المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المنار منذ عشرين سنة - مجلة المنار - جـ ٣٥

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (35)

- ‌ربيع الأول - 1354ه

- ‌فاتحة المجلد الخامس والثلاثين

- ‌حرمان البنات من الإرثوتعارض القرآن والإجماع

- ‌كتاب الوحي المحمدي

- ‌خطاب الشيخ الأكبر في الجامع الأزهر

- ‌الهمزية في مدح خير البرية

- ‌كتاب الوحي المحمدي

- ‌شاعر العربالشيخ عبد المحسن الكاظمي

- ‌تفاقم شر الطلاق في أميركا

- ‌العقبة من الحجازفي عهد الدولة العثمانية

- ‌وزير مسيحي يصف الشريعة الإسلامية

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌سبب تأخر هذا الجزء من المناروسيكون ما بعده أكبر وأحسن

- ‌ربيع الآخر - 1354ه

- ‌سؤالان عن الربا في دار الحربوعن كون الإسلام دين سياسة أم لا

- ‌الربا والزكاة والضرائبودار الحرب

- ‌فتاوى المنار

- ‌حفلة الأزهر بشيخه الأستاذ الأكبرالشيخ محمد مصطفى المراغي

- ‌إلى فضيلة الأستاذ الأكبربمناسبة خطابه في حفلة التكريم

- ‌تفسير المنارالجزء الثاني عشر

- ‌نعي فقيد الإسلام والمسلمين

- ‌كلمة الأستاذ علوبة باشا وزير المعارف

- ‌كلمة لا بد منها

- ‌الوهابيونوالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المحرم - 1354ه

- ‌حفلة تأبين فقيد الإسلامالمرحوم السيد محمد رشيد رضا

- ‌خطبة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر

- ‌قصيدة الأستاذ الهراوي

- ‌خطبة الأستاذ الشيخ على سرور الزنكلوني

- ‌كلمة الأستاذ عبد السميع البطلفي حفلة تأبين الفقيد

- ‌خطبة الأستاذ محمد أحمد العدوي

- ‌خطبة الأستاذ حبيب جاماتي

- ‌قصيدة الشيخ إسماعيل الحافظفي تأبين السيد الإمام

- ‌قصيدة الأستاذ عبد الله عفيفي

- ‌تعزية الجمعية السورية العربية

- ‌مصاب المسلمين في أعظم علمائهم

- ‌تعزية جمعية الرابطة العلوية

- ‌كلمة الدكتور عبد الرحمن شهبندرفي حفلة التأبين

- ‌تأبين الإمام السيد محمد رشيد رضا

- ‌عواطف ابن زيداننحو فقيد الفضل والعرفان

- ‌وصف المقطم لحفلة التأبين

- ‌كلمة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالقدس

- ‌كلمة الأستاذ محمد لطفي جمعة

- ‌كلمة المجاهدين السوريين في الصحراءبوادي السرحان

- ‌المحرم - 1354ه

- ‌المستشرقون والإسلام

- ‌الفصل الأولأسباب ونتائج

- ‌الفصل الثانيمحمد قبل البعث

- ‌الفصل الثالثالتحليل النفسي لحياة محمد قبل البعث

- ‌الفصل الرابعمحمد صلى الله عليه وسلم وروح الاجتماع عند البعث

- ‌الفصل الخامسالتوحيد هو روح الحرية

- ‌الفصل السادسأثر التوحيد الاجتماعي

- ‌الفصل السابعتعليقات المستشرقين على التوحيد وحياة محمد

- ‌الفصل الثامنحكاية فنسنكوالمجمع اللغوي الملكي

- ‌الفصل التاسعحكاية فنسنك [

- ‌جمادى الآخرة - 1358ه

- ‌تصدير

- ‌في الميدان من جديد

- ‌بين طائفتين من المؤمنين

- ‌نشأة المنار والحاجة إليه

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي اليوم

- ‌بين الشرق والغرب

- ‌ما أحوجنا في هذا الزمان إلى هداية القرآن

- ‌تطور الإسلام

- ‌صاحب المنارالسيد محمد رشيد رضا

- ‌فلسفة النفاقالمنافقون في فلسطين وحكمهم

- ‌كلمة الأستاذ الإمام في المنار

- ‌المنار والإصلاح

- ‌اتجاه محمود في الشرق العربي

- ‌ظهور المنار ودلالته

- ‌تقريظ المطبوعات الجديدة

- ‌رجب - 1358ه

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌دعوى علم الغيبومنابذتها لأصول الإسلام

- ‌وصف الدنيا

- ‌الشيخ محمد عبده(1)

- ‌من كلام الإمامعلي رضي الله عنه

- ‌انتقاد المنارحول فتوى آيات الصفات وأحاديثها

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي

- ‌تعليق

- ‌السيد محمد رشيد رضا

- ‌ استحضار الأرواح

- ‌ربيع الأول - 1359ه

- ‌الأحمدية(القاديانية واللاهورية)

- ‌ماذا في إندونيسيا

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌أسرار البلاغة في علم البيان

- ‌في محيط الدعواتتحليل ومقارنة

- ‌مشكلة المرأة في مصر

- ‌ربيع الثاني - 1359ه

- ‌احتجاب المنار

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌خطيئة آدم

- ‌في محيط الدعوات(2)

- ‌براءة من القاديانية

- ‌الشيخ محمد عبده [*](2)

- ‌انتقاد المنار

- ‌السيد الكامل آل رضارحمه الله

- ‌جمادى الآخرة - 1359ه

- ‌ حكم الدخان والتنباك

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌السيد الإمام محمد رشيد رضاناظر دار الدعوة والإرشاد بمصر

- ‌من مشكاة النبوة

- ‌في الإسراء والمعراج

- ‌شعبان - 1359ه

- ‌أسرار البلاغة في علم البيان

- ‌ حكم الصلاة في النعلين

- ‌موقف العالم الإسلامي السياسي اليوم

- ‌المنار منذ عشرين سنة

- ‌المرأة المسلمة(2)

- ‌إلى الأخ الأستاذ السيد عبد الرحمن عاصم

- ‌بيان الحكومة المصريةعن سياستها الداخلية والخارجية بدار النيابة

- ‌من كلام الإمام علي في نهج البلاغة

الفصل: ‌المنار منذ عشرين سنة

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌المنار منذ عشرين سنة

(ربيع الأول سنة 1339)

الاتحاد والاقتصاد

بقلم السيد محمد رشيد رضا

رحمه الله

كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، ميزان سياسة الأمم

ونظام الاجتماع، كثر في هذا العصر تشدق الخطباء بذكرهما وشرح الكُتَّاب

لفوائدهما، ولمَّا يفقه الدهماء حقيقة معناهما، بل لمَّا يُحِط أكثر العلماء والزعماء منا

خبرًا بهما؛ لأن فقه الحقائق وإحاطة الخبر لا يحصلان إلا بطول التجارب في

الحوادث، والاصطلاء بنيران الكوارث، بعد تلقي الحكمة بالتعليم، والتربية على

سلوك الصراط المستقيم.

كنا منذ أنشأنا المنار في أواخر سنة 1315 للهجرة قد جعلنا أهم ما ندعو

إليه القراء في مصر وسائر البلاد أن يجعلوا جُلَّ عنايتهم في إصلاح شئونهم

بالتربية المالية التي تكوِّن أمة متحدة، والاقتصاد الذي تكون به الأمة غنية تتصرف

بثروتها في القيام بمصالحها كما تشاء. بثثنا هذه الدعوة في (المؤيد) في ذلك

العهد؛ إذ كنا نكتب فيه مقالات بإمضاء (م. ر) وبغير إمضاء، ثم أعدنا بثها في

(الجريدة) في أول العهد بظهورها، في مقالة عنوانها (إلى أي شيء أنت

يا مصر أحوج) نشرناها أيضًا في الجزء الثاني للمجلد العاشر من المنار، الذي

صدر في صفر سنة 325، ونحمد الله - تعالى - أن رأينا في هذه السنين آيات

الاتحاد في هذه البلاد العزيزة، ورأينا من نتائجه قرب الحصول على الاستقلال

الذي نعتقد أنه لا ينال إلا به، بل نقول: إن الاتحاد بغير استقلال خير من الاستقلال

بغير اتحاد؛ لأن الاتحاد يأتي بالاستقلال المفقود، وفقده يذهب بالاستقلال الموجود،

فالواجب الآن على كل مصري أن يكون أحرص على تعزيز الاتحاد والتكافل

الذي وقع منه على نيل الاستقلال الذي يرجى به ويتوقع؛ فإن الاتحاد إذا ثلم

وانفصمت عروته قبل بدو صلاح ثمرته، نفضت الشجرة، أو خرجت الثمرة

شيصًا لا غَنَاء فيها، وإذا انتكث فتله بعده، زال أثره بزواله، فإذًا لا استقلال

ابتداء ولا بقاء إلا بالاتحاد.

ثم ليعلم علم تدبر أنه لا قوام لاستقلال الأمم وحريتها إلا بالثروة، ولا ثروة

إلا بالاقتصاد، وإن الاستقلال السياسي متوقف على الاستقلال الاقتصادي، ونحن

مقصرون في سبيل هذا الاستقلال تقصيرًا إذا لم نبادر إلى تداركه كنا من الهالكين.

إن للكسب والإنفاق علومًا وفنونًا اتسع نطاقها في هذا العصر اتساعًا عظيمًا؛

لأنها قطب الرحى لمدنية الأمم والشعوب وعزتها ورفاهتها وسيادتها، وقد برزت

بها الأمم الشمالية الغربية فاستعمرت أو استعبدت بها الأمم الشرقية والجنوبية،

حتى ظن كثير من القاصرين أن الشعوب والأجناس أو الأقاليم الغربية أعظم

استعدادًا بطبيعة العرق وخاصية الجنس من الشعوب الشرقية، ويبطل هذا القول ما

هو معلوم من أن اليهود أرقى أهل الأرض في جميع هذه العلوم والفنون والأعمال

المترتبة عليها أينما وجدوا وحينما حلوا من أقطار الأرض، وهم شعب شرقي

محافظ على نسبه ودمه، وكذلك الشعب الياباني في الشرق الأقصى قد جارى

الغربيين فيها من عهد قريب.

ولكن الأمر الغريب أن المسلمين في الشرق والغرب والجنوب والشمال لا

يزالون مقصرين في هذا المضمار، وبهذا التقصير أضاعت أكثر دولهم ملكها،

وأمسى الباقي لها بين براثن الخطر، ويضيع أكثر أفرادهم ملكهم في البلاد التي

يزاحمهم فيها غيرهم، فإن كان جل ثروة مصر وسورية والعراق لا يزال بيدهم فما

ذلك من كسبهم بعلومهم وفنونهم، وإنما ذلك إرث رقبة الأرض تسلسل فيهم؛ لأنهم

أكثر السكان المالكين لها، فهذه مصر أقدر البلاد العربية على اقتباس العلوم والفنون

المالية وغيرها وأكثرها نفقة عليها، تراها مقصرة في هذا الاقتباس، فجميع من

يعيش فيها من الشعوب الأوربية واليونانيين والسوريين يفوقون المصريين في

العلوم والفنون المالية والاقتصادية، وفي إدارة المال بالتجارة وغيرها، وفي

الاقتصاد وحفظ الثروة من التبذير والضياع، بل القبط من المصريين يفوقون

المسلمين في ذلك عملاً، وثروتهم النسبية تفوق ثروة المسلمين، وأكثر أعمال

الحكومة المالية في أيديهم وأيدي الأوربيين والسوريين، بل أكثر المسلمين يعتمدون

على كتابهم في إدارة ثروتهم، على أن المسلمين أشد إسرافًا في الإنفاق وتبذيرًا

للأموال منهم ومن سائر الشعوب التي نعرف أحوالها.

من فطن لهذا من علماء الاقتصاد يعلله بادي الرأي بأن الدين الإٍسلامي هو

السبب في الأمرين، وهذا التعليل يضاهي في البطلان تعليل من عساه يقول عن

الدين المسيحي هو سبب ثراء نصارى الغرب وسعة عيشهم وشدة سطوتهم

وجبروتهم، والحق أن كلًّا من النصارى والمسلمين مخالف لهدي دينه ونصوص

كتابه في الأمرين؛ فالإنجيل يهدي إلى المبالغة في الزهد والقناعة والتواضع

والخضوع لكل سلطان، وينص على أن الغني لا يدخل ملكوت السموات،

والإسلام دين سيادة واقتصاد، وجمع بين مطالب الروح والجسد كما بينا ذلك

وفصلناه مرارًا كثيرة، ومن نصوصه فيما نحن بصدده قوله - تعالى - في أوائل

سورة النساء: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} (النساء:

5) ، أي جعل عليها مدار قيام مصالحكم ومرافقكم وحفظها وثباتها، وقوله في

صفات المؤمنين من أواخر سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ

يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} (الفرقان: 67) ونهى في وصايا سورة الإسراء

عن المبالغة في قبض اليد وبسطها في الإنفاق، وعن التبذير وسمى المبذرين

إخوان الشياطين، وهذه الوصايا هي أمهات أصول الدين وفضائله وآدابه، وهي

تشمل الوصايا العشر التي في التوراة - ما عدا بطالة يوم السبت - وتزيد عليها،

وفي السُّنة وصايا وأحكام كثيرة في ذلك.

فالمسلمون مخالفون لدينهم فيما اعتادوا من الإسراف في النفقات، وهذا إذا

كانت فيما أبيح لهم من الزينة والطيبات، فكيف إذا كانت في المحرمات، ولا سيما

الفواحش الثلاث المفسدات للفطرة، المخربات للديار: السكر والزنا والقمار؟ وهم

على هدمهم بذلك لدينهم يهدمون كل ما يبنى من صرح استقلالهم، وإنني لم أر ولم

أسمع من أخبار البشر أن شعبًا منهم يعادي النقد الذي هو ميزان الأعمال والقوة في

الاجتماع البشرى كالشعب المصري، فالمصري أسرع الناس بذلاً لما يصل إلى يده

من النقد، فالمتمتعون بالزينة واللذات ينفقون في سبيلهما ما تصل إليه أيديهم من

كسب وقرض ولو بالربا الفاحش، وغير المتمتعين يشترون بما تصل إليه أيديهم

من كسب وقرض بالربا أرضًا أو عقارًا، ولا يبالي أكثر الفريقين أن يشتري

الشيء بأضعاف ثمنه وإن استدان الثمن بالربا الفاحش؛ لأن النقد أحقر الأشياء في

نظره؛ ولذلك ترى أكثر المصريين على سعة ثروتهم الزراعية مرهقين بالدين،

فيجب على الزعماء والعلماء والخطباء وكتاب الصحف أن يتعاونوا على درء

الخطر بوسيلتي العلم والعمل، وإلا ظل المنتجون منهم كالأجراء للأجانب؛ لأن

جل ما ينتجون يتسرب إلى صناديق المسارب المالية وسائر المرابين وجيوب

أصحاب الحانات والمواخير وموائد القمار وتجار عروض الزينة والترف، وبعبارة

أخرى إن جل ثروة البلاد تخرج منها إلى البلاد الأجنبية.

ومن الضروري أن يبادروا إلى تأليف جمعية اقتصادية يكون من أعمالها

إرسال بعض الطلاب المستعدين إلى معاهد العلم في أوربة لأجل الإحصاء في علم

الاقتصاد السياسي وسائر الفنون المالية والصناعات الضرورية ولا سيما الغزل

والنسيج، ثم جعلهم معلمين لهذه الفنون والصناعات وعاملين بها، والاستقلال

المنتظر يزيل - إن شاء الله - ما كان من الموانع دون مثل هذا العمل، وإنني

رأيت في الهند معامل عظيمة للمنسوجات الأوربية - دع المنسوجات الوطنية

الخاصة بأهل البلاد - وجميع عمال هذه المعامل من الوطنيين، إلا أنني رأيت في

معمل كبير في بمباي رجلين من الإنكليز وظيفتهما اختيار نقوش النسيج.

ويكون أهم أعمال هذه الجمعية وشعبها تعميم النقابات الزراعية في البلاد،

وتأليف الشركات للمشروعات الاقتصادية المختلفة، ويكون منها السعي لإرشاد

جمهور الأمة إلى الاقتصاد، وجعل ثروة البلاد قوة لها وضامنًا لاستقلالها بنفسها

وحريتها في التصرف بثروتها.

_________

ص: 521