الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
معالي الدكتور عز الدين العراقي
الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي
الحمد لله رب العاملين، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
بعد شكر المنعم الجليل على ما أولى، واستمناحه التوفيق والتسديد فيما دعا إليه وهدى، يشرفني أن أقدم للأمة الإسلامية جمعاء العدد العاشر من مجلة مجمع الفقه الإسلامي، هذا المجمع الذي كان وليد قرار القمة الإسلامية الثالثة، والذي يترجم اهتمام قادة هذه الأمة بمختلف قضايا المسلمين، وحرصهم على دراستها حسب المنهج القويم الذي يعتمد الاجتهاد الجماعي، ويرتكز على البحث والنظر ومراعاة الأصلح والأقوم والسير في طلب الحلول الناجعة الإسلامية العملية على أساس من روح الشريعة ومقاصدها، ووفق مصدريها الأساسيين: كتاب الله الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وإني لأنوه في هذا المقام بالجهود العظيمة التي يضطلع بها المجمع، وبما تعاقب لديه وتوافر من أعمال ودراسات وبحوث ومناقشات وآراء وقرارات، بدءا من دورته التأسيسية الأولى وإلى دورته العاشرة، ومن خلال اجتماعات مكتب المجلس وشعبه منفردة ومجتمعة. وهي دورات واجتماعات تسفر عن اجتهاد جماعي أصيل يسهم فيه الصفوة من علماء الأمة، وغير خاف أن مجمع الفقه الإسلامي يضطلع بمشاركة أعضائه العاملين وأهل النظر من رجال الفقه والفتوى والخبراء المختصين من اقتصاديين وفلكيين وأطباء ببحث الموضوعات وربط الجزئيات بالنصوص الشرعية من كتاب وسنة، وبالرجوع إلى طرق الاستنباط من إجماع وقياس ونحوها، قصد التوصل إلى الحلول الشرعية المناسبة، هدايةً للناس ولتوجيههم في أعمالهم وتصرفاتهم إلى أقوم سبيل.
ولقد جاء هذا العدد العاشر من مجلة المجمع، زاخرا بمادة علمية وفيرة، متضمنا دراسات قيمة لقضايا فقهية واقتصادية وطبية واجتماعية، يجد فيها الدارسون والباحثون- على اختلاف مشاربهم- ضالتهم المنشودة ورغبتهم في الاستزادة من العلم والمعرفة.
ومع صدور هذا العدد يصل عدد مجلدات المجمع إلى ثلاثين مجلدا، مما يشكل ثروة علمية تضاف إلى المكتبة الإسلامية الكبيرة؛ لتسهم في إنارة الطريق للأمة الإسلامية في حاضرها ومستقبلها. ولم يكن للمجمع أن يصل إلى أهدافه النبيلة لولا الدعم المتواصل الذي يلقاه من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وخصوصا من دولة المقر التي لا تألو جهدا في تقديم العون المادي والمعنوي لمنظمة المؤتمر الإسلامي وأجهزتها ومؤسساتها. فلحكومات هذه الدول آيات الشكر والعرفان.
وإنه ليحدوني في هذا المقام التقدم بالشكر الجزيل إلى فضيلة الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة، وإلى رئيس المجمع فضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، وإلى أسرة المجمع، وأصحاب الفضيلة العلماء والفقهاء والخبراء، لما يبذلونه من جهود في سبيل خدمة دينهم وأمتهم.
وأطلب بهذه المناسبة، أن يعمم العدد الجديد وما تيسر من الأعداد السابقة من مجلة المجمع على أوسع نطاق ممكن، داخل العالم الإسلامي وخارجه، كي يتم الانتفاع من محتويات المجلة الانتفاع المرجو- في المستوى الأكاديمي وغير الأكاديمي- ذلك أن مثل هذا التعميم من شأنه أن يقرب بين المسلمين ويزيد في جمع صفوفهم، كما أن من شأنه أن يعرف غير المسلمين خارج العالم الإسلامي بحقيقة ديننا الحنيف وآفاقه الرحبة.
أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن ينتفع به كل ذي حاجة إليه، وأن يلهمنا رشدنا ويمدنا بعونه للمضي قُدُمًا في خدمة ديننا الحنيف، وتحقيق النهضة لأمتنا الإسلامية المجيدة وتمكينها من مواجهة تحديات العصر.
الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي
د. عز الدين العراقي
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة المجمع
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبع هداه وترسم خطاه إلى يوم الدين، وبعد:
فقد دأب مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، منذ إنشائه، ومن خلال اجتماعات مكتب مجلسه وشعبه منفردة ومجتمعة، ولجانه العلمية كلجنة الموسوعة الفقهية الاقتصادية، ولجنة مَعْلَمَة القواعد الفقهية، على دراسة قضايا الأمة الإسلامية المستجدة والخروج منها بحلول عملية نابعة من الشريعة الإسلامية، وذلك بما هيأه الله تعالى له من ثلة كريمة من علماء الأمة وخبرائها المتخصصين في مجالات الفقه والاقتصاد الطب والاجتماع وغيرها
…
وقد انعقدت الدورة العاشرة لمجلس المجمع بمدينة جدة في الفترة من 23-28 صفر 1418/ 28 يونيو- 3 يوليو 1998، وتميزت بمشاركة أصحاب الفضيلة والسعادة أعضاء المجمع المنتدبين والمعينين، وجمع كبير من الباحثين والمفكرين المقتدرين والخبراء المتخصصين، وعدد من كبار الشخصيات الإسلامية الذين أسهم بعضهم بإلقاء كلمات في حفل الافتتاح.
وحظيت هذه الدورة بإشراف خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، حفظه الله تعالى وأمد في عمره، حيث تكرم رعاه الله بتكليف صاحب السمو الملكي الكريم الأمير سعود بن عبد المحسن أمير منطقة مكة المكرمة بالنيابة لتمثيله في حفل الافتتاح وإلقاء خطابه الشريف عنه. واعتبر المؤتمر الخطاب الملكي الكريم وثيقة رسمية لأعمال الدورة.
هذا، وقد بلغ مجموع الأبحاث التي شملها العرض والمناقشة واحداً وعشرين بحثا، تناولت معالجة الموضوعات التالية بمحاورها.
- الذبائح والطرق الشرعية في إنجاز الذكاة،
- المفطرات في مجال التداوي،
- الاستنساخ البشري وموقف الشريعة منه،
- العقود المستجدة ونماذج من تطبيقاتها،
- وبالإضافة إلى ذلك قام المؤتمر بدراسة توصيات ندوة طهران حول "دور المرأة في تنمية المجتمع الإسلامي " والتوصيات الصادرة عن الندوة الفقهية الطبية التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالتعاون مع مجمع الفقه الإسلامي وجهات أخرى في الدار البيضاء بالمملكة المغربية في الفترة من 9-12 صفر 1418/ 4 ا-17 يونيو 1997.
وبعد المناقشة والمداولة بين أصحاب الفضيلة والسعادة الأعضاء والخبراء والباحثين توصل المجمع - بتوفيق من الله - إلى اتخاذ القرارات والتوصيات المناسبة بشأن هذه المسائل المطروحة.
وإنه ليسعد المجمع أن يقدم هذا العدد من مجلته على الوجه العلمي الذي التزمه من قبل، فجاء زاخرا بحلول لجملة من القضايا المتنوعة الفقهية العبادية والمعاملات الاقتصادية وقضايا بيولوجية أثارتها البحوث العلمية والاكتشافات العصرية ويحتاج الناس إلى التعرف على حكم الله تعالى فيها، كقضية الاستنساخ البشري التي كثر الحديث فيها والتساؤل عن حكم الشرع منها.
ونرجو أن يجد الدارسون والباحثون ورجال القضاء والإفتاء وقراء المجلة عموما، فيما تضمنه هذا العدد من بحوث ومناقشات وقرارات الإجابة الشافية لاستفساراتهم، ونؤكد للجميع بهذه المناسبة عزمنا على الاستمرار في هذا العمل المجمعي الفقهي بكل ما في وسعنا من قوة للنهوض بمسؤوليتنا كاملة، وتخطي الصعاب إلى أن يتحقق الهدف الذي من أجله أنشئ هذا المجمع.
والله العلي القدير نسأل أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كلمة
خادم الحرمين الشريفين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين القائل:"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "..
أيها الإخوة الكرام
…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يشرفني أن أفتتح الدورة العاشرة للمجمع الفقهي الإسلامي نيابة عن مولاي خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز، وأرحب بكم في المملكة العربية السعودية.. وندعو لكم بالتوفيق والسداد
…
فإن الأمة الإسلامية، حكاما وشعوبا، يتطلعون إلى اجتماعاتكم الدورية؛ لأن قراراتكم تهم المسلم في دينه ودنياه.
أيها الإخوة الكرام:
إن عالم اليوم يعيش تقدما تكنولوجيا هائلا، ولا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن اكتشافات جديدة في شتى ألوان الحياة.. مما يتمخض عنه بعض القضايا التي لم تواجه أسلافنا من أعلام الفقه الإسلامي، مما يجعل حتمًا علينا فتح باب الاجتهاد الإسلامي، والذي لم يقفل قط في تاريخنا المضيء، وقد من الله علينا بعدد وفير من علمائنا المسلمين للاسترشاد بآرائهم في حل قضايا ومشاكل وهموم الأمة الإسلامية.
أيها الإخوة الأفاضل:
إن الفقه الإسلامي من أهم الأسس التي ساهمت في بناء الأمة الإسلامية وتكوين حضارتها وسد حاجاتها، وامتداد سلطانها وانطواء الشعوب المختلفة تحت لوائها، لأنه فقه يقوم على العدالة، ويصون الحقوق ويكفل الحريات، ويلائم الفطر السليمة، ويزيل الفوارق، ويساير التطور
…
فعالمنا الإسلامي اليوم يواجه أنواعًا جديدة من التحدي الحاقد من أناس لا تألو جهدا - متحدون أو منفصلون- للمساس بكرامة الإسلام وسماحته. وغزو أبنائه في عقيدتهم وأخلاقهم وسلوكياتهم.
وإنني أهيب بأعضاء المجمع الموقرين وبكافة علماء العالم الإسلامي أن لا يدخروا وسعا في سبيل تحقيق الأهداف الإسلامية والإنسانية العامة للمجمع.. كما يسرني أن أؤكد أن حكومة خادم الحرمين الشريفين - وكما هو معروف لدى الجميع- تؤيد أو تناصر دوما، وتعمل على كل ما فيه خير ورفعة وعزة الإسلام والمسلمين.
نسأل الله العلي القدير أن يوحد صفوفنا، وأن يجمع كلمتنا، ويوجه جهودنا إلى ما فيه رفعة الإسلام والمسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سمو الأمير سعود بن عبد المحسن
نائب أمير منطقة مكة المكرمة
كلمة
معالي الدكتور عز الدين العراقي
الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن،
أمير منطقة مكة المكرمة بالنيابة
أصحاب المعالي
أصحاب السماحة والفضيلة
أيها الجمع الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد؛ ففي مثل هذا الشهر من سنة 1983، وتنفيذا لقرار مؤتمر القمة الإسلامي الثالث، عقد المؤتمر التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة، وبذلك أصبحت فكرة إنشاء المجمع التي كانت حلماً يراود مخيلات أبناء الأمة الإسلامية حقيقة واقعة.
ونلتقي اليوم في حفل افتتاح الدورة العاشرة للمجمع؛ بعد أن انقضت أربع عشرة سنة على قيام هذه المؤسسة الحية النشيطة في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي.
وإنه ليسعدني أن أتوجه للمرة الأولى منذ أن تقلدت منصبي على رأس الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بكلمتي هذه إلى الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة.
وأرى من واجبي بادئ ذي بدء أن أشكر قادة هذه الأمة على ما فتئوا يخصون به مجمعنا من عناية، تتمثل في توجيه وفود رفيعة المستوى للمشاركة في اجتماعاته المتوالية؛ مما يدل على تقديرهم للمهمة السامية التي يضطلع بها المجمع.
وأود كذلك أن أرحب بوفود الدول الأعضاء في مجلس المجمع، داعياً العلي القدير بأن يكلل أعمال هذه الدورة الجديدة بالنجاح والتوفيق.
وأنتهز هذه المناسبة كي أتوجه إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بأصدق عبارات الشكر على ما يحظى به المجمع وكل المؤسسات العاملة في نطاق منظمة المؤتمر الإسلامي من دعم ورعاية ومساندة، كما أتوجه إلى مقامه السامي بعبارات التقدير والامتنان للاستضافة الكريمة التي شملت بها المملكة العربية السعودية هذه الدورة، داعياً الله تعالى بأن يجازيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
أيها الإخوة:
إن أهمية الفقه في مجتمعاتنا الإسلامية تظهر جلية في أنه يتناول بصورة مباشرة حياة الفرد والأسرة والمجتمع، كما يتناول العلاقات مع المجتمعات غير المسلمة. ولذا فإن مجمع الفقه الإسلامي منوط بمهمة جليلة؛ لأنه يتولى الاجتهاد فيما يجب الاجتهاد فيه، كما يتولى إصدار الفتاوى التي تناسب تطور الحياة اليومية، سنة بعد سنة بل يوماً بعد يوم. ويتولى أيضاً وضع دراسات وبحوث تمكن أولي الأمر وقادة الأمة من استحياء الأنظمة المناسبة للحياة اليومية في المجتمعات الإسلامية، مما يسهم في تحقيق التقارب والانسجام بين مجتمعاتنا، ويمهد بالتالي الطريق إلى تعزيز أسباب التضامن بيننا. ولا يخفى أننا نظرا لمقتضيات الحياة المعاصرة، ونظرا لمخلفات عهود التخلف والاستعمار الذي شتت صفوفنا وحاول التقليل من شأن شريعتنا؛ في حاجة إلى مثل هذا الاجتهاد والفتاوى أكثر من أي وقت مضى.
ولقد تابعت قبل تقلدي منصب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي نشاط هذه المؤسسة الإسلامية الرائدة، ووقفت على أهمية دورها في تبصير المسلمين بأمور دينهم ودنياهم، ولا سيما في قضايا هذا العصر الذي يمتاز بالتطور العلمي والتكنولوجي البالغ السرعة.
وأعتقد أن المجمع قد أحسن صنعا بالالتفات إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والطبية بصورة خاصة، كما التفت إلى دور المرأة في المجتمع، بجانب مشروعات علمية أخرى مثل: الموسوعة الفقهية الاقتصادية، ومَعْلَمَة القواعد الفقهية، وإحياء التراث.
والمجمع مدعو- شأنه شأن المؤسسات الإسلامية الأخرى- إلى بذل كل جهد ممكن للعمل على إبراز صورة الإسلام الحقيقية، والتصدي لمحاولات التشويه مهما كان مصدرها.
وكما نجح أجدادنا في رفع راية الإسلام بالإيمان والعمل، فلا شك في أننا قادرون على أن نحذو حذوهم، لنعيد إلى الإسلام مكانته على وجه البسيطة، لا سيما وأننا نمتلك إمكانات وطاقات وثروات لم يتوافر مثلها لأولئك الأجداد.
إن التحديات التي نواجهها اليوم تهدد مصير أمتنا؛ فالقدس مهددة تهديدا يتزايد يوما بعد يوم بالتهويد وبفقدان الهوية العربية الإسلامية، وفلسطين ما تزال القضية المزمنة الأولى التي لم تعرف بعد حلا، بينما تستمر معاناة أبناء الشعب الفلسطيني بسبب تمادى إسرائيل في تحدي القرارات الدولية والتوسع في إنشاء المستعمرات دون رادع.
ومهما يكن من أمر فمنظمة المؤتمر الإسلامي عاقدة العزم على أن تستمر في بذل قصارى جهدها للعمل على التوصل إلى تسويات ملائمة للقضايا التي تواجه أمتنا الإسلامية في شتى أنحاء العالم.
أيها الإخوة:
اسمحوا لي بأن أكرر شكري لمقام خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز، على رعايته أعمال هذه الدورة، كما رعى دورات خمس أخرى من قبل. وأسأل الله أن يمد في عمره، وأن يبقيه ذخرا لبلده ولأمته المجيدة.
ولا يفوتني أن أشكر كذلك صاحب الفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رئيس مجلس المجمع على تفانيه منذ إنشاء هذه المؤسسة في الارتقاء بمستوى إنجازاتها. كما لا يفوتني أن أنوه بالجهود المتواصلة التي ما فتئ سماحة الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي يبذلها بدأب ونشاط كي يجعل هذه المؤسسة أداة أكثر فعالية في خدمة قضايا الإسلام، وفي مستوى تطلعات هذه الأمة. وليجازهما الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأحسنه.
والشكر أيضاً للسادة أعضاء المجلس وإلى خبراء المجمع على جهودهم المستمرة في خدمة هذه المؤسسة.
وفقنا الله جميعا إلى ما فيه صلاح أمرنا، وكلل أعمالنا بالنجاح.
كلمة
معالي الدكتور عبد الله بن صالح العبيد
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن
صاحب الفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد
صاحب لفضيلة الشيخ الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة
أيها الإخوة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد؛
فإنه من دواعي سروري أن أتشرف بالمشاركة مع إخواني أصحاب المعالي والفضيلة أعضاء المجمع الفقهي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الذي ينعقد لمناقشة ما يهم المسلمين من موضوعات مطروحة للبحث في هذا اللقاء المبارك.
أيها الجمع الكريم:
لا يخفى على الجميع ما يواجهه المسلمون في هذا العصر من تحديات ومشكلات، وما تتعرض له الأمة الإسلامية من غزو يهدد كيانها، ويقوض معالمها، ويفكك عرى الإيمان والإسلام في صفوف أبنائها، وهي تحديات تجاوزت عبور الخطوط البرية والبحرية والجوية إلى خطوط فضائية؛ تجاوزت حدود الأرض والعرض وما يباح وما لا يستباح، ولا شك أن مواجهة هذه التحديات لا تتوقف على جهة دون أخرى، أو تنحصر في مسؤولية جهة دون غيرها، فقد تجاوزت هذه التحديات حدود السلطات والمؤسسات، وبدأت تتعامل مع الأفراد مباشرة، وداخل البيت الواحد، وهي عودة بالإنسان إلى تجاوز السلطات والمرجعيات التنظيمية والتقليدية، وعلى قدر هذا الخطر علينا أن نواجه المسؤولية. ومع أن الحركة العلمية الإسلامية خلال الأربعين عاما الماضية قد بشرت بالخير الكثير، فقد قام العديد من الجامعات والمجامع والمراكز والمجالس والهيئات والمنظمات في الدول الإسلامية، ومع أنه عمل لا يستكثر، فإنه يحتاج إلى المزيد من المعالجات الشرعية، وهي مهام المجامع الفقهية وهيئات ومجالس الإفتاء التي تضم الكثيرين من خيار هذه الأمة، من الذين ندبوا أنفسهم للدعوة إلى الخير وقول كلمة الحق بما أوتوا من كتاب الله، وما يترتب على هذا الإتيان من بيان وعدم كتمان.
أيها الجمع الكريم:
يسرني أن أنوه بما قام به هذا المجمع خلال الفترة القصيرة منذ تأسيسه، وبما قام به من بحوث علمية وما صدر عنه من قرارات وتوصيات. كما يسرني أن أشيد بما يقوم به هذا المجمع، وما يقوم به المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة؛ من جهود موفقة في البحث للوصول إلى فتاوى جماعية يطمئن إليها المسلمون في كل مكان، فقد لقيت جهودهما- ولله الحمد- القبول لدى المسلمين في أرض الله الواسعة، كما حظيت بالدعم والتأييد من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، حفظه الله، التي تستضيف مشكورة كلا من المجمعين، وتدعمهما مادياً ومعنوياً في إطار خدماتها العظيمة في سبيل الإسلام والمسلمين. فجزى الله خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة خير الجزاء، وأثابهما على ذلك أجزل الثواب.
وإن الرابطة لتتطلع إلى المزيد من التنسيق بين المجمعين وغيرهما من الهيئات المماثلة، حيث بدأت تتسع فكرة إنشاء مجالس الإفتاء في مجتمعات الأقليات والجاليات الإسلامية في غير البلاد الإسلامية دون التنسيق المباشر مع علماء الأمة وهيئاتها المتخصصة، وهي مسؤولية ينبغي ألا تكون غائبة عن هذا المجلس الموقر، كما أن التعامل والاتصال مع الهيئات والمنظمات الدينية والمذهبية والفكرية غير الإسلامية؛ أصبح من الأمور التي تحتاج إلى ضبط من قبل المجامع الفقهية، حيث أصبحت حائرة بين الاندفاع والتوقف، وأضحت بحاجة إلى أن تقوم المجامع والهيئات العلمية الإسلامية بهذه المهمة، لأن الاتصال والتعامل أمر قائم ولا بد منه، ولأن تقوم المجامع بهذا خير من أن يترك لحماس ومواقف الجهات الإدارية في الهيئات والمنظمات الإسلامية.
كما تتطلع الرابطة من مجلسكم الموقر إلى حث الدول الإسلامية بصفة مستمرة للأخذ بقراراته وتوصياته، كما أهيب بهذا المجلس الوقوف بحزم أمام محاولات فرض عقوبات دولية على الدول التي تطبق الأحكام الشرعية الإسلامية، حيث إن مجلسكم يمثل الدول الإسلامية بصفة رسمية.
وختاما لا يسعني إلا أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير للقائمين على هذا المجمع الموقر، وعلى رأسهم فضيلة الرئيس د. بكر أبو زيد، وفضيلة الأمين العام د. محمد الحبيب ابن الخوجة، وأعضاء المجلس الكرام، وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لخدمة دينه وإعلاء كلمته، وأسأله سبحانه كما جمعنا لخدمة دينه أن يجمعنا في دار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة
معالي الدكتور أحمد محمد علي
رئيس البنك الإسلامي للتنمية
صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود، أمير منطقة مكة المكرمة بالنيابة.
أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي والسعادة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده سبحانه وأشكره على عظيم آلائه وجزيل نعمائه، وأسأله سبحانه المزيد من فضله وتوفيقه، وأصلي وأسلم على خاتم النبيين والمرسلين نبي الهدى والرحمة، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين.
صاحب السمو الملكي:
إن تشريف سموكم في حفل افتتاح هذه الدورة للمجمع نائبا عن خادم الحرمين الشريفين لهي لفتة كريمة تترجم مدى الاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله- لهذا المجمع منذ نشأته، حيث شرف بنفسه أول اجتماع للمجمع بمكة المكرمة، وإنه لاهتمام نابع من بعد الرؤية، ونفاذ البصيرة، وحرص لا ينفك على جمع كلمة الأمة، واهتدائها بالكتاب والسنة، واستلهام الشريعة في إيجاد الحلول الشرعية لكل ما يواجه المسلمين في شؤون حياتهم.
وإنه لشرف عظيم أن أنوب عن البنك الإسلامي للتنمية في التعبير لحضراتكم عن خالص الشكر والامتنان للمساعدات القيمة التي ما فتئ المجمع يسديها في نطاق اهتمامه المتواصل بأمور البنك الإسلامي للتنمية وأساليب عمله. فلقد حظي البنك بحمد الله بتوجيهات قيمة خاصة بعملياته، وبأخرى عامة تناولت دراسة عدد من التطورات التي شهدها هذا العصر، والمعاملات التي نشأت في ظل هذه التطورات، فجاءت قرارات المجمع المبينة هدى لمن أراد تطبيق مبادئ الدين الحنيف.
وإذا كانت تلك الإسهامات الجليلة قد أعانت بصورة مباشرة في توجيه عمليات البنك. فهو مستمد منها المزيد، في نطاق حرص البنك الأكيد على التقيد باتفاقية تأسيسه في إلزامها بخضوع جميع عمليات البنك لأحكام الشريعة الغراء، لذا فإن البنك يأخذ بتوجيهات المجمع، معتبرا إياه لسان حال إجماع الأمة في هذا العصر.
صاحب السمو الملكي:
أصحاب السماحة والفضيلة:
يسعد البنك أن يتعاون مع المجمع الموقر في مواجهة مسؤولياته الكبيرة حيال التحديات التي يلاقيها المسلمون اليوم من جراء اختلاف الكلمة، والصراعات القبلية، والتخلف الاقتصادي، وارتفاع نسبة الأمية، وغير ذلك مما ابتليت به الأمة في هذا العصر.
وإن الأمل وطيد في أن تعين جهودكم المتواصلة على شد عضد أمة القران، أمة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] ، وهي تواجه التطور العالمي السريع الناتج عن الاكتشافات العلمية المتلاحقة والتقدم التكنولوجي المذهل، وما يتطلبه ذلك من تجميع طاقات الأمة من أجل تحقيق المستوى العلمي والتكنولوجي اللائق بها، والحتمي لنهوضها وتقدمها، وتوحيد نظرة المسلمين إزاء التحديات والحفاظ على الهوية، وعلى القيم الخالدة الإسلامية التي يهددها الطغيان المادي المستشري في هذا العصر.
ولقد استجد صنف من التحديات جدير بعناية خاصة، بما يفرضه من حشد الطاقات من أجل تعزيز التعاون والتضامن، أعني بذلك العولمة الاقتصادية والتجارية عن طريق ما يسمى بمنظمة التجارة العالمية، وكذلك العولمة الثقافية والحضارية عن طريق الفضائيات، فالعولمة بوسائلها المختلفة حولت كوكبنا الأرضي إلى قرية واحدة يتم فيها تبادل السلع والأفكار والقيم والمبادئ محكومة بقانون الأقوى وشريعة الغاب.
فكم هي الجهود التي يتعين على المجمع بذلها- جهازا وأفرادا-لدرء المخاطر التي تهددنا بها القوى المادية الغربية بسيطرتها على الإعلام ووسائل الاتصال، وما يسمى بالمنظمات الدولية.
وانطلاقاً من وعي البنك بعظم التحدي، فهو على استعداد كامل لإسداء كل ما في وسعه من أجل دعم جهودكم الفردية والجماعية لمواجهة هذه التحديات الكبرى التي سيكون لها بالغ الأثر في مستقبل الأمة، وتهدد حفظ هويتها والتميز بمقوماتها وبمقدساتها.
صاحب السمو الملكي:
أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي:
إنه ليسرني أن أزف إلى المجمع الكريم بشرى إنجاز النسخة التجريبية من مشروع المكنز الشامل للفقه والأصول والآداب الشرعية، وتتضمن النسخة التجريبية التي أنجزت في نطاق التعاون بين وزارة الأوقاف الكويتية والبنك الإسلامي للتنمية عشرة من الكتب المعتمدة، وحملت في قرص ممغنط، وسيكتمل إدخال بقية الكتب المئة التي تستوعب عددا من المذاهب الفقهية في غضون خمسة أشهر بإذنه تعالى.
وسيتيح هذا المكنز للمجمع وباحثيه الاستفادة من هذه المصادر الفقهية عبر دليل ميسر للوصول إلى نحو تسعمائة ألف عنوان من عناوين المسائل الجزئية.
وباعتبار أن هذا المكنز مستوعب لنصوص أمهات الكتب الفقهية وتحليلها الموضوعي، فهو يتيح أقصى استفادة من الحاسب الآلي، ويوفر جهد العلماء ووقتهم إلى درجة كبيرة.
كما يؤمل أن يعين هذا المكنز الخبراء الاقتصاديين وسائر ذوي الاختصاص في فروع المعرفة المهتمين بصلة الفقه بتخصصاتهم، حيث يسهمون في بحث الحكم الشرعي إزاءها.
ويسعد البنك أن يعمل معكم في تكملة منافع هذا المكنز بدعم إنجاز مشروع أمانة المجمع بإنشاء معلمة وافية للقواعد الفقهية، متكاملة مع المكنز، وشاملة للضوابط والفوائد والأشباه والنظائر والفروق، وربط الأدلة بالأحكام الفقهية.
وسيتيح البنك الإسلامي للتنمية مخاطبة قاعدة المعلومات الفقهية المذكورة عن طريق شبكة معلوماته، وذلك ضمن قواعد البيانات التي توفرها شبكة معلومات الدول الإسلامية لمراكز البحوث في الدول الأعضاء.
صاحب السمو الملكي:
أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي:
إنه ليسعدني أن أجدد لسموكم الكريم عبارات الشكر على افتتاح هذا المؤتمر، كما يسرني أن أعبر عن صادق التقدير لمعالي الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد رئيس مجلس المجمع، ولسماحة الشيخ محمد الحبيب أبن الخوجة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي ، على حرصهم الدائب على تطوير أعمال المجمع.
وأتوجه إلى العلي القدير أن يسدد خطا مجلسكم الموقر لكل ما فيه خدمة الأمة للسير على هدي القرآن والسنة المطهرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة
معالي رئيس مجلس المجمع
فضيلة الدكتور بكر بن عبد أبو زيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والشكر له على ما أولانا وهدانا لعقد الدورة العاشرة لمجمع الفقه الإسلامي على أرض المملكة العربية السعودية في ضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، أجزل الله مثوبته، وأيده، ونصره ونصر به الحق، آمين. وتشريفه- حفظه الله- لافتتاح هذا المؤتمر في دورته العاشرة بنيابة صاحب السمو الملكي الأمير الموفق المسدد سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود نائب أمير منطقة الحرم الحرام وفقه الله لكل خير ونصر به الحق، آمين.
ويأتي هذا المؤتمر العاشر في دورة المجمع العاشرة على تمام عشر دورات مضت؛ أربع منها عقدت في أقطار أربعة من العالم الإسلامي، في المملكة الأردنية الهاشمية، وفي دولة الكويت، وفي سلطنة بروناي دار السلام، وفي أبو ظبي، وست دورات منها عقدت على أرض المملكة العربية السعودية في ضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود- أيده الله- وليس ذلك غريبا على مقامه الكريم، وهو يحتضن الفقهية الإسلامية محليا ودوليا، ويدعمها ماديا ومعنويا، فجزاه الله خير الجزاء، ووفقه وولي عهده وسائر أعوانه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، إنه على كل شيء قدير.
صاحب السمو الملكي
الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود
صاحب المعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي
الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة
صاحب المعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
الشيخ عبد الله بن صالح العبيد
صاحب المعالي رئيس البنك الإسلامي للتنمية
الدكتور أحمد محمد علي
أصحاب السماحة والمعالي والفضيلة
رجال المجمع أعضاءه وخبراءه وباحثيه.
تَحَدُّثًا بنعمة الله- تعالى- على هذه البلاد وعلى سائر بلاد العالم الإسلامي وجود هذا المجمع الذي أثرى الحياة العلمية بجوانب متعددة منها ما يزيد عن أربعمائة بحث أنتجت نحو مئة قرار في مختلف القضايا الفقهية، في أمل من آمال الأمة تزف به عاجل البشرى إلى المسلمين في علاج داء من أدوائها لتمسح عن الأمة عن محيا وجهها بعض ما ألَمَّ بها في بعض من قضاياها، لإخراجها من عنوستها والبحث عن الحلول والبدائل لها، كل هذه تجري - بحمد الله- على قال الله تعالى، قال رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قال التابعون لهم بإحسان المستضيئون بنور السنة والقران.
ولهذا، فهذا المجمع بحمد الله- وليس معصوما- لا مجال فيه للفتاوى الطائرة، التي تسلق فيها الفتاوى من غير بحث ولا روية ولا سداد رأي، ولا مجال فيه للفتاوى المغتصبة التي ينابذ فيه الإسلام ،ويهرع فيها إلى القول الشاذ، ولا مجال فيه إلى العود على قراراته بالنكث بعد الإبرام. هذه مسيرة مشى عليها المجمع، ولهذا اكتسبت قراراته الثقة في العالم الإسلامي على مستويات متعددة.
صاحب السمو الملكي:
أيها الجمع الكريم:
أبدي خالص الشكر والتقدير لجميع أعضاء هذا المجمع ورجاله وباحثيه وخبرائه والعاملين فيه، وفي مقدمتهم معالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة على ما أولاه ويوليه من تتبع دقيق لسير العمل في أمانة هذا المجمع، وحتى بلغت دوراته عشرا في عمره الذي بلغ نحو أربعة عشر عاما، وإنما النسيء هنا زيادة في الخير، والله يحفظنا وإياكم بالإسلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة
معالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة.
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمدك اللهم ونشكرك، ونثني عليك ونذكرك، ونستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك ولا نكفرك، ونصلي ونسلم على محمد عبدك ونبيك ورسولك ومصطفاك، الداعي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، وعلى آله وصحبه.
حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن نائب أمير منطقة مكة المكرمة.
حضرة صاحب السعادة السفير الأستاذ محمد صالح الزعيمي
ممثل صاحب المعالي الدكتور عز الدين العراقي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
حضرة صاحب المعالي الدكتور عبد الله بن صالح العبيد
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي.
حضرة صاحب المعالي الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية.
حضرة صاحب السماحة الشيخ الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد رئيس مجلس المجمع.
حضرات أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي والسعادة.
حضرات ضيوفنا الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد:
باعد ما بين دورتينا الدورة التاسعة دورة أبو ظبي، ودورتنا الحالية العاشرة دورة جدة - عروس المملكة العربية السعودية، وبوابة الحرمين الشريفين - شملنا من جديد على بركة الله في هذه الدورة في نهاية شهرنا هذا شهر صفر الخير 1418. والأيام مهما طالت والشهور مهما تعددت وتوالت، لا يفت انصرامها في ساعد الجد، ولا تلحق بمجمعكم الموقر مللا ولا فتورا ولا وهنا، بل هي بحمد الله لا تزيد العاملين في رحابه والمنتسبين إليه إلا حماسا ومضاء وعزما.
ودعما لهذه المسيرة، وحرصا على استمرارية الاجتهاد في القضايا المطروحة على الأمة جمعاء وعلى الإنسانية في هذا العصر، تجلت من جديد الرعاية السابغة والعناية البالغة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، حفظه الله بألطافه، وأمد في عمره وأيده ونصره، فأشرف على افتتاح الدورة العاشرة بتكليف صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن نائب أمير منطقة مكة المكرمة بإلقاء خطابه الشريف عنه، وقدم للمجمع كعادته منحة سنية تعينه على عقد مؤتمره، وتقديم ما لديه من بحوث ودراسات وقرارات وتوصيات ينتفع بها عامة المسلمين، بإذن الله، في شتى الميادين ومختلف مجالات الحياة.. وذلك شأن خادم الحرمين الشريفين- رعاه الله- مع سائر المؤسسات الإسلامية في أطراف العالم، حتى لقد أصبح لسانها مفضيا بما تكنه للمقام السامي من عرفان وامتنان، ومترجما عن بالغ تقديرها لجهوده في هذه السبيل، قائلا:
يا قوام الدين قدها صعبة
لم تكن تتبع من قبل الزماما
أنت فينا هضبة الله التي
زادها قرع المقادير التئاما
ويد للدهر موهوب لها
إن أساء الدهر يوما أو ألاما
كل يوم نعم مشفوعة
لاحقات وتوال وقدامى
ولقد قطعنا المدة الفاصلة بين المؤتمرين، التي نحسبها طويلة، باجتماعات مفيدة ولقاءات مشهودة في أعمال جد نافعة، وبحوث ودراسات متنوعة هامة ومعتبرة، لها- إن شاء الله- بعيد الأثر في التنظيم والترتيب عن طريق شعبة التخطيط، وفي العطاء والبذل في مجالات النظر والفكر والاجتماع والسياسة، مما له مساس أو علاقة بالواقعات والتطورات وسير الأحداث في المجتمع العربي والإسلامي وفي سائر بلاد العالم.
وتتضح هذه الجهود باستعراض المحاور التي قامت عليها، والاهتمامات التي صرفت فيها، والأعمال التي حرص المجمع على الإعداد لها والوفاء بإنجازها.
وأول هذه المحاور الموسوعة الفقهية التي تناول فيها المجمع في اللجنة الخاصة بها؛ دراسة وبحث ثمانية وعشرين موضوعا من موضوعات الاقتصاد وفقه المعاملات في شكليهما المرجعي الثابت، والمستجد المتطور. وقد وزعت هذه الموضوعات التي لا نطيل بذكرها كلها على زمر ثلاث، تناولت الأولى منها الصرف وبيع الذهب، والاعتمادات المستندية، والحوالات المصرفية، والاستثمار في الأسهم، وعائد الاستثمار، وأذونات الخزانة، واقتطاع الاحتياطيات، وتوزيع الأرباح على المساهمين، وعقد التوريد. وقد تم في جميعها الاستكتاب والمراجعة للبحوث، وأقر منها للنشر بحث اقتصادي في الحوالات المصرفية، ومثله في الاعتمادات المستندية، وثالث في الاستثمار في الأسهم، وبحث شرعي اقتصادي في عقد التوريد. ولن نشرع في طبع هذه البحوث الموسوعية بإذن الله حتى نكون قد وفينا بمراجعة بحث الزمرة الثانية التي تعد قدرا مساويا لموضوعات الزمرة الأولى. وعينا للزمرة الثالثة وهي عشرة موضوعات- ضبطنا محاورها، وناقشناها بين أفراد لجنة الموسوعة- من سيعالجها من الباحثين الأخصائيين.
أما المحور الثاني فهو جمع القواعد الشرعية العامة والمقاصد، والضوابط والقواعد الأصولية. وهذا الموضوع الهام المتميز الذي سيساعد على التفقه، وعلى دراية أدق وأوسع بموضوعات الفقه، فروعه ووسائله، في مختلف المذاهب، ويعين على الفتوى، وعلى تطبيق الأحكام على مناطاتها، والاهتداء إلى حكم الله في يسر في القضايا المستجدة والمعقدة؛ هو موضوع المعلمة الفقهية، التي يشارك الآن في إعدادها ثمانية عشر فقيهاً أصولياً. وقد تم استمداد تلك القواعد والمقاصد وما جرى مجراها من المبسوط للسرخسي، ومن الأم للشافعي، ومن كشاف القناع للبهوتي، ومن المغني لابن قدامة، ومن مقدمات وفتاوى ابن رشد الجد، ومن البيان والتحصيل له، ومن إيضاح المسالك. وبقي بين أيدي الباحثين والدارسين أكثر من أربعين مصنفاً حددت الآجال للحصول على نتائج النظر فيها، لنتمكن بعد مراجعتها من تكوين لجنة من أصحاب الاختصاص تتولى ضبط هذه الأعمال في جملتها، وترتيبها على أكمل وجه يتم به إنشاء المعلمة، ومحاولة تخزينها في الحاسوب، فينتفع الخاص والعام بالإفادة منها تعريفا وتفسيرا، والوقوف على التراث الفقهي الإسلامي في أدق مميزاته، والإطلاع على فلسفة التشريع الإسلامي في مختلف قضايا الفقه وأبوابه.
وأما المحور الثالث فهو عبارة عن الندوات الأربع التي عقدها المجمع هنا بجدة، وبكوالالمبور بماليزيا، وبالدار البيضاء بالمغرب:
الندوة الأولى: كانت حول التضخم، أقيمت بالاشتراك بين مجمع الفقه الإسلامي بجدة ومصرف فيصل الإسلامي بالبحرين، وقد أنجز منها حلقتا عمل؛ الأولى بجدة 28- 7/29/ 1416 هـ (20- 21/ 12/ 1995 م) ودارت بحوثها حول التضخم النقدي: مسبباته، أنواعه، آثاره. والثانية بكوالالمبور 20- 21/ 2/ 1417 هـ (6- 7/ 7/ 1996 م) وتناولت بالبحث التضخم وآثاره على المجتمعات.
الندوة الثانية: حول حقوق الإنسان. عقدت بجدة بين الثامن والعاشر من محرم 1417هـ/ 25- 27 مايو 1996م. وهي متعددة المحاور:
تناول الأول منها: المحور التاريخي: حصر ودراسة حقوق الإنسان.
وتناول الثاني: النظرة التحليلية لحقوق الإنسان.
والثالث: تطور النظرة لحقوق الإنسان.
والرابع: التطلعات المعاصرة والمستقبلية لحقوق الإنسان.
وقد قدم لهذه الندوة ثلاثة عشر بحثا، واستعرض فيها إعلان القاهرة، وتوصيات ندوة الخبراء حول دور المرأة في تنمية المجتمع الإسلامي.
كما جمعت كل الدراسات وما تبعها من مناقشات وما صدر عن الندوة من توصيات إعدادا لطبعها في أقرب فرصة ممكنة.
الندوة الثالثة: جمعت المستكتبين والأخصائيين في فن القواعد فيما بين 23- 25 شعبان 1417هـ/ 4- 6 يناير 1997م. استعرض فيها ما أنجز من أعمال، ودار بين أعضائها نقاش ممتع ومفيد، كما صدرت عنها توصيات لتوجيه بعض الأعمال المعينة، وما سيستكتب فيه من موضوعات جديدة.
الندوة الرابعة: عقدها المجمع بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت في منتصف هذا الشهر بين 14-17 يونيو 1997م بالدار البيضاء. وتناولت القضايا المستجدة والعبادية منظورا إليها من وجهات النظر الحكمي الطبي، ومن خلال آراء الفقهاء المبنية على التفاصيل المعروضة والحقائق العلمية التي دلت عليها الدراسات المتخصصة والبحوث. وقد تناول البحث جملة من القضايا التي سيطرح بعضها في مؤتمرنا هذا، وهي: الاستنساخ، والمفطرات، والمواد الإضافية في الغذاء والدواء، والاستحالة وضوابطها الشرعية.
ويمكن أن نضيف، بحمد الله، إلى هذه الإنجازات الكريمة إصدارات جديدة للمجمع، تتمثل في مؤلفين جليلين من تأليف وتحقيق سماحة الدكتور الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، حفظه الله، الأول منهما (المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل وتخريجات الأصحاب) ويقع في جزئين، والثاني تحقيق لكتاب (بلغة الساغب وبغية الراغب) للفخر ابن تيمية.
وإنا بعد هذا العرض لجملة من نشاطات المجمع التي ملأت ما بين المؤتمرين التاسع والعاشر لنلفت نظر حضراتكم إلى طبيعة الموضوعات الجديدة المطروحة على هذه الدورة.
فمنها الشرعي الفقهي العبادي مثل الذبائح والطرق الشرعية للذكاة، وهي القضية التي مازال أهلونا من الجاليات الإسلامية بأوروبا وغيرها يلقون العنت لاختلاف السبل فيها، فيسائلون ويستفتون، ويتطلعون إلى حسم يزيل اللبس ويملأ النفوس طمأنينة.
ومنها المفطرات التي تزداد مع الأيام تعقيدا لما لها من علاقة وارتباط بأحوال المرضى وبطرق العلاج، فاحتاجت إلى مزيد من الدرس والتشاور مع أهل الذكر لتطبيق الأحكام الشرعية على الوجه المطلوب في ركن من أركان الدين وشعيرة من شعائر المسلمين.
ومنها مستجدات علمية وابتكارات ثورية كقضية الاستنساخ، وهي قضية الساعة التي أثارتها البحوث البيولوجية والاختراعات في مجال الهندسة الوراثية، ودفعت بالناس عامتهم وخاصتهم إلى التساؤل عنها، والرجم بالغيب فيها، وإبداء الرأي حولها، وهي تتطلب قبل كل شيء تجلية مواقف العلماء منها بما يكشف عن حقيقتها، ويرشد إلى منافعها، وينبه على مضارها، فيسلك الفقهاء فيها مسلكا ينسجم مع التقدم العلمي، ويسير على الهدي الديني يزن الاستنساخ بميزان الشرع.
وموضوع العقود المستجدة وبيان ضوابطها، والتعريف بما يبرم من عقود منها، وهو موضوع اقتصادي معقد يتصل بواقعنا اليومي، فيحتاج من الفقهاء إلى إخضاعها لأحكام المعاملات في الإسلام مع توقي المحاذير، واجتناب المنهيات، والحرص على تحقيق المقاصد الشرعية ورعاية المصالح المعتبرة.
ولعلنا بعون الله وتوفيقه نضيف من نتائج هذه البحوث المعروضة في القضايا المطروحة، إلى ما توصلنا إليه من مكاسب وتحقيقات وأحكام صدرت بها عن المجمع قراراته وتوصياته السابقة، ما يزداد به النفع وتكمل به الفائدة للأمة قاطبة.
وفي ختام هذه الكلمة أغتنم فرصة افتتاح الدورة العاشرة لمجلسكم الموقر لأزجي الشكر مجددا لحضرة صاحب السمو الملكي على تفضله بتشريف هذا الاجتماع، وللتنويه بجهود معالي الدكتور عز الدين العراقي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي على ما يبديه من رعاية كريمة ومساندة قيمة للمجمع.
ولا أغفل عن الإشادة بالتعاون العلمي الكبير القائم بين مجمعنا ومعهد البحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، ومع المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت، ومصرف فيصل الإسلامي بالبحرين. وإني لأشكر لسماحة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد تجاوبه مع الأمانة العامة للمجمع، ودعمه ورعايته لمشاريعنا العلمية وأنشطتنا المجمعية، ولا أنسى أحدا من الشيوخ الفقهاء الأجلاء، والأساتذة العلماء الألباء، من أعضاء المجمع وخبرائه والاقتصاديين والأطباء، الذين يلتقون جميعهم في رحاب هذه المؤسسة في كل دورة على إيمان وهدى، وعلم وحكمة، وروية ودراية، واجتهاد وعمل صالح.
فما شئت من داع إلى الله مسمع
ومن ناصر للحق ماضي الضرائب
هم استخدموا الأملاك عزا وأرهفوا
بصائرهم بعد الردي والمعاطب
تساموا إلى العز الممنع وارتقوا
من المجد أنشاز الذرى والغوارب
على إرث مجد الأولين تعلقوا
ذوائب أعناق العلى والمناصب
فهنيئا لنا بكم، وطوبى لنا باجتماعكم. وحللتم أهلا ونزلتم سهلا، والله يسدد خطانا وخطاكم، ويمدنا ويمدكم بعونه وتوفيقه. نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.