الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ًفقد كفر (1) . ونحن نرى – حسب ما بلغنا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة يترتب على كفره أحكام المرتدين الدنيوية والأخروية، وهذا قول جمهور السلف من الصحابة والتابعين حتى نقل بعضهم الإجماع عليه، فقد نقل المنذري عن ابن حزم قوله:" وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة – رضي الله عنهم – أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمداً حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد، ولا نعلم لهؤلاء مخالفاً من الصحابة " اهـ ترغيب وترهيب ص393 ج1ط مصطفى الحلبي، وقال بن رجب في شرح الأربعين النووية:" حكى إسحاق إجماع أهل العلم عليه "
وعلى هذا فإننا نأمل أن تتأمل النصوص وتقارن بينها، وهل يعقل أن يترك مؤمن بالله ورسوله إيماناً حقيقياً الصلاة مع تأكدها وسهولة فعلها؟! لا أظن أن ذلك يقع. والله المستعان، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
-
41) سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله – عن القول بتكفير تارك الصلاة المقر بوجوبها مع أن حديث عبادة بن الصامت لم يصرح فيه بكفر تارك الصلاة، ونص الحديث: " خمس صلوات فرضهن الله تعالى، من أحسن وضؤهن، وصلاتهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل
(1) تقدم تخريجه ص 42.
فليس له على الله عهد إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه ". رواه أحمد، وأبو داود.
وكذلك تقسيم الكفر إلى: أكبر وأصغر، وكون ترك الصلاة من الكفر الأصغر، كما أن مذهب أهل السنة عدم التكفير بالكبيرة.
وما ذكره السبكي في ترجمة الإمام الشافعي قال: " حكى أن أحمد ناظر الشافعي في تارك الصلاة، فقال له الشافعي: يا أحمد أتقول: إنه يكفر؟ قال نعم، قال: إن كان كافراً فبم يسلم؟ قال: يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال: فالرجل مستديم لهذا القول لم يتركه، قال يسلم بأن يصلي، قال: صلاة الكافر لا تصح ولا يحكم بالإسلام بها فانقطع أحمد وسكت "، وكل هذه تدل على عدم كفر تارك الصلاة، فما جوابكم رعاكم الله عن هذه الإشكالات؟
فأجاب بقوله: الحديث لا إشكال فيه مع القول بتكفير تارك الصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أحسن وضؤهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن "(1) . ثم قال: " ومن لم يفعل " الخ أي ومن لم يحسن الوضوء، ولم يتم الركوع، والخشوع وهذا أخص من مجرد الترك، فيكون المراد به من لم يفعلهن مطلقاً (2) .
وأما كون الكفر يكون أكبر ويكون أصغر دون ذلك: فهذا صحيح، لكن احتمال أن يكون المراد بكفر تارك الصلاة الكفر الأدون
(1) انظر تخريج فضيلة الشيخ له ص72.
(2)
انظر ذلك في ص72.
تأباه ظواهر النصوص من الكتاب، والسنة، وآثار الصحابة، بل صريحها في البعض.
وأما كون مذهب أهل السنة أن لا يكفر العاصي بالكبيرة فهو حق، وهو عقيدتنا أن العاصي لا يكفر، ولا يخرج من الإيمان بكبيرته، حتى وإن سميت كفراً كقتال المؤمن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سماه كفراً ومع ذلك فإنه لا يخرج من الإيمان لقوله تعالى:(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) إلى قوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)(1) . لكن تارك الصلاة ليس من عصاة المؤمنين بل هو خارج عن الإسلام بدلالة النصوص والآثار، فلا يدخل تحت قاعدة مذهب أهل السنة في فاعل الكبيرة.
وأما ما ذكره من محاجة الشافعي لأحمد بن حنبل – رحمهم الله تعالى – فلا أظن هذه المحاجة تصح عند من تأملها، ثم على تقدير صحتها فالمرجع في الحكم إلى الله ورسوله كما قال الله تعالى:(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)(2) . وقال: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(3) .
وأما دخول المرء في الإسلام بالشهادتين فهذا صحيح لكن للشهادتين لوازم بعضها يؤدي عدم الالتزام به إلى الكفر، أرأيت لو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وكذب بعض ما أخبر الله به
(1) سورة الحجرات، الآيتان: 9، 10.
(2)
سورة الشورى، الآية:10.
(3)
سورة النساء، الآية:59.