الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التداوي والمفطرات
إعداد
الدكتور حسان شمسي باشا
رئيس قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد
استشاري أمراض القلب
عضو الكليات الملكية للأطباء الداخليين في بريطانيا
عضو الكليات الملكية للأطباء الداخليين في إيرالندا
بسم الله الرحمن الرحيم
مع إطلالة كل رمضان تكثر الأسئلة حول قضية المفطرات ، وتزدحم الصحف والمجلات بالأسئلة حول ما يفطر وما لا يفطر من دواء أو علاج ، ولا شك أن هذا الموضوع يمس الكثير من المسلمين، فقد يكون أحدهم مريضًا أو قريبًا لمريض.
وقد كثرت الآراء حول قضية التداوي والمفطرات، وحار كثير من المرضى فيما يأخذون من آراء. ولهذا فقد عقد المجمع الفقهي الإسلامي - جزى الله المسؤولين عنه وأعضاءه العاملين خير الجزاء - العزم على بحث موضوع المفطرات، والخروج منه بتوصيات محددة تزيل كل إشكال والتباس.
وكما يقول فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي: " فلقد توسع الفقهاء رضي الله عنهم في أمر المفطرات توسعًا ما أظنه خطر ببال أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، الذين شاهدوا التنزيل وفهموا عن الله ورسوله، فأحسنوا الفهم والتزموا فأحسنوا الالتزام.
تقرأ في كتب الحنفية فتجد ما يقرب من ستين مفطرًا من المفطرات، ومثل ذلك أو قريبًا منه في المذاهب الأخرى، وملؤوا مساحات واسعة من كتب الفقه، وشغلوا مثلها من تفكير المسلمين واهتماماتهم، وأصبحت معرفة هذه المفطرات الكثيرة الغزيرة الشغل الشاغل للصائمين ولأهل الفتوى في كل رمضان، وازدحمت المجلات والصحب والإذاعات والمساجد بالأسئلة والأجوبة حول المفطرات. وبها بعد الدين عن يسره وفطريته، وأصبح شيئًا معقدًا يحتاج إلى دراسة مطولة لكل عبادة من العبادات حتى يعرف مداخلها ومخارجها وأركانها وشروطها، والواقع أن جل ما يقال في هذا المجال مما لم يدل عليه محكم قرآن ولا صحيح سنة، ولا إجماع أمة، إنما هي اجتهادات يؤخذ منها ويترك، وآراء بشر. ويجب أن تُحاكم وترد إلى النصوص الأصلية والقواعد الشرعية والمقاصد الكلية ". (1)
ولا بد في البداية من تعريف المقصود بالصوم الشرعي، وما هي المفطرات في مجال التشخيص والتداوي والعلاج.
(1)(فقه الصيام) د. يوسف القرضاوي، طبعة مؤسسة الرسالة، 1990 م، ص 93 - 94
الصوم الشرعي:
الصوم الشرعي: هو إمساك وامتناع إرادي عن الطعام والشراب ومباشرة النساء وما في حكمها خلال يوم كامل - أي من تبين الفجر إلى غروب الشمس - بنيَّة الامتثال والتقرب إلى الله تبارك وتعالى. والدليل على أن الصيام الشرعي هو الإمساك عن الشهوتين قوله تعالى في بيان أحكام الصيام في سورة البقرة: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] .
يؤكد ذلك من الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: ((كل عمل ابن آدم له، قال تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشهوته من أجلي)) . (1)
وفي بعض روايات الحديث: ((يدع طعامه من أجلي، ويدع شرابه من أجلي، ويدع شهوته من أجلي، ويدع زوجته من أجلي)) . (2)
" ويتضح من هذه النصوص أن هذه الأشياء الثلاثة المحددة هي التي منع منها الصائمون، ويدخل في حكم الأكل والشرب كل ما يتناول قصدًا بالفم، ويصل إلى المعدة وإن لم يكن مشتهى ولا متلذذًا به، مثل الأدوية التي تتناول بالفم شربًا أو امتصاصًا أو ابتلاعًا، وهذا أمر مجمع عليه. وإذا كان المسلم في حاجة حقيقية إلى شيء من هذه الأدوية فهو مريض يسعه أن يفطر بإذن الشارع نفسه، ولا حرج عليه ولا جناح.
والمراد بما في حكم الطعام والشراب: " الشهوات التي اعتادها بعض الناس وإن لم تكن طعامًا أو شرابًا، مثل التدخين الذي يراه المبتلون به أهم من الأكل والشرب، فهو ممنوع في الصوم سواء عن طريق السيجارة أو الشيشة أو المضغ أو النشوق أو غيرها، وهذا بإجماع علماء المسلمين في أقطار الأرض، لأنه من أشد الشهوات التي يجب فطام الأنفس عنها في الصيام. وأشد منه وأبلغ في المنع تناول المخدرات المحرمة أشد التحريم، مثل الحشيش والأفيون والهيروين والكوكايين ونحوه، وإن أخذت بطريق الشم أو الحقن أو أي طريق كان ". (3)
(1) متفق عليه.
(2)
رواه ابن خزيمة في صحيحه.
(3)
فقه الصيام، للدكتور يوسف القرضاوي.
وفي اعتقادي أنه يجب استبعاد التدخين من موضوع التداوي منذ البداية؛ لأن التدخين ليس دواء بل إنه الداء بعينه، ولا ينبغي أن ينطبق عليه أي حكم من أحكام المداواة والمفطرات.
وقال ابن حزم: " لا ينقض الصوم حقنة (1) ولا سعوط (نشوق) ولا تقطير في أذن أو في إحليل أو في أنف، ولا استنشاق وإن بلغ الحلق ولا مضمضة دخلت الحلق من غير تعمد، ولا كحل وإن بلغ إلى الحلق نهارًا أو ليلًا بعقاقير أو غيرها ولا غبار طحن، أو غربلة دقيق أو حناء أو عطر أو حنظل، أو أي شيء كان، ولا ذباب دخل الحلق بغلبة
…
إلخ " (2) واستدل ابن حزم لما ذهب إليه فقال: " إنما نهانا الله في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القيء والمعاصي ، وما علمنا أكلًا ولا شرابًا يكون في دبر أو إحليل أو أذن أو عين أو أنف، أو من جرح في البطن أو الرأس، وما نهينا قط عن أن نوصل إلى الجوف بغير الأكل والشرب - ما لم يحرم علينا إيصاله ". (3)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الكحل والحقنة والتقطير في الإحليل ووصول الدواء إلى الجوف عن طريق الجراحة
…
إلخ: " الأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين الإسلام الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلًا علم أنه لم يذكر شيئًا من ذلك والله أعلم ". (4)
وقد وافق هذا الرأي الشيخ (محمود شلتوت) فقال:
" وإذا كان من محظور الصوم الأكل والشرب - وحقيقتها دخول شيء من الحلق إلى المعدة، والمعدة هي محل الطعام والشراب من الإنسان - كان من المبطل للصوم ما دخل فيها بخصوصها، سواء أكان مغذيًا أم غير مغذ، ولا بد أن يكون من المنفذ المعتاد. ومن أجل هذا فما دخل في الجوف ولكن لم يصل إليها لا يفسد الصوم ". (5)
(1) يعنون بها الحقنة الشرجية، إذ أن الحقن العِرْقِيَّة والجلدية لم تكن معروفة في عهدهم.
(2)
المحلى، لابن حزم: 6/ 300، 301
(3)
المحلى، لابن حزم: 6/ 318
(4)
فقه الصيام، الدكتور يوسف القرضاوي.
(5)
الفتاوى، للشيخ محمود شلتوت، ص 136
ولا بد أن نبدأ بتعريف الجوف المقصود بأحكام الصيام:
ما هو الجوف؟
الجوف لغة: كل شيء مجوف. جاء في الصحاح: " جوف الإنسان بطنه، والأجوفان: البطن والفرج، والجائفة الطعنة التي تبلغ الجوف، وقد جاء في الحديث الشريف: ((لا تنسوا الجوف وما وعى)) . أي ما يدخل إليه من الطعام والشراب ويجمع فيه ".
والحقيقة أنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة أي نص على الجوف في موضوع الصيام.
ولكن المتقدمين من الفقهاء - جزاهم الله خيرًا - وقعوا في التباس عندما فسروا (الجوف) بأنه كل ما يسمى جوفًا، وإن لم يكن مكان الطعام والشراب. فاعتبروا الدماغ جوفًا، وليس هو مكان طعام ولا شراب ، وأن من كان برأسه مأمومة (إصابة بالدماغ) فوضع عليها دواء فوصل خريطة الدماغ أفطر
…
واعتبروا الإحليل جوفًا وما هو بموضع طعام ولا شراب، ولا علاقة له بالجهاز الهضمي ، وكذلك اعتبروا المهبل جوفًا والمثانة جوفًا وهكذا. والفقهاء معذورون في ذلك فربما كان بعض ذلك ناجمًا عن عدم درايتهم بتشريح الجسم في ذلك الحين.
أما الآن فليس هناك أدنى شك في أن الدماغ لا يرتبط بالجهاز الهضمي، وأن المثانة والإحليل لا علاقة لهما بالجهاز الهضمي، وأن المهبل والرحم منفصلان كليًّا عن جهاز الهضم.
وعليه فإن ما ذكره الفقهاء من أن المأمومة ومداواتها أو إدخال شيء في الإحليل أو المثانة يفطر: لا أساس له من الصحة.
والذي أراه هو أن الجهاز الهضمي هو الجوف المقصود في الصيام فهو موضع الطعام والشراب، وكل ما يدخل إلى الجهاز الهضمي متجاوزًا الفم والبلعوم يكون سببًا للإفطار ومفسدًا للصيام.
ما هي أجزاء البلعوم؟ :
من المهم تحديد البلعوم (وهو ما يسميه الفقهاء بالحلق) وأجزائه، فهو الطريق الواصل إلى المريء، ومن ثم إلى المعدة والأمعاء. والبلعوم هو جزء من القناة الهضمية يلي تجويف الفم، وهو ينقسم إلى ثلاثة أجزاء:
الجزء العلوي: وهو ما يسمى بالبلعوم الأنفي (Nasopharynx) وفيه تصب إفرازات الأنف والجيوب الأنفية، وما يوضع في الأنف من دواء أو بخاخ، كما تصل إليه الدموع من العين والقطرات التي توضع في العين.
الجزء الأوسط: وهو ما يسمى بالبلعوم الفمي (Oropharynx) وعن طريقه يتم ابتلاع الطعام والشراب والدواء، وفيه تقع اللهاة واللوزتان.
الجزء السفلي: وهو ما يسمى بالبلعوم الحنجري: وفيه تقع فتحة الحنجرة والحبال الصوتية.
ما يدخل الجهاز الهضمي عن طريق الدبر:
ولكن السؤال الذي يطرح الآن: هل يعتبر الجوف هو الجهاز الهضمي كله بعد أن يتجاوز الفم؟ أم هو الجزء المحيل للطعام؟ (الذي يقوم بهضم الطعام) أي يقتصر على البلعوم والمريء والمعدة والأمعاء الدقيقة. فالأمعاء الغليظة (القولون) لا تحيل الطعام ولا تهضمه، ولكنها تقوم بامتصاص الماء فقط مما يتخلف عن الطعام المهضوم.
فهل الحقنة الشرجية أو اللبوسات (التحاميل، الفرزجات) تفطر أم لا؟ فعلى الرغم من إمكانية امتصاص شيء من الماء من الحقنة الشرجية إن مكثت طويلًا في القولون، ولكن ذلك لا يغني عن طعام ولا شراب. أما اللبوسات (التحاميل) الشرجية أو المراهم الشرجية فليس فيها ما يتغذى بها، ولا تدخل من موضع الطعام أو الشراب، وبالتالي فأرى أنها لا تفطر.
ما يدخل إلى التجويف البطني:
والجائفة هي الطعنة التي تصل إلى التجويف البطني، فإن وصلت إلى المعدة أو الأمعاء الدقيقة، ونفذ الدواء من موضعها إلى المعدة أو الأمعاء فلا شك أنها تسبب الإفطار؛ لأني وصلت إلى الجهاز الهضمي الذي يهضم الطعام ، أما إذا لم تصل إلى المعدة أو الأمعاء الدقيقة فليست سببًا للإفطار، وعليه فإن منظار البطن (LAPROSCOPE) الذي يدخل إلى التجويف البطني عبر فتحة صغيرة في جدار البطن لا يصل إلى المعدة أو الأمعاء، وإنما ينظر في تجويف البطن والأحشاء، والذي تجري حاليًا بواسطته العديد من العمليات الجراحية كاستئصال المرارة والزائدة وغيرها من العمليات، لا يعتبر بذاته سببًا للإفطار إلا إذا ترافق ذلك بإعطاء المريض السوائل المغذية بالوريد. وأما خزعة الكبد أو الكلية أو المبايض وغيرها فلا تكون سببًا للإفطار، إذ لا علاقة لها بمدخل الطعام أو الشراب.
مناظير الجهاز الهضمي:
مناظير الجهاز الهضمي نوعان:
الأول وهو (منظار المعدة) : ويدخل عن طريق الفم فالبلعوم فالمريء فالمعدة. والآخر هو (منظار المستقيم والقولون) ويدخل عن طريق الدبر. وهذان المنظاران يدخلان إلى الجهاز الهضمي للتشخيص كما في أكثر الحالات، وقد تؤخذ فيها خزعات من المعدة أو المستقيم مما قد يسبب نزفًا بسيطًا مكان الخزعة.
وقد يدخل منظار المعدة للعلاج في بعض الحالات، كحقن دوالي المريء بمادة مصلبة لإيقاف النزف منها مثلًا. كما قد يدخل منظار القولون لاستئصال مرجلات (POLYPS) وهي نتوءات لَحْمِيَّة في القولون.
والذي أراه أن منظار المعدة ينطبق عليه ما ينطبق على دخول القسم العلوي من الجهاز الهضمي، وبالتالي فهو سبب للإفطار. أما منظار المستقيم والقولون فينطبق عليه حكم ما يدخل عن طريق الدبر.
ما يجعل في الإحليل أو المثانة من دواء وغيره:
المثانة عضو كيسي يتجمع فيه البول الذي تفرزه الكليتان. وتتصل المثانة من الأسفل بقناة مجرى البول والتي تسمى بالإحليل. ورغم أن المثانة عضو أجوف إلا أنه لا علاقة لها بالجهاز الهضمي، وليست هي مدخلًا للطعام أو الشراب. وعليه فإن إدخال أي دواء أو قسطار أو منظار عبر الإحليل إلى المثانة والتقطير في الإحليل، كل ذلك لا يعتبر من مفسدات الصيام.
ما يجعل في المهبل أو الرحم:
ليست هناك أي علاقة بين المهبل والرحم بالجهاز الهضمي، وبالتالي فإن إدخال الأصبع أثناء الفحص الطبي أو المنظار المهبلي أو اللبوسات (التحاميل أو الفرزجات) في المهبل لا علاقة له بجهاز الهضم أو موضع الطعام والشراب. ولكن يبقى القول فيما إذا كان ذلك يقاس على أن المهبل مكان الجماع أم لا، موضع نقاش. كما أن إدخال منظار الرحم أو اللولب إلى الرحم، يتبع الحكم السابق باعتبار أن ذلك يمر عبر المهبل.
ما يدخل الدماغ:
ذكرنا أن الدماغ لا علاقة له بالجهاز الهضمي، وبالتالي فإن ما يدخل إلى الدماغ من جرح (وهو ما يسميه الفقهاء بالمأمومة) لا يصل شيء منه إلى البلعوم أو الأنف مهما وضع فيه دواء أو غيره. وبالتالي فإن المأمومة لا تعتبر سببًا لإفساد الصيام. ولا يصل (السائل الدماغي - الشوكي) الذي يسيل حول النخاع الشوكي إلى الأنف والبلعوم الفمي إلا في حالة وجود كسر في قاعدة الجمجمة. وهذه الحالة بالأصل حالة خطيرة تحتاج إلى دخول المستشفى وغالبًا في قسم العناية المركزة. وقد يحتاج المريض إلى إجراء عملية جراحية. كما يعطى عادة سوائل مغذية بالوريد. وبالتالي فهي حالة تستدعي الإفطار أصلًا كما تعتبر سببًا لإفساد الصيام. أما الإفرازات التي كان القدماء يظنونها آتية من الدماغ؛ فما هي إلا افرازات من الجيوب الأنفية ولا علاقة لها بالدماغ.
ما يجعل في الأذن من دواء ونحوه:
تنقسم الأذن إلى ثلاثة أجزاء: الأذن الخارجية، والوسطى، والداخلية.
ويفصل الأذن الخارجية عن الوسطى غشاء الطبل (طبلة الأذن) . وتتصل الأذن الوسطى بالبلعوم عن طريق قناة ضيقة تسمى (قناة أستاكيوس) وهذه القناة تمرر الهواء عادة لتحافظ على توازن الضغط داخل الأذن. ولا يمكن لأي سائل أو قطرة توضع في الأذن الخارجية الوصول إلى البلعوم ما لم يكن غشاء الطبل مثقوبًا ، ولهذا فإن نبس الأذن أو إدخال عود أو وضع قطرة من الدواء أو سائل ما في الأذن وغشاء الطبل غير مثقوب: لا يعتبر مفسدا للصيام ، أما إذا كان غشاء الطبل مثقوبًا؛ فيمكن لقطرة الأذن الوصول إلى البلعوم رغم أن الكمية التي ستصل إلى البلعوم ضئيلة جدًّا.
ما يدخل إلى العين:
تنفتح القناة الدمعية التي تخرج من جوف العين على الأنف، عبر فتحة فيه ، وبالتالي فإن وضع قطرة في العين تصل إلى الأنف ومنه إلى البلعوم ، ولا بد هنا من توضيح بعض النقاط: فجوف العين لا يتسع لأكثر من قطرة واحدة فقط، وكل ما زاد عن ذلك تلفظه العين إلى الخارج فيسيل على الخد ، ومن المعروف أن أطباء العين يصفون وضع قطرة أو قطرتين في العين كل 4 - 6 ساعات مثلًا.
ولكي نتمثل كمية هذه القطرة الواحدة لا بد أن نذكر بأن الميلي ليتر الواحد يحتوي على 15 قطرة وأن ملعقة الشاي الصغيرة تحتوي على 5 ميلي ليتر من السائل ، وعليه فإن القطرة الواحدة التي توضع في العين تبلغ جزءًا من 75 جزءًا مما تحتويه ملعقة الشاي الصغيرة من السائل ، وهذه تعتبر كمية ضئيلة جدًّا ، وهي بلا شك أقل بكثير مما يتبقى في الفم بعد المضمضة أو مما يدخل في الأنف أثناء الاستنشاق.
وقد أقر الفقهاء المضمضة أثناء الصيام ولو كانت للتبرد ، ولا بأس بالاستنشاق ما لم يبالغ ، فقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن المبالغة في الاستنشاق ، وينبغي أن نتذكر أيضًا أن المسواك يحتوي على ثمانية مواد كيميائية تقي الأسنان واللثة مما قد يعتريها من أمراض ، وهذه المواد تنحل باللعاب وبالتالي تدخل إلى البلعوم ، وقد جاء في صحيح البخاري عن عمر بن ربيعة قال:((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا أحصي ولا أعد)) . والحقيقة أن كمية قطرة العين التي تعارف عليها الأطباء كمية زهيدة جدًّا، وما يتذوق من طعمها المر فإنما يتذوق في مؤخرة اللسان، حيث أن الحليمات الذوقية موجودة في اللسان فقط ، وفي ظني أن قطرة العين لا تفسد الصيام، والله أعلم.
ما يدخل عبر الأنف والمجاري التنفسية:
ذكرنا أن الأنف يتصل في نهايته بالبلعوم الأنفي ، وأن ما يدخل عبر الأنف أو الجيوب الأنفية يمكن أن يصل إلى البلعوم الأنفي،
فما حكم البخاخ الذي يستعمل في مرض الربو؟
لا بد هنا من إيضاح ما يحتويه هذا البخاخ واستعماله، فبخاخ الربو يحتوي على دواء سائل (فيه ماء ومواد كيميائية عالقة) ، ويتم استعماله بأخذ شهيق عميق ويضغط عليه في الوقت ذاته، وعندئذ يتطاير الرذاذ ويدخل عن طريق الفم إلى البلعوم الفمي، ومنه إلى الرغامي فالقصبات الهوائية، ولكن يبقى جزء منه في البلعوم الفمي، وقد تدخل كمية ضئيلة جدًّا إلى المريء ، وتحتوي عبوة بخاخ الربو على حوالي 10 ميلي ليتر من السائل بما فيه من المادة الدوائية ، وهذه الكمية مصممة على أن تنطلق على 200 بخة (أي أن الـ10 ميلي ليتر تنتج 200 بخة) ، وهذا معناه أنه في كل بخة يخرج جزء من 25 جزء من الميلي ليتر الواحد، وبمعنى آخر فإن البخة الواحدة تشكل أقل من قطرة واحدة ، وهذه القطرة الواحدة ستقسم إلى أجزاء يدخل الجزء الأكبر منه إلى جهاز التنفس، وجزء آخر يترسب على جدار البلعوم الفمي ، فكم يتبقى من تلك القطرة للوصول إلى الجوف (الجهاز الهضمي) ؟ وقد يكون ما يدخل من قطرات عقب الاستنشاق أو المضمضة أكثر من ذلك بكثير.
أما الأوكسجين الذي يعطى لبعض المرضى فهو هواء، ولا يحتوي على مواد عالقة أو مغذية ، ويذهب معظمه إلى الجهاز التنفسي، وليس هو سببًا للإفطار.
وأما التخدير العام (التخدير الكلي) : فيشتمل استنشاق غازات مثل الأثير وغيره، كما يتم فيه عادة إعطاء حقنة في الوريد من مادة دوائية سريعة التأثير تنوم المريض بسرعة، ثم يدخل أنبوب خاص مباشرة إلى الرغامي عبر الأنف أو الفم ويوصل هذا الأنبوب إلى جهاز التنفس الاصطناعي، ويتم عن طريقه إعطاء الغازات التي تؤدي إلى تخدير المريض خلال فترة العملية الجراحية ، وهذه الغازات لا علاقة لها بالجهاز الهضمي، وبالتالي لا تفسد الصوم بذاتها ، ولكن تبقى هناك أربع نقاط:
الأولى: وهي موضوع إعطاء السوائل المغذية بالوريد، والتي يرى كثير من الفقهاء أنها تسبب الإفطار.
الثانية: مدة الإغماء وفقدان الوعي.
والثالثة: أنه قد يدخل أحيانًا أنبوب إلى المعدة لاستخراج السوائل المتراكمة فيها.
والرابعة: أن المريض قد يتقيأ بعد العملية من أثر التخدير.
وعليه فإن التخدير العام قد لا يخلو من أحد الأمور التي تفسد الصوم، وبالتالي أرى أن التخدير العام سبب للإفطار.
الغسيل الكلوي:
يتم غسيل الكلى عادة بطريقتين:
الأولى: تتم بواسطة آلة خاصة تسمى (الكلية الاصطناعية) وفيها يسحب الدم إلى هذا الجهاز، حيث تتم تصفيته من البولة الدموية والمواد المؤذية الأخرى، ومن ثم يعاد إلى الجسم عن طريق الوريد. وهناك عدة أنواع من جهاز الكلية الاصطناعية لا مجال لبحثها في هذه الخلاصة ، ولكن الأمر الهام هنا هو أن المريض قد يحتاج إلى سوائل مغذية تعطى عن طريق الوريد ، وعليه فالذي أراه أن الغسيل الكلوي عن طريق الكلية الاصطناعية مفسد للصوم.
والطريقة الأخرى لغسيل الكلية تتم عن طريق الغشاء البريتواني في البطن، حيث يدخل أنبوب عبر فتحة صغيرة يحدثها الطبيب في جدار البطن فوق السرة ، ومن ثم يدخل عادة ليتران من السوائل التي تحتوي على نسبة عالية من سكر الغلوكوز إلى داخل جوف البطن، وتبقى هناك لفترة ثم تسحب مرة أخرى، وتكرر هذه العملية مرات عديدة في اليوم الواحد ، ويتم أثناء ذلك تبادل الشوارد والسكر والأملاح الموجودة في الدم عبر البريتوان ، ومن الثابت علميًّا أن كمية من سكر الغلوكوز الموجودة في السائل الذي يوضح في داخل جوف البطن تدخل إلى دم الصائم عبر الغشاء البريتواني، وهذه برأيي في حكم السوائل المغذية ، وبالتالي أرى أن هذا النوع أيضًا من غسيل الكلى مفسد للصوم.
ما يتعلق بالأوردة والعضلات:
يتفق الفقهاء على أن الفصد لا يفسد الصوم، وبالتالي فإن سحب الدم لإجراء الفحوص المخبرية أو لإسعاف مريض به لا يفسد الصوم ، أما إذا سبب الضعف للصائم أصبح مكروهًا. وقد اختلف الفقهاء في موضوع الحجامة.
وأما الحقن العضلية أو تلك التي تعطى تحت الجلد فلا تفسد الصوم سواء كانت للعلاج أو للتطعيم (اللقاحات) ، ولكن هناك نوعًا من الإبر تعطى تحت الجلد وتسبب الإقياء وتدعى (أبومورفين) تعطى في حالات التسممات الدوائية، وهذه حكمها حكم من يتعمد الإقياء.
وأما نقل الدم: لإسعاف المريض فلا يفسد صومه، فلا علاقة له بالجهاز الهضمي. وأما الحقن بالوريد فإن كانت للعلاج ولا تحتوي على مغذٍّ فلا تسبب الإفطار ، أما تلك التي تحتوي على مغذ (كالسيروم) فيمكن أن تغني عن الطعام والشراب، وبالتالي فهي سبب للإفطار.
وأما ما يدخل الشرايين والأوردة من قسطار لإجراء تصوير شعاعي لتلك الشرايين أو الأوردة، أو لإجراء القسطرة القلبية وما يتضمن ذلك من حقن مادة ملونة فليست سببًا للإفطار.
ما يصل الجسم عن طريق الجلد:
لا شك أن الأدهان الجلدية والمروخات واللصقات الجلدية (مثل لصقة نيترودرم) التي تعطى للمصابين بالذبحة الصدرية؛ كلها تمتص عن طريق الجلد، ولكن ذلك لا علاقة له بالجهاز الهضمي، ولا تسبب إفساد الصوم.
هذا ما رأيته بالنسبة لموضوع التداوي والمفطرات ، فإن أصبت فالمنة لله وحده، وإن زللت فمن نفسي، والله الهادي إلى سواء السبيل.
د. حسان شمسي باشا
الدليل الطبي
للمريض في شهر الصيام
إعداد
الدكتور حسان شمسي باشا
رئيس قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد
استشاري أمراض القلب
عضو الكليات الملكية للأطباء الداخليين في بريطانيا
عضو الكليات الملكية للأطباء الداخليين في أيرلندا
بسم الله الرحمن الرحيم
مع إطلالة كل رمضان يتساءل كثير من المرضى فيما إذا كانوا يستطيعون الصوم أم لا، وفيما اذا كان صيام رمضان يزيد من مرضهم سوءًا، أو يفاقم من أعراضهم أم لا.
أسئلة كثيرة تتردد على بال المرضى وأقربائهم، والبعض يقع فريسة الأوهام، أو يفتيه جاهل بالطب فيصوم أو يفطر، دون الرجوع إلى طبيب أخصائي مسلم يقوِّم حالته، ويعطيه النصيحة والإرشاد.
وكثير من المرضى من يريد الصيام، وهو لا يقوى عليه، أو قد يكون في صيامه عبء على مرضه، أو تفاقم في أعراضه، وكثيرا ما كانت الآراء الطبية مبنية على خبرات ذاتية، أو على ما نشر في مقالات متفرقة هنا وهناك، وللأسف الشديد فليس هناك في كلية الطب - على حد علمي - مادة اسمها (الصيام وتأثيراته على الأمراض المختلفة) ، كما أنه ليس هناك مرجع طبي يجمع كل الدراسات العلمية المنشورة في المجلات الطبية الأمريكية والأوروبية والعربية والمتعلقة بالصيام، فحتى سنوات قليلة خلت لم تكن هناك سوى دراسات محددة جدًّا في تلك المجالات.
وقد سرني أن أجد عددًا من الدراسات العلمية الحديثة، وقد نشرت حول الصيام في عدد من المجلات الطبية العالمية، فكانت هناك دراسة في مجلة (B.M.J) البريطانية عن الصيام ومرضى السكري، وأخرى عن تأثير الصيام على الوليد، وثالثة حول تأثير الصيام على مرضى الفشل الكلوي، وهكذا، ومن هنا كانت الحاجة ماسة إلى وضع كتاب شامل لموقف الطب من الصيام في العديد من أمراض القلب والصدر والهضم والكلى ويشمل كافة الدراسات العلمية الحديثة، ووصايا الخبراء في تلك المجالات.
ولهذا قمت بتأليف كتابي (الدليل الطبي والفقهي للمريض في شهر الصيام) وهو الآن في طريقه إلى النور (تحت الطبع) ، وقد رأيت أن أضع أمامكم ملخصًا لما جاء في ذلك الكتاب، ومن شاء المزيد من التفاصيل رجع إلى ذلك المصدر، وينبغي التنويه إلى أن هذه الإرشادات ما هي إلا وصايا عامة، ولا يمكن أن تنطبق بحال من الأحوال على كل المرضى، ويعود تقويم حالة المريض وإرشاده إلى طبيبه المختص المسلم، فهو أدرى بحاله وأعلم بأمره.
1-
مريض الجهاز الهضمي في شهر الصيام:
يعتبر شهر رمضان بحق شهر إجازة للجهاز الهضمي، ولكن المؤسف حقًّا أن يتخم الكثير منا نفسه عند الإفطار بشتى فنون الطعام والشراب، فيحول سعادة المعدة والأمعاء إلى تخمة وعناء، وسنستعرض أهم أمراض الجهاز الهضمي ذات العلاقة بالصيام ،
أ) قرحة المعدة أو الاثنى عشر: pepticulcer
يشكو المصاب بالقرحة الحادة من آلام في المعدة عند الجوع، أو ألم يوقظه من النوم، ويخف ألم قرحة الإثني عشر بتناول الطعام، ولكن كثيرًا ما يعود الألم بعد عدة ساعات.
وينبغي على مريض القرحة المصاب بإحدى الحالات التالية الإفطار:
1 -
القرحة الحادة: وذلك حين يشكو المريض من أعراض القرحة، كالألم عند الجوع، أو ألم يوقظه من النوم.
2 -
في حال حدوث انتكاسة حادة في القرحة المزمنة: وينطبق في تلك الحالة ما ينطبق على القرحة الحادة.
وكذلك الأمر عند الذين تستمر عندهم أعراض القرحة رغم تناول العلاج بانتظام.
3 -
عند حدوث مضاعفات القرحة، كالنزيف الهضمي، أو عند عدم التئام القرحة رغم الاستمرار بالعلاج الدوائي.
ب) عسر الهضم: Dyspepsia
وهي كلمة شائعة تشمل عددًا من الأعراض التي تعقب تناول الطعام، وتشمل الألم البطني وغازات البطن والتجشؤ والغثيان، وحس عدم الارتياح في أعلى البطن، وخاصة عقب تناول وجبة كبيرة، أو بعد تناولها بسرعة، أو بعد تناول طعام غني بالدسم أو البهارات.
وكثيرًا ما تتحسن أعراض هؤلاء المرضى بصيام رمضان، شريطة ألا تكون لديهم قرحة حادة في المعدة أو الإثني عشر، أو التهاب في المريء أو بسبب عضوي آخر، وشريطة تجنب الإفراط في تناول الطعام عند الإفطار والسحور.
ج) فتق المعدة (أو فتق الحجاب الحاجز) : Hiatus Hernia
يحدث فتق المعدة بشكل خاص عند البدينين، وخاصة عند النساء في أواسط العمر، ومعظم المصابين بفتق المعدة لا يشكو من أية أعراض، ولكن قد يشكو البعض من حرقة وحموضة في المعدة، وخاصة عند امتلائها أو الانحناء إلى الأمام أو الاستلقاء، حيث يعود جزء من محتويات المعدة إلى المريء.
وينبغي على البدينين أن يسعوا جاهدين لإنقاص وزنهم، فهو خير علاج لحالتهم، وينصح المريض بتناول وجبات صغيرة عند الإفطار والسحور، مع تناول الأدوية بانتظام وتخفيف الدسم، والتوقف عن التدخين، وترك فترة 4 ساعات بين وجبة الطعام والنوم، أما إذا كانت هناك مشقة على المريض، أو ازدادت الأعراض سوءًا بالصيام فينصح المريض بالإفطار.
د) الإسهال:
ينصح المريض المصاب بالإسهال بالإفطار، وخاصة إذا كان الإسهال شديدًا، فلا يستطيع المريض الصيام، لعدم قدرة الجسم على تعويض ما يفقده من سوائل وأملاح ومعادن بسبب الإسهال.
وإذا صام المصاب بالإسهال فقد يصاب بالجفاف وهبوط في ضغط الدم أو يصاب بالفشل الكلوي.
هـ) أمراض الكبد:
ينصح المصابون بأمراض الكبد المتقدمة كتشمع الكبد وأورام الكبد بالإفطار، كما ينصح بالإفطار أيضًا المصابون بالتهاب الكبد الفيروسي الحاد، أو الاستسقاء في البطن (الحبن) .
و) عمليات قطع المعدة:
هناك بعض المرضى الذين أجريت لهم عملية قطع أو استئصال جزء من المعدة بسبب قرحة في المعدة مثلًا، وهؤلاء المرضى يحتاجون إلى تناول وجبات صغيرة من الطعام وبطريقة منتظمة، وقد لا يستطيعون الصيام.
2 -
مريض القلب في شهر الصيام:
لا شك أن في الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب، ولكن هناك حالات معينة قد لا تستطيع الصيام.
أ) ارتفاع ضغط الدم:
يفيد الصيام في علاج ارتفاع ضغط الدم، فإنقاص الوزن الذي يرافق الصيام يخفض ضغط الدم بصورة ملحوظة، كما أن الرياضة البدنية من صلاة تراويح وتهجد وغيرها تفيد في خفض ضغط الدم المرتفع.
وإذا كان ضغط الدم مسيطرًا عليه بالدواء أمكن للمريض الصيام شريطة أن يتناول أدويته بانتظام، فهناك حاليًا أدوية لارتفاع ضغط الدم تعطى مرة واحدة أو اثنتان في اليوم.
ب) فشل القلب (قصور القلب) : Heart Failure
فشل القلب نوعان: فشل القلب الأيسر وفشل القلب الأيمن، ويشكو المريض عادة من ضيق النفس عند القيام بالجهد، وقد يحدث ضيق النفس أثناء الراحة، وينصح المصاب بفشل القلب الحاد (Acute heart failure) بعدم الصيام، حيث يحتاج لتناول مدرات بولية وأدوية أخرى مقوية لعضلة القلب وكثيرًا ما يحتاج إلى علاج في المستشفى.
أما إذا تحسنت حالته واستقر وضعه، وكان لا يتناول سوى جرعات صغيرة من المدرات البولية فقد يمكنه الصيام.
وينبغي استشارة طبيب القلب المسلم فهو الذي يقرر ما إذا كان المريض قادرًا على الصوم أم لا، إذ يعتمد ذلك على شدة المرض وكمية المدرات البولية التي يحتاج إليها.
ج) الذبحة الصدرية: Angina pectoris
تنجم الذبحة الصدرية عادة عن تضيق في الشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب.
ِوإذا كانت أعراض المريض مستقرة بتناول العلاج، ولا يشكو المريض من ألم صدري أمكنه الصيام في شهر رمضان، بعد أن يراجع طبيبه للتأكد من إمكانية تغيير مواعيد تعاطي الدواء.
أما مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة، أو الذين يحتاجون لتناول حبوب النيتروغليسرين تحت اللسان أثناء النهار فلا ينصحون بالصوم، وينبغي عليهم مراجعة الطبيب لتحديد خطة العلاج.
د) جلطة القلب (احتشاء العضلة القلبية) : Myocardial Infarction
تنجم جلطة القلب عن انسداد في أحد شرايين القلب التاجية، وهذا ما يؤدي إلى أن تموت خلايا المنطقة المصابة من القلب، ولا ينصح مرضى الجلطة الحديثة، وخاصة في الأسابيع الستة الأولى بعد الجلطة بالصيام، أما إذا تماثل المريض للشفاء وعاد إلى حياته الطبيعية، فيمكنه حينئذ الصيام شريطة تناوله الأدوية بانتظام.
هـ) أمراض صمامات (دسامات) القلب:
تنشأ أمراض صمامات القلب عادة عن إصابة هذه الصمامات بالحمى الرئوية (الحمى الروماتيزمية) في فترة الطفولة، فيحدث تضيق أو قلس (قصور) في الصمام نتيجة حدوث تليف في وريقات الصمام.
وإذا كانت حالة المريض مستقرة، ولا يشكو من أعراض تذكر أمكنه الصيام، أما إذا كان المريض يشكو من ضيق النفس ويحتاج إلى تناول المدرات البولية فينصح بعدم الصوم.
و) من هم مرضى القلب الذين ينصحون بعدم الصيام؟
1) المرضى المصابون بفشل القلب (قصور القلب) غير المستقر.
2) مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة، أو غير المستجيبة للعلاج.
3) مرضى الجلطة القلبية الحديثة.
4) حالات التضيق الشديد أو القصور الشديد في صمامات القلب.
5) الحمى الرئوية (الروماتيزمية) النشطة.
6) الاضطرابات الخطيرة في نظم القلب.
7) خلال فترة الأسابيع الستة التي تعقب عمليات جراحة القلب.
3 -
مريض الكلى في شهر الصيام:
تقوم الكليتان بوظائف عديدة منها تنقية الدم من الفضلات الآزوتية، ومراقبة توازن الماء والشوارد في الدم، والحفاظ على توازن قلوي حامضي ثابت في الجسم، وإذا كانت الكليتان سليمتين فالصوم لهما راحة وعافية، أما عندما تصبح الكلى مريضة، فلا تستطيع القيام بالكفاءة المطلوبة لتركيز البول والتخلص من المواد السامة كالبولة الدموية (urea) وغيرها.
ومن هنا يصبح الصيام عبثًا على المريض المصاب بالفشل الكلوي، وخصوصًا في المناطق الحارة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة البولة الدموية والكرياتنين في الدم، وينبغي على أي مريض مصاب بمرض كلوي استشارة طبيبه قبل البدء بالصيام، فإذا لم يتناول مريض الكلى كمية كافية من الماء فقد يصاب بالفشل الكلوي.
أ) الحالات الحادة من أمراض الكلى:
قد يحتاج المصاب بمرض كلوي حاد دخول المستشفى وتلقي العلاج هناك، وفي هذه الحالة ينبغي عدم الصوم.
ومن هذه الحالات التهاب الحويضة والكلية الحاد، والتهاب المثانة الحاد والقولنج الكلوي، والتهاب الكبد والكلية الحاد.
ب) الحصيات الكلوية:
إذا لم يكن لدى المرء حصيات كلوية من قبل فلا داعي للقلق في شهر رمضان، أما الذين لديهم حصيات كلوية، أو قصة تكرر حدوث حصيات في الكلى، فقد تزداد حالتهم سوءًا بالجفاف إذا لم يشرب المريض السوائل بكميات كافية.
ويستحسن في مرضى الحصيات بالذات الامتناع عن الصيام في الأيام الشديدة الحرارة، حيث تقل كمية البول بدرجة ملحوظة مما قد يساعد على زيادة حجم الحصيات، ويعود تقدير الحالة إلى الطبيب المختص.
وعمومًا ينصح مرضى الحصيات الكلوية بتناول كميات وافرة من السوائل في المساء وعند السحور، مع تجنب التعرض للحر والمجهود المضني أثناء النهار.
ج) التهاب الحويضة والكلية المزمن: Chronic pyelonephritis
وقد تؤدي هذه الحالة بعد فترة من الزمن إلى حدوث الفشل الكلوي، ولهذا يستحسن عدم الصوم، فقد يزيد ذلك من احتمال حدوث الفشل الكلوي، ويعود تقرير ذلك إلى الطبيب المعالج.
د) التهاب الكبد والكلى المزمن: chronic Glomerulonephritis
وفيه تصاب الكلى بخلل في وظائفها، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث (التناذر الكلوي) وفيه يصاب المريض بوذمة (انتفاخ) في الساقين، وبنقص في ألبومين الدم، وظهور كميات كبيرة من البروتين في البول.
وينصح هؤلاء المرضى بعدم الصوم، وخاصة إذا كان المرض مصحوبًا بالتناذر الكلوي وارتفاع ضغط الدم أو الفشل الكلوي.
هـ) الفشل الكلوي المزمن: Chronic Renal Failure
تمر بعض أمراض الكلى بمراحل قد تنتهي بما يسمى الفشل الكلوي المزمن، وذلك حينما يتخرب قسم كبير من أنسجة الكليتين، ويشكو المريض حينئذ من الإعياء والفواق وكثرة التبول، والتبوال الليلي والعطش ، ويرتفع في تلك الحالة مستوى البولة الدموية والكرياتنين، وقد يزداد بوتاسيوم الدم، وينصح مرضى الفشل الكلوي المزمن بعدم الصوم، أما إذا كان المريض يتلقى الغسيل الكلوي فربما يستطيع الصوم في اليوم الذي لا يجري فيه غسيل الكلى، ويفطر في يوم الغسيل الكلوي، ومرة أخرى ينبغي على المريض استشارة طبيبه المختص في ذلك.
4 -
مريض السكري في شهر الصيام:
يقسم مرضى السكر إلى فئتين، فئة تستطيع الصوم وأخرى تمنع من الصوم.
أ) مريض السكري الذي يستطيع الصوم:
1 -
مريض السكري الكهلي (سكري النضوج) الذي يعالج بالحمية الغذائية فقط.
2 -
مريض السكري الكهلي الذي يعالج بالحمية الغذائية والأقراص الخافضة لسكر الدم: وهذه الفئة تقسم بدورها إلى قسمين:
1) المريض الذي يتناول حبة واحدة يوميًّا: يستطيع الصيام عادة، على أن يفطر بعد أذان المغرب مباشرة على تمرتين أو ثلاث تمرات مع كأس من الماء، وبعد صلاة المغرب يتناول وجبة الدواء ثم يبدأ بالوجبة الرئيسية للإفطار.
2) الذي يتناول حبتين يوميًّا: يستطيع الصوم عادة، على أن يتناول حبة واحدة قبل الإفطار ونصف حبة قبل السحور بدلًا من الحبة الكاملة التي كان يتناولها قبل شهررمضان، وهكذا لأكثر من حبتين يوميًّا، بحيث يكون المبدأ إنقاص جرعة ما قبل السحور إلى النصف بناءً على توصية طبيبه المعالج.
ب) مريض السكري الذي لا يستطيع الصوم:
1-
مريض السكري الشبابي (المريض الذي يصاب بمرض السكري دون الثلاثين عاما من العمر) .
2 -
مريض السكري الذي يحقن بكمية كبيرة من الإنسولين (أكثر من 40 وحدة دولية يوميا) ، أو الذين يتعاطون الإنسولين مرتين يوميًّا.
3 -
المريض المصاب بالسكري غير المستقر.
4 -
المريضة الحامل المصابة بالسكري.
5 -
المريض المسن المصاب بالسكري لسنين طويلة، وفي الوقت نفسه يعاني من مضاعفات مرض السكر المتقدمة.
6 -
المريض الذي أصيب بحماض ارتفاع السكر قبل شهر رمضان بأيام أو في بدايته.
وينبغي التأكيد على الحقائق التالية:
1 -
يجب على المريض الذي يصاب بنوبات نقص السكر أو الارتفاع الشديد في سكر الدم أن يقطع صيامه فورًا، لأنه يضطر إلى علاج فوري.
2 -
ينبغي تقسيم الوجبات إلى ثلاثة أجزاء متساوية، الأولى عند الإفطار، والثانية بعد صلاة التراويح، والثالثة عند السحور.
3 -
يفضل تأجيل وجبة السحور قدر الإمكان.
4 -
الحذر من الإفراط في الطعام، وخاصة الحلويات أو السوائل المحلاة.
وبصفة عامة فإن السماح بالصيام أو عدمه إضافة إلى تنظيم الدواء وأوقات تناولها يعود إلى الطبيب المعالج دون غيره.
5 -
مريض الصدر في شهر الصيام:
كثيرا ما تأتي أمراض الصدر فجأة على شكل التهاب في القصبات أو التهاب في الرئة.
أ) التهاب القصبات الحاد: Acute Bronchitis
إذا كانت حالة التهاب القصبات الحاد بسيطة، فإن المريض يستطيع تناول علاجه ما بين الإفطار والسحور، أما إذا احتاج الأمر لمضادات حيوية تعطى كل 6 - 8 ساعات، أو إذا كانت الحالة شديدة فينصح بالإفطار حتى يشفى من الالتهاب.
ب) التهاب القصبات المزمن: Chronic Bronchitis
وفيه يشكو المريض من سعال مترافق ببلغم يوميًّا ولمدة ثلاثة أشهر متتابعة ولسنتين متتابعتين على الأقل.
وإذا كانت حالة المريض مستقرة استطاع الصيام دون مشقة تذكر، أما في الحالات الحادة التي تحتاج إلى مضادات حيوية أو موسعات القصبات أو البخاخات الحاوية على مواد موسعة للقصبات فيقدر الطبيب المختص ما إذا كان المريض يستطيع الصوم أم لا.
ج) الربو القصبي: Asthma
قد تكون نوبات الربو خفيفة لا تحتاج إلى تناول أدوية عن طريق الفم، كما يمكن إعطاء المريض الأقراص المديدة التأثير عند الإفطار والسحور، وكثير من مرضى الربو من يحتاج إلى تناول بختين أو أكثر من بخاخ الربو عند الإحساس بضيق في الصدر، ويعود بعدها المريض إلى ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، ولا ينبغي للمريض عند حدوث الأزمة متابعة الصيام، بل عليه تناول البخاخ فورًا، ومن العلماء الأفاضل من أفتى بأن هذه البخاخات لا تفطر.
ولكن ينبغي الإفطار قطعًا عند حدوث نوبة ربو شديدة حيث كثيرًا مايحتاج المريض إلى دخول المستشفى لتلقي العلاج المكثف لها.
كما ينبغي الإفطار إذا ما أصيب بنوبة ربو لم تستجب للعلاج المعتاد، ويجب التنبيه إلى أن الانقطاع عن الطعام والشراب في تلك الحالات يقلل بشكل واضح من سيولة الإفرازات الصدرية، وبالتالي يصعب إخراجها.
د) السل (التدرن الرئوي) :
يستطيع المريض المصاب بالسل الصيام إذا كانت حالته العامة جيدة وفي غياب أية مضاعفات، شريطة أن يتناول المريض دواءه بانتظام، وتعطى أدوية السل عادة مرة واحدة أو مرتين في اليوم، أما في المرحلة الحادة من المرض فيستحسن عدم الصيام حتى يتحسن وضع المريض العام.
6 -
أمراض الغدد في شهر الصيام:
الغدد الصماء: هي مجموعة من الأعضاء في جسم الإنسان تختص بإفراز الهرمونات ، وأهم هذه الغدد: الغدة النخامية، والغدة الدرقية، والغدة الكظرية، ومجاورات الدرق، والمبيضان والخصيتان والبنكرياس.
أ) أمراض الغدة الدرقية:
1) فرط نشاط الغدة الدرقية: Hyperthroidism
وينجم عن إفراز كميات زائدة من هرمون الثيروكسين، ويشكو المريض عادة من تضخم في الغدة الدرقية (في أسفل الرقبة) ونقص في الوزن ورجفان وخفقان.
وإذا كانت حالة المريض مستقرة أمكنه الصوم، شريطة تناول الأدوية بانتظام.
2) قصور الغدة الدرقية: Hypothroidism
ويشكو المريض في هذه الحالة من الوهن والإعياء الشديد ونقص في النشاط الفكري والعصبي.
ويعطى هرمون الثيروكسين مرة واحدة يوميًا كعلاج لهذه الحالة، وبذلك يمكن للمريض الصيام دون أي تأثير خاص.
3) أورام الغدة الدرقية:
ليس للصوم تأثير يذكر على أورام الغدة الدرقية، ويمكن للمريض الصيام، وعلاج أورام الدرق عادة جراحي.
4) التهابات الغدة الدرقية الحادة: Acute Thyroditis
وتسبب عادة ألمًا في الغدة وقد تحدث الحمى، مما قد يجعل الصوم غير ممكن في المرحلة الحادة، شأنه في ذلك شأن الأمراض الحادة، أما الالتهابات المزمنة للغدة الدرقية فلا تتعارض عادة مع الصوم.
ب) أمراض الغدة الكظرية: Adrenal Diseases
الكظران غدتان تقعان فوق الكليتين وتفرزان عدة هرمونات أهمها الكورتيزول والألدوسترون والهرمونات التناسلية.
وأمراضها عادة غير شائعة وأهمها:
ا - مرض كوشينغ: Cushing Disease
وفيه يحدث وهن في الجسم، وارتفاع ضغط الدم، وبدانة مركزية تتجنب الأطراف وتدور في الوجه، كما قد يحدث فيه مرض السكر، ولا ينصح فيه بالصوم.
2 -
مرض أديسون: Addison's Disease
ويحدث فيه قصور في إفراز الكورتيزول، نتيجة تلف في الغدد الكظرية، ويحدث فيه انخفاض في ضغط الدم ووهن شديد وتغير في لون البشرة يميل إلى السواد
…
إلخ.
وينبغي فيه تجنب الصوم، خصوصًا وأنه قد يصاحبه هبوط سكر الدَّم.
3 -
الورم القتامي: pheochromocytoma
وهو مرض نادر يسبب ارتفاعًا متأرجحًا في ضغط الدم ونوبات من التعرق والخفقان والوهن العام.
وينصح فيه بتجنب الصوم، والاستئصال الجراحي لهذا الورم يتلوه عادة شفاء تام، مما يجعل الصوم ممكنًا.
ج) أمراض الغدة النخامية: pituitary Gland Diseases
وهي أيضًا أمراض نادرة، وأهمها مرض (ضخامة النهايات) وقصور الغدة النخامية، وينصح فيهما بعدم الصوم.
7 -
الأمراض العصبية والنفسية في شهر الصيام:
أ) الصرع: Epilepsy
يستطيع المصاب بالصرع أو الاختلاجات الصيام، شريطة أن يتناول الأدوية المضادة للاختلاج بانتظام، فهناك حاليًا أدوية تعطى مرة واحدة باليوم للسيطرة على الاختلاجات.
ب) الاكتئاب: Depression
يستطيع مريض الاكتئاب الصيام شريطة أن يتناول الأدوية المضادة للاكتئاب بانتظام، وتعطى هذه الأدوية عادة مرة أو مرتين في اليوم.
ج) مريض الفصام: Schizophrenia
لا يجوز لمريض الفصام الصيام، فإن التوقف عن استعمال أدوية الفصام قد يؤدي إلى نوبات من العنف والضلالات الخاطئة والهلاوس، وقد يؤدي ذلك إلى الاعتداء على الآخرين.
8 -
الحامل والمرضع في شهر الصيام:
أوضحت الدراسات العلمية الحديث أن صيام رمضان يؤدي إلى تغيرات فسيولوجية وكيميائية عند الحامل، ولكنها لا تؤثر على الحامل السليمة البدن والتي لا تشكو من أية أمراض عضوية.
ومع ذلك لا يمكن إطلاق قول حاسم على كل الحوامل والمرضعات بحيث نقول أن هناك حامل أو مرضع تستطيع الصيام، وأخرى لا تقدر عليه ، وإذا ما شعرت الحامل والمرضع بصداع شديد، أو (زغللة) في العينين، أو هبوط وإجهاد عام، أو عدم القدرة على القيام بأي نشاط فإن ذلك يعني حدوث انخفاض واضح في سكر الدم، أو أن هناك أمرًا غير طبيعي، وعليها استشارة الطبيب المعالج.
أ) ما هي الأحوال المرضية التي تجيز للحامل الإفطار؟
1-
انخفاض ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأعلى) عن 100 ملم زئبقي، حيث قد يسبب هذا الانخفاض إحساسًا بالإغماء إضافة إلى عدم القدرة على التركيز.
2 -
القيء المصاحب للحمل، وخاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
3 -
التسمم الحملي: حيث يحدث ارتفاع في ضغط الدم، ويظهر الزلال في البول كما تحدث وذمة في الأطراف.
4 -
حدوث انخفاض في سكر الدم.
5 -
وجود مرض عضوي، وذلك تحت إشراف الطبيب المعالج.
والخلاصة: فإن موضوع صيام الحامل في شهر رمضان يعتمد على حالة الحامل والجنين قبل دخول شهر رمضان، فإن كانت كافة المؤشرات والفحص السريري تشير إلى تمام صحة الحامل والجنين فإن الطبيب على الأغلب سيشير بالاستمرار في الصيام، ويعود تقرير ذلك إلى الطبيبة أو الطبيب الأخصائي المسلم.
9 -
الرضاعة والصيام:
يمكن للمرأة المرضع صيام شهر رمضان، شريطة أن يكون هناك تعويض في نوعية الطعام والشراب أثناء شهر رمضان في الفترة المسائية، وشريطة أن لا تتأثر كمية ونوعية الحليب (اللبن) عند الطفل الرضيع.
أما إذا خافت المرضع على نفسها أو رضيعها من جرَّاء الصيام، أو أثر ذلك على الرضاعة، جاز لها أن تفطر.
والخلاصة: فإن تقرير إمكانية الصيام أو عدمه ليس بالأمر السهل، ولا يمكن تقرير قواعد عامة لجميع المرضى، بل ينبغي بحث كل مريض على حدة، ولا يتيسر ذلك الأمر إلا للطبيب المسلم المختص، فهو يملك ما يكفيه من المعطيات التي تمكنه نصح مريضه بإمكانية الصوم أو عدمه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د. حسان شمسي باشا