الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة: أن للأمة الإسلامية قبلة سابقة، وقبلة لاحقة.
نسمع تعبيراً عن المسجد الأقصى: (إنه ثالث الحرمين وأولى القبلتين) وهذا التعبير يحتاج إلى فهم إذا قلنا ثالث الحرمين فإنه ربما يفهم السامع أن المسجد الأقصى له حرم، أو أنه حرم، وليس كذلك فإن المسلمين أجمعوا على أنه لا حرم إلا في مكة والمدينة، واختلفوا في وادي وج وهو واد في الطائف، والصحيح أنه ليس بحرم، أما المسجد الأقصى فليس بحرم، لكنه مسجد معظم تشد الرحال إليه، وأما أولى القبلتين فإنه قد يفهم السامع أن هناك قبلتين باقيتين، وأن أولاهما المسجد الأقصى فيظن السامع أن الاتجاه إلى المسجد الأقصى ليس بمنسوخ من أنه منسوخ، والذي ينبغي أن يتجنب الإنسان كل عبارة فيها إبهام، ونقول في المسجد الأقصى إنه أحد المساجد الثلاثة التي تشد الرحال إليها وكفى به شرفاً أن تشد الرحال إليه.
* * *
سئل فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى: ما توجيهكم لمن يصلي في المسجد الحرام إلى جهة الكعبة لا إلى عينها وهم كثير
؟
فأجاب بقوله: نعم نجد كثيراً من المصلين في المسجد الحرام يخطئون كثيراً في استقبال القبلة، لأن الذي يمكنه مشاهدة الكعبة يجب عليه أن يستقبل عين الكعبة لا جهتها، وكثير من المصلين تشاهدهم في المسجد الحرام يستقبلون جهة الكعبة ويصلون إلى غير القبلة، وصلاتهم حينئذ لا تصح، ولهذا يجب أن ينتبهوا لهذا الأمر وينبههم أهل العلم في هذا، لكن يستثنى من استقبال القبلة:
أولاً: العاجز عن استقبال القبلة، فالإنسان المريض الذي لا
يستطيع أن يتحرك وليس عنده من يوجهه إلى القبلة فإنه يصلي ولو كانت القبلة خلف ظهره، أو على يمينه، أو على يساره لقول الله تعالى:(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم)(1) .
ثانياً: المسافر إذا تنفل، فإن المسافر إذا تنفل يجوز أن يستقبل جهة سيره، وإن كانت القبلة على يمينه، أو يساره، أو خلف ظهره، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي النافلة في سفره حيثما توجهت راحلته (2) ، ولكن الأفضل أن يفتتح الصلاة باستقبال القبلة فيكبر إلى القبلة ثم يتجه جهة سيره، وإن صلى على جهة سيرة من أول صلاته فر حرج عليه، لأن استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام إنما للاستحباب، هذا في النافلة، أما في الفريضة فلا تصح إلا إلى القبلة في السفر والحضر، وعلى هذا فمن كان في الطائرة وأراد أن يتنفل فإنه يتنقل وهو على كرسيه إلى أي جهة كان استقبال الطائرة، أما إذا أراد أن يصلي الفريضة وكانت الطائرة لا تصل إلى المطار قبل خروج الوقت فإنه يصلي في الطائرة ويتجه إلى القبلة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، لأن تأخير الصلاة عن وقتها محرم ولا يجوز، مثال ذلك لنفرض أنك متجه بعد دخول وقت صلاة العصر إلى جهة المشرق من جهة المغرب وأنت تخشى إذا أخرجت الصلاة أن تغيب الشمس قبل أن تصل إلى المطار فنقول لك صلى الصلاة على وقتها واتجه إلى القبلة إن استطعت، وإذا لم تستطع فعلى حسب ما تستطيع لقول الله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم)(3) .
(1) سورة التغابن، الآية:16.
(2)
تقدم تخرجه ص 420.
(3)
سورة التغابن، الآية:16.
ثالثاً: إذا اشتبهت القبلة على الإنسان كإنسان في البر والسماء مغيمة، أو في الليل ولا يعرف منازل النجوم، واشتبهت عليه القبلة فإنه يتحرى ويصلي، وإذا تبين له بعد ذلك أنه إلى غير القبلة فإن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه لقول الله تعالى:(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(1) . ولقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم) .
* * *
(1) سورة البقرة، الآية:115.