الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:
هذه العادة منكر وظلم، والواجب ترك ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1) » ، فالواجب على الجماعة التوبة إلى الله من ذلك، والتعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق لكل خير، والعافية من العادات الجاهلية، إنه سميع قريب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) رواه البخاري معلقا في باب النجش، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم (1718) .
إقامة حفلات الزواج في الفنادق وقصور الأفراح تكلف وإسراف
س 49: الحفلات التي تقام في الفنادق، وتكلف أموالا طائلة هل هي إسراف، وإن كانت إسرافا فنأمل من سماحتكم التنبيه على ذلك؟
ج: الحفلات التي تقام في الفنادق فيها أخطاء، وفيها مؤاخذات متعددة منها أن الغالب أن بها إسرافا وزيادة لا حاجة إليها.
الأمر الثاني: أن ذلك يفضي إلى التكلف في اتخاذ الولائم، والإسراف في ذلك، وحضور من لا حاجة إليه.
والثالث: أنه قد يؤدي إلى اختلاط الرجال بالنساء من عمال الفندق وغيرهم، فيكون في هذا اختلاط مشين ومنكر، وهكذا قصور الأفراح التي تستأجر بنقود كثيرة، ينبغي تركها وعدم التكلف في ذلك رفقا بالناس، وحرصا على الاقتصاد وعدم الإسراف والتبذير، وحتى يتمكن المتوسطون في الدخل من الزواج وعدم التكلف؛ لأنه إذا رأى ابن عمه أو قريبه يتكلف في الفنادق وفي الولائم الكبيرة: إما أن يماثله ويشابهه فيتكلف الديون والنفقات الباهظة، وإما أن يتأخر ويتقاعس عن الزواج خوفا من هذه التكلفات.
فنصيحتي لجميع الإخوان المسلمين ألا يقيموها في الفنادق، ولا قصور الأفراح الغالية، بل تقام إما في قصر نفقته قليلة أو في البيوت، فهذا لا بأس به، وعدم إقامتها في قصور الأفراح، والاكتفاء بإقامتها في البيت حيث أمكن، ذلك أولى، وأبعد عن التكلف والإسراف. والله المستعان.
الإسراف في الحفلات
س 50: ما رأي فضيلتكم فيما نراه من إسراف شديد في الأطعمة التي تقدم في الحفلات، والتي يكون مصيرها أكياس النفايات. وهل هناك حل؟
وأين توضع بقايا الأكل؟
ج: تقدمت الإجابة عن هذا الأمر في أنه لا يجوز؛ لأن الإسراف لا يجوز لا في الولائم بالزواج ولا في غير ذلك.
وينبغي على صاحب الوليمة أن يتحرى المطلوب الذي لا بد منه، أما الأشياء التي لا حاجة إليها فينبغي أن يتركها، والباقي يسلم للجهات التي تقبله مثل الجمعيات الخيرية، أو بعض الفقراء، أو العمال، ينقل إليهم.
فالواجب أن ينقل إلى من يستفيد منه، ولا يلقى في النفايات، ولا مع القمامات، ولا بقرب النجاسات، بل ينقل
إلى المحتاجين، وإذا لم يكن هناك محتاجون فينقل إلى محل سليم، ليس في الطرقات ولا مع القاذورات، فلعله أن يأتي من يأكله من الناس أو الدواب، وحتى لا يمتهن.
وهذا عند الضرورة، أما إذا وجد من يأكله من عمال أو فقراء. فالواجب إيصاله إليهم، أو تجفيفه حتى ينقل لمحتاجين إليه، ولو علفا للدواب. وإذا حصل اقتصاد وعدم تكلف قلت الأطعمة الباقية.
51 -
وجوب شكر النعم والحذر من صرفها في غير مصارفها
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد:
فقد يبتلي الله عباده بالفقر والحاجة كما حصل لأهل هذه البلاد في أول القرن الرابع عشر قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (1){الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (2)
كما يبتليهم بالنعم وسعة الرزق كما هو واقعنا اليوم ليختبر إيمانهم وشكرهم قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (3) والعاقبة الحميدة في كل ذلك للمتقين الذين تكون أعمالهم وفق ما شرع الله كالصبر والاحتساب في حال الفقر وشكر الله على النعم وصرف المال في مصارفه في حال الغنى.
ومن الاقتصاد صرف المال في مصارفه في المأكل والمشرب من غير تقتير على النفس والأهل، ولا إسراف في تضييع المال من غير حاجة وقد نهى الله عن ذلك
(1) سورة البقرة الآية 155
(2)
سورة البقرة الآية 156
(3)
سورة التغابن الآية 15
كله قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (1) وقال تعالى في النهي عن إضاعة المال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (2) الآية.
نهى الله جل وعلا في هذه الآية عن إعطاء الأموال للسفهاء؛ لأنهم يصرفونها في غير مصارفها فدل ذلك على أن صرفها في غير مصارفها أمر منهي عنه، وقال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (3) وقال سبحانه: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (4){إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (5) الآية.
والإسراف هو: الزيادة في صرف الأموال على مقدار الحاجة.
والتبذير: صرفها في غير وجهها.
وقد ابتلي الناس اليوم بالمباهاة في المآكل والمشارب خاصة في الولائم وحفلات الأعراس فلا يكتفون بقدر الحاجة وكثير منهم إذا انتهى الناس من الأكل ألقوا باقي الطعام في الزبالة والطرق الممتهنة.
وهذا من كفر النعمة وسبب في تحولها وزوالها، فالعاقل من يزن الأمور بميزان الحاجة وإذا فضل شيء عن
(1) سورة الإسراء الآية 29
(2)
سورة النساء الآية 5
(3)
سورة الأعراف الآية 31
(4)
سورة الإسراء الآية 26
(5)
سورة الإسراء الآية 27
الحاجة بحث عمن هو في حاجته وإذا تعذر ذلك وضعه في مكان بعيد عن الامتهان لتأكله الدواب ومن شاء الله ويسلم من الامتهان.
والواجب على كل مسلم أن يحرص على تجنب ما نهى الله عنه وأن يكون حكيما في تصرفاته مبتغيا في ذلك وجه الله شاكرا لنعمه، حذرا من التهاون بها وصرفها في غير مصارفها قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (1) وقال عز وجل: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (2) وأخبر سبحانه أن الشكر يكون بالعمل لا بمجرد القول فقال سبحانه: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (3) فالشكر لله سبحانه يكون بالقلب واللسان والعمل، فمن شكر الله قولا وعملا زاده من فضله وأحسن له العاقبة، ومن كفر بنعم الله ولم يصرفها في مصارفها فهو على خطر عظيم وقد توعده الله بالعذاب الشديد.
ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في دينه وأن يوفقنا وإياهم لشكر نعمه والاستعانة بها على طاعته ونفع عباده إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(1) سورة إبراهيم الآية 7
(2)
سورة البقرة الآية 152
(3)
سورة سبأ الآية 13