الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) (1) .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)(2) . والله الموفق.
* * *
وسئل فضيلته: عن جماعة حددوا القبلة بالبوصلة وعملوا بموجبها إلا شخصاً واحد خالف في ذلك وينحرف فما الحكم
؟
فأجاب بقوله: هذا الرجل الذي يخالف إخوانه بالاتجاه إلى القبلة لا أظن أنه يفعل ذلك إلا لأنه يعتقد أن الصواب معه فيكون مأجوراً على عمله، لكنه مخطئ في فعله، وذلك لأنه خالف جماعته وشذ عنهم، وإذا كانت البواصل - جمع بوصلة - تؤيد وتؤكد ما قام عليه الجماعة فقد وقع في محذورين:
الأول: أن يكون غير متجه إلى القبلة، وهذا يخل بصلاته وبما يبطلها إذا كان الانحراف عن جهة القبلة.
الثاني: مخالفته للجماعة، وإذا كان الرسول رأي يوماً وهو يصلي بالناس رجلاً بادياً صدره فقال:((عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)(3) . فيتفرقوا وتتفرق كلمتهم، فإذا كان هذا تقدم يسيراً فكيف بمن خالف الجماعة واتجه إلى ناحية هو مخطئ فيها؟!
(1) سورة البقرة، الآية:115.
(2)
تقدم تخريجه ص 98.
(3)
أخرجه البخاري: كتاب الجماعة والإمامة / باب تسوية الصفوف. ..، ومسلم: كتاب الصلاة / باب تسوية الصفوف وإقامتها.
فعلى هذا الرجل أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن لا يخالف ما أيدته هذه الدلائل – دلائل القبلة – لأن هذه الدلائل أصبحت قوية الدلالة لقوة العلم ودقته، فإذ أصبحت تشير إلى جهة فإن الصواب غالباً فيها إن لم يكن المؤكد، ولا أرى لهذا الرجل أن يخالف أصحابه، وإذا قدر أن يكون إماماً فليتجه إلى جهة المسجد لا إلى ما يظنه هو، والله أعلم
* * *
فصل
في شرح حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح في راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه)) (1)، وكان أبن عمر يفعله. وفي رواية:((كان يوتر على بعيره)) ، وللبخاري ومسلم ((غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة)) ، وللبخاري ((الفرائض)) .
القبلة هل الكعبة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة يستقبل بين المقدس، لأنه كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر بخلافه، ثم بعد ذلك كان يكره موافقة أهل الكتاب، ويأمر بمخالفتهم، فكان يستقبل بين المقدس لمدة ستة عشر شهراً، وأو سبعة عشر شهراً إلا أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يتشوف إلى أن يأمره الله تعالى باستقبال الكعبة كما قال الله تعالى:(قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)(2) .
ولكن ما الذي يستقبل؟ قال أهل العلم: إذا كان بإمكانك مشاهدة الكعبة فالواجب استقبال عينها، وإذا كان لا يمكنك فالواجب استقبال جهتها.
ونحن نشاهد مع الأسف أن كثيراً من المصلين في المسجد الحرام لا يتجهون إلى عين الكعبة، وهذا خطر عظيم، لأنه يقتضي أن
(1) أخرجه البخاري: كتاب تقصير الصلاة / باب ينزل للمكتوبة، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين / باب جواز صلاة النافلة على الدابة
(2)
سورة البقرة، الآية:144.
تبطل صلاتهم، أما من كان لا يمكنه مشاهدة الكعبة فالواجب استقبال الجهة، والجهات الأربع: شمال، وجنوب، وشرق، وغرب. قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة:((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) (1) . لأن المدينة تقع شمالاً عن مكة، فإذا وقع الشمال عن مكة فإن جهة القبلة تكون ما بين المشرق والمغرب، وعلى هذا فلو انحرفت ولكنك لم تخرج عن مسامته الجهة فإن ذلك لا يضر، لأن الجهة واسعة، وكلما أبعدت عن الكعبة اتسعت الجهة وكلما قربت ضاقت الجهة.
فإذا كان البلد يقع شرقاً عن مكة فنقول: ما بين الشمال والجنوب قبلة.
وإذا لم يقع غرباً نقول: ما بين الشمال والجنوب قبلة، وهذا من تيسير الله، لأن إصابة عين الكعبة مع البعد متعذر أو متعسر، وإذا كان متعذراً أو متعسراً فإن الله قد يسر لعباده، وجعل الواجب استقبال الجهة.
وقد استثنى بعض العلماء – رحمهم الله – مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: إن قبلته مبنية على إصابة العين، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قيه، ولكن في هذا نظر لأننا لو قلنا كل مسجد صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أو كان مكان صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو استقبال عين، لقلنا إن مسجد قباء أيضاً قبلته إلى عين الكعبة، ولقنا إن بيت عتبان بن مالك الذي صلى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام تكون قبلته عين الكعبة، وكذلك نقول في بيت أنس بن مالك وغير ذلك.
ولكن الصواب أن مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام وغيره من
(1) تقدم تخريجه ص 414.
مساجد المدينة سواء صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أم لم يصل، كلها قبلتها جهة الكعبة لا عين الكعبة.
واستقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في ثلاث مواضع:
الأول: العجز:
مثاله أن يكون الإنسان مريضاً ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة بنفسه، وليس عنده من يوجهه إلى القبلة فهذا يتجه حيث كان وجهه ودليل ذلك قوله تعالى:(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم)(1) . وقوله: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)(2) .وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) (3) .
الثاني: الخوف:
إذا كان الإنسان في شدة الخوف وهو هارب من عدوه مثلاً واتجاه سيره في حال فراره معاكس للقبلة، كأن يكون عدوه لحقه من جهة القبلة ففي هذه الحال نقول: إن استقبال القبلة ساقط عن هذا الخائف لقول الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ 238 فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً)(4)
ويمكن أن ندخل هذا في النصوص الدالة على إسقاط الاستقبال في حال العجز، لأن الخائف عاجز عن استقبال القبلة إذ لو وقف لاستقبال القبلة لأدركه عدوه الذي كان فاراً منه.
(1) سورة التغابن، الآية:16.
(2)
سورة البقرة، الآية 286.
(3)
تقدم تخريجه ص 98.
(4)
سورة البقرة، الآيتان: 238، 239.
الثالث: النافلة في السفر:
فإنه لا يشترط فيها استقبال القبلة بل يصلي الإنسان إلى جهة سيره، ودليل ذلك فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه كان يصلي على راحلته حيثما توجهت به، ويوتر عليها، ولكنه لا يصلي عليها الفريضة.
والحكمة من هذا: تيسير النافلة على العباد.
فإذا قال قائل: إذا كان السفر في قطار فهل يسقط استقبال القبلة في هذا القطار، أو نقول إن القطار كالبناء لا يشق على الإنسان أن يستقبل القبلة؟
فالجواب: إن صعب الاستقبال يتنفل إلى جهة سيره،وإن لم يصعب وجب عليه استقبال القبلة لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
كيف يستدل الإنسان على القبلة؟
الجواب: نقول إذا كان في البلد يستدل عليها بالمساجد، فإن مساجد المسلمين كلها متجهة إلى القبلة، وإن كان في السفر يستدل بالشمس والقمر، لأن الشمس والقمر يشرقان من المشرق ويغربان في المغرب، فإذا كانت المنطقة التي هو فيها شمالاً عن مكة فإنه إذا أراد استقبال القبلة يجعل الشمس أو مشرق الشمس على يساره، وإذا كان جنوباً يجعل مشرق الشمس عن يمينه، وإذا كان غرباً يجعل مشرق الشمس أمامه، وإذا كان شرقاً يجعله خلفه، ويستدل عليها في الليل بالنجوم، فيستدل عليها بالقطب، والقطب: يقول العلماء إنه نجم خفي لا يراه إلا حديد البصر في ليلة ليس فيها قمر، ولكن هناك نجم بين
بجانب القطب، وهو نجم الجدي فإنه يجم واضح ومداره قريب من مدار القطب، ويمكن أن يستدل به على القبلة، فمثلاً إذا كنت شرقي مكة فإن الجدي يكون خلف أذنك اليمنى فتجعله خلف أذنك اليمنى، وإذا كنت شمالاً فإن الجدي يكون خلفك وهكذا تفعل في أي جهة.
وهنا مسألة: إذا قال سائل إنه استأجر بيتاً وصلى فيه لمدة عشر أيام وبعدها تبين له أنه صلى إلى غير القبلة؟
فالجواب: يعيد الصلاة لأنه ترك مأموراً، والقاعدة:((أن تارك المأمور لا يأثم بتركه إذا كان جاهلاً، لكن يجب عليه إعادة الصلاة)) حينئذ نقول: يلزم إعادة الصلاة لأنه مفرط بعدم السؤال.
* * *
فصل
في شرح حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنه قال: بينما الناس في قباء في صلاة الصبح إذ الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة (1) .
قوله: بينما الناس في قباء (قباء) مكان معروف عند المدينة فيه المسجد الذي قال الله فيه: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ)(2) .
كان الناس يصلون فيه صلاة الصبح فجاءهم رجل خارج من المدينة وقال لهم: ((إن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها فكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة)) . (وجوههم إلى الشام) : فإذا كانت وجوههم إلى الشام صارت ظهورهم إلى الكعبة (فاستداروا إلى الكعبة)) ، أي: صارت وجوههم إلى الكعبة، وظهورهم إلى الشام، وصار إمامهم في موضع المأمومين منهم يعني حتى الإمام تنحى عن مكانه، أو المأمومين تنحوا عن أمكنتهم، أو الجميع تنحى عن مكانه.
في هذا الحديث دليل على مسألتين:
الأولى: وهي من أهم ما دل عليه الحديث أن القرآن كلام الله عز
(1) أخرجه البخاري: كتاب القبلة، باب ما جاء في القبلة، ومسلم: كتاب المساجد / باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة.
(2)
سورة التوبة، الآية:108.
وجل تكلم به حقيقة يؤخذ ذلك من: (أنزل عليه الليلة قرآن) والنزول لا يكون إلا من أعلى والله تعالى فوق كل شيء.
الثانية: إثبات علو الله ويؤخذ من قوله: ((أنزل عليه الليلة قرآن)) فالنزول لا يكون إلا من أعلى.
الثالثة: أن القرآن يتحدد نزوله (الليلة) يعني لا فيما مضى فيكون دليلاً على أن القرآن يتحدد نزوله، والقرآن نفسه دل على أن الله يتكلم بالقرآن بعد وقوع الحوادث قال تعالى:(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي)(1) قال: ((قد سمع)) وسمع فعل ماض يدل على أن هذا الخبر بعد وقوع المخبر عنه، والآيات في هذا كثيرة.
الرابعة: قبول خبر الواحد، لأن الصحابة تحولوا بخير الصحابي وهو وجل واحد، ولكن العلماء يقولون هذا في الأمور الدينية فالأخبار الدينية يكفي فيها رجل واحد، فإذا قال لك إنسان قد غربت الشمس وهو ثقة فخذ بخبره وأفطر إذا كنت صائماً ن وصل المغرب، لأن خبر الواحد في الأمور الدينية مقبول.
الخامسة: دقة تعبير الصحابة رضى الله عنهم ويؤخذ من قوله (وقد أمر أن يستقبل الكعبة) لو قال (أمر أن يستقبل القبلة) لقالوا نحن على قبلة فلم يحصل التحديد فلما قال ((أن يستقبل الكعبة)) صار هذا أدق مما لو قال القبلة.
ونحن الآن نقول في عبارتنا وكتبنا استقبال القبلة، ولا نقول استقبال الكعبة، لأن القبلة الآن تقررت وتحددت بأنها الاتجاه إلى الكعبة.
(1) سورة المجادلة، الآية:1.
السادسة: جواز الحركة لمصلحة الصلاة، وتؤخذ من كون الصحابة تحركوا وصار أقدمهم آخرهم، ،هي حركة واجبة، لأنه لابد من استقبال القبلة.
وتنقسم الحركات في الصلاة إلى خمسة أقسام:
1 -
واجبة.
2 -
مستحبة.
3 -
محرمة.
4 -
مكروهة.
5 -
مباحة.
فتكون الحركة واجبة: إذا توقف عليها فعل واجب، أو اجتناب محرم مثل المسألة التي معنا وهي إذا أخبر الإنسان بأن القبلة عن يمينه مثلاً فحينئذ يجب أن يتحرك ليكون مستقبل القبلة.
ومثل إذا وصف الإنسان وحده خلف الصف ثم تبين أن في الصف فرجه، فالحركة هنا واجبة من أجل أن يدخل في الصف.
كذلك إذا توقف عليها اجتناب محرم صارت واجبة، مثل رجل وهو يصلي رأي في غترته نجاسة، هنا يجب أن يتحرك لإلقاء الغترة التي فيها النجاسة، ومن ذلك الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل أتاه وهو يصلي بالناس فاخبره أن في نعليه قذراً فخلع نعليه (1) ، فهذا الخلع واجب.
وتكون الحركة مستحبة إذا توقف عليها فعل مستحب، مثال ذلك أقام الجماعة ثلاثة رجال فوقف رجلان أحدهما عن يمين الإمام،
(1) تقدم تخريجه ص 303.
والثاني عن شماله فهنا يدفعهما الإمام ليكونا خلفه فهذا الدفع مستحب، لأن تقدم الإمام مع الاثنين، وما زاد سنة وليس بواجب، أن يتوقف على الحركة المستحبة اجتناب مكروه مثل الإنسان أمامه شيء مشغل له كالنقوش مثلاً فهنا نقول: يستحب لك أن تزيل هذا المشغل لأنك بإزالته تتخلص من مكروه، ومن ذلك أيضاً لو أصيب الإنسان بحكة وشغلته فيستحب أن يحكها لترد وهذا يقع كثيراً.
وتكون الحركة حراماً إذا كثرت، متوالية، من غير ضرورة، فهنا ثلاث قيود: إذا كثرت، متوالية، من غير ضرورة.
والكثرة: قال بعض العلماء: تكون بثلاث حركات، فإذا تحرك المصلي ثلاث حركات متوالية لغير ضرورة فهذه حركة كثيرة تبطل الصلاة، وقال بعض العلماء ليس لنا أن نحدد، لأن التحديد أمر توقيفي يحتاج إلى دليل، ولكن الحركة الكثيرة ما عده الناس كثيراً، بحيث إذا شوهد المصلي شوهد وكأنه لا يصلي لكثرة حركته.
المتوالية: يعني التي يلي بعضها بعضاً.
لغير ضرورة: احترازاً من الضرورة. مثال هذا الرجل نراه يتحرك كثيراً مرة يصلح الثوب، ومرة يصلح الطافية، ومرة يخرج القلم، ومرة يكتب ما تفطن له في الصلاة فهذه حركة كثيرة متوالية لغير ضرورة.
وإذا كان الإنسان يصلي فسمع جلبة وراءه فإذا هي سبع يرد أن يأكله فهرب وهو يصلي، فهذه حركة كثيرة لكنها لضرورة ولذلكم لا تبطل صلاته.
الحركة المكروهة: هي الحركة اليسيرة لغير حاجة ولا ضرورة، وما أكثرها عند الناس اليوم إلى حد أنني رأيت بعض الناس ينظر في الساعة وهو يصلي لأنه حريص على ضبط وقته ويخشى أن تزيد
الصلاة دقيقة واحدة، أو لأنه عابث وهذا هو الظاهر لأنه عابث، وإلا فتجد الرجل يضيع أوقاتاً لا نهاية لها لكن الشيطان يأمر الإنسان بأن يتحرك في صلاته.
الحركة المباحة: هي الحركة اليسيرة لحاجة، أو الكثيرة لضرورة. هذه حركة البدن.
وبقي علينا حركة أخرى هي لب الصلاة وهي:
حركة القلب: القلب إذا كان متجهاً إلى الله عز وجل، ويشعر المصلي بأنه بين يدي الله، ويشعر بأنه بين يدي من يعلم ما توسوس به نفسه، وعنده رغبة صادقة في التقرب إلى الله بهذه الصلاة، وعنده خوف من الله فسوق يكون قلبه حاضراً خاشعاً لله، وهذا أكمل ما يكون، أما إذا كان على خلاف ذلك فسوف يجول قلبه، وتجول القلب حركة مخلة جاء في الحديث:((إن الرجل ينصرف من صلاته ما كتب له إلا نصفها، أو ربعها، أو عشرها، أن أقل من ذلك)) (1) .
فحركة القلب مخلة بالصلاة لكن هل هي مخلة بصحتها بمعنى أن الإنسان إذا كثرت هواجيسه في صلاته بطلت؟
الجواب: لا، لأن من نعمة الله علينا – ولله الحمد – أن ما حدث الإنسان به نفسه لا يؤاخذ به، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم)) (2) . فحديث النفس لا يبطل الصلاة لكنه ينقص الصلاة ويخل بكمالها.
(1) أخرجه الإمام أحمد 4/264، 319، 321، وأبو داود: كتاب الصلاة / باب فيما جاء في نقصان الصلاة (796)، والنسائي في " الكبرى ": كتاب السهو / باب في نقصان الصلاة (611، 612) .
(2)
أخرجه البخاري: كتاب الإيمان / باب تجاوز الله عن حديث النفس.