الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكعبين حراماً بكل حال، لكن عقوبته فيما إذا جره خيلاء أعظم مما إذا كان غير خيلاء، وهو من كبائر الذنوب لورود الوعيد عليه.
* * *
223 وسئل فضيلته: عن عقوبة الإسبال إذا قصد به الخيلاء
؟
وعقوبته إذا لم يقصد به الخيلاء؟ وكيف يجاب من احتج أبي بكر رضي الله عنه؟
فأجاب بقوله: إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لا ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة، ولا يكلمه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب ما نزل من الكعبين بالنار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)) (1) . وقال صلى الله عليه وسلم ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) (2) . فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء.
وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) (3) . ولم يقيد ذلك بالخيلاء، ولا يصح أن يقيد بها يناء على الحديث الذي قبله، لأن أيا سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أزره المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج - أو قال -:
(1) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان / باب بيان غلط تحريم إسبال الإزار.
(2)
أخرجه البخاري: كتاب اللباس / باب من جر ثوبه من الخيلاء، ومسلم: كتاب اللباس / باب تحريم جر الثوب خيلاء.
(3)
تقدم تخريجه ص 305.
لا جناح عليه فما بينه وبين الكعبين، وما كان أسف من ذلك فهو في النار، ومن جر بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) (1) . رواه مالك، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن حيان في صحيحه ذكره في كتبا الترغيب والترهيب في الترغيب في القميص ص 88 ج 3.
ولأن العملين مختلفان، والعقوبتين مختلفتان، ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد، لما يلزم على ذلك من التناقض.
وأما من أحتج علينا بحديث أبي بكر – رضى الله عنه – فنقول له ليس لك حجة فيه من وجهين:
الوجه الأول: أن أبا بكر رضى الله عنه قال: ((إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه..)) (2) فهو رضى الله عنه لم يرخ ثوبه اختياراً منه، بل كان ذلك يسترخي، ومع ذلك فهو يتعاهده، والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد، فنقول لهم: إن قدتم إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عذبتم على ما نزل فقط بالنار، وإن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلكم، لا يكلمكم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليكم، ولا يزكيكم، ولكم عذاب أليم.
الوجه الثاني: أن أبا بكر رضى الله عنه زكاه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له أنه ليس ممن يصنع خيلاء، فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية
(1) أخرجه الإمام أحمد 3/5، وأبو داود ك كتاب اللباس / باب في قدر موضع الإزار (4093)، وابن ماجة: كتاب اللباس / باب موضع الإزار أين هو (3573)، والنسائي: كتاب الزينة / باب موضع الإزار (بنحوه) ، ومالك 2/217.
(2)
أخرجه البخاري: كتاب اللباس / باب من جر إزاره من غير خيلاء.