى أَرض غَلِيظَةٍ
أَي سقَط وَوَقَعَ. وَفِي حَدِيثِ
زَواج صفِيَّة: فعَثَرَتِ النَّاقَةُ ونَدَرَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، ونَدَرَتْ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَن رَجُلًا عَضَّ يَدَ آخَرَ فندَرَت ثَنِيَّتُه
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فنَدَر ثنيَّتَه.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فَضَرَبَ رأْسَه فنَدَر.
وأَندَر عَنْهُ مِنْ مَالِهِ كَذَا: أَخرج. ونَقَدَه مِائَةٌ نَدَرَى: أَخرجها لَهُ مِنْ مَالِهِ. وَلَقِيَهُ ندْرة وَفِي النَّدْرة والنَّدَرة ونَدَرى والنَّدَرى وَفِي النَّدَرَى أَي فِيمَا بَيْنَ الأَيام. وإِن شئت قل:
(1). قوله [وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ أَكْرَمُ إلخ] كذا في الأصل
لقيتُه فِي نَدَرَى بِلَا أَلف وَلَامٍ. وَيُقَالُ: إِنما يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّدْرة بَعْدَ النَّدْرة إِذا كَانَ فِي الأَحايين مَرَّةً، وَكَذَلِكَ الخطِيئة بَعْدَ الْخَطِيئَةِ. ونَدَرتِ الشجرةُ: ظهَرت خُوصَتُها وَذَلِكَ حِينَ يَستمكِن المالُ مِنْ رَعْيِها. وندَرَ النباتُ يَنْدُرُ: خَرَجَ الورَق مِنْ أَعراضِه. واستندرتِ الإِبلُ: أَراغَتْه للأَكل ومارسَتْه. والنَّدْرة: الخَضْفَة بالعَجَلة. وندَرَ الرجلُ: خَضَفَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أَن رَجُلًا ندَرَ فِي مجلسِه فأَمَرَ القومَ كُلَّهُمْ بِالتَّطَهُّرِ لِئَلَّا يَخْجَل النادِرُ
؛ حَكَاهَا الهَرَوِيّ فِي الغَرِيبَين، مَعْنَاهُ أَنه ضَرطَ كأَنها ندَرَت مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا خَضَفَ: ندَرَ بِهَا، وَيُقَالُ: ندَرَ الرجلُ إِذا مَاتَ؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ الْهُذَلِيُّ:
كِلانا، وإِن طَالَ أَيامُهُ،
…
سَيَنْدُرُ عَنْ شَزَنٍ مُدْحِضِ
سَيَنْدُرُ: سَيَموت. والنَّدْرة: القِطعة مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُوجَدُ فِي المَعْدِن. وَقَالُوا: لَوْ ندَرْت فُلَانًا لوجدتَه كَمَا تُحِب أَي لَوْ جرّبتَه. والأَندَرُ: البَيْدَرُ، شامِيَّة، وَالْجَمْعُ الأَنادِر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دَقَّ الدِّياسِ عَرَمَ الأَنادِرِ
وَقَالَ كُراع: الأَنْدَر الكُدْس مِنَ الْقَمْحِ خَاصَّةً. والأَندَرُون: فِتْيان مِنْ مَوَاضِعَ شَتَّى يَجْتَمِعُونَ للشُّرب؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
ولا تُبْقِي خُمُور الأَندَرِينا
وَاحِدُهُمْ أَندَرِيٌّ، لمَّا نسَب الخمرَ إِلى أَهل الْقَرْيَةِ اجتمعتْ ثلاثُ يَاءَاتٍ فخفَّفها لِلضَّرُورَةِ، كَمَا قَالَ الراجز:
وَمَا عِلْمِي بِسِحْرِ البابِلِينا
وَقِيلَ: الأَندَرُ قَرْيَةٌ بِالشَّامِ فِيهَا كَرُومٌ فجمَعها الأَندَرِين، تَقُولُ إِذا نسَبتَ إِليها: هَؤُلَاءِ الأَندَرِيُّون. قَالَ: وكأَنه عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَراد خُمُورَ الأَندَرِيِّين فخفَّف يَاءَ النِّسْبَةِ، كَمَا قَالُوا الأَشْعَرِين بِمَعْنَى الأَشعريين. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه أَقبل وَعَلَيْهِ أَندَرْوَرْدِيَّةُ
؛ قِيلَ: هِيَ فَوْقَ التُّبَّان وَدُونَ السراوِيل تُغطِّي الرُّكْبَةَ، مَنْسُوبَةٌ إِلى صَانِعٍ أَو مكانٍ. أَبو عَمْرٍو: الأَندَرِيّ الحَبْل الْغَلِيظُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
مُمَرٍّ كَكَرِّ الأَندَرِيّ شَتيم
نذر: النَّذْرُ: النَّحْبُ، وَهُوَ ما يَنْذِرُه [يَنْذُرُه] الإِنسان فَيَجْعَلُهُ عَلَى نَفْسِهِ نَحْباً وَاجِبًا، وَجَمْعُهُ نُذُور، وَالشَّافِعِيُّ سَمَّى فِي كِتَابِ جِراحِ العَمْد مَا يَجِبُ فِي الجِراحات مِنَ الدِّيات نَذْراً، قَالَ: وَلُغَةُ أَهل الْحِجَازِ كَذَلِكَ، وأَهل الْعِرَاقِ يُسَمُّونَهُ الأَرْش. وَقَالَ أَبو نَهْشَل: النَّذْرُ لَا يَكُونُ إِلا فِي الجِراح صِغارها وكِبارها وَهِيَ مَعاقِل تِلْكَ الجِراح. يُقَالُ: لِي قِبَل فُلَانٍ نذْر إِذا كَانَ جُرْحاً وَاحِدًا لَهُ عَقْل؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: إِنما قِيلَ لَهُ نَذْر لأَنه نُذِرَ فِيهِ أَي أَوجب، مِنْ قَوْلِكَ نَذَرتُ عَلَى نَفْسِي أَي أَوجبْت. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ المسيَّب: أَن عُمَرَ وَعُثْمَانَ، رضي الله عنهما، قَضَيا فِي المِلْطاة بِنِصْفِ نَذْرِ المُوضِحَة
أَي بِنِصْفِ مَا يَجِبُ فِيهَا مِنَ الأَرْش والقِيمة؛ وَقَدْ نَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ كَذَا يَنْذِرُ ويَنْذُر نَذْراً ونُذُوراً. والنَّذِيرة: مَا يُعطيه. والنَّذِيرة: الِابْنُ يَجْعَلُهُ أَبواه قَيِّماً أَو خَادِمًا للكَنيسة أَو للمتعبَّد مِنْ ذَكَرٍ وأُنثى، وَجَمْعُهُ النَّذَائر، وقد نَذَرَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً
؛ قَالَتْهُ امرأَة عِمران أُمُّ مَرْيَمَ. قَالَ الأَخفش: تَقُولُ الْعَرَبُ نَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ نَذْراً ونذَرتُ مَالِي فأنا أَنذِرُه [أَنذُرُه] نذْراً؛ رَوَاهُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْعَرَبِ. وَفِي
الْحَدِيثِ ذِكْرُ النَّذْرِ مُكرّراً؛ تَقُولُ: نذَرْتُ أَنذِرُ وأَنذُر نذْراً إِذا أَوجبتَ عَلَى نفسِك شَيْئًا تَبَرُّعًا مِنْ عِبَادَةٍ أَو صَدَقَةٍ أَو غيرِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي أَحاديثه ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْهُ وَهُوَ تأْكيدٌ لأَمرِه وتحذيرٌ عَنِ التَّهاوُن بِهِ بَعْدَ إِيجابه؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى لَا يُفعلَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبطالُ حُكمِهِ وإِسقاطُ لُزُومِ الوَفاء بِهِ، إِذْ كَانَ بِالنَّهْيِ يَصِيرُ مَعْصِيَةً فَلَا يَلزمُ، وإِنما وجهُ الْحَدِيثِ أَنه قَدْ أَعلمهم أَن ذَلِكَ أَمرٌ لَا يَجرُّ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا وَلَا يَصرِف عَنْهُمْ ضَرًّا وَلَا يَرُدُّ قَضَاءً، فَقَالَ:
لَا تَنْذِرُوا عَلَى أَنكم تُدرِكون بالنَّذرِ شَيْئًا لَمْ يُقدِّرْه اللَّهُ لَكُمْ أَو تَصرفون بِهِ عَنْكُمْ مَا جَرَى بِهِ الْقَضَاءُ عَلَيْكُمْ، فإِذا نذَرْتم وَلَمْ تَعْتَقِدُوا هَذَا فاخرُجوا عَنْهُ بالوَفاء فإِن الَّذِي نذَرْتُمُوه لَازِمٌ لَكُمْ.
ونَذِرَ بِالشَّيْءِ وَبِالْعَدُوِّ، بِكَسْرِ الذَّالِ، نذْراً: عَلِمَهُ فحَذِرَه. وأَنذَرَه بالأَمر «2» إِنْذاراً ونُذْراً؛ عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ: أَعلَمَهُ، وَالصَّحِيحُ أَن النُّذْر الِاسْمُ والإِنذار المصدرُ. وأَنذَره أَيضاً: خَوَّفَهُ وحذَّره. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ
؛ وَكَذَلِكَ حَكَى الزَّجِّاجِيُّ: أَنذَرْتهُ إِنذاراً ونذِيراً، والجيِّد أَن الإِنذار الْمَصْدَرُ، والنذِير الِاسْمُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ
. وقوله تعالى: كَيْفَ نَذِيرِ
؛ مَعْنَاهُ فَكَيْفَ كَانَ إِنذاري. والنذِير: اسمُ الإِنذار. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: النُّذُر جَمْعُ نَذِير. وَقَوْلُهُ عز وجل: عُذْراً أَوْ نُذْراً
؛ قُرِئَتْ:
عُذُراً أَو نُذُراً
، قَالَ: مَعْنَاهُمَا الْمَصْدَرُ وانتصابُهما عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ، الْمَعْنَى فالمُلْقِيات ذِكْرًا للإِعذارِ أَو الإِنذار. وَيُقَالُ: أَنذَرْتُه إِنذاراً. والنُّذُر: جَمْعُ النذِير، وَهُوَ الِاسْمُ مِنَ الإِنذار. والنذِيرة: الإِنذار. والنذِيرُ: الإِنذار. والنذِير: المُنْذِر، وَالْجَمْعُ نُذُرٌ، وَكَذَلِكَ النذِيرة؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيَّة:
وإِذا تُحُومِيَ جانبٌ يَرْعَوْنَه،
…
وإِذا تَجيء نَذِيرة لَمْ يَهْربوا
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النذيرُ صَوْت القَوْس لأَنه يُنْذِر الرَّمِيَّة؛ وأَنشد لأَوس بْنِ حُجْرٍ:
وصَفْراء مِنْ نَبْعٍ كأَن نذِيرَها،
…
إِذا لَمْ تُخفِّضه عَنِ الوَحْشِ، أَفْكَلُ
وتَناذَر الْقَوْمُ: أَنذر بعضُهم بَعْضًا، وَالِاسْمُ النُّذْر. الْجَوْهَرِيُّ. تَناذرَ القومُ كَذَا أَي خَوّف بعضُهم بَعْضًا؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبياني يَصِفُ حَيَّة وَقِيلَ يَصِفُ أَن النُّعْمَانَ توعَّده فَبَاتَ كأَنه لَدِيغٌ يَتململ عَلَى فِراشه:
فبِتُّ كأَني ساوَرَتْني ضَئِيلَةٌ
…
مِنَ الرُّقْشِ، فِي أَنيابِها السُّمُّ ناقِعُ
تَناذَرَها الرَّاقُون مِنْ سُوء سَمِّها،
…
تُطَلّقُه طَوْراً، وطَوْراً تُراجِعُ
ونَذِيرة الْجَيْشِ: طَلِيعَتُهم الَّذِي يُنْذِرُهم أَمرَ عَدُوّهم أَي يُعلمهم؛ وأَما قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
كَم دَوْنَ لَيْلى مِنْ تَنُوفِيَّةٍ
…
لَمَّاعَةٍ تُنْذَرُ فِيهَا النُّذُرْ
فَيُقَالُ: إِنه جَمْعُ نَذْر مِثْلَ رَهْن ورُهُن. وَيُقَالُ: إِنه جَمْعُ نَذِير بِمَعْنَى مَنْذُور مِثْلَ قَتيل وجَديد.
(2). قوله [وأنذره بالأمر إلخ] هكذا بالأصل مضبوطاً، وعبارة القاموس مع شرحه: وأَنذره بالأَمر إِنْذَارًا وَنُذْرًا، بالفتح عن كراع واللحياني ويضم وبضمتين، ونذيراً
والإِنذارُ: الإِبلاغ، وَلَا يَكُونُ إِلا فِي التَّخْوِيفِ، وَالِاسْمُ النُّذُر. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ*
أَي إِنذاري. والنَّذِير: المُحذِّر، فَعَيْلٌ بِمَعْنَى مُفْعِل، وَالْجَمْعُ نُذُر. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الرَّسُولُ، وَقَالَ أَهل التَّفْسِيرِ: يَعْنِي النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَمَا قَالَ عز وجل: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً*
. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: النَّذِير هَاهُنَا الشَّيْب، قَالَ الأَزهري: والأَوّل أَشبَه وأَوضح. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والنذِيرُ يَكُونُ بِمَعْنَى المُنْذِر وَكَانَ الأَصلَ وفعلُه الثُّلاثيُّ أُمِيتَ، وَمِثْلُهُ السميعُ بِمَعْنَى المُسمِعِ والبديعُ بِمَعْنَى المُبدِعِ. قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا أَنزل اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
، أَتى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، الصَّفا فصعَّد عَلَيْهِ ثُمَّ نَادَى: يَا صَبَاحَاهُ فَاجْتَمَعَ إِليه الناسُ بَيْنَ رجُل يَجيء ورجُل يَبعثُ رَسُولَهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَا بَنِي عبدِ المطَّلِب، يَا بَنِي فُلَانٍ، لَوْ أَخبرْتُكم أَن خَيْلًا ستَفْتَحُ هَذَا الجبَلَ «1» تُريدُ أَن تُغِيرَ عَلَيْكُمْ صدّقتُموني؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فإِني نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ، فَقَالَ أَبو لَهَب: تَبًّا لَكُمْ سائرَ القَومِ أَما آذنْتُمونا إِلا لِهَذَا؟ فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ.
وَيُقَالُ: أَنذَرْتُ القومَ سَيْرَ العدُوّ إِليهم فنَذِروا أَي أَعلمتُهم ذَلِكَ فعَلِموا وَتَحَرَّزُوا. والتَّناذُر: أَن يُنْذِر القومُ بعضُهم بَعْضًا شَرًّا مَخُوفاً؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
تَناذَرَها الرَّاقُون مَنْ شرِّ سَمِّها
يَعْنِي حيَّة إِذا لَدَغَتْ قَتَلَتْ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: قَدْ أَعذَرَ مَنْ أَنذَر أَي مَنْ أَعلَمك أَنه يُعاقِبُك عَلَى المكروهِ مِنْكَ فِيمَا يَستقبِله ثُمَّ أَتيتَ الْمَكْرُوهَ فعاقَبَك فَقَدْ جَعَل لِنَفْسِهِ عُذْراً يكُفُّ بِهِ لائِمَةَ النَّاسِ عَنْهُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عُذْراك لَا نُذراك أَي أَعْذِر وَلَا تُنْذِر. والنَّذِيرُ العُرْيانُ: رجُل مَنْ خَثْعَمَ حَمَلَ عَلَيْهِ يومَ ذِي الخَلَصَةِ عَوْفُ بنُ عَامِرٍ فقطَع يَده ويَدَ امرأَتِه؛ وَحَكَى ابْنُ بَرّي فِي أَماليه عَنْ أَبي الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي أَماليه عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ قَالَ: سأَلت أَبا حَاتِمٍ عَنْ قَوْلِهِمْ أَنا النَّذِيرُ العُرْيان، فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبا عُبيدة يَقُولُ: هُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَمْرٍو الخثْعَمي، وَكَانَ ناكِحاً فِي بَنِي زُبَيْد، فأَرادت بَنُو زُبَيْدٍ أَن يُغِيروا عَلَى خَثْعَمَ فَخَافُوا أَن يُنْذِر قومَه فأَلقَوْا عليه بَراذِعَ وأَهْداماً واحتَفَظوا بِهِ فَصَادَفَ غِرّة فحاضَرَهم وَكَانَ لَا يُجارَى شَدًّا، فأَتى قومَه فَقَالَ:
أَنا المُنْذِرُ العُرْيان يَنْبِذ ثَوبَه،
…
إِذا الصَّدْقُ لَا يَنْبِذْ لَكَ الثَّوبَ كاذِبُ
الأَزهري: مِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي الإِنذار: أَنا النَّذِيرُ العُرْيان؛ قَالَ أَبو طَالِبٍ: إِنما قَالُوا أَنا النذِيرُ الْعُرْيَانُ لأَنّ الرجُل إِذا رأَى الْغَارَةَ قَدْ فَجِئَتْهُم وأَراد إِنذار قَوْمِهِ تَجَرَّدَ مِنْ ثِيَابِهِ وأَشار بِهَا ليُعلم أَن قَدْ فَجِئَتْهُم الْغَارَةُ، ثُمَّ صَارَ مَثَلًا لِكُلِّ شَيْءٍ تَخَافُ مُفاجأَته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ خُفاف يَصِفُ فَرَسًا:
ثَمِلٌ إِذا صَفَرَ اللِّجامُ كأَنه
…
رجُل، يُلوِّحُ باليدَيْن، سَلِيبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا خَطَب احْمرَّت عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُه وَاشْتَدَّ غضبُه كأَنه مُنذِر جَيش يَقُولُ صَبَّحَكُم ومَسَّاكم
؛ المُنْذِر: المعلِم الَّذِي يُعْرّف القومَ بِمَا يَكُونُ قَدْ دهَمَهم مِنْ عَدُوّ أَو غيره، وهو
(1). قوله [ستفتح هذا الجبل] هكذا بالأصل؛ والذي في تفسير الخطيب والكشاف بسفح هذا الجبل
المخوِّف أَيضاً، وأَصل الإِنذار الإِعلام. يُقَالُ: أَنذَرْته أُنْذِرُه إِنْذاراً إِذا أَعلمته، فأَنا مُنْذِر ونَذير أَي مُعْلِم ومُخوِّف ومُحذِّر. ونَذِرْت بِهِ إِذا عَلِمْت؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
انذَرِ الْقَوْمَ
أَي احْذَرْ مِنْهُمْ واستعِدّ لَهُمْ وكُنْ مِنْهُمْ عَلَى عِلم وحَذَرٍ. ومُنذِر ومُناذِر: اسْمان. وَبَاتَ بِلَيْلَةِ ابْنِ المُنذِر يَعْنِي النُّعْمَانَ، أَي بِلَيْلَةٍ شَدِيدَةٍ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَبَاتَ بَنُو أُمّي بِليلِ ابنِ مُنذِر،
…
وأَبناءُ أَعمامي عذُوباً صَوادِيا
عذُوب: وُقُوف لَا مَاءَ لَهُمْ وَلَا طَعَامَ. ومُناذِر ومحمد بن مَناذِر، بِفَتْحِ الْمِيمِ: اسْمٌ، وهُمُ المَناذِرة يُرِيدُ آلَ المُنذِر أَو جماعةَ الْحَيِّ مِثْلَ المَهالِبة والمَسامِعة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ابْنُ مناذِر شَاعِرٌ، فَمَنْ فَتَحَ الْمِيمَ مِنْهُ لَمْ يَصْرِفْهُ، وَيَقُولُ إِنه جَمْعُ مُنذِر لأَنه مُحَمَّدُ بن مُنذِر بن مُنذِر بْنِ مُنذِر، وَمَنْ ضَمَّهَا صرَفه.
نزر: النَّزْر: الْقَلِيلُ التافِه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: النَّزْر والنَّزِير الْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ نَزُرَ الشَّيْءُ، بِالضَّمِّ، يَنْزُرُ نَزْراً ونَزارة ونُزُورة ونُزْرَة. ونَزَّر عَطَاءَهُ: قَلَّلَهُ. وطَعام مَنْزُورٌ وعَطاء مَنزُور أَي قَلِيلٌ، وَقِيلَ: كُلُّ قَلِيلٍ نَزْرٌ ومَنْزُورٌ؛ قَالَ:
بَطِيءٌ مِنَ الشَّيْءِ القَليلِ احْتِفاظُهُ
…
عليكَ، ومَنْزورُ الرِّضا حِينَ يَغْضَبُ
وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
لَهَا بَشَرٌ مثلُ الحَرِير، ومَنْطِقٌ
…
رَخِيمُ الحَواشي، لَا هُراءٌ وَلَا نَزْرُ
يَعْنِي أَن كلامَها مختصرُ الأَطرافِ وَهَذَا ضِدّ الهَذْرِ والإِكثار وذاهِبٌ فِي التَّخْفِيفِ وَالِاخْتِصَارِ، فإِن قَالَ قَائِلٌ: وَقَدْ قَالَ وَلَا نَزْر، فَلَسْنا نَدْفَعُ أَن الخَفَرَ يَقِلُّ معه الْكَلَامِ وتُحذَف مِنْهُ أَحْناءُ الْمَقَالِ لأَنه عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَكُونُ مَا يَجري مِنْهُ، وإِن خَفَّ ونَزَرَ، أَقلَّ مِنَ الجُمل الَّتِي هِيَ قَوَاعِدُ الْحَدِيثِ الَّذِي يَشُوق مَوْقِعُه ويَرُوق مَسْمَعُه. والتَّنَزُّر: التَّقلُّل. وامرأَة نَزُورٌ: قَلِيلَةُ الْوَلَدِ، ونِسوةٌ نُزُرٌ. والنَّزُور: المرأَة الْقَلِيلَةُ الولَد؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُبَير: إِذا كَانَتِ المرأَة نَزرَةً أَو مِقْلاتاً
أَي قليلةَ الولَد؛ يُقَالُ: امرأَة نَزِرَة ونَزُورٌ، وَقَدْ يُستعمل ذَلِكَ فِي الطَّيْرِ؛ قَالَ كُثيِّر:
بُغاثُ الطَّيْر أَكثرها فِراخاً،
…
وأُمُّ الصَّقْرِ مِقْلاتٌ نَزُورُ
وَقَالَ النَّضِرُ: النَّزُورُ الْقَلِيلُ الكلامِ لَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى تُنْزِرَه. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَد: لَا نَزْر وَلَا هَذَر
؛ النَّزْر الْقَلِيلُ، أَي لَيْسَ بِقَلِيلٍ فيدُلَّ عَلَى عِيٍّ وَلَا كثيرٍ فَاسِدٍ. قَالَ الأَصمعي: نَزَرَ فُلَانٌ فُلَانًا يَنْزُره نَزْراً إِذا اسْتَخْرَجَ مَا عِنْدَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا. ونَزَرَ الرجلَ: احتقَره واستقلَّه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَدْ كنتُ لَا أُنزَرُ فِي يَوْمِ النَّهَلْ،
…
وَلَا تَخُونُ قُوَّتي أَن أُبْتَذَلْ،
حَتَّى تَوَشَّى فيَّ وَضَّاحٌ وَقَلْ
يَقُولُ: كنتُ لَا أُسْتَقَلُّ وَلَا أُحتقَرُ حَتَّى كَبِرت. وتَوَشَّى: ظهَر فِيَّ كالشِّيَة. ووضَّاح: شَيْب. وقَلْ: مُتَوَقِّل. والنَّزْرُ: الإِلحاحُ فِي السُّؤَالِ. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ لَا يُعطي حَتَّى يُنْزَر أَي يُلحَّ عَلَيْهِ ويُصغَّرَ مِنْ قدرِه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تَنْزُرُوا رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى
الصَّلاة
أَي تُلِحُّوا عَلَيْهِ فِيهَا. ونَزَرَه نَزْراً: أَلحَّ عَلَيْهِ فِي المسأَلة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عمرَ، رضي الله عنه، كَانَ يُسايِرُ النبي، صلى الله عليه وسلم، فِي سفَرٍ فسأَلهُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْه ثُمَّ عَادَ يسأَلهُ فَلَمْ يُجِبْه، فَقَالَ لِنَفْسِهِ كالمُبَكِّت لَهَا: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابنَ الخطَّابِ نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مِراراً لَا يُجِيبُك
؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنك أَلْحَحْتَ عَلَيْهِ فِي المسأَلة إِلْحاحاً أَدَّبك بِسُكُوتِهِ عَنْ جَوَابِكَ؛ وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
لَا أَنْزُرُ النَّائِلَ الخليلَ، إِذا
…
ما اعْتلَّ نَزْرُ الظُّؤُورِ لَمْ تَرَمِ
أَراد: لَمْ تَرْأَمْ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ. وَيُقَالُ: أَعطاه عَطَاءً نَزْراً وَعَطَاءً مَنْزُوراً إِذا أَلَحَّ عَلَيْهِ فِيهِ، وَعَطَاءً غَيْرَ مَنْزُور إِذا لَمْ يُلِحَّ عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ أَعطاه عَفْوًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فَخُذْ عَفْوَ مَا آتَاكَ لَا تَنْزُرَنَّهُ،
…
فعندَ بُلوغِ الكدْرِ رَنْقُ المَشارِبِ «1»
أَبو زَيْدٍ: رجلٌ نَزْر وفَزر، وَقَدْ نَزُرَ نَزارَة إِذا كَانَ قَلِيلَ الْخَيْرِ؛ وأَنْزَرَه اللَّهُ وَهُوَ رجلٌ مَنْزُور. وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَقِل: نَزُورٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَدِيٌّ:
أَو كماءِ المَثْمُودِ بَعْدَ جمامٍ،
…
رَذِم الدَّمْعِ لَا يَؤُوب نَزُورا
قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ النَّزُور بِمَعْنَى الْمَنْزُورِ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والنَّزُور مِنَ الإِبل: الَّتِي لَا تَكاد تَلقَحُ إِلا وَهِيَ كَارِهَةً. وَنَاقَةٌ نَزُورٌ: بَيِّنَةُ النَّزار. والنَّزور أَيضاً: الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ، وَقَدْ نَزُرَتْ نَزْراً. قَالَ: والنَّاتِق الَّتِي إِذا وجَدت مسَّ الْفَحْلِ لَقِحَت، وَقَدْ نَتَقَت تَنتُقُ إِذا حَمَلت. والنَّزُور: النَّاقَةُ الَّتِي مَاتَ وَلَدُهَا فَهِيَ تَرْأَم ولدَ غَيْرِهَا وَلَا يَجِيءُ لبنُها إِلا نَزْراً. وَفَرَسٌ نَزُور: بَطِيئَةُ اللِّقاح. والنَّزْر: ورمٌ فِي ضَرْع النَّاقَةِ؛ نَاقَةٌ مَنْزُورة، ونَزَرْتُك فأَكثرت أَي أَمرتُك. قَالَ شَمِرٌ: قَالَ عِدَّة مِنَ الكِلابِييِّن النَّزْر الِاسْتِعْجَالُ والاسْتِحْثاث، يُقَالُ: نَزَرَه إِذا أَعجلَه، وَيُقَالُ: ما جئتَ إِذا نَزْراً أَي بَطِيئًا. ونِزَار: أَبو قَبِيلَةٍ، وَهُوَ نِزارُ بْنِ مَعَدّ بْنِ عَدنان. والتَّنَزُّر: الانتِساب إِلى نِزار بْنِ مُعَدٍّ. وَيُقَالُ: تَنَزَّر الرَّجُلُ إِذا تشَبَّه بالنِّزَارية أَو أَدخَل نفسَه فِيهِمْ. وَفِي الرَّوْضِ الأُنُفِ: سُمي نِزارٌ نِزاراً لأَن أَباه لمَّا وُلد لَهُ نَظَرَ إِلى نُور النُّبُوَّةِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَهُوَ النُّور الَّذِي كَانَ يُنقل فِي الأَصلاب إِلى مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، ففرِح فرَحاً شَدِيدًا ونَحَر وأَطعم وَقَالَ: إِن هَذَا كلَّه لَنَزْرٌ فِي حَقِّ هَذَا الْمَوْلُودِ، فسمي نِزاراً لذلك.
نسر: نَسَرَ الشيءَ: كشَطَه. والنِّسْر [النَّسْر]: طَائِرٌ «2» مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ أَنْسُر فِي الْعَدَدِ الْقَلِيلِ، ونُسُور فِي الْكَثِيرِ، زَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ أَنه مِنَ الْعِتَاقِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَسماء العُقاب النُّسارِيَّة شُبِّهَتْ بالنَّسْر؛ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ النَّسْر لَا مِخْلَب لَهُ، وإِنما لَهُ الظُّفُر كظُفُر الدَّجاجة والغُراب والرَّخَمَة. وَفِي النُّجُومِ: النَّسْر الطَّائِرُ، والنَّسْر الْوَاقِعُ. ابْنُ سِيدَهْ: والنَّسْران كَوْكَبَانِ فِي السَّمَاءِ مَعْرُوفَانِ عَلَى التَّشْبِيهِ بالنَّسْر الطَّائِرِ، يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَسْر أَو النَّسْر، ويَصِفونهما فَيَقُولُونَ: النَّسْر الْوَاقِعُ والنَّسْر الطَّائِرُ. وَاسْتَنْسَرَ البُغاث [البِغاث]: صَارَ نَسْراً، وَفِي الصحاح: صار كالنَّسْر.
(1). قوله [ما آتاك إلخ] في الأساس:
فخذ عفو من آتاك
إلخ.
(2)
. قوله [والنسر طائر] هو مثلث الأول كما في شرح القاموس نقلًا عن شيخ الإسلام
وَفِي الْمَثَلِ: إِنّ البُغاث [البِغاث] بأَرضنا يسْتنسِر أَي أَن الضَّعِيفَ يَصِيرُ قوِيّاً. والنَّسْر: نَتْفُ اللَّحْمِ بالمِنْقار. والنَّسْر: نَتْف الْبَازِي اللحمَ بِمَنْسِره. ونسَر الطَّائِرُ اللَّحْمَ يَنْسِرُه [يَنْسُرُه] نَسْراً: نَتَفَهُ. والمَنْسِر والمِنْسَر: مِنْقاره الذي يَسنتسِر بِهِ. ومِنقار الْبَازِي ونحوِه: مَنْسِره. أَبو زَيْدٍ: مِنْسَر الطَّائِرِ مِنْقاره، بِكَسْرِ الْمِيمِ لَا غَيْرَ. يُقَالُ: نَسَره بِمِنْسَره نَسْراً. الْجَوْهَرِيُّ: والمِنْسَر، بِكَسْرِ الْمِيمِ، لسِباع الطَّيْرِ بِمَنْزِلَةِ المِنقار لِغَيْرِهَا. والمِنْسَر أَيضاً: قِطْعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ تَمُرُّ قُدَّامَ الْجَيْشِ الْكَبِيرِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَرْثي قَتْلَى هَوَازِنَ:
سَمَا لهمُ ابنُ الجَعْد حَتَّى أَصابهمْ
…
بِذِي لَجَبٍ، كالطَّودِ، لَيْسَ بِمِنْسَرِ
والمَنْسِر، مِثَالُ الْمَجْلِسِ: لُغَةٌ فِيهِ. وَفِي حدث
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كُلَّمَا أَظلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِر مِنْ مَناسِر أَهل الشأْم أَغلق كلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بَابَهُ.
ابْنُ سِيدَهْ: والمَنْسِر والمِنْسَر مِنَ الْخَيْلِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلى العشرة، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلى الأَربعين، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الأَربعين إِلى الْخَمْسِينَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الأَربعين إِلى السِّتِّينَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْمِائَةِ إِلى الْمِائَتَيْنِ. والنَّسْر: لَحْمَة صُلْبة فِي بَاطِنِ الحافِرِ كأَنها حَصاة أَو نَواة، وَقِيلَ: هُوَ مَا ارْتَفَعَ فِي بَاطِنِ حَافِرِ الفرَس مِنْ أَعلاه، وَقِيلَ: هُوَ بَاطِنُ الْحَافِرِ، وَالْجَمْعُ نُسُور؛ قَالَ الأَعشى:
سَوَاهِمُ جُذْعانُها كالجِلامِ،
…
قَدْ أَقرَحَ القَوْدُ مِنْهَا النُّسُورا
وَيُرْوَى:
قَدْ أَقْرَحَ مِنْهَا القِيادُ النُّسُورا
التَّهْذِيبُ: ونَسْرُ الْحَافِرِ لحمُه تُشَبِّهُهُ الشُّعَرَاءُ بِالنَّوَى قَدْ أَقْتَمَها الحافِر، وَجَمْعُهُ النُّسُور؛ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الخُرشُب:
عَدَوْتُ بِهَا تُدافِعُنِي سَبُوحٌ،
…
فَرَاشُ نُسُورِها عَجَمٌ جَرِيمُ
قَالَ أَبو سَعِيدٍ: أَراد بفَراش نُسُورِها حَدّها، وفَراشة كُلِّ شَيْءٍ: حَدُّهُ؛ فأَراد أَن مَا تَقَشَّر مِنْ نُسُورها مِثْلَ العَجَم وَهُوَ النَّوى. قال: والنُّسُور الشَّواخِص اللَّواتي فِي بَطْنِ الْحَافِرِ، شُبهت بِالنَّوَى لِصَلَابَتِهَا وأَنها لَا تَمَسُّ الأَرض. وتَنَسَّر الحبلُ وانتَسَر طرَفُه ونَسَره هُوَ نَسْراً ونَسَّره: نَشَره. وتَنَسَّر الجُرْحُ: تَنَقَّض وَانْتَشَرَتْ مِدّتُه؛ قَالَ الأَخطل:
يَخْتَلُّهُنَّ بِحدِّ أَسمَرَ ناهِل،
…
مثلِ السِّنانِ جِراحُهُ تَتَنَسَّرُ
والنَّاسُور: الغاذُّ. التَّهْذِيبُ: النَّاسُور، بِالسِّينِ وَالصَّادِ، عِرْق غَبِرٌ، وَهُوَ عَرَقٌ فِي بَاطِنِهِ فَساد فَكُلَّمَا بَدَا أَعلاه رجَع غَبِراً فَاسِدًا. وَيُقَالُ: أَصابه غَبَرٌ فِي عِرْقه؛ وأَنشد:
فَهُوَ لَا يَبْرَأُ مَا فِي صَدرِه،
…
مِثْل مَا لَا يَبرأُ العِرْق الغَبِرْ
وَقِيلَ: النَّاسُور العِرْق الغَبِر الَّذِي لَا يَنقطع. الصحاح: الناسُور، بالسين وَالصَّادِ، جَمِيعًا عِلة تَحْدُثُ فِي مَآقِي الْعَيْنِ يَسقِي فَلَا يَنقطع؛ قَالَ: وَقَدْ يَحْدُثُ أَيضاً فِي حَوَالَيِ المَقعدة وَفِي اللِّثة، وَهُوَ مُعَرَّب. والنِّسْرِين: ضرْب مِنَ الرَّياحين، قَالَ الأَزهري: لَا أَدري أَعربيّ أَم لَا. والنِّسار: مَوْضِعٌ، وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ، قِيلَ: هُوَ مَاءٌ لِبَنِي عَامِرٍ، وَمِنْهُ يَوْمُ النِّسار لِبَني أَسد وذُبْيان عَلَى جُشَم بْنِ مُعَاوِيَةَ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
فلمَّا رأَوْنا بالنِّسار، كأَنَّنا
…
نَشاصُ الثُّرَيَّا هَيّجَتْه جَنُوبُها
ونَسْرٌ وناسِر: اسْمَانِ. ونَسْر والنَّسْر، كِلَاهُمَا: اسْمٌ لِصَنم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً
؛ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ:
أَما ودِماءٍ لَا تزالُ كأَنها
…
عَلَى قُنَّة العُزَّى، وبالنَّسْر عَنْدَمَا
الصِّحَاحُ: نَسْر صَنَمٌ كَانَ لِذِي الكَلاع بأَرض حِمْير وَكَانَ يَغُوثُ لِمذْحِج ويَعُوقُ لهَمْدان مِنْ أَصنام قَوْمِ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وَفِي شِعْرِ الْعَبَّاسُ يَمْدَحُ سيدَنا رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:
بَلْ نُطْفة تَرْكبُ السَّفِين، وقدْ
…
أَلْجَمَ نَسْراً وأَهلَه الغرَقُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ الصَّنَمَ الَّذِي كَانَ يَعْبُدُهُ قَوْمِ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسلام.
نسطر: النُّسْطُورِيَّة «3» : أُمة مِنَ النَّصَارَى يُخَالِفُونَ بقيتَهم، وَهُمْ بالرُّومية نَسْطُورِسْ، وَاللَّهُ أَعلم.
نشر: النَّشْر: الرِّيح الطيِّبة؛ قَالَ مُرَقِّش:
النَّشْر مِسْك، والوُجُوه دَنانِيرٌ،
…
وأَطرافُ الأَكفِّ عَنَمْ
أَراد: النَّشْرُ مثلُ رِيحِ الْمِسْكِ لَا يَكُونُ إِلا عَلَى ذَلِكَ لأَن النَّشْرَ عَرضٌ وَالْمِسْكَ جَوْهَرٌ، وَقَوْلُهُ: والوُجوه دَنَانِيرُ، الْوَجْهُ أَيضاً لَا يَكُونُ دِينَارًا إِنما أَراد مِثْلَ الدَّنَانِيرِ، وَكَذَلِكَ قَالَ: وأَطراف الأَكف عَنَم إِنما أَراد مثلَ العَنَم لأَن الْجَوْهَرَ لَا يَتَحَوَّلُ إِلى جَوْهَرٍ آخَرَ، وعَمَّ أَبو عُبَيْدٍ بِهِ فَقَالَ: الَّنشْر الرِّيحُ، مِنْ غَيْرِ أَن يُقَيِّدَهَا بِطَيِّبٍ أَو نَتْن، وَقَالَ أَبو الدُّقَيْش: النَّشْر رِيحُ فَمِ المرأَة وأَنفها وأَعْطافِها بَعْدَ النَّوْمِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
كأَن المُدامَ وصَوْبَ الغَمَامِ
…
ورِيحَ الخُزامى ونَشْرَ القُطُرْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
خَرَجَ مُعَاوِيَةُ ونَشْرُه أَمامَه
، يَعْنِي ريحَ الْمِسْكِ؛ النَّشْر، بِالسُّكُونِ: الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ، أَراد سُطوعَ رِيحِ الْمِسْكِ مِنْهُ. ونَشَر اللَّهُ الْمَيِّتَ يَنْشُره نَشْراً ونُشُوراً وأَنْشره فَنَشَر الميتُ لَا غَيْرَ: أَحياه؛ قَالَ الأَعشى:
حَتَّى يقولَ الناسُ مِمَّا رَأَوْا:
…
يَا عَجَباً لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها؛ قرأَها ابْنُ عَبَّاسٍ:
كَيْفَ نُنْشِرُها
، وقرأَها الْحَسَنُ:
نَنْشُرها
؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قرأَ كَيْفَ نُنشِرها، بِضَمِّ النُّونِ، فإِنْشارُها إِحياؤها، وَاحْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ
، قَالَ: وَمَنْ قرأَها نَنْشُرها وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ فكأَنه يَذْهَبُ بِهَا إِلى النَّشْرِ وَالطَّيِّ، وَالْوَجْهُ أَن يُقَالَ: أَنشَرَ اللَّهُ الْمَوْتَى فَنَشَرُوا هُمْ إِذا حَيُوا وأَنشَرَهم اللَّهُ أَي أحْياهم؛ وأَنشد الأَصمَعي لأَبي ذُؤَيْبٍ:
لَوْ كَانَ مِدْحَةُ حَيٍّ أَنشرَتْ أَحَداً،
…
أَحْيا أُبوَّتَك الشُّمَّ الأَمادِيحُ
قَالَ: وبعض بني الحرث كَانَ بِهِ جَرَب فَنَشَر أَي عَادَ وحَيِيَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ نَشَرهُم اللَّهُ أَي بعثَهم كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِلَيْهِ النُّشُورُ
. وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء:
لَكَ المَحيا والمَمَات وإِليك النُّشُور.
يُقَالُ: نَشَر الميتُ يَنْشُر نُشُوراً إِذا عَاشَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وأَنْشَره اللَّهُ أَي أَحياه؛ وَمِنْهُ يَوْمُ النُّشُور. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: فَهلَّا إِلى الشام
(3). قوله [النسطورية] قال في القاموس بالضم وتفتح
أَرضِ المَنْشَر
أَي موضِع النُّشُور، وَهِيَ الأَرض الْمُقَدَّسَةُ مِنَ الشَّامِ يحشُر اللَّهُ الْمَوْتَى إِليها يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ أَرض المَحْشَر؛ وَمِنْهُ الحديث:
لا رَضاع إِلا مَا أَنشر اللَّحْمَ وأَنبت الْعَظْمَ
«1» أَي شَدَّهُ وَقَوَّاهُ مِنَ الإِنْشار الإِحْياء، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالزَّايِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشُراً بَيْنَ يَدَيْ رَحمتِه، وَقُرِئَ: نُشْراً ونَشْراً. والنَّشْر: الْحَيَاةُ. وأَنشر اللهُ الريحَ: أَحياها بَعْدَ مَوْتٍ وأَرسلها نَشْراً ونَشَراً، فأَما مَنْ قرأَ نُشُراً فَهُوَ جَمْعُ نَشُور مِثْلُ رَسُولٍ ورسُل، وَمَنْ قرأَ نُشْراً أَسكن الشينَ اسْتِخفافاً، وَمَنْ قرأَ نَشْراً فَمَعْنَاهُ إِحْياءً بِنَشْر السَّحَابِ الَّذِي فِيهِ الْمَطَرُ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، ونَشَراً شَاذَّةٌ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَقُرِئَ بِهَا وَعَلَى هَذَا قَالُوا مَاتَتِ الرِّيحُ سكنتْ؛ قَالَ:
إِنِّي لأَرْجُو أَن تَمُوتَ الرِّيحُ،
…
فأَقعُد اليومَ وأَستَرِيحُ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قرأَ نَشْراً فَالْمَعْنَى: وَهُوَ الَّذِي يُرسِل الرِّيَاحَ مُنْتَشِرة نَشْراً، وَمَنْ قرأَ نُشُراً فَهُوَ جَمْعُ نَشور، قَالَ: وَقُرِئَ بُشُراً، بِالْبَاءِ، جَمْعُ بَشِيرة كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ
. ونَشَرتِ الريحُ: هَبَّتْ فِي يَوْمِ غَيْمٍ خَاصَّةً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالنَّاشِراتِ نَشْراً
، قَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ تنشُر الرَّحْمَةَ، وَقِيلَ: هِيَ الرِّيَاحُ تأْتي بِالْمَطَرِ. ابْنُ الأَعرابي: إِذا هبَّت الرِّيحُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ قِيلَ: قَدْ نَشَرت وَلَا يَكُونُ إِلا فِي يَوْمِ غَيْمٍ. ونَشَرتِ الأَرض تنشُر نُشُوراً: أَصابها الربيعُ فأَنبتتْ. وَمَا أَحْسَنَ نَشْرها أَي بَدْءَ نباتِها. والنَّشْرُ: أَن يَخْرُجَ النَّبْت ثُمَّ يبطئَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ فييبَس ثُمَّ يصيبَه مَطَرٌ فَيَنْبُتَ بَعْدَ اليُبْسِ، وَهُوَ رَدِيء للإِبل وَالْغَنَمِ إِذا رعتْه فِي أَوّل مَا يَظْهَرُ يُصيبها مِنْهُ السَّهام، وَقَدْ نَشَر العُشْب نَشْراً. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَلَا يَضُرُّ النَّشْرُ الحافِرَ، وإِذا كَانَ كَذَلِكَ تَرَكُوهُ حَتَّى يَجِفَّ فَتَذْهَبَ عَنْهُ أُبْلَتُه أَي شرُّه وَهُوَ يَكُونُ مِنَ البَقْل والعُشْب، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ إِلا مِنَ العُشْب، وَقَدْ نَشَرت الأَرض. وعمَّ أَبو عُبَيْدٍ بالنَّشْر جميعَ مَا خَرَجَ مِنْ نَبَاتِ الأَرض. الصِّحَاحُ: والنَّشْرُ الكلأُ إِذا يَبِسَ ثُمَّ أَصابه مَطَرٌ فِي دُبُرِ الصَّيْفِ فَاخْضَرَّ، وَهُوَ رَدِيءٌ لِلرَّاعِيَةِ يهرُب النَّاسُ مِنْهُ بأَموالهم؛ وَقَدْ نَشَرتِ الأَرض فَهِيَ ناشِرة إِذا أَنبتتْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
مُعاذ: إِن كلَّ نَشْرِ أَرض يُسلم عَلَيْهَا صاحِبُها فإِنه يُخرِج عَنْهَا مَا أُعطِيَ نَشْرُها رُبْعَ المَسْقَوِيّ وعُشْرَ المَظْمَئِيِ
؛ قَوْلُهُ رُبعَ المَسْقَوِيّ قَالَ: أَراه يَعْنِي رُبعَ العُشْر. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: نَشْر الأَرض، بِالسُّكُونِ، مَا خَرَجَ مِنْ نَبَاتِهَا، وَقِيلَ: هُوَ فِي الأَصل الكَلأُ إِذا يَبِسَ ثُمَّ أَصابه مَطَرٌ فِي آخِرِ الصَّيف فَاخْضَرَّ، وَهُوَ رَدِيءٌ لِلرَّاعِيَةِ، فأَطلقه عَلَى كُلِّ نَبَاتٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. والنَّشْر: انتِشار الورَق، وَقِيلَ: إِيراقُ الشَّجَر؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
كأَن عَلَى أَكتافِهم نَشْرَ غَرْقَدٍ
…
وَقَدْ جاوَزُوا نَيَّان كالنَّبَطِ الغُلْفِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ انتشارَ الْوَرَقِ، وأَن يَكُونَ إِيراقَ الشَّجَرِ، وأَن يَكُونَ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ، وَبِكُلِّ ذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي. والنَّشْر: الجَرَب؛ عَنْهُ أَيضاً. اللَّيْثُ: النَّشْر الكلأُ يُهَيِّجُ أَعلاه وأَسفله ندِيّ أَخضر تُدْفِئُ مِنْهُ الإِبل إِذا رَعَتْهُ؛ وأَنشد لعُمير بْنِ حُبَابٍ:
أَلا رُبَّ مَن تدعُو صَدِيقاً، وَلَوْ تَرى
…
مَقالتَه فِي الغَيب، ساءَك مَا يَفْرِي
(1). قوله [إِلَّا مَا أَنْشَرَ اللَّحْمَ وأنبت العظم] هكذا في الأصل وشرح القاموس. والذي في النهاية والمصباح: إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم
مَقالتُه كالشَّحْم، مَا دَامَ شاهِداً،
…
وَبِالْغَيْبِ مَأْثُور عَلَى ثُغرة النَّحْرِ
يَسرُّك بادِيهِ، وَتَحْتَ أَدِيمِه
…
نَمِيَّةُ شَرٍّ تَبْتَرِي عَصَب الظَّهر
تُبِينُ لَكَ العَيْنان مَا هُوَ كاتِمٌ
…
مِنَ الضِّغْن، والشَّحْناء بالنَّظَر الشَّزْر
وفِينا، وإِن قِيلَ اصْطَلَحْنَا، تَضاغُنٌ
…
كَمَا طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ عَلَى النَّشْر
فَرِشْني بِخَيْرٍ طالَما قَدْ بَرَيْتَني،
…
فخيرُ الْمَوَالِي مَنْ يَرِيشُ وَلَا يَبرِي
يَقُولُ: ظاهرُنا فِي الصُّلح حسَن فِي مَرْآة الْعَيْنِ وَبَاطِنُنَا فَاسِدٌ كَمَا تحسُن أَوبار الجَرْبى عَنْ أَكل النَّشْر، وَتَحْتَهَا داءٌ مِنْهُ فِي أَجوافها؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقِيلَ: النَّشْر فِي هَذَا الْبَيْتِ نَشَرُ الجرَب بَعْدَ ذَهَابِهِ ونَباتُ الوبَر عَلَيْهِ حَتَّى يَخْفَى، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. يُقَالُ: نَشِرَ الجرَب يَنْشَر نَشَراً ونُشُوراً إِذا حَيِيَ بَعْدَ ذَهَابِهِ. وإِبل نَشَرى إِذا انْتَشَرَ فِيهَا الجَرب؛ وَقَدْ نَشِرَ البعيرُ إِذا جَرِب. ابْنُ الأَعرابي: النَّشَر نَبات الوبَر على الجرَب بعد ما يَبرأُ. والنَّشْر: مَصْدَرُ نَشَرت الثوب أَنْشُر نَشْراً. الْجَوْهَرِيُّ: نَشَر المتاعَ وغيرَه ينشُر نَشْراً بَسَطَه، وَمِنْهُ رِيحٌ نَشُور وَرِيَاحٌ نُشُر. والنَّشْر أَيضاً: مَصْدَرُ نَشَرت الْخَشَبَةَ بالمِنْشار نَشْراً. والنَّشْر: خِلَافُ الطَّيِّ. نَشَر الثوبَ وَنَحْوَهُ يَنْشُره نَشْراً ونَشَّره: بَسَطه. وَصُحُفٌ مُنَشَّرة، شُدّد لِلْكَثْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لَمْ يخرُج فِي سَفَر إِلا قَالَ حِينَ ينهَض مِنْ جُلوسه: اللَّهُمَّ بِكَ انتَشَرت
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي ابتدأْت سفَري. وكلُّ شَيْءٍ أَخذته غَضًّا، فَقَدْ نَشَرْته وانْتَشَرته، ومَرْجِعه إِلى النَّشْر ضِدِّ الطَّيِّ، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا دَخَل أَحدكم الحمَّام فَعَلَيْهِ بالنَّشِير وَلَا يَخْصِف
؛ هُوَ المِئْزر سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُنْشَر ليُؤْتَزَرَ بِهِ. والنَّشِيرُ: الإِزار مِنْ نَشْر الثَّوْبِ وبسْطه. وتَنَشَّر الشيءُ وانْتَشَر: انْبَسَط. وانْتَشَر النهارُ وَغَيْرُهُ: طَالَ وامْتدّ. وانتشَر الخبرُ: انْذاع. ونَشَرت الخبرَ أَنشِره وأَنشُره أَي أَذعته. والنَّشَر: أَن تَنْتَشِر الغنمُ بِاللَّيْلِ فَتَرْعَى. والنَّشَر: أَن ترعَى الإِبل بَقْلًا قَدْ أَصابه صَيف وَهُوَ يَضُرُّهَا، وَيُقَالُ: اتَّقِ عَلَى إِبلك النَّشَر، وَيُقَالُ: أَصابها النَّشَر أَي ذُئِيَتْ عَلَى النَّشَر، وَيُقَالُ: رأَيت الْقَوْمَ نَشَراً أَي مُنْتشِرين. وَاكْتَسَى البازِي رِيشًا نَشَراً أَي مُنتشِراً طَوِيلًا. وانتشَرت الإِبلُ وَالْغَنَمُ: تَفَرَّقَتْ عَنْ غِرّة مِنْ رَاعِيهَا، ونَشَرها هُوَ ينشُرها نشْراً، وَهِيَ النَّشَر. والنَّشَر: الْقَوْمُ المتفرِّقون الَّذِينَ لَا يَجْمَعُهُمْ رَئِيسٌ. وَجَاءَ الْقَوْمُ نَشَراً أَي متفرِّقين. وَجَاءَ ناشِراً أُذُنيه إِذا جَاءَ طامِعاً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والنَّشَر، بِالتَّحْرِيكِ: المُنتشِر. وضَمَّ اللَّهُ نَشَرَك أَي مَا انتشَر مِنْ أَمرِك، كَقَوْلِهِمْ: لَمَّ اللَّهُ شَعَثَك وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: فرَدَّ نَشَر الإِسلام عَلَى غَرِّهِ
أَي رَدَّ مَا انْتَشَرَ مِنَ الإِسلام إِلى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَهْدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، تَعْنِي أَمرَ الرِّدة وَكِفَايَةَ أَبيها إِيّاه، وَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. أَبو الْعَبَّاسِ: نَشَرُ الْمَاءِ، بِالتَّحْرِيكِ، مَا انْتَشَرَ وَتَطَايَرَ مِنْهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ.
وسأَل رَجُلٌ الحسَن عَنِ انتِضاح الْمَاءِ فِي إِنائه إِذا توضأَ فَقَالَ: وَيْلَكَ أَتملك نَشَر الْمَاءِ
؟ كُلُّ هَذَا مُحَرَّكُ الشِّينِ مِنْ نَشَرِ الْغَنَمِ. وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ:
فإِذا اسْتنْشَرتَ واستنثرتَ خرجتْ خَطايا وَجْهِكَ وَفِيكَ وخَياشِيمك مَعَ الْمَاءِ
، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَحْفُوظُ اسْتَنْشيت بِمَعْنَى
استنْشقْت، قَالَ: فإِن كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنَ انتِشار الْمَاءِ وَتَفَرُّقِهِ. وانتشَر الرَّجُلُ: أَنعظ. وانتشَر ذكَرُه إِذا قَامَ. ونَشَر الْخَشَبَةَ ينشُرها نَشْرًا: نَحتها، وَفِي الصِّحَاحِ: قَطَعَهَا بالمِنْشار. والنُّشارة: مَا سَقَطَ مِنْهُ. والمِنْشار: مَا نُشِر بِهِ. والمِنْشار: الخَشَبة الَّتِي يُذرَّى بِهَا البُرُّ، وَهِيَ ذَاتُ الأَصابع. والنواشِر: عَصَب الذِّرَاعِ مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ، وَقِيلَ: هِيَ عُرُوق وعَصَب فِي بَاطِنِ الذِّرَاعِ، وَقِيلَ: هِيَ العَصَب الَّتِي فِي ظَاهِرِهَا، وَاحِدَتُهَا نَاشِرَةٌ. أَبو عَمْرٍو والأَصمعي: النواشِر والرَّواهِش عُرُوقُ باطِن الذِّرَاعِ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:
مَراجِيعُ وَشْمٍ فِي نَواشِرِ مِعْصَمِ
الْجَوْهَرِيُّ: النَّاشِرة وَاحِدَةُ النَّواشِر، وَهِيَ عُرُوقُ بَاطِنِ الذِّرَاعِ. وانتِشار عَصَب الدَّابَّةِ فِي يَدِهِ: أَن يُصِيبَهُ عَنَتٌ فَيَزُولَ العَصَب عَنْ مَوْضِعِهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الانْتِشار الانتِفاخ فِي العصَب للإِتعاب، قَالَ: والعَصَبة الَّتِي تنتشِر هِيَ العُجَاية. قَالَ: وتحرُّك الشَّظَى كانتِشار العَصَب غَيْرَ أَن الفرَس لانتِشار العَصَب أَشدُّ احْتِمَالًا مِنْهُ لِتَحَرُّكِ الشَّظَى. شَمِرٌ: أَرض ماشِرة وَهِيَ الَّتِي قَدِ اهتزَّ نَبَاتُهَا وَاسْتَوَتْ وروِيت مِنَ المطَر، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرض نَاشِرَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّناشِير كِتَابٌ للغِلمان فِي الكُتَّاب لَا أَعرِف لَهَا وَاحِدًا. والنُّشرةُ: رُقْيَة يُعالَج بِهَا الْمَجْنُونُ والمرِيض تُنَشَّر عَلَيْهِ تَنْشِيراً، وَقَدْ نَشَّر عَنْهُ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا للإِنسان الْمَهْزُولِ الهالكِ: كأَنه نُشْرة. والتَّنْشِير: مِنَ النُّشْرة، وَهِيَ كالتَّعوِيذ والرُّقية. قَالَ الْكِلَابِيُّ: وإِذا نُشِر المَسْفُوع كَانَ كأَنما أُنْشِط مِنْ عِقال أَي يَذْهَبُ عَنْهُ سَرِيعًا. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ: فَلَعَلَّ طَبًّا أَصابه
يَعْنِي سِحْراً،
ثُمَّ نَشَّره بِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
أَي رَقَاهُ؛ وَكَذَلِكَ إِذا كَتب لَهُ النُّشْرة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُئل عَنِ النُّشْرة فَقَالَ: هِيَ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ
؛ النُّشرة، بِالضَّمِّ: ضرْب مِنَ الرُّقية والعِلاج يعالَج بِهِ مَنْ كَانَ يُظن أَن بِهِ مَسًّا مِنَ الجِن، سُمِّيَتْ نُشْرة لأَنه يُنَشَّر بِهَا عَنْهُ مَا خامَرَه مِنَ الدَّاء أَي يُكشَف ويُزال. وَقَالَ الْحَسَنُ: النُّشْرة مِنَ السِّحْر؛ وَقَدْ نَشَّرت عَنْهُ تَنشِيراً. وناشِرة: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
لَقَدْ عَيَّل الأَيتامَ طَعنةُ ناشِرَهْ
…
أَناشِرَ، لَا زالتْ يمينُك آشِرَهْ
أَراد: يَا ناشِرَةُ فرخَّم وَفَتَحَ الرَّاءَ، وَقِيلَ: إِنما أَراد طَعْنَةَ ناشِر، وَهُوَ اسْمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فأَلحق الْهَاءَ لِلتَّصْرِيعِ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لأَنه لَمْ يُرْوَ إِلا أَناشِر، بِالتَّرْخِيمِ، وَقَالَ أَبو نُخَيلة يذكُر السَّمَك:
تَغُمُّه النَّشْرة والنَّسِيمُ،
…
وَلَا يَزالُ مُغْرَقاً يَعُومُ
فِي الْبَحْرِ، والبحرُ لَهُ تَخْمِيمُ،
…
وأُمُّه الواحِدة الرَّؤُومُ
تَلْهَمُه جَهْلًا، وَمَا يَرِيمُ
يَقُولُ: النَّشْرة وَالنَّسِيمُ الَّذِي يُحيي الْحَيَوَانَ إِذا طَالَ عَلَيْهِ الخُمُوم والعَفَن والرُّطُوبات تغُم السَّمَكَ وتكرُبه، وأُمّه الَّتِي وَلَدَتْهُ تأْكله لأَن السَّمَك يأْكل بعضُه بَعْضًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَرِيمُ مَوْضِعَهُ. ابْنُ الأَعرابي: امرأَة مَنْشُورة ومَشْنُورة إِذا كَانَتْ سخيَّة كَرِيمَةً، قَالَ: وَمِنَ المَنْشُورة قوله تعالى:
نُشُراً بَيْنَ يدَيْ رحمتِه
؛ أَي سَخاء وكَرَماً. والمَنْشُور مِنْ كُتب السُّلْطَانِ: مَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُومٍ. ونَشْوَرَت الدَّابَّةُ مِنْ عَلَفها نِشْواراً: أَبقتْ مِنْ عَلَفِهَا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَحَكَاهُ مَعَ المِشْوار الَّذِي هُوَ مَا أَلقتِ الدَّابَّةُ مِنْ عَلَفها، قَالَ: فَوَزْنُهُ عَلَى هَذَا نَفْعَلَتْ، قَالَ: وَهَذَا بِنَاءٌ لَا يُعرف. الْجَوْهَرِيُّ: النِّشْوار مَا تُبقيه الدَّابَّةُ مِنَ العَلَف، فارسي معرب.
نصر: النَّصر: إِعانة الْمَظْلُومِ؛ نصَره عَلَى عَدُوِّهِ ينصُره ونصَره ينصُره نصْراً، وَرَجُلٌ ناصِر مِنْ قَوْمٍ نُصَّار ونَصْر مِثْلُ صَاحِبٍ وصحْب وأَنصار؛ قَالَ:
واللهُ سَمَّى نَصْرَك الأَنْصَارَا،
…
آثَرَكَ اللهُ بِهِ إِيْثارا
وَفِي الْحَدِيثِ:
انصُر أَخاك ظالِماً أَو مَظْلُومًا
، وَتَفْسِيرُهُ أَن يمنَعه مِنَ الظُّلْمِ إِن وَجَدَهُ ظالِماً، وإِن كَانَ مَظْلُومًا أَعانه عَلَى ظَالِمِهِ، وَالِاسْمُ النُّصْرة؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ خِدَاش بْنِ زُهَير:
فإِن كُنْتَ تَشْكُو مِنْ خَلِيلٍ مَخانَةً،
…
فَتِلْكَ الحَوارِي عَقُّها ونُصُورُها
يَجُوزُ أَن يَكُونَ نُصُور جَمْعَ ناصِر كَشَاهِدٍ وشُهود، وَأَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا كالخُروج والدُّخول؛ وَقَوْلُ أُمية الْهُذَلِيِّ:
أُولئك آبَائِي، وهُمْ لِيَ ناصرٌ،
…
وهُمْ لَكَ إِن صانعتَ ذَا مَعْقِلُ «1»
أَراد جَمْعَ ناصِر كَقَوْلِهِ عز وجل: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ
. والنَّصِير: النَّاصِر؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ*
، وَالْجَمْعُ أَنْصَار مِثْلُ شَرِيف وأَشرافٍ. والأَنصار: أَنصار النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، غَلبت عَلَيْهِمُ الصِّفة فَجَرَى مَجْرَى الأَسماء وَصَارَ كأَنه اسْمُ الْحَيِّ وَلِذَلِكَ أُضيف إِليه بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَقِيلَ أَنصاري. وَقَالُوا: رَجُلُ نَصْر وَقَوْمُ نَصْر فَوصَفوا بِالْمَصْدَرِ كَرَجُلٍ عَدْلٍ وَقَوْمٍ عَدْل؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والنُّصْرة: حُسْن المَعُونة. قَالَ اللَّهُ عز وجل: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ
؛ الْمَعْنَى مَنْ ظَنَّ مِنَ الْكُفَّارِ أَن اللَّهَ لَا يُظْهِر مُحَمَّدًا، صلى الله عليه وسلم، عَلَى مَنْ خالفَه فليَخْتَنِق غَيظاً حَتَّى يَمُوتَ كَمَداً، فإِن اللَّهَ عز وجل يُظهره، وَلَا يَنفعه غَيْظُهُ وَمَوْتُهُ حَنَقاً، فَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ
لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم. وانْتَصَر الرَّجُلَ إِذا امتَنَع مِنَ ظالِمِه. قَالَ الأَزهري: يَكُونُ الانْتصَار مِنَ الظَّالِمِ الانْتِصاف والانْتِقام، وانْتَصَر مِنْهُ: انْتَقَم. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِراً عَنْ نُوح، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ودعائِه إِياه بأَن يَنْصُره عَلَى قَوْمِهِ: فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنا
، كأَنه قَالَ لِرَبِّه: انْتَقِمْ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً. وَالِانْتِصَارُ: الِانْتِقَامُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ
؛ وَقَوْلُهُ عز وجل: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِن قَالَ قَائِلٌ أَهُمْ مَحْمُودون عَلَى انْتِصَارِهِمْ أَم لَا؟ قِيلَ: مَنْ لَمْ يُسرِف وَلَمْ يُجاوِز مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ مَحْمُود. والاسْتِنْصار: اسْتِمْداد النَّصْر. واسْتَنْصَره عَلَى عَدُوّه أَي سأَله أَن ينصُره عَلَيْهِ. والتَّنَصُّرُ: مُعالَجَة النَّصْر وَلَيْسَ مِنْ بَابِ تَحَلَّم وتَنَوَّر. والتَّناصُر: التَّعاون عَلَى النَّصْر. وتَناصَرُوا: نَصَر بعضُهم بَعْضًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ المُسْلِمِ عَنْ مُسْلِمٍ مُحَرَّم أَخَوانِ نَصِيرانَ
أَي هما أَخَوانِ يَتَناصَران
(1). [أولئك آبائي إلخ] هكذا في الأَصل والشطر الثاني منه ناقص.
ويَتعاضَدان. والنَّصِير فَعِيلٌ بِمَعْنَى فاعِل أَو مَفْعُولٍ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ المتَناصِرَيْن ناصِر ومَنْصُور. وَقَدْ نَصَرَهُ ينصُره نصْراً إِذا أَعانه عَلَى عدُوّه وشَدَّ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الضَّيْفِ المَحْرُوم:
فإِنَّ نَصْره حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسلم حَتَّى يأْخُذ بِقِرَى لَيْلَتِهِ
، قِيلَ: يُشْبه أَن يَكُونَ هَذَا فِي المُضْطَرّ الَّذِي لَا يَجِدُ مَا يأْكل وَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ، فَلَهُ أَن يأْكل مِنْ مَالِ أَخيه الْمُسْلِمِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ وَعَلَيْهِ الضَّمان. وتَناصَرَتِ الأَخبار: صدَّق بعضُها بَعْضًا. والنَّواصِرُ: مَجاري الْمَاءِ إِلى الأَودية، وَاحِدُهَا ناصِر، والنَّاصِر: أَعظم مِنَ التَّلْعَةِ يَكُونُ مِيلًا ونحوَه ثُمَّ تَمُجُّ النَّواصِر فِي التِّلاع. أَبو خَيْرَةَ: النَّواصِر مِنَ الشِّعاب مَا جَاءَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ إِلى الْوَادِي فَنَصَرَ سَيْلَ الْوَادِي، الْوَاحِدُ ناصِر. والنَّواصِر: مَسايِل المِياه، وَاحِدَتُهَا ناصِرة، سُمِّيَتْ ناصِرة لأَنها تَجِيءُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ حَتَّى تَقَعَ فِي مُجْتَمع الْمَاءِ حَيْثُ انْتَهَتْ، لأَن كُلَّ مَسِيل يَضِيع مَاؤُهُ فَلَا يَقَعُ فِي مُجتَمع الْمَاءِ فَهُوَ ظَالِمٌ لِمَائِهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الناصِر والناصِرة مَا جَاءَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ إِلى الْوَادِي فنَصَر السُّيول. ونصَر الْبِلَادَ ينصُرها: أَتاها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ونَصَرْتُ أَرض بَنِي فُلَانٍ أَي أَتيتها؛ قَالَ الرَّاعِي يُخَاطِبُ خَيْلًا:
إِذا دَخَلَ الشهرُ الحرامُ فَوَدِّعِي
…
بِلادَ تَمِيمٍ، وانْصُرِي أَرضَ عامِرِ
ونَصر الغيثُ الأَرض نَصْراً: غاثَها وَسَقَاهَا وأَنبتها؛ قَالَ:
مَنْ كَانَ أَخطاه الربيعُ، فإِنما
…
نُصِرَ الحِجاز بِغَيْثِ عبدِ الواحِدِ
ونَصَر الغيثُ البلَد إِذا أَعانه عَلَى الخِصْب وَالنَّبَاتِ. ابْنُ الأَعرابي: النُّصْرة المَطْرَة التَّامّة؛ وأَرض مَنْصُورة ومَضْبُوطَة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: نُصِرَت الْبِلَادُ إِذا مُطِرَت، فَهِيَ مَنْصُورة أَي مَمْطُورة. ونُصِر الْقَوْمُ إِذا غِيثُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ هَذِهِ السَّحابةَ تَنصُر أَرضَ بَنِي كَعْب
أَي تُمطرهم. والنَّصْر: العَطاء؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا
…
لَقائِلٌ: يَا نَصْرُ نَصْراً نَصْراً
ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: الْعَطَايَا. والمُسْتَنْصِر: السَّائل. وَوَقَفَ أَعرابيّ عَلَى قَوْمٍ فَقَالَ: انْصُرُوني نَصَركم اللَّهُ أَي أَعطُوني أَعطاكم اللَّهُ. ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة «2» : قَرْيَةٌ بِالشَّامِ، والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ إِلا أَن نادِر النَّسَبِ يَسَعُه، قَالَ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ أَما نَصارَى فَذَهَبَ الْخَلِيلُ إِلى أَنه جَمْعُ نَصْرِيٍّ ونَصْران، كَمَا قَالُوا ندْمان ونَدامى، وَلَكِنَّهُمْ حَذَفُوا إِحدى الياءَين كَمَا حَذَفُوا مِنْ أُثْفِيَّة وأَبدلوا مَكَانَهَا أَلفاً كَمَا قَالُوا صَحارَى، قَالَ: وأَما الَّذِي نُوَجِّهه نَحْنُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَاءَ عَلَى نَصْران لأَنه قَدْ تَكَلَّمَ بِهِ فكأَنك جَمَعْتَ نَصْراً كَمَا جَمَعْتَ مَسْمَعاً والأَشْعَث وَقُلْتَ نَصارَى كَمَا قُلْتَ نَدامى، فَهَذَا أَقيس، والأَول مَذْهَبٌ، وإِنما كَانَ أَقْيَسَ لأَنا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا نَصْرِيّ. قَالَ أَبو إِسحاق: واحِد النصارَى فِي أَحد الْقَوْلَيْنِ نَصْرَان كَمَا تَرَى مِثْلُ نَدْمان ونَدامى، والأُنثى نَصْرانَة مِثْلُ نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الْحِمَّانِيِّ يَصِفُ نَاقَتَيْنِ طأْطأَتا رُؤُوسَهُمَا مِنَ الإِعياء فَشَبَّهَ رأْس النَّاقَةِ مِنْ تطأْطئها برأْس النَّصْرَانِيَّةِ إِذا طأْطأَته فِي صَلَاتِهَا:
فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها،
…
كَمَا أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ
(2). قوله [ونصورية] هكذا في الأصل ومتن القاموس بتشديد الياء، وقال شارحه بتخفيف الياء
فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، وَلَكِنْ لَمْ يُستعمل نَصْران إِلا بِيَاءَيِ النَّسَبِ لأَنهم قَالُوا رَجُلٌ نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ إِن النَّصَارَى جَمْعُ نَصْران ونَصْرانَة إِنما يُرِيدُ بِذَلِكَ الأَصل دُونَ الِاسْتِعْمَالِ، وإِنما الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْكَلَامِ نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بِيَاءَيِ النَّسَبِ، وإِنما جَاءَ نَصْرانَة فِي الْبَيْتِ عَلَى جِهَةِ الضَّرُورَةِ؛ غَيْرِهِ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدُ النَّصَارَى نَصْرِيّاً مِثْلَ بَعِيرٍ مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لُغَةٌ فِي سَجَد. وَقَالَ اللَّيْثُ: زَعَمُوا أَنهم نُسِبُوا إِلى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ اسْمُهَا نَصْرُونة. التَّهْذِيبُ: وَقَدْ جَاءَ أَنْصار فِي جَمْعِ النَّصْران؛ قَالَ:
لَمَّا رأَيتُ نَبَطاً أَنْصارا
بِمَعْنَى النَّصارى. الْجَوْهَرِيُّ: ونَصْرانُ قَرْيَةٌ بالشأْم يُنْسَبُ إِليها النَّصارى، وَيُقَالُ: ناصِرَةُ. والتَّنَصُّرُ: الدُّخُولُ فِي النَّصْرانية، وَفِي المحكَم: الدُّخُولُ فِي دِينِ النصْري»
. ونَصَّرَه: جَعَلَهُ نَصْرانِيّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرة حَتَّى يكونَ أَبواه اللَّذَانِ يَهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه
؛ اللَّذان رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ لأَنه أُضمر فِي يَكُونُ؛ كَذَلِكَ رَوَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وأَنشد:
إِذا مَا الْمَرْءُ كَانَ أَبُوه عَبْسٌ،
…
فَحَسْبُك مَا تُرِيدُ إِلى الكلامِ
أَي كَانَ هُوَ. والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن النَّصَارَى قُلْف. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَؤمَّنَّكُم أَنْصَرُ
أَي أَقْلَفُ؛ كَذَا فُسِّر فِي الْحَدِيثِ.
ونَصَّرُ: صَنَم
، وَقَدْ نَفَى سِيبَوَيْهِ هَذَا الْبِنَاءِ فِي الأَسماء. وبُخْتُنَصَّر: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ خَرَّب بَيْتَ الْمَقْدِسِ، عَمَّره اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الأَصمعي: إِنما هُوَ بُوخَتُنَصَّر فأُعرب، وبُوخَتُ ابنٌ، ونَصَّرُ صَنَمٌ، وَكَانَ وُجد عِنْدَ الصَّنَم وَلَمْ يُعرف لَهُ أَب فَقِيلَ: هُوَ ابْنُ الصَّنَمِ. ونَصْر ونُصَيْرٌ وناصِر ومَنْصُور: أَسماء. وَبَنُو ناصِر وَبَنُو نَصْر: بَطْنان. ونَصْر: أَبو قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي أَسد وهو نصر ابن قُعَيْنٍ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر يُخَاطِبُ رَجُلًا مِنْ بَنِي لُبَيْنى بْنِ سَعْدٍ الأَسَدِي وَكَانَ قَدْ هَجَاهُ:
عَدَدْتَ رِجالًا مِنْ قُعَيْنٍ تَفَجُّساً،
…
فَمَا ابنُ لُبَيْنى والتَّفَجُّسُ والفَخْرُ؟
شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُها،
…
وأَنت السَّهُ السُّفْلى، إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ
التَّفَجُّس: التعظُّم وَالتَّكَبُّرُ. وشأَتك: سَبَقَتْك. والسَّه: لغة في الاسْتِ.
نضر: النَّضْرة: النَّعْمة والعَيْش والغِنى، وَقِيلَ: الحُسْن والرَّوْنَق، وَقَدْ نَضَر الشجرُ والورقُ والوَجهُ وَاللَّوْنُ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْضُر نَضْراً ونَضْرة ونَضارة ونُضُوراً، ونَضِر ونَضُر، فَهُوَ ناضِر ونَضِير ونَضِرٌ أَي حَسَن، والأُنثى نَضِرَة. وأَنْضَر: كنَضَر. ونَضَره اللَّه ونَضَّره وأَنْضَره ونَضَر اللَّهُ وَجْهَهُ يَنْضُره نَضْرة أَي حَسَّن. ونَضَر وَجْهُهُ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وَيُقَالُ: نَضُر، بِالضَّمِ، نَضَارة، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ نَضِر، بِالْكَسْرِ، حَكَاهَا أَبو عُبَيْدٍ. وَيُقَالُ: نَضَّر اللَّه وَجْهَهُ، بِالتَّشْدِيدِ، وأَنْضَر اللَّه وَجْهَهُ بِمَعْنًى. وَإِذَا قُلْتَ: نَضَر اللَّه امْرَأً يَعْنِي نَعَّمَه. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم:
نَضَّر اللَّهُ عَبْدًا سمِع مَقالتي فَوَعاها ثُمَّ أَدَّاها إِلى مَنْ يَسْمَعُهَا
، نَضَره ونَضَّره وأَنْضَره أَي نَعَّمَه، يُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ النَّضارة، وَهِيَ فِي الأَصل حُسْن الْوَجْهِ والبَرِيقُ، وإِنما أَراد حُسْنَ خلُقِه وقَدْرِه، قال
(1). قوله [في دين النصري] هكذا بالأصل
شَمِر: الرُّواة يَرْوُون هَذَا الْحَدِيثَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَفَسَّرَهُ أَبو عُبَيْدَةَ فَقَالَ: جَعَلَهُ اللَّه ناضِراً، قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ الأَصمَعي فِيهِ التَّشْدِيدُ: نَضَّر اللَّه وَجْهَهُ، وأَنشد:
نَضَّرَ اللَّه أَعْظُماً دَفَنُوها،
…
بِسِجِسْتانَ، طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ
وأَنشد شَمِرٌ فِي لُغَةِ مَنْ رَوَاهُ بِالتَّخْفِيفِ قَوْلَ جَرِيرٍ:
والوَجْه لَا حَسَناً وَلَا مَنْضُورَا
ومَنْضُور لَا يَكُونُ إِلا مِنَ نَضَره، بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ شِمْرٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: نَضَره اللَّه فنَضُر يَنْضُر ونَضِرَ يَنْضَر. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: نَضَر وَجْهُهُ ونَضِر وَجْهُهُ ونَضُر وأَنْضَر وأَنْضَره اللَّه، بِالتَّخْفِيفِ، ونَضَره، بِالتَّخْفِيفِ أَيضاً. أَبو دَاوُدَ عَنِ النَّضْر: نَضَّر اللَّه امْرَأً وأَنْضَر اللَّه امْرَأً فَعَلَ كَذَا ونَضَر اللَّه امْرَأً، قَالَ الْحَسَنُ الْمُؤَدِّبُ: لَيْسَ هَذَا مِنَ الحُسن فِي الْوَجْهِ إِنما مَعْنَاهُ حَسَّن اللَّه وَجْهَهُ فِي خُلُقه أَي جاهِه وقَدْرِه، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ:
اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ إِلى حِسان الوُجوه
، يَعْنِي بِهِ ذَوي الوجُوه فِي النَّاسِ وذَوي الأَقدار. أَبو الهُزَيل: نَضَر اللَّه وجهَه ونَضَر وجهُ الرَّجُلِ سَوَاءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا مَعْشَر مُحارب، نَضَّركم اللَّه لَا تُسْقُوني حَلَب امرأَة
، قَالَ: كَانَ حلْب النِّساء عِنْدَهُمْ عَيْباً يَتعايَرُون عَلَيْهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ
، قَالَ: مُشْرِقة بالنَّعِيم، قَالَ وَقَوْلُهُ: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ
، قَالَ: بَرِيقُه ونَداه، والنَّضْرة نَعِيمُ الْوَجْهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ
، قَالَ: نَضَرَتْ بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ والنَّظَر إِلى رَبِّهَا عز وجل. وأَنضَر النَّبْتُ: نَضَر ورَقُه. وَغُلَامٌ نَضِير: نَاعِمٌ، والأُنثى نَضِيرة. وَيُقَالُ: غُلَامٌ غَضٌّ نَضِير وَجَارِيَةٌ غَضَّة نَضِيرة. وَقَدْ أَنْضَر الشجرُ إِذا اخضرَّ وَرَقُهُ، وَرُبَّمَا صَارَ النَّضْر نَعْتًا، يُقَالُ: شَيْءٌ نَضْر ونَضِير وناضِر. والنَّاضِر: الأَخضر الشديدُ الْخُضْرَةِ. يُقَالُ: أَخضر ناضِر كَمَا يُقَالُ: أَبيض ناصِع وأَصفرُ فاقِع، وَقَدْ يُبَالَغُ بالناضِر فِي كُلِّ لَوْنٍ. يُقَالُ: أَحمر ناضِر وأَصفر ناضِر، رُوي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَحَكَاهُ فِي نَوَادِرِهِ. أَبو عُبَيْدٍ: أَخضر ناضِر مَعْنَاهُ ناعِم. ابْنُ الأَعرابي: الناضِر فِي جَمِيعِ الأَلوان، قَالَ أَبو منضور: كأَنه يُجيز أَبيض ناضِر وأَحمر ناضِر وَمَعْنَاهُ النَّاعِمُ الَّذِي لَهُ بَرِيق فِي صَفَائِهِ. والنَّضِيرُ والنُّضار والأَنْضَر: اسْمُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الذَّهَبِ، وَهُوَ النَّضْر، عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَقَالَ الأَعشى:
إِذا جُرِّدَتْ يَوْمًا حَسِبتَ خَمِيصةً
…
عَلَيْهَا وجِرْيالَ النَّضِير الدُّلامِصا
وَجَمْعُهُ نِضار وأَنضُر، قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
وبَياضُ وجهٍ لَمْ تَحُلْ أَسْرارُه،
…
مِثْلَ الوَذِيلَةِ أَو كشَنْفِ الأَنْضُرِ
التَّهْذِيبُ: النَّضْر الذَّهَبِ، وَجَمْعُهُ أَنْضُر، قَالَ الشَّاعِرُ:
كنَاحِلَةٍ مِنْ زَيْنِها حَلْيَ أَنْضُر،
…
بِغَيْرِ نَدَى مَن لَا يُبَالي اعْتطالها
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلْكُمَيْتِ:
تَرى السَّابِحَ الخِنْذِيذَ مِنْهَا، كأَنما
…
جَرى بَيْنَ لِيتَيْهِ إِلى الخَدّ أَنْضُرُ
والنَّضْرة: السَّبِيكة مِنَ الذَّهَبِ. وَذَهَبٌ نُضَار: صَارَ هَاهُنَا نَعْتًا. ونُضارة كلِّ شَيْءٍ: خالِصُه. والنُّضَار: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَتِ الخِرنِق
بِنْتُ هَفَّان:
لَا يَبْعَدَنْ قَوْمي الَّذين هُمُ
…
سُمُّ العُداة، وآفَةُ الجُزرِ
الخالِطِين نَحِيتَهمْ بِنُضَارِهم،
…
وَذَوِي الغِنى مِنْهُمْ بِذِي الفَقْرِ
وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ لِحَاتِمٍ الطَّائِيِّ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ مَشْهُورَةٍ أَولها:
إِنْ كنتِ كارِهة لِعِيشَتِنا
…
هَاتَا، فَحُلّي فِي بَنِي بَدْرِ
والنَّضْر: أَبو قُرَيْش، وَهُوَ النَّضْر بْنُ كِنانة بْنُ خُزَيمة بْنِ مُدْرِكة بنِ إِلياس بنِ مُضَر. ابْنُ سِيدَهْ: النَّضْرُ بْنُ كِنانة أَبو قُرَيْشٍ خاصَّة، مَنْ لَمْ يَلِدْه النَّضْر فَلَيْسَ مِنْ قُرَيْشٍ. والنُّضَار: الأَثْل، وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَ عَذْياً [عِذْياً] عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ مِنْهُ المُسْتقيم الغُصون، وَقِيلَ: هُوَ مَا نَبَتَ مِنْهُ فِي الْجَبَلِ، وَهُوَ أَفضله، قَالَ رُؤْبَةُ:
فَرْعٌ نَما مِنْهُ نُضارُ الأَثْلِ،
…
طَيِّبُ أَعْراقِ الثَّرَى فِي الأَصْلِ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النُّضار والنِّضار لُغَتَانِ، والأَول أَعرف، قَالَ: وَهُوَ أَجود الْخَشَبِ لِلْآنِيَةِ لأَنه يُعمل مِنْهُ مَا رَقَّ مِنَ الأَقداح واتَّسع وَمَا غَلُظ وَلَا يَحْتَمِلُهُ مِنَ الْخَشَبِ غَيْرُهُ. قَالَ: ومِنْبر سيدِنا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، نُضار. وقدَح نُضارٌ: اتُّخِذ مِنْ نُضار الْخَشَبِ، وَقِيلَ: هُوَ يُتخذ مِنْ أَثْل ورْسِيّ اللَّون، يُضافُ وَلَا يُضاف، يَكُونُ بالغَوْرِ. وَفِي حَدِيثُ
إِبراهيم النَّخَعي: لَا بأْس أَن يَشربَ فِي قَدَحِ النُّضار
، قَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى النُّضار هَذِهِ الأَقداح الحُمر الجِيشانيَّة سُمِّيَتْ نُضارا. ابْنُ الأَعرابي: النُّضار النَّبْع، والنُّضار شَجَرُ الأَثْل، والنُّضار الخالِص مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ نُجَيْمٍ: كُلُّ شَجَرٍ أَثْل يَنْبُتُ فِي جَبَلٍ فَهُوَ نُضار، وَقَالَ الأَعشى:
تَرَامَوْا بِهِ غَرَباً أَو نُضارَا
والغَرَب والنُّضار: ضَربان مِنَ الشَّجَرِ تُعمل مِنْهُمَا الأَقداح. وَقَالَ مُؤَرَّجٌ: النُّضار مِنَ الخِلاف يُدفن خَشَبُهُ حَتَّى يَنْضُر ثُمَّ يَعْمَلَ فَيَكُونَ أَمكن لِعَامِلِهِ فِي تَرْقِيقِه، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
نُقِّح جِسمي عَنْ نُضار العُودِ،
…
بَعْدَ اضطِراب العُنُق الأُمْلودِ
قَالَ: نُضاره حُسْن عُودِه، وأَنشد:
أَلْقَوْم نَبْع ونُضار وعُشَرْ
وَزَعَمَ أَن النُّضار تُتَّخذ مِنْهُ الْآنِيَةُ الَّتِي يُشْرَب فِيهَا، قَالَ: وَهِيَ أَجود العِيدان الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْهَا الأَقداح. قَالَ اللَّيْثُ: النُّضار الْخَالِصُ مِنْ جَوْهَرِ التِّبر وَالْخَشَبِ، وَجَمْعُهُ أَنْضُر. وَفِي حَدِيثِ
عَاصِمٍ الأَحول: رأَيت قَدَح رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عِنْدَ أَنس وَهُوَ قَدَح عَرِيض مِنْ نُضار
أَي مِنْ خَشَبٍ نُضار، وَهُوَ خَشَبٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ هُوَ الأَثْل الوَرْسِيّ اللَّوْنِ، وَقِيلَ النَّبع، وَقِيلَ الخِلاف، وَقِيلَ أَقداح النُّضار حُمْر مِنْ خَشَبٍ أَحمر. شَمِرٌ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الإِيادي: امرأَة الرَّجُلِ يُقَالُ لَهَا هِيَ الحَدَادَة وَهِيَ النِّضْر، بِالضَّادِ، قَالَ: وَهِيَ شاعَتُه أَيِ امرأَته. والنَّاضِر: الطُّحْلُب. وَبَنُو النَّضِير: حَيٌّ مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ مِنْ آلِ هرون أَو مُوسَى، عليهما السلام، وَقَدْ دَخَلُوا فِي الْعَرَبِ. والنَّضْرة والنَّضِيرة: اسْمُ امرأَة، قَالَ حَسَّانُ:
حَيِّ النَّضِيرة رَبَّةَ الخِدْرِ،
…
أَسْرَتْ إِليك وَلَمْ تَكُنْ تَسْرِي
نطر: النَّاطِر والنَّاطور مِنْ كَلَامِ أَهل السَّواد: حَافِظُ الزَّرْعِ والتَّمر والكَرْم، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضَةٍ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ عَرَبِيَّةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا يَا جارَتَا بأُباضَ، إِني
…
رأَيتُ الريحَ خَيْراً منكِ جارَا
تُغَذِّينا إِذا هبَّت عَلَيْنَا،
…
وتَمْلأُ وَجْهَ ناطِرِكم غُبارَا
قَالَ: النَّاطِر الْحَافِظُ، ويُروى: إِذا هبَّت جَنُوباً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا أَدري أَخذه الشَّاعِرُ مِنْ كَلَامِ السَّوادِيِّين أَو هُوَ عَربيّ. قَالَ: ورأَيت بالبَيْضاء مِنْ بِلَادِ بَنِي جَذِيمة عَرازِيل سُوِّيت لِمَنْ يَحْفَظُ ثَمَرَ النَّخِيلِ وَقْتَ الصَّرَام [الصِّرَام]، فسأَلت رَجُلًا عَنْهَا فَقَالَ: هِيَ مَظالُّ النَّواطِير كأَنه جَمْعُ النَّاطُور؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر فِي النَّاطُور:
وبُسْتان ذِي ثورَين لَا لِين عندَه،
…
إِذا مَا طَغَى ناطُوره وتَغَشْمَرَا
وَجَمْعُ النَّاطِر نُطَّار ونُطَراء، وَجَمْعُ النَّاطُور نَواطِير، وَالْفِعْلُ النَّطْر والنِّطارة، وَقَدْ نَطَر يَنْطُر. ابْنُ الأَعرابي: النَّطْرة الْحِفْظُ بِالْعَيْنَيْنِ، بِالطَّاءِ، قَالَ: وَمِنْهُ أُخذ النَّاطُور. والنَّاطِرُون: مَوْضِعٌ «2» :
وَلَهَا بالنَّاطِرُونَ، إِذا
…
أَكلَ النَّمْلُ الَّذِي جَمَعا
وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي مَطَر بِالْمِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، فَقَالَ: هُوَ موضع.
نظر: النَّظَر: حِسُّ الْعَيْنِ، نَظَره يَنْظُره نَظَراً ومَنْظَراً ومَنْظَرة ونَظَر إِليه. والمَنْظَر: مَصْدَرُ نَظَر. اللَّيْثُ: الْعَرَبُ تَقُولُ نَظَرَ يَنْظُر نَظَراً، قَالَ: وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ الْمَصْدَرِ تَحْمِلُهُ عَلَى لَفْظِ الْعَامَّةِ مِنَ الْمَصَادِرِ، وَتَقُولُ نَظَرت إِلى كَذَا وَكَذَا مِنْ نَظَر الْعَيْنِ ونَظَر الْقَلْبِ، وَيَقُولُ الْقَائِلُ للمؤمَّل يَرْجُوهُ: إِنما نَنْظُر إِلى اللَّهِ ثُمَّ إِليك أَي إِنما أَتَوَقَّع فَضْلَ اللَّهِ ثُمَّ فَضْلك. الْجَوْهَرِيُّ: النَّظَر تأَمُّل الشَّيْءِ بِالْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ النَّظَرانُ، بِالتَّحْرِيكِ، وَقَدْ نَظَرت إِلى الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
عِمران بْنِ حُصَين قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: النَّظَر إِلى وَجْهِ عَلَى عِبادة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ مَعْنَاهُ أَن عَلِيًّا، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، كَانَ إِذا بَرَزَ قَالَ النَّاسُ: لَا إِله إِلا اللَّهُ مَا أَشرفَ هَذَا الْفَتَى لَا إِله إِلا اللَّهُ مَا أَعلمَ هَذَا الْفَتَى لَا إِله إِلا اللَّهُ مَا أَكرم هَذَا الْفَتَى أَي مَا أَتْقَى، لَا إِله إِلا اللَّهُ مَا أَشْجَع هَذَا الْفَتَى فَكَانَتْ رُؤْيَتُهُ، عليه السلام، تحملُهم عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ. والنَّظَّارة: الْقَوْمُ ينظُرون إِلى الشَّيْءِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
. قَالَ أَبو إِسحق: قِيلَ مَعْنَاهُ وأَنتم تَرَوْنَهم يغرَقون؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ وأَنتم مُشاهدون تَعْلَمُونَ ذَلِكَ وإِن شَغَلهم عَنْ أَن يَروهم فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ شَاغِلٌ. تَقُولُ الْعَرَبُ: دُور آلِ فُلَانٍ تنظُر إِلى دُور آلِ فُلَانٍ أَي هِيَ بإِزائها ومقابِلَةٌ لَهَا. وتَنَظَّر: كنَظَر. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: دَارِي تنظُر إِلى دَارِ فُلَانٍ، ودُورُنا تُناظِرُ أَي تُقابِل، وَقِيلَ: إِذا كَانَتْ مُحاذِيَةً. وَيُقَالُ: حَيٌّ حِلالٌ ونَظَرٌ أَي
(2). قوله [والناطرون موضع إلخ] عبارة القاموس: وغلط الجوهري في قوله ناطرون موضع بالشأم، وإنما هو ماطرون بالميم اه. ولهذا أنشد ياقوت في معجم البلدان البيت بالميم فقال: ولها بالماطرون إلخ ولم يذكر ناطرون في فصل النون. بِنَاحِيَةِ الشأْم؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْقَوْلُ فِي إِعرابه كَالْقَوْلِ فِي نَصيبِين؛ وَيُنْشَدُ هَذَا البيت بكسر النون
مُتَجَاوِرُونَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. التَّهْذِيبُ: وناظِرُ العَيْنِ النُّقْطَةُ السَّوْدَاءُ الصَّافِيَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ سَوَادِ الْعَيْنِ وَبِهَا يَرَى النَّاظِرُ مَا يَرَى، وَقِيلَ: النَّاظِرُ فِي الْعَيْنِ كَالْمِرْآةِ إِذا اسْتَقْبَلْتَهَا أَبصرت فِيهَا شَخْصَكَ. والنَّاظِرُ فِي المُقْلَةِ: السوادُ الأَصغر الَّذِي فِيهِ إِنْسانُ العَيْنِ، وَيُقَالُ: العَيْنُ النَّاظِرَةُ. ابْنُ سِيدَهْ: والنَّاظِرُ النُّقْطَةُ السَّوْدَاءُ فِي الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ الْبَصَرُ نَفْسُهُ، وَقِيلَ: هِيَ عِرْقٌ فِي الأَنف وَفِيهِ مَاءُ الْبَصَرِ. وَالنَّاظِرَانِ: عِرْقَانِ عَلَى حَرْفَيِ الأَنف يَسِيلَانِ مِنَ المُوقَين، وَقِيلَ: هُمَا عِرْقَانِ فِي الْعَيْنِ يَسْقِيَانِ الأَنف، وَقِيلَ: النَّاظِرَانِ عِرْقَانِ فِي مَجْرَى الدَّمْعِ عَلَى الأَنف مِنْ جَانِبَيْهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: النَّاظِرَانِ عِرْقَانِ مُكْتَنِفَا الأَنف؛ وأَنشد لجرير:
وأَشْفِي مِنْ تَخَلُّجِ كُلِّ جِنٍّ،
…
وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ مِنَ الخُنَانِ
وَالْخُنَانُ: دَاءٌ يأْخذ النَّاسَ والإِبل، وَقِيلَ: إِنه كَالزُّكَامِ؛ قَالَ الْآخَرُ:
وَلَقَدْ قَطَعْتُ نَواظِراً أَوْجَمْتُها،
…
مِمَّنْ تَعَرَّضَ لِي مِنَ الشُّعَراءِ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: هُمَا عِرْقَانِ فِي مَجْرَى الدَّمْعِ عَلَى الأَنف مِنْ جَانِبَيْهِ؛ وَقَالَ عُتَيْبَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ وَيُعْرَفُ بِابْنِ فَسْوة:
قَلِيلَة لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ، يَزِينُها
…
شَبَابٌ ومخفوضٌ مِنَ العَيْشِ بارِدُ
تَناهَى إِلى لَهْوِ الحَدِيثِ كأَنها
…
أَخُو سَقْطَة، قَدْ أَسْلَمَتْهُ العَوائِدُ
وَصَفَ مَحْبُوبَتَهُ بأَسالة الْخَدِّ وَقِلَّةِ لَحْمِهِ، وَهُوَ الْمُسْتَحَبُّ. وَالْعَيْشِ الْبَارِدِ: هُوَ الهَنِيُّ الرَّغَدُ. وَالْعَرَبُ تُكَنِّي بالبَرْدِ عَنِ النَّعِيمِ وبالحَرِّ عَنِ البُؤسِ، وَعَلَى هَذَا سُمِّيَ النَّوْمُ بَرْداً لأَنه رَاحَةٌ وتَنَعُّمٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً؛ قِيلَ: نَوْمًا؛ وَقَوْلُهُ: تَنَاهَى أَي تَنْتَهِي فِي مَشْيِهَا إِلى جَارَاتِهَا لِتَلْهُوَ مَعَهُنَّ، وَشَبَّهَهَا فِي انْتِهَارِهَا عِنْدَ الْمَشْيِ بِعَلِيلٍ سَاقِطٍ لَا يُطِيقُ النُّهُوضَ قَدْ أَسلمته الْعَوَائِدُ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ. وتَناظَرَتِ النَّخْلَتَانِ: نَظَرَتِ الأُنثى مِنْهُمَا إِلى الفُحَّالِ فَلَمْ يَنْفَعْهُمَا تَلْقِيحٌ حَتَّى تُلْقَحَ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَى ذَلِكَ أَبو حَنِيفَةَ. والتَّنْظارُ: النَّظَرُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
فَمَا لَكَ غَيْرُ تَنْظارٍ إِليها،
…
كَمَا نَظَرَ اليَتِيمُ إِلى الوَصِيِ
والنَّظَرُ: الِانْتِظَارُ. يُقَالُ: نَظَرْتُ فُلَانًا وانْتَظَرْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فإِذا قُلْتَ انْتَظَرْتُ فَلَمْ يُجاوِزْك فِعْلُكَ فَمَعْنَاهُ وَقَفْتُ وَتَمَهَّلْتُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ
، قُرِئَ: انْظُرُونا
وأَنْظِرُونا
بِقَطْعِ الأَلف، فَمَنْ قرأَ انْظُرُونا، بِضَمِّ الأَلف، فَمَعْنَاهُ انْتَظِرُونا، وَمَنْ قرأَ أَنْظِرُونا فَمَعْنَاهُ أَخِّرُونا؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ مَعْنَى أَنْظِرُونا انْتَظِرُونا أَيضاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
أَبا هِنْدٍ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْنَا،
…
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تَقُولُ الْعَرَبُ أَنْظِرْني أَي انْتَظِرْني قَلِيلًا، وَيَقُولُ الْمُتَكَلِّمُ لِمَنْ يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أَبْتَلِع رِيقِي أَي أَمْهِلْنِي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ
؛ الأُولى بِالضَّادِ والأُخرى بالظاءِ؛ قَالَ أَبو إِسحق: يَقُولُ نَضِرَت بِنَعِيم الْجَنَّةِ والنَّظَرِ إِلى رَبِّهَا. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَمَنْ قَالَ إِن مَعْنَى قَوْلِهِ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ
يَعْنِي مُنْتَظِرَةً فَقَدْ أَخطأَ، لأَن الْعَرَبَ لَا تَقُولُ نَظَرْتُ إِلى الشَّيْءِ بِمَعْنَى انْتَظَرْتُهُ،
إِنما تَقُولُ نَظَرْتُ فُلَانًا أَي انْتَظَرْتُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:
وَقَدْ نَظَرْتُكُمُ أَبْناءَ صَادِرَةٍ
…
لِلْوِرْدِ، طَالَ بِهَا حَوْزِي وتَنْساسِي
وإِذا قُلْتَ نَظَرْتُ إِليه لَمْ يَكُنْ إِلا بِالْعَيْنِ، وإِذا قُلْتَ نَظَرْتُ فِي الأَمر احْتَمَلَ أَن يَكُونَ تَفَكُّراً فِيهِ وَتَدَبُّرًا بِالْقَلْبِ. وَفَرَسٌ نَظَّارٌ إِذا كَانَ شَهْماً طامِحَ الطَّرْفِ حدِيدَ القلبِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ أَبو نُخَيْلَةَ:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً لَمْ تُهْجَمِ
نَظَّارِيَّةٌ: نَاقَةٌ نَجِيبَةٌ مِنْ نِتاجِ النَّظَّارِ، وَهُوَ فَحْلٌ مِنْ فُحُولِ الْعَرَبِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
والأَرْحَبِيّ وجَدّها النَّظَّار
لَمْ تُهْجَم: لَمْ تُحْلَبْ. والمُناظَرَةُ: أَن تُناظِرَ أَخاك فِي أَمر إِذا نَظَرْتُما فِيهِ مَعًا كَيْفَ تأْتيانه. والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: مَا نَظَرْتَ إِليه فأَعجبك أَو سَاءَكَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: المَنْظَرَةُ مَنْظَرُ الرَّجُلِ إِذا نَظَرْتَ إِليه فأَعجبك، وامرأَة حَسَنَةُ المَنْظَرِ والمَنْظَرة أَيضاً. وَيُقَالُ: إِنه لَذُو مَنْظَرَةٍ بِلَا مَخْبَرَةٍ. والمَنْظَرُ: الشَّيْءُ الَّذِي يُعْجِبُ النَّاظِرَ إِذا نَظَرَ إِليه ويَسُرُّه. وَيُقَالُ: مَنْظَرُه خَيْرٌ مِنْ مَخْبَرِه. وَرَجُلٌ مَنْظَرِيٌّ ومَنْظَرانيٌّ، الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ: حَسَنُ المَنْظَرِ؛ وَرَجُلٌ مَنْظَرانيٌّ مَخْبَرانيّ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَفِي مَنْظَرٍ ومُستَمَعٍ، وَفِي رِيٍّ ومَشْبَع، أَي فِيمَا أَحَبَّ النَّظَرَ إِليه وَالِاسْتِمَاعَ. وَيُقَالُ: لَقَدْ كُنْتُ عَنْ هَذَا المَقامِ بِمَنْظَرٍ أَي بمَعْزَل فِيمَا أَحْبَبْتَ؛ وَقَالَ أَبو زيد يُخَاطِبُ غُلَامًا قَدْ أَبَقَ فَقُتِلَ:
قَدْ كنتَ فِي مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ،
…
عَنْ نَصْرِ بَهْرَاءَ، غَيرَ ذِي فَرَسِ
وإِنه لسديدُ النَّاظِرِ أَي بَرِيءٌ مِنَ التُّهْمَةِ يَنْظُرُ بمِلءِ عَيْنَيْهِ. وَبَنُو نَظَرَى ونَظَّرَى: أَهلُ النَّظَرِ إِلى النِّسَاءِ والتَّغَزُّل بِهِنَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابية لِبَعْلِهَا: مُرَّ بِي عَلَى بَني نَظَرَى، وَلَا تَمُرَّ بِي عَلَى بَنَاتِ نَقَرَى، أَي مُرَّ بِي عَلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ إِليّ فأُعجبهم وأَرُوقُهم وَلَا يَعِيبُونَني مِنْ وَرَائِي، وَلَا تَمُرَّ بِي عَلَى النِّسَاءِ اللَّائِي يَنْظُرْنَنِي فيَعِبْنَني حَسَدًا ويُنَقِّرْنَ عَنْ عُيُوبِ مَنْ مَرَّ بِهِنَّ. وامرأَة سُمْعُنَةٌ نُظْرُنَةٌ وسِمْعَنَةٌ نِظْرَنة، كِلَاهُمَا بِالتَّخْفِيفِ؛ حَكَاهُمَا يَعْقُوبُ وَحْدَهُ: وَهِيَ الَّتِي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو تَنَظَّرَتْ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا فَظَنَّتْ. والنَّظَرُ: الْفِكْرُ فِي الشَّيْءِ تُقَدِّره وَتَقِيسُهُ مِنْكَ. والنَّظْرَةُ: اللَّمْحَة بالعَجَلَة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِعَلِيٍّ: لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإِن لَكَ الأُولى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخرةُ.
والنَّظْرَةُ: الهيئةُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ لَمْ يَعْمَلْ نَظَرُه لَمْ يَعْمَلْ لسانُه؛ وَمَعْنَاهُ أَن النَّظْرَةَ إِذا خرجت بإِبكار الْقَلْبِ عَمِلَتْ فِي الْقَلْبِ، وإِذا خَرَجَتْ بإِنكار الْعَيْنِ دُونَ الْقَلْبِ لَمْ تَعْمَلْ، وَمَعْنَاهُ أَن مَنْ لَمْ يَرْتَدِعْ بِالنَّظَرِ إِليه مِنْ ذَنْبٍ أَذنبه لَمْ يَرْتَدِعْ بِالْقَوْلِ. الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: ونَظَرَ الدَّهْرُ إِلى بَنِي فُلَانٍ فأَهلكهم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ عَلَى المَثَلِ، قَالَ: ولستُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. والمَنْظَرَةُ: مَوْضِعُ الرَّبِيئَةِ. غَيْرُهُ: والمَنظَرَةُ مَوْضِعٌ فِي رأْس جَبَلٍ فِيهِ رَقِيبٌ يَنْظُرُ العدوَّ يَحْرُسُه. الْجَوْهَرِيُّ: والمَنظَرَةُ المَرْقَبَةُ.
ورجلٌ نَظُورٌ ونَظُورَةٌ وناظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ: سَيِّدٌ يُنْظَر إِليه، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ فُلَانٌ نَظُورةُ قَوْمِهِ ونَظِيرَةُ قومهِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إِليه قَوْمُهُ فَيَمْتَثِلُونَ مَا امْتَثَلَهُ، وَكَذَلِكَ هُوَ طَرِيقَتُهم بِهَذَا الْمَعْنَى. وَيُقَالُ: هُوَ نَظِيرَةُ الْقَوْمِ وسَيِّقَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والنَّظُورُ: الَّذِي لَا يُغْفِلُ النَّظَرَ إِلى مَا أَهمه. والمَناظِر: أَشرافُ الأَرضِ لأَنه يُنْظَرُ مِنْهَا. وتَناظَرَتِ الدَّارانِ: تَقَابَلَتَا. ونَظَرَ إِليك الجبلُ: قَابَلَكَ. وإِذا أَخذت فِي طَرِيقِ كَذَا فَنَظَر إِليك الجبلُ فَخُذْ عَنْ يَمِينِهِ أَو يَسَارِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ
؛ ذَهَبَ أَبو عُبَيْدٍ إِلى أَنه أَراد الأَصنام أَي تُقَابِلُكَ، وَلَيْسَ هُنَالِكَ نَظَرٌ لَكِنْ لَمَّا كَانَ النَّظَرُ لَا يَكُونُ إِلا بمقابلةٍ حَسُنَ وَقَالَ: وَتَرَاهُمْ، وإِن كَانَتْ لَا تَعْقِلُ لأَنهم يَضَعُونَهَا مَوْضِعَ مَنْ يَعْقِلُ. والنَّاظِرُ: الْحَافِظُ. وناظُورُ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ وَغَيْرِهِمَا: حَافِظُه؛ وَالطَّاءُ نَبَطِيَّة. وَقَالُوا: انْظُرْني أَيِ اصْغ إِليَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا
. والنَّظْرَةُ: الرحمةُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ
؛ أَي لَا يَرْحَمُهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ لَا يَنْظُر إِلى صُوَرِكم وأَموالكم وَلَكِنْ إِلى قُلُوبِكُمْ وأَعمالكم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَى النَّظَرِ هَاهُنَا الإِحسان وَالرَّحْمَةُ والعَطْفُ لأَن النَّظَرَ فِي الشَّاهِدِ دَلِيلُ الْمَحَبَّةِ، وَتَرْكَ النَّظَرِ دَلِيلُ الْبُغْضِ وَالْكَرَاهَةِ، ومَيْلُ الناسِ إِلى الصُّوَرِ الْمُعْجِبَةِ والأَموال الْفَائِقَةِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَقَدَّسُ عَنْ شِبْهِ الْمَخْلُوقِينَ، فَجَعَلَ نَظَرَهُ إِلى مَا هُوَ للسِّرِّ واللُّبِّ، وَهُوَ الْقَلْبُ وَالْعَمَلُ؛ وَالنَّظَرُ يَقَعُ عَلَى الأَجسام وَالْمَعَانِي، فَمَا كَانَ بالأَبصار فَهُوَ للأَجسام، وَمَا كَانَ بِالْبَصَائِرِ كَانَ لِلْمَعَانِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ ابتاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ
أَي خَيْرِ الأَمرين لَهُ: إِما إِمساك الْمَبِيعِ أَو ردُّه، أَيُّهما كَانَ خَيْرًا لَهُ وَاخْتَارَهُ فَعَلَه؛ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ الْقِصَاصِ:
مَنْ قُتل لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ
؛ يَعْنِي الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ؛ أَيُّهُما اخْتَارَ كَانَ لَهُ؛ وَكُلُّ هَذِهِ معانٍ لَا صُوَرٌ. ونَظَرَ الرجلَ يَنْظُرُهُ وانْتَظَرَه وتَنَظَّرَه: تَأَنى عَلَيْهِ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الوَرْدِ:
إِذا بَعُدُوا لَا يأْمَنُونَ اقْتِرابَهُ،
…
تَشَوُّفَ أَهلِ الغائبِ المُتَنَظَّرِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وَلَا أَجْعَلُ المعروفَ حلَّ أَلِيَّةٍ،
…
وَلَا عِدَةً فِي النَّاظِرِ المُتَغَيَّبِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: النَّاظِرُ هُنَا عَلَى النَّسَبِ أَو عَلَى وَضْعِ فَاعِلٍ مَوْضِعَ مَفْعُولٍ؛ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ، ومَثَّلَه بِسِرٍّ كَاتِمٍ أَي مَكْتُومٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَكَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ الحَامِضِ «1» ، بِفَتْحِ الْيَاءِ، كأَنه لَمَّا جَعَلَ فَاعِلًا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ اسْتَجَازَ أَيضاً أَن يَجْعَلَ مُتَفَعَّلًا فِي مَوْضِعِ مُتَفَعِّلٍ وَالصَّحِيحُ المتَغَيِّب، بِالْكَسْرِ. والتَّنَظُّرُ: تَوَقُّع الشَّيْءِ. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّنَظُّرُ تَوَقُّعُ مَا تَنْتَظِرُهُ. والنَّظِرَةُ، بِكَسْرِ الظَّاءِ: التأْخير فِي الأَمر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ
، وقرأَ بَعْضُهُمْ: فناظِرَةٌ، كَقَوْلِهِ عز وجل: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ أَي تكذيبٌ. وَيُقَالُ: بِعْتُ فُلَانًا فأَنْظَرْتُه أَي أَمهلتُه، والاسم منه النَّظِرَةُ.
(1). قوله [الحامض] هو لقب أبي موسى سليمان بن محمد بن أحمد النحوي أخذ عن ثعلب، صحبه أربعين سنة وألف في اللغة غريب الحديث وخلق الإنسان والوحوش والنبات، روى عَنْهُ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ وأبو جعفر الأصبهاني. مات سنة 305
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِنَظِرَةٍ وإِنْظارٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ
؛ أَي إِنظارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كنتُ أُبايِعُ النَّاسَ فكنتُ أُنْظِر المُعْسِرَ
؛ الإِنظار: التأْخير والإِمهال. يُقَالُ: أَنْظَرْتُه أُنْظِره. ونَظَرَ الشيءَ: بَاعَهُ بِنَظِرَة. وأَنْظَرَ الرجلَ: بَاعَ مِنْهُ الشَّيْءَ بِنَظِرَةٍ. واسْتَنْظَره: طَلَبَ مِنْهُ النَّظرَةَ واسْتَمْهَلَه. وَيَقُولُ أَحد الرَّجُلَيْنِ لِصَاحِبِهِ: بيْعٌ، فَيَقُولُ: نِظْرٌ أَي أَنْظِرْني حَتَّى أَشْتَرِيَ مِنْكَ. وتَنَظَّرْه أَي انْتَظِرْهُ فِي مُهْلَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: نَظَرْنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ذاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى كَانَ شَطْرُ الليلِ.
يُقَالُ: نَظَرتُهُ وانْتَظَرْتُه إِذا ارْتَقَبْتَ حضورَه. وَيُقَالُ: نَظَارِ مِثْلُ قَطامِ كَقَوْلِكَ: انْتَظِرْ، اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الأَمر. وأَنْظَرَه: أَخَّرَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
. والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ فِي الأَمر. ونَظِيرُك: الَّذِي يُراوِضُك وتُناظِرُهُ، وناظَرَه مِنَ المُناظَرَة. والنَّظِيرُ: المِثْلُ، وَقِيلَ: الْمِثْلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَفُلَانٌ نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ رَآهُمَا سَوَاءً. الْجَوْهَرِيُّ: ونَظِيرُ الشَّيْءِ مِثْلُه. وَحَكَى أَبو عُبَيْدَةَ: النِّظْر والنَّظِير بِمَعْنًى مِثْلَ النِّدِّ والنَّدِيدِ؛ وأَنشد لِعَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَقَّاصٍ الحارِثيِّ:
أَلا هَلْ أَتى نِظْرِي مُلَيْكَةَ أَنَّني
…
أَنا الليثُ، مَعْدِيّاً عَلَيْهِ وعادِيا؟
«2» وَقَدْ كنتُ نَحَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْمَطِيِّ،
…
وأَمْضِي حيثُ لَا حَيَّ ماضِيَا
وَيُرْوَى: عِرْسِي مُلَيْكَةَ بَدَلَ نِظْرِي مُلَيْكَةَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ نَظِيرَةُ قَوْمِهِ ونَظُورَةُ قَوْمِهِ لِلَّذِي يُنْظَر إِليه مِنْهُمْ، وَيُجْمَعَانِ عَلَى نَظَائِرَ، وجَمْعُ النَّظِير نُظَرَاءُ، والأُنثى نَظِيرَةٌ، وَالْجَمْعُ النَّظائر فِي الْكَلَامِ والأَشياء كُلُّهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ عرفتُ النَّظائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ بِهَا عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ المُفَصَّل
، يَعْنِي سُوَرَ الْمُفَصَّلِ، سُمِّيَتْ نَظَائِرَ لِاشْتِبَاهِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فِي الطُّول. وَقَوْلُ عَديّ: لَمْ تُخطِئْ نِظارتي أَي لَمْ تُخْطِئْ فِراسَتي. والنَّظائِرُ: جَمْعُ نَظِيرة، وَهِيَ المِثْلُ والشِّبْهُ فِي الأَشكال، الأَخلاق والأَفعال والأَقوال. وَيُقَالُ: لَا تُناظِرْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا بِكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَلَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد لَا تَجْعَلْ شَيْئًا نَظِيرًا لِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا لِكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ فَتَدَعَهُمَا وتأْخذ بِهِ؛ يَقُولُ: لَا تَتْبَعْ قَوْلَ قَائِلٍ مَنْ كَانَ وَتَدَعَهُمَا لَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَيَجُوزُ أَيضاً فِي وَجْهٍ آخَرَ أَن يَجْعَلَهُمَا مَثَلًا لِلشَّيْءِ يَعْرِضُ مِثْلَ قَوْلِ إِبراهيم النَّخَعِيِّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَن يَذْكُرُوا الْآيَةَ عِنْدَ الشَّيْءِ يَعْرِضُ مِنْ أَمر الدُّنْيَا، كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِلرَّجُلِ إِذا جَاءَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ صاحبُه: جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى، هذا وَمَا أَشبهه مِنَ الْكَلَامِ، قَالَ: والأَوّل أَشبه. وَيُقَالُ: ناظَرْت فُلَانًا أَي صِرْتُ نَظِيرًا لَهُ فِي الْمُخَاطَبَةِ. وناظَرْتُ فُلَانًا بِفُلَانٍ أَي جَعَلْتُهُ نَظِيراً لَهُ. وَيُقَالُ لِلسُّلْطَانِ إِذا بَعَثَ أَميناً يَسْتبرئ أَمْرَ جماعةِ قريةٍ: بَعث ناظِراً. وَقَالَ الأَصمعي: عَدَدْتُ إِبِلَ فُلَانٍ نَظائِرَ أَي مَثْنَى مَثْنَى، وَعَدَدْتُهَا جَمَاراً إِذا عَدَدْتَهَا وأَنت تَنْظُرُ إِلى جَمَاعَتِهَا. والنَّظْرَةُ: سُوءُ الْهَيْئَةِ. وَرَجُلٌ فِيهِ نَظْرَةٌ أَي شُحُوبٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
وَفِي الهامِ مِنْهَا نَظْرَةٌ وشُنُوعُ
(2). روي هذا البيت في قصيدة عبد يغوث على الصورة التالية:
وَقَدْ عَلِمت عِرسِي مُلَيكةُ أَنَّنِي
…
أَنَا الليثُ، مَعدُوّاً عليّ وعَاديا
قَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّظْرَةُ الشُّنْعَةُ والقُبْحُ. ويقال: إِن فِي هَذِهِ الْجَارِيَةِ لَنَظْرَةً إِذا كَانَتْ قَبِيحَةً. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فِيهِ نَظْرَةٌ ورَدَّةٌ أَي يَرْتَدُّ النَّظَرُ عَنْهُ مِنْ قُبْحِهِ. وَفِيهِ نَظْرَةٌ أَي قُبْحٌ؛ وأَنشد الرِّياشِيُّ:
لَقَدْ رَابَني أَن ابْنَ جَعْدَةَ بادِنٌ،
…
وَفِي جِسْمِ لَيْلى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، رأَى جَارِيَةً فَقَالَ: إِن بِهَا نَظْرَةً فاسْتَرْقُوا لَهَا
؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِن بِهَا إِصابة عَيْنٍ مِنْ نَظَرِ الجِنِّ إِليها، وَكَذَلِكَ بِهَا سَفْعَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ
؛ قَالَ أَهل اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ غَيْرَ مُنْتَظِرِينَ بُلُوغَهُ وإِدراكه. وَفِي الْحَدِيثُ:
أَن عَبْدَ اللَّهِ أَبا النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ، فرأَتْ فِي وَجْهِهِ نُوراً فَدَعَتْهُ إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ مِنْهَا وتُعْطِيَهُ مِائَةً مِنَ الإِبل فأَبى
، قَوْلُهُ: تَنْظُرُ أَي تَتَكَهَّنُ، وَهُوَ نَظَرُ تَعَلُّمٍ وفِراسةٍ، وَهَذِهِ المرأَة هِيَ كاظمةُ بنتُ مُرٍّ، وَكَانَتْ مُتَهَوِّدَةً قَدْ قرأَت الْكُتُبَ، وَقِيلَ: هِيَ أُختُ ورَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ. والنَّظْرَةُ: عَيْنُ الْجِنِّ. والنَّظْرَةُ: الغَشْيَةُ أَو الطَّائِفُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَدْ نُظِرَ. وَرَجُلٌ فِيهِ نَظْرَةٌ أَي عيبٌ. والمنظورُ: الَّذِي أَصابته نَظْرَةٌ. وَصَبِيٌّ مَنْظُورٌ: أَصابته الْعَيْنُ. والمنظورُ: الَّذِي يُرْجَى خَيْرُه. وَيُقَالُ: مَا كَانَ نَظِيراً لِهَذَا وَلَقَدْ أَنْظَرْتُه، وَمَا كَانَ خَطِيراً وَلَقَدْ أَخْطَرْتُه. ومَنْظُورُ بْنُ سَيَّارٍ: رجلٌ. ومَنْظُورٌ: اسمُ جِنِّيٍّ؛ قَالَ:
وَلَوْ أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أَسْلما
…
لِنَزْعِ القَذَى، لَمْ يُبْرِئا لِي قَذَاكُما
وحَبَّةُ: اسْمُ امرأَة عَلِقَها هَذَا الْجِنِّيُّ فَكَانَتْ تَطَبَّبُ بِمَا يُعَلِّمُها. وناظِرَةُ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ أَو مَوْضِعٌ. ونَواظِرُ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وصَدَّتْ عَنْ نَواظِرَ واسْتَعَنَّتْ
…
قَتَاماً، هاجَ عَيْفِيًّا وَآلَا «1»
وَبَنُو النَّظَّارِ: قَوْمٌ مِنْ عُكْلٍ، وإِبل نَظَّاريَّة: مَنْسُوبَةٌ إِليهم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّة سَعُومَا
السَّعْمُ: ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل.
نعر: النُّعْرَةُ والنُّعَرَةُ: الخَيْشُوم، وَمِنْهَا يَنْعِرُ النَّاعِرُ. والنَّعْرَةُ: صوتٌ فِي الخَيْشُوم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِني وربِّ الكَعْبَةِ المَسْتُورَه،
…
والنَّعَراتِ مِنْ أَبي مَحْذُورَه
يَعْنِي أَذانه. ونَعَرَ الرجلُ يَنْعَرُ ويَنْعِرُ نَعِيراً ونُعاراً: صاحَ وصَوَّتَ بِخَيْشُومِهِ، وَهُوَ مِنَ الصَّوْتِ. قَالَ الأَزهري: أَما قَوْلُ اللَّيْثِ فِي النَّعِيرِ إِنه صَوْتٌ فِي الْخَيْشُومِ وَقَوْلُهُ النُّعَرَةُ الخيشومُ، فَمَا سَمِعْتُهُ لأَحد مِنَ الأَئمة، قَالَ: وَمَا أَرى اللَّيْثَ حَفِظَهُ. والنَّعِيرُ: الصِّياحُ. والنَّعِيرُ: الصُّراخُ فِي حَرْب أَو شَرّ. وامرأَة نَعَّارَةٌ: صَخَّابَةٌ فَاحِشَةٌ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. وَيُقَالُ: غَيْرَى نَعْرَى للمرأَة؛ قَالَ الأَزهري: نَعْرَى لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ تأْنيث نَعْرانَ، وَهُوَ الصَّخَّابُ، لأَن فَعْلانَ وفَعْلى يَجِيئَانِ فِي بَابِ فَعِلَ يَفْعَلُ وَلَا يَجِيئَانِ فِي بَابِ فَعَلَ يَفْعِلُ. قَالَ شَمِرٌ: النَّاعِرُ عَلَى وَجْهَيْنِ: النَّاعِرُ المُصَوِّتُ والنَّاعِرُ العِرْقُ الَّذِي يَسِيلُ دَمًا. ونَعَرَ عِرْقُه
(1). قوله [عيفياً] كذا بالأصل.
يَنْعِرُ نُعوراً ونَعِيراً، فَهُوَ نَعَّارٌ ونَعُورٌ: صَوَّتَ لِخُرُوجِ الدَّمِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،
…
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائِطَ المَصْفُورِ
وَهَذَا الرَّجَزُ نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِرُؤْبَةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ لأَبيه الْعَجَّاجِ، وَمَعْنَى بَجَّ شَقَّ، يَعْنِي أَن الثَّوْرَ طَعَنَ الكلبَ فَشَقَّ جِلْدَهُ. والعَانِدُ: الْعِرْقُ الَّذِي لَا يَرْقَأُ دَمُه. وَقَوْلُهُ قَضْبَ الطَّبِيبِ أَي قَطْعَ الطَّبِيبِ النائطَ وَهُوَ الْعِرْقُ. وَالْمَصْفُورُ: الَّذِي بِهِ الصُّفَارُ، وَهُوَ الْمَاءُ الأَصفر. والنَّاعُورُ: عِرْقٌ لَا يرقأُ دَمُهُ. ونَعَرَ الجُرْحُ بِالدَّمِ يَنْعَرُ إِذا فَارَ. وجُرْحٌ نَعَّارٌ: لَا يرقأُ. وجُرْحٌ نَعُورٌ: يُصَوِّت مِنْ شِدَّةِ خُرُوجِ دَمِهِ مِنْهُ. ونَعَرَ العرقُ يَنْعَرُ، بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، نَعْراً أَي فَارَ مِنْهُ الدَّمُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
صَرَتْ نَظْرَةً لَوْ صادَفَتْ جَوْزَ دَارِعٍ
…
غَدَا، والعَواصِي مِنْ دَمِ الجَوْفِ تَنْعَرُ
وَقَالَ جَنْدَلُ بْنُ الْمُثَنَّى:
رأَيتُ نيرانَ الحُروبِ تُسْعَرُ
…
مِنْهُمْ إِذا مَا لُبِسَ السَّنَوَّرُ،
ضَرْبٌ دِرَاكٌ وطِعانٌ يَنْعَرُ
وَيُرْوَى يَنْعِرُ، أَي وَاسِعُ الْجِرَاحَاتِ يَفُورُ مِنْهُ الدَّمُ. وضربٌ دِراكٌ أَي مُتَتَابِعٌ لَا فُتُور فِيهِ. والسَّنَوَّرُ: الدُّرُوعُ، وَيُقَالُ: إِنه اسْمٌ لِجَمِيعِ السِّلَاحِ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: أَعوذ بَاللَّهِ مِنْ شَرِّ عِرْقٍ نَعَّارٍ
، مِنْ ذَلِكَ. ونَعرَ الجُرْحُ يَنْعَرُ: ارْتَفَعَ دَمُهُ. ونَعَر العِرْقُ بِالدَّمِ، وَهُوَ عِرْقٌ نَعَّارٌ بِالدَّمِ: ارْتَفَعَ دَمُهُ. قَالَ الأَزهري: قرأْت فِي كِتَابِ أَبي عُمَرَ الزَّاهِدِ مَنْسُوبًا إِلى ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: جُرْحٌ تَعَّارٌ، بِالْعَيْنِ وَالتَّاءِ، وتَغَّارٌ، بِالْغَيْنِ وَالتَّاءِ، ونَعَّارٌ، بِالْعَيْنِ وَالنُّونِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَرْقَأُ، فَجَعَلَهَا كُلَّهَا لُغَاتٍ وَصَحَّحَهَا. والنُّعَرَةُ: ذبابٌ أَزْرَقُ يَدْخُلُ فِي أُنوف الْحَمِيرِ وَالْخَيْلِ، وَالْجَمْعُ نُعَرٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: نُعَرٌ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلَّا بِالْهَاءِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه سَمِعَ الْعَرَبَ تَقُولُ هُوَ النُّعَرُ، فَحَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَن تأَوَّل نُعَراً فِي الْجَمْعِ الَّذِي ذَكَرْنَا، وإِلَّا فَقَدْ كَانَ تَوْجِيهُهُ عَلَى التَّكْسِيرِ أَوْسَعَ. ونَعِرَ الفرسُ والحمارُ يَنْعَرُ نَعَراً، فَهُوَ نَعِرٌ: دَخَلَتِ النُّعَرَةُ فِي أَنفه؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
فَظَلَّ يُرَنِّحُ فِي غَيْطَلٍ،
…
كَمَا يَسْتَدِيرُ الحِمارُ النَّعِرْ
أَي فَظَلَّ الْكَلْبُ لَمَّا طَعَنَهُ الثَّوْرُ بِقَرْنِهِ يَسْتَدِيرُ لأَلم الطَّعْنَةِ كَمَا يَسْتَدِيرُ الْحِمَارُ الَّذِي دَخَلَتِ النُّعَرَةُ فِي أَنفه. والغَيْطَلُ: الشَّجَرُ، الْوَاحِدَةُ غَيْطَلَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النُّعَرَةُ، مِثَالُ الهُمَزَةِ، ذُبَابٌ ضَخْمٌ أَزرق الْعَيْنِ أَخضر لَهُ إِبرة فِي طَرَفِ ذَنَبِهِ يَلْسَعُ بِهَا ذَوَاتَ الْحَافِرِ خَاصَّةً، وَرُبَّمَا دَخَلَ فِي أَنف الْحِمَارِ فَيَرْكَبُ رأْسه وَلَا يَرُدُّه شَيْءٌ، تَقُولُ مِنْهُ: نَعِرَ الْحِمَارُ، بِالْكَسْرِ، يَنْعَرُ نَعَراً، فَهُوَ حِمَارٌ نَعِرٌ، وأَتانٌ نَعِرَةٌ، وَرَجُلٌ نَعِرٌ: لَا يَسْتَقِرَّ فِي مَكَانٍ، وَهُوَ مِنْهُ. وَقَالَ الأَحمر: النُّعَرَةُ ذُبَابَةٌ تَسْقُطُ عَلَى الدَّوَابِّ فَتُؤْذِيهَا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
تَرَى النُّعَراتِ الخُضْرَ حَوْلَ لَبَانِهِ،
…
أُحادَ ومَثْنَى، أَصْعَقَتْها صَواهِلُه
أَي قَتَلَهَا صَهِيلُهُ. ونَعَرَ فِي الْبِلَادِ أَي ذَهَب. وَقَوْلُهُمْ: إِن في رأْسه نُعَرَةً أَي كِبْراً. وَقَالَ الأُمَوِيُّ: إِن في رأْسه نَعَرَةً، بِالْفَتْحِ، أَي أَمْراً يَهُمُّ بِهِ.
وَيُقَالُ: لأُطِيرَنَّ نُعَرَتَكَ أَي كِبْرَكَ وَجَهْلَكَ مِنْ رأْسك، والأَصل فِيهِ أَنَّ الْحِمَارَ إِذا نَعِرَ رَكِب رأْسَه، فَيُقَالُ لِكُلِّ مَنْ رَكِبَ رأْسَه: فِيهِ نُعَرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا أُقْلِعُ عَنْهُ حَتَّى أُطِيرَ نُعَرَتَهُ، وَرُوِيَ: حَتَّى أَنْزِعَ النُّعَرَةَ الَّتِي فِي أَنفه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الذُّبَابُ الأَزرق وَوَصَفَهُ وَقَالَ: ويَتَولَّعُ بِالْبَعِيرِ وَيَدْخُلُ فِي أَنفه فَيَرْكَبُ رأْسَه، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لنَعِيرِها وَهُوَ صَوْتُهَا، قَالَ: ثُمَّ اسْتُعِيرَتْ للنَّخْوَةِ والأَنَفَةِ والكِبْرِ أَي حَتَّى أُزيل نَخْوَتَهُ وأُخْرِجَ جَهْلَهُ مِنْ رأْسه، أَخرجه الْهَرَوِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، رضي الله عنه، وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ حَدِيثًا مَرْفُوعًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه: إِذا رأَيت نُعَرَةَ النَّاسِ وَلَا تَسْتَطِيعُ أَن تُغَيِّرَها فدَعْها حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ يُغَيِّرُهَا
أَي كِبْرَهُمْ وَجَهْلَهُمْ، والنُّعَرَةُ والنُّعَرُ: مَا أَجَنَّتْ حُمُرُ الْوَحْشِ فِي أَرحامها قَبْلَ أَن يَتِمَّ خَلْقُهُ، شُبِّهَ بِالذُّبَابِ، وَقِيلَ: إِذا اسْتَحَالَتِ الْمُضْغَةُ فِي الرَّحِمِ فَهِيَ نُعَرَةٌ، وَقِيلَ: النُّعَرُ أَولاد الْحَوَامِلِ إِذا صَوَّتَتْ، وَمَا حَمَلَتِ الناقةُ نُعَرَةً قَطُّ أَي مَا حَمَلَتْ وَلَدًا؛ وجاءَ بِهَا العَجَّاجُ فِي غَيْرِ الجَحْدِ فَقَالَ:
والشَّدنِيَّات يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ «1»
يُرِيدُ الأَجنة؛ شَبَّهَهَا بِذَلِكَ الذُّبَابِ. وَمَا حَمَلَتِ المرأَة نُعَرَةً قَطُّ أَي مَلْقُوحًا؛ هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ، وَالْمَلْقُوحُ إِنما هُوَ لِغَيْرِ الإِنسان. وَيُقَالُ للمرأَة وَلِكُلِّ أُنثى: مَا حَمَلَتْ نُعَرَةً قَطُّ، بِالْفَتْحِ، أَي مَا حَمَلَتْ مَلْقُوحًا أَي وَلَدًا. والنُّعَرُ رِيحٌ تأْخذ فِي الأَنف فَتَهُزُّهُ. والنَّعُورُ مِنَ الرِّيَاحِ: مَا فاجَأَكَ بِبَرْدٍ وأَنت فِي حَرٍّ، أَو بحَرٍّ وأَنت فِي بَرْدٍ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ. ونَعَرَتِ الريحُ إِذا هَبَّتْ مَعَ صَوْتٍ، وَرِيَاحٌ نَواعِرُ وَقَدْ نَعَرَتْ نُعاراً. والنَّعْرَةُ مِنَ النَّوْءِ إِذا اشتدَّ بِهِ هُبُوبُ الرِّيحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
عَمِل الأَنامِل ساقِط أَرْواقُه
…
مُتَزَحِّر، نَعَرَتْ بِهِ الجَوْزاءُ
والنَّاعُورَةُ: الدُّولابُ. والنَّاعُورُ: جَنَاحُ الرَّحَى. والنَّاعُورُ: دَلْوٌ يُسْتَقَى بِهَا. والنَّاعُورُ: وَاحِدُ النَّواعِير الَّتِي يُسْتَقَى بِهَا يُدِيرُهَا الماءُ وَلَهَا صوتٌ. والنُّعَرَةُ: الخُيَلاءُ. وَفِي رأْسه نُعرَةٌ ونَعَرَةٌ أَي أَمْرٌ يَهُمُّ بِهِ. ونِيَّةٌ نَعُورٌ: بَعِيدَةٌ؛ قَالَ:
وكنتُ إِذا لَمْ يَصِرْنِي الهَوَى
…
وَلَا حُبُّها، كَانَ هَمِّي نَعُورَا
وَفُلَانٌ نَعِيرُ الهَمّ أَي بَعِيدُه. وهِمَّةٌ نَعُورٌ: بعيدةٌ. والنَّعُورُ مِنَ الْحَاجَاتِ: الْبَعِيدَةُ. وَيُقَالُ: سَفَرٌ نَعُورٌ إِذا كَانَ بَعِيدًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
ومِثْلِي، فاعْلَمِي يَا أُمَّ عَمرٍو،
…
إِذا مَا اعْتادَهُ سَفَرٌ نَعُورُ
وَرَجُلٌ نَعَّارٌ فِي الْفِتَنِ: خَرَّاجٌ فِيهَا سَعَّاءٌ، لَا يُرَادُ بِهِ الصوتُ وإِنما تُعْنَى بِهِ الحركةُ. والنَّعَّارُ أَيضاً: الْعَاصِي؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ونَعَرَ القومُ: هَاجُوا وَاجْتَمَعُوا فِي الْحَرْبِ. وَقَالَ الأَصمعي فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ:
مَا كَانَتْ فتنةٌ إِلَّا نَعَرَ فِيهَا فلانٌ
أَي نَهَضَ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
الحَسَنِ: كُلَّمَا نَعَرَ بِهِمْ ناعِرٌ اتَّبَعُوه
أَي ناهِضٌ يَدْعُوهُمْ إِلى الْفِتْنَةِ وَيَصِيحُ بِهِمْ إِليها. ونَعَر الرَّجُلُ: خَالَفَ وأَبى؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي للمُخَبَّلِ السَّعْدِي:
إِذا مَا هُمُ أَصْلَحُوا أَمرَهُمْ،
…
نَعَرْتَ كما يَنْعَرُ الأَخْدَعُ
(1). قوله [والشدنيات] الذي تقدم: كالشدنيات، ولعلهما روايتان.
يَعْنِي أَنه يُفْسِدُ عَلَى قَوْمِهِ أَمرهم، ونَعْرَةُ النَّجْمِ: هُبُوبُ الرِّيحِ وَاشْتِدَادُ الْحَرِّ عِنْدَ طُلُوعِهِ فإِذا غَرَبَ سَكَنَ. وَمِنْ أَين نَعَرْتَ إِلينا أَي أَتيتنا وأَقبلت إِلينا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ مَرَّةً: نَعَرَ إِليهم طَرَأَ عَلَيْهِمْ. والتَّنْعِيرُ: إِدارة السَّهْمِ عَلَى الظُّفُرِ لِيُعْرَفَ قَوَامُهُ مِنْ عِوَجِهِ، وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَنْ أَراد اخْتِبَارَ النَّبْلِ، وَالَّذِي حَكَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ فِي هَذَا إِنما هُوَ التَّنْفِيزُ. والنُّعَرُ: أَوَّل مَا يُثْمِرُ الأَراكُ، وَقَدْ أَنْعَرَ أَي أَثْمر، وَذَلِكَ إِذا صَارَ ثَمَرَةً بِمِقْدَارِ النُّعَرَةِ. وَبَنُو النَّعِير: بَطْنٌ من العرب.
نغر: نَغِرَ عَلَيْهِ، بِالْكَسْرِ، نَغَراً، ونَغَرَ يَنْغِرُ نَغَراناً وتَنَغَّر: غَلَى وغَضِبَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَغْلِي جَوْفُهُ مِنَ الْغَيْظِ، وَرَجُلٌ نَغِر، وامرأَة نَغِرَة: غَيْرَى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: أَن امرأَة جاءَته فَذَكَرَتْ لَهُ أَن زَوْجَهَا يأْتي جَارِيَتَهَا، فَقَالَ: إِن كنتِ صَادِقَةً رَجَمْنَاهُ، وإِن كنتِ كَاذِبَةً جَلَدْناكِ، فَقَالَتْ: رُدُّوني إِلى أَهلي غَيْرَى نَغِرَةً
أَي مُغْتَاظَةً يَغْلِي جَوْفِي غَلَيانَ القِدْرِ؛ قَالَ الأَصمعي: سأَلني شُعْبَةُ عَنْ هَذَا الْحَرْفِ فَقُلْتُ: هُوَ مأْخوذ مِنْ نَغَرِ القِدر، وَهُوَ غَلَيانُها وفَوْرُها. يُقَالُ مِنْهُ: نَغِرَتِ القِدر تَنْغَر نَغَراً إِذا غَلَتْ، فَمَعْنَاهُ أَنها أَرادت أَن جَوْفَهَا يَغْلِي مِنَ الْغَيْظِ والغَيْرَةِ، ثُمَّ لَمْ تَجِدْ عِنْدَ عَلِيٍّ، عليه السلام، مَا تُرِيدُ. وَكَانَتْ بَعْضُ نِسَاءِ الأَعراب عَلِقَةً بِبَعْلِهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَتَاهَتْ وتَدَلَّهَتْ مِنَ الغَيْرَةِ، فَمَرَّتْ يَوْمًا بِرَجُلٍ يَرْعَى إِبلًا لَهُ فِي رأْس أَبرق، فَقَالَتْ: أَيها الأَبرق فِي رأْس الرَّجُلِ عَسَى رأَيت جَرِيراً يَجُرُّ بَعِيراً، فَقَالَ لَهَا الرَّجُلُ: أَغَيْرَى أَنت أَم نَغِرَةٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ: مَا أَنا بالغَيْرَى وَلَا النَّغِرَة، أُذِيبُ أَحْمالي وأَرْعَى زُبْدَتي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن النَّغِرَةَ هُنَا الغَضْبى لَا الغَيْرَى لِقَوْلِهِ: أَغْيْرَى أَنتِ أَم نَغِرَةٌ؟ فَلَوْ كَانَتِ النَّغِرَةُ هُنَا هِيَ الغَيْرَى لَمْ يُعَادِلْ بِهَا قَوْلَهُ أَغَيْرَى كَمَا لَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَقاعد أَنت أَم جَالِسٌ؟ ونَغَرَتِ القِدْرُ تَنْغِرُ نَغِيراً ونَغَراناً ونَغِرَتْ: غَلَتْ. وظَلَّ فُلَانٌ يَتَنَغَّرُ عَلَى فُلَانٍ أَي يَتَذَمَّرُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: أَي يَغْلِي عَلَيْهِ جَوْفُهُ غَيْظاً. ونَغَرَتِ الناقةُ تَنْغِرُ: ضَمَّتْ مُؤَخَّرَها فَمَضَتْ. ونَغَرَها: صاحَ بِهَا؛ قَالَ:
وعَجُز تَنْغِرُ للتَّنْغِير
وَرَوَى بَعْضُهُمْ: تَنْفِرُ لِلتَّنْفِيرِ يَعْنِي تُطَاوِعُهُ عَلَى ذَلِكَ. والنُّغَرُ: فِراخُ الْعَصَافِيرِ، وَاحِدَتُهُ نُغَرَةٌ مِثَالُ هُمَزَة، وَقِيلَ: النُّغَرُ ضربٌ مِنَ الحُمَّرِ حُمْرُ الْمَنَاقِيرِ وأُصُولِ الأَحْناكِ، وَجَمْعُهَا نِغْرانٌ، وَهُوَ البُلْبُلُ عِنْدَ أَهل الْمَدِينَةِ؛ قَالَ يَصِفُ كَرْماً:
يَحْمِلْنَ أَزقاقَ المُدامِ، كأَنما
…
يحْمِلْنَها بأَظافِرِ النِّغْرانِ
شَبَّهَ مَعالق العِنَبِ بأَظافِرِ النِّغْرانِ. الْجَوْهَرِيُّ: النغَرَةُ، مِثَالُ الهُمَزة، وَاحِدَةُ النُّغَرِ، وَهِيَ طَيْرٌ كَالْعَصَافِيرِ حُمْرُ الْمَنَاقِيرِ؛ قَالَ الرَّاجِزِ:
عَلِقَ حَوْضِي نُغَرٌ مُكِبُّ،
…
إِذا غَفَلْتُ غَفْلَةً يَعُبُّ،
وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُ
وَبِتَصْغِيرِهِ جَاءَ الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِبُنَيٍّ كَانَ لأَبي طَلْحَةَ الأَنصاري وَكَانَ لَهُ نُغَرٌ فَمَاتَ: فَمَا فَعَلَ النُّغَيرُ يَا أَبا عُمَيرٍ
؟ قَالَ الأَزهري: النُّغَر طَائِرٌ يُشبه العُصْفُورَ وَتَصْغِيرُهُ نُغَيْرٌ، وَيُجْمَعُ نِغْراناً مِثْلُ صُرَدٍ وصِرْدانٍ. شِمْرٌ: النُّغَرُ فَرْخُ الْعُصْفُورِ،
وَقِيلَ: هُوَ مِنْ صِغَارِ الْعَصَافِيرِ تَرَاهُ أَبداً صَغِيرًا ضاوِيّاً. والنُّغَرُ: أَولاد الْحَوَامِلِ إِذا صَوَّتَتْ ووزَّغَتْ أَي صَارَتْ كالوَزَغِ فِي خِلْقَتِهَا صِغَرٌ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ وإِنما هُوَ النُّعَرُ، بِالْعَيْنِ، وَيُقَالُ مِنْهُ: مَا أَجَنَّتِ الناقةُ نُغَراً قَطُّ أَي مَا حَمَلَتْ، وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهُ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
كالشَّدَنِيَّاتِ يُساقِطْنَ النُّغَرْ
ونَغِرَ مِنَ الْمَاءِ نَغَراً: أَكثر. وأَنْغَرَت الشاةُ: لُغَةٌ فِي أَمْغَرَتْ، وَهِيَ مُنْغِرٌ: احمَرَّ لَبَنُهَا وَلَمْ تُخْرِطْ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن يَكُونَ فِي لَبَنِهَا شُكْلَةُ دَمٍ فإِذا كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَادَةً، فَهِيَ مِنغارٌ. قَالَ الأَصمعي: أَمْغَرَتِ الشاةُ وأَنْغَرَتْ، وَهِيَ شَاةٌ مُمْغِرٌ ومُنْغِرٌ إِذا حُلِبَتْ فَخَرَجَ مَعَ لَبَنِهَا دَمٌ. وَشَاةٌ مِنْغارٌ: مِثْلُ مِمْغار. وجُرْحٌ نَغَّارٌ: يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ؛ قَالَ أَبو مَالِكٍ: يُقَالُ نَغَرَ الدَّمُ ونَعَرَ وتَغَرَ كُلُّ ذَلِكَ إِذا انْفَجَرَ، وَقَالَ العُكْلِيُّ: شَخَبَ العِرْقُ ونَغَر ونَعَرَ؛ قَالَ الكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ:
وعاثَ فيهنَّ مِنْ ذِي ليَّةٍ نُتِقَتْ،
…
أَو نازِفٌ مِنْ عُرُوقِ الجَوْفِ نَغَّارُ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ: نَغَّارٌ سَيَّالٌ.
نفر: النَّفْرُ: التَّفَرُّقُ. يقال: لَقِيتُهُ قَبْلَ كُلِّ صَيْحٍ ونَفْرٍ أَي أَولًا، والصَّيْحُ: الصِّياحُ. والنَّفْرُ: التَّفَرُّقُ؛ نَفَرَتِ الدابةُ تَنْفِرُ وتَنْفُر نِفاراً ونُفُوراً وَدَابَّةٌ نافِرٌ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَا يُقَالُ نافِرَةٌ، وَكَذَلِكَ دَابَّةٌ نَفُورٌ، وكلُّ جازِعٍ مِنْ شَيْءٍ نَفُورٌ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
إِذا نَهَضَتْ فِيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها،
…
كَقِتْر الغِلاءِ مُسْتَدِرٌّ صيابُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما هُوَ اسْمٌ لِجَمْعِ نَافِرٍ كَصَاحِبٍ وصَحْبٍ وَزَائِرٍ وزَوْرٍ وَنَحْوِهِ. ونَفَرَ القومُ يَنْفِرُون نَفْراً ونَفِيراً. وَفِي حَدِيثِ
حَمْزَةَ الأَسلمي: نُفِّرَ بِنَا فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم
؛ يُقَالُ: أَنْفَرْنا أَي تَفَرَّقَتْ إِبلنا، وأُنْفِرَ بِنَا أَي جُعِلنا مُنْفِرِين ذَوِي إِبلٍ نافِرَةٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: فأَنْفَرَ بِهَا الْمُشْرِكُونَ بَعِيرَها حَتَّى سَقَطَتْ.
ونَفَرَ الظَّبْيُ وَغَيْرُهُ نَفْراً ونَفَراناً: شَرَدَ. وظَبْيٌ نَيْفُورٌ: شَدِيدُ النِّفارِ. واسْتَنْفَرَ الدَّابَّةَ: كَنَفَّرَ. والإِنْفارُ عَنِ الشَّيْءِ والتَّنْفِيرُ عَنْهُ والاسْتِنْفارُ كلُّه بِمَعْنًى. والاسْتِنْفارُ أَيضاً: النُّفُورُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ارْبُطْ حِمارَكَ، إِنه مُسْتَنْفِرٌ
…
فِي إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
أَي نَافِرٌ: وَيُقَالُ: فِي الدَّابَّةِ نِفارٌ، وَهُوَ اسمٌ مِثْلُ الحِرانِ؛ ونَفَّرَ الدَّابَّةَ واسْتَنْفَرَها. وَيُقَالُ: اسْتَنْفَرْتُ الوحشَ وأَنْفَرْتُها ونَفَّرْتُها بِمَعْنًى فَنَفَرَتْ تَنْفِرُ واسْتَنْفَرَتْ تَسْتَنْفِرُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ
؛ وَقُرِئَتْ: مستنفِرة، بِكَسْرِ الْفَاءِ، بِمَعْنَى نَافِرَةٍ، وَمَنْ قرأَ مستنفَرة، بِفَتْحِ الْفَاءِ، فَمَعْنَاهَا مُنَفَّرَةٌ أَي مَذْعُورَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا
أَي لَا تَلْقَوْهُمْ بِمَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى النُّفُورِ. يُقَالُ: نَفَرَ يَنْفِر نُفُوراً ونِفاراً إِذا فَرَّ وَذَهَبَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ
أَي مَنْ يَلْقى الناسَ بالغِلْظَةِ والشِّدَّةِ فَيَنْفِرُونَ مِنَ الإِسلام والدِّين. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا تُنَفِّرِ الناسَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اشْتَرَطَ لِمَنْ أَقْطَعَهُ أَرضاً أَن لَا يُنَفَّرَ مالُه
أَي لَا يُزْجَرَ مَا يَرْعَى مِنْ مَالِهِ
وَلَا يُدْفَعَ عَنِ الرَّعْي. واسْتَنْفَرَ القومَ فَنَفَرُوا مَعَهُ وأَنْفَرُوه أَي نَصَرُوهُ ومَدُّوه. ونَفَرُوا فِي الأَمر يَنْفِرُون نِفاراً ونُفُوراً ونَفِيراً؛ هَذِهِ عَنِ الزَّجَّاج، وتَنافَرُوا: ذَهَبُوا، وَكَذَلِكَ فِي الْقِتَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِذا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا.
والاسْتِنْفارُ: الاسْتِنْجادُ والاسْتِنْصارُ، أَي إِذا طَلَبَ مِنْكُمُ النُّصْرَةَ فأَجيبوا وانْفِرُوا خَارِجِينَ إِلى الإِعانة. ونَفَرُ القومِ جماعَتُهم الَّذِينَ يَنْفِرُون فِي الأَمر، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه بَعَثَ جَمَاعَةً إِلى أَهل مَكَّةَ فَنَفَرَتْ لَهُمْ هُذَيْلٌ فَلَمَّا أَحَسُّوا بهم لجَؤُوا إِلى قَرْدَدٍ
أَي خَرَجُوا لِقِتَالِهِمْ. والنَّفْرَةُ والنَّفْرُ والنَّفِيرُ: القومُ يَنْفِرُونَ مَعَكَ ويَتَنافَرُونَ فِي الْقِتَالِ، وَكُلُّهُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ:
إِنَّ لَهَا فَوارِساً وفَرَطَا،
…
ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعًى وَسَطَا،
يَحْمُونَها مِنْ أَنْ تُسامَ الشَّطَطَا
وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والنَّفِيرُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ يتَقَدَّمُونَ فِيهِ. والنَّفيرُ: الجماعةُ مِنَ النَّاسِ كالنَّفْرِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَنْفارٌ. ونَفِير قُرَيْشٍ: الَّذِينَ كَانُوا نَفَرُوا إِلى بَدْرٍ لِيَمْنَعُوا عِيْرَ أَبي سُفْيَانَ. وَيُقَالُ: جَاءَتْ نَفْرَةُ بَنِي فُلَانٍ ونَفِيرُهم أَي جَمَاعَتُهُمُ الَّذِينَ يَنْفِرُون فِي الأَمر. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا فِي العِيْرِ وَلَا فِي النَّفِير؛ قِيلَ هَذَا الْمَثَلُ لِقُرَيْشٍ مِنْ بَيْنِ الْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، لَمَّا هَاجَرَ إِلى الْمَدِينَةِ وَنَهَضَ مِنْهَا لِتَلَقِّي عِير قُرَيْشٍ سَمِعَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ بِذَلِكَ، فَنَهَضُوا ولَقُوه ببَدْرٍ ليَأْمَنَ عِيرُهم المُقْبِلُ مِنَ الشأْم مَعَ أَبي سُفْيَانَ، فَكَانَ مِنْ أَمرهم مَا كَانَ، وَلَمْ يَكُنْ تَخَلَّفَ عَنِ العِيْرِ وَالْقِتَالِ إِلا زَمِنٌ أَو مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ لِمَنْ لَا يَسْتَصْلِحُونَهُ لِمُهِمٍّ: فُلَانٌ لَا فِي العِيرِ وَلَا فِي النَّفِيرِ، فالعيرُ مَا كَانَ مِنْهُمْ مَعَ أَبي سُفْيَانَ، وَالنَّفِيرُ مَا كَانَ مِنْهُمْ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ قَائِدِهِمْ يومَ بَدْرٍ. واسْتَنْفَرَ الإِمامُ الناسَ لِجِهَادِ الْعَدُوِّ فَنَفَرُوا يَنْفِرُونَ إِذا حَثَّهُم عَلَى النَّفِيرِ وَدَعَاهُمْ إِليه؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: وإِذا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا.
ونَفَرَ الحاجُّ مِنْ مِنًى نَفْراً ونَفرَ الناسُ مِنْ مِنًى يَنْفِرُونَ نَفْراً ونَفَراً، وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ والنَّفَرِ والنُّفُورِ والنَّفِيرِ، وليلةُ النَّفْر والنَّفَرِ، بِالتَّحْرِيكِ، ويومُ النُّفُورِ ويومُ النَّفِير، وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
يومُ النَّفْرِ الأَوّل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيام التَّشْرِيقِ، والنَّفْرُ الآخِرُ اليومُ الثَّالِثُ، وَيُقَالُ: هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ القَرِّ ثُمَّ يَوْمُ النَّفَرِ الأَول ثُمَّ يَوْمُ النَّفَرِ الثَّانِي، وَيُقَالُ يَوْمُ النَّفَرِ وَلَيْلَةُ النَّفَرِ لِلْيَوْمِ الَّذِي يَنْفِرُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ مِنًى، وَهُوَ بَعْدَ يَوْمِ القرِّ؛ وأَنشد لِنُصَيْبٍ الأَسْوَدِ وَلَيْسَ هُوَ نُصَيْباً الأَسْوَدَ المَرْوانِيَّ:
أَمَا وَالَّذِي حَجَّ المُلَبُّونَ بَيْتَهُ،
…
وعَلَّمَ أَيامَ الذبائحِ والنَّحْرِ
لَقَدْ زَادَني، لِلْغَمْرِ، حُبّاً، وأَهْلهِ،
…
لَيالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى عَلَى الغَمْرِ
وَهَلْ يَأْثَمَنِّي اللهُ فِي أَن ذَكَرْتُها،
…
وعَلَّلْتُ أَصحابي بِهَا ليلةَ النَّفْرِ
وسَكَّنْتُ مَا بِي مِنْ كَلالٍ وَمِنْ كَرًى،
…
وَمَا بالمَطايا مِنْ جُنُوحٍ وَلَا فَتْرِ
وَيُرْوَى: وَهَلْ يأْثُمَنِّي، بِضَمِّ الثَّاءِ. والنَّفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، والرَّهْطُ: مَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنَ الرِّجَالِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ فَقَالَ لِلرِّجَالِ دُونَ النساءِ، وَالْجَمْعُ أَنفار. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: النَّفَرُ والقومُ والرَّهْطُ
هَؤُلَاءِ مَعْنَاهُمُ الْجَمْعُ لَا وَاحِدَ لَهُمْ مِنْ لَفْظِهِمْ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: والنسبُ إِليه نَفَرِيٌّ، وَقِيلَ: النَّفَرُ الناسُ كُلُّهُمْ؛ عَنْ كُرَاعٍ، والنَّفِيرُ مثلُه، وَكَذَلِكَ النَّفْرُ والنَّفْرَةُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: لَوْ كَانَ هَاهُنَا أَحدٌ مِنْ أَنْفارِنا
أَي مِنْ قَوْمِنَا، جَمْعُ نَفَرٍ وَهُمْ رَهْطُ الإِنسان وَعَشِيرَتُهُ، وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ يَقَعُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الرِّجَالِ خَاصَّةً مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلى الْعَشَرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ونَفَرُنا خُلُوفٌ
أَي رِجَالُنَا. اللَّيْثُ: يُقَالُ هَؤُلَاءِ عَشَرَةُ نَفَرٍ أَي عَشَرَةُ رِجَالٍ، وَلَا يُقَالُ عِشْرُونَ نَفَراً وَلَا مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ، وَهُمُ النَّفَرُ مِنَ الْقَوْمِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: نَفْرَةُ الرَّجُلِ ونَفَرُهُ رَهْطُه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ رَجُلًا بِجَوْدَةِ الرَّمْي:
فَهْوَ لَا تَنْمِي رَمِيَّتُهُ،
…
مَا لَه؟ لَا عُدَّ مِنْ نَفَرِه
فَدَعَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَمْدَحُهُ، وَهَذَا كَقَوْلِكَ لِرَجُلٍ يُعْجِبُكَ فِعْلُهُ: مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللهُ أَخزاه اللهُ وأَنت تُرِيدُ غَيْرَ مَعْنَى الدُّعَاءِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: النَّفِيرُ جَمْعُ نَفْرٍ كالعَبِيدِ والكَلِيبِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكثر مِنْهُمْ نُصَّاراً. وَجَاءَنَا فِي نُفْرَتِه ونافِرَتِه أَي فِي فَصِيلَتِه وَمَنْ يَغْضَبُ لِغَضَبِهِ. وَيُقَالُ: نَفْرَةُ الرَّجُلِ أُسْرَتُه. يُقَالُ: جَاءَنَا فِي نَفْرَتِه ونَفْرِه؛ وأَنشد:
حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ: إِنَّ نَفْرَتَنا
…
أَلْيَوْمَ كلَّهُمُ، يَا عُرْوَ، مُشْتَغِلُ
وَيُقَالُ للأُسْرَةِ أَيضاً: النُّفُورَةُ. يُقَالُ: غابتْ نُفُورَتُنا وغَلَبَتْ نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُمْ، وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ:
غَلَبَتْ نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُم
؛ يُقَالُ لأَصحاب الرَّجُلِ وَالَّذِينَ يَنْفِرُونَ مَعَهُ إِذا حَزَبَه أَمر. نَفْرَتُه ونَفْرُهُ ونافِرَتُه ونُفُورَتُه. ونافَرْتُ الرجلَ مُنافَرَةً إِذا قاضيتَه. والمُنافَرَةُ: الْمُفَاخَرَةُ وَالْمُحَاكَمَةُ. والمُنافَرَةُ: الْمُحَاكَمَةُ فِي الحَسَبِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُنافَرَةُ أَن يَفْتَخِرَ الرَّجُلَانِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ يُحَكِّما بَيْنَهُمَا رَجُلًا كَفِعْلِ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاثَةَ مَعَ عَامِرِ بْنِ طُفَيْلٍ حِينَ تَنافرا إِلى هَرِمِ بْنِ قُطْبَةَ الفَزارِيِّ؛ وَفِيهِمَا يَقُولُ الأَعشى يَمْدَحُ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ وَيَحْمِلُ عَلَى عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاثَةَ:
قَدْ قلتُ شِعْري فمَضى فِيكُمَا،
…
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنَّافِرِ
والمَنْفُورُ: المغلوب. والنَّافِرُ: الْغَالِبُ. وَقَدْ نافَرَهُ فَنَفَرَهُ يَنْفُرُه، بِالضَّمِّ لَا غَيْرَ، أَي غَلَبَهُ، وَقِيلَ: نَفَرَهُ يَنْفِرُه ويَنْفُرُهُ نَفْراً إِذا غَلَبَهُ. ونَفَّرَ الحاكمُ أَحدهما عَلَى صَاحِبِهِ تَنْفِيراً أَي قَضَى عَلَيْهِ بِالْغَلَبَةِ، وَكَذَلِكَ أَنْفَرَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: نافَرَ أَخي أُنَيْسٌ فُلَانًا الشاعِرَ
؛ أَراد أَنهما تَفاخَرا أَيُّهما أَجْوَدُ شِعْراً. ونافَرَ الرجلَ مُنافَرَةً ونِفاراً: حاكَمَهُ، واسْتُعْمِلَ مِنْهُ النُّفُورَةُ كالحُكومَةِ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
يَبْرُقْنَ فَوْقَ رِواقِ أَبيضَ ماجِدٍ،
…
يُرْعى ليومِ نُفُورَةٍ ومَعاقِلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وكأَنما جَاءَتِ المُنافَرَةُ فِي أَوّل مَا اسْتُعْمِلَتْ أَنهم كَانُوا يسأَلون الْحَاكِمَ: أَيُّنا أَعَزُّ نَفَراً؟ قَالَ زُهَيْرٌ:
فإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثلاثٌ:
…
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
وأَنْفَرَهُ عَلَيْهِ ونَفَّرَه ونَفَرَهُ يَنْفُرُه، بِالضَّمِّ، كُلُّ ذَلِكَ: غَلَبَه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَلَمْ
يَعْرِفْ أَنْفُرُ، بِالضَّمِّ، فِي النِّفارِ الَّذِي هُوَ الهَرَبُ والمُجانَبَةُ. ونَفَّرَه الشيءَ وَعَلَى الشَّيْءِ وَبِالشَّيْءِ بِحَرْفٍ وَغَيْرِ حرف: غَلَبَهُ عليه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
نُفِرْتُمُ المَجْدَ فَلَا تَرْجُونَهْ،
…
وجَدْتُمُ القومَ ذَوِي زَبُّونَهْ
كَذَا أَنشده نُفِرْتُمْ، بِالتَّخْفِيفِ. والنُّفارَةُ: مَا أَخَذَ النَّافِرُ مِنَ المَنْفَورِ، وَهُوَ الغالبُ «2» ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ مَا أَخذه الْحَاكِمُ. ابْنُ الأَعرابي: النَّافِرُ القَامِرُ. وَشَاةٌ نافِرٌ: وَهِيَ الَّتِي تُهْزَلُ فإِذا سَعَلَتِ انْتَثَرَ مِنْ أَنفها شَيْءٌ، لُغَةٌ فِي النَّاثِرِ. ونَفَرَ الجُرْحُ نُفُوراً إِذا وَرِمَ. ونَفَرَتِ العينُ وَغَيْرُهَا مِنَ الأَعضاء تَنْفِرُ نُفُوراً: هَاجَتْ ووَرِمَتْ. ونَفَرَ جِلْدُه أَي وَرِمَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن رَجُلًا فِي زَمَانِهِ تَخَلَّلَ بالقَصَبِ فَنَفَرَ فُوهُ، فَنَهَى عَنِ التَّخَلُّلِ بِالْقَصَبِ
؛ قَالَ الأَصمعي: نَفَرَ فُوه أَي وَرِمَ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأُراهُ مأْخوذاً مِنْ نِفارِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ إِنما هُوَ تَجافِيهِ عَنْهُ وتَباعُدُه مِنْهُ فكأَن اللحْمَ لَمَّا أَنْكَرَ الدَّاءَ الْحَادِثَ بَيْنَهُمَا نَفَرَ مِنْهُ فَظَهَرَ، فَذَلِكَ نِفارُه. وَفِي حَدِيثِ
غَزْوانَ: أَنه لَطَمَ عَيْنَهُ فَنَفَرَتْ
أَي وَرِمَتْ. وَرَجُلٌ عِفْرٌ نِفْرٌ وعِفْرِيَةٌ نِفْرِيَةٌ وعِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ وعُفارِيَةٌ نُفارِيَةٌ إِذا كَانَ خَبِيثًا مارِداً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ عِفْرِيتَةٌ نِفْرِيتَةٌ فَجَاءَ بِالْهَاءِ فِيهِمَا، والنِّفْرِيتُ إِتباعٌ للعِفْرِيت وتوكيدٌ. وَبَنُو نَفْرٍ: بطنٌ. وَذُو نَفْرٍ: قَيْلٌ مِنْ أَقيال حِمْيَرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ يُبْغِضُ العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ
أَي المُنْكَرَ الخَبيثَ، وَقِيلَ: النِّفْرِيَةُ والنِّفْرِيتُ إِتباع للعِفْرِيَةِ والعِفْرِيتِ. ابْنُ الأَعرابي: النَّفائِرُ الْعَصَافِيرُ «3» وَقَوْلُهُمْ: نَفِّرْ عَنْهُ أَي لَقِّبْهُ لَقَباً كأَنه عِنْدَهُمْ تَنْفِيرٌ لِلْجِنِّ والعينِ عَنْهُ. وَقَالَ أَعرابي: لَمَّا وُلدتُ قِيلَ لأَبي: نَفِّرْ عَنْهُ، فَسَمَّانِي قُنْفُذاً وكنَّاني أَبا العَدَّاءِ.
نفطر: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ ابْنُ الأَعرابي: النَّفاطِير البَثْرُ؛ وأَنشد الْمُفَضَّلُ:
نَفاطِيرُ المِلاحِ بوَجْهِ سَلْمى
…
زَمَانًا، لَا نَفاطِيرُ القِباحِ
قَالَ الأَزهري: وقرأْت بِخَطِّ أَبي الهَيْثَمِ بَيْتًا لِلْحُطَيْئَةِ فِي صِفَةِ إِبل نَزَعَتْ إِلى نَبْتِ بَلَدٍ فَقَالَ:
طَباهُنَّ، حَتَّى أَطْفَلَ الليلُ دُونَهَا،
…
نَفاطِيرُ وَسْمِيٍّ رَواءٌ جُذُورُها
أَي دَعَاهُنَّ نفاطِيرُ وَسْمِيٍّ. وَالنَّفَاطِيرُ: نَبْذٌ مِنَ النَّبْتِ يَقَعُ فِي مَوَاقِعَ مِنَ الأَرض مُخْتَلِفَةٍ. وَيُقَالُ: النَّفَاطِيرُ أَول النَّبْتِ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْ هَذَا أُخِذَ نَفاطِيرُ البَثْرِ. وأَطْفَلَ الليلُ أَي أَظلم. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّفَاطِيرُ مِنَ النَّبَاتِ وَهُوَ رِوَايَةُ الأَصمعي. والتَّفاطِيرُ، بالتاء: النَّوْرُ.
نقر: النَّقْرُ: ضربُ الرَّحى والحجرِ وَغَيْرِهِ بالمِنْقارِ. ونَقَرَهُ يَنْقُره نَقْراً: ضَرَبَهُ. والمِنْقارُ: حَدِيدَةٌ كالفأْس يُنْقَرُ بِهَا، وَفِي غَيْرِهِ: حَدِيدَةٌ كالفأْس مُشَكَّكَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ لَهَا خَلْفٌ يُقطع بِهِ الْحِجَارَةُ والأَرض الصُّلْبَةُ. ونَقَرْتُ الشَّيْءَ: ثَقَبْتُه بالمِنْقارِ. والمِنْقَر، بِكَسْرِ الْمِيمِ: المِعْوَل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَرْحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المَناقِرُ
ونَقَرَ الطائرُ الشيءَ يَنْقُره نَقْراً: كذلك.
(2). قوله [وهو الغالب] عبارة القاموس أي الغالب من المغلوب
(3)
. قوله [النفائر العصافير] كذا بالأصل. وفي القاموس: النفارير العصافير.
ومِنْقارُ الطَّائِرِ: مِنْسَرُه لأَنه يَنْقُرُ بِهِ. ونَقَرَ الطَّائِرُ الحَبَّة يَنْقُرُها نَقْراً: الْتَقَطَهَا. ومِنْقارُ الطَّائِرِ والنَّجَّارِ، وَالْجَمْعُ المَناقِيرُ، ومِنْقارُ الخُفِّ: مُقَدَّمُه، عَلَى التَّشْبِيهِ. وَمَا أَغْنى عَنِّي نَقْرَةً يَعْنِي نَقْرَةَ الدِّيكِ لأَنه إِذا نَقَرَ أَصاب. التَّهْذِيبُ: وَمَا أَغنى عَنِّي نَقْرَةً وَلَا فَتْلَةً وَلَا زُبالًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ
، يُرِيدُ تَخْفِيفَ السُّجُودِ، وأَنه لَا يَمْكُثُ فِيهِ إِلا قَدْرَ وَضْعِ الْغُرَابِ مِنْقارَهُ فِيمَا يُرِيدُ أَكله. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي ذَرٍّ: فَلَمَّا فَرَغُوا جَعَلَ يَنْقُرُ شَيْئًا مِنْ طَعَامِهِمْ
أَي يأْخذ مِنْهُ بأُصبعه. والنِّقْرُ والنُّقْرَةُ والنَّقِيرُ: النُّكْتَةُ فِي النَّوَاةِ كأَنَّ ذَلِكَ الموضعَ نُقِرَ مِنْهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِذاً لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً
؛ وَقَالَ أَبو هذيل أَنشده أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ:
وإِذا أَرَدْنا رِحْلَةً جَزِعَتْ،
…
وإِذا أَقَمْنا لَمْ تُفِدْ نِقْرا
وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَرْثِي أَخاه أَرْبَدَ:
وَلَيْسَ النَّاسُ بَعْدَكَ فِي نَقِيرٍ،
…
وَلَا هُمْ غَيْرُ أَصْداءٍ وهامِ
أَي لَيْسُوا بَعْدَكَ فِي شَيْءٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
دَافَعْت عنهمْ بِنَقِيرٍ مَوْتتي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ مُغَيَّرٌ وَصَوَابُ إِنشاده: دَافَعَ عَنِّي بِنَقِيرٍ. قَالَ: وَفِي دَافَعَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ سبحانه وتعالى لأَنه أَخبر أَن اللَّهَ عز وجل أَنقذه مِنْ مَرَضٍ أَشْفى بِهِ عَلَى الْمَوْتِ؛ وَبَعْدَهُ:
بَعْدَ اللُّتَيَّا واللَّتَيَّا والَّتي
وَهَذَا مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الدَّوَاهِي. ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ: وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً
، قَالَ: النَّقِيرُ النُّكْتَةُ الَّتِي فِي ظَهْرِ النَّوَاةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: النَّقِيرُ نُقْرَةٌ فِي ظَهْرِ النَّوَاةِ مِنْهَا تَنْبُتُ النَّخْلَةُ. والنَّقِيرُ: مَا نُقِبَ مِنَ الْخَشَبِ وَالْحَجَرِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَدْ نُقِرَ وانْتُقِرَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: عَلَى نَقِير مِنْ خَشَبٍ
؛ هُوَ جِذْعٌ يُنْقَرُ وَيُجْعَلُ فِيهِ شِبْهُ المَراقي يُصْعَدُ عَلَيْهِ إِلى الغُرَفِ. والنَّقِيرُ أَيضاً: أَصل خَشَبَةٍ يُنْقَرُ فَيُنْتَبَذ فِيهِ فَيَشْتَدُّ نَبِيذُهُ، وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ. التَّهْذِيبُ: النَّقِيرُ أَصل النَّخْلَةِ يُنْقَرُ فَيُنْبَذُ فِيهِ،
وَنَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنِ الدُّبَّاء والحَنْتَمِ والنَّقِيرِ والمُزَفَّتِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَما النَّقِيرُ فإِن أَهل الْيَمَامَةِ كَانُوا يَنْقُرُونَ أَصل النَّخْلَةِ ثُمَّ يَشْدَخُون فِيهَا الرُّطَبَ والبُسْرَ ثُمَّ يَدَعُونه حَتَّى يَهْدِرَ ثُمَّ يُمَوَّتَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: النَّقِيرُ أَصل النَّخْلَةِ يُنْقَرُ وسَطُه ثُمَّ يُنْبَذُ فِيهِ التَّمْرُ وَيُلْقَى عَلَيْهِ الْمَاءُ فَيَصِيرَ نَبِيذًا مُسْكِرًا، وَالنَّهْيُ وَاقِعٌ عَلَى مَا يُعْمَلُ فِيهِ لَا عَلَى اتِّخَاذِ النَّقِيرِ، فَيَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ تَقْدِيرُهُ: عَنْ نَبِيذِ النَّقِيرِ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: النَّقِيرُ النَّخْلَةُ تُنْقَرُ فَيُجْعَلُ فِيهَا الْخَمْرُ وَتَكُونُ عُرُوقُهَا ثَابِتَةً فِي الأَرض. وفَقِيرٌ نَقِيرٌ: كأَنه نُقِرَ، وَقِيلَ إِتباع لَا غَيْرَ، وَكَذَلِكَ حقِير نَقِير وحَقْرٌ نَقْرٌ إِتباع لَهْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه عَطَسَ عِنْدَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: حَقِرْتَ ونَقِرْتَ
؛ يُقَالُ: بِهِ نَقِيرٌ أَي قُرُوحٌ وبَثْرٌ، ونَقِرَ أَي صَارَ نَقِيراً؛ كَذَا قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ، وَقِيلَ نَقِيرٌ إِتباعُ حَقِير. والمُنْقُر مِنَ الْخَشَبِ: الَّذِي يُنْقَرُ لِلشَّرَابِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المِنْقَرُ كُلُّ مَا نُقِرَ لِلشَّرَابِ، قَالَ: وَجَمْعُهُ مَناقِيرُ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ إِلا أَن يَكُونَ جَمْعًا شَاذًّا جَاءَ عَلَى غَيْرِ وَاحِدِهِ.
والنُّقْرَةُ: حُفْرَةٌ فِي الأَرض صَغِيرَةٌ لَيْسَتْ بِكَبِيرَةٍ. والنُّقْرَةُ: الوَهْدَةُ الْمُسْتَدِيرَةُ فِي الأَرض، وَالْجَمْعُ نُقَرٌ ونِقارٌ. وَفِي خَبَرِ
أَبي الْعَارِمِ: وَنَحْنُ فِي رَمْلَةٍ فِيهَا مِنَ الأَرْطى والنِّقارِ الدَّفَئِيَّةِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ.
والنُّقْرَةُ فِي الْقَفَا: مُنْقَطَعُ القَمَحْدُوَةِ، وَهِيَ وَهْدَةٌ فِيهَا. وَفُلَانٌ كَريمُ النَّقِيرِ أَي الأَصل. ونُقْرَةُ العينِ: وَقْبَتُها، وَهِيَ مِنَ الوَرِك الثَّقْبُ الَّذِي فِي وَسَطِهَا. والنُّقْرَةُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ: القِطْعَةُ المُذابَةُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا سُبِكَ مُجْتَمِعًا مِنْهَا. والنُّقْرَةُ: السَّبِيكَةُ، وَالْجَمْعُ نِقارٌ. والنَّقَّارُ: النَّقَّاشُ، التَّهْذِيبُ: الَّذِي يَنْقُشُ الرُّكُبَ واللُّجُمَ وَنَحْوَهَا، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَنْقُرُ الرَّحَى. والنَّقْرُ: الكتابُ فِي الحَجَرِ. ونَقَرَ الطائرُ فِي الْمَوْضِعِ: سَهَّلَهُ ليَبِيضَ فِيهِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
يَا لَكِ مِنْ قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرِ،
…
خَلا لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي واصْفِري،
ونَقِّري مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي
وَقِيلَ: التَّنْقِيرُ مثلُ الصَّفِير؛ وَيُنْشَدُ:
ونَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّري
والنُّقْرَةُ: مَبِيضُهُ؛ قَالَ المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
لِلقارِياتِ مِنَ القَطَا نُقَرٌ
…
فِي جانِبَيْهِ، كأَنَّها الرَّقْمُ
ونَقَرَ البَيْضَةَ عَنِ الفَرْخ: نَقَبَها. والنَّقْرُ: ضَمُّكَ الإِبهام إِلى طَرَفِ الوُسْطَى ثُمَّ تَنْقُر فَيَسْمَعُ صَاحِبُكَ صَوْتَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ بِاللِّسَانِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً
؛ وضَعَ طَرَفَ إِبهامه عَلَى بَاطِنِ سَبَّابَتِهِ ثُمَّ نَقَرَها وَقَالَ هَذَا التَّفْسِيرُ.
وَمَا لَهُ نَقِرٌ أَي مَاءٌ. والمِنْقَرُ والمُنْقُرُ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَافِ: بِئْرٌ صَغِيرَةٌ، وَقِيلَ: بِئْرٌ ضَيِّقَةُ الرأْس تُحْفَرُ فِي الأَرض الصُّلْبَةِ لئلَّا تَهَشَّمَ، وَالْجَمْعُ المَناقِرُ، وَقِيلَ: المُنْقُر والمِنْقَرُ بِئْرٌ كَثِيرَةُ الْمَاءِ بَعِيدَةُ الْقَعْرِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ فِي المِنْقَرِ:
أَصْدَرَها عَنْ مِنْقَرِ السَّنابِرِ
…
نَقْرُ الدَّنانِيرِ وشُرْبُ الخازِرِ،
واللَّقْمُ فِي الفاثُورِ بالظَّهائِرِ
الأَصمعي: المُنْقُرُ وَجَمْعُهَا مَناقِرُ وَهِيَ آبَارٌ صِغَارٌ ضَيِّقَةُ الرؤُوس تَكُونُ فِي نَجَفَةٍ صُلْبة لئلَّا تَهَشَّمَ، قَالَ الأَزهري: الْقِيَاسُ مِنْقَرٌ كَمَا قَالَ اللَّيْثُ، قَالَ: والأَصمعي لَا يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ إِلا مَا سَمِعَهُ. والمُنْقُرُ أَيضاً: الْحَوْضُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ
عثمانَ البَتِّيِّ: مَا بِهَذِهِ النُّقْرَةِ أَعلم بالقضاءِ مِنِ ابْنِ سِيْرينَ
، أَراد بِالْبَصْرَةِ. وأَصل النُّقْرَةِ: حُفْرَةٌ يُسْتَنْقَعُ فِيهَا الْمَاءُ. ونَقَرَ الرجلَ يَنْقُره نَقْراً: عَابَهُ وَوَقَعَ فِيهِ، وَالِاسْمُ النَّقَرَى. قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ لِبَعْلِهَا: مُرَّ بِي عَلَى بَنِي نَظَرى وَلَا تَمُرَّ بِي عَلَى بَنَاتِ نَقَرَى أَي مُرَّ بِي عَلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ إِليّ وَلَا تَمُرَّ بِي عَلَى النساءِ اللَّوَاتي يَعِبْنَنِي، وَيُرْوَى نَظَّرَى ونَقَّرَى، مشدَّدين. وَفِي التَّهْذِيبِ فِي هَذَا الْمَثَلِ: قَالَتْ أَعرابية لِصَاحِبَةٍ لَهَا مُرِّي بِي عَلَى النَّظَرَى وَلَا تَمُرِّي بِي عَلَى النَّقَرَى أَي مُرِّي بِي عَلَى مَنْ يَنْظُرُ إِليّ وَلَا يُنَقِّرُ. قَالَ: وَيُقَالُ إِن الرِّجَالَ بَنُو النَّظَرَى وإِن النساءَ بَنُو النَّقَرَى. والمُناقَرَةُ: المُنازَعَةُ. وَقَدْ ناقَرَهُ أَي نَازَعَهُ. والمُناقَرَةُ: مُرَاجَعَةُ الْكَلَامِ. وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ مُناقَرَةٌ ونِقارٌ وناقِرَةٌ ونِقْرَةٌ أَي كَلَامٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي مِنْ الْمُرَاجَعَةِ. وجاءَ فِي الْحَدِيثِ:
مَتَى مَا
يَكْثُرْ حَمَلَةُ الْقُرْآنِ يُنَقِّرُوا، وَمَتَى مَا يُنَقِّرُوا يَخْتَلِفُوا
؛ التَّنْقِيرُ: التَّفْتِيشُ؛ وَرَجُلٌ نَقَّارٌ ومُنَقِّرٌ. والمُناقَرَةُ: مراجعةُ الْكَلَامِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وبَثُّهُما أَحادِيثَهما وأُمُورَهما. والنَّاقِرَةُ: الداهيةُ. ورَمَى الرَّامِي الغَرَضَ فَنَقَره أَي أَصابه وَلَمْ يُنْفِذْهُ، وَهِيَ سِهامٌ نَواقِرُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَسْتَقِمْ عَلَى الصَّوَابِ: أَخْطَأَتْ نَواقِرُه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وأَهْتَضِمُ الخَالَ العَزِيزَ وأَنْتَحِي
…
عَلَيْهِ، إِذا ضَلَّ الطَّرِيقَ نَواقِرُه
وَسَهْمٌ ناقِرٌ: صائبٌ. والنَّاقِرُ: السَّهْمُ إِذا أَصاب الهَدَفَ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ العَواقِرِ والنَّواقِرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْعَوَاقِرِ، وإِذا لَمْ يَكُنِ السَّهْمُ صَائِبًا فَلَيْسَ بِناقِرٍ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ العَقَرِ والنَّقَرِ، فالعَقَرُ الزَّمانَة فِي الْجَسَدِ، والنَّقَرُ ذَهَابُ الْمَالِ. وَرَمَاهُ بِنَواقِرَ أَي بِكَلِمٍ صَوائِبَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي النَّوَاقِرِ مِنَ السِّهَامِ:
خَواطِئاً كأَنها نَواقِرُ
أَي لَمْ تخطئْ إِلَّا قَرِيبًا مِنَ الصَّوَابِ. وانْتَقَرَ الشيءَ وتَنَقَّرَه ونَقَّرَه ونَقَّرَ عَنْهُ، كُلُّ ذَلِكَ: بَحَثَ عَنْهُ. والتَّنْقيرُ عَنِ الأَمرِ: الْبَحْثُ عَنْهُ. وَرَجُلٌ نَقَّارٌ: مُنَقِّرٌ عَنِ الأُمور والأَخبار. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: بَلَغَهُ قَوْلُ عِكْرِمَةَ فِي الْحِينِ أَنه سِتَّةُ أَشهر فَقَالَ: انْتَقَرَها عِكْرِمَةُ
أَي اسْتَنْبَطَهَا مِنَ الْقُرْآنِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والتَّنْقير الْبَحْثُ هَذَا إِن أَراد تَصْدِيقَهُ، وإِن أَراد تَكْذِيبَهُ فَمَعْنَاهُ أَنه قَالَهَا مِنْ قِبَل نَفْسِهِ وَاخْتَصَّ بِهَا مِنَ الِانْتِقَارِ الِاخْتِصَاصِ، يُقَالُ: نَقَّرَ بِاسْمِ فُلَانٍ وانْتَقَر إِذا سَمَّاهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ. وانْتَقَر القومَ: اخْتَارَهُمْ. وَدَعَاهُمُ النَّقَرَى إِذا دَعَا بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ يُنَقِّرُ بِاسْمِ الْوَاحِدِ بَعْدَ الْوَاحِدِ. قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي إِذا دَعَا جَمَاعَتَهُمْ قَالَ: دَعَوْتُهم الجَفَلَى؛ قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ:
نَحْنُ فِي المَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلَى،
…
لَا تَرَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرْ
الْجَوْهَرِيُّ: دَعْوَتُهُمُ النَّقَرَى أَي دَعْوَةً خَاصَّةً، وَهُوَ الانْتِقار أَيضاً، وَقَدِ انْتَقَرَهُم؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الِانْتِقَارِ الَّذِي هو الاختيار، أَو من نَقَرَ الطَّائِرُ إِذا لَقَطَ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ العُقَيليّ مَا تَرَكَ عِنْدِي نُقارَةً إِلَّا انْتَقَرَها أَي مَا تَرَكَ عِنْدِي لَفْظَةً مُنْتَخَبَةً مُنْتَقاةً إِلَّا أَخذها لِذَاتِهِ. ونَقَّر بِاسْمِهِ: سَمَّاهُ مِنْ بَيْنِهِمْ. وَالرَّجُلُ يُنَقِّرُ بِاسْمِ رَجُلٍ مِنْ جَمَاعَةٍ يَخُصُّهُ فَيَدْعُوهُ، يُقَالُ: نَقَّرَ بِاسْمِهِ إِذا سَمَّاهُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وإِذا ضَرَبَ الرَّجُلُ رأْس رَجُلٍ قُلْتَ: نَقَرَ رأْسه. والنَّقْرُ: صَوْتُ اللِّسَانِ، وَهُوَ إِلزاق طَرَفِهِ بِمَخْرَجِ النُّونِ ثُمَّ يُصَوِّتُ بِهِ فَيَنْقُر بِالدَّابَّةِ لِتَسِيرَ؛ وأَنشد:
وخانِقٍ [خانَقٍ] ذِي غُصَّةٍ جِرْياضِ،
…
راخَيْتُ يومَ النَّقْرِ والإِنْقاضِ
وأَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وخانِقَيْ ذِي غُصَّةٍ جَرَّاضِ
وَقِيلَ: أَراد بِقَوْلِهِ وخانِقَيْ هَمَّيْن خَنَقَا هَذَا الرَّجُلَ. وَرَاخَيْتُ أَي فَرَّجْتُ. والنَّقْرُ: أَن يَضَعَ لِسَانَهُ فَوْقَ ثَنَايَاهُ مِمَّا يَلِي الحَنَكَ ثُمَّ يَنْقُرَ. ابْنُ سِيدَهْ: والنَّقْرُ أَن تُلْزِقَ طَرَفَ لِسَانِكَ بِحَنَكِكَ وتَفْتَحَ ثُمَّ تُصَوِّتَ، وَقِيلَ: هُوَ اضْطِرَابُ اللِّسَانِ فِي الْفَمِ إِلى فَوْقَ وإِلى أَسفل؛ وَقَدْ نَقَرَ بِالدَّابَّةِ نَقْراً وَهُوَ صُوَيْتٌ يُزْعِجُهُ. وَفِي الصِّحَاحِ: نَقَرَ بِالْفَرَسِ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ
ماوِيَّةَ الطَّائِيُّ:
أَنا ابنُ ماوِيَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ،
…
وجاءَتِ الخَيْلُ أَثابِيَّ زُمَرْ
أَراد النَّقْرَ بِالْخَيْلِ فَلَمَّا وَقَفَ نَقَلَ حَرَكَةَ الرَّاءِ إِلى الْقَافِ، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، تَقُولُ: هَذَا بَكُرْ وَمَرَرْتُ بِبَكِر، وَقَدْ قرأَ بَعْضُهُمْ:
وتواصَوْا بالصَّبِرْ.
والأَثابِيُّ: الْجَمَاعَاتُ، الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أُثْبِيَّة. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَلقى حَرَكَةَ الرَّاءِ عَلَى الْقَافِ إِذ كَانَ سَاكِنًا لِيَعْلَمَ السَّامِعُ أَنها حَرَكَةُ الْحَرْفِ فِي الْوَصْلِ، كَمَا تَقُولُ هَذَا بَكُر وَمَرَرْتُ بِبَكِر، قَالَ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّصْبِ، قَالَ: وإِن شِئْتَ لَمْ تَنْقُلْ وَوَقَفْتَ عَلَى السُّكُونِ وإِن كَانَ فِيهِ سَاكِنٌ، وَيُقَالُ: أَنْقَرَ الرجلُ بِالدَّابَّةِ يُنْقِرُ بِهَا إِنْقاراً ونَقْراً؛ وأَنشد:
طَلْحٌ كأَنَّ بَطْنَهُ جَشِيرُ،
…
إِذا مَشَى لكَعْبِه نَقِيرُ
والنَّقْرُ: صُوَيْتٌ يُسْمَعُ مِنْ قَرْع الإِبهام عَلَى الوُسْطى. يقال: ما أَثابَهُ نَقْرَةً أَي شَيْئًا، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وهُنَّ حَرًى أَن لَا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً،
…
وأَنتَ حَرًى بِالنَّارِ حِينَ تُثِيبُ
والنَّاقُور: الصُّورُ الَّذِي يَنْقُر فِيهِ المَلَكُ أَي يَنْفُخُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ
؛ قِيلَ: النَّاقُورُ الصُّوَرُ الَّذِي يُنْفَخُ فِيهِ لِلْحَشْرِ، أَي نُفِخَ فِي الصُّورِ، وَقِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: إِنه يَعْنِي بِهِ النَّفْخَةَ الأُولى، وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: النَّاقُور القلبُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ إِنها أَوّل النَّفْخَتَيْنِ، وَالنَّقِيرُ الصوتُ، والنَّقِير الأَصلُ. وأَنْقَرَ عَنْهُ أَي كَفَّ، وَضَرَبَهُ فَمَا أَنْقَرَ عَنْهُ حَتَّى قَتَلَهُ أَي مَا أَقلع عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا كَانَ اللَّهُ ليُنْقِرَ عَنْ قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ
أَي مَا كَانَ اللَّهُ ليُقْلِعَ وليَكُفَّ عَنْهُ حَتَّى يُهْلِكَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذُؤَيْبِ بْنِ زُنَيم الطُّهَوِيِّ:
لعَمْرُك مَا وَنَيْتُ فِي وُدِّ طَيِءٍ،
…
وَمَا أَنا عَنْ أَعْداء قَوْمِي بِمُنْقِرِ
والنُّقَرَةُ: دَاءٌ يأْخذ الشَّاةَ فَتَمُوتَ مِنْهُ. والنُّقَرَةُ، مِثْلُ الهُمَزَةِ: دَاءٌ يأْخذ الْغَنَمَ فتَرِمُ مِنْهُ بُطُونُ أَفخاذها وتَظْلَعُ؛ نَقِرَتْ تَنْقَرُ نَقَراً، فَهِيَ نَقِرَةٌ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: النُّقَرَةُ دَاءٌ يأْخذ المِعْزَى فِي حَوَافِرِهَا وَفِي أَفخاذها فَيُلْتَمَسُ فِي مَوْضِعِهِ، فيُرَى كأَنه وَرَمٌ فَيُكْوَى، فَيُقَالُ: بِهَا نُقَرَةٌ، وعَنْزٌ نَقِرَةٌ. الصِّحَاحُ: والنُّقَرَةُ، مِثَالُ الهُمَزَةِ، دَاءٌ يأْخذ الشَّاءَ فِي جُنُوبها، وَبِهَا نُقَرَةٌ؛ قَالَ المَرَّارُ العَدَوِيُّ:
وحَشَوْتُ الغَيْظَ فِي أَضْلاعِهِ،
…
فَهْوَ يَمْشِي خَضَلاناً كالنَّقِرْ
وَيُقَالُ: النَّقِرُ الْغَضْبَانُ. يُقَالُ: هُوَ نَقِرٌ عَلَيْكَ أَي غَضْبَانُ، وَقَدْ نَقِرَ نَقَراً. ابْنُ سِيدَهْ: والنُّقَرَةُ دَاءٌ يُصِيبُ الْغَنَمَ وَالْبَقَرَ فِي أَرجلها، وَهُوَ الْتِوَاءُ العُرْقوبَينِ. ونَقِرَ عَلَيْهِ نَقَراً، فَهُوَ نَقِرٌ: غَضِبَ. وَبَنُو مِنْقَرٍ: بَطْنٌ مِنْ تَمِيمٍ، وَهُوَ مِنْقَرُ بْنُ عُبَيْدِ بن الحرث بْنُ عَمْرِو بْنُ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاة بْنِ تَمِيمٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَبَنُو مِنْقَرٍ حَيّ مِنْ سَعْدٍ. ونَقْرَةُ: مَنْزِلٌ بِالْبَادِيَةِ. والنَّاقِرَةُ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ. والنَّقِيرَةُ: مَوْضِعٌ بَيْنَ الأَحْساءِ وَالْبَصْرَةِ. والنَّقِيرَةُ: رَكِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ كَثِيرَةُ الْمَاءِ بَيْنَ ثاجَ وكاظِمَةَ. ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ أَرض مُتَصَوِّبَة فِي هَبْطَةٍ فَهِيَ النَّقِرَةُ، وَمِنْهَا سُمِّيَتْ نَقِرَةُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا مَعْدِنُ النَّقِرَة. ونَقَرَى:
مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
لَمَّا رَأَيْتُهُمُ كأَنَّ جُمُوعَهُمُ،
…
بالجِزْعِ مِنْ نَقَرَى، نِجاءُ خَرِيفِ «4»
. وأَما قَوْلُ الهُذَليّ:
وَلَمَّا رَأَوْا نَقْرَى تَسِيلُ أَكامُها
…
بأَرْعَنَ جَرَّارٍ وحامِيَةٍ غُلْبِ
فإِنه أَسكن ضَرُورَةً. ونَقِيرٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
دَافَعَ عَنِّي بِنَقِيرٍ مَوْتَتي
وأَنْقِرَةُ: مَوْضِعٌ بالشأْم أَعجمي؛ وَاسْتَعْمَلَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ عَلَى عُجْمَتِهِ:
قَدْ غُودِرَتْ بأَنْقِرَه
وَقِيلَ: أَنْقِرَةُ مَوْضِعٌ فِيهِ قَلْعَةٌ لِلرُّومِ، وَهُوَ أَيضاً جَمْعُ نَقِيرٍ مِثْلُ رَغِيفٍ وأَرْغِفَةٍ، وَهُوَ حُفْرَةٌ فِي الأَرض؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
نَزَلوا بأَنْقِرَةٍ يَسِيلُ عليهِمُ
…
ماءُ الفُرَاتِ، يَجِيءُ مِنْ أَطْوَادِ
أَبو عَمْرٍو: النَّواقِرُ المُقَرْطِسات؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ صَائِدًا:
وسَيِّرْهُ يَشْفِي نفسَه بالنَّواقِر
والنَّواقِرُ: الحُجَجُ المُصِيباتُ كالنَّبْلِ الْمُصِيبَةِ. وإِنه لَمُنَقَّرُ الْعَيْنِ أَي غَائِرُ الْعَيْنِ. أَبو سَعِيدٍ: التَّنَقُّرُ الدُّعَاءُ عَلَى الأَهل وَالْمَالِ. أَراحني اللَّهُ مِنْهُ، ذَهَبَ اللَّهُ بِمَالِهِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
فأَمَرَ بنُقْرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فأُحميت
؛ ابْنُ الأَثير: النُّقْرَةُ قِدْرٌ يُسَخَّنُ فِيهَا الْمَاءُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. اللَّيْثُ: انْتَقَرَتِ الخيلُ بِحَوَافِرِهَا نُقَراً أَي احْتَفَرَتْ بِهَا. وإِذا جَرَتِ السُّيُولُ عَلَى الأَرض انْتَقَرتْ نُقَراً يَحْتَبِسُ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَاءِ. وَيُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ بِمَوْضِعِ كَذَا نَقِرٌ ونَقِزٌ، بِالرَّاءِ وَبِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، ولا مُلْكٌ ولا مَلْكٌ وَلَا مِلْكٌ؛ يُرِيدُ بِئْرًا أَو ماء.
نكر: النُّكْرُ والنَّكْراءُ: الدَّهاءُ والفِطنة. وَرَجُلٌ نَكِرٌ ونَكُرٌ ونُكُرٌ ومُنْكَرٌ مِنْ قَوْمٍ مَناكِير: دَاهٍ فَطِنٌ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قُلْتُ لأَبي عَلِيٍّ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ: أَفنقول إِنّ هَذَا لأَنه قَدْ جَاءَ عَنْهُمْ مُفْعِلٌ ومِفْعالٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ كَثِيرًا، نَحْوَ مُذْكِرٍ ومِذْكارٍ ومُؤْنِثٍ ومِئْناثٍ ومُحْمِق ومِحْماقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَصَارَ جَمْعُ أَحدهما كَجَمْعِ صَاحِبِهِ، فإِذا جَمَعَ مُحْمِقاً فكأَنه جَمَعَ مِحْماقاً، وَكَذَلِكَ مَسَمٌّ ومَسامّ، كَمَا أَن قَوْلَهُمْ دِرْعٌ دِلاصٌ وأَدْرُعٌ دِلاصٌ وَنَاقَةٌ هِجانٌ ونوقٌ هِجانٌ كُسِّرَ فِيهِ فِعالٌ عَلَى فِعالٍ مِنْ حَيْثُ كَانَ فِعالٌ وفَعِيلٌ أُختين، كِلْتَاهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ زَائِدَةُ مَدَّة ثَالِثَةٍ، فَكَمَا كَسَّرُوا فَعِيلًا عَلَى فِعالٍ نَحْوَ ظَرِيفٍ وَظِرَافٍ وَشَرِيفٍ وَشِرَافٍ، كَذَلِكَ كَسَّرُوا فِعالًا عَلَى فِعال فَقَالُوا دِرْعٌ دِلاصٌ وأَدْرُعٌ دِلاصٌ، وَكَذَلِكَ نَظَائِرُهُ؟ فَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: فَلَسْتُ أَدفع ذَلِكَ وَلَا آبَاهُ. وامرأَة نَكِرٌ، وَلَمْ يَقُولُوا مُنْكَرَةٌ وَلَا غَيْرَهَا مِنْ تِلْكَ اللُّغَاتِ. التهذيب: امرأَة نَكْراء وَرَجُلٌ مُنْكَرٌ دَاهٍ، وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ أَنْكَرُ بِهَذَا الْمَعْنَى. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ فُلَانٌ ذُو نَكْراءَ إِذا كَانَ داهِياً عَاقِلًا. وَجَمَاعَةُ المُنْكَرِ مِنَ الرِّجَالِ: مُنْكَرُونَ، وَمِنْ غَيْرِ ذَلِكَ يُجْمَعُ أَيضاً بِالْمَنَاكِيرِ؛ وَقَالَ الأُقيبل الْقَيْنِيُّ:
مُسْتَقْبِلًا صُحُفاً تدْمى طَوابِعُها،
…
وَفِي الصَّحائِفِ حَيَّاتٌ مَناكِيرُ
(4). قوله [كأن جموعهم] كذا بالأصل. والذي في ياقوت: كأن نبالهم إلخ، ثُمَّ قَالَ: أَيْ كَأَنَّ نبالهم مطر الخريف. وقوله: وأما قول الهذلي، عبارة ياقوت: مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الْخُنَاعِيُّ الهذلي
والإِنْكارُ: الجُحُودُ. والمُناكَرَةُ: المُحارَبَةُ. وناكَرَهُ أَي قاتَلَهُ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَحَارِبَيْنِ يُناكِرُ الْآخَرَ أَي يُداهِيه ويُخادِعُه. يُقَالُ: فُلَانٌ يُناكِرُ فُلَانًا. وَبَيْنَهُمَا مُناكَرَةٌ أَي مُعاداة وقِتالٌ. وَقَالَ أَبو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: إِن مُحَمَّدًا لَمْ يُناكِرْ أَحداً إِلا كَانَتْ مَعَهُ الأَهوالُ أَي لَمْ يُحَارِبْ إِلا كَانَ مَنْصُورًا بالرُّعْبِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
؛ قَالَ: أَقبح الأَصوات. ابْنُ سِيدَهْ: والنُّكْرُ والنُّكُرُ الأَمر الشَّدِيدُ. اللَّيْثُ: الدَّهاءُ والنُّكْرُ نَعْتٌ للأَمر الشَّدِيدِ وَالرَّجُلِ الدَّاهِي، تَقُولُ: فَعَلَه مِنْ نُكْرِه ونَكارَتِه. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةُ، رضي الله عنه: إِني لأَكْرَهُ النَّكارَةَ فِي الرَّجُلِ
، يَعْنِي الدَّهاءَ. والنَّكارَةُ: الدَّهاء، وَكَذَلِكَ النُّكْرُ، بِالضَّمِّ. يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ فَطِناً مُنْكَراً: مَا أَشدّ نُكْرَه ونَكْرَه أَيضاً، بِالْفَتْحِ. وَقَدْ نَكُرَ الأَمر، بِالضَّمِّ، أَي صَعُبَ واشتَدَّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ وَذَكَرَ أَبا مُوسَى فَقَالَ: مَا كَانَ أَنْكَرَه
أَي أَدْهاهُ، مِنَ النُّكْرِ، بِالضَّمِّ، وَهُوَ الدَّهاءُ والأَمر المُنْكَرُ. وَفِي حَدِيثِ
بَعْضِهِمْ: «5» كنتَ لِي أَشَدَّ نَكَرَةٍ
؛ النَّكَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: الِاسْمُ مِنَ الإِنْكارِ كالنَّفَقَةِ مِنَ الإِنفاق، قَالَ: والنَّكِرَةُ إِنكارك الشَّيْءَ، وَهُوَ نَقِيضُ الْمَعْرِفَةِ. والنَّكِرَةُ: خِلَافُ الْمَعْرِفَةِ. ونَكِرَ الأَمرَ نَكِيراً وأَنْكَرَه إِنْكاراً ونُكْراً: جَهِلَهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ أَن الإِنكار الْمَصْدَرُ والنُّكْر الِاسْمُ. وَيُقَالُ: أَنْكَرْتُ الشَّيْءَ وأَنا أُنْكِرُه إِنكاراً ونَكِرْتُه مِثْلُهُ؛ قَالَ الأَعشى:
وأَنْكَرَتْني، وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ
…
مِنَ الحوادثِ إِلا الشَّيْبَ والصَّلَعا
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً
؛ اللَّيْثُ: وَلَا يُسْتَعْمَلُ نَكِرَ فِي غَابِرٍ وَلَا أَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ. الْجَوْهَرِيُّ: نَكِرْتُ الرجلَ، بِالْكَسْرِ، نُكْراً ونُكُوراً وأَنْكَرْتُه واسْتَنْكَرْتُه كُلُّهُ بِمَعْنًى. ابْنُ سِيدَهْ: واسْتَنْكَرَه وتَناكَرَه، كِلَاهُمَا: كنَكِرَه. قَالَ: وَمِنْ كَلَامِ ابْنِ جِنِّي: الَّذِي رأَى الأَخفشُ فِي البَطِيِّ مِنْ أَن المُبْقاةَ إِنما هِيَ الياءُ الأُولى حَسَنٌ لأَنك لَا تَتَناكَرُ الياءَ الأُولى إِذا كَانَ الْوَزْنُ قَابِلًا لَهَا. والإِنْكارُ: الِاسْتِفْهَامُ عَمَّا يُنْكِرُه، وَذَلِكَ إِذا أَنْكَرْتَ أَن تُثْبِتَ رَأْيَ السَّائِلِ عَلَى مَا ذَكَرَ، أَو تُنْكِرَ أَن يَكُونَ رأْيه عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: ضربتُ زَيْدًا، فَتَقُولَ مُنْكِراً لِقَوْلِهِ: أَزَيْدَنِيهِ؟ ومررتُ بِزَيْدٍ، فَتَقُولَ: أَزَيْدِنِيهِ؟ وَيَقُولُ: جَاءَنِي زَيْدٌ، فَتَقُولَ: أَزَيْدُنِيه؟ قَالَ سِيبَوَيْهِ: صَارَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ عَلَماً لِهَذَا الْمَعْنَى كعَلمِ النَّدْبَةِ، قَالَ: وَتَحَرَّكَتِ النُّونُ لأَنها كَانَتْ سَاكِنَةً وَلَا يُسَكَّنُ حَرْفَانِ. التَّهْذِيبُ: والاسْتِنْكارُ اسْتِفْهَامُكَ أَمراً تُنْكِرُه، واللازمُ مِنْ فِعْلِ النُّكْرِ المُنْكَرِ نَكُرَ نَكارَةً. والمُنْكَرُ مِنَ الأَمر: خِلَافُ الْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ الإِنْكارُ والمُنْكَرُ، وَهُوَ ضِدُّ الْمَعْرُوفِ، وكلُّ مَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ وحَرَّمَهُ وَكَرِهَهُ، فَهُوَ مُنْكَرٌ، ونَكِرَه يَنْكَرُه نَكَراً، فَهُوَ مَنْكُورٌ، واسْتَنْكَرَه فَهُوَ مُسْتَنْكَرٌ، وَالْجَمْعُ مَناكِيرُ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وإِنما أَذكُرُ مِثْلَ هَذَا الْجَمْعِ لأَن حُكْمَ مِثْلِهِ أَن الْجَمْعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الْمُذَكَّرِ وبالأَلف وَالتَّاءِ فِي الْمُؤَنَّثِ. والنُّكْرُ والنَّكْراءُ، مَمْدُودٌ: المُنْكَرُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
(5). قَوْلُهُ [وفي حديث بعضهم] عبارة النِّهَايَةُ: وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً
، قَالَ: وَقَدْ يُحَرَّكُ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ الأَسْوَدُ بنُ يَعْفُرَ:
أَتَوْني فَلَمْ أَرْضَ مَا بَيَّتُوا،
…
وَكَانُوا أَتَوْني بِشيءٍ نُكُرْ
لأُنْكِحَ أَيِّمَهُمْ مُنْذِراً،
…
وَهَلْ يُنْكحُ العبدَ حُرٌّ لِحُرْ؟
وَرَجُلٌ نَكُرٌ ونَكِرٌ أَي داهٍ مُنْكَرٌ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يُنْكِرُ المُنْكَرَ، وَجَمْعُهُمَا أَنْكارٌ، مِثْلُ عَضُدٍ وأَعْضادٍ وكَبِدٍ وأَكباد. والتَّنَكُّرُ: التَّغَيُّرُ، زَادَ التَّهْذِيبُ: عَنْ حالٍ تَسُرُّكَ إِلى حَالٍ تَكْرَهُها مِنْهُ. والنَّكِيرُ: اسْمُ الإِنْكارِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّغْيِيرُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ*
؛ أَي إِنكاري. وَقَدْ نَكَّرَه فتَنَكَّرَ أَي غَيَّرَه فتَغَيَّرَ إِلى مجهولٍ. والنَّكِيرُ والإِنكارُ: تَغْيِيرُ المُنْكَرِ. والنَّكِرَةُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الحُوَلاءِ والخُراجِ مِنْ دَمٍ أَو قَيْحٍ كالصَّدِيد، وَكَذَلِكَ مَنَّ الزَّحِيرِ. يُقَالُ: أُسْهِلَ فلانٌ نَكِرةً ودَماً، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ مُشْتَقٌّ. والتَّناكُرُ: التَّجاهُلُ. وطريقٌ يَنْكُورٌ: عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ. ومُنْكَرٌ ونَكِيرٌ: اسْمَا ملَكَينِ، مُفْعَلٌ وفَعيلٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ فَتَّانا الْقُبُورِ. وناكُورٌ: اسْمٌ. وَابْنُ نُكْرَةَ: رَجُلٌ مِنْ تَيْمٍ كَانَ مِنْ مُدْرِكي الخيلِ السَّوَابِقِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَبَنُو نُكْرَةَ: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ.
نمر: النُّمْرَةُ: النُّكْتَةُ مِنْ أَيِّ لونٍ كَانَ. والأَنْمَرُ: الَّذِي فِيهِ نُمْرَةٌ بَيْضَاءُ وأُخرى سَوْدَاءُ، والأُنثى نَمْراءُ. والنَّمِرُ والنِّمْرُ: ضربٌ مِنَ السِّبَاعِ أَخْبَثُ مِنَ الأَسد، سُمِّيَ بِذَلِكَ لنُمَرٍ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنه مِنْ أَلوان مُخْتَلِفَةٍ، والأُنثى نَمِرَةٌ وَالْجَمْعُ أَنْمُرٌ وأَنْمارٌ ونُمُرٌ ونُمْرٌ ونُمُورٌ ونِمارٌ، وأَكثر كَلَامِ الْعَرَبِ نُمْرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ رُكُوبِ النِّمارِ
، وَفِي رِوَايَةٍ: النُّمُورِ أَي جلودِ النُّمورِ، وَهِيَ السِّبَاعُ الْمَعْرُوفَةُ، وَاحِدُهَا نَمِرٌ، وإِنما نَهَى عَنِ اسْتِعْمَالِهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الزِّينَةِ والخُيَلاء، ولأَنه زِيُّ الْعَجَمِ أَو لأَن شَعَرَهُ لَا يَقْبَلُ الدِّبَاغَ عَنِدَ أَحد الأَئمة إِذا كَانَ غَيْرَ ذَكِيٍّ، وَلَعَلَّ أَكثر مَا كَانُوا يأْخذون جُلودَ النُّمور إِذا مَاتَتْ لأَن اصْطِيَادَهَا عَسِيرٌ. وَفِي حَدِيثُ
أَبي أَيوب: أَنه أُتِيَ بِدَابَّةٍ سَرْجُها نُمُورٌ فَنَزَع الصُّفَّةَ
، يَعْنِي المِيْثَرَةَ، فَقِيلَ الجَدَياتُ نُمُورٌ يَعْنِي البِدَادَ، فَقَالَ: إِنما يُنْهَى عَنِ الصُّفَّةِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: مَنْ قَالَ نُمْرٌ ردَّه إِلى أَنْمَر، ونِمارٌ عِنْدَهُ جَمْعُ نِمْرٍ كذئبٍ وذئابٍ، وَكَذَلِكَ نُمُورٌ عِنْدَهُ جَمْعُ نِمْرٍ كَسِتْرٍ وسُتُورٍ، وَلَمْ يَحْكِ سِيبَوَيْهِ نُمُراً فِي جَمْعِ نَمِرٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ نُمُرٌ وَهُوَ شَاذٌّ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ مَقْصُورٌ مِنْهُ؛ قَالَ:
فِيهَا تَماثِيلُ أُسُودٌ ونُمُرْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا أَنشده مِنْ قَوْلِهِ:
فِيهَا عَيايِيلُ أُسُودٌ ونُمُرْ
فإِنه أَراد عَلَى مَذْهَبِهِ ونُمْرٌ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ البَكُرْ وَهُوَ فَعْلٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الْبَيْتُ الَّذِي أَنشده الْجَوْهَرِيُّ:
فِيهَا تَماثِيلُ أُسُودٌ ونُمُرْ
هو لحُكَيْم بْنِ مُعَيَّةَ الرَّبَعِيِّ، وَصَوَابُ إِنشاده:«1»
فِيهَا عَيايِيلُ أُسُودٌ ونُمُرْ
(1). قوله [وصواب إنشاده إلخ] نقل شارح القاموس بعد ذلك ما نصه: وقال أبو محمد الأسود صحف ابن السيرافي والصواب غياييل، بالمعجمة، جمع غيل عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَمَا نبه عليه الصاغاني.
قَالَ: وَكَذَلِكَ أَنشده ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَفَ قَنَاةً تَنْبُتُ فِي مَوْضِعٍ مَحْفُوفٍ بِالْجِبَالِ وَالشَّجَرِ؛ وَقَبْلُهُ:
حُفَّتْ بأَطوادِ جبالٍ وسَمُرْ،
…
فِي أَشَبِ الغِيطانِ مُلْتَفِّ الحُظُرْ
يَقُولُ: حُفَّ مَوْضِعُ هَذِهِ الْقَنَاةِ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ بأَطواد الْجِبَالِ وبالسَّمُرِ، وَهُوَ جَمْعُ سَمُرَةٍ، وَهِيَ شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ. والأَشَبُ: الْمَكَانُ المُلْتَفُّ النَّبْتِ الْمُتَدَاخِلُ. والغِيطانُ: جَمْعُ غَائِطٍ، وَهُوَ الْمُنْخَفِضُ مِنَ الأَرض. والحُظُرُ: جَمْعُ حَظِيرَةٍ. والعَيَّالُ: المُتَبَخْتِرُ فِي مَشْيِهِ. وعَيايِيلُ: جَمْعُهُ. وأُسُودٌ بَدَلٌ مِنْهُ، ونُمُر مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ للرجل السيء الخُلُقِ: قَدْ نَمِرَ وتَنَمَّرَ. ونَمَّرَ وجهَه أَي غَيَّره وعَبَّسَه. والنَّمِرُ لَوْنُهُ أَنْمَرُ وَفِيهِ نُمْرَةٌ مُحْمَرَّةٌ أَو نُمْرَةٌ بَيْضَاءُ وَسَوْدَاءُ، وَمِنْ لَوْنِهِ اشْتُقَّ السحابُ النَّمِرُ، والنَّمِرُ مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي فِيهِ آثَارٌ كَآثَارِ النَّمِر، وَقِيلَ: هِيَ قِطَعٌ صِغَارٌ مُتَدَانٍ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَاحِدَتُهَا نَمِرَةٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ: أَرِنِيها نَمِرَة أُرِكْها مَطِرَة، وَسَحَابٌ أَنْمَرُ وَقَدْ نَمِرَ السحابُ، بِالْكَسْرِ، يَنْمَرُ نَمَراً أَي صَارَ عَلَى لَوْنِ النَّمِر تَرَى فِي خَلَلِه نِقاطاً. وَقَوْلُهُ: أَرنيها نَمِرَةً أُرِكْها مَطِرَةً، قَالَ الأَخفش: هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً؛ يُرِيدُ الأَخْضَرَ. والأَنْمَرُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي عَلَى شِبْهِ النَّمِر، وَهُوَ أَن يَكُونَ فِيهِ بُقْعَة بَيْضَاءُ وَبُقْعَةٌ أُخرى عَلَى أَيّ لَوْنٍ كَانَ. والنَّعَمُ النُّمْرُ: الَّتِي فِيهَا سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، جَمْعُ أَنْمَر. الأَصمعي: تَنَمَّرَ لَهُ أَي تَنَكَّر وتَغَيَّرَ وأَوعَدَه لأَن النَّمِرَ لَا تَلْقَاهُ أَبداً إِلا مُتَنَكِّراً غضْبانَ؛ وَقَوْلُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ:
وعلِمْتُ أَنِّي، يومَ ذاكَ،
…
مُنازِلٌ كَعْباً ونَهْدا
قَوْمٌ، إِذا لبِسُوا الحَدِيدَ
…
تَنَمَّرُوا حَلَقاً وقِدَّا
أَي تَشَبَّهُوا بالنَّمِرِ لِاخْتِلَافِ أَلوان القِدِّ وَالْحَدِيدِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَراد بِكَعْبٍ بَنِي الحرثِ بْنِ كَعْبٍ وَهُمْ مِنْ مَذْحِج ونَهْدٌ مِنْ قُضاعة، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حُرُوبٌ، وَمَعْنَى تَنَمَّرُوا تَنَكَّرُوا لِعَدُوِّهِمْ، وأَصله مِنَ النَّمِر لأَنه مِنْ أَنكر السِّبَاعِ وأَخبثها. يُقَالُ: لَبِسَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ جلدَ النَّمِرِ إِذا تَنَكَّرَ لَهُ، قَالَ: وَكَانَتْ مُلُوكُ الْعَرَبِ إِذا جَلَسَتْ لِقَتْلِ إِنسان لَبِسَتْ جُلُودَ النَّمِرِ ثُمَّ أَمرت بِقَتْلِ مَنْ تُرِيدُ قَتَلَهُ، وأَراد بِالْحَلْقِ الدُّرُوعَ، وبالقدِّ جِلْدًا كَانَ يَلْبَسُ فِي الْحَرْبِ، وَانْتَصَبَا عَلَى التَّمْيِيزِ، وَنَسَبَ التَّنَكُّرَ إِلى الْحَلْقِ والقدِّ مَجَازًا إِذ كَانَ ذَلِكَ سَببَ تَنَكُّر لابِسِيهما، فكأَنه قَالَ تَنَكَّر حَلَقُهم وقِدُّهم، فَلَمَّا جَعَلَ الْفِعْلَ لَهُمَا انْتَصَبَا عَلَى التَّمْيِيزِ، كَمَا تَقُولُ: تَنَكَّرَتْ أَخلاقُ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَقُولُ: تَنَكَّرَ القومُ أَخْلاقاً. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبِية:
قَدْ لَبِسُوا لَكَ جُلودَ النُّمورِ
؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْحِقْدِ وَالْغَضَبِ تَشْبِيهًا بأَخْلاقِ النَّمِر وشَراسَتِه. ونَمِرَ الرجلُ ونَمَّر وتَنَمَّر: غَضِب، وَمِنْهُ لَبِسَ لَهُ جلدَ النَّمِرِ. وأَسدٌ أَنْمَرُ: فِيهِ غُبْرَةٌ وَسَوَادٌ. والنَّمِرَةُ: الحِبَرَةُ لِاخْتِلَافِ أَلوان خُطُوطِهَا. والنَّمِرَةُ: شَملة فِيهَا خُطُوطٌ بِيضٌ وَسُودٌ. وطيرٌ مُنَمَّرٌ: فِيهِ نُقَط سُودٌ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ البُرودُ. ابْنُ الأَعرابي: النُّمْرَةُ البَلَقُ، والنَّمِرَةُ العَصْبَةُ، والنَّمِرَةُ بُرْدَةٌ مُخَطَّطَةٌ، والنَّمِرَةُ الأُنثى مِنَ النَّمِر؛ الْجَوْهَرِيُّ: والنَّمِرَةُ بُرْدَةٌ مِنْ صُوفٍ يَلْبَسُهَا الأَعراب. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَهُ قَوْمٌ مُجْتابي النِّمار
؛
كلُّ شَمْلَةٍ مُخَطَّطَةٍ مِنْ مآزِرِ الأَعراب، فَهِيَ نَمِرَةٌ، وَجَمْعُهَا نِمارٌ كأَنها أُخذت مِنْ لَوْنِ النَّمِر لِمَا فِيهَا مِنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ؛ أَراد أَنه جَاءَهُ قَوْمٌ لَابِسِي أُزُرٍ مُخَطَّطَةٍ مِنْ صُوفٍ. وَفِي حَدِيثِ
مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، رضي الله عنه: أَقبل النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ
خَبَّابٍ: لكنَّ حَمْزَةَ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ إِلا نَمِرَة مَلْحاء.
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: نَبَطِيٌّ فِي حُبْوَتِه، أَعرابيٌّ فِي نَمِرَتِه، أَسَدٌ فِي تامُورَتِه.
والنَّمِرُ والنَّمِيرُ، كِلَاهُمَا: الْمَاءُ الزَّاكي فِي الْمَاشِيَةِ، النَّامِي، عَذْبًا كَانَ أَو غَيْرَ عَذْبٍ. قَالَ الأَصمعي: النَّمِير النَّامِي، وَقِيلَ: مَاءٌ نَمِيرٌ أَي ناجِعٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ جَعَلَتْ، والحمدُ للهِ، تَفرْ
…
مِنْ مَاءِ عِدٍّ فِي جُلودها نَمِرْ
أَي شَرِبَتْ فَعَطَنَتْ، وَقِيلَ: الْمَاءُ النَّمِير الْكَثِيرُ؛ حَكَاهُ ابْنُ كَيْسانَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
غَذَاها نَمِيرُ الماءِ غَيْرَ المُحَلَّلِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ، رضي الله عنه: الْحَمْدُ لله لذي أَطْعَمَنا الخَمِيرَ وَسَقَانَا النَّمِيرَ
؛ الماءُ النَّمِير النَّاجِعُ فِي الرِّيِّ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةُ، رضي الله عنه: خُبْزٌ خَمِيرٌ وَمَاءٌ نَمِيرٌ.
وحَسَبٌ نَمِرٌ ونَمِيرٌ: زَاكٍ، وَالْجَمْعُ أَنْمارٌ. ونَمَرَ فِي الْجَبَلِ «1» نَمْراً: صَعَّدَ. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
حَتَّى أَتى نَمِرَة
؛ هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنصابُ الحَرَمِ بِعَرَفَاتٍ. أَبو تُرَابٍ: نَمَرَ فِي الْجَبَلِ والشجرِ ونَمَلَ إِذا عَلَا فِيهِمَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا كَانَ الْجَمْعُ قَدْ سُمِّيَ بِهِ نَسَبْتَ إِليه فَقُلْتَ فِي أَنْمارٍ أَنْمارِيٌّ، وَفِي مَعافِرَ مَعافِرِيٌّ، فإِذا كَانَ الْجَمْعُ غَيْرَ مُسَمًّى بِهِ نَسَبْتَ إِلى وَاحِدَةٍ فَقُلْتَ: نَقِيبيٌّ وعَرِيفِيٌّ ومَنْكِبيٌّ. والنَّامِرَةُ: مِصْيَدَةٌ تُرْبَطُ فِيهَا شَاةٌ لِلذِّئْبِ. والنَّامُورُ: الدمُ كالتَّامورِ. وأَنْمارٌ: حَيٌّ من خُراعة، قَالَ سِيبَوَيْهِ: النَّسَبُ إِليه أَنْمارِيٌّ لأَنه اسْمٌ لِلْوَاحِدِ. الْجَوْهَرِيُّ: ونُمَيْرٌ أَبو قَبِيلَةٍ مَنْ قَيْسٍ، وَهُوَ نُمَيْرُ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ ابن هَوازِن. ونَمِرٌ ونُمَيْرٌ: قَبِيلَتَانِ، والإِضافة إِلى نُمَيْرٍ نُمَيْرِيٌّ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا فِي الْجَمْعِ النُّمَيْرُونَ، اسْتَخَفُّوا بِحَذْفِ ياء الإِضافة كما قالوا الأَعْجَمُونَ. ونَمِرٌ: أَبو قَبِيلَةٍ، وَهُوَ نَمِرُ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالنِّسْبَةُ إِلى نَمِر بْنِ قَاسِطٍ نَمَرِيٌّ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، اسْتِيحَاشًا لِتَوَالِي الكَسَراتِ لأَن فِيهِ حَرْفًا وَاحِدًا غَيْرَ مَكْسُورٍ. ونُمارَةُ: اسْمُ قَبِيلَةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: ونِمْرٌ، بِكَسْرِ النُّونِ، اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
تَعَبَّدَني نِمْرُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ أُرى،
…
وَنِمْرُ بنُ سَعْدٍ لِي مُطِيعٌ ومُهْطِعُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ونِمْرانُ ونُمارَةُ اسْمَانِ. والنُّمَيْرَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
لَهَا بِحَقِيلٍ فالنُّمَيْرَةِ مَنْزِلٌ،
…
تَرى الوَحْشَ عُوذاتٍ بِهِ ومَتالِيا
ونُمارٌ: جبلٌ؛ قَالَ صَخْرُ الغَيّ:
سَمِعْتُ، وَقَدْ هَبَطْنا مِنْ نُمارٍ،
…
دُعاءَ أَبي المُثَلَّمِ يَسْتَغِيثُ
نهر: النَّهْرُ والنَّهَرُ: وَاحِدُ الأَنْهارِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: النَّهْرُ والنَّهَر مِنْ مَجَارِي الْمِيَاهِ، وَالْجَمْعُ أَنْهارٌ ونُهُرٌ ونُهُورٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
(1). قوله [ونمر في الجبل إلخ] بابه نصر كما في القاموس.
سُقِيتُنَّ، مَا زالَتْ بكِرْمانَ نَخْلَةٌ،
…
عَوامِرَ تَجْري بينَكُنَّ نُهُورُ
هَكَذَا أَنشده مَا زَالَتْ، قَالَ: وأُراهُ مَا دَامَتْ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ مَا زَالَتْ عَلَى مَعْنَى مَا ظَهَرَتْ وَارْتَفَعَتْ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
كأَنَّ رَحْلي، وَقَدْ زالَ النَّهارُ بِنَا
…
يَوْمَ الجَلِيلِ، عَلَى مُسْتأْنِسٍ وَحِدِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهْرانِ مُؤْمِنَانِ ونَهْرانِ كَافِرَانِ، فَالْمُؤْمِنَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَالْكَافِرَانِ دِجْلَةُ وَنَهْرُ بَلْخٍ.
ونَهَرَ الماءُ إِذا جرى فِي الأَرض وَجَعَلَ لِنَفْسِهِ نَهَراً. ونَهَرْتُ النَّهْرَ: حَفَرْتُه. ونَهَرَ النَّهْرَ يَنْهَرُهُ نَهْراً: أَجراه. واسْتَنْهَرَ النَّهْرَ إِذا أَخذ لِمَجْراهُ مَوْضِعًا مَكِينًا. والمَنْهَرُ: مَوْضِعٌ فِي النَّهْرِ يَحْتَفِرُه الماءُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَوْضِعُ النَّهْرِ. والمَنْهَرُ: خَرْق فِي الحِصْنِ نافذٌ يَجْرِي مِنْهُ الْمَاءُ، وَهُوَ فِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنس: فأَتَوْا مَنْهَراً فاختَبَؤوا.
وَحَفَرَ الْبِئْرَ حَتَّى نَهِرَ يَنْهَرُ أَي بَلَغَ الْمَاءَ، مُشْتَقٌّ مِنَ النَّهْرِ. التَّهْذِيبُ: حَفَرْتُ الْبِئْرَ حَتَّى نَهِرْتُ فأَنا أَنْهَرُ أَي بلغتُ الْمَاءَ. ونَهَر الماءُ إِذا جَرى فِي الأَرض وَجَعَلَ لِنَفْسِهِ نَهْراً. وَكُلُّ كَثِيرٍ جَرَى، فَقَدْ نَهَرَ واسْتَنْهَر. الأَزهري: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي العَوَّاءَ والسِّماكَ أَنْهَرَيْنِ لِكَثْرَةِ مَائِهِمَا. والنَّاهُور: السَّحَابُ؛ وأَنشد:
أَو شُقَّة خَرَجَتْ مِنْ جَوْفِ ناهُورِ
ونَهْرٌ وَاسِعٌ: نَهِرٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَقامت بِهِ، فابْتَنَتْ خَيْمَةً
…
عَلَى قَصَبٍ وفُراتٍ نَهِرْ
وَالْقَصَبُ: مَجَارِي الْمَاءِ مِنَ الْعُيُونِ، وَرَوَاهُ الأَصمعي: وفُراتٍ نَهَرْ، عَلَى الْبَدَلِ، ومَثَّلَه لأَصحابه فَقَالَ: هُوَ كَقَوْلِكَ مَرَرْتُ بظَرِيفٍ رجلٍ، وَكَذَلِكَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي مِنْ أَن سايَةَ وادٍ عظِيمٌ فِيهِ أَكثر مِنْ سَبْعِينَ عَيْنًا نَهْراً تَجْرِي، إِنما النَّهْرُ بَدَلٌ مِنَ الْعَيْنِ. وأَنْهَرَ الطَّعْنَةَ: وسَّعها؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ يَصِفُ طَعْنَةً:
مَلَكْتُ بِهَا كَفِّي فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
…
يَرى قائمٌ مِنْ دُونِهَا مَا وراءَها
مَلَكْتُ أَي شَدَدْتُ وَقَوَّيْتُ. وَيُقَالُ: طَعَنَهُ طَعْنَةً أَنْهَرَ فَتْقَها أَي وسَّعه؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ قَوْلَ أَبي ذُؤَيْبٍ. وأَنْهَرْتُ الدمَ أَي أَسلته. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنْهِرُوا الدمَ بِمَا شِئْتُمْ إِلا الظُّفُرَ والسِّنَّ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَا أَنْهَرَ الدمَ فَكُلْ
؛ الإِنهار الإِسالة وَالصَّبُّ بِكَثْرَةٍ، شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّمِ مِنْ مَوْضِعِ الذَّبْحِ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ، وإِنما نَهَى عَنِ السِّنِّ وَالظُّفْرِ لأَن مَنْ تَعَرَّضَ لِلذَّبْحِ بِهِمَا خَنَقَ المذبوحَ وَلَمْ يَقْطَعْ حَلْقَه. والمَنْهَرُ: خَرْقٌ فِي الحِصْنِ نافذٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَاءِ، وَهُوَ مَفْعَلٌ مِنَ النَّهر، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ: أَنه قُتِلَ وَطُرِحَ فِي مَنْهَرٍ مِنْ مَنَاهِيرِ خَيْبَرَ.
وأَما قَوْلُهُ عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ
، فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ السَّعَةَ والضِّياءَ وأَن يَعْنِيَ بِهِ النَّهْرَ الَّذِي هُوَ مَجْرَى الْمَاءِ عَلَى وَضْعِ الْوَاحِدِ مَوْضِعَ الْجَمِيعِ؛ قَالَ:
لَا تُنْكِرُوا القَتْلَ، وَقَدْ سُبِينا،
…
فِي حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وَقَدْ شُجِينا
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ
؛ أَي فِي ضِيَاءٍ وَسَعَةٍ لأَن الْجَنَّةَ لَيْسَ فِيهَا لَيْلٌ إِنما هُوَ نُورٌ يتلألأُ، وَقِيلَ: نَهَرٌ أَي أَنهار. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: نَهَرٌ جَمْعُ نُهُرٍ، وَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ للنَّهار. وَيُقَالُ: هُوَ وَاحِدُ نَهْرٍ كَمَا
يُقَالُ شَعَرٌ وشَعْرٌ، وَنَصْبُ الْهَاءِ أَفصح. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِي جَنَّاتٍ ونَهَرٍ، مَعْنَاهُ أَنهار. كَقَوْلِهِ عز وجل: وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، أَي الأَدْبارَ، وَقَالَ أَبو إِسحاق نَحْوَهُ وَقَالَ: الِاسْمُ الْوَاحِدُ يَدُلُّ عَلَى الْجَمِيعِ فيجتزأُ بِهِ عَنِ الْجَمِيعِ وَيُعَبَّرُ بِالْوَاحِدِ عَنِ الْجَمْعِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ. وَمَاءٌ نَهِرٌ: كَثِيرٌ. وَنَاقَةٌ نَهِرَة: كَثِيرَةُ النَّهر؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
حَنْدَلِسٌ غَلْباءُ مِصْباح البُكَرْ،
…
نَهِيرَةُ الأَخْلافِ فِي غيرِ فَخَرْ
حَنْدَلِسٌ: ضَخْمَةٌ عَظِيمَةٌ. وَالْفَخْرُ: أَن يَعْظُمَ الضَّرْعُ فَيَقِلُّ اللَّبَنُ. وأَنْهَرَ العِرْقُ: لَمْ يَرْقَأْ دَمُه. وأَنْهَرَ الدمَ: أَظهره وأَساله. وأَنْهَرَ دَمَه أَي أَسال دَمَهُ. وَيُقَالُ: أَنْهَرَ بطنُه إِذا جَاءَ بطنُه مثلَ مَجِيءِ النَّهَرِ. وَقَالَ أَبو الجَرَّاحِ: أَنْهَرَ بطنُه واسْتَطْلَقَتْ عُقَدُه. وَيُقَالُ: أَنْهَرْتُ دَمَه وأَمَرْتُ دَمَه وهَرَقْتُ دَمَه. والمَنْهَرَةُ: فَضَاءٌ يَكُونُ بَيْنَ بُيُوتِ الْقَوْمِ وأَفْنيتهم يَطْرَحُونَ فِيهِ كُناساتِهم. وحَفَرُوا بِئْرًا فأَنْهَرُوا: لَمْ يُصِيبُوا خَيْرًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والنَّهار: ضِياءُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلى غُرُوبِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّهَارُ انْتِشَارُ ضَوْءِ الْبَصَرِ وَاجْتِمَاعِهِ، وَالْجَمْعُ أَنْهُرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ونُهُرٌ عَنْ غَيْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّهَارُ ضِدَّ اللَّيْلِ، وَلَا يُجْمَعُ كَمَا لَا يُجْمَعُ الْعَذَابُ والسَّرابُ، فإِن جَمَعْتَ قُلْتَ فِي قَلِيلِهِ: أَنْهُر، وَفِي الْكَثِيرِ: نُهُرٌ، مِثْلُ سَحَابٍ وسُحُب. وأَنْهَرْنا: مِنَ النَّهَارِ؛ وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ:
لَوْلَا الثَّرِيدَانِ لَمُتْنا بالضُّمُرْ:
…
ثَرِيدُ لَيْلٍ وثَرِيدٌ بالنُّهُرْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَا يُجْمَعُ، وَقَالَ فِي أَثناء التَّرْجَمَةِ: النُّهُر جَمْعُ نَهار هَاهُنَا. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ قَالَ: النَّهَارُ اسْمٌ وَهُوَ ضِدُّ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارُ اسْمٌ لِكُلِّ يَوْمٍ، وَاللَّيْلُ اسْمٌ لِكُلِّ لَيْلَةٍ، لَا يُقَالُ نَهَارٌ وَنَهَارَانِ وَلَا لَيْلٌ وَلَيْلَانِ، إِنما وَاحِدُ النَّهَارِ يَوْمٌ، وَتَثْنِيَتُهُ يَوْمَانِ، وَضِدُّ الْيَوْمِ لَيْلَةٌ، ثُمَّ جَمَعُوهُ نُهُراً؛ وأَنشد:
ثَرِيدُ لَيْلٍ وَثَرِيدٌ بالنُّهُر
وَرَجُلٌ نَهِرٌ: صَاحِبُ نَهَارٍ عَلَى النَّسَبِ، كَمَا قَالُوا عَمِلٌ وطَعِمٌ وسَتِهٌ؛ قَالَ:
لَسْتُ بلَيْلِيٍّ وَلَكِنِّي نَهِرْ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَوْلُهُ بليليٍّ يَدُلُّ أَن نَهِراً عَلَى النَّسَبِ حَتَّى كأَنه قَالَ نَهاريٌّ. وَرَجُلٌ نَهِرٌ أَي صاحب نَهارٍ يُغِيرُ فِيهِ؛ قَالَ الأَزهري وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تُنْشِدُ:
إِن تَكُ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ،
…
مَتَى أَتى الصُّبْحُ فَلَا أَنْتَظِرُ «2»
قَالَ: وَمَعْنَى نَهِر أَي صَاحِبُ نَهَارٍ لَسْتُ بِصَاحِبِ لَيْلٍ؛ وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
إِن كنتَ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ مُغَيَّرٌ، قَالَ: وَصَوَابُهُ عَلَى مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ:
لستُ بلَيْلِيٍّ وَلَكِنِّي نَهِرْ،
…
لَا أُدْلِجُ الليلَ، وَلَكِنْ أَبْتَكِرْ
وَجَعَلَ نَهِر فِي مُقَابَلَةِ لَيْلِيٍّ كأَنه قَالَ: لَسْتُ بِلَيْلِيٍّ وَلَكِنِّي نَهَارِيٌّ. وَقَالُوا: نهارٌ أَنْهَرُ كَلَيْلٍ أَلْيَل ونَهارٌ نَهِرٌ كَذَلِكَ؛ كِلَاهُمَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ. واسْتَنْهَرَ الشيءُ أَي اتَّسَعَ. والنَّهار: فَرْخُ القَطا والغَطاط، وَالْجَمْعُ أَنْهِرَةٌ، وَقِيلَ: النَّهار ذكر
(2). قوله [متى أتى] في نسخ من الصحاح متى أرى.
البُوم، وَقِيلَ: هُوَ وَلَدُ الكَرَوانِ، وَقِيلَ: هُوَ ذَكَرُ الحُبَارَى، والأُنثى لَيْلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالنَّهَارُ فَرْخُ الْحُبَارَى؛ ذَكَرَهُ الأَصمعي فِي كِتَابِ الْفَرْقِ. وَاللَّيْلُ: فَرْخُ الْكَرَوَانِ؛ حَكَاهُ ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ؛ قَالَ: وَحَكَى التَّوْزِيُّ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَن جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدِمَ مِنْ عِنْدِ الْمَهْدِيِّ فَبَعَثَ إِلى يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ فَقَالَ إِني وأَمير المؤْمنين اخْتَلَفْنَا فِي بَيْتِ الْفَرَزْدَقِ وَهُوَ:
والشَّيْبُ يَنْهَضُ فِي السَّوادِ كأَنه
…
ليلٌ، يَصِيح بجانِبيهِ نَهارُ
مَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ؟ فَقَالَ لَهُ: اللَّيْلُ هُوَ اللَّيْلُ الْمَعْرُوفُ، وَكَذَلِكَ النَّهَارُ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: زَعَمَ الْمَهْدِيُّ أَنَّ اللَّيْلَ فَرْخُ الكَرَوان وَالنَّهَارُ فرخُ الحُبارَى، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الْقَوْلُ عِنْدِي مَا قَالَ يُونُسُ، وأَما الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَهْدِيُّ فَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْغَرِيبِ وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ ذَكَرَ أَهل الْمَعَانِي أَن الْمَعْنَى عَلَى مَا قَالَهُ يُونُسُ، وإِن كَانَ لَمْ يُفَسِّرْهُ تَفْسِيرًا شَافِيًا، وإِنه لَمَّا قَالَ: لَيْلٌ يَصِيحُ بِجَانِبَيْهِ نَهَارُ، فَاسْتَعَارَ لِلنَّهَارِ الصِّيَاحَ لأَن النَّهَارَ لَمَّا كَانَ آخِذًا فِي الإِقبال والإِقدام وَاللَّيْلَ آخَذُ فِي الإِدبار، صَارَ النَّهَارُ كأَنه هَازِمٌ، وَاللَّيْلُ مَهْزُومٌ، وَمِنْ عَادَةِ الْهَازِمِ أَنه يَصِيحُ عَلَى الْمَهْزُومِ؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ الشَّمَّاخ:
ولاقَتْ بأَرْجاءِ البَسِيطَةِ سَاطِعًا
…
مِنَ الصُّبح، لمَّا صَاحَ بِاللَّيْلِ نَفَّرَا
فَقَالَ: صَاحَ بِاللَّيْلِ حَتَّى نَفَر وَانْهَزَمَ؛ قَالَ: وَقَدِ اسْتَعْمَلَ هَذَا الْمَعْنَى ابْنُ هَانِئٍ فِي قَوْلِهِ:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا فانْصُراها عَلَى الدُّجَى
…
كتائبَ، حَتَّى يَهْزِمَ الليلَ هازِمُ
وَحَتَّى تَرَى الجَوْزاءَ تَنثُر عِقْدَها،
…
وتَسْقُطَ مِنْ كَفِّ الثُّريَّا الخَواتمُ
والنَّهْر: مِنَ الِانْتِهَارِ. ونَهَرَ الرجلَ يَنْهَرُه نَهْراً وانْتَهَرَه: زَجَرَه. وَفِي التَّهْذِيبِ: نَهَرْتَه وانْتَهرْتُه إِذا اسْتَقْبَلْتَهُ بِكَلَامٍ تَزْجُرُهُ عَنْ خَبَرٍ. قَالَ: والنَّهْرُ الدَّغْر وَهِيَ الخُلْسَةُ. ونَهار: اسْمُ رَجُلٍ. وَنَهَارُ بْنُ تَوْسِعَةَ: اسْمُ شَاعِرٍ مِنْ تَمِيمٍ. والنَّهْرَوانُ: مَوْضِعٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: نَهْرَوانُ، بِفَتْحِ النُّونِ وَالرَّاءِ، بَلْدَةٌ، والله أَعلم.
نهبر: النَّهابير: الْمَهَالِكُ. وغَشِيَ بِهِ النَّهابيرَ أَي حَمَلَهُ عَلَى أَمر شَدِيدٍ. والنَّهابِرُ والنَّهابير والهَنابِيرُ: مَا أَشرف مِنَ الأَرض، وَاحِدَتُهَا نُهْبُرَةٌ ونُهْبُورَةٌ ونُهْبُورٌ، وَقِيلَ: النَّهَابِرُ وَالنَّهَابِيرُ الحُفَرُ بَيْنَ الْآكَامِ. وَذَكَرَ كَعْبٌ الْجَنَّةَ فَقَالَ: فِيهَا هَنابِيرُ مسْكٍ يَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا رِيحًا تُسَمَّى المُثِيرَةَ فتُثِيرُ ذَلِكَ الْمِسْكَ عَلَى وُجُوهِهِمْ. وَقَالُوا: الْهَنَابِيرُ وَالنَّهَابِيرُ حبالُ رمالٍ مُشْرِفَةٍ، وَاحِدُهَا نُهْبُورَةٌ وهُنْبورَة ونُهْبُور. قَالَ: والنَّهابير الرِّمَالُ، وَاحِدُهَا نُهْبُور، وَهُوَ مَا أَشرف مِنْهُ. وَرُوِيَ عَنْ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ لِعُثْمَانَ، رضي الله عنهما: إِنك قَدْ رَكِبْتَ بِهَذِهِ الأُمَّة نَهابِيرَ مِنَ الأُمور فَرَكِبُوهَا مِنْكَ، ومِلْتَ بِهِمْ فَمَالُوا بِكَ، اعْدِلْ أَو اعْتَزِلْ.
وَفِي الْمُحْكَمِ: فَتُبْ، يَعْنِي بِالنَّهَابِيرِ أُموراً شِدَاداً صَعْبَةً شَبَّهَهَا بِنَهَابِيرِ الرَّمْلِ لأَن الْمَشْيَ يَصْعُبُ عَلَى مَنْ رَكِبَهَا؛ وَقَالَ نافع بن لقيط:
ولأَحْمِلَنْكَ عَلَى نَهابِرَ إِنْ تَثِبْ
…
فِيهَا، وإِن كنتَ المُنَهِّتَ، تُعْطَبِ
أَنشده ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد أَيضاً:
يَا فَتًى مَا قَتَلْتُمُ غَيْرَ دُعْبُوبٍ،
…
وَلَا مِنْ فَوَارِه الهِنَّبْرِ
قَالَ: الهِنَّبْرُ هَاهُنَا الأَديم، قَالَ: وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
مِنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ نَهاوِشَ أَنفقه فِي نَهابرَ
، قَالَ: نَهَاوِشُ مِنْ غَيْرِ حِلِّه كَمَا تَنْهَشُ الحَيَّةُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَنَهَابِرُ حَرَامٌ، يَقُولُ مَنِ اكْتَسَبَ مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ أَنفقه فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْحَقِّ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النَّهابر الْمَهَالِكُ هَاهُنَا، أَي أَذهبه اللَّهُ فِي مَهَالِكَ وأُمور متبدِّدة. يُقَالُ: غَشِيتَ بِي النَّهابيرَ أَي حَمَلْتَنِي عَلَى أُمور شَدِيدَةٍ صَعْبَةٍ، وَوَاحِدُ النَّهَابِيرِ نُهْبُور، وَالنَّهَابِرُ مَقْصُورٌ مِنْهُ كأَنَّ وَاحِدَهُ نُهْبُرٌ؛ قَالَ:
ودونَ مَا تَطْلُبُه يَا عامِرُ
…
نَهابِرٌ، مِنْ دُونِهَا نَهابِرُ
وَقِيلَ: النَّهابر جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا. وقول نافع ابن لَقِيطٍ: ولأَحملنك عَلَى نَهَابِرَ؛ يَكُونُ النَّهَابِرُ هَاهُنَا أَحد هَذِهِ الأَشياء. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَتَزَوَّجَنَّ نَهْبَرَة
أَي طَوِيلَةً مَهْزُولَةً، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَشرفت عَلَى الْهَلَاكِ، مِنَ النَّهابر الْمَهَالِكِ، وأَصلها حبال مِنْ رَمْلٍ صَعْبَةُ المُرْتَقَى.
نهتر: النَّهْتَرَةُ: التحدُّث بِالْكَذِبِ، وقد نَهْتَرَ علينا.
نهسر: النَّهْسَرُ: الذئب.
نور: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: النُّورُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي يُبْصِرُ بِنُورِهِ ذُو العَمَاية ويَرْشُدُ بِهُدَاهُ ذُو الغَوايَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي بِهِ كُلُّ ظُهُورٍ، وَالظَّاهِرُ فِي نَفْسِهِ المُظْهِر لِغَيْرِهِ يُسَمَّى نُورًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والنُّور مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عز وجل، قَالَ اللَّهُ عز وجل: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
؛ قِيلَ فِي تفسيره: هادي أَهل السموات والأَرض، وَقِيلَ: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ
؛ أَي مَثَلُ نُورِ هُدَاهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ. والنُّورُ: الضِّيَاءُ. وَالنُّورُ: ضِدُّ الظُّلْمَةِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: النُّور الضَّوْءُ، أَيًّا كَانَ، وَقِيلَ: هُوَ شُعَاعُهُ وَسُطُوعُهُ، وَالْجَمْعُ أَنْوارٌ ونِيرانٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَدْ نارَ نَوْراً وأَنارَ واسْتَنارَ ونَوَّرَ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ، أَي أَضاء، كَمَا يُقَالُ: بانَ الشيءُ وأَبانَ وبَيَّنَ وتَبَيَّنَ واسْتَبانَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. واسْتَنار بِهِ: اسْتَمَدَّ شُعاعَه. ونَوَّرَ الصبحُ: ظَهَرَ نُورُه؛ قَالَ:
وحَتَّى يَبِيتَ القومُ فِي الصَّيفِ ليلَةً
…
يَقُولُونَ: نَوِّرْ صُبْحُ، والليلُ عاتِمُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَرَض عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، لِلْجَدِّ ثُمَّ أَنارَها زيدُ بْنُ ثَابِتٍ
أَي نَوَّرَها وأَوضحها وبَيَّنَها. والتَّنْوِير: وَقْتُ إِسفار الصُّبْحِ؛ يُقَالُ: قَدْ نَوَّر الصبحُ تَنْوِيراً. وَالتَّنْوِيرُ: الإِنارة. وَالتَّنْوِيرُ: الإِسفار. وَفِي حَدِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ:
أَنه نَوَّرَ بالفَجْرِ
أَي صلَّاها، وَقَدِ اسْتنار الأُفق كَثِيرًا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: نَائِرَاتُ الأَحكام ومُنِيرات الإِسلام
؛ النَّائِرَاتُ الْوَاضِحَاتُ الْبَيِّنَاتُ، وَالْمُنِيرَاتُ كَذَلِكَ، فالأُولى مِنْ نارَ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ أَنار، وأَنار لازمٌ ومُتَعَدٍّ؛ وَمِنْهُ: ثُمَّ أَنارها زيدُ بْنُ ثَابِتٍ. وأَنار المكانَ: وَضَعَ فِيهِ النُّورَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَهْدِهِ اللَّهُ للإِسلام لَمْ يَهْتَدِ. وَالْمَنَارُ وَالْمَنَارَةُ: مَوْضِعُ النُّور. والمَنارَةُ: الشَّمْعة ذَاتُ السِّرَاجِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَنارَةُ الَّتِي يُوضَعُ عَلَيْهَا السِّرَاجُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وكِلاهُما فِي كَفِّه يَزَنِيَّةٌ،
…
فِيهَا سِنانٌ كالمَنارَةِ أَصْلَعُ
أَراد أَن يُشَبِّهَ السِّنَانَ فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ فأَوقع اللَّفْظَ عَلَى الْمَنَارَةِ. وَقَوْلُهُ أَصلع يُرِيدُ أَنه لَا صَدَأَ عَلَيْهِ فَهُوَ يَبْرُقُ، وَالْجَمْعُ مَناوِرُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَمَنَائِرُ مَهْمُوزٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما ذَلِكَ لأَن الْعَرَبَ تُشَبِّهُ الْحَرْفَ بِالْحَرْفِ فَشَبَّهُوا مَنَارَةً وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ النُّور، بِفَتْحِ الْمِيمِ، بفَعَالةٍ فَكَسَّرُوها تَكْسِيرَهَا، كَمَا قَالُوا أَمْكِنَة فِيمَنْ جَعَلَ مَكَانًا مِنَ الكَوْنِ، فَعَامَلَ الْحَرْفَ الزَّائِدَ مُعَامَلَةَ الأَصلي، فَصَارَتِ الْمِيمُ عِنْدَهُمْ فِي مَكَانٍ كَالْقَافِ مِنْ قَذَالٍ، قَالَ: وَمِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ. قَالَ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَحَمَلَ مَا هُوَ مِنْ هَذَا عَلَى الْغَلَطِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْجَمْعُ مَناوِر، بِالْوَاوِ، لأَنه مِنَ النُّورِ، وَمَنْ قَالَ مَنَائِرُ وَهَمَزَ فَقَدْ شَبَّهَ الأَصلي بِالزَّائِدِ كَمَا قَالُوا مَصَائِبُ وأَصله مَصَاوِبُ. والمَنار: العَلَم وَمَا يُوضَعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ مِنَ الْحُدُودِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّر مَنارَ الأَرض أَي أَعلامها.
والمَنارُ: عَلَم الطَّرِيقِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الْمَنَارُ العَلَمُ وَالْحَدُّ بَيْنَ الأَرضين. والمَنار: جَمْعُ مَنَارَةٍ، وَهِيَ الْعَلَامَةُ تُجْعَلُ بَيْنَ الْحَدَّيْنِ، ومَنار الْحَرَمِ: أَعلامه الَّتِي ضَرَبَهَا إِبراهيم الْخَلِيلُ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، عَلَى أَقطار الْحَرَمِ وَنَوَاحِيهِ وَبِهَا تُعْرَفُ حُدُودُ الحَرَم مِنْ حُدُودِ الحِلِّ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ مَعْنَى قَوْلِهِ
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ غيَّر مَنَارَ الأَرض
، أَراد بِهِ مَنَارَ الْحَرَمِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لَعَنَ مِنْ غَيْرِ تُخُومِ الأَرضين، وَهُوَ أَن يَقْتَطِعَ طَائِفَةً مِنْ أَرض جَارِهِ أَو يُحَوِّلَ الْحَدَّ مِنْ مَكَانِهِ. وَرَوَى شَمِرٌ عَنِ الأَصمعي: المَنار العَلَم يُجْعَلُ لِلطَّرِيقِ أَو الْحَدِّ للأَرضين مِنْ طِينٍ أَو تُرَابٍ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: إِن للإِسلام صُوًى ومَناراً
أَي عَلَامَاتٍ وَشَرَائِعَ يُعْرَفُ بِهَا. والمَنارَةُ: الَّتِي يُؤَذَّنُ عَلَيْهَا، وَهِيَ المِئْذَنَةُ؛ وأَنشد:
لِعَكٍّ فِي مَناسِمها مَنارٌ،
…
إِلى عَدْنان، واضحةُ السَّبيل
والمَنارُ: مَحَجَّة الطَّرِيقُ، وَقَوْلُهُ عز وجل: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ
؛ قِيلَ: النُّورُ هَاهُنَا هُوَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَي جَاءَكُمْ نَبِيٌّ وَكِتَابٌ. وَقِيلَ
إِن مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ: سيأْتيكم النُّورُ.
وَقَوْلُهُ عز وجل: وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ
؛ أَي اتَّبِعُوا الْحَقَّ الَّذِي بَيَانُهُ فِي الْقُلُوبِ كَبَيَانِ النُّورِ فِي الْعُيُونِ. قَالَ: وَالنُّورُ هُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ الأَشياء ويُرِي الأَبصار حَقِيقَتَهَا، قَالَ: فَمَثلُ مَا أَتى بِهِ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، فِي الْقُلُوبِ فِي بَيَانِهِ وَكَشْفِهِ الظُّلُمَاتِ كَمَثَلِ النُّورِ، ثُمَّ قَالَ: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ
، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ، رضي الله عنه، قَالَ لَهُ ابْنُ شَقِيقٍ: لَوْ رأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كنتُ أَسأَله: هَلْ رأَيتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: قَدْ سأَلتُه فَقَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاه
أَي هُوَ نُورٌ كَيْفَ أَراه. قَالَ ابْنُ الأَثير: سُئِلَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: مَا رأَيتُ مُنْكِراً لَهُ وَمَا أَدري مَا وَجْهُهُ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: فِي الْقَلْبِ مِنْ صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ شَيْءٌ، فإِن ابْنَ شَقِيقٍ لَمْ يَكُنْ يُثْبِتُ أَبا ذَرٍّ، وَقَالَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ: النُّورُ جِسْمٌ وعَرَضٌ، وَالْبَارِي تَقَدَّسَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا عَرَضٍ، وإِنما الْمُرَادُ أَن حِجَابَهُ النُّورُ، قَالَ: وَكَذَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبي مُوسَى، رضي الله عنه، وَالْمَعْنَى كَيْفَ أَراه وَحِجَابُهُ النُّورُ أَي أَن النُّورَ يَمْنَعُ مِنْ رُؤْيَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً وَبَاقِي أَعضائه
؛ أَراد ضِيَاءَ الْحَقِّ وَبَيَانَهُ، كأَنه قَالَ: اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْ هَذِهِ الأَعضاء مِنِّي فِي الْحَقِّ وَاجْعَلْ تَصَرُّفِي وَتَقَلُّبِي فِيهَا عَلَى سَبِيلِ الصَّوَابِ وَالْخَيْرِ.
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ قَوْلِهِ:
لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ
، فَقَالَ: النَّارُ هَاهُنَا الرَّأْيُ، أَي لَا تُشاورُوهم، فَجَعَلَ الرأْي مَثَلًا للضَّوءِ عِنْدَ الحَيْرَة، قَالَ: وأَما حَدِيثُهُ الْآخَرُ
أَنا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، فَقِيلَ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ثُمَّ قَالَ: لَا تَراءَى ناراهُما.
قَالَ: إِنه كَرِهَ النُّزُولَ فِي جِوَارِ الْمُشْرِكِينَ لأَنه لَا عَهْدَ لَهُمْ وَلَا أَمان، ثُمَّ وَكَّدَهُ فَقَالَ: لَا تَراءَى نَارَاهُمَا أَي لَا يَنْزِلُ الْمُسْلِمُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي تُقَابِلُ نارُه إِذا أَوقدها نارَ مُشْرِكٍ لِقُرْبِ مَنْزِلِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلَكِنَّهُ يَنْزِلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ
فَإِنَّهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: لَا تراءَى نَارَاهُمَا أَي لَا يَجْتَمِعَانِ بِحَيْثُ تَكُونُ نَارُ أَحدهما تُقَابِلُ نَارَ الْآخَرِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ سِمَةِ الإِبل بِالنَّارِ. وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم:
أَنْوَرُ المُتَجَرَّدِ
أَي نَيِّر الْجِسْمِ. يُقَالُ للحسَنِ المشرِق اللَّوْنِ: أَنْوَرُ، وَهُوَ أَفعلُ مِنَ النُّور. يُقَالُ: نَارٌ فَهُوَ نَيِّر، وأَنار فَهُوَ مُنِيرٌ. وَالنَّارُ: مَعْرُوفَةُ أُنثى، وَهِيَ مِنَ الْوَاوِ لأَن تَصْغِيرَهَا نُوَيْرَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن مَنْ فِي النَّارِ هُنَا نُور اللَّهُ عز وجل، وَمَنْ حَوْلَهَا قِيلَ الْمَلَائِكَةُ وَقِيلَ نُورُ اللَّهِ أَيضاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ تُذَكَّرُ النَّارُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد فِي ذَلِكَ:
فَمَنْ يأْتِنا يُلْمِمْ بِنَا فِي دِيارِنا،
…
يَجِدْ أَثَراً دَعْساً وَنَارًا تأَجَّجا
وَرِوَايَةُ سِيبَوَيْهِ: يَجِدُ حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تأَججا؛ وَالْجَمْعَ أَنْوُرٌ «3» ونِيرانٌ، انْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، ونِيْرَةٌ ونُورٌ ونِيارٌ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَفِي حَدِيثِ شَجَرِ جَهَنَّمَ:
فَتَعْلُوهم نارُ الأَنْيارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لَمْ أَجده مَشْرُوحًا وَلَكِنْ هَكَذَا رُوِيَ فَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ نارُ النِّيرانِ بِجْمَعِ النَّارِ عَلَى أَنْيارٍ، وأَصلها أَنْوارٌ لأَنها مِنَ الْوَاوِ كَمَا جَاءَ فِي رِيحٍ وَعِيدٍ أَرْياحٌ وأَعْيادٌ، وَهُمَا مِنَ الْوَاوِ. وتَنَوَّرَ النارَ: نَظَرَ إِليها أَو أَتاها. وتَنَوَّرَ الرجلَ: نَظَرَ إِليه عِنْدَ النَّارِ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَاهُ. وتَنَوَّرْتُ النارَ مِنْ بَعِيدٍ أَي تَبَصَّرْتُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
الناسُ شُركاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: الماءُ والكلأُ والنارُ
؛ أَراد لَيْسَ لِصَاحِبِ النَّارِ أَن يَمْنَعَ مَنْ أَراد أَن يستضيءَ مِنْهَا أَو يَقْتَبِسَ، وَقِيلَ: أَراد بِالنَّارِ الحجارةَ الَّتِي تُورِي النَّارَ، أَي لَا يُمْنَعُ أَحد أَن يأْخذ مِنْهَا. وَفِي حَدِيثِ الإِزار:
وَمَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ
؛ مَعْنَاهُ أَن مَا دُونَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ قَدَمِ صَاحِبِ الإِزارِ المُسْبَلِ فِي النَّارِ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى فِعْلِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن صَنِيعَهُ ذَلِكَ وفِعْلَه فِي النَّارِ أَي أَنه مَعْدُودٌ مَحْسُوبٌ مِنْ أَفعال أَهل النَّارُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لعَشَرَةِ أَنْفُسٍ فِيهِمْ سَمُرَةُ: آخِرُكُمْ يَمُوتُ فِي النَّارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: فَكَانَ لَا يكادُ يَدْفَأُ فأَمر بِقِدْرٍ عَظِيمَةٍ فَمُلِئَتْ مَاءً وأَوقد تَحْتَهَا وَاتَّخَذَ فَوْقَهَا مَجْلِسًا، وَكَانَ يَصْعَدُ بُخَارُهَا فَيُدْفِئُه، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ خُسِفَتْ بِهِ فَحَصَلَ فِي النَّارِ، قَالَ: فَذَلِكَ الَّذِي قَالَ لَهُ، وَاللَّهُ أَعلم. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: العَجْماءُ جُبارٌ وَالنَّارُ جُبارٌ
؛ قِيلَ: هِيَ النَّارُ الَّتِي يُوقِدُها الرجلُ فِي مِلْكِهِ فَتُطِيرها الرِّيحُ إِلى مَالِ غَيْرِهِ فَيَحْتَرِقُ وَلَا يَمْلِكُ رَدَّها فَيَكُونُ هَدَراً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ الْحَدِيثُ غَلِطَ فِيهِ عبدُ الرَّزَّاقِ وَقَدْ تَابَعَهُ عبدُ الْمَلِكِ الصَّنْعانِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ تَصْحِيفُ الْبِئْرُ، فإِن أَهل الْيَمَنِ يُمِيلُونَ النَّارَ فَتَنْكَسِرُ النُّونُ، فَسَمِعَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الإِمالة فكتبه بالياء، فَقَرؤُوه
(3). قوله [والجمع أنور] كذا بالأصل. وفي القاموس: والجمع أنوار. وقوله ونيرة كذا بالأَصل بهذا الضبط وصوبه شارح القاموس عن قوله ونيرة كقردة.
مُصَحَّفًا بِالْيَاءِ، وَالْبِئْرُ هِيَ الَّتِي يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ فِي مِلْكِهِ أَو فِي مَوَاتٍ فَيَقَعُ فِيهَا إِنسان فَيَهْلِكُ فَهُوَ هَدَرٌ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَمْ أَزل أَسمع أَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَ غَلِطَ فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَتَّى وَجَدْتُهُ لأَبي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخرى. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِن تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا تَفْخِيمٌ لأَمر الْبَحْرِ وَتَعْظِيمٌ لشأْنه وإِن الْآفَةَ تُسْرِع إِلى رَاكِبِهِ فِي غَالِبِ الأَمر كَمَا يُسْرِعُ الْهَلَاكُ مِنَ النَّارِ لِمَنْ لَابَسَهَا وَدَنَا مِنْهَا. والنارُ: السِّمَةُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَهِيَ النُّورَةُ. ونُرْتُ الْبَعِيرَ: جَعَلْتُ عَلَيْهِ نَارًا. وَمَا بِهِ نُورَةٌ أَي وَسْمٌ. الأَصمعي: وكلُّ وسْمٍ بِمِكْوًى، فَهُوَ نَارٌ، وَمَا كَانَ بِغَيْرِ مِكْوًى، فَهُوَ حَرْقٌ وقَرْعٌ وقَرمٌ وحَزٌّ وزَنْمٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا نارُ هَذِهِ النَّاقَةِ أَي مَا سِمَتُها، سُمِّيَتْ نَارًا لأَنها بِالنَّارِ تُوسَمُ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
حَتَّى سَقَوْا آبالَهُمْ بالنارِ،
…
والنارُ قَدْ تَشْفي مِنَ الأُوارِ
أَي سَقَوْا إِبلهم بالسِّمَة، أَي إِذا نَظَرُوا فِي سِمَةِ صَاحِبِهِ عُرِفَ صَاحِبُهُ فَسُقِيَ وقُدِّم عَلَى غَيْرِهِ لِشَرَفِ أَرباب تِلْكَ السِّمَةِ وخلَّوا لَهَا الماءَ. وَمِنْ أَمثالهم: نِجارُها نارُها أَي سِمَتُهَا تَدُلُّ عَلَى نِجارِها يَعْنِي الإِبل؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبلًا سِمَتُهَا مُخْتَلِفَةٌ:
نِجارُ كلِّ إِبلٍ نِجارُها،
…
ونارُ إِبْلِ الْعَالَمِينَ نارُها
يَقُولُ: اخْتَلَفَتْ سِمَاتُهَا لأَن أَربابها مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى فأُغِيرَ عَلَى سَرْح كُلِّ قَبِيلَةٍ وَاجْتَمَعَتْ عِنْدَ مَنْ أَغار عَلَيْهَا سِماتُ تِلْكَ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا. وَفِي حَدِيثِ
صعصة ابن نَاجِيَةَ جَدِّ الْفَرَزْدَقِ: وَمَا ناراهما
أَي ما سِمَتُهما الَّتِي وُسِمَتا بِهَا يَعْنِي نَاقَتَيْهِ الضَّالَّتَيْنِ، والسِّمَةُ: الْعَلَامَةُ. ونارُ المُهَوِّل: نارٌ كَانَتْ لِلْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُوقِدُونَهَا عِنْدَ التَّحَالُفِ وَيَطْرَحُونَ فِيهَا مِلْحًا يَفْقَعُ، يُهَوِّلُون بِذَلِكَ تأْكيداً لِلْحِلْفِ. وَالْعَرَبُ تَدْعُو عَلَى الْعَدُوِّ فَتَقُولُ: أَبعد اللَّهُ دَارَهُ وأَوقد نَارًا إِثره قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَتِ العُقَيْلية: كَانَ الرَّجُلُ إِذا خِفْنَا شَرَّهُ فَتَحَوَّلَ عَنَّا أَوقدنا خَلْفَهُ نَارًا، قَالَ فَقُلْتُ لَهَا: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: ليتحَوّلَ ضَبْعُهُمْ مَعَهُمْ أَي شرُّهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وجَمَّة أَقْوام حَمَلْتُ، وَلَمْ أَكن
…
كَمُوقِد نارٍ إِثْرَهُمْ للتَّنَدُّم
الْجَمَّةُ: قَوْمٌ تَحَمَّلوا حَمالَةً فَطَافُوا بِالْقَبَائِلِ يسأَلون فِيهَا؛ فأَخبر أَنه حَمَلَ مِنَ الْجَمَّةِ مَا تَحَمَّلُوا مِنَ الدِّيَاتِ، قَالَ: وَلَمْ أَندم حِينَ ارْتَحَلُوا عَنِّي فأُوقد عَلَى أَثرهم. وَنَارُ الحُباحِبِ: قَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهَا فِي مَوْضِعِهِ. والنَّوْرُ والنَّوْرَةُ، جَمِيعًا: الزَّهْر، وَقِيلَ: النَّوْرُ الأَبيض وَالزَّهْرُ الأَصفر وَذَلِكَ أَنه يبيضُّ ثُمَّ يَصْفَرُّ، وَجَمْعُ النَّوْر أَنوارٌ. والنُّوّارُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: كالنَّوْرِ، وَاحِدَتُهُ نُوَّارَةٌ، وَقَدْ نَوَّرَ الشجرُ وَالنَّبَاتُ. اللَّيْثُ: النَّوْرُ نَوْرُ الشَّجَرِ، وَالْفِعْلُ التَّنْوِيرُ، وتَنْوِير الشَّجَرَةِ إِزهارها. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَنْوَرَتْ
أَي حَسُنَتْ خُضْرَتُهَا، مِنَ الإِنارة، وَقِيلَ: إِنها أَطْلَعَتْ نَوْرَها، وَهُوَ زَهْرُهَا. يُقَالُ: نَوَّرَتِ الشجرةُ وأَنارَتْ، فأَما أَنورت فَعَلَى الأَصل؛ وَقَدْ سَمَّى خِنْدِفُ بنُ زيادٍ الزبيريُّ إِدراك الزَّرْعِ تَنْوِيراً فَقَالَ:
سَامَى طعامَ الحَيِّ حَتَّى نَوَّرَا
وجَمَعَه عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ:
وَذِي تَناوِيرَ مَمْعُونٍ، لَهُ صَبَحٌ
…
يَغْذُو أَوَابِدَ قَدْ أَفْلَيْنَ أَمْهارَا
والنُّورُ: حُسْنُ النَّبَاتِ وَطُولِهِ، وَجَمْعُهُ نِوَرَةٌ. ونَوَّرَتِ الشَّجَرَةُ وأَنارت أَيضاً أَي أَخرجت نَوْرَها. وأَنار النبتُ وأَنْوَرَ: ظَهَرَ وحَسُنَ. والأَنْوَرُ: الظَّاهِرُ الحُسْنِ؛ ومنه صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم:
كَانَ أَنْوَرَ المُتَجَرَّدِ.
والنُّورَةُ: الهِناءُ. التَّهْذِيبُ: والنُّورَةُ مِنَ الْحَجَرِ الَّذِي يُحْرَقُ ويُسَوَّى مِنْهُ الكِلْسُ وَيُحْلَقُ بِهِ شَعْرُ الْعَانَةِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: يُقَالُ انْتَوَرَ الرجلُ وانْتارَ مِنَ النُّورَةِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ تَنَوَّرَ إِلا عِنْدَ إِبصار النَّارُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ انْتارَ الرَّجُلُ وتَنَوَّرَ تَطَلَّى بالنُّورَة، قَالَ: حَكَى الأَوّل ثَعْلَبٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَجِدَّكُما لَمْ تَعْلَما أَنَّ جارَنا
…
أَبا الحِسْلِ، بالصَّحْراءِ، لَا يَتَنَوَّرُ
التَّهْذِيبُ: وتأْمُرُ مِنَ النُّورةِ فَتَقُولُ: انْتَوِرْ يَا زيدُ وانْتَرْ كَمَا تَقُولُ اقْتَوِلْ واقْتَلْ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي تَنَوّر النَّارَ:
فَتَنَوَّرْتُ نارَها مِنْ بَعِيد
…
بِخَزازَى؛ هَيْهاتَ مِنك الصَّلاءُ «1»
قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
كَرَبَتْ حياةُ النارِ للمُتَنَوِّرِ
والنَّوُورُ: النَّيلَجُ، وَهُوَ دُخَانُ الشَّحْمِ يعالَجُ بِهِ الوَشْمُ وَيُحْشَى بِهِ حَتَّى يَخْضَرَّ، وَلَكَ أَن تَقْلِبَ الْوَاوَ الْمَضْمُومَةَ هَمْزَةً. وَقَدْ نَوَّرَ ذِرَاعُهُ إِذا غَرَزَها بإِبرة ثُمَّ ذَرَّ عَلَيْهَا النَّؤُورَ. والنَّؤُورُ: حَصَاةٌ مِثْلُ الإِثْمِدِ تُدَقُّ فَتُسَفُّها اللِّثَةُ أَي تُقْمَحُها، مِنْ قَوْلِكَ: سَفِفْتُ الدَّوَاءَ. وَكَانَ نساءُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَّشِمْنَ بالنَّؤُور؛ ومنه وقول بِشْرٍ:
كَمَا وُشِمَ الرَّواهِشُ بالنَّؤُورِ
وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّؤُور دُخان الْفَتِيلَةِ يُتَّخَذُ كُحْلًا أَو وَشْماً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَمَّا الْكُحْلُ فَمَا سَمِعْتُ أَن نِسَاءَ الْعَرَبِ اكْتَحَلْنَ بالنَّؤُورِ، وأَما الْوَشْمُ بِهِ فَقَدْ جَاءَ فِي أَشعارهم؛ قَالَ لَبِيدٍ:
أَو رَجْع واشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها
…
كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشامُها
التَّهْذِيبُ: والنَّؤُورُ دُخَانُ الشَّحْمِ الَّذِي يَلْتَزِقُ بالطَّسْتِ وَهُوَ الغُنْجُ أَيضاً. والنَّؤُورُ والنَّوَارُ: المرأَة النَّفُور مِنَ الرِّيبَةِ، وَالْجَمْعُ نُورٌ. غَيْرُهُ: النُّورُ جَمْعُ نَوارٍ، وَهِيَ النُّفَّرُ مِنَ الظِّبَاءِ وَالْوَحْشِ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ مُضَرِّسٌ الأَسديُّ وَذَكَرَ الظِّبَاءَ وأَنها كَنَسَتْ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ:
تَدَلَّتْ عَلَيْهَا الشمسُ حَتَّى كأَنها،
…
مِنَ الحرِّ، تَرْمي بالسَّكِينَةِ نُورَها
وَقَدْ نارتْ تَنُورُ نَوْراً ونَواراً ونِواراً؛ ونسوةٌ نُورٌ أَي نُفَّرٌ مِنَ الرِّيبَةِ، وَهُوَ فُعُلٌ، مِثْلُ قَذالٍ وقُذُلٍ إِلا أَنهم كَرِهُوا الضَّمَّةَ عَلَى الْوَاوِ لأَن الْوَاحِدَةَ نَوارٌ وَهِيَ الفَرُورُ، ومنه سميت المرأَة؛ وقال الْعَجَّاجُ:
يَخْلِطْنَ بالتَّأَنُّسِ النَّوارا
الْجَوْهَرِيُّ: نُرْتُ مِنَ الشَّيْءِ أَنُورُ نَوْراً ونِواراً، بِكَسْرِ النُّونِ؛ قَالَ مَالِكِ بْنِ زُغْبَةَ الْبَاهِلِيِّ يُخَاطِبُ امرأَة:
أَنَوْراً سَرْعَ مَاذَا يَا فَرُوقُ،
…
وحَبْلُ الوَصْلِ مُنْتَكِثٌ حَذِيقُ
أَراد أَنِفاراً يَا فَرُوقُ، وَقَوْلُهُ سَرْعَ مَاذَا: أَراد سَرُعَ فَخَفَّفَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ:
أَنوراً سَرْعَ مَاذَا يَا فروق
(1). قوله [بخزازى] بخاء معجمة فزايين معجمتين: جبل بين منعج وعاقل، والبيت للحرث بن حلزة كما في ياقوت
قَالَ: الشِّعْرُ لأَبي شَقِيقٍ الْبَاهِلِيِّ وَاسْمُهُ جَزْءُ بْنُ رَباح، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ لِزُغْبَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: وَقَوْلُهُ أَنوراً بِمَعْنَى أَنِفاراً سَرُعَ ذَا يَا فُرُوقُ أَي مَا أَسرعه، وَذَا فَاعِلُ سَرُعَ وأَسكنه لِلْوَزْنِ، وَمَا زَائِدَةٌ. وَالْبَيْنُ هَاهُنَا: الْوَصْلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ؛ أَي وصْلُكم، قَالَ: وَيُرْوَى وَحَبْلُ الْبَيْنِ مُنْتَكِثُ؛ وَمُنْتَكِثٌ: مُنْتَقِضٌ. وَحَذِيقٌ: مَقْطُوعٌ؛ وَبَعْدَهُ:
أَلا زَعَمَتْ علاقَةُ أَنَّ سَيْفي
…
يُفَلِّلُ غَرْبَه الرأْسُ الحَليقُ؟
وَعَلَاقَةُ: اسْمُ مَحْبُوبَتِهِ؛ يَقُولُ: أَزعمت أَن سَيْفِي لَيْسَ بِقَاطِعٍ وأَن الرأْس الْحَلِيقَ يُفَلِّلُ غَرْبَهُ؟ وامرأَة نَوارٌ: نَافِرَةٌ عن الشَّرِّ وَالْقَبِيحِ. والنَوارُ: الْمَصْدَرُ، والنِّوارُ: الِاسْمُ، وَقِيلَ: النِّوارُ النِّفارُ مِنْ أَي شَيْءٍ كَانَ؛ وَقَدْ نَارَهَا ونَوَّرها وَاسْتَنَارَهَا؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ ظَبْيَةً:
بِوادٍ حَرامٍ لَمْ تَرُعْها حِبالُه،
…
وَلَا قانِصٌ ذُو أَسْهُمٍ يَسْتَنِيرُها
وَبَقَرَةٌ نَوَارٌ: تَنْفِرُ مِنَ الْفَحْلِ. وَفِي صِفَةِ نَاقَةِ صَالِحٍ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: هِيَ أَنور مِنْ أَن تُحْلَبَ أَي أَنْفَرُ. والنَّوَار: النِّفارُ. ونُرْتُه وأَنرْتُه: نَفَّرْتُه. وَفَرَسٌ وَدِيق نَوارٌ إِذا استَوْدَقَت، وَهِيَ تُرِيدُ الْفَحْلَ، وَفِي ذَلِكَ مِنْهَا ضَعْفٌ تَرْهَب صَوْلَةَ النَّاكِحِ. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمْ نائِرَةٌ أَي عَدَاوَةٌ وشَحْناء. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ بَيْنَهُمْ نَائِرَةٌ
أَي فِتْنَةٌ حَادِثَةٌ وَعَدَاوَةٌ. ونارُ الْحَرْبِ ونائِرَتُها: شَرُّها وهَيْجها. ونُرْتُ الرجلَ: أَفْزَعْتُه ونَفَّرْتُه؛ قَالَ:
إِذا هُمُ نارُوا، وإِن هُمْ أَقْبَلُوا،
…
أَقْبَلَ مِمْساحٌ أَرِيبٌ مِفْضَلُ
وَنَارَ القومُ وتَنَوَّرُوا انْهَزَمُوا. واسْتَنارَ عَلَيْهِ: ظَفِرَ بِهِ وَغَلَبَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
فأَدْرَكُوا بعضَ مَا أَضاعُوا،
…
وقابَلَ القومُ فاسْتَنارُوا
ونُورَةُ: اسْمُ امرأَة سَحَّارَة؛ وَمِنْهُ قِيلَ: هُوَ يُنَوِّرُ عَلَيْهِ أَي يُخَيِّلُ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ. الأَزهري: يُقَالُ فُلَانٌ يُنَوِّرُ عَلَى فُلَانٍ إِذا شَبَّهَ عَلَيْهِ أَمراً، قَالَ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ عَرَبِيَّةً، وأَصلها أَن امرأَة كَانَتْ تُسَمَّى نُورَةَ وَكَانَتْ سَاحِرَةً فَقِيلَ لِمَنْ فَعَلَ فِعْلَهَا: قَدْ نَوَّرَ فَهُوَ مُنَوِّرٌ. قَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوَةَ: عَلِقَ رجلٌ امرأَة فَكَانَ يَتَنَوَّرُها بِاللَّيْلِ، والتَّنَوُّرُ مِثْلُ التَّضَوُّء، فَقِيلَ لَهَا: إِن فُلَانًا يَتَنَوَّرُكِ، لِتَحْذَرَهُ فَلَا يَرَى مِنْهَا إِلا حَسَناً، فَلَمَّا سَمِعَتْ ذَلِكَ رَفَعَتْ مُقَدَّمَ ثَوْبِهَا ثُمَّ قَابَلَتْهُ وَقَالَتْ: يَا مُتَنَوِّراً هَاهْ فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتَهَا وأَبصر مَا فَعَلَتْ قَالَ: فَبِئْسَمَا أَرى هَاهْ وَانْصَرَفَتْ نَفْسُهُ عَنْهَا، فَصُيِّرَتْ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْ لَا يَتَّقِي قَبِيحًا وَلَا يَرْعَوي لحَسَنٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ الإِمالة ابْنُ نُور فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ اسْمًا سُمِّيَ بِالنُّورِ الَّذِي هُوَ الضَّوْءُ أَو بالنُّورِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ نَوارٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ اسْمًا صَاغَهُ لتَسُوغَ فِيهِ الإِمالة فإِنه قَدْ يَصوغ أَشياء فَتَسوغ فِيهَا الإِمالة ويَصُوغ أَشياءَ أُخَرَ لِتَمْتَنِعَ فِيهَا الإِمالة. وَحَكَى ابْنُ جِنِّيٍّ فِيهِ: ابْنُ بُور، بِالْبَاءِ، كأَنه مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ومَنْوَرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ صَحَّتْ فِيهِ الواوُ صِحَّتَها فِي مَكْوَرَةَ لِلْعَلْمِيَّةِ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
أَلَيْلى عَلَى شَحْطِ المَزارِ تَذَكَّرُ؟
…
وَمِنْ دونِ لَيْلى ذُو بِحارٍ ومَنْوَرُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ بِشْرٍ:
وَمِنْ دُونِ لَيْلَى ذُو بِحَارٍ ومَنْوَرُ
قَالَ: هُمَا جَبَلَانِ فِي ظَهْر حَرَّةِ بَنِي سَلِيمٍ. وَذُو المَنار: مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ واسمه أَبْرَهَةُ بن الحرث الرَّايِشُ، وإِنما قِيلَ لَهُ ذُو الْمَنَارِ لأَنه أَوّل مَنْ ضُرِبَ المنارَ عَلَى طَرِيقِهِ فِي مَغَازِيهِ لِيَهْتَدِيَ بها إِذا رجع.
نير: النِّيرُ: القَصَبُ وَالْخُيُوطُ إِذا اجْتَمَعَتْ. والنِّيرُ: العَلَمُ، وَفِي الصِّحَاحِ: عَلَمُ الثَّوْبِ ولُحْمته أَيضاً. ابْنُ سِيدَهْ: نِيرُ الثَّوْبِ عَلَمُهُ، وَالْجَمْعُ أَنْيارٌ. ونِرْتُ الثَّوْبَ أَنِيرُه نَيْراً وأَنَرْتُه ونَيَّرْتُه إِذا جَعَلْتَ لَهُ عَلَمًا. الْجَوْهَرِيُّ: أَنَرْتُ الثَّوْبَ وهَنَرْتُ مِثْلُ أَرَقْتُ وهَرَقْتُ؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
ومَنْهَلٍ طامٍ عَلَيْهِ الغَلْفَقُ
…
يُنِيرُ، أَو يُسْدي بِهِ الخَدَرْنَقُ
قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
تَقْسِمُ اسْتِيًّا لَهَا بِنَيْرِ،
…
وتَضْرِبُ النَّاقُوسَ وَسْطَ الدَّيْرِ
قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِنِير فَغَيَّرَ لِلضَّرُورَةِ. قَالَ: وَعَسَى أَن يَكُونَ النَّيْرُ لُغَةً فِي النِّيرِ. ونَيَّرْتُه وأَنَرْتُه وهَنَرْتُه أُهَنِيرُه إِهْنارَةً، وَهُوَ مُهَنارٌ عَلَى الْبَدَلِ؛ حَكَى الْفِعْلَ وَالْمَصْدَرَ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: جَعَلْتُ لَهُ نِيراً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه كَرِهَ النِّيرَ
، وَهُوَ الْعَلَمُ فِي الثَّوْبِ. يُقَالُ: نِرْتُ الثَّوْبَ وأَنَرْتُه ونَيَّرْتُه إِذا جَعَلْتَ لَهُ عَلَمًا. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، أَنه قَالَ: لَوْلَا أَن عُمَرَ نَهَى عَنِ النِّير لَمْ نَرَ بالعَلَم بأْساً وَلَكِنَّهُ نَهَى عَنِ النِّير
، وَالِاسْمُ النِّيْرَةُ، وَهِيَ الخُيُوطَةُ والقَصَبَةُ إِذا اجتمعنا، فإِذا تفرّقنا سُمِّيَتِ الْخُيُوطَةُ خُيُوطَةً والقَصَبَةُ قَصَبَةً وإِن كَانَتْ عَصًا فَعَصًا، وَعَلَمُ الثَّوْبِ نِيْرٌ، وَالْجَمْعُ أَنْيارٌ. ونَيَّرْتُ الثَّوْبَ تَنْيِيراً، وَالِاسْمُ النِّيرُ، وَيُقَالُ لِلُحْمَةِ الثَّوْبِ نِيرٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ نِرْ نِرْ إِذا أَمرته بِعَمَلِ عَلَمٍ لِلْمِنْدِيلِ. وثوبٌ مُنَيَّر: مَنْسُوجٌ عَلَى نِيرَيْنِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ونِيْرُ الثَّوْبِ: هُدْبُه؛ عَنِ ابْنِ كَيْسَانَ؛ وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَقُمْتُ بِهَا تَمْشي تَجُرُّ وراءَنا
…
عَلَى أَثَرَيْنا نِيرَ مِرْطٍ مُرَجَّلِ
والنِّيْرَةُ أَيضاً: مِنْ أَدوات النَّسَّاج يَنْسجُ بِهَا، وَهِيَ الْخَشَبَةُ الْمُعْتَرِضَةُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَنتَ بِسَتَاةٍ وَلَا لُحْمَةٍ وَلَا نِيرَةٍ، يُضْرَبُ لِمَنْ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فَمَا تأْتوا يَكُنْ حَسَناً جَمِيلًا،
…
وَمَا تُسْدُوا لِمَكْرُمَةٍ تُنِيرُوا
يَقُولُ: إِذا فَعَلْتُمْ فِعْلًا أَبرمتموه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ بُزُرج:
أَلم تسأَلِ الأَحْلافَ كيفَ تَبَدَّلُوا
…
بأَمرٍ أَنارُوه، جَمِيعًا، وأَلْحَمُوا؟
قَالَ: يُقَالُ نائِرٌ ونارُوه ومُنِيرٌ وأَنارُوه، وَيُقَالُ: لستَ فِي هَذَا الأَمر بِمُنِيرٍ وَلَا مُلْحمٍ، قَالَ: والطُّرَّةُ مِنَ الطَّرِيقِ تسمَّى النِّير تَشْبِيهًا بنِيرِ الثَّوْبِ، وَهُوَ العَلَمُ فِي الْحَاشِيَةِ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ فِي صِفَةِ طَرِيقٍ:
عَلَى ظَهْرِ ذِي نِيرَيْنِ: أَمَّا جَنابُه
…
فَوَعْثٌ، وأَما ظَهْرُهُ فَمُوَعَّسُ
وجَنابُه: مَا قَرُبَ مِنْهُ فَهُوَ وَعْثٌ يَشْتَدُّ فِيهِ الْمَشْيُ، وأَما ظَهْرُ الطَّرِيقِ الْمَوْطُوءِ فَهُوَ مَتِينٌ لَا يَشْتَدُّ عَلَى الْمَاشِي فِيهِ الْمَشْيُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي: