المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب القضاء - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢٣

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ الأصل في طعام أهل الكتاب الحل

- ‌ حكم أكل ذبائح النصارى

- ‌ حكم شحم الخنزير

- ‌ حكم أكل اللحوم التيتباع في أسواق الدول غير الإسلامية

- ‌ حكم ذبائح أهل الكتاب إذا عرفت طريقة ذبحهم

- ‌ حكم الدجاج المستورد

- ‌ حكم الدجاج المجمد

- ‌ حكم اللحوم المستوردةمن البلاد الشيوعية والمجوسية والوثنية

- ‌ حكم اللحوم المجهولة في بلاد الكفار

- ‌ الأصل في الأجبانوغيرها من الأطعمة الحل

- ‌ الحكمة في تحريم لحم الخنزير

- ‌ لحم الخنزير وشحمه حرام

- ‌ حكم دهن الخنزير

- ‌ تحريم ذبائح الوثنيين والاشتراكيين والملاحدة

- ‌ مسألة في حكماللحوم المستوردة من بلاد وثنية

- ‌ ذبائح الكفار من غير أهل الكتاب

- ‌ حكم أكل الضبع

- ‌ حكم النيص

- ‌ حكم أكل الميتة

- ‌ حكم أكل المسلم مع الكافر

- ‌ حكم الأكل مع من لا يصلي

- ‌ حكم الدسم الذي في الأيدي والأواني

- ‌ حكم وضع بقايا الطعام في النفايات واستخدام الجرائد سفرة للأكل

- ‌ حكم شرب الدخان والشيشة

- ‌ من أضرار الدخان

- ‌ تحريم الدخان وبيان مضاره

- ‌ حكم مجالسة المدخنين

- ‌ حكم السجائر والشيشة

- ‌ التدخين بكل أنواعه محرم

- ‌ حكم شرب الدخان وبيعه والاتجار به

- ‌ مسألة في حكم شرب الشيشة والدخان

- ‌ حكم القات والدخان وصحبة من يتناولهما

- ‌ القات محرم وليس بنجس

- ‌ هل الشاي من الخمور

- ‌ حكم شرب البيرة ونحوها

- ‌ حكم الجلوس على موائد الخمر

- ‌ ما الفرق بين خمر الدنيا والآخرة

- ‌باب الذكاة

- ‌ حل ذبيحة كل من يدين بدين الإسلام

- ‌ حكم ذبيحة من لا تعرف عقيدته

- ‌ صفة تذكية بهائم الأنعام

- ‌ توجيه الذبائحإلى القبلة سنة وليس بواجب

- ‌ الرقبة محل للذبح والنحر

- ‌ إذا قطع الحلقوم والمريء حلت الذبيحة

- ‌ حكم تذكية المرأة

- ‌ حكم ذبائح النصارى التيذبحت بالصرع الكهربائي أو قصف الرقبة

- ‌حكم الحيوان المذبوح بالصعق الكهربائي

- ‌باب الصيد

- ‌ حكم نسيان التسمية عند رمي الطيور وغيرها

- ‌كتاب الأيمان

- ‌ مسألة في الحلف بغير الله

- ‌ المشروع للمؤمنين أن تكون أيمانهم بالله وحده

- ‌ الحلف بأحد المخلوقات منكر عظيم

- ‌ مسألة في القسم بالنبي عليه الصلاة والسلام

- ‌ لا يجوز الحلف بغير الله كائنا من كان

- ‌ حكم الحلف بالكعبة

- ‌ لا يجوز الحلف بالصلاة ولا بالذمة

- ‌ مسألة في اليمين

- ‌ حكم قول (حشا عن ألف يمين)

- ‌ حكم من حلف على شيء ورأى غيره خيرا منه

- ‌ إذا حلفت على شخص ولم يفعل فعليك الكفارة

- ‌ حلف ألا يفعل فاضطر إلى الفعل

- ‌ من حلف ألا يفعل وفعله ناسيا

- ‌ من حلف كاذبا هل عليه كفارة

- ‌ حكم من حلف على شيء وفعله

- ‌ مسألة في كفارة اليمين

- ‌ حكم الأم التي تحلف على أولادها فيخالفونها

- ‌ حكم من حلف لا يدخل بيتا ثم اشتراه

- ‌ حكم من حلف وهو في حالة غضب

- ‌ حكم الحلف وهو في حالة لا يملك شعوره

- ‌ مسألة في الحلف المنكر

- ‌ مسألة في الحنث في اليمين

- ‌ حكم من حلف وحنث في يمينه

- ‌ إذا كانت اليمين على أشياء متعددة من جنس واحد هل يكفي فيها كفارة واحدة أم لا

- ‌ هل تتعدد الكفارة إذا كرر الحلف وكان المحلوف عليه من أجناس متعددة

- ‌ بيان كفارة الحلف

- ‌ الأحوط التتابع في صيام كفارة اليمين

- ‌ حكم تأخير الإطعام في الكفارة

- ‌ لا يجوز البدء بالصيام قبل الإطعام

- ‌ ماذا يفعل من لديه كفارات

- ‌ حكم دفع المال بدل الإطعام في الكفارة

- ‌ حكم إخراج كفارة اليمين نقودا

- ‌ حكم دفع كفارة اليمين للمجاهدين

- ‌ التكفير قبل الحنث جائز

- ‌ اللغو في اليمين

- ‌ لا كفارة عليك إذا لم تحلف

- ‌ ما حكم الأيمان المتكررة على فعل شيء واحد

- ‌ ما يلزم من كان كثير الحلف

- ‌ مسألة في تكرار اليمين

- ‌ مسألة في الأيمان المكررة

- ‌ مسألة في توزيع كفارة اليمين

- ‌ حكم من عاهد فخالف العهد

- ‌باب النذر

- ‌ حكم الوفاء بالنذر

- ‌ الوفاء بالنذر على حسب النية

- ‌ حكم الوفاء بنذر الطاعة

- ‌ مسألة في النذر

- ‌ بيان أن النذر ليس من أسباب النجاح

- ‌ حكم الوفاء بالنذرفور حصول ما كان وعدا على الشرط

- ‌ نذر الطاعة يجب الوفاء به

- ‌ ماذا يلزم من عجز عن الوفاء بنذره

- ‌ حكم من نذر ما ليس بقربة

- ‌ حكم صرف النذرلغير الجهة التي نواها الناذر

- ‌ حكم من لم يستطعالوفاء بالنذر لكبر ونحوه

- ‌ حكم الوفاء بالنذر في غير المحل الذي صرح به الناذر

- ‌ ما حكم من نذر أن يحج فمات قبل أن يحج

- ‌ هل يلزم النائب عمن نذر الحج الإحرام من ميقات الناذر

- ‌ ليس في أداء الواجب نذر

- ‌ حكم قول إذا نجحت في الامتحان سوف أحفظ القرآن

- ‌ النذر حسب النية

- ‌كتاب القضاء

- ‌ نصيحة لطلاب المعهد العالي للقضاء

- ‌الأسئلة

- ‌ رجل ولي القضاء وهو قليل العلم هل يتهرب منه أم يلتزم به

- ‌ ما صحة ما ورد من أن «من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين

- ‌ هل ورد أن القضاة يحشرون مع السلاطين والعلماء مع الأنبياء

- ‌ توجيه كلمة بالتزام الدوام والمواعيد للقضاة والموظفين

- ‌الجمع بين حديثينمتعلقين بالقضاء والاجتهاد

- ‌ حكم المضطرللتحاكم إلى القوانين الوضعية

- ‌ طلب القضاء والمناصبالدينية لأجل مصالح المسلمين

- ‌ وجوب العدل بين العامل المسلم وغيره

- ‌ حكم إعطاء من يمانعمن أداء العمل المنوط به إلا بالمقابل

- ‌ تحريم ذهابالمرأة للمحكمة مع رجل أجنبي

- ‌ حكم حرفة المحاماة

- ‌ شروط العمل في المحاماة

- ‌ التحذير من دفع الرشوة

- ‌ من أضرار الرشوة

- ‌ ما حكم الشرع في الرشوة

- ‌ ما آثار الرشوة على عقيدة المسلم

- ‌ مسألة في الرشوة

- ‌ حكم من يعرقلتنفيذ الأوامر حتى يعطى رشوة

- ‌ وجوب للشهادة إذا طلبت ويحرم كتمانها

- ‌أسئلة بعد المحاضرة

- ‌ حكم قراءة الكتب التي ابتلي صاحبها بها، مثل تأويل صفات الله

- ‌أخلاق أهل العلم

- ‌ بيان أهمية الفقه الإسلامي

- ‌ التفقه في الدينوتعلم العلم الشرعي من أهم الواجبات

- ‌ مسئولية طالب العلم

- ‌ موقفنا من مذاهب الأئمة الأربعة

- ‌ على طريق العلم

- ‌ مسائل علمية في الآذان والصلاة

- ‌ أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة

- ‌ العلم بأحكام الله من أهم الواجبات

- ‌ فضل العلم وشرف أهله

- ‌ كلمة بمناسبة مسابقة حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية بالقصيم

- ‌ القرآن الكريم أهم الكتب لطالب العلم

- ‌ الوصية بقراءة القرآن الكريم وتدبره والعمل به

الفصل: ‌ ‌كتاب القضاء

‌كتاب القضاء

ص: 185

صفحة فارغة

ص: 186

115 -

من رحمة الله وإحسانه أن وفق حكام هذه البلاد من عهد الإمام محمد بن سعود إلى عهد خادم الحرمين إلى تحكيم شريعة الله وهذا من نعم الله

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين (1) .

أما بعد فإني أشكر الله عز وجل على ما من به علينا من هذا اللقاء لإخوة في الله، وهم أصحاب الفضيلة رؤساء المحاكم الشرعية في المملكة العربية السعودية، أسأل الله جل وعلا أن يجعله لقاء مباركا وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يوفقنا جميعا لما يرضيه وأن يعيذنا جميعا من أسباب غضبه وأليم عقابه وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، ثم أشكر الأخ الكريم صاحب الفضيلة الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ على جمع إخوانه ودعوتهم

(1) كلمة لسماحته في ندوة رؤساء المحاكم بالمملكة، ونشرت في جريدة الجزيرة بتاريخ 7\11\1417 هـ.

ص: 187

لهذه الندوة رؤساء المحاكم، وأسأل الله أن يجعله مباركا وأن يعينه على كل خير وأن يغفر لوالده وأن يجعلنا وإياه في دار الكرامة.

أيها العلماء: إن من أعظم نعم الله على هذه الدولة وعلى هذه البلاد أن وفق حكامها لتحكيم الشريعة من أول ما قامت الدعوة الإسلامية على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وعلى يد الإمام محمد بن سعود رحمة الله عليه.

وإن من نعم الله العظيمة أن وفق الله هذين الإمامين لتحكيم شريعة الله والدعوة إلى سبيله والعناية بتوجيه الناس لتوحيد الله وبالإخلاص له ومحاربة الشرك ووسائله وذرائعه وتحكيم شريعة الله بين الناس في مدن هذه المملكة وقراها.. هذا من أعظم نعم الله العظيمة أن جمع الإمامان وأتباعهما وأنصارهما بين الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى توحيد الله، وتعليمهم ما أوجب الله عليهم وتحذيرهم مما حرم الله عليهم من الشرك ووسائله وذرائعه، مع الحكم بينهم بما أنزل الله فيما يتنازعون فيه وفيما يقع بينهم من المسائل التي تشتبه عليهم، وهذه من نعم الله العظيمة سابقا ولاحقا، ثم تتابع ملوك هذه الدولة وحكامها على هذا الأمر العظيم والسبيل القويم في تحكيم شريعة الله والدعوة إلى

ص: 188

سبيل الله، وإرشاد الناس إلى توحيد الله وطاعته وتحذيرهم من الشرك بالله ومعصيته والحكم بينهم بشرع الله، كما قال جل وعلا في كتابه العظيم:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (1)

وقال جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (2) وقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (3)

وقال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (4) ويقول سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (5)

ويقول جل وعلا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (6)

(1) سورة المائدة الآية 49

(2)

سورة النساء الآية 58

(3)

سورة المائدة الآية 8

(4)

سورة النساء الآية 65

(5)

سورة المائدة الآية 50

(6)

سورة المائدة الآية 44

ص: 189

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (1){وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (2)

فالحكم بما أنزل الله أهم الفرائض ومن أعظم الواجب ولا سبيل إلى استقامة العباد على طاعة الله وتوحيده ولا سبيل إلى توحيدهم لله وقيامهم بحقه ولا سبيل إلى إنصاف مظلومهم وظالمهم إلا بالله ثم بحكم الشرع. . بتحكيم القرآن والسنة، على الصغير والكبير وعلى الخاص والعام في جميع الأمور.

ومن رحمة الله وإحسانه أن وفق حكام هذه البلاد من عهد الإمام محمد إلى يومنا هذا إلى حكم خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبد العزيز إلى تحكيم شريعة الله وإلزام الناس بذلك وافتتاح المحاكم الشرعية وتعين القضاة والرؤساء كل هذا من نعم الله العظيمة ونسأل الله أن يديم هذه النعمة وأن يوفق المسئولين جميعا لما يرضيه وأن يعين رؤساء المحاكم والقضاة جميعا، نسأل الله أن

(1) سورة المائدة الآية 45

(2)

سورة المائدة الآية 47

ص: 190

يعينهم على تحكيم شريعة الله والحكم بها، وأن يوفقهم للعلم النافع والعمل الصالح وأن يجعلنا وإياهم هداة مهتدين وصالحين ومصلحين حاكمين بشرع الله متواصين بذلك متعاونين عليه.

أيها الإخوة في الله لا يخفى على الجميع شدة الضرورة إلى الحكم بشريعة الله وأن هذا من أهم الواجبات على الدولة وعلى جميع المسلمين وعلى العلماء بوجه أخص لأن الضرورة ماسة إلى ذلك والواجب يقضي بذلك فالواجب على رؤساء المحاكم وعلى القضاة جميعا أن يتقوا الله وأن يستعينوا بالله في حل مشاكل المسلمين على كتاب الله وسنة رسوله والتواصي بهذا والتعاون في هذا، والواجب على القاضي وعلى رئيس المحكمة أن يتقي الله في كل شيء وأن يجتهد لمعرفة الحكم بدليله وينصح في ذلك وأن يغار أينما كان، وأن يجتهد في إيصال الحكم والحق إلى أهله على ضوء الدليل كما قال الله جل وعلا:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1) وقال جل وعلا: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2) ولا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى عناية

(1) سورة النساء الآية 59

(2)

سورة الشورى الآية 10

ص: 191

وجهاد وبذل جهود كبيرة في معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها وفي إنصاف المظلوم من الظالم، وفي العناية بالخصمين والحكم بينهما بالعدل، والعناية بمعرفة ما لدى المدعي والمدعى عليه على وجه الطمأنينة والإنصاف، وتحري الحق وانشراح الصدر حتى يسمع الحاكم ما لدى هذا وما لدى هذا وحتى يحكم على بينة وعلى بصيرة، بينة شرعية أو باليمين المطلوب من المدعي ومن المدعى عليه، أو بالدلائل الأخرى التي تعين على معرفة الحق والحكم به بين الناس عند فقد البينة، المقصود أن الواجب على الحكام رؤساء وقضاة، الواجب عليهم العناية بهذا الأمر والحرص على إنصاف المظلوم من الظالم، والحرص على معرفة الأدلة الشرعية والحكم بها بين الناس، والحرص على قمع المفسدين والقضاء على أسباب الفساد، في كل وسيلة يرضاها الله ويبينها رسوله عليه الصلاة والسلام؛ لأن الناس في أشد الحاجة إلى قمع المبطل ونصر الحق، ونصر المظلوم والقضاء على الظالم ولا سيما في هذا العصر، الذي اشتدت فيه غربة الإسلام وكثر فيه دعاة الباطل، وانتشرت فيه أنواع الإفساد في غالب المعمورة، واختلط الحابل بالنابل والظالم بالمظلوم، والمفسد بالمصلح والجاهل بالعالم.

ص: 192

فإن هذا العصر شديد الغربة شديد الاختلاط شديد البلاء إلا من عصم الله ووفقه، وإلا فإن الخطر عظيم، فالواجب على الدعاة إلى الله عز وجل وعلى القضاة، وعلى الرؤساء ورؤساء المحاكم العناية العظيمة لمعرفة الحق بدليله، وإيصال الحق إلى أهله وردع الظالم عن ظلمه وإعانة كل صاحب حق على الحصول على حقه حسب طاقته والإمكان؛ يرجو ما عند الله ويخاف عقابه سبحانه وتعالى والواجب على المسئولين في الدولة العناية بتنفيذ الأحكام الشرعية، والتعاون مع القضاة في كل ما ينفع الناس ويصلحهم، وينفذ فيهم أحكام الله، وأن ذلك هو الطريق إلى أمن البلاد وإلى إنصاف المظلومين وإلى السلامة من كل شر، وهو أيضا السبيل إلى نصر الله لعباده وتأييده لهم ورعايته لهم من شر الأعداء وخصوم الإسلام، فنسأل الله أن يوفقنا وإياكم جميعا وجميع الدعاة إليه وجميع العلماء في كل مكان نسأل الله أن يوفق الجميع لمعرفة الحق واتباعه، كما أسأله سبحانه أن يمنحنا جميعا الفقه في ديننا والثبات عليه وأن يجعلنا جميعا من أنصار دينه والدعاة إليه على بصيرة وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع المسلمين في كل مكان

ص: 193

في الخير والحق والهدى وأن يمنحنا الفقه في الدين وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يوفق ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، نسأل الله أن يوفقهم جميعا لما يرضيه وأن يعينهم على كل خير، وأن ينصر بهم الحق وأن يصلح لهم البطانة، وأن يجعلنا وإياكم وإياهم من الهداة المهتدين، كما أسأله عز وجل أن يوفق جميع قضاتنا وجميع قضاة المسلمين وجميع رؤساء المحاكم نسأل الله أن يوفق الجميع إلى الحق واتباعه، والحكم بين الناس والصبر على ذلك والمصابرة، إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه.

ص: 194