الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا يعرف الخطأ الذي وقع في الكتاب، وما أشبه ذلك.
س 8: إذا
سئل شخص عن مسألة فأفتى فيها، وبعد مدة تبين له أن ما أفتى به غير صحيح، فماذا عليه أن يفعل
؟
ج 8: عليه أن يرجع إلى الصواب، ويفتي بالحق، ويقول: أخطأت، كما قال عمر:(الحق قديم) فعليه أن يرجع إلى الصواب، ويفتي بالحق، ويقول: أخطأت في المسألة الأولى: أفتيت بكذا وكذا، ثم اتضح لي أنها خطأ، - والصواب كذا وكذا. ولا بأس عليه في ذلك، بل هذا هو الواجب عليه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو رأس المفتين، لما سأله الناس عن التلقيح، وهو تأبير النخل، قال:«ما أظنه يضره لو ترك» ، ثم أخبروه بأنه يضره. فقال:«إنما أخبرتكم عن رأيي، والرأي يخطئ ويصيب، أما ما أحدثكم به عن الله، فإني لن أكذب على الله (1)» ، وأمرهم أن يرجعوا إلى التلقيح.
كذلك عمر رضي الله عنه، أفتى بإسقاط الإخوة في مسألة المشركة، ثم أفتى بالتشريك بناء على ما ترجح لديه في ذلك.
فالرجوع إلى ما يعتقد العالم أنه الصواب والحق، أمر معروف، وهو طريق أهل العلم والإيمان، ولا حرج في ذلك، ولا نقص بل ذلك يدل على فضله، وقوة إيمانه، حيث رجع إلى الصواب، وترك الخطأ.
ولو قال بعض الناس، أو بعض الجهلة: إن هذا عيب،
(1) صحيح مسلم الفضائل (2361)، سنن ابن ماجه الأحكام (2470)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 162).
فهذا ليس بشيء، الصواب أنه فضل، وأنه منقبة وليس بنقص.
س 9: أنا طالب علم، كثيرا ما توجه إلي المسائل عن أمر من الأمور، سواء في العبادة أو غيرها، فأعرف الإجابة جيدا، إما عن سماع أحد المشايخ، أو في الفتاوى، ولكن يصعب علي استحضار الدليل الصحيح، فقد يصعب علي ترجيحه، فبماذا توجهون طلبة العلم في ذلك؟
ج 9: لا تفت إلا على بصيرة، وأرشدهم إلى غيرك، ممن تظن في البلد أنه خير منك، وأعلم بالحق، وإلا فقل: أمهلوني حتى أراجع الأدلة، وانظر في المسألة، فإذا اطمأننت إلى الصواب بالأدلة، فأفتهم بما ظهر لك من الحق.
وأوصي المدرسين لأجل هذا السؤال وغيره: أن يعنوا بتوجيه الطلبة إلى هذا الأمر العظيم، وأن يحثوهم على التثبت في الأمور، وعدم العجلة في الفتوى، والجزم في المسائل إلا على بصيرة، وأن يكونوا قدوة لهم في ذلك بالتوقف عما يشكل، والوعد بالنظر فيه بعد يوم أو يومين، أو في الدرس الآتي، حتى يتعود الطالب ذلك من الأستاذ، بعدم العجلة في الفتوى والحكم، إلا بعد التثبت والوقوف على الدليل، والطمأنينة إلى أن الحق ما يقوله الأستاذ، ولا حرج أن يؤجل إلى وقت آخر، حتى يراجع الدليل، وحتى يراجع كلام أهل العلم في ذلك.
فقد أفتى مالك في مسائل قليلة، ورد مسائل كثيرة، قال فيها: لا أدري. وهكذا غيره من أهل العلم.
فطالب العلم من مناقبه أن لا يجعل، وأن يقول: لا أدري فيما يجهل.
والمدرسون عليهم واجب عظيم، بأن يكونوا قدوة صالحة، في أخلاقهم وأعمالهم للطلبة، ومن الأخلاق الكريمة أن يعود الطالب كلمة لا أدري، وتأجيل المسائل حتى يفهم دليلها، وحتى يعرف حكمها، مع التحذير من الفتوى بغير علم، والجرأة عليها. . والله ولي التوفيق.