الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويخشى أن يكون من الكبائر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد فيه بالنار، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) (1) . ولا يمكن أن يكون هذا الحديث مخصصاً بحديث أبن عمر رضى الله عنهما، لأن العقوبة مختلفة، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج، أو قال: لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه)) (2) . رواه مالك، وأبو دواد، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه. ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين من جر ثوبه خيلاء ومن كان إزاره أسفل من كعبيه.
لكن إن كان السروال ينزل عن الكعبين بدون قصد وهو يتعاهده ويرفعه فلا حرج، ففي حديث ابن عمر السابق أن أبا بكر رضى الله عنه قال: يا رسول الله: إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لست ممن يصنعه خيلاء)(3) . رواه البخاري.
* * *
225 وسئل فضيلة الشيخ: هل يجوز للخياط أن يفصل للرجال ثياباً تنزل عن الكعبين
؟
فأجاب بقوله: لا يحل لصاحب محل الخياطة أن يفصل للرجال ثياباً تنزل عن الكعبين، لأن إسبال الثياب عن الكعبين من كبائر الذنوب
(1) تقدم تخريجه ص 307.
(2)
تقدم تخريجه ص 308.
(3)
تقدم تخريجه ص 308.
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) (1) . وهذا وعيد وتحذير، وكل ذنب فيه وعيد فإنه من الكبائر، ومن فصل للرجال ثياباً تنزل عن الكعبين فقد شاركهم في هذه الكبيرة وله منها نصيب من ذلك، قال تعالى:(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ 2) .
سئل فضيلة الشيخ: عن حكم التصوير (2) ؟ وحكم اقتناء الصور؟ وحكم الصور التي تمثل الوجه وأعلى الجسم؟
فأجاب - حفظه الله - بقوله: التصوير نوعان:
أحدهما: تصوير باليد.
والثاني: تصوير بالآلة.
فأما التصوير باليد فحرام، بل هو كبيرة من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله، ولا فرق بين أن يكون للصورة ظل أو تكون مجرد رسم على القول الراجح لعموم الحديث، وإذا كان التصوير هذا من الكبائر، فتمكين الإنسان غيره أن يصور نفسه إعانة على الإثم والعدوان فلا يحل.
وأما التصوير بالآلة وهي (الكاميرا) التي تنطبع الصورة بواسطتها
(1) تقدم تخريجه ص 305.
(2)
تقدمت فتاوى التصوير ضمن فتاوى العقيدة، وقد عرضت على فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى إعادتها ههنا جرياً على عادة الفقهاء، فوافق فضيلته على ذلك، وقد أضيفت بعض الفتاوى، والله والموفق
من غير أن يكون للمصور فيها أثر بتخطيط الصورة وملامحها فهذه موضع خلاف بين المتأخرين: فمنهم من منعها، ومنهم من أجازها، فمن نظر إلى لفظ الحديث منع، لأن التقاط الصورة بالآلة داخل في التصوير، ولولا عمل الإنسان بالآلة بالتحريك والترتيب وتحميض الصورة لم تلتقط الصورة، ومن نظر إلى المعنى والعلة أجازها، لأن العلة هي مضاهاة خلق الله، والتقاط الصورة بالآلة ليس مضاهاة لخلق الله، بل هو نقل للصورة التي خلقها الله تعالى نفسها فهو ناقل لخلق الله لا مضاه له، قالوا ويوضح ذلك: أنه لو قلد شخص كتابة شخص لكانت كتابة الثاني غير كتابة الأول بل هي مشابهة لها، ولو نقل كتابته الصورة الفوتوغرافية لكانت الصورة بالآلة الفوتوغرافية (الكاميرا) الصورة فيه هي تصوير الله نقل بواسطة آله التصوير.
الإحتياط الإمتناع من ذلك، لأنه من المتشابهات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، لكن لو احتاج إلى ذلك لأغراض معينة كإثبات الشخصية فلا بأس به، لأن الحاجة ترفع الشبهة، لأن المفسدة لم تتحقق في المشببه فكانت الحاجة رافعة لها.
أما اقتناء الصور فعلى نوعين:
النوع الأول: أن تكون الصورة مجسمة أي ذات جسم فاقتناؤها حرام، وقد نقل ابن العربي الإجماع عليه نقله عنه في فتح الباري ص 388 ج 10ط. السلفية قال:((وهذا الإجماع محله في غير لعب البنات كما سأذكره في باب من صور صورة)) وقد أحال في الباب المذكور على كتاب الأدب وذكره في كتاب الأدب في باب الانبساط إلى الناس ص 527 من المجلد المذكور على حديث عائشة – رضى الله عنها – قالت:
((
كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي)) (1) .
قال في شرحه: ((واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب، من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض ونقله عن الجمهور، قال: وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وخصه بعضهم بالصغار)) .
وإن المؤسف أن بعض قومنا الآن، صاروا يقتنون هذه الصور ويضعونها في مجالسهم أو مداخل بيوتهم، نزلوا بأنفسهم إلى رتبة الصبيان مع اكتساب الإثم والعصيان نسأل الله لنا ولهم الهداية.
النوع الثاني: أن تكون الصورة غير مجسمة بأن تكون رقماً على شيء فهذه أقسام.
القسم الأول: أن تكون معلقة على سبيل التعظيم والإجلال مثل ما يعلق من صور المملوك، والرؤساء، والوزراء، والعلماء، والوجهاء، والآباء، وكبار الإخوة ونحوها، فهذا القسم حرام لما فيه من الغلو بالمخلوق، والتشبه بعباد الأصنام والأوثان، مع أنه قد يجر إلى الشرك فيما إذا كان المعلق صورة عالم أو عابد ونحوه.
القسم الثاني: أن تكون معلقة على سبيل الذكرى مثل من يعلقون صور أصحابهم وأصدقائهم في غرفهم الخاصة فهذه محرمة فيما يظهر لوجهين:
الوجه الأول: أن ذلك يوجب تعلق القلب بهؤلاء الأصدقاء
(1) أخرجه البخاري: كتاب الأدب / باب الإنبساط إلى الناس، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة / باب فضل عائشة رضى الله عنها.
تعلقاً لا ينفك عنه، وهذا يؤثر تأثيراً بالغاً على محبة الله ورسوله وشرعه ويوجب تشطير المحبة بين هؤلاء الأصدقاء وما تجب محبته شرعاً، وكأن قارعاً يقرع قلبه كلما دخل غرفته. أنتبه. أنتبه. صديقك. صديقك وقد قيل:
أحبب حبيبك هونا ما فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما
الوجه الثاني: أنه ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي طلحة – رضى الله عنه – قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتاً في كلب ولا صورة)) (1) . وهذه عقوبة، ولا عقوبة إلا على فعل محرم.
القسم الثالث: أن تكون معلقة على سبيل التجميل والزينة، فهذه محرمة أيضاً لحديث عائشة – رضى الله عنها – قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وقال: ((أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)) (2) . قالت فجعلته وسادة أو وسادتين، رواه البخاري. والقرام / خرقة تفرش في الهودج أو يغطى بها يكون فيها رقوم ونقوش. والسهوة: بيت صغير في جانب الحجرة يجعل فيه المتاع.
وعن عائشة - رضى الله عنه - أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رأها النبي صلى الله عليه وسلم قم على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية
(1) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق / باب إذا وقع الذباب. ..، ومسلم كتاب اللباس / باب تحريم تصوير صورة الحيوان.
(2)
أخرجه البخاري: كتاب اللباس / باب ما وطئ من التصاوير، ومسلم: كتاب اللباس / باب تحريم تصوير صورة الحيوان.
قالت: فقلت أتوب إلى الله ماذا أذنبت؟ قال: ((ما هذه النمرقة؟)) قلت: لتجلس عليها وتوسدها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه الصور)) (1) . رواه البخاري.
النمرقة: الوسادة العريضة تصلح للإتكاء والجلوس.
القسم الرابع: أن تكون ممتهنة كالصورة التي تكون في البساط والوسادة، وعلى الأواني وسماط الطعام ونحوها، فنقل النووي عن جمهور العلماء من الصحابة والتابعين جوازها، وقال: هو قول الثوري ومالك وأبي حنيفة والشافعي، وهو كذلك مذهب الحنابلة. ونقل في فتح الباري – ص 391 ج 10 ط. السلفية – حاصل ما قيل في ذلك عن ابن العربي فقال: حاصل ما في اتخاذ الصور، أنها إن كانت ذات أجسام حرم الإجماع، وإن كانت رقماً فأربعة أقوال:
الأول: يجوز مطلقاً على ظاهر قوله في حديث الباب ((إلا رقماً في ثوب)) (2) .
الثاني: المنع مطلقاً حتى الرقم.
الثالث: إن كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل حرم، وإن قطعت الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز قال: وهذا هو الأصح.
الرابع: إن كان مما يمتهن جاز وإن كان معلقاً لم يجز. أهـ.
والذي صححه هو ظاهر حديث النمرقة، والقول الرابع هو ظاهر
(1) أخرجه البخاري: كتاب اللباس / باب من كره القعود على الصور.
(2)
أخرجه البخاري: كتاب اللباس / باب من كره القعود على الصور، ومسلم: كتاب اللباس / باب تحريم تصوير صورة الحيوان.
حديث القرام، ويمكن الجمع بينهما بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما هتك الستر تفرقت أجزاء الصورة فلم تبق كاملة، بخلاف النمرقة فإن الصورة كانت فيها كاملة فحرم اتخاذها، وفي حديث أبي هريرة – رضى الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي على باب البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومُر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطآن، ومر بالكلب فليخرج)) (1) . ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أهل السنن. وفي رواية النسائي: ((إما أن تقطع رؤوسها، أو تجعل بسطاً توطأ)) . ذكر هذا الحديث في فتح الباري ص 392 من المجلد العاشر السابق وزعم في ص 390 أنه مؤيد للجمع الذي ذكرناه، وعندي أن في ذلك نظراً، فإن هذا الحديث ولاسيما رواية النسائي تدل على أن الصورة إذا كانت في شيء يمتهن فلا بأس بها وإن بقيت كاملة وهو رأي الجمهور كما سبق.
القسم الخامس: أن تكون مما تعم به البلوى ويشق التحرز منه كالذي يوجد في المجلات والصحف وبعض الكتب ولم تكن مقصودة لمقتنيها بوجه من الوجوه بل هي مما يكرهه ويبغضه ولكن لابد له منها والتخلص منها فيه عسر ومشقة، وكذلك ما في النقود من صور الملوك والرؤساء والأمراء ممال ابتليت به الأمة الإسلامية فالذي يظهر لي أن هذا لا حرج فيه على من وقع في يده بغير قصد منه إلى اتخاذه من أجل صوره، بل هو يكرهه أشد الكراهة ويبغضه ويشق عليه التحرز منه فإن
(1) أخرجه الإمام أحمد في " المسند " 2/305.