الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسواق الآجلة للعملات الأجنبية
كما سبق ذكره في بداية البحث فهناك أيضا أسواق فورية وآجلة للمتاجرة بالعملات الأجنبية، ويتم التسليم بالنسبة للعقود الفورية حسب المتبع دوليا بعد يومين من إبرام العقد، وهذان اليومان ضروريان بسبب فارق الوقت بين المراكز المالية المختلفة؛ وليكون هناك وقت كاف لتنفيذ العقد؛ بإرسال خطابات التلكس وتنفيذ الإشعارات بإجراء القيودات المختلفة.
أما في السوق الآجلة فيتم تسليم العملات الأجنبية في موعد لاحق يتم تحديده في العقد، ويدعى تاريخ التسليم، سواء في العقود الفورية أو الآجلة، بموعد الاستحقاق والتسليم يتم عادة بتسجيل المبلغ المتفق عليه بالعملة المتفق عليها في حساب المشتري.
وقد نشأت الحاجة للأسواق الآجلة في العملات الأجنبية بسبب التداخل والترابط والتعقيد الذي أصبح عليه الاقتصاد والأعمال التجارية في العالم.
فالمقاول مثلا يتعاقد على تنفيذ عملية بناء في بلد كالسعودية، وتدفع قيمة العقد له بالريال، ولكنه لتنفيذ العقد يتحمل مصاريف قيمة مشتروات أو أجور يضطر لدفع بعضها
بعملات أجنبية، ونظرا لوجود فارق زمني بين وقت تقدير تكاليفه وتوقيع العقد، ووقت استلام كامل القيمة بعد إنجاز العمل، فإنه قد يتعرض لخسارة لو تغيرت قيمة العملات الأجنبية خلال هذه الفترة.
وللتوضيح: لنفترض أن مقاولا تعاقد لإنشاء بناء بمبلغ 340 مليون ريال في وقت كان سعر صرف الريال 40 ر 3 ريالا للدولار الأمريكي، وأن العقد يستغرق تنفيذه 12 شهرا، ولنفترض للتبسيط أن القيمة تدفع على دفعتين 20% عند توقيع العقد، والباقي 80% بعد انتهاء العمل، كما نفرض أن المقاول عند احتساب تكلفته للمناقصة على المشروع قدر أن جزءا من تكاليفه قيمته 60 ميلون دولار سيدفعه بالدولار، وأعد ترتيبه بحيث يدفعه بعد انتهاء المشروع، واستلام 80% من قيمة العقد، وأدخل في حساباته هذا الجزء بسعر الصرف السائد عند توقيع العقد، أي: ما يساوي 204 مليون ريالا (60 × 3. 40= 204).
فإذا تغير سعر صرف الدولار بالريال خلال العام تغيرت تكلفة هذه الـ 60 مليون دولارا، عندما يستلم باقي قيمة العقد، ويقوم بشراء الدولارات، فلو تغير سعر الصرف من 3. 40 ريالا للدولار إلى 3. 44 فستزيد عليه تكلفة الدولارات من 204 مليون إلى 206. 4 مليون ريالا.
لذا فمع أن المقاول قد يكون دقيقا ومجتهدا وناجحا في عمله، إلا أنه قد يتعرض لخسارة بسبب خارج عن سيطرته وعن مجال عمله، وللتغلب على مثل هذه الخسائر فهو يستطيع شراء مبلغ 60 مليون دولارا من السوق الآجلة بحيث يستلمها بعد عام
من الآن بسعر الصرف الحالي، مضافا إليه العمولة التي يتقاضاها البائع، والبائع هنا قد لا تكون لديه الدولارات في ذلك الوقت، ولكنه في هذه الأسواق يكون لديه دائما تصورات وتقديرات عن اتجاهات أسعار الصرف المستقبلية - والتي قد تتحقق أو قد لا تتحقق - وبناء على تقديراته فهو يحسب ما يقدر أنه سيكون عليه سعر صرف الدولار بعد عام، ويضيف إليه ربحه بحيث يستطيع وقت التسليم شراء الدولارات من السوق - في حال عدم توفرها لديه - وتسليمها للمشتري دون خسارة.
ومما تحقق في هذه العملية أن المقاول قام بالتغطية الاحتياطية عن تقلبات سعر صرف العملة الأجنبية، وتخلص من تلك المخاطرة بحيث تأكد من تكلفة هذه الدولارات عليه، وتحمل المخاطرة عنه في تقلبات قيمة الدولارات البائع الذي هو عادة ممن يتاجرون بالعملات الأجنبية من البنوك المتخصصة.