المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نشأة المنار والحاجة إليه - مجلة المنار - جـ ٣٥

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (35)

- ‌ربيع الأول - 1354ه

- ‌فاتحة المجلد الخامس والثلاثين

- ‌حرمان البنات من الإرثوتعارض القرآن والإجماع

- ‌كتاب الوحي المحمدي

- ‌خطاب الشيخ الأكبر في الجامع الأزهر

- ‌الهمزية في مدح خير البرية

- ‌كتاب الوحي المحمدي

- ‌شاعر العربالشيخ عبد المحسن الكاظمي

- ‌تفاقم شر الطلاق في أميركا

- ‌العقبة من الحجازفي عهد الدولة العثمانية

- ‌وزير مسيحي يصف الشريعة الإسلامية

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌سبب تأخر هذا الجزء من المناروسيكون ما بعده أكبر وأحسن

- ‌ربيع الآخر - 1354ه

- ‌سؤالان عن الربا في دار الحربوعن كون الإسلام دين سياسة أم لا

- ‌الربا والزكاة والضرائبودار الحرب

- ‌فتاوى المنار

- ‌حفلة الأزهر بشيخه الأستاذ الأكبرالشيخ محمد مصطفى المراغي

- ‌إلى فضيلة الأستاذ الأكبربمناسبة خطابه في حفلة التكريم

- ‌تفسير المنارالجزء الثاني عشر

- ‌نعي فقيد الإسلام والمسلمين

- ‌كلمة الأستاذ علوبة باشا وزير المعارف

- ‌كلمة لا بد منها

- ‌الوهابيونوالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المحرم - 1354ه

- ‌حفلة تأبين فقيد الإسلامالمرحوم السيد محمد رشيد رضا

- ‌خطبة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر

- ‌قصيدة الأستاذ الهراوي

- ‌خطبة الأستاذ الشيخ على سرور الزنكلوني

- ‌كلمة الأستاذ عبد السميع البطلفي حفلة تأبين الفقيد

- ‌خطبة الأستاذ محمد أحمد العدوي

- ‌خطبة الأستاذ حبيب جاماتي

- ‌قصيدة الشيخ إسماعيل الحافظفي تأبين السيد الإمام

- ‌قصيدة الأستاذ عبد الله عفيفي

- ‌تعزية الجمعية السورية العربية

- ‌مصاب المسلمين في أعظم علمائهم

- ‌تعزية جمعية الرابطة العلوية

- ‌كلمة الدكتور عبد الرحمن شهبندرفي حفلة التأبين

- ‌تأبين الإمام السيد محمد رشيد رضا

- ‌عواطف ابن زيداننحو فقيد الفضل والعرفان

- ‌وصف المقطم لحفلة التأبين

- ‌كلمة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالقدس

- ‌كلمة الأستاذ محمد لطفي جمعة

- ‌كلمة المجاهدين السوريين في الصحراءبوادي السرحان

- ‌المحرم - 1354ه

- ‌المستشرقون والإسلام

- ‌الفصل الأولأسباب ونتائج

- ‌الفصل الثانيمحمد قبل البعث

- ‌الفصل الثالثالتحليل النفسي لحياة محمد قبل البعث

- ‌الفصل الرابعمحمد صلى الله عليه وسلم وروح الاجتماع عند البعث

- ‌الفصل الخامسالتوحيد هو روح الحرية

- ‌الفصل السادسأثر التوحيد الاجتماعي

- ‌الفصل السابعتعليقات المستشرقين على التوحيد وحياة محمد

- ‌الفصل الثامنحكاية فنسنكوالمجمع اللغوي الملكي

- ‌الفصل التاسعحكاية فنسنك [

- ‌جمادى الآخرة - 1358ه

- ‌تصدير

- ‌في الميدان من جديد

- ‌بين طائفتين من المؤمنين

- ‌نشأة المنار والحاجة إليه

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي اليوم

- ‌بين الشرق والغرب

- ‌ما أحوجنا في هذا الزمان إلى هداية القرآن

- ‌تطور الإسلام

- ‌صاحب المنارالسيد محمد رشيد رضا

- ‌فلسفة النفاقالمنافقون في فلسطين وحكمهم

- ‌كلمة الأستاذ الإمام في المنار

- ‌المنار والإصلاح

- ‌اتجاه محمود في الشرق العربي

- ‌ظهور المنار ودلالته

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌رجب - 1358ه

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌دعوى علم الغيبومنابذتها لأصول الإسلام

- ‌وصف الدنيا

- ‌الشيخ محمد عبده(1)

- ‌من كلام الإمامعلي رضي الله عنه

- ‌انتقاد المنارحول فتوى آيات الصفات وأحاديثها

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي

- ‌تعليق

- ‌السيد محمد رشيد رضا

- ‌ استحضار الأرواح

- ‌ربيع الأول - 1359ه

- ‌الأحمدية(القاديانية واللاهورية)

- ‌ماذا في إندونيسيا

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌أسرار البلاغة في علم البيان

- ‌في محيط الدعواتتحليل ومقارنة

- ‌مشكلة المرأة في مصر

- ‌ربيع الثاني - 1359ه

- ‌احتجاب المنار

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌خطيئة آدم

- ‌في محيط الدعوات(2)

- ‌براءة من القاديانية

- ‌الشيخ محمد عبده [*](2)

- ‌انتقاد المنار

- ‌السيد الكامل آل رضارحمه الله

- ‌جمادى الآخرة - 1359ه

- ‌ حكم الدخان والتنباك

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌السيد الإمام محمد رشيد رضاناظر دار الدعوة والإرشاد بمصر

- ‌من مشكاة النبوة

- ‌في الإسراء والمعراج

- ‌شعبان - 1359ه

- ‌أسرار البلاغة في علم البيان

- ‌ حكم الصلاة في النعلين

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي اليوم

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌المرأة المسلمة(2)

- ‌إلى الأخ الأستاذ السيد عبد الرحمن عاصم

- ‌بيان الحكومة المصريةعن سياستها الداخلية والخارجية بدار النيابة

- ‌من كلام الإمام علي في نهج البلاغة

الفصل: ‌نشأة المنار والحاجة إليه

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌حرمان البنات من الإرث

وتعارض القرآن والإجماع

(س1) لصاحب الإمضاء في مصر القاهرة:

حضرة صاحب السيادة: مولانا الأستاذ الأكبر السيد محمد رشيد رضا،

صاحب المنار الأغر - نفعنا الله بعلمه وفضله.

عرض بعض فقهاء المسلمين في مصر إلى مسألتين: الأولى احتيال الآباء

على حرمان بناتهم من أموالهم بطريق النزول عنها إلى أولادهم الذكور ببيع ما

يملكونه لهم، حتى إذا ماتوا لا تجد البنات ما ترثه من أموال آبائهن.

فقال بعض الفقهاء بجواز هذا، ونشرت قوله كذلك في " الوطنية "، وقال آخر

بالتحريم، ونشرت قوله كذلك في الوطنية؛ فأصبح المسلمون في حيرة من أمرهم

بين هذين القولين المتناقضين، وقد لجأت إلى فضيلة مفتى الديار المصرية ليكون

حَكَمًا بينهما، فأحالني على سيادتكم، وأجَّل فتواه إلى ما بعد اطلاعه على فتواكم.

تعارض القرآن والإجماع

المسألة الثانية: إذا تعارض القرآن والإجماع في أمر؛ فبأيهما نأخذ؟ قال

بعض العلماء: نأخذ بالقرآن، وقال أحد كبار الفقهاء: نأخذ بالإجماع. واستشهد

الفقيه المشار إليه على صحة رأيه بقوله: إن القرآن فرض نصيبًا من الصدقة

للمؤلفة قلوبهم، وجاء الإجماع فقرر إلغاء هذا النصيب؛ لأن الإسلام أصبح قويًّا

ومنتشرًا، وليس بحاجة إلى تأليف القلوب؛ فماذا ترون سيادتكم في هاتين

المسألتين، فإن العالم الإسلامي ومفتي الديار في انتظار فتوى سيادتكم في كلتيهما؟

...

...

...

...

أيوب صبري

...

...

...

... صاحب جريدة الوطنية

(1)

الاحتيال لحرمان البنات من الميراث:

الاحتيال لحرمان البنات من الميراث ببيع المورث بعض عقاره أو كله للذكور

من الوارثين بيعًا صحيحًا في الظاهر، أو هبته لهم في غير مرض الموت أو بغير

ذلك من الوسائل - هو كالاحتيال لمنع الزكاة أو أكل الربا المحرم قطعًا - حرام لا

شك فيه، وقد حررنا هذه المسألة في الكلام على الحيلة لأكل الربا، وأشد الفقهاء

جمودًا على ظواهر الأحكام يصرحون بحرمة هذا إذا قصد به تعطيل حكمة الشارع؛

وإنما يكابر من يكابر في حكم ظاهر العمل بصرف النظر عن النية فيه. وقد أمر

النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل والمساواة بين الأولاد في عطايا الدنيا،

فضلاً عن الميراث المقرر في كتاب الله تعالى، ففي حديث الصحيحين وغيرهما أن

النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قال عَلَى الْمِنْبَرِ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً،

فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ (يعني أمه) : لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى

اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ

ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَعْطَيْتَ

سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ لا، قَالَ:(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ)، قَالَ:

فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. وفي رواية لمسلم زيادة: (لا تشهدني على جَوْر) وفي

أخرى: (فلا تشهدني فإني لا أشهد على جور) وفي أخرى (اعدلوا بين أولادكم

في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر) والنِّحَل: جمع نِحْلة بالكسر،

وهي العطية التي لا مقابل لها.

والظاهر أن هذه التسوية واجبة، وإن قال بعض الفقهاء إنها مندوبة،

واختلف في صفتها فقيل: لا فرق فيها بين الذكر والأنثى، وقيل هي كالميراث،

ويتجه التفصيل فيما كان من طعام أو زينة، وما يعطى من الدراهم في الأعياد

فالظاهر فيه المساواة لاستواء الحاجة؛ ولأن التفضيل يسوء البنات، وما يُقتنى

ويدخر أو يستغل لكثرته فالظاهر فيه أنه يراعَى فيه نصيب كلٍّ في الميراث؛ لأنه

أقرب إليه، وعلى الأول يحمل حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعًا:

(سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحدًا لفضلت النساء) رواه سعيد بن

منصور، والبيهقي من طريقه وإسناده حسن، كما قال الحافظ ابن حجر.

* * *

(2)

التعارض بين القرآن والإجماع:

إني لأستنكر هذا التعبير، وأقول: إن القرآن أعظم وأجل من أن يعارضه

دليل، وكل ما خالفه فهو خطأ مردود، ومن سوء الأدب أن يقال إنه معارِض له،

وأسوأ من ذلك أن يقال إنه يرجح عليه.

وما ذكر في السؤال من سقوط سهم المؤلفة قلوبهم من مستحقي الزكاة لا يصح

بل هو باقٍ، ولو صح لما كان حكمه معارضًا للقرآن وراجحًا عليه، بل يقال فيه

إن حكمه قد تعذر تنفيذه بفقد المستحق له، كما يقال في غيره من غير حاجة إلى

ادعاء الإجماع: كالغارمين وابن السبيل، إذا فقدوا من بعض البلاد، ومثل ذلك

كفارة العتق في البلاد التي فقد منها الرقيق.

قد بينت في تفسير آية الصدقات أن المؤلفة قلوبهم عند الفقهاء قسمان:

(1)

كفار، وهم ضربان. (2) مسلمون، وهم أربعة: وأنه حدث في

عصرنا أقسام أخرى أولى بالتأليف (فإننا نجد دول الاستعمار الطامعة في استعباد

جمع المسلمين، وفي ردهم عن دينهم، يخصصون من أموال دولهم سهمًا للمؤلفة

قلوبهم من المسلمين؛ فمنهم من يؤلفونه لأجل تكفيره وإخراجه من حظيرة الإسلام،

ومنهم من يؤلفونه لأجل الدخول في حمايتهم ومشاقة الدول الإسلامية أو الوحدة

الإسلامية، ككثير من أمراء جزيرة العرب وسلاطينها! ! أفليس المسلمون أولى

منهم بهذا؟ !) (ص495، ج10 تفسير المنار) .

وقلت: إنه روي عن أبي حنيفة أنه قد انقطع سهم قسم من الكفار بإعزاز الله

للإسلام، كالذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم هوازن، ثم

منعهم عمر، وقلت: إن هذا اجتهاد من عمر رضي الله عنه أي: فهو يختلف

باختلاف الزمن، وقد استمر في زمن عثمان وعلي رضي الله عنهما.

(وأما من ادعى أنه منسوخ بالإجماع لما تقدم من عمل الخلفاء والسكوت

عليه من سائر الصحابة فدعواه ممنوعة: لا الإجماع ثابت بما ذكر، ولا كونه حجة

على نسخ الكتاب والسنة صحيحًا، وإن اختلف فيه الأصوليون بما لا محل لذكره

هنا) .

وجملة القول: إن سهم المؤلفة قلوبهم ضروري في هذا الزمان بأشد مما كان

في أو ل الإسلام؛ لضعف المسلمين ودولهم، وضراوة الأجانب بهدم دينهم وملكهم،

وأنه لا إجماع على ما ذكر في السؤال، وأن الإجماع الأصولي يختلف في إمكانه

وفي وقوعه وفي العلم بوقوعه إن وقع، وفي كونه حجة.

_________

ص: 30

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌كتاب الوحي المحمدي

(تصدير الطبعة الثالثة)

بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد والشكر، إياه نعبد وإياه نستعين

أما بعد: فقد أصدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في موعد ذكرى مولد

النبي صلى الله عليه وسلم من ربيع الأول سنة 1352؛ تيمنًا بظهور نوره

المُشرق، الذي أضاء الكون كله، وإنما أضاءه بزوغ شمس هذا الوحي الإلهي،

ونزوله عليه؛ فما أتى على صدوره بضعة أشهر إلا وكانت نسخه قد نفدت،

فأعدت طبعه في تلك السنة منقحًا مزيدًا فيه قدر الثلث ونيفًا، ولولا خوف الملل

على القارئين لزدته ضعفًا أو أضعافًا؛ ولذلك وعدت بأن أجعل له ثانيًا، وأصدرت

الطبعة الثانية في يوم عرفة الذي أنزل الله عليه في حجة الوداع: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ

لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينا} (المائدة: 3) تفاؤلاً

بتجديد هذا الكتاب لدعوته صلى الله عليه وسلم. فما جاء يوم عرفة الثاني

(سنة 1353) إلا وكانت نسخ الطبعة الثانية قد نفدت. وشرعت في الطبعة الثالثة،

وتعمدت تأخير إتمامها كالتي قبلها؛ لنشرها في موعد الأولى من هذه السنة

(1354)

.

وفي غضون السنة الماضية تمت ترجمة الكتاب باللغة الأوردية، ونشرت في

الهند، وهي مترجمة من الطبعة العربية الأولى. وتمت ترجمته باللغة الصينية فيها

أيضًا مرتين، ويتولى طبع الأولى في قبودان مترجمها الأستاذ صاحب مجلة ضياء

الهلال، وحمل الثانية مترجَمَةً الأستاذ بدر الدين الصيني من الهند إلى مصر،

وعرضها عليَّ. وكان يريد إرسالها إلى بلد آخر في الصين لطبعها فأشرت عليه

بأن يزيد فيها كل ما زدته في الطبعة الثانية؛ لأنها أجمع وأنفع، ولعلها لا تطبع إلا

وقد نفدت نسخ الترجمة الأولى، ولعله يعيد تنقيحها بمعارضتها على هذه الطبعة

الثالثة فإنها أصح وأكمل. ولم يبلغني أن أحدًا غير هؤلاء قد أتم ترجمته بلغة أخرى.

وزدت في هذه الطبعة قليلاً من الفوائد، وإيضاحًا لبعض المسائل، وجعلت

أكثرها في الحواشي، كما ترى في الحاشية الثانية من ص157، والأولى من ص

158، والحاشية (2) من ص 181، وما جعلته في الصلب أشرت إليه غالبًا

كشرعية عتق الرقيق من غير المؤمنين، وليس فيها شيء من المقاصد الأصلية

المقصودة بذاتها.

علمنا إذن أنه أتى على ظهور الكتاب سنتان كاملتان، فأما انتشاره بالعربية

فهو فوق المعتاد في الكتب الدينية، وقد قررت وزارة المعارف العمومية في هذه

السنة صرفه لطلبة دار العلوم العليا، وهو يدرس في بعض المدارس الإسلامية في

دمشق وبيروت.

ويرجى نشره في السنة المدرسية الجديدة أيضًا بين طلاب الأزهر والمعاهد

الدينية بمصر، وقد تولى رياستها شيخ الإسلام وخليفة الأستاذ الإمام (الشيخ محمد

مصطفى المراغي) الذي كان أول من قدر الكتاب قدره، وقرأ نصفه في جلسة

واحدة، وأتمه في جلسة أخرى، ثم كتب في وصفه تلك الكلمة البليغة التي يراها

قراؤه في صدر التقاريظ، وقد تنبأ أو بشَّر بأنه سيطبع في كل عام.

ترجمة الكتاب باللغات الإفرنجية:

ولكن قَصَّر المسلمون فيما يجب عليهم من ترجمته بسائر لغاتهم وبلغات

شعوب الحضارة التي دعوناها به إلى الإسلام، وهي الإنكليزية والفرنسية والألمانية

وهو واجب كفائي صرح بتمنيه كثير من أهل العلم والغيرة، وصرح بوجوبه

بعض مقرظي الكتاب؛ فمنهم من تعسف وطالبني بهذه الترجمة أو بالسعي لها،

ومنهم من أنصف وطالب به الأمة الإسلامية أو جمعياتها.

أما الأمة فلا تنهض بالأعمال العامة إلا بزعمائها أو جمعياتها، وأما هذه

الجمعيات عندنا فلا تزال في سن الطفولة، ولا يرجى من أمثالها عمل عظيم كهذا،

فهي أفقر وأضعف همة من جمعيات المرتدين عن الإسلام جملته وتفصيله

كالبهائية، والملاحدة المدعين للنبوة والمسيحية فيه، كالقاديانية، دع جمعيات

النصارى التعليمية والتنصيرية التي تملك مئات الملايين من الجنيهات، وقد بثوا

تعاليمهم في جميع أقطار الأرض، وهم يطمعون في تنصير المسلمين، على حين

تتسلل شعوبهم من النصرانية سراعًا بسلطان ونظام كالشعب الجرماني، أو لواذًا

بدون سلطان دولي ولا نظام كسائر الشعوب، وهي تمهد السبيل لنسخ الإسلام لها،

وحلوله محلها.

ولقد كان أرجى الجمعيات الإسلامية لهذا العمل في مصر، جمعية الدفاع عن

الإسلام، التي هدمت باسم أقوى معول من معاول الإسلام قبل أن يتم بناؤها؛ وإنما

كان هذا الرجاء فيها منوطًا برئيسها الشيخ محمد مصطفى المراغي، وما كان

السعي لهدمها إلا سعيًا لهدم اسمه، وحرمان المسلمين من استعداده، ولكن الله

نصره، وخذل من ناهضه، وجعل معول الهدم الذي كان بأيديهم سيفًا لنصر

الإسلام بيده، فإذا بعصا موسى تلقف ما يأفك سحرة فرعون {فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ

مَا كَانُوا يَعْمَلُون} (الأعراف: 118) ، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ

لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: 40) .

فإن كان أهلاً للرجاء بأن يسعى لترجمة كتاب الوحي المحمدي ببعض لغات

العلم الغريبة تمهيدًا لتبليغ الدعوة الإسلامية للناطقين بها - وتلك القوة الرسمية تكيد

له - فأجدر به أن يكون أقدر على تحقيق ذلك بالفعل، وتلك القوة الرسمية وما

وراءها من القوة الحقيقية طوع يده، ولن تكون ترجمة هذا الكتاب في موضع الثقة

بها عند جميع الشعوب كما إذا كانت من قِبَل شيخ الإسلام وتحت إشرافه، وكان

نشره وبث الدعوة به بإرشاده أو إجازته، مع العلم بأن مؤلفه قلم من أقلامه، وعلم

من أعلامه، وأحمد الله عز وجل أن جدد لي وللأمة بعودته إلى مشيخة

الأزهر ذلك الأمل بالزعامة الإسلامية العاملة التي فقدناها بوفاة الأستاذ الإمام منذ

ثلاثين سنة.

إن الأمة لم تفقد بوفاة ذلك الإمام شيئًا من علم الإسلام، وإنما فقدت زعيم

الإصلاح العارف بحاجة زمانه، الذي نال الزعامة بسمو عقله، واستقلال رأيه

وفهمه، وعلو همته وشجاعته، وإنصافه بإعطاء كل ذي حق حقه من العلم

الصحيح والإخلاص فيه، وما كان يعوزه للنهوض بالإصلاح العام إلا الاستقلال

بالزعامة التي تمكّنه من العمل؛ ولهذا كنا نسعى، ولكل قدر أجل، ولكل أجل

كتاب.

إذن لقد كان من حكمة الله أن (كتاب الوحي المحمدي) لم يترجمه بلغات

الإفرنج مَنْ ليسوا أهلًا لترجمته، حتى لا أضطر إلى تخطئتهم، فيكون ذلك محبطًا

لعملهم، أو مضعفًا للثقة بترجماتهم؛ وادخرها العليم الحكيم لمن هو أحق بها وأهلها.

بلوغ الدعوة لأحرار الإفرنج، والمستشرقون منهم:

لن يكون بلوغ الدعوة صحيحًا مرجوًّا إلا بوصولها إلى الأحرار، مستقلي

الفكر من هذه الشعوب بلغاتهم، وأكثر أفراد المستشرقين الذين تعلموا العربية ليسوا

من هؤلاء الأحرار المستقلين المنصفين؛ فإنهم ما درسوا العربية، ولا مارسوا كتب

الإسلام ليعرفوا حقيقته ويعرفوا غيرهم بها، بل ليبحثوا عن عورات يتلمسونها فيها

لينفروا أقوامهم عنه بتصويرها لهم بالصور المشوهة التي ينكرونها، كما نرى فيما

اطلعنا عليه من كتبهم وفي معجمهم العلمي الذي سموه بدائرة المعارف الإسلامية،

ومن خيبة الآمال بعلمهم ومصنفاتهم أن وجدت كتاب (مفتاح كنوز السُّنة) على

غير ما كنت ظننت، وخلاف ما قلت في التعريف به، فإنني لم أستفد منه أدنى

فائدة.

وأما المستقلون منهم - وهم الأقلون - فقد غلبتهم الأفكار المادية على عقولهم،

فقضاياها عندهم مسلمات كأنها لا مجال للبحث فيها، وقد قربنا مسافة الخلف بيننا

وبينهم بما أقمناه في هذا الكتاب من البينات العلمية القطعية، على أن القرآن لا

يمكن أن يكون من كلام محمد صلى الله عليه وسلم ولا من مدارك عقله الظاهر،

ولا ما يسمونه العقل الباطن؛ فإذا فرضوا أن للإنسان عقلاً باطنًا لا تعرف حقيقته

يدرك به من علم الغيب والشهادة ما هو خفي وخارق للعادة في السنن المعروفة

لكسب العلم من الحواس والفكر، وعللوا به ما يسمونه قراءة الفكرة ومراسلة الأفكار،

وإدراك المنوم بالاستهواء المغناطيسي - وقد بينا لهم أنه لا يكفي لتعليل الوحي

المحمدي - فأي بُعد بين هذا العقل الخفي المفروض في باطن الإنسان وبين وجود

عقل خفي مثله في خارجه (وهو ما نسميه الملك كما نسمي الأول الروح) يكون

الوحي الحقيقي باتصال أحدهما بالآخر كاتصال الكهربائية الإيجابية بالسلبية، وتولد

النور من اتصالهما، فإن ما زعموه من انقداح وحي القرآن من عقل محمد الباطن

وحده محال كما قررنا، وهذا أقرب التعليلين، والفرق بينهما قريب جدًّا؛ فما ثَمَّ إلا

اختلاف الأسماء.

وفوق هذا وذاك قيام البراهين الكثيرة على وجود الله الخالق لكل شيء، الذي

دون الإيمان به لا يمكن القطع بشيء من مسائل الكون وسننه، فإنهم كلما أثبتوا

شيئًا عادوا فنفوه، وكلما أبرموا أمرًا نقضوه.

لقد قرب ظهور الحق لأحرار هذه الشعوب، وسنراهم بعد ترجمة هذا الكتاب

يدخلون - إن شاء الله - في دين الله أفواجًا، وقد بطلت ثقتهم بكل ما عداه من

الأديان.

لعل كتاب الوحي المحمدي قد وصل إلى جميع هؤلاء المستشرقين الذين

يعرفون العربية، فإنني أهديته إلى من عرفت عناوينهم، وأرسله غيري إلى أناس

منهم، ومن عاداتهم أن يبحثوا عن كل كتاب جديد له شأن، وقد شكر لي بعضهم

هذه الهدية بكلمة لم يزد عليها (كصاحب مفتاح كنوز السنة، الدكتور فنسنك)

وانفرد العلامة الدكتور موريتس الألماني منهم بإبداء رأي فيه، فأنشر هنا نص

كتاب الشكر الذي تفضل به، وهو:

برلين 8 سبتمبر سنة 1933

جناب الشيخ العلامة السيد محمد رشيد رضا المحترم.

بعد التحية والاحترام: فتفضلتم بإرسال إليَّ نسخة كتابكم الجديد (الوحي

المحمدي) فالرجاء قبول جزيل الشكر على هذه الهدية النادرة القيمة،

وبالخصوص على ما أظهرتم بها من عدم نسيان شخصي، ولا حاجة للتأكيد لكم

أني اطلعت عليه بغاية الاهتمام، ولا ريب عندي أنه يجد كمثله في عالم العلماء.

وفي أثناء هذا الاطلاع قد عثرت على جملة مسائل ونقط تستحق ملاحظات، لكن

نظرًا لحجم هذا الجواب الذي لا يتسع أن أدخل في جميعها، أقتصر بواحدة منها،

أي في معنى كلمة نبيء الأصلي (ص21) عند العبرانيين القدماء، فكان (نبيأ)

في أوائل عصرهم المتكلم بصوت عالٍ، ثم الناطق في أمور أمته القضائية

والسياسية، أي مثل ناصح ومستشار لإرشادها، لكن شيئًا فشيئًا تتبعًا لتقدم الدين

الإسرائيلي تغير موقعه وصفته فصار واعظًا وناصحًا في الأمور الدينية؛ لأنه كان

معتقدًا أن هذه الوظيفة صارت له، بناء على أمر من الله بذلك، وأنه المتكلم باسم

الله، والدليل على ذلك أنه يستعمل في أول كلامه - أي نبوته - هذه الكلمات:

هكذا قال ياهُو (وهو اسم إله بني إسرائيل وغيرهم من الأمم الشرقية المنتشرة

بين الحجاز وبين سوريا الشمالية)

إلخ.

وفي الختام أكرر لكم الشكر الواجب مع تمنياتي الصميمة.

...

...

...

...

... المخلص

...

...

...

...

دكتور موريتس

يقول هنا العلامة الكبير: إن هذه الهدية نادرة القيمة، وأنه اطلع على الكتاب

بغاية الاهتمام، وأنه لا يرتاب في أنه يجد في عالم العلماء ما ينبغي لكتاب مثله،

فهؤلاء العلماء قد بلغتهم دعوته، وفهموا ما تحديتهم به من الآية الكبرى على نبوة

محمد صلى الله عليه وسلم وما نزل عليه من وحي القرآن، ولم يقدر أحد منهم

أن ينقضها، أو يأتي بتعليل لهذه المعجزة الدالة على إتيان محمد - صلى الله عليه

وسلم - بهذا القرآن في أسلوبه ومعانيه، وما فيها من العلوم العالية التي لخصتها

في المقاصد العشرة ولتأسيس أقوم دين وأقوى دولة وأمة في عشر سنين قَلَبا أعظم

دول الأرض وأديانه في ثلث قرن.

وما ذكره الدكتور من الملاحظة على بعض مدلول لفظ (النبي) عند اليهود

فهو منقول من قاموس الكتاب المقدس للدكتور بوسط، وقد ذكرت المعنى الذي أشار

إليه في كلامي على النبوة من الطبعة الثانية (ص 25) وهو في (41) من هذه

الطبعة الثالثة.

ولا أزال أتمنى لو يتفضل عليّ بغير هذه الملاحظة، وأخص بالذكر ما عساه

ينتقده من جوهر الموضوع ولبابه، وإذن أرويه عنه بنص وأبلغه جوابي عنه.

تعادي الأمم والدول وحاجتها إلى الإسلام:

لا تزال دول أوربة وأمريكة وشعوبهما على ما وصفتهما به في مقدمة هذا

الكتاب من الشقاء والشقاق، والرياء والنفاق، وقد عقدوا في هاتين السنتين مؤتمرًا

بعد مؤتمر واتفاقًا بعد اتفاق، ولا يزالون كحمار الرحى يدور ولا يبرح مكانه،

ليس للحق ولا للصدق عندهم قيمة، فقد ظلوا منذ عقدوا عهد (فرسايل) يجرون

فيه مع ألمانية على قاعدة البرنس بسمارك (المعاهدات حجة القوي على الضعيف)

حتى إذا اضطروها إلى نقضها سرًّا، كما نقضوها جهرا. وتجديد قوة حربية جوية

يرهبونها، أذعنوا لمساواتها لهم في الحقوق والكرامة الدولية كرهًا، وكانوا يمارون

فيها ويأبونها طوعًا، بل صاروا يخافونها أن تسطو عليهم، ويجددون المحالفات

الدفاعية التي أفضت إلى الحرب العامة السابقة، حتى ذلوا لمحالفة الدولة الشيوعية

عدوتهم كلهم، وأنَّى لهم الفرار من حكم كتاب الله في الأمر بالوفاء بالعهود والنهي

عن جعلها دخلاً وخداعًا لأجل أن تكون أمة هي أقوى من أمة، فتكون المعاهدات

أنكاثًا لا مندوحة عن نقضها كما بينا ذلك في محله [1] .

بغوا واستعلوا على ألمانية وهم يعلمون أنها تعلوهم علمًا وصناعة ونظامًا،

وفرائصهم ترتعد فَرَقًا من استعدادها السري للحرب، وقد ذاقوا بطشتها القاهرة،

التي كادت تفتك بهم كلهم من قبل، ولكنهم اتكلوا على خداع معاهدتهم الخاطئة

الكاذبة، وعلى تجديد محالفاتهم التي قصدوا بها أن يكونوا إلبًا واحدًا عليها، وأن

تكون في عزلة لا تجد فيها وليًّا ولا نصيرًا.

صاح زعيمها المجدد (هتلر) صيحة بنقض تلك المعاهدة، وتجديد السلاح

الجوي والبحري والتعبئة؛ فراعتهم كزئير الأسد يجفل الغنم، وقالوا: إن سلم

أوربة وحربها رهن يديه، وعمرانها وخرابها بين شفتيه، ظلوا يصيخون السمع لما

سيقوله في خطابه السياسي العام، حتى إذا ما ألقاه كان حجة بالغة له، دامغة

لخصومه، وصادعة لآخر حصن لدول الاتحاد الثلاث في وجهه (اتفاق ستريزا)

فعادت إنكلترة تفاوض ألمانية في قواتها الجوية والبحرية، وكانت تستكبر عن هذا،

وكشرت عن أنيابها لإيطالية فيما تحشره من جيوش وذخائر للعدوان على دولة

الحبشة المعتصمة معهم بعهد عصبة الأمم، الذي هو في نظرها كسائر العهود

الأوربية حجة القوي على الضعيف، وقد رأوا كيف رفضته بل رفسته كل من

اليابان وألمانية برجلها، ولكن البلية كل البلية في تعارض مطامع الأقوياء، فزعيم

إيطالية مغتر بقوتها، جانح لفتح الحبشة أو نقصها من أطرافها. وإنكلترة أعز منها

وأقوى، وإن هذا لصدع في اتحاد هؤلاء الأحلاف لا يلتئم؛ فهذا الزعيم المعتز

بسلطانه الشخصي يرى خيبته بعد الشروع في وسائل الزحف قضاء على نفوذه،

وأمته في اضطراب لا ينقذها منه إلا فوزه فيه، وألمانية لابد لها من استعادة جميع

مستعمراتها، وهي أقدر على إخضاع إنكلترة في الهواء والماء. وماذا تفعل فرنسة

إذا تركته إنكلترة؟

وجملة القول أن هذه الدول وشعوبها لا تزال - ولن تزال - على ما وصفناها

به في مقدمة الطبعة الأولى للكتاب من فساد لا علاج له إلا هداية الإسلام، دين

الأخوة الإسلامية والعدل والرحمة والسلام؛ فيجب المبادرة إلى تبليغ دعوته،

وإقامة حجته، وهو قد أعد عقلاء المسلمين لتعميم هذه الدعوة عندما ينهض زعيم

مسلم لكفالتها وتوحيد النظام لها، ويرى قارئه الشواهد على هذا فيما نشرناه من

التقاريظ في آخره، وفي مقدمتها قول شيخ الإسلام المراغي لمؤلفه: إنكم وفقتم

لفتح جديد في الدعوة إلى الدين الإسلامي.. . إلخ، وسائرها مؤيد لقوله، يدل على

استعداد في الأمة لتنفيذه.

استعداد المسلمين لدعاية الإسلام:

ذكرت في آراء شيخنا الأستاذ الإمام من تاريخه (ص939، ج1) أن أمم

الحضارة في الغرب سيذوقون من فتن مدنيتهم ومفاسدها السياسية ما يضطرهم إلى

طلب المخرج منها، فلا يجدونه إلا في الإسلام - إسلام القرآن والسنة لا إسلام

المتكلمين والفقهاء - وأنه صرح بهذا مرارًا في دروسه في الأزهر وفي غيره.

وأقول الآن: لكنه ما سمع لقوله هذا صدًى، ولا وجد على نار المسلمين

هدًى، فكان يرجح أن هداية القرآن ستظهر في غيرهم من الشعوب الحية، وأن

هؤلاء المسلمين الجغرافيين سيطلبون إسلام القرآن والسنة منهم تقليدًا لهم كما

يقلدونهم في الزينة والإباحة والإسراف في الشهوات الذي أفسدهم جميعًا.

وسمعت مثل هذا الرأي من الأستاذ المراغي وغيره من الأفراد، ولعلي أوسع

علمًا واختبارًا لمسلمي الأقطار من كل هؤلاء، وأجدر منهم بسوء الظن فيهم، ولكن

ظهر لي بتقبل عقلائهم لكتاب (الوحي المحمدي) بما تقبلوه به من إيمان وشهادة

ورجاء وثناء ودعاء، أن استعدادهم لهداية القرآن والدعاية له قد دخل في طور

جديد، ألم تر كيف تجاوبت أصوات المقرظين له في مصر وسورية والعراق

وغيرها من الأقطار بقول القائلين إنهم كانوا يفكرون ويتمنون ويتساءلون قبله عن

كتاب يصلح للدعوة إلى الإسلام فلا يجدون، حتى إذا رأوه وجدوه الضالة التي

ينشدون؛ أو لم تر كيف شاركهم فيها أئمة المسلمين وملوكهم المتقون؟

فعلم من هذا أن المسلمين لا يمكن أن تعود إليهم الحياة إلا بمثل ما بدأ به

سلفهم من روح القرآن وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الإمام مالك:

لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وما ذلك إلا أن يكونوا على علم

بالقرآن يوقنون به أنه مصلح لجميع البشر، وأن حملته يجب أن يكونوا أئمة البشر

وهداتهم، والمصلحين لما أفسدته المدنية المادية من عقائدهم وأخلاقهم، فإن لم

يملكنهم هذا اليقين فلا رجاء في دينهم ولا دنياهم، ولكن نشر هذا اليقين فيهم يتوقف

على نظام وزعامة يثق بها الخاص والعام، وسيرون الدعوة له تبث في هذا العام،

وسنرى قد استعدادهم لتأييدها بأموالهم وأنفسهم فيسرنا - إن شاء الله -: {إِنَّمَا

المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ

اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات: 15) .

...

...

...

...

محمد رشيد رضا

...

...

...

...

منشئ مجلة المنار

_________

(1)

راجع ص 148 طبعة أولى، وص 252 طبعة ثانية، وص 270 طبعة ثالثة.

ص: 33

الكاتب: عبد الله أمين

‌نشأة المنار والحاجة إليه

للأستاذ عبد الله أمين

المدرس بمدرسة المعلمين بعبد العزيز بالقاهرة

(1)

حال العالم الإسلامي قبيل ظهور المنار.

(2)

حال الدين الإسلامي قبيل ظهور المنار.

(3)

دعاة الإصلاح قبيل ظهور المنار.

(4)

صاحب المنار قبيل ظهور المنار.

(5)

البواعث التي بعثت صاحبه على إصداره.

(6)

وجهة صاحب المنار في تحريره المنار.

(7)

بقاء البواعث على إصدار المنار.

(8)

المجلات الدينية التي يظن أنها تحل محل المنار ومنزلتها.

(9)

حياة المنار ولو نصف حياة خير من موته.

(10)

محاولة لإحياء المنار.

(11)

محاولة جديدة لإحياء المنار مرة أخرى.

* * *

(1)

حال العالم الإسلامي قبيل ظهور المنار:

كان العالم الإسلامي قبيل ظهور المنار لأربعين سنة هجرية خلت يهيم في ليل

دامس وظلام طامس من الضعف والاضمحلال في حياته العلمية، والفنية، والأدبية

وفي مرافقه الزراعية، والصناعية، والتجارية، وفي نظمه الاجتماعية والمنزلية

والحكومية، وفي تقاليده وعاداته وآدابه، وفي أخلاقه وعقائده وشعائره الدينية،

وكان يرسف في قيود الاستبداد وأغلال الاستعباد، وقد قطعت السياسة والمذاهب

الدينية أواصر شعوبه فتفرقوا طرائق وتمزقوا حذائق، وبسط الأجانب عليهم

سلطانهم الاقتصادي والأدبي والعلمي والفني والسياسي، وأصبحوا عبيداً أرقاء بعد

أن كانوا سادة أعزاء.

* * *

(2)

حال الدين الإسلامي قبيل ظهور المنار:

وكان الدين الإسلامي نفسه مبتلى بشر المحن وأقساها:

(1)

منها البدع والخرافات والأوهام، والضلالات التي ابتدعها المسلمون

بالاستحسان والاستقباح على مثال ما ورثوه عن آبائهم السابقين الأقدمين، فغيرت

مظاهره، وحجبت أنواره، وكانت شرًّا عليه من كل شر؛ إذ نفَّرت منه كثيرًا من

أنصاره وأعانت عليه كثيرًا من أعدائه.

(2)

ومنها مطاعن خصومه من السياسيين الذين حكموا عليه ظلمًا وعدوانًا

بأنه دين تأخر وانحطاط لتأخر المسلمين واضمحلالهم، والحقيقة أنه دين قوة ورفعة

وعزة، وما ابتلي المسلمون بالضعف والاضمحلال إلا لانحرافهم عنه وتنكبهم سبيله

القويم وصراطه المستقيم.

(3)

ومنها حرب المبشرين بالمسيحية، الذين تؤيدهم دول الاستعمار العاتية

القوية بساستها وبجنودها وبأموالها؛ لأن الإسلام - وهو دين سيادة وعزة - أكبر

عائق لهم عن الاستعمار.

(4)

ومنها قعود علمائه حينئذ عن رد المطاعن والشبهات عنه، وعن تحريره

من البدع والخرافات، بل ومشاركتهم العامة في كثير منها.

(5)

ومنها شبهات الملحدين الخارجين على الأديان، وهؤلاء منهم الجاهل

الذي غلبته شهوته وشقوته وسئم قيود الدين وتكاليفه فأخذ يحاربه ليتخلص منه،

ومنهم المفتون بأمور ظنية في العلوم يخيل إليه أنها لا تجتمع هي والدين، على

حين أنها لو صارت يقينية ما زعزعت أركان الدين.

* * *

(3)

دعاة الإصلاح قبل ظهور المنار:

وفي هذا الظلام الحالك وفي إبان هذا النوم العميق الذي يشبه الموت تألق في

سماء العالم الإسلامي قمر الإسلام المنير حكيم الشرق السيد جمال الدين الأفغاني،

ثم ما لبث أن تلألأ بجانبه نجم الإسلام الثاقب الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده

المصري، وأخذا يجاهدان أعظم جهاد في حرب الاستبداد والمستبدين، والاستعمار

والمستعمرين، والضلالات والمضلين، والغفلة والغافلين، ويهزان العالم بصوتيهما

على المنابر وفي مجلة العروة الوثقى حتى انقشع الظلام، واستيقظ النيام، وذعر

المستعمرون والمستبدون، وأيقنوا أن للإسلام نورًا لا يطفأ، وحمى لايوطأ، وحماة

غلابين لا تلين لهم قناة، ولا تهزم لهم كتيبة:

فإن نغلب فغلابون قدمًا

وإن نغلب فغير مغلبينا

* * *

(4)

صاحب المنار قبيل ظهور المنار:

وكان السيد الإمام محمد رشيد رضا رضي الله عنه حينئذ عالمًا ناشئًا تقيًّا

غيورًا متحمسًا شجاعاً حاد الذهن كثير العلم والأدب سليم الفطرة لم يبتل بما ابتلي

به أمثاله من التورط في الضلال والخبل، بل نشأ محبًّا للإصلاح بصيرًا به

وبالحاجة إليه، وأخذ يجول ويصول في ميدانه بسوريا جولات صادقات، وما بلغته

دعوة الإمامين الحكيمين الإصلاحية إلا ملكت عليه قلبه وعقله جميعًا؛ إذ كانت هي

ضالته المنشودة، فما أطاق بعدها صبرًا على السكوت، وأخذ ينظر يمينًا وشمالاً

فلا يجد للعالم الإسلامي كله صحيفة إسلامية إصلاحية بعد مجلة العروة الوثقى.

* * *

(5)

البواعث التي بعثت صاحبه على إصداره:

فكانت كل هذه الأمور مجتمعة؛ وهي ما انتاب العالم الإسلامي من اضمحلال

وما أصاب الإسلام من عدوان خصومه وخذلان أنصاره، وقيام الإمامين الحكيمين

بالدعوة إلى الإصلاح، وما فطر عليه السيد الإمام صاحب المنار من الغيرة على

الإسلام، وما تعلق به من حب الإصلاح، كانت هذه الأمور هي البواعث التي

دفعت صاحب المنار إلى القدوم إلى مصر، وكانت تزدان حينئذ بالأستاذ الإمام

الشيخ محمد عبده - قدس الله روحه ونور ضريحه - وكانت أكفل للحرية،

وأخصب للدعوة، وأرحب صدرًا من سوريا وإلى إنشاء المنار فيها ومواظبته وجده

واجتهاده في تحريره ونشره حوالي أربعين سنة هجرية لم تفتر له فيها همة، ولم

تلن له فيها قناة، ولم ينثن له عزم حتى لقي ربه راضيًا مرضيًّا.

* * *

(6)

وجهة صاحب المنار في تحريره المنار:

ولما كان الاضمحلال الذي أحاط بالمسلمين من كل جانب وليد فساد أخلاقهم

وعقائدهم، وكان فساد أخلاقهم وعقائدهم وليد انحرافهم عن أصل دينهم، وكان الله

لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، لما كان كل ذلك ما لبث جهد السيد الإمام

محمد رشيد رضا رضي الله عنه أن انصرف كله إلى رد المسلمين إلى أصل دينهم

لتصلح بذلك عقائدهم وأخلاقهم، وبصلاح عقائدهم وأخلاقهم تصلح كل أمورهم

الدينية والدنيوية.

وذلك الإصلاح لا يكون إلا بإشهار حرب عوان على الفساد والمفسدين،

والبدع والمبتدعين، والإلحاد والملحدين، والمشتبهات والمشتبه عليهم، وسد أبوابها

على المسلمين بالاعتماد في بيان أحكام الدين وفضائله على الكتاب والسنة، وعلى

تأويل الأئمة المجتهدين، وعلى نقد ما خالف الكتاب والسنة من تأويلهم وتأويل

غيرهم، وبما فتح الله له من أبواب الفهم السديد الصائب المنقطع النظير، فأبلى في

هذه الحرب بلاءً عظيمًا ولبث يجاهد فيها كل هذا الزمن الطويل، ولقي فيها عنتًا

وأذى كثيرين فما وهن ولا استكان، حتى استشهد في ميدان الجهاد بعد أن أصدر

من المنار أربعًا وثلاثين مجلدة وجزءًا من المجلدة الخامسة والثلاثين وليس بجانبه

صحيفة واحدة إسلامية إصلاحية تشد أزره وتشركه في أمره، وبعد أن انتصر على

أعيان الابتداع والإلحاد والهدم، وبعد أن أصبح المنار أداة لا غنى عنها للدفاع عن

الإسلام والمسلمين وحمياتهما من عدوان المعتدين.

* * *

(7)

بقاء البواعث على إصدار المنار:

فإذا كان الإمام السيد محمد رشيد صاحب المنار - رضى الله عنه وأرضاه -

قد مات، فهل ماتت بموته الحاجة إلى المنار؟ هل ماتت البدع ومات المبتدعون؟

هل مات الإلحاد والملحدون؟ وهل ماتت المشتبهات ومات المشتبه عليهم؟ وهل

ماتت الرذائل والمنكرات ومات أنصارهما؟ كلا. ما مات هؤلاء ولا هؤلاء، بل

لا يزالون أحياء يحاربون الله ورسوله والإسلام والمسلمين، وما ماتت البدع

والمنكرات وغيرها، بل لا تزال في تناسل وتكاثر ونماء وقوة، فلم يكن لدولة

المنكر في أي عصر مضى من الأعوان الأقوياء الأعزاء المسخرين مثل ما لها الآن.

أكان للخمر والملاهي من الأنصار ومن الموائد والأندية والحفلات والمنازل

والدعاية الطويلة العريضة في الصحف على اختلاف ألوانها ومنازعها - إلا القليل

النادر منها - مثل ما لها الآن؟ أكان تهتك النساء وفجورهن من مظاهر الخيالة

والمسارح والشواطئ وغيرها مثل ما لها الآن؟ أكانت الصحف - إلا القليل منها - لا

تصدر إلا إذا فخرت وتاهت بتحلية صدورها بصور العاريات الخليعات من النساء

الفواجر؟ أكانت دور الخيالة تملأ الرحب من الأرض وتعرض فيها مثل ما يعرض

الآن من مناظر مغرية بالفسق والفجور وارتكاب عظائم الأمور كما انتشرت الآن؟

أكانت الصحف تتبارى وتتنافس في الدعاية الطويلة العريضة للممثلات كما تفعل

الآن؟ ألم يكن كل ذلك وما هو شر من ذلك آلاف المرات في حاجة إلى صحيفة

كصحيفة المنار؟

* * *

(8)

المجلات الدينية التي يظن أنها تحل محل المنار ومنزلتها منه:

ليس في العالم الإسلامي كله مجلة إصلاحية يظن أنها تحل محل مجلة المنار

إلا مجلة الأزهر ، وهذه - لسوء الحظ، قبل عهد مولانا الأستاذ الإمام المصلح

الشيخ محمد مصطفى المراغي - كانت حربًا على المنار لا عونًا له، ثم هي الآن لا

تغني عنه لأنهم مرآة صادقة لمعهد لا يزال في طور انتقال من عهد اضمحلال مضى

عليه قرون إلى عهد قوة ورفعة بسعي مولانا الأستاذ الإمام المصلح الشيخ المراغي،

فهي مجلة رسمية وفي عهد انتقال لا قبل لها بالحرية المطلقة التي لمجلة المنار

المطلقة من كل قيد إلا قيود الكتاب والسنة، ولو قدر لمجلة الأزهر والمنار في

عهدهم الحديث أن تكونا فرسَيْ رِهان في نصرة الإصلاح الديني والاجتماعي ما

كانتا كبيرتين على العالم الإسلامي، بل ولا عشرات المجلات من نوعهما، فأهلاً

وسهلاً بهما.

* * *

(9)

المسئولون عن إصدار المنار:

وإذن لم يكن العالم الإسلامي ولا الإسلام نفسه في غنى عن المنار، فإن

المسئول عن إصداره وإحيائه هم أنصاره وأحباؤه، فقد أصبح أمانة في أعناقهم دون

غيرهم من المسلمين، لا تبرأ ذمتهم منه إلا إذا أحسنوا القيام عليه وأصدروه، فإذا

قام بذلك ولو واحد منهم فقد سقط عن الباقين لأنه من فروض الكفاية. وإن صاحب

المنار ومناره فينا كرجل قوي البنية مفتول الساعدين حفر لنا بئرًا عذبًا ماؤها وليس

لنا ما نستقي منه غيرها وبقى طوال حياته يخرج لنا ماءها بسواعده، أفإن مات

طمسنا البئر، وحطمنا الدلاء، وأمسكنا عن الاستقاء حتى نموت عطشًا لأننا لا نجد

فينا رجلاً مثله قوة جسم، وقوة إرادة، وعزيمة، أم يجب علينا حفظًا لحياتنا أن

نحرص كل الحرص على سلامة البئر، وأن نتعاون على إخراج مائها والارتواء به؟

* * *

(10)

حياة المنار ولو نصف حياة خير من موته:

يقول بعض الأنصار إن المنار مجلة ذاتية؛ حيت بحياة صاحبها الذي استقل

بتحريرها حوالي أربعين سنة هجرية نسجها فيها على منواله، وصبغها بصبغته،

وقدها على مثاله، فأصبحت لا تصلح لغيره ولا يصلح لها أحد من بعده، فلا بد أن

تموت بموته ويجب أن ندعها تموت. وهذا ليس من المنطق السليم في شيء؛ إذ

أن الحياة - ولو كانت ناقصة - خير من الموت، فإن الأطباء لا يمكن أن يدعوا

إنسانًا فقد بعض أعضائه أو كُسِرَها يموت وفي إنقاذه أمل حتى ينقذوه ولو كانت

حياته بعد ذلك شرًّا له ولآله من موته، فكيف ندع المنار صحيفة العالم الإسلامي

يموت ونحن موقنون أن في حياته خيرًا محققًا لا لشيء إلا لأن هذا الخير دون ما

كان له من الخير في حياة منشئه رضى الله عنه وأرضاه؟ كيف ندعه يموت على

مرأى ومسمع من العالم الإسلامي وفيه من يستطيع أن يحييه، ولو بعض الحياة؟

كيف ندعه يموت وقد سن له صاحبه طريق الحياة من بعده؛ إذ فتح في العدد

الأخير من المجلدة الرابعة والثلاثين - وهي آخر المجلدات - أبوابًا جديدة له،

ودعا إلى الكتابة فيها أنصاره؟ وفي مصر وحدها مئات القادرين على الكتابة في

هذه الأبواب بإتقان وإجادة.

* * *

(11)

محاولة لإحياء المنار:

لن يموت المنار ولن ينسى - إن شاء الله تعالى - مادام وراءه أنصاره

ومحبوه، ولقد حاولت دار المنار جاهدة إحياء المنار، وعهدت بذلك إلى حضرة

السيد محيى الدين رضا ابن أخي الفقيد العزيز والمحرر في المقطم الأغر؛ غير أن

هذه المحاولة كانت عسيرة لأن المنار أصعب من أن ينهض به إنسان واحد كالسيد

محيى الدين أفندي ليس في جهده ولا في ماله ولا في أوقاته فضل ينفقه في إحياء

المنار وإصداره؛ ولذلك لم يلبث أن مات مرة أخرى.

* * *

(12)

محاولة جديدة لإحياء المنار مرة أخرى:

ولقد سُرت الدار سرورًا عظيمًا حينما تقدمت جماعة الإخوان المسلمين وعلى

رأسها الأستاذ الكبير حسن البنا طالبة منها أن تتولى إصدار المنار؛ وذلك لما تعهده

في هذه الجماعة من الإخلاص والجد في خدمة الدين والفضيلة، وما تتوسمه فيها

من القدرة على إصدار المنار - إن شاء الله تعالى - في ثوب قشيب نافع، وما تؤمله

من استمرار صدوره.

وإني لأرجو - وقد حيَّ المنار ومات ثم حيَّ ومات - أن يحيا - إن شاء الله

تعالى - هذه المرة، وألا يموت بعدها أبدًا، وأن يثبت الله سبحانه وتعالى

أقدام جماعة الإخوان المسلمين ويهديهم وإيانا سبل الرشاد، وأن يوفقهم لأصلح

الأعمال، ويقدرهم على إصدار المنار ونشره، وعلى إبقائه حيًّا أبد الدهر، إنه

سميع مجيب.

...

...

...

... عبد الله أمين

_________

ص: 27