المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تطليق الرجل امرأته بالثلاث فيه تفصيل - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢١

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها

- ‌يحرم من الرضاعةما يحرم من النسب

- ‌ حكم الزواج ممن رضع أمها من لبن زوج قبل أبيها

- ‌تحريم الزواج من بنت المطلقة بعد الدخول

- ‌زوج الأم الأول محرملبناتها من الزوج الثاني

- ‌هل أكون محرما لبنت مطلقتي

- ‌زوجة الأب لا تكون محرما لزوج البنت من غيرها

- ‌ربيب الأخ ليس محرما لأخواته

- ‌حكم الجمع بين مطلقة رجل وابنته من غيرها

- ‌بطلان نكاح خامسة فأكثر

- ‌ والد زوجك السابق محرم لك

- ‌ التربية لا توجب المحرمية

- ‌زوج البنت من المحارم

- ‌الحجاب عند زوج البنت

- ‌أبناء زوجك قبلك وبعدك محارم لك

- ‌باب الشروط والعيوب في النكاح

- ‌ الواجب التوبة من نكاحالشغار وتجديد النكاح عند الرغبة

- ‌ نكاح الشغار فاسد ويلحقه الطلاق

- ‌جواز الاصطلاح علىتعزير المتشاغرين بمبلغ من المال

- ‌وجوب موافقة الولي في عقد النكاح

- ‌الزواج يشرع إعلانه

- ‌المسلمون على شروطهم

- ‌النكاح بدون ولي منكر

- ‌من تزوج من كسب حرام فزواجه صحيح إذا تاب

- ‌إذا كان الشاهد لا يصلي يعاد عقد النكاح

- ‌حكم النكاح بدون عقد

- ‌شرط الطلاق بيد المرأة غير صحيح

- ‌الأولى عدم تزويج من يعمل في البنوك الربوية

- ‌زوجي مدمن على التدخين

- ‌ نكاح الفاسق صحيح

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌ترك الصلاة يبطل عقد النكاح

- ‌حكم عقد الزواج لزوجين أحدهما لا يصلي

- ‌إذا كان الزوج لا يصليفلا يجوز أن تبقي معه

- ‌يريد الزواج وهو لا يصلي

- ‌ وجوب تجديد العقد إذا كان أحد الزوجين لا يصلي ثم تاب

- ‌حكم الزواج من امرأة لا تصلي

- ‌ يبطل النكاح إذا انتسب الزوج إلى ملل الكفر

- ‌ حكم معاشرة الزوج الذي لا يصلي ولا يصوم

- ‌ليس من البر بأبيكطاعته في الزواج ممن لا تصلي

- ‌باب الصداق

- ‌جواز اصطلاح القبيلة على تحديد المهر

- ‌البنت أحق بمهرها

- ‌حكمتقديم بعض المهر أو تأخيره

- ‌باب وليمة العرس

- ‌إقامة حفلات الزواج في الفنادق وقصور الأفراح تكلف وإسراف

- ‌التذكير في مناسبات الزواج

- ‌ الأدلة من الكتاب والسنةتحرم الأغاني والملاهي وتحذر منها

- ‌شبهة يجب أن تكشف:

- ‌حكم الاستماع إلى الأغاني

- ‌حكم الاستماع إلى الموسيقى

- ‌ هل يجوز الاختلاط في الزواج ورقص الرجال مع النساء المحارم وغير المحارم

- ‌جواز ضرب الدف للنساء في الزواج

- ‌وضع الماء على قبر الزوجة الأولى ليلة الزواج بالثانية بدعة

- ‌وجوب طاعة الزوج في غير معصية الله

- ‌ لا يجوز لبس الثياب التي تصف البشرة

- ‌إتيان المرأة في دبرها من الكبائر

- ‌مباشرة الحائض فيما دون الفرج

- ‌يجوز للرجل تعاطي ما يخفف شهوة النكاح

- ‌يجوز للزوج إلزام زوجته العاملة بالقرار في البيت

- ‌ الأولى للمرأةأن تقوم بالعمل داخل البيت

- ‌حكم استعمال وسائل تنظيم الحمل

- ‌ترك التلقيح

- ‌ استعمال حبوبمنع الحمل عند الحاجة

- ‌عند الضرورة لا بأسبأخذ حبوب منع الحمل

- ‌حكم استئصال الرحم لمنع الإنجاب

- ‌ جواز ربطالرحم ضد الحمل للضرورة

- ‌ حكم المرأة الناشز

- ‌الواجب عدم إسقاط الجنين

- ‌الولد للفراش

- ‌ولد الزنا ينسب لأمه

- ‌جواز جماع الزوجة بعد العقد

- ‌ما يجوز للرجلمن زوجته بعد عقد النكاح

- ‌حكم سفر الزوجةمع زوجها قبل الدخول بها

- ‌ العلاقات الزوجية

- ‌غلاء المهور سبب في تأخر النكاح

- ‌فضل المبادرة بالزواج

- ‌ليس لتحديد المهورأصل شرعي يعتمد عليه

- ‌الذي أنصح به هو الزواج المبكر

- ‌لا بأس أن نأخذ من الغربأو الشرق ما ينفعنا وندع ما يضرنا

- ‌الاكتفاء في الزواج بالمسلمات أولى

- ‌شرط الزواج بالكتابية أن تكون محصنة

- ‌حكم هبة الزوجة لزوجها

- ‌فضل الإحسان إلى البنات

- ‌الاستيصاء بالنساء خيرا

- ‌الواجب على الأزواج معاشرة زوجاتهم بالمعروف

- ‌وجود الخادمة بدون محرم: فيه خطر

- ‌لا يطيل الغياب عن زوجته إلا برضاها

- ‌جواز إطالة المدة عن الزوجة لأجل طلب الرزق

- ‌وجوب العدل بين الزوجات

- ‌ هل يشترط للعدل بين الزوجتين أن يعدل بينهما في السفر

- ‌تعدد الزوجاتوحقوق المرأة في الإسلام

- ‌ليس هناك تعارضفي آيات تعدد الزوجات

- ‌ حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات

- ‌حكم الزوج الذي لا يعاشر بالمعروف

- ‌وعاشروهن بالمعروف

- ‌هجر الزوج أو الزوجة

- ‌بعث الحكمين عند اختلاف الزوجين

- ‌باب الخلع

- ‌إذا كرهت الزوجة زوجهاولم تطقه وجب التفريق بينهما

- ‌ حكم من طلق بالثلاث على عوض

- ‌ المخالعة لا تعود لزوجها إلا بنكاح جديد

- ‌ طلاق الخلع يقع بينونة صغرى

- ‌ العفو عما في ذمة الزوج

- ‌ الطلاق على عوضيعتبر بينونة صغرى

- ‌ حكم من طلقزوجته على عوض ولم يدخل بها

- ‌كتاب الطلاق

- ‌ حكم طلاق الحامل

- ‌ مسألة في وقوع الطلاق في الحيض والطهر الذي جامع الرجل امرأته

- ‌ طلاق الحائض يقع مع الإثم

- ‌ حكم الطلاق في طهر جامعها فيه

- ‌ حكم طلاق النفساء

- ‌ الطلاق يقع كتابة ولفظا

- ‌ ليس من المعروف أن تطلقزوجتك بدون جرم ولو بأمر والدتك

- ‌ حكم تنازل الزوج عن حقه في الطلاق لزوجته

- ‌ الوكيل ليس له أن يطلقأكثر من واحدة إلا بإذن الموكل

- ‌ قول الزوج اكتب طلاقها، في حكم التوكيل

- ‌ حكم من سئل هل أنت متزوجفقال لا على سبيل المزاح وهو متزوج

- ‌ حكم طلاق الهازل

- ‌ ليس عليك طاعة الأم في الطلاق إذا لم تتأذ من زوجتك

- ‌ إذا اختلف الزوجان في صيغة الطلاق

- ‌ حكم قول الزوج: هي طالقهي طالق، هي طالق، وقصده إيقاع الثلاث

- ‌ الكناية إذا لمتصاحبها النية لا يقع بها طلاق

- ‌ الكناية لا يقع بهاإلا طلقة واحدة على الراجح

- ‌ كناية مع القرينة تعد طلاقا

- ‌ النية إذا خالفت صريح الطلاق لا تقبل

- ‌ حكم قول: خذهاوعفشها لأن نفسي طابت منها

- ‌ قول: تراك حرام، من كنايات الطلاق

- ‌ حكم من قال لزوجته: خالصة

- ‌ مسألة في أنالكناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية

- ‌ الطلاق لا يقع بالنية دون اللفظ أو الكتابة

- ‌ حكم قول الرجللزوجته: تغشي واقلبي وجهك

- ‌ حكم قول (بنتك ما هي بذمة)

- ‌ حكم قول:شيلي قشك وتوكلي على الله لأهلك

- ‌ حكم قول:حرمت علي، وطابت نفسي

- ‌ حكم قول الرجللزوجته تغشي (غطي وجهك)

- ‌ حكم لفظ روحي بالثلاث

- ‌ حكم من قصدبتكرار الطلاق التأكيد أو الإفهام

- ‌ حكم من قاللزوجته: (طالقة، طالقة)

- ‌ حكم قول(طالق، طالق، طالق) ولم يرد الثلاث

- ‌ من قصد بتكرار الطلاق الإفهام لا يقع إلا واحدة

- ‌ مسألة: تعتبر ألفاظ الطلاق التي وقعت بعد اللفظ الأول مؤكدة ولا يقع بها شيء

- ‌ حكم من طلق بقوله (مطلقة، مطلقة، مطلقة) ولم يقصد الثلاث ولا غيرها

- ‌ حكم من طلق بقوله طالق، طالق، طالق، وحارمة علي

- ‌ حكم من طلق بقوله (مطلقة، مطلقة، مطلقة) وقصد تأكيد الطلاق

- ‌ طلق بصيغة التأكيد ثلاث مرات بسبب الغضب ولا نية له في التكرار

- ‌ حكم من طلق بقوله تراك طالق طالق ثم طالق

- ‌ حكم قول: تراك بالثلاث بالثلاث

- ‌ حكم من طلق زوجته بقوله (تكوني طالقة على كل المذاهب)

- ‌ حكم قول: طالق ثم طالق تراك طالق

- ‌ حكم طلاق ألبتة والتطليق بالثلاث

- ‌ التحريم ليس إلىالزوج بل إلي الشرع المطهر

- ‌ حكم طلاق المكره

- ‌ حكم الطلاق في الغضب الشديد

- ‌الغضب العاديلا يمنع وقوع الطلاق

- ‌ مسألةالغضبان بمثابة المكره

- ‌ حكم قول: تراها طالق تراها طالق تحل للرجال ولا تحل لي في غضب شديد

- ‌ مسألة في طلاق الغضبان

- ‌ حكم طلاق المريض بتغير الشعور العقلي

- ‌ الغضب الشديد يقتضي إلغاء كلام الغضبان فلا يقع طلاقه

- ‌ الصواب عدم وقوع طلاق الغضبان

- ‌ شدة الغضبوالإكراه يمنعان اعتبار الطلاق

- ‌ لا يقع طلاق الغضبان وإن كرره

- ‌بيان الدليل فيحكم الطلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌ الحجة في أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يعتبر طلقة واحدة

- ‌ حكم التطليق بالثلاث

- ‌ تطليق الرجل امرأته بالثلاث فيه تفصيل

- ‌ حكم الطلاق بثلاث كلمات متعاقبات

- ‌ حكم من طلق بقوله (هي طالق، هي طالق، هي طالق)

- ‌ حكم من طلق زوجته طلاقا لا رجعة فيه

- ‌ حكم قول: (اكتبوا طلاقها بالثلاث)

- ‌ حكم من طلق بالثلاث بقصد الإبانة

- ‌ طلق زوجته بالثلاث قبل الدخول بها

- ‌ حكم من طلق زوجته بالثلاث وحرمها مثل أمه

- ‌ حكم من قال لزوجته مطلقة بالثلاث الخلع لا فيها رجعة

- ‌ التطليق بالثلاث في لفظ واحد يعتبر طلقة واحدة

- ‌ مسألة: رجل طلق زوجته بالثلاث المحرمة لينفك من شرها

- ‌ حكم من قال لزوجته اذهبي بثلاثين ألف طلقة

- ‌ حكم قول: (طالقة عدد السعف والتراب)

- ‌ مسألة في الطلاق بالثلاث

- ‌ حكم من طلق بالثلاث بكلمة واحدة، ولم يدخل بها

- ‌ حكم قول: أنت طالق بالثلاث حارمة علي حالة لغيري

- ‌ حكم من شك في عدد الطلاق

- ‌ الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع طلقة واحدة

- ‌ التطليق بالثلاث لا يجوز

- ‌ على من طلق الثلاث بكلمة واحدة التوبة

- ‌ التطليق بالثلاث لا يجوز، وعلى الزوج التوبة

- ‌ طلاق الثلاث بكلمة واحدة يقع واحدة

- ‌ مسألة في الطلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌حكم من طلق طلقتين بلفظ واحد

- ‌ حكم من طلق زوجته سبعين طلقة بلفظ واحد

- ‌ حكم من طلق بقوله أنت طالق بالثلاث، أنت طالق بالثلاث

- ‌ طلقها بالثلاث بلفظ واحدمنذ سنة ولم يطلقها قبل ذلك ولا بعده

- ‌ مسألة في الطلاق الثلاث

- ‌ حكم من طلق بقوله أنت طالق عدد سعف النخل

- ‌ حكم من طلق زوجته طلاقا باتا

- ‌ في الطلاق بالثلاث بلفظ واحد

- ‌ حكم من طلق بالثلاث بلفظ واحد في وقتين مختلفين

- ‌ اختلاف لفظ الطلاق يدل على التكرار لا على التأكيد

- ‌ اعتبار الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة مبني على أدلة شرعية

الفصل: ‌ تطليق الرجل امرأته بالثلاث فيه تفصيل

188 -

‌ تطليق الرجل امرأته بالثلاث فيه تفصيل

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م. زاده الله من العلم والإيمان آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد (1) :

فقد اطلعت على رسالتكم الموجهة إلى الأساتذة في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة التي أحالها إلي فضيلة نائب رئيس الجامعة المذكورة بكتابه المرفقة صورته. واتضح لي من رسالتكم سؤالكم عن أمرين أحدهما:

إذا طلق الرجل زوجته بالثلاث هل يجوز له مراجعتها؟

والثاني: إذا أمر الرجل زوجته بالذهاب إلى أهلها هل يكون ذلك طلاقا لها، وهل تمكن مراجعتها بعد ذلك؟

والجواب عن السؤال الأول:

أن يقال: إن تطليق الرجل امرأته بالثلاث فيه تفصيل وهو أن تطليقه لها بالثلاث قد يكون في أوقات متعددة فيطلقها ثم يراجعها في العدة أو بنكاح جديد بعد خروجها من العدة، ثم يطلقها طلقة ثانية ثم يراجعها في

(1) صدرت من مكتب سماحته برقم (83\2) في 25\10\1400هـ.

ص: 397

العدة أو بنكاح جديد بعد خروجها من العدة، ثم يطلقها الطلقة الثالثة، فهذه الزوجة، والحال ما ذكر، تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره، نكاح رغبة ويطأها؛ لقول الله عز وجل:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (1)

وقد أجمع العلماء على ذلك، ويلحق بهذه الصورة صور أخرى عند عامة أهل العلم، منها: إذا قال لها: أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، ولم يقصد في هذه الصورة الأخيرة تأكيدا ولا إفهاما، ومنها: لو قال: أنت طالق، وطالق، وطالق، أو قال: طالق، فطالق، فطالق، وأشباه ذلك، ففي هذه الصور كلها تقع عليها الطلقات الثلاث، ولا يحل له الرجوع إليها حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة ويطأها؛ للآية المذكورة، ولحديث عائشة رضي الله عنها أن امرأة رفاعة القرظي طلقها البتة، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه لم يتمكن من وطئها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك لما (2) » متفق عليه. والمراد بذوق العسيلة: الجماع عند أهل العلم.

(1) سورة البقرة الآية 230

(2)

صحيح البخاري الشهادات (2639) ، صحيح مسلم النكاح (1433) ، سنن الترمذي النكاح (1118) ، سنن النسائي الطلاق (3409) ، سنن ابن ماجه النكاح (1932) ، مسند أحمد بن حنبل (6/226) ، سنن الدارمي الطلاق (2267) .

ص: 398

ومن صور الطلاق بالثلاث إذا طلق الرجل امرأته بالثلاث بلفظ واحد كأن يقول لها: أنت طالق بالثلاث، أو مطلقة بالثلاث فهذه الصورة ذهب جمهور أهل العلم إلى أنها تقع بها الثلاث على المرأة، وتحرم على زوجها بذلك حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة ويطأها كالصور السابقة، واحتجوا على ذلك بالآية الكريمة المذكورة آنفا، وبأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمضاها على الناس، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنها تعتبر طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة، فإن خرجت من العدة حلت له بنكاح جديد، واحتجوا على ذلك بما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«كان الطلاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنه طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم (1) » . وفي رواية أخرى لمسلم، أن أبا الصهباء قال لابن عباس رضي الله عنهما:«ألم تكن الثلاث تجعل واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من عهد عمر رضي الله عنه؟ قال بلى (2) » . واحتجوا أيضا بما رواه الإمام أحمد في المسند بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثا فحزن عليها فردها عليه النبي صلى الله عليه

(1) صحيح مسلم الطلاق (1472) ، سنن النسائي الطلاق (3406) ، سنن أبو داود الطلاق (2199) .

(2)

صحيح مسلم الطلاق (1472) ، سنن النسائي الطلاق (3406) ، سنن أبو داود الطلاق (2200) .

ص: 399

وسلم وقال: إنها واحدة (1) » وحملوا هذا الحديث والذي قبله على الطلاق بالثلاث بلفظ واحد جمعا بين هذين الحديثين، والآية الكريمة السابق ذكرها، وذهب إلى هذا القول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية صحيحة عنه، وذهب إلى قول الأكثرين في الرواية الأخرى عنه، ويروى القول بجعلها واحدة عن علي وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام رضي الله عنهم جميعا، وبه قال جماعة من التابعين، ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة، وجمع من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما، وهو الذي نفتي به، لما في ذلك من العمل بالنصوص كلها ولما في ذلك أيضا من رحمة المسلمين والرفق بهم.

أما المسألة الثانية: وهي ما إذا قال الرجل لزوجته: اذهبي إلى أهلك إلى آخره. فالجواب: هذا فيه تفصيل:

فإن كان الزوج حين قال لها: اذهبي إلى أهلك أراد طلاقها طلقت بذلك واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة

فإن خرجت من العدة قبل مراجعته لها لم تحل له إلا بنكاح جديد بشروطه المعتبرة شرعا.

أما إن كان لم ينو بذلك الطلاق فإنه لا يقع عليها شيء، بل هي باقية في عصمته؛ لأن هذه الكلمة وأشباهها تعتبر من كنايات الطلاق، والكناية لا يقع بها الطلاق

(1) سنن أبو داود الطلاق (2196) .

ص: 400

إلا مع النية؛ ولهذا لما قال كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه لزوجته، لما أمر باعتزالها: الحقي بأهلك، لم يقع عليها شيء بذلك؛ لكونه ما أراد الطلاق، وإنما أراد بقاءها عند أهلها حتى يحكم الله في أمره، وأمر صاحبيه، بسبب تخلفهم عن غزوة تبوك، والقصة معروفة في السير والمغازي، وفي تفسير قوله تعالى في سورة براءة:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (1) الآية، وأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وإياك وسائر إخواننا الفقه في دينه والثبات عليه والسلامة من مضلات الفتن، إنه سميع قريب. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

(1) سورة التوبة الآية 118

ص: 401