الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن، وبيان لعموم رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
من الفتوى رقم 10806
السؤال الثالث: ما
الحكمة في أمر الله إبراهيم بذبح ابنه قرة عينه إسماعيل
؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
ج: أمره بذبحه؛ ابتلاء وامتحانا له في إخلاصه العبودية والمحبة لربه، وليرفعه عنده تعالى درجات إذا وفى، وقد وفى عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (1) الآية.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) سورة البقرة الآية 124
فتوى رقم 4797
س: شخص اعتنق الإسلام عام 1974م وهو متزوج، ويريد أن يعرف من الذي أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بذبحه، أهو ولده إسماعيل أم ولده إسحاق عليهما الصلاة والسلام؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
ج: إن من سنة الله تعالى أن يبتلي عباده؛ ليميز الخبيث من الطيب، ويرفع من شاء من أنبيائه وأوليائه ما شاء، وليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وممن تابع الله تعالى عليهم الابتلاء خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فكان مثال الكمال في الوفاء في جميع ما ابتلاه ربه به، قال الله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (1)، وأثنى عليه تعالى بقوله:{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} (2).
وكان مما ابتلاه الله به أن أراه في المنام أنه يذبح ولده، ورؤيا الأنبياء حق، فعزم إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام على تحقيق رؤياه؛ امتثالا لأمر ربه ووفاء له، وعرض ذلك على ابنه فاستجاب له، فلما أسلما وجههما لله، وبذل إبراهيم ما في وسعه
(1) سورة البقرة الآية 124
(2)
سورة النجم الآية 37
من أسباب الذبح العادية، أكرمه الله وولده، وفدى الذبيح بذبح عظيم، وخلد لخليله ثناء عاطرا مدى الدهر، وبشره بإسحاق نبيا من الصالحين، وبارك عليه وعلى إسحاق عليهما السلام، قال الله تعالى:{وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} (1){رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} (2){فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (3){فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (4){فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} (5){وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ} (6){قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (7){إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} (8){وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (9){وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} (10){سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (11){كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (12){إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} (13){وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} (14){وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} (15).
هذا صفوة ما يتصل بشأن الذبيح من قصة أبيه إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان للخليل ولدان إسماعيل وإسحاق، فأيهما كان الذبيح إسماعيل أم إسحاق عليهما السلام؟ لم يرد في ذلك نص صحيح بتسميته أو تعيينه بوجه ما يقطع النزاع، ولذا اختلف أهل السير والتاريخ والتفسير في تعيينه، فقال جماعة منهم: إنه إسماعيل؛ لأنه هو الذي ولد له بعد ذهابه عن قومه إلى الشام، وكان وحيده إذ ذاك، وهو الذي كان بمكة، وهي مكان الواقعة، وقد وصفه الله بالحلم والصبر، أضف إلى أن قصة الذبيح
(1) سورة الصافات الآية 99
(2)
سورة الصافات الآية 100
(3)
سورة الصافات الآية 101
(4)
سورة الصافات الآية 102
(5)
سورة الصافات الآية 103
(6)
سورة الصافات الآية 104
(7)
سورة الصافات الآية 105
(8)
سورة الصافات الآية 106
(9)
سورة الصافات الآية 107
(10)
سورة الصافات الآية 108
(11)
سورة الصافات الآية 109
(12)
سورة الصافات الآية 110
(13)
سورة الصافات الآية 111
(14)
سورة الصافات الآية 112
(15)
سورة الصافات الآية 113
قد بدأت بالبشرى بغلام حليم، وختمت بالبشرى بإسحاق، فكان غير الذبيح الذي بدأت به القصة، والراجح أنه إسماعيل؛ لما تقدم من الأدلة.
وقال كثير من أهل الديانات والسير والتاريخ: إنه إسحاق؛ لأنه هو الذي بشر به إبراهيم وسارة بعد اعتزال إبراهيم أباه وقومه كما في سورة مريم وهود والحجر والذاريات، فليكن هو المراد بالغلام الحليم المبشر به في سورة الصافات، وإذن يكون هو الذبيح.
والخطب في ذلك سهل؛ إذ المسألة اجتهادية في أمر معرفته غير ضرورية، ولا يترتب على الجهل بها خطر في العقيدة، ولا أثر لها في حياة الناس العملية، فأي ابني إبراهيم كان الذبيح كان فيه وفي أبيه العبرة، وبهما تكون القدوة في الصبر على البلاء وإيثار طاعة الله تعالى، ولو كان في ذلك ذهاب أحب شيء إلى الإنسان حتى النفس، ولا يشين ذلك من لم يكن الذبيح، ولا ينقص من قدره كما لم ينقص كثيرا من الأنبياء والمرسلين أنهم لم يحصل لهم مثل ذلك، فالمزية بعينها تدل على الفضيلة، لكنها لا تدل على الأفضلية.
وإنما خاض في ذلك جماعة من الباحثين بدافع حب الاستطلاع، وشهوة حب البحث، ولم يكن في الموضوع نص صحيح صريح كما تقدم، فاختلفوا عن اجتهاد وحسن نية أو عن عصبية وسوء طوية.
والصواب أنه إسماعيل كما تقدم؛ لأنه الأظهر من الآيات القرآنية ولا سيما الآيات من سورة الصافات التي سبق ذكرها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتوى رقم 3400
س: حدثنا خالد بن مخلد ثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل. فلم تحمل إلا واحدا ساقطا أحد شقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قالها لجاهدوا في سبيل الله (1)» . قال شعيب وابن أبي الزناد: وتسعين وهو أصح.
قد روي هذا الحديث بطرق متعددة، وإسناده كله صحيح وجيد، وعدد الأزواج فيه مختلف (ستون، سبعون، تسع وتسعون،
(1) صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، المجلد الأول الجزء 13، الصفحة 486 مطبوعة الدلهي، باب (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب).
مائة)، ولا ريب في صحة هذا الحديث باعتبار الرواة والإسناد، ولكن مفهوم الحديث خلاف للعقل والشعور صريحا، ومفهومه يعلن ويجهر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال هكذا كما نقل الراوي، بل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من أباطيل وخرافات اليهود مثالا، وفهم الراوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله بيانا واقعيا؛ لأن كل إنسان إن حاسب في نفسه فوضح عليه أن فرض عدد الأزواج ستون، إن باشرهن سليمان عليه السلام في ساعة 6 أزواج باشرهن كل الليل بغير توقف متواليا عشر ساعات فهل هذا ممكن عقلا؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
ج: أولا: الحديث المضطرب هو الذي روي من طرق مختلفة متساوية في القوة، ولم يمكنه الجمع بينها، أما إن كان بعضها أقوى أو أمكن الجمع فلا اضطراب، وعلى هذا فلا يعتبر الاختلاف في عدد النساء في الحديث المسئول عنه اضطرابا يرد به الحديث؛ لأمرين:
الأول: رجحان الرواية التي ذكر فيها أن عددهن تسعون، فقد قال البخاري في صحيحه: قال شعيب وأبو الزناد: تسعين، وهو أصح (1).
الثاني: إمكان الجمع بين هذه الروايات، وقد ذهب إلى ذلك ابن حجر رحمه الله في كتابته على هذا الحديث في الباب
(1) البخاري برقم 3424، ومسلم برقم 1654.
الذي ذكرته في السؤال، قال رحمه الله:(فمحصل الروايات: ستون، وسبعون، وتسعون، وتسع وتسعون، ومائة، والجمع بينها أن الستين كن حرائر، وما زاد عليهن كن سرائر وبالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن ما دون المائة وفوق التسعين، فمن قال: تسعون ألغى الكسر ومن قال: مائة جبره، ومن ثم وقع التردد في رواية جعفر) اهـ (1) بنصه.
ثانيا: دعوى مخالفة هذا الحديث للعقل الصريح دعوى باطلة؛ لبنائها على قياس الناس بعضهم على بعض في الصحة، وقوة البدن، والقدرة على الجماع، وسرعة الإنزال وبطئه، وهو قياس فاسد لشهادة الواقع بتفاوتهن فيما ذكر وفي غيره، وخاصة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالنسبة لغيرهم، فقد أوتوا من قوة البدن والقدرة على الجماع مع كمال العفة وضبط النفس، وكبح جماح الشهوة ما لم يؤت غيرهم، فكانت العفة وصيانة الفرج عن قضاء الوطر في الحرام مع القدرة على الجماع وقوة دواعيه معجزة لهم عليهم الصلاة والسلام، وكان من السهل على أحدهم أن يطأ عشر نسوة في ساعة، ومائة امرأة في عشر ساعات أو أقل؛ لتحقق الاختصاص بالقوة، وإمكان الإنزال في خمس دقائق أو أقل منها، وقد ذكر ابن حجر - رحمه الله تعالى - نحوا من هذا في شرح هذا الحديث، وبيان ما يستنبط منه.
قال: (وفيه ما خص به الأنبياء من القوة على الجماع
(1) فتح الباري 6/ 460.
الدال ذلك على صحة البنية، وقوة الفحولية، وكمال الرجولية، مع ما هم فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم، وقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أبلغ المعجزة؛ لأنه مع اشتغاله بعبادة ربه وعلومه ومعالجة الخلق كان متقللا من المآكل والمشارب المقتضية لضعف البدن على كثرة الجماع، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد وهن إحدى عشرة امرأة، وقد تقدم في كتاب الغسل ويقال: إن كل من اتقى الله فشهوته أشد؛ لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه).
ثالثا: إنه قد ثبت أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أنصح الخلق لأمته، وأنه أوتي جوامع الكلام والبلاغ المبين، وكمال الفصاحة في التعبير، فلم يكن ليلبس على أمته في كلامه عن غش وخديعة، ولا ليعمي في قوله لعي في لسانه أو عجز عن البيان، ولم يكن راوي هذا الحديث عنه - وهو عربي قح - ليخفى عليه ما حكاه صلى الله عليه وسلم صريحا عن نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام من قوله: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، وأنه لم يقل: إن شاء الله، وتأكيد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله:«لو قالها لجاهدوا في سبيل الله فرسانا ولم يحنث (1)» .
فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك على أنه مثال من أباطيل اليهود وخرافاتهم، وأن الصحابي توهم أنه صلى الله عليه وسلم ذكره بيانا لواقع وخبرا عن حقيقة، من زعم ذلك فقد اتبع هواه ووهمه الكاذب، وحرف معنى الحديث المقصود منه، وطعن في الصحابي، وظن برسول الله صلى الله عليه وسلم الظنون؛
(1) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3424)، صحيح مسلم الأيمان (1654)، سنن الترمذي النذور والأيمان (1532)، سنن النسائي الأيمان والنذور (3831).
اتباعا لخياله الخاطئ في الحكم بمخالفة معنى هذا الحديث الصريح للعقل (1).
وبالله التوفيق وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) انظر تفسير محمد الأمين الشنقيطي (أضواء البيان) ج 7/ 24.