المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اتجاه محمود في الشرق العربي - مجلة المنار - جـ ٣٥

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (35)

- ‌ربيع الأول - 1354ه

- ‌فاتحة المجلد الخامس والثلاثين

- ‌حرمان البنات من الإرثوتعارض القرآن والإجماع

- ‌كتاب الوحي المحمدي

- ‌خطاب الشيخ الأكبر في الجامع الأزهر

- ‌الهمزية في مدح خير البرية

- ‌كتاب الوحي المحمدي

- ‌شاعر العربالشيخ عبد المحسن الكاظمي

- ‌تفاقم شر الطلاق في أميركا

- ‌العقبة من الحجازفي عهد الدولة العثمانية

- ‌وزير مسيحي يصف الشريعة الإسلامية

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌سبب تأخر هذا الجزء من المناروسيكون ما بعده أكبر وأحسن

- ‌ربيع الآخر - 1354ه

- ‌سؤالان عن الربا في دار الحربوعن كون الإسلام دين سياسة أم لا

- ‌الربا والزكاة والضرائبودار الحرب

- ‌فتاوى المنار

- ‌حفلة الأزهر بشيخه الأستاذ الأكبرالشيخ محمد مصطفى المراغي

- ‌إلى فضيلة الأستاذ الأكبربمناسبة خطابه في حفلة التكريم

- ‌تفسير المنارالجزء الثاني عشر

- ‌نعي فقيد الإسلام والمسلمين

- ‌كلمة الأستاذ علوبة باشا وزير المعارف

- ‌كلمة لا بد منها

- ‌الوهابيونوالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المحرم - 1354ه

- ‌حفلة تأبين فقيد الإسلامالمرحوم السيد محمد رشيد رضا

- ‌خطبة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر

- ‌قصيدة الأستاذ الهراوي

- ‌خطبة الأستاذ الشيخ على سرور الزنكلوني

- ‌كلمة الأستاذ عبد السميع البطلفي حفلة تأبين الفقيد

- ‌خطبة الأستاذ محمد أحمد العدوي

- ‌خطبة الأستاذ حبيب جاماتي

- ‌قصيدة الشيخ إسماعيل الحافظفي تأبين السيد الإمام

- ‌قصيدة الأستاذ عبد الله عفيفي

- ‌تعزية الجمعية السورية العربية

- ‌مصاب المسلمين في أعظم علمائهم

- ‌تعزية جمعية الرابطة العلوية

- ‌كلمة الدكتور عبد الرحمن شهبندرفي حفلة التأبين

- ‌تأبين الإمام السيد محمد رشيد رضا

- ‌عواطف ابن زيداننحو فقيد الفضل والعرفان

- ‌وصف المقطم لحفلة التأبين

- ‌كلمة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالقدس

- ‌كلمة الأستاذ محمد لطفي جمعة

- ‌كلمة المجاهدين السوريين في الصحراءبوادي السرحان

- ‌المحرم - 1354ه

- ‌المستشرقون والإسلام

- ‌الفصل الأولأسباب ونتائج

- ‌الفصل الثانيمحمد قبل البعث

- ‌الفصل الثالثالتحليل النفسي لحياة محمد قبل البعث

- ‌الفصل الرابعمحمد صلى الله عليه وسلم وروح الاجتماع عند البعث

- ‌الفصل الخامسالتوحيد هو روح الحرية

- ‌الفصل السادسأثر التوحيد الاجتماعي

- ‌الفصل السابعتعليقات المستشرقين على التوحيد وحياة محمد

- ‌الفصل الثامنحكاية فنسنكوالمجمع اللغوي الملكي

- ‌الفصل التاسعحكاية فنسنك [

- ‌جمادى الآخرة - 1358ه

- ‌تصدير

- ‌في الميدان من جديد

- ‌بين طائفتين من المؤمنين

- ‌نشأة المنار والحاجة إليه

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي اليوم

- ‌بين الشرق والغرب

- ‌ما أحوجنا في هذا الزمان إلى هداية القرآن

- ‌تطور الإسلام

- ‌صاحب المنارالسيد محمد رشيد رضا

- ‌فلسفة النفاقالمنافقون في فلسطين وحكمهم

- ‌كلمة الأستاذ الإمام في المنار

- ‌المنار والإصلاح

- ‌اتجاه محمود في الشرق العربي

- ‌ظهور المنار ودلالته

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌رجب - 1358ه

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌دعوى علم الغيبومنابذتها لأصول الإسلام

- ‌وصف الدنيا

- ‌الشيخ محمد عبده(1)

- ‌من كلام الإمامعلي رضي الله عنه

- ‌انتقاد المنارحول فتوى آيات الصفات وأحاديثها

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي

- ‌تعليق

- ‌السيد محمد رشيد رضا

- ‌ استحضار الأرواح

- ‌ربيع الأول - 1359ه

- ‌الأحمدية(القاديانية واللاهورية)

- ‌ماذا في إندونيسيا

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌أسرار البلاغة في علم البيان

- ‌في محيط الدعواتتحليل ومقارنة

- ‌مشكلة المرأة في مصر

- ‌ربيع الثاني - 1359ه

- ‌احتجاب المنار

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌خطيئة آدم

- ‌في محيط الدعوات(2)

- ‌براءة من القاديانية

- ‌الشيخ محمد عبده [*](2)

- ‌انتقاد المنار

- ‌السيد الكامل آل رضارحمه الله

- ‌جمادى الآخرة - 1359ه

- ‌ حكم الدخان والتنباك

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌السيد الإمام محمد رشيد رضاناظر دار الدعوة والإرشاد بمصر

- ‌من مشكاة النبوة

- ‌في الإسراء والمعراج

- ‌شعبان - 1359ه

- ‌أسرار البلاغة في علم البيان

- ‌ حكم الصلاة في النعلين

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي اليوم

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌المرأة المسلمة(2)

- ‌إلى الأخ الأستاذ السيد عبد الرحمن عاصم

- ‌بيان الحكومة المصريةعن سياستها الداخلية والخارجية بدار النيابة

- ‌من كلام الإمام علي في نهج البلاغة

الفصل: ‌اتجاه محمود في الشرق العربي

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌شاعر العرب

الشيخ عبد المحسن الكاظمي

فاجأنا في ضحوة يوم شديد الحر من هذا الشهر المحرم (سنة 1354 -

مارس سنة 1935) نبأ وفاة شاعر العرب المطبوع وعلم الفصاحة المرفوع الشيخ

عبد المحسن الكاظمي بعد مقاساة أمراض طال أمدها عدة سنين، صبر عليها صبر

الكرام، ويحزنني أنه لم يتح لي تشييع جنازته، وقد قمت بكل ما استطعت من

حقوق مودته (المادية والأدبية) في أكثر من ثلث قرن، حتى إنني عرضت نفسي

لمرض طويل كاد يكون مزمنًا بزيارتي له ليلاً وأنا مصاب بنزلة صدرية شديدة،

وكان يزورني في وسط العهد بيننا في يوم الجمعة من كل أسبوع، وقد يزيد عليها

لأسباب عارضة، وإنني أنشر هنا ما كتبته في شأنه بعد تعارفنا بمصر بأيام قليلة،

وهو ما تراه في ص 328 من مجلد المنار الثالث، بتاريخ ربيع الأول سنة

1318، يوليو سنة 1900 بعنوان:(القديم في الحديث، والأول في الآخر)

وهذا نصه:

(ذهبت بلاغة الشعر العربي بذهاب دول العرب حتى صار القرن يمضي

كله ولا يظهر فيه شاعر عربي الأسلوب بليغ الكلام، وحتى صرنا نعد وجود مثل

سعادة محمود سامي باشا البارودي من قبيل ما يسميه الحكماء بالرجعة، كأن السليقة

العربية رجعت إليه بالوراثة لأحد أجداده الأولين من غير عناء في كسب ملكتها،

والظاهر أن بلاد العراق لا تزال أقرب إلى السليقة العربية من أهل هذه البلاد،

وأن النابغين فيها أكثر منهم في غيرها.

ولقد وافى هذه البلاد من أشهر رجل فاضل جدير بلقب (الأديب) وقلَّ

الجدير به في العصر، ألا وهو الشيخ أبو المكارم عبد المحسن الكاظمي (نسبة إلى

الكاظمية بلدة في ضواحي بغداد) لقيناه فلقينا الأدب الصحيح والأخلاق الحسنة من

الشاعر المفلق، العذب المنطق، الذي ناهز المقدمين، وخاطر المقرمين، ومن

السجايا الفاضلة الظاهرة فيه الإباء وعزة النفس، حتى إنك لا تشعر في أول عهدك

به بما عنده من لطف المعاشرة ورقة الطبع ولين العريكة.

قال صاحب السعادة إسماعيل باشا صبري وكيل الحقانية وأحد أركان الأدب

في مصر: (إنني عندما لقيته أول مرة ظننت أنه لا تطيب معاشرته، فلما خبرته

علمت أنه لا تطيب مفارقته) ا. هـ.

وما أجدره بقول شاعرنا أحمد بن مفلح المشهور بابن منير الطرابلسي:

إباء فارس في لين الشام مع الظر

ف العراقي واللفظ الحجازي

أما شعره فعلى الطريقة العراقية العذبة القديمة، طريقة الشريف الرضي

ومهيار الديلمي، وأما إنشاده فهو يناسب شعره في التأثير الذي هو المقصود الأهم

من بلاغة القول) ا. هـ.

ونشرت بعد هذا قسمًا من قصيدته العينية، وهي أول ما سمعناه من إنشاد

شعره، ونشرت القسم الآخر منها في جزء آخر، ولعمري إن إنشاده للشعر لأبلغ

من نظمه له في إثارة الشعور، بما شاء من شجو وشجن، وحنين إلى سكن ووطن،

وشوق إلى لقاء حبيب، وحزن على فراق عشيق أو صديق، وإن أنسَ فلن أنسى

إنشاده إيانا قول الشاعر:

وارحمتا للغريب في البلد النازح

ماذا بنفسه صنعا

فارق أحبابه فما انتفعوا

بالعيش من بعده وما انتفعا

فلئن قال ابن المنير في يائيته:

وما المدامة بالألباب ألعب من

فصاحة البدو في ألفاظ تركي

فإن لنا أن نقول: ما لعب المدامة بالعقول، ولا عزف الفارابي بالقانون، بما

أضحك الثغور وأثار الشجون، وأجرى الشئون وران على العيون، ولا نعي جميل

لبثينة أمام دارها، ولا كلمتها للناعي سافرة نابذة لوقارها - بأعظم سلطانًا على

القلوب من إنشاد الكاظمي لهذين البيتين بصوته الرخيم ولهجته العراقية، وتقطيعه

للبيت بغير أوزانه الشعرية، كوقوفه على كلمة الغريب، والنازح، والعيش، فإني

لأتذكر الآن خفقات قلبي لسماعهما، فأجد الذكرى تعيدها سيرتها الأولى، ولقد

كانت كلمة بثينة أشجى كلمة سمعتها من كلام البشر، ولا بأس بذكرها هنا.

لَمَّا شعر جميل العذري بدنو أجله في مصر عهد إلى رجل أن ينعاه إلى بثينة

في حي أهلها، وأعطاه حلته آية لها، فوقف فأنشد هنالك:

صرخ النعيّ وما كنى بجميل

وثوى بمصر ثواء غير قفول

فخرجت حاسرة وقالت: يا هذا إن كنت كاذبًا فقد فضحتني، وإن كنت

صادقًا فقد قتلتني! ! فأخرج لها حلته فأنشدت:

وإن سلوي عن جميل لساعة

من الدهر لا حانت ولا حين حينها

سواء علينا يا جميل بن معمر

إذا مت بأساء الحياة ولينها

هكذا كان الكاظمي يخلب ألبابنا بإنشاده العراقي الشيعي، وكل أدباء العراق

يخلبون الألباب بضروب الإنشاد، وإن كان لأشجى من سمعنا منهم، ولقد أحببناه

لإنشاده ولشعره معًا، ثم اتصل بشيخنا الأستاذ الإمام وخصه بمدائحه المؤثرة،

وكان بالمدائح ضنين، فعشقناه لتنويهه بالإصلاح وإمامه، وقد ذكرته في تاريخ

الأستاذ الإمام منوهًا بما كان من عطف الإمام عليه ومواساته له، ومما لم أذكره أنه

كان له منه راتب شهري قدره عشرة جنيهات ما عدا الهدايا، وكان أنكر ما عددته

عليه من كنوده عدم رثائه له، وكان يعتذر لنا بوجده وكمده، ثم علمنا أنه إنما كان

يخشى غضب الخديوي عليه إذا هو رثاه، إذ سعى له صاحب المؤيد عند سموه

براتب من الأوقاف.

إنني كنت صدقت الكاظمي زعمه أن شدة الحزن والأسى على الإمام أخرست

لسانه، وحيرت وجدانه، وأطاشت جنانه، فأمسى عاجزًا عن رثائه لا يستطيع منه

شيئًا. وظللت سنين مصدقا له، وأرى من حق الوفاء لأستاذنا عليّ بره والوفاء

له، على أنه حدثني فيما كان يقصه عليَّ من سيرته الشخصية أن الخطوب ليس

لها على نفسه سلطان، وأن الحزن ليس له في شجون قلبه ولا في شؤون عينيه

مكان، وأنه كاد هجومها عليه يغلبه على جَلَده، مرة أو مرتين، ففطن لذلك فكان

لإرادته الغلب والرجحان، فكان عصي الدمع شيمته الصبر، ليس للحزن عليه

نهي ولا أمر.

ولقد كان يقول لي إنه لم يجد بعد الأستاذ الإمام من أخلص له الوفاء مثلي،

ويظهر لي أنه على رأيي ومذهبي فيما أدعو إليه، وأحيا لأجله من الإصلاح

الإسلامي والوحدة العربية، وكان ينشدني بعض قصائده في مدح من يرجو برهم

ويقف لي عندما تتضمنه من الإشارة إلى ما أحب من المصلحة العامة، في

تضاعيف ما أكره من المدائح الشخصية، بله ما نظمه في المسألة العربية ورجالها،

ومنه ما يخصني بزعمه دون غيري، ولم أكن لأحفل بالتصريح بشيء يخصني؛

فكيف أحفل بالتلويح والتعريض الذي لا يكاد يفهم المراد منه أحد؟ ولكن خطر

ببالي كثيرًا ما لم أذكره له ولا أشرت إليه من تقصيره في رثاء شقيقي اللوذعي

الأحوذي السيد حسين الشاعر الأديب الخطيب، وقد كان عشقه للكاظمي غرامًا،

ووده له لزامًا، وكان وكيلي في إدارة المنار مدة غيبتي في الآستانة عامًا كاملاً لم

يكد يفارقه فيه يومًا، ثم عاد إلى سورية فقتل بيد مجرم أثيم، فكان من إكبار خطبه

عندي أن قلت في تأبينه إنه ليعز علي أن أرثيه، وكنت أرجو أن يرثيني، وأكبر

المصاب فيه أهل الفضل والأدب في جميع البلاد العربية، وعقدوا له في بيروت

حفلة رثاء وتأبين تبارى فيها أدباء الطوائف الدينية بما كان أقوى مظهر لرابطة

الأدب الجامعة، فكانت حفلة نادرة في ذلك الوقت، ولكن كان صديقي وصديقه

أبخل بشعره عليه منه بدمعه، وهو الغني المليء بالشعر، الفقير الشحيح بالدمع،

وإنما يجود بالشعر حيث يرجى به النوال الجزل.

لقي الملك فيصلاً في مصر فرأى من لطفه وتواضعه وتكريمه له ما أحدث له

أملاً بأن يحيا بجوده حياة جديدة من الإتراف والسعة، أقلها أن يكون له راتب

شهري كبير وهو في مصر، أو ينقل إلى منصب كبير في بغداد، فمدحه كما مدح

أخاه الأمير عبد الله وبيتهم الشريف بقصائد غر، كان ينشدها كلها أو بعضها قبل

إرسالها، ويحاول إرضائي وأنا المنكر لسياستهم البريطانية بما فيها من التنويه

بالإصلاح والوحدة العربية، حتى إذا ما خاب أمله فيهم، وغلبهم ابن السعود على

الحجاز، وحدث له من الرجاء في جوده وسخائه ما يئس من مثله منهم، طفق

يمدح هذا وآله؛ ويعرض، بل يصرح، بهجو أولئك، ومن ذلك قصيدة في الفرق

بين الفيصلين فيصل بن عبد العزيز وفيصل بن الحسين، وكان يدعي أنه لم يكن

له من باعث على هذا وذاك إلا ما يهمنا جميعًا من مصلحة العرب والإسلام.

كذلك كان يستشيرني في القصائد التي كان ينظمها في القضية العربية، التي

يقيمها حزب الاتحاد السوري، فاللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني؛ ويكل

إليَّ السعي لما يرجوه من الجائزة عليها من الوجيه ميشيل بك لطف الله، وهي من

غر قصائده.

وكثيرًا ما كان يزيد في هذه القصائد التي نظمها ولم يكتبها، وكثيرًا ما كان

يرتجل غيرها، فقد ثبت عندنا أنه أوتي من ملكة الارتجال ما يساهم به فحول

العرب من الجاهليين والمخضرمين والمولدين، وهو يعد من فصحائهم لا من بلغائهم،

فشعره فحل في لغته وأسلوبه، دون فلسفته وتأثيره الروحي.

وما كان لي أن أطمع بإرجاعه عما يبغيه من الكسب بشعره، وهو بضاعته

الرائجة، فكنت أحمد من قصائده ما فيها من الآراء العامة، وأقتصد في الإنكار

على المبالغة الشعرية في المدح فيوافقني على ما أقول، ولا أدري ما يكتبه بعد ذلك

ويرسله، وما يثبته في ديوانه الذي يدخره لمستقبله وورثته؛ فقد كان يحفظ كل ما

ينظمه، وينشدني وينشد غيري من حفظه، وقد ينقح ما ينتقده عليه السامع في

المجلس، ويزيد فيه ما شاء وينقص منه؛ وكان يرجو أن يبذل له أحد الملوك أو

الأمراء أو الكبراء ما يكفي لوفاء ما يذكر من دَينه وطبع ديوانه، فإن لم يتح له ما

يرجو، وَكَل أمر طبعه من بعده إلى أبر الأوفياء له، الذي اختار أن يجعله وصيًّا

على كريمته الرباب، وإياي كان يعني.

هذه خلاصة ما يقال في شعره وأدبه ومودته وكسبه، ولقد علمت أنه كان له

كسب نسائي خفي من كتابة التمائم للحب والبغض، وكان أمين سره في هذا العمل

صديقه المرحوم توفيق أفندي الرافعي، وأول من أفشاه لنا امرأته الأولى التي عشق

أختها وتزوجها، حملت إلى أهل بيتنا بعض هذه التمائم فأبيت أن أنظر فيها،

وحدثتْهن عن إسرافه في النفقة، وما كان يوهمني (قبل بنته الرباب) من أن له

عيالاً ينفق عليهم، وقد سمعت منه ورأيت ما يعد من عجائب إسرافه، فلقد كان

يشتري ثمر المنجا الجيدة بالعشرات أو مائة بعد مائة وهي أغلى الثمار ثمنًا، وكان

دائمًا يشكو الحاجة أو الضرورة، ويطرق أبواب الكبراء الواسعة والضيقة، وقد

لجأ أخيرًا إلى المرحوم سعد باشا زغلول ومدحه بالقصائد الفياضة التي ذكر فيها

الأستاذ الإمام أول مرة بعد وفاته، ثم لجأ إلى زعيم الوفد من بعده، وظهر في هذه

الأثناء بشعر بنته الرباب، وقد شبت على استبدال البرنيطة بالحجاب.

وجملة القول فيه أنه كان شاعر العرب المرتجل المفلق، كما كان قال قبل

اختيار هذا اللقب لنفسه.

لتُخلِ القوافي ميادينها

فقد عصف الشاعر المفلق

وكانت حياته الشخصية في داره ومع أصدقائه وزواره مفاكهات أدبية أكثرها

في شعره وأغراضه منه، ثم لم يكن يتحدث في السنين الأخيرة إلا عن مصائبه

وأمراضه وخُلته، حتى صار مملولاً بالطبع. نذكر هذا للعبرة والموعظة، ونسأل

الله تعالى لنا وله العفو والمغفرة والرحمة الواسعة.

ويسرنا جد السرور عناية الحكومة العراقية بإكمال تربية كريمته، وعناية

أدبائها وأدباء فلسطين وسورية بتأبينه، وهمَّ بعض أصحابنا بإقامة حفلة تأبين

حافلة، ثم أرجؤوها إلى انتهاء هجير الصيف، وما كان لمصر أن تهضم حق أدبه

وما كان ظهوره واشتهاره إلا فيها.

_________

ص: 72

الكاتب: عيسى عبده

‌اتجاه محمود في الشرق العربي

بقلم الأستاذ عيسى عبده

المدرس بمدارس التجارة المصرية وعضو بعثة المعارف بمنشستر

أرى في أيامنا هذه اتجاهًا طيبًا يتخذه بعض إخواننا في مصر وغيرها من

البلاد العربية، وسيلتهم فيه البحث العلمي المستنير، وغايتهم خدمة السواد من

أممنا العربية. هذا السواد هو من غير شك أولى الناس بجهودنا نبذلها في سبيل

التخفيف عنهم اليوم، وإسعاد أبنائهم في الغد القريب، على أننا لا نزال في أول

الطريق؛ فقد بدأنا بدراسة شئون العامة دراسة تمهد للإصلاح المرتجى، من ذلك

ما يقوم به الأستاذ عمار بجامعة منشتستر، والدكتور الشافعي بجامعة فؤاد بالقاهرة،

والبروفسور تود بجامعة بيروت، والمستر بتلر رئيس المكتب الدولي للعمل

بجنيف، وكلهم تناول شئونًا شرقية أو مصرية بحتة. ولكن الناظر في الشئون

الشرقية والعربية من نواحيها الاجتماعية يجد ظواهر مشتركة بين الأقطار جميعًا،

وهذا أمر طبيعي في بلاد جميع بينها منذ ثلاثة عشر قرنًا أو تزيد وشائج لا تهن ولا

تضعف، أساسها وحدة الدين واللغة، وبعض آثارها هذا الذي نرى من وحدة الألم

والأمل، فمن وصف بعض هذه الأقطار فقد عرف عن بعض ما دام وصفه يتصل

بالنظم الاجتماعية.

وحديثنا اليوم يتناول فريقًا كبيرًا من سكان مصر، ولي منه غرضان: أولهما

أن يكون دعوة إلى الشباب المثقف في الأقطار العربية كافة أن يقوم بعض القادرين

منهم بمثل البحوث التي قام بها الغرب من زمن، والتي بدأتها مصر مؤخرًا.

وثاني الغرضين أن أبين ما ينتظر منا - نحن المتعلمين - من مساهمة في

حركة الإصلاح. حين درست أحوال العمال منذ عامين تقريبًا تكشفت أمور قد

تغيب عن بعضنا، وقد يتجاهلها بعض آخر، سأذكر بعضها تزكية للدعوة التي

أوجهها إلى كل عربي، فالحال في بلادنا كما قدمت واحدة.

طبقة الأُجراء في مصر تشمل العامل الصناعي والعامل الزراعي ومن عداهما

من الأُجراء، وتكوِّن الغالبية العظمى من الشعب، ولئن كانت البيانات التي اعتمدنا

عليها في كلمتنا هذه قد جمعت من نحو (800) ثماني مائة أسرة من أسر العمال

المقيمين في القاهرة، فإنها تعين على تكوين صورة صحيحة عن حال الأجير بوجه

عام، مع تحفظ واحد هو أنها أشبه بالحال في المدائن دون القرى ، فإذا أردنا أن

نرى خلالها بيت العامل الزراعي وعيشه وجب أن نزيد من ألوانها القاتمة.

حياة العامل:

يبدأ الكثير من العمال في سن مبكرة هي الخامسة عشرة ، هذا إذا تجاوزنا

عما هو سائد في القرى من استغلال الأحداث في أعمال لا تتطلب جهدًا كبيرًا؛

ولكنها رغم بساطتها تعوق نموهم ، وتفوت عليهم فرصة تحصيل المبادئ الأولية

التي لا غنى عنها لأبسط طبقات الشعب، على أن هذه الحال تتبدل اليوم إلى ما هو

خير منها فلنتركها جانبًا ، ولنحصر القول فيمن تتراوح أعمارهم بين خمسة عشر

عامًا وستين عامًا ، هؤلاء موزعون كما يلي:

نسبة من لا تبلغ أعمارهم 20 عامًا من العمال 8 في المائة ، ومن السكان 16

في المائة.

ونسبة من لا تتراوح أعمارهم بين 20 و39: من العمال71 في المائة ، ومن

السكان 56 في المائة.

ومن تتراوح أعمارهم بين 40 و 49: من العمال 16 في المائة، ومن السكان

18 في المائة.

ومن تتراوح أعمارهم بين 50 و 59: من العمال 5 في المائة، ومن السكان

10 في المائة.

أما الذين يتخطون الستين من بين العمال فلا يزيدون على اثنين من كل ألف ،

ونظيرهم من السكان خمسة من كل ألف ، ولقد حسبت هذه النسب على عدد

الذكور دون الإناث؛ فما يزال العرف في مصر والشرق يجري على أن كسب

العيش من وظائف الرجال.

لبعض هذه الأرقام دلالة قوية جدًّا ، فنسبة الشباب الذي تتراوح سنه بين

العشرين والأربعين والذي يستأثر به العمل أكبر من نظيرتها في سائر نواحي

النشاط الاقتصادي، كوظائف الدولة والمهن الحرة؛ من أجل ذلك جاز لنا أن نقول

: إن ما يصيبه هؤلاء من عيش ضنك له أسوأ الأثر في القوى الحيوية للشعب كله.

انظروا إلى الباقين منهم بعد سن الخمسين في معترك الحياة، تجدوهم خمسة من كل

مائة، إذن هذا العدد الضخم من الشبان الأجراء البالغين واحدًا وسبعين في المائة

من عدد العمال ، والذين تتراوح أسنانهم بين العشرين والأربعين عامًا يخرجون من

ميدان العمل خلال الحلقة الخامسة من أعمارهم إلا عددًا منهم قليلاً ، ولقد أثبت

البحث أن عدد من يخرج منهم بالترقي إلى مصاف أرباب الأعمال، أو مستندًا إلى

ثروة جمعها ، أو إلى ولد قادر يكفيه مشقة العمل في سن متأخرة قليل جدًّا، وأنه

أولى بالإغفال، وهكذا تبقى أسباب الخروج من العمل منحصرة في الموت والعجز.

هذه الظاهرة المحزنة إنما هي نتيجة طبيعية لظروف العامل في حياته الخاصة،

وسنرى أنه في حياته القصيرة يرزح تحت عبئين مرهقين من إجهاد وحرمان.

تزايد السكان:

ربما بدا غريبًا بعد هذا الذي قدمنا أن يتزايد عدد الطبقات العاملة رغم عوامل

الفناء المحيطة بهم؛ ولكن للتزايد أسبابًا قوية؛ منها أن نسبة الزواج بين العمال

تبلغ 76 في المائة، وهي للسكان عامة 66 في المائة، ويبكر العامل بالزواج حتى

أن نسبة المتزوجين قبل سن الخامسة والعشرين تبلغ 10 في المائة، وهي نسبة

عالية لسن مبكرة في طبقات أجورها لا تفي الفرد فضلاً عن الأسرة، وهنا يجدر

أن نلاحظ ظاهرة تميز الشرق بصفة عامة عما عداه، تلك أن الزواج في معظم

الحالات لا يكون نتيجة لحاجة الرجل إلى من يدبر شأنه أو يهيئ له حياة منزلية

هادئة، فبين المتزوجين من العمال ستون في المائة يعولون قريبات لهم كوالدة أو

عذارى وأرامل من ذوي القربى، وقد كان لهؤلاء العمال من قريباتهم غنى من

ناحية الخدمة ودافع من ناحية النفقة على ألا يفكروا في الزواج في سن مبكرة،

ولكنهم يفعلون بدافع ديني، وهذه حال لا يمكن أن تستتبع اللوم؛ وإنما تستحق

العطف والتهذيب.

أما عدد الأطفال فكثير، ولما كان الزواج مبكرًا، فالعمال تبعا لذلك آباء في

سن مبكرة كذلك، فمثلاً بين العمال من سن العشرين نجد اثنين في المائة لكل منهما

ولد أو ولدان، فإذا بلغ الوالد سن الخامسة والثلاثين كان عدد الأبناء كما يلي:

من كل مائة من الآباء:

عشرون لكل منهم ولد واحد

وستة وعشرون لكل منهم ولدان

وسبعة عشر لكل منهم ثلاثة أبناء

وثمانية لكل منهم أربعة أبناء

واحد له خمسة أبناء

وواحد له ستة أبناء أو أكثر

أما إذا تمشينا معهم إلى آخر العمر فطبيعي أن تتزايد النسب الأخيرة ، فتصبح

من كل مائة والد:

أربعة وأربعون لكل منهم ثلاثة أبناء

وأربعة وعشرون

لكل منهم أربعة أبناء

وعشرة لكل منهم خمسة أبناء أو أكثر

كل هذا رغم ارتفاع نسبة الوفيات بينهم ، واستئثارهم بموتى المواليد، ولولا

هذان العاملان لتزايدوا بأسرع مما ترى رغم الظروف القاسية التي تحيط بهم.

أشرنا فيما تقدم إلى أن 60 في المائة من أرباب الأسر يعولون إلى جانب أبنائهم

وزوجاتهم أقارب لهم عاجزين عن الكسب ، هؤلاء من طرحتهم أمواج الحياة

صرعى جهاد ظالم يبعثون فيه بغير سلاح ، آباء قضوا ربيع الحياة في خدمات لا

تعود عليهم إلا بما يمسك الحياة ، فإذا أقبلت سنو المشيب - وهذه تبكر لأمثالهم -

أقعدهم العجز عن كل كسب ، ونساء فقدن العائل بالموت أو بسواه، وورثن عنه

البنين دون المال. هكذا ينشأ الجيل الجديد مرهقًا بتبعات ثقال تنوء بالعصبة أولي

القوة ، فيلتمس السلوى فيما يحط من قواه ولا يصلح له شأنه ، ثم يدفع بولده جاهلاً

هزيلاً إلى معترك الحياة وهو بعد في مقتبل العمر، عساه يلتقط بعض الفتات فيعين

أسرته ، وكذلك ينشأ نشأة أبيه ، وإذا بالمأساة تتصل، وتتسق فصولاً من جديد ، وقد

تبدل اللاعب وما أسدل الستار.

ساعات العمل:

يندر أن تقل عن ثماني ساعات في كل يوم ، ونسبة ذلك 1 على 3 في المائة

من مجموع الحالات، وهي:

ثماني ساعات في 15 في المائة من الحالات.

وعشر ساعات في 70 في المائة.

وأربع عشرة ساعة في 5 في المائة.

وست عشرة ساعة في 10 في المائة.

على أن من هذه الحالات الأخيرة ما يبلغ 17 وأكثر.

الأجور:

منخفضة جدًّا، تبدأ بقرش واحد في اليوم للأحداث في بعض الصناعات،

وتزيد كلما تقدمت السن بنسبة لا تكاد تبلغ الثلث مما يجب أن تكون عليه الحال،

ونتيجة ذلك أن تتزايد التبعات ولا تنمو الموارد بالدرجة الكافية.

ولا يمنح العامل أجرًا عن يوم راحته ، ولا مرضه، وأكثر الفئات شيوعًا هي

فئة العشرة القروش والخمسة عشر؛ إذ يتقاضى أجورًا تقع بين هذين الحدين 30

في المائة من العمالة. وعقود الاستخدام كلها رهينة الظروف، وأكثرها عقد يومي

يتجدد كلما تجددت الحاجة، ولهذا أثر سيئ.

فالعامل لا يرتبط بجهة معينة ، وكل خدماته موزعة بين الناس، ومجهوده

السابق نَهْب الظروف المتقلبة من حوله، فإذا ما بلغ القمة من حياته أتقن عمله

وشارف أجره رقمًا عاليًا - يبلغ ثلاثين قرشًا في ثلاث حالات من كل ألف، ويبلغ

25 قرشا في 22 حالة من كل ألف - لم يستطع أن يحافظ على ما وصل إليه من

أجر عالٍ نسبيًّا؛ لأن رب العمل يتبدل، وقوى العامل تنحط مع الزمن، وله في

كل يوم سوق أصولها منبتة؛ ولذلك نرى الأجور العالية التي ذكرنا لا تكون إلا ما

بين العشرين والخامسة والأربعين من العمر، ثم تنحدر بعد ذلك، حتى إن أعلى

الأجور لمن تبلغ أعمارهم 50 عامًا أو يتخطونها عشرون قرشًا.

ولقد يلقى العامل من عنت رب العمل ضعفًا آخر، فيؤخر أجره ضمانًا

لمواظبته، أو يؤخره حتى يتوافر لديه مال حاضر.

المساكن:

هذه الأنقاض التي يزدحم فيها العمال إنما تسمى مساكن من باب التجوز،

ومن كانت حاله ما قدمت فأنى له المسكن الصحي؟ بحسبنا أن نذكر في هذا الصدد

أن إيجار المسكن يتراوح بين 30 قرشا و60 في معظم الحالات، وأن 35 في

المائة من الأسر تسكن كل منها غرفة واحدة أو أقل من غرفة؛ إذ تشترك أسرتان

أو أكثر في واحدة، وأن 65 في المائة من الأسر تسكن كل منها غرفتين أو أقل،

أما الشمس والهواء والماء وسعة المسكن وأثاثه فلا محل لذكرها فضلاً عن بحثها.

آثار هذه الحال:

هي الآثار الطبيعية لمثلها؛ حياة قصيرة معتلة، وموت مبكر يخلف للأحياء

أعباء تعجل بدورهم، وإنتاج يدوي ضعيف، ومقدرة فكرية أضعف.

وأما المستوى الخلقي فتؤذيه هذه الحال أشد الإيذاء، وكيف تستقيم الحال في

أسر لكل منها مخدع واحد يضم الزوجين وخمسة أبناء أو سبعة منهم شباب وفتيات؟

وكيف نرجو طيب الخصال إذا انعدمت أسباب الثقافة والتربية والتهذيب، وثقلت

أعباء الحياة في وقت معًا؟

الذي أراه أن هذه الحال التي تعالج أخطر من أن نتناولها بالبحث النظري

لنقف عند حد البحث، ربما جاز هذا إذا كان الباحث لا تربطه بهؤلاء الناس

أواصر الأخوة وروابط أخرى لا تنفصم، أما وهم قومنا وإخواننا وأبناؤنا وآباؤنا

فعلينا ما هو أجدى من القول والبحث؛ علينا أن لا نكتفي باقتراح رفع الأجور

والموارد باقية على حالها، أو إدخال نظم التأمين والعامل لا يملك أسباب العيش

الخشن فضلاً عن نفقات هذه النظم، علينا - نحن معاشر المتعلمين - واجبان أحب

أن ننهض بهما اليوم راغبين، فهذا خير وأبقى، وهو أولى بنا من أن يضطر

إليهما أبناؤنا في غد كارهين؛ فأما الأول: فهو أن ننزل عن بعض نعيمنا

الشخصي في سبيل هؤلاء الذين طال حرمانهم صابرين.

فمثلاً إذا زيدت الضرائب على دخلنا من أجلهم دفعنا مغتبطين، وإن لم تزد

دعونا إلى هذا بما أوتينا من علم وبيان، وإن قلَّت رواتبنا من أجلهم كذلك قبلنا في

غير ضيق ولا حرج. وأما واجبنا الثاني: فهو أن ينبث بينهم القادرون منا على

معالجة الشئون الاجتماعية، ينظمون صفوفهم، ويرشدونهم إلى ما فيه خيرهم،

وهذا يتطلب تضحية بالوقت والمال في سبيل الدعاوة، والمعونة الأدبية والمادية.

ولنذكر جيدًا أن منا - نحن المتعلمين - من سينتظم في هذه الصفوف إن

عاجلاً أو آجلاً، وهذه بعض آيات الرقي في الأمم، فلنهيئ إذن الجو لصغار

إخواننا ولأبنائنا، وهذا دافع شخصي يضاف إلى ما تقدم من إيثار كريم.

كذلك فلنذكر أن هذه الجموع التي بدأنا اليوم نفكر فيها هي التي تمد الدولة

بأكبر عدد من الرجال، فتنتظم بهم صفوف الدفاع، وفي السلم كلما زادت كفايتهم

زاد الإنتاج الأهلي، وارتفع المستوى للخاصة والعامة، غير أن الخطوات الأولى

تتطلب كثيرًا من جهاد النفس وشجاعة الرأي، ولقد تخطت الحركة طور البحث

وتجاوبت أصداء الدعوات

فلنكن ممن يبادرون بتلبية النداء.

...

...

...

...

... عيسى عبده=

_________

ص: 70