المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢١

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها

- ‌يحرم من الرضاعةما يحرم من النسب

- ‌ حكم الزواج ممن رضع أمها من لبن زوج قبل أبيها

- ‌تحريم الزواج من بنت المطلقة بعد الدخول

- ‌زوج الأم الأول محرملبناتها من الزوج الثاني

- ‌هل أكون محرما لبنت مطلقتي

- ‌زوجة الأب لا تكون محرما لزوج البنت من غيرها

- ‌ربيب الأخ ليس محرما لأخواته

- ‌حكم الجمع بين مطلقة رجل وابنته من غيرها

- ‌بطلان نكاح خامسة فأكثر

- ‌ والد زوجك السابق محرم لك

- ‌ التربية لا توجب المحرمية

- ‌زوج البنت من المحارم

- ‌الحجاب عند زوج البنت

- ‌أبناء زوجك قبلك وبعدك محارم لك

- ‌باب الشروط والعيوب في النكاح

- ‌ الواجب التوبة من نكاحالشغار وتجديد النكاح عند الرغبة

- ‌ نكاح الشغار فاسد ويلحقه الطلاق

- ‌جواز الاصطلاح علىتعزير المتشاغرين بمبلغ من المال

- ‌وجوب موافقة الولي في عقد النكاح

- ‌الزواج يشرع إعلانه

- ‌المسلمون على شروطهم

- ‌النكاح بدون ولي منكر

- ‌من تزوج من كسب حرام فزواجه صحيح إذا تاب

- ‌إذا كان الشاهد لا يصلي يعاد عقد النكاح

- ‌حكم النكاح بدون عقد

- ‌شرط الطلاق بيد المرأة غير صحيح

- ‌الأولى عدم تزويج من يعمل في البنوك الربوية

- ‌زوجي مدمن على التدخين

- ‌ نكاح الفاسق صحيح

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌ترك الصلاة يبطل عقد النكاح

- ‌حكم عقد الزواج لزوجين أحدهما لا يصلي

- ‌إذا كان الزوج لا يصليفلا يجوز أن تبقي معه

- ‌يريد الزواج وهو لا يصلي

- ‌ وجوب تجديد العقد إذا كان أحد الزوجين لا يصلي ثم تاب

- ‌حكم الزواج من امرأة لا تصلي

- ‌ يبطل النكاح إذا انتسب الزوج إلى ملل الكفر

- ‌ حكم معاشرة الزوج الذي لا يصلي ولا يصوم

- ‌ليس من البر بأبيكطاعته في الزواج ممن لا تصلي

- ‌باب الصداق

- ‌جواز اصطلاح القبيلة على تحديد المهر

- ‌البنت أحق بمهرها

- ‌حكمتقديم بعض المهر أو تأخيره

- ‌باب وليمة العرس

- ‌إقامة حفلات الزواج في الفنادق وقصور الأفراح تكلف وإسراف

- ‌التذكير في مناسبات الزواج

- ‌ الأدلة من الكتاب والسنةتحرم الأغاني والملاهي وتحذر منها

- ‌شبهة يجب أن تكشف:

- ‌حكم الاستماع إلى الأغاني

- ‌حكم الاستماع إلى الموسيقى

- ‌ هل يجوز الاختلاط في الزواج ورقص الرجال مع النساء المحارم وغير المحارم

- ‌جواز ضرب الدف للنساء في الزواج

- ‌وضع الماء على قبر الزوجة الأولى ليلة الزواج بالثانية بدعة

- ‌وجوب طاعة الزوج في غير معصية الله

- ‌ لا يجوز لبس الثياب التي تصف البشرة

- ‌إتيان المرأة في دبرها من الكبائر

- ‌مباشرة الحائض فيما دون الفرج

- ‌يجوز للرجل تعاطي ما يخفف شهوة النكاح

- ‌يجوز للزوج إلزام زوجته العاملة بالقرار في البيت

- ‌ الأولى للمرأةأن تقوم بالعمل داخل البيت

- ‌حكم استعمال وسائل تنظيم الحمل

- ‌ترك التلقيح

- ‌ استعمال حبوبمنع الحمل عند الحاجة

- ‌عند الضرورة لا بأسبأخذ حبوب منع الحمل

- ‌حكم استئصال الرحم لمنع الإنجاب

- ‌ جواز ربطالرحم ضد الحمل للضرورة

- ‌ حكم المرأة الناشز

- ‌الواجب عدم إسقاط الجنين

- ‌الولد للفراش

- ‌ولد الزنا ينسب لأمه

- ‌جواز جماع الزوجة بعد العقد

- ‌ما يجوز للرجلمن زوجته بعد عقد النكاح

- ‌حكم سفر الزوجةمع زوجها قبل الدخول بها

- ‌ العلاقات الزوجية

- ‌غلاء المهور سبب في تأخر النكاح

- ‌فضل المبادرة بالزواج

- ‌ليس لتحديد المهورأصل شرعي يعتمد عليه

- ‌الذي أنصح به هو الزواج المبكر

- ‌لا بأس أن نأخذ من الغربأو الشرق ما ينفعنا وندع ما يضرنا

- ‌الاكتفاء في الزواج بالمسلمات أولى

- ‌شرط الزواج بالكتابية أن تكون محصنة

- ‌حكم هبة الزوجة لزوجها

- ‌فضل الإحسان إلى البنات

- ‌الاستيصاء بالنساء خيرا

- ‌الواجب على الأزواج معاشرة زوجاتهم بالمعروف

- ‌وجود الخادمة بدون محرم: فيه خطر

- ‌لا يطيل الغياب عن زوجته إلا برضاها

- ‌جواز إطالة المدة عن الزوجة لأجل طلب الرزق

- ‌وجوب العدل بين الزوجات

- ‌ هل يشترط للعدل بين الزوجتين أن يعدل بينهما في السفر

- ‌تعدد الزوجاتوحقوق المرأة في الإسلام

- ‌ليس هناك تعارضفي آيات تعدد الزوجات

- ‌ حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات

- ‌حكم الزوج الذي لا يعاشر بالمعروف

- ‌وعاشروهن بالمعروف

- ‌هجر الزوج أو الزوجة

- ‌بعث الحكمين عند اختلاف الزوجين

- ‌باب الخلع

- ‌إذا كرهت الزوجة زوجهاولم تطقه وجب التفريق بينهما

- ‌ حكم من طلق بالثلاث على عوض

- ‌ المخالعة لا تعود لزوجها إلا بنكاح جديد

- ‌ طلاق الخلع يقع بينونة صغرى

- ‌ العفو عما في ذمة الزوج

- ‌ الطلاق على عوضيعتبر بينونة صغرى

- ‌ حكم من طلقزوجته على عوض ولم يدخل بها

- ‌كتاب الطلاق

- ‌ حكم طلاق الحامل

- ‌ مسألة في وقوع الطلاق في الحيض والطهر الذي جامع الرجل امرأته

- ‌ طلاق الحائض يقع مع الإثم

- ‌ حكم الطلاق في طهر جامعها فيه

- ‌ حكم طلاق النفساء

- ‌ الطلاق يقع كتابة ولفظا

- ‌ ليس من المعروف أن تطلقزوجتك بدون جرم ولو بأمر والدتك

- ‌ حكم تنازل الزوج عن حقه في الطلاق لزوجته

- ‌ الوكيل ليس له أن يطلقأكثر من واحدة إلا بإذن الموكل

- ‌ قول الزوج اكتب طلاقها، في حكم التوكيل

- ‌ حكم من سئل هل أنت متزوجفقال لا على سبيل المزاح وهو متزوج

- ‌ حكم طلاق الهازل

- ‌ ليس عليك طاعة الأم في الطلاق إذا لم تتأذ من زوجتك

- ‌ إذا اختلف الزوجان في صيغة الطلاق

- ‌ حكم قول الزوج: هي طالقهي طالق، هي طالق، وقصده إيقاع الثلاث

- ‌ الكناية إذا لمتصاحبها النية لا يقع بها طلاق

- ‌ الكناية لا يقع بهاإلا طلقة واحدة على الراجح

- ‌ كناية مع القرينة تعد طلاقا

- ‌ النية إذا خالفت صريح الطلاق لا تقبل

- ‌ حكم قول: خذهاوعفشها لأن نفسي طابت منها

- ‌ قول: تراك حرام، من كنايات الطلاق

- ‌ حكم من قال لزوجته: خالصة

- ‌ مسألة في أنالكناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية

- ‌ الطلاق لا يقع بالنية دون اللفظ أو الكتابة

- ‌ حكم قول الرجللزوجته: تغشي واقلبي وجهك

- ‌ حكم قول (بنتك ما هي بذمة)

- ‌ حكم قول:شيلي قشك وتوكلي على الله لأهلك

- ‌ حكم قول:حرمت علي، وطابت نفسي

- ‌ حكم قول الرجللزوجته تغشي (غطي وجهك)

- ‌ حكم لفظ روحي بالثلاث

- ‌ حكم من قصدبتكرار الطلاق التأكيد أو الإفهام

- ‌ حكم من قاللزوجته: (طالقة، طالقة)

- ‌ حكم قول(طالق، طالق، طالق) ولم يرد الثلاث

- ‌ من قصد بتكرار الطلاق الإفهام لا يقع إلا واحدة

- ‌ مسألة: تعتبر ألفاظ الطلاق التي وقعت بعد اللفظ الأول مؤكدة ولا يقع بها شيء

- ‌ حكم من طلق بقوله (مطلقة، مطلقة، مطلقة) ولم يقصد الثلاث ولا غيرها

- ‌ حكم من طلق بقوله طالق، طالق، طالق، وحارمة علي

- ‌ حكم من طلق بقوله (مطلقة، مطلقة، مطلقة) وقصد تأكيد الطلاق

- ‌ طلق بصيغة التأكيد ثلاث مرات بسبب الغضب ولا نية له في التكرار

- ‌ حكم من طلق بقوله تراك طالق طالق ثم طالق

- ‌ حكم قول: تراك بالثلاث بالثلاث

- ‌ حكم من طلق زوجته بقوله (تكوني طالقة على كل المذاهب)

- ‌ حكم قول: طالق ثم طالق تراك طالق

- ‌ حكم طلاق ألبتة والتطليق بالثلاث

- ‌ التحريم ليس إلىالزوج بل إلي الشرع المطهر

- ‌ حكم طلاق المكره

- ‌ حكم الطلاق في الغضب الشديد

- ‌الغضب العاديلا يمنع وقوع الطلاق

- ‌ مسألةالغضبان بمثابة المكره

- ‌ حكم قول: تراها طالق تراها طالق تحل للرجال ولا تحل لي في غضب شديد

- ‌ مسألة في طلاق الغضبان

- ‌ حكم طلاق المريض بتغير الشعور العقلي

- ‌ الغضب الشديد يقتضي إلغاء كلام الغضبان فلا يقع طلاقه

- ‌ الصواب عدم وقوع طلاق الغضبان

- ‌ شدة الغضبوالإكراه يمنعان اعتبار الطلاق

- ‌ لا يقع طلاق الغضبان وإن كرره

- ‌بيان الدليل فيحكم الطلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌ الحجة في أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يعتبر طلقة واحدة

- ‌ حكم التطليق بالثلاث

- ‌ تطليق الرجل امرأته بالثلاث فيه تفصيل

- ‌ حكم الطلاق بثلاث كلمات متعاقبات

- ‌ حكم من طلق بقوله (هي طالق، هي طالق، هي طالق)

- ‌ حكم من طلق زوجته طلاقا لا رجعة فيه

- ‌ حكم قول: (اكتبوا طلاقها بالثلاث)

- ‌ حكم من طلق بالثلاث بقصد الإبانة

- ‌ طلق زوجته بالثلاث قبل الدخول بها

- ‌ حكم من طلق زوجته بالثلاث وحرمها مثل أمه

- ‌ حكم من قال لزوجته مطلقة بالثلاث الخلع لا فيها رجعة

- ‌ التطليق بالثلاث في لفظ واحد يعتبر طلقة واحدة

- ‌ مسألة: رجل طلق زوجته بالثلاث المحرمة لينفك من شرها

- ‌ حكم من قال لزوجته اذهبي بثلاثين ألف طلقة

- ‌ حكم قول: (طالقة عدد السعف والتراب)

- ‌ مسألة في الطلاق بالثلاث

- ‌ حكم من طلق بالثلاث بكلمة واحدة، ولم يدخل بها

- ‌ حكم قول: أنت طالق بالثلاث حارمة علي حالة لغيري

- ‌ حكم من شك في عدد الطلاق

- ‌ الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع طلقة واحدة

- ‌ التطليق بالثلاث لا يجوز

- ‌ على من طلق الثلاث بكلمة واحدة التوبة

- ‌ التطليق بالثلاث لا يجوز، وعلى الزوج التوبة

- ‌ طلاق الثلاث بكلمة واحدة يقع واحدة

- ‌ مسألة في الطلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌حكم من طلق طلقتين بلفظ واحد

- ‌ حكم من طلق زوجته سبعين طلقة بلفظ واحد

- ‌ حكم من طلق بقوله أنت طالق بالثلاث، أنت طالق بالثلاث

- ‌ طلقها بالثلاث بلفظ واحدمنذ سنة ولم يطلقها قبل ذلك ولا بعده

- ‌ مسألة في الطلاق الثلاث

- ‌ حكم من طلق بقوله أنت طالق عدد سعف النخل

- ‌ حكم من طلق زوجته طلاقا باتا

- ‌ في الطلاق بالثلاث بلفظ واحد

- ‌ حكم من طلق بالثلاث بلفظ واحد في وقتين مختلفين

- ‌ اختلاف لفظ الطلاق يدل على التكرار لا على التأكيد

- ‌ اعتبار الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة مبني على أدلة شرعية

الفصل: ‌ حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات

113 -

‌ حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. اطلعت على ما نشرته صحيفة اليمامة في عددها الصادر في 18\3\1385هـ تحت عنوان: حول مشكلة الأسبوع، وقرأت ما كتبه الأستاذ ن. ع. في حل مشكلة الأخت في الله م. ع. ل. المنوه عنها في العدد الصادر في 11\3\1385هـ تحت عنوان:(خذني إلى النور) وقرأت أيضا ما كتبه أ. س. في حل المشكلة ذاتها، فألفيت ما كتبه الأستاذ ن. حلا جيدا، مطابقا للحق؛ فينبغي للأخت صاحبة المشكلة أن تأخذ به، وأن تلزم الأخلاق الفاضلة والأدب الصالح، والصبر الجميل، وبذلك تتغلب على جميع الصعوبات وتحمد العاقبة، وإذا كان الضرر الذي تشكو منه من جهة الزوج، وعدم عدله فلتطلب منه إصلاح السيرة بلطف وإحسان وصبر جميل، وبذلك نرجو أن تدرك مطلوبها، وبقاؤها في البيت عنده أقرب إلى العدل إن شاء الله. أما إن كان الضرر من الضرة، فالواجب على الزوج أن يمنع ضرر الضرة، أو يسكن صاحبة المشكلة في بيت وحدها، ويقوم بما يلزم لها من النفقة، وإيجاد مؤنسة إذا كانت لا تستطيع البقاء في البيت وحدها، والواجب عليه أن ينصف من نفسه، وأن

ص: 244

يتحرى العدل، ويبتعد عن جميع أنواع الضرر، فإن لم يقم بذلك ولم تجد في أقاربه وأصدقائه من يحل المشكل، فليس أمامها سوى رفع أمره إلى المحكمة. وينبغي لها قبل ذلك أن تضرع إلى الله سبحانه وتسأله بصدق أن يفرج كربها، ويسهل أمرها ويهدي زوجها وضرتها للحق والإنصاف، وعليها أيضا أن تحاسب نفسها، وأن تستقيم على طاعة ربها، وأن تتوب إليه سبحانه من تقصيرها في حقه وحق زوجها، فإن العبد لا تصيبه مصيبة إلا بما كسبت يداه من سيئات، كما قال الله سبحانه:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (1) وقال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (2) وأما حل أ. س. للمشكلة، فهو حل صادر من جاهل بالشريعة وأحكامها، وهو في أشد الحاجة إلى أن يؤخذ إلى النور ويوجه إلى الحق؛ لأنه قد وقع فيما هو أشد خطورة، وأكثر ظلمة فيما وقعت فيه صاحبة المشكلة، وما ذاك إلا لأنه عاب تعدد الزوجات، وزعم أنه داء خطير، يجب أن نحاربه بكل وسيلة من شأنها الحد من تفشي هذا الداء العضال، الذي يهدد استقرار مجتمعنا، وأهاب بالحكومة إلى منعه، وزعم أيضا أن الذي يسعى في تعدد

(1) سورة الشورى الآية 30

(2)

سورة النساء الآية 79

ص: 245

الزوجات جاهل، يجب علينا أن نتعاون على الحيلولة دون تحقيق رغباته الحيوانية، واستئصال هذا الداء من شأفته. وزعم أيضا أنه ما دخل في أسرة إلا وشتت شملها وأقض مضجعها. . . إلخ. وأقول إن هذا الكلام لا يصدر من شخص يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أن الكتاب العزيز والسنة المطهرة جاءا بالتعدد، وأجمع المسلمون على حله، فكيف يجوز لمسلم أن يعيب ما نص الكتاب العزيز على حله بقوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (1) الآية. وقد شرع الله لعباده في هذه الآية أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء: مثنى ثلاث ورباع، بشرط العدل وهذا الجاهل يزعم أنه داء خطير، ومرض عضال مشتت للأسر، ومقض للمضاجع يجب أن يحارب، ويزعم أن الراغب فيه مشبه للحيوان، وهذا كلام شنيع يقتضي التنقص لكل من جمع بين الزوجتين فأكثر، وعلى رأسهم سيد الثقلين محمد صلى الله عليه وسلم، فقد جمع بين تسع من النساء ونفع الله بهن الأمة، وحملن إليهم علوما نافعة وأخلاقا كريمة وآدابا صالحة، وفي تعدد النساء مع تحري العدل مصالح

(1) سورة النساء الآية 3

ص: 246

كثيرة، وفوائد جمة، منها عفة الرجل وإعفافه عددا من النساء، ومنها كفالته لهن وقيامه بمصالحهن، ومنها كثرة النسل الذي يترتب عليه كثرة الأمة وقوتها، وكثرة من يعبد الله منها، ومنها مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم الأمم يوم القيامة، إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة التي يعرفها من يعظم الشريعة، وينظر في محاسنها وحكمها وأسرارها، وشدة حاجة العباد إليها بعين الرضا والمحبة والتعظيم والبصيرة، أما الجاهل الذي ينظر إلى الشريعة بمنظار أسود، وينظر إلى الغرب والشرق بكل عينيه، معظما مستحسنا كل ما جاء منهما، فمثل هذا بعيد عن معرفة محاسن الشريعة وحكمها وفوائدها، ورعايتها لمصالح العباد رجالا ونساء. وقد كان التعدد معروفا في الأمم الماضية، ذوات الحضارة، وفي الجاهلية بين العرب قبل الإسلام، فجاء الإسلام وحد من ذلك، وقصر المسلمين على أربع، وأباح للرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك؛ لحكم وأسرار ومصالح اقتضت تخصيصه صلى الله عليه وسلم بالزيادة على الأربع، وقد اقتصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم على تسع كما في سورة الأحزاب. ومنهم النبيان الكريمان داود وسليمان عليهما السلام فقد جمعا بين عدد كثير من النساء، بإذن الله وتشريعه، وجمع كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان.

ص: 247

وقد ذكر علماء الإسلام أن تعدد الزوجات من محاسن الشريعة الإسلامية ورعايتها لمصالح المجتمع، وعلاج مشكلاته ولولا ضيق المجال وخوف الإطالة لنقلت لك أيها القارئ شيئا من كلامهم لتزداد علما وبصيرة. وقد تنبه بعض أعداء الإسلام لهذا الأمر، واعترفوا بحسن ما جاءت به الشريعة في هذه المسألة، رغم عداوتهم لها إقرارا بالحق واضطرارا للاعتراف به، وأنا أنقل لك بعض ما اطلعت عليه من ذلك، وإن كان في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وكلام علماء الإسلام ما يشفي ويغني عن كلام كتاب أعداء الإسلام، ولكن بعض الناس قد ينتفع من كلامهم أكثر مما ينتفع من كلام علماء الإسلام، بل أكثر مما ينتفع من الآيات والأحاديث، وما ذاك إلا لما قد وقع في قلبه من تعظيم الغرب وما جاء عنه؛ فلذلك رأيت أن أذكر هنا بعض ما اطلعت عليه من كلام كتاب وكاتبات الغرب: قال في المنار الجزء الرابع صفحة 360 منه، نقلا عن جريدة (لندن ثروت)، بقلم بعض الكاتبات ما ترجمته ملخصا: (لقد كثرت الشاردات من بناتنا وعم البلاء، وقل الباحثون عن أسباب ذلك، وإذ كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهن وحزنا، وماذا عسى يفيدهن بثي وحزني وتفجعي، وإن شاركني فيه الناس جميعا،

ص: 248

لا فائدة إلا في العمل بما ينفع هذه الحالة الرجيسة، ولله در العالم (توس) فإنه رأى الداء ووصف له الدواء الكافل للشفاء، وهو الإباحة للرجل التزوج بأكثر من واحدة، وبهذه الواسطة يزول البلاء لا محالة، وتصبح بناتنا ربات بيوت، فالبلاء كل البلاء في إجبار الرجل الأوربي على الاكتفاء بامرأة واحدة، فهذا التحديد هو الذي جعل بناتنا شوارد، وقذف بهن إلى التماس أعمال الرجال، ولا بد من تفاقم الشر إذا لم يبح للرجل التزوج بأكثر من واحدة، أي ظن وخرص يحيط بعدد الرجال المتزوجين الذين لهم أولاد غير شرعيين، أصبحوا كلا وعالة وعارا على المجتمع الإنساني، فلو كان تعدد الزوجات مباحا، لما حاق بأولئك الأولاد وأمهاتهم ما هم فيه من العذاب والهوان ولسلم عرضهن وعرض أولادهن، فإن مزاحمة المرأة للرجل ستحل بنا الدمار، ألم تروا أن حال خلقتها تنادي بأن عليها ما ليس على الرجل، وعليه ما ليس عليها، وبإباحة تعدد الزوجات تصبح كل امرأة ربة بيت وأم أولاد شرعيين) اهـ. ونقل في ص 361 عن كاتبة أخرى أنها قالت: (لأن تشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة، حيث الخادمة والرقيق يتنعمان بأرغد

ص: 249

عيش، ويعاملان كما يعامل أولاد البيت، ولا تمس الأعراض بسوء، نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلا للرذائل، بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها) . وقال غيرها مثل ذلك، كما قال غوستاف لوبون:(إن نظام تعدد الزوجات نظام حسن، يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تمارسه، ويزيد الأسر ارتباطا، ويمنح المرأة احتراما وسعادة لا تجدهما في أوربا) . ويقول برنارد شو الكاتب: (إن أوربا ستضطر إلى الرجوع إلى الإسلام، قبل نهاية القرن العشرين شاءت أم أبت) اهـ. هذا بعض ما اطلعت عليه من كلام أعداء الإسلام، في محاسن الإسلام وتعدد الزوجات، وفيه عظة لكل ذي لب، والله المستعان. أما حكم ا. س. فلا شك أن الذي قاله في تعدد النساء تنقص لإسلام وعيب للشريعة الكاملة، واستهزاء بها وبالرسول صلى الله عليه وسلم وذلك من نواقض الإسلام، فالواجب على ولاة الأمور استتابته عما قال، فإن تاب وأعلن توبته في الصحيفة التي أعلن فيها ما أوجب كفره فالحمد لله، ويجب مع ذلك أن يؤدب بما يردعه وأمثاله، وإن لم يتب وجب أن يقتل مرتدا،

ص: 250

ويكون ماله فيئا لبيت المال، لا يرثه أقاربه قال الله تعالى:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1){لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) الآية، وقال تعالى في حق الكفرة:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (3) فنبه سبحانه عباده إلى أن من استهزأ بدينه، أو كره ما أنزل الله كفر وحبط عمله، وقال سبحانه في آية أخرى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (4) ولا ريب أن ا. س. قد كره ما أنزل الله، من إباحة تعدد النساء وعاب ذلك، وزعم أنه داء عضال، فيدخل في حكم هذه الآيات، والأدلة على هذا المعنى كثيرة، ونسأل الله أن يهدينا وسائر المسلمين لمحبة ما شرع لعباده والتمسك به والحذر مما خالفه، وأن ينصر دينه وحزبه ويخذل الباطل وأهله، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

نائب رئيس الجامعة الإسلامية

(1) سورة التوبة الآية 65

(2)

سورة التوبة الآية 66

(3)

سورة محمد الآية 9

(4)

سورة محمد الآية 28

ص: 251